-->

اقتباس - الفصل الثامن والثلاثون - نعيمي وجحيمها

 



اقتباس 

الفصل الثامن والثلاثون


❈-❈-❈


- عاجبك شخصيتك الجديدة مع الباشا ابن اللوا؟

قالها وكأنه قرأ ما تفكر به، التفت برأسها إليه بنظرة حادة متسائلة فاستطرد وهو يكمل بتقدمه نحوها:

- ماتستغربيش ياكاميليا، انا فاهمك اكتر ما انتِ فاهمة نفسك.

زفرت بضيق تشيح بوجهها عنه، وكأنها تعلم ببقية حديثه، فاقترب أكثر حتى وقف امامها ليتابع:

- مهما حاولتي تنكرتي وتكدبي وتدعي عكس اللي في قلبك، برضوا انا فاهمك وعارف باللي جواكي.

قلبت عيناها ترد بسأم على كلماته :

- اه وايه هو بقى اللي جوايا يا أستاذ طارق ياللي عارفني أكتر من نفسي؟

اعتلى وجهه ابتسامة رأتها ولا أجمل في ظل الإضاءة الخافتة حولهم ليقول اَخيرًا :

- بتحبيني .

قالها ببساطة لتقابلها بضيق صائحة:

- يووووه، مش هانخلص بقى احنا من الكلام ده؟

ازداد اتساع ابتسامته ليردف بتأكيد ووجهه يزداد قربًا منها:

- ونخلص ليه يا كاميليا؟ دا انا لو عليا لاكتبها على الحيطان واحفرها على جزوع الشجر زي العيال المراهقين، ولا اعلقها بيافطة على صدري عشان الكل يعرفها ويعرفني بيها، كاميليا بتحب طارق، وطارق بيحب كاميليا لنفسها بس، مش لشكلها ولا أي شئ عنها، حب اتعدى في قلبي كل الحدود، وجعلني اتخلى عن كل عادة وحشة فيا عشانك، حب خلاني اعشق القهوة عشان كل ما اشربها افتكر لون عيونك اللي بيطير النوم من عيوني، حب معرفتوش ولا افتكر انه هلاقي في حياتي كلها اللي يعوضه .

صمت قليلًا وعيناه تأسر عيناها حبيبتيه ليردف بحزن من اعماق ندمه:

- عارف ان تاريخي مايشرفش، بس انا مستعد اغير شهادة ميلادي لو يرضيكِ، إنسى الماضي ياكاميليا وخلينا نعيش مع بعض بعهد جديد وحياة نرسمها انا وانتِ مافيهاش اي شئ يزعجك، حاولي ولو في مرة واحدة تسمعي لصوت قلبك .

 

صمت وظل حديث الأعين بينهم سيد الموقف، هو يتطلع إليها باستجداء لتوافق، وهي أخذها سحر اللحظة ونست كبريائها وعنادها الدائم معه، متأثرة بصدق كلماته، التي اخترقت حصونها فجعلتها تُسقط ادرعتها واسلحتها التي تشهرها دائمًا في وجهه، ولكنها كانت كاستراحة محارب وقد استفاقت فجأة على نبرة الصوت المألوف:

- إيه اللي بيحصل هنا؟

التفت رؤس الأثنان نحوه، واقفًا بمسافة ليست بعيده عنهم، عيناه الصقرية تقذف بشرارت الغضب، وجهه المظلم على غير طبيعته المعتادة، كرر مرة أخرى مشددًا على كلماته:

- انا بسأل إيه إللي بيحصل هنا؟.

انتبهت كاميليا على وضعها وقرب طارق الكبير منها فارتدت للخلف تبتعد عنه ترد بتماسك لتُخفي ارتباكها:

- ماتفهمش غلط ياكارم، دا كان بيسألني سؤال عادي.

رمقها طارق بنظرة غامضة قبل أن يتحرك ليقترب من كارم قائلًا:

- لأ في ياعم كارم وهي بتنكر، انا كنت بقولها اني بحبها وانها لازم تسمع لصوت قلبها، قبل ما تضيع نفسها بجوازها منك.

شهقت مصدومة من فعلته وردت بدفاعية:

- يانهار اسود ماتصدقهوش ياكارم .

حدجها المذكور بنظرة نارية قبل أن يعود لطارق الذي كان يناظره بتحدي لرد فعله الذي بدا واضحًا في اهتزاز جسده رغم جموده لتشتعل بينهم حرب النظرات، فتابع طارق:

- ساكت ليه ياعم الحلو، ولا انت عايز تفهمني انك ماوخدتش بالك؟

انشق ثغر الاخر بابتسامة قاسية اظهرت مدى كبته لغضبه وهو يقول:

- انا مش هاحسبك على كلامك، ماهو واحد بأخلاقك اتوقع منه أي حاجة.

مال طارق برأسه إليه قائلًا باستخفاف:

- ياااراجل، هو دا بقى ردك على كلامي؟

- بطل بقى كلامك المستفز دا ياطارق .

قالتها كاميليا تنهره غاضبة وهي تدفعه بقبضة من يدها لم تؤثر فيه، لتفاجأ بصيحة هادرة من كارم:

- انتِ تخرسي خالص وتخرجي من هنا حالًا دلوقتي.

انتفضت محلها بارتياع من هيئته المخيفة وشرار عيناه المشتعلة ببركان غضبه تبعث في قلبها الرعب، لتجفل فجأة على رد طارق الذي هدر بدوره يدفعه بقبضتيه على صدره:

- اياك تعاملها بالأسلوب دا وخلي كلامك معايا.

صمد كارم عن الرد رغم احتقانه ليعود إليها كازًا على أسنانه:

- بقولك اخرجي يامحترمة، بدال ما سيرتك تبقى على كل لسان .

سمعت جملته القاسية لتفر منهارة من أمامهم تارك معركة على وشك البدء



يُتبع..