-->

الفصل الثالث (الجزء الثاني) - روضتي - ترويض الفهد

 




الفصل الثالث

 (الجزء الثاني)





دلف جناحه مع خيوط النهار اﻻولى فوجدها نائمة ورضيعتها بحضنها؛ فابتسم بسعادة وجلس بجوارها يداعب وجهها بانامله فرمشت بعينها وفتحتها وهي تقول بصوت متحشرج هامس:

-اتأخرت ليه كل ده؟ هو الفجر كام ركعه؟


ضحك ضحكة خفيفة بالكاد خرجت من فمه، وانحنى يقبلها بهدوء فبادلته القبلة ليبتعد عنها حاملا رضيعته ووضعها بفراشها وعاد ليعتليها وهمس باذنها:

-اخدت جولة بعنتر، كان بقالي كتير مركبتوش عشان كده اتأخرت شوية.


مسحت براحتها على وجهه وهي تنظر له بحب، فعلى صوت تنفسه من تأثيرها عليه وقال بلهفة:

-عايزك.


ابتسمت وأومأت له فسحبها معه بجولة عاشقة متلهفة ولكن برقة وشغف حتى التحما قلبا وروحا.


ظلت بحضنه بعد أن اطمأن انه لم يفقد السيطرة معها، فغفت على صدره العاري؛ فشرد هو بمعضلته التي تؤرق حياته واستقرارها، هو يعلم تماما إن أخبر زوجته بوعده الذي قطعه لعاليا فلن تغفر ابدا له، ويعلم ايضا إن لم يف بتلك الوعود قد يحدث ما لا يحمد عقباه.


لاول مرة بحياته يضطر أن يكذب ليس فقط على حبيبته بل أول مرة بحياته يكذب على اﻻطلاق، ربما يراه البعض مكهