اقتباس - الفصل الثامن والثلاثون - قلبي بنارها مغرم
اقتباس من الفصل الثامن والثلاثون
تحركت أمل بصُحبة العاشق يزن إلي خارج المَشفي، وأيضاً صفا التي تحركت بطريقها للعودة إلي غُرفة أبيها مرةً آُخري وما أن وصلت أمام غُرفة الفحص الخاصة بها، حتي وجدت يد ذلك العاشق المجاور لها تُكبلُ يدها وتسحبها لداخل الغُرفة ويُعيد غلق بابها بعدما دلف كِلاهُما، وقف عائقً بجسدهِ العريض أمام الباب ليمنعها من الخروج ويُجبرها علي الإستماع لما يُريد
نظرت إليه بعيون مُشتعلة بالغضب وهتفت بنبرة حادة :
_ كَنه عجلك طار وإتچنيت يا قاسم ، إفتح الباب خليني أطلع
تحرك مُقتربً عليها فتراجعت للخلف حتي إلتصقت بجدار الحائط، وأقترب منها وهتف هو بعيون غاضبة:
_ تِعرفي لو سِمعتك عچيبتي سيرة راچل غيري تاني علي لِسانك هعمل فيكِ إيه يا صفا ؟
إرتبكت بفضل غضبه العارم فأكمل هو بنبرة تهكُمية وهو يُعيد جُملتها مُقلداً صوتها بطريقة ساخرة :
_ طول عُمرك وإنتَ راچل صُح يا يزن
وتسائل بفحيح وهو يستند بساعديه علي الحائط ليحاوطها :
_طب وچوزك يا بِت زيدان ، مشيفهوش راچل صُح إياك ؟
إبتلعت لُعابها من إقترابه الشديد ورائحة عِطرهِ التي تسللت لداخل أنفها فذكرتها بـ لياليه الماضية التي قضتها بين أحضانهِ الحنون ، والتي برغم غضبها منه و إبتعاده إلا انها مازالت تسكُن روحها وتتغلغل بها هي وصورتهُ التي لا تُفارق عيناها لحظة،لا بصحوها ولا حتي أحلامها التي تُراودها بغفوتِها، وكأنهُ بات محفوراً بعقلها وقلبها بل وكُل كيانها
إبتلعت لُعابها أثر إقترابه وتحدثت بنبرة مُرتبكة :
_ بَعِد عني خليني أخرچ
أجابها وهو يقترب أكثر منها :
_ مهبعدش أني جَبل ما أتحدت وياكي
تنفّس عالياً وتحدث بنبرة هائمة ونظرة لرجُلً يهيمُ عِشقً بحبيبته :
_ مجدراش تحسي بحبيبك ليه يا صفا ؟
وأكمل بإشتياق وضعف :
_ بُعدك هَلك جلبي ونهي علي روحي يا صفا ، مجادِرش أني عليه البُعد دِه
إقترب منها ومال عليها بطولهِ الفارع، أسند جبهته علي جبهتها لتتقابل عيناهم عن قُرب أهلك روحيهما وتحدث أمام شفتاها بهمسٍ عَابث أثار داخلها وزلزلهُ :
_ إرچعي لي وريحي جلبي اللي جايد نار يا حبيبتي
مسد علي خدها بأناملهُ الغليظة وبات يتلمسها بنعومة في حركة إقشعر لها جسدها وأهتز، وهمس هو من جديد :
_ إتوحشتك يا حبيبتي، إتوحشت ريحتك ، حُضنك، ضمتك لچسمي وإنتِ عتُحضنيني وتطبطبي عليّ كِيف ما أكون وَلدك اللصغير ، إشتاجت لك
وسألها بنبرة هائمة مُحاولاً التأثير علي مشاعرها وسحبها لعالمه :
_ ما أشتاجتيش لحُضن قاسم يا جلب قاسم ؟
فاقت علي سؤالهُ المُهين لكرامتها، فقد وعت علي حالها وفهمت مغزي تصرفاته، وفسرتها علي أنهُ يُريد سحبها إلي عالمه من جديد لتذوب معهُ داخل أحضانه الحانية، وتتناسي من داخلها خيانته و وضاعته وكسر وعده لها ولأبيها،
يُريد إختزال جميع ما حدث في علاقة جسدية كي يُزيل بها الجِدار العازل الذي وضعته هي وينتهي الآمر حينها بالتنازل،
التنازل عن كرامتها التي دُهست تحت قدماه بفعل ما قام به بحقِها ، وعن كبريائها الذي إفتقدتهْ داخل أعيُن الشامتين بها
حينها سيسقط حقها في الإعتراض أو التعبير عن رفضها لوضعها المُهين التي جُبرت عليه، لن تكُن إبنة زيدان لو إرتضت ذلك الوضع المُهين علي حالها
ولأجل هذا قررت الثأر منه لكرامتها ونظرت لداخل عيناه وبكل قوة وشموخ أجابته :
_ ملعون أبو عشجك الكداب يا قاسم، لتكون فاكرني مُغفلة لجل ما أصدج حديتك وأتلهي بيه وأدوب معاك چوة حُضنك الكداب وأنسي چواته غدرك وخيانتك ليا
رغم غضبها وحديثها المُهين له إلا أنهُ مازال يتملكهُ حالة الهيام المُسيطرة عليه جراء قُربهُما الذي جعلهُ علي حافة الجنون من شدة إشتياقه لمالكة الروح
تحدث إليها بهمسٍ عابث :
_ إنتِ خابرة زين من چواتك ومتوكدة إن عشجي ليكِ هو الحجيجة الوحيدة في حياتي، عشجي ليكِ ساكن أنفاسي، بتنفسه كيف الهوا وهو اللي مخليني متحمل وصابر علي الكُل لدلوك
وأكمل بنبرة خافتة وهو يُداعب بإبهامهِ شِفتها السُفلي بعبث جعلها ترتجف:
_ أني عاوزك يا صفا، مُشتاق لك شوج المسموم للترياج اللي عينچيه ويرچعة من چديد للحياة ،
وأكمل وهو يحثها علي الذهاب معهُ:
_ تعالي نروح علي شُجتنا نتهني چوة أحضان بعضينا، وأوعدك إني عجول لك الكلام اللي يبرد نارك ويمسح من چواتك أي حُزن صابك
وأكمل ليُطمأنها علي والديها:
_ وبعدها ناچي لهنيه لچل ما نبات مع عمي
قرب فمه من أذنها وتحدث بهمسٍ عابث بعثر بها كيانها وجعلها كورقة في مهب الريح :
_ الشوج جايد في جلبي ومشعلله نار يا صفا
تمالكت من حالها وسيطرت عليها لأبعد الحدود كي تقاوم ذلك الشعور اللعين الذي يُسيطر علي كيانها ويوشي لها بل ويأمرها بأن تُلقي بحالها لداخل أحضانه وتتناسي بداخلهما ماحدث، ولتترك لهُ زمام أمورها وتُسلمهُ حالها ليمحو عنها حُزنها وألمها وجرح إنوثتها وهدر كبريائها الذين أصابوها جراء فِعلته الشنيعة بها
هتفت بنبرة قوية ورأسٍ شامخ بعدما وعت علي حالها:
_ رُوح لمّرتك اللي فضلتها عليّ لچل ما تطفي لك شوجك ونارك
مليش مّرة غيرك عشان أروح لها، جُملة نطق بها بصدقٍ وعيون عاشقة وهو ينظر لداخل عيناها بتأكيد
أردفت قائلة بقوة وأبتسامة ساخره وهي تحاول إزاحة جَسدهِ عنها:
_ أباي عليك يا مِتر ، عتِنكر وچود حُب عُمرك اللي جعدت خاطبها ثَمن سنين بحالهم وإتچوتها عليّ وأني لساتني عروسه ؟
أجابها وهو يلتصق بها أكثر ويتمسك بكتفاها ليقوم بتثبيتها عن الحركة:
_مليش حبيبة غيرك يا صفا، چوازي منيها مش كيف ما خيالك صور لك ، ده مُچرد حِبر علي ورج، إنچبرت عليه لچل ما أسدد ديني الجديم وأكفر بيه عن ذنوبي اللي عِملتها في حَجك وحَج نفسي
إبتسمت بجانب فمها ساخرة، وأردفت قائلة بقوة :
_ للدرچة دي شايفني غبية جِدامك لچل ما تستغفلني بحديتك الخيبان دِي
أردف قائلاً بثبات :
_ وحياة صفا ما لمستها ولا جَربت منيها ولا حتي شُفتها جِدامي حُرمة،
وأكمل هائمً:
_عيوني مشيفاش غير صفا وبس ، إنتِ الوحيدة اللي جِدرتي علي جلب قاسم الجامح ورودتيه، چوة حُضنك لجيت اللي عيشت عُمري كله أدور عليه
هتفت بقوة وأعتراض مُكذبه حديثهُ :
_ كذاب وممصدجاش ولا كلمه من اللي عتجولها
نظر لمقلتيها وأردف بعيون صادقة:
_ بصي چوة عِنيا وإنتِ تعرفي إني عجول الصِدج
أردفت بنبرة غاضبة مشتشهده بماضيها معه :
_ جبل إكده بصيت چوة عيونك اللي عتجول عليهم دول وسألتك جبل متجرِب مِني وجولت لك،
وأكملت بقوة لتذكيرهُ بتلك الليلة :
_ جولت لك كُنت تجصد إيه لما جولت لي مش أني الراچل اللي يسمح لغيره يختار له المّرة اللي عتنام في حُضنه
وأكملت بتذكره:
_ فاكر اليوم دِه يا قاسم، يوم ما چيتني من مّصر بنفس حالتك دي وطلبت جُربي و ودي ، وجتها سألتك جبل ما أسلمك حالي وجولت لك، فيه واحدة تانية في حياتك ؟
وأسترسلت بملامح محتقنة بالغضب :
_ بصيت في عنيا وبكل چبروت رديت وجولت لي لا، كذبت عليا وإنتَ عينك في عيني لچل ما تُملك چسمي وتنول غرضك الدنيئ مني.
أردفت قائلة بقوة وثبات :
_عتطلب مني كيف أصدجك دلوك وأني واعيه وخابرة ومچربه كذبك وخداعك اللي عيچروا في دمك يا ملك التخطيط.
إقترب منها ونظر لها بترجي وعيون متوسلة
فأكملت بنظرات كارهه وهي تدفعهُ عنها بقوة وشراسة:
_ يا بچاحتك، چاي تطلب مني أنسي اللي فات وأرمي كرامتي تحت چزمتك وأترمي في حُضنك وأسلمك چسدي كيف الچواري والغواني !
ودقت علي صدره تدفعهُ من جديد وتسدد لهُ عِدة ضربات متتالية وتفوهت بشراسة وقوة و وعيد :
_ حُضني بجا أبعد لك من نچوم السما يا حضرة الأفوكاتو،
أمسك يداها وتحدث بقلبٍ مُتألم محاولاً تهدأتها :
_ إهدي يا جلب قاسم، إهدي
سألتهُ بعيون تائهه غير مستوعبة بَعد،برغم مرور كل هذا الوقت فعقلها دائماً يقف ويرفض التصديق لما فعلهُ بها ذلك المُتيم :
_ عِملت لك إيه لچل ما تهيني وتدوس علي كرامتي بچزمتك وتخليني مسخرة الكِل ؟
وأكملت بتعجُب:
_جِبلتها عليا إزاي لو صُح حبتني كِيف معتجول !
وأسترسلت بقلبٍ ينزفُ دمً:
_ ده أني حبيتك وسلمتك جلبي وحالي وأمنتك علي روحي، نِمت چارك وأديت لك الأمان،
وأكملت وهي تدق بيدها بقوة علي صدرها:
_ خدتك چوة حُضني وعاهدت حالي إني عكون لك السَكن والسكينة اللي كُت عتدور عليهم ، عكون الزوجة المُطيعة والحضن الدافي اللي عتلاجي فيه راحتك وترمي فيه أوچاعك وهمومك ، عاهدت حالي إني عُمري مزعلك وشيلتك جوات عيوني وجفلت عليك برموشي لجل ما أحميك، عشت معاك شهرين عمري ما جولت لك لا علي حاچة ولا كسرت لك فيهم كِلمة
وأكملت بدموعها التي إنهمرت رُغمً عنها:
_ نسيت رفضك ليا في اللول ونسيت مُعاملتك معاي وإهانتك لإنوثتي يوم دُخلتك عليّ
سألته بهوان وضعف ودموع:
_جولي علي حاچة واحده عِفشة عِملتها معاك أستاهل عليها اللي چرا لي منيك؟
كان يستمع إليها بقلبٍ صارخ يتمزق لأجلها ويلعن حالهُ ويسِبها علي ما أوصلها إليه، تحدث بنبرة ضعيفة:
_ بكفياكِ تجطيع في جلبي يا صفا،عتوچعي جلبي عليكِ بحديتك دِي
وأمال برأسهِ لليسار وهتف بعيون راجية:
_ معتحملش أني إكده يا جلب قاسم
مّدت كفاي يدها سريعً نحو وجنتيها وجففت بهما دموعها ثم نظرت إليه بكُره وأكملت بنبرة تهديدية وهي تُشير بسبابتها في وجهه :
_ وحج كُل لحظة جضيتها چوة حُضني وإتهنيت بيها وأستبحت فيها چسمي وإنت مستغفلني، لأدفعك تمنها غالي، وغالي جوي يا قاسم،
إقترب منها وأمسك كف يدها وهتف برجاء:
_إهدي يا صفا وإفهميني زين ، جولت لك ملمستهاش ومشفتهاش جِدامي حُرمة ، وحياة مالك ما لمستها
صاحت به ودفعته من أمامها وهتفت بنبرة حادة:
_ متحلفش بحياة ولدي كِذب لجل ما تبرر لحالك خيانتك وندالتك
جحظت عيناه وتحدث بقوة:
_كَنك إتچنيتي يا صفا، بتشككي في حبي لولدي وإني ممكن أحلف بحياته كذب
إبتسمت ساخرة فاقترب منها من جديد وتحدث بقسم :
_ مجدراش تفهمي ليه يا صفا، الله وكيلي عمري ما حبيت ولا جلبي دج وعِرف العِشج غير علي يدك
دفعته عنه وتحدثت وهي تتحرك بإتجاه الباب:
_ لو عاوزني أصدج حديتك صُح نفذ شرطي وبعدها نجعد ونتكلموا كيف مجولت لك جَبل سابق
خرجت وصفقت خلفها الباب بقوة دون إنتظار إستماعها للرد، تاركه خلفها ذلك المُستشاط وقلبهِ المُشتعل بنار العشق ، قبض علي يده وضرب بها الحائط بقوة ألمته ، إعتدل بوقفته وزفر بضيق ومسح علي شعر رأسهِ بطريقة عنيفة كاد بها أن يقتلع خُصلات شعره ، أخذ نفسً عميقً لضبط النفس وتحرك إلي الخارج ليلحق بتلك العنيدة التي من الواضح أنها ستُذيقهُ من العذاب ألوانً حتي ترضيّ
يتبع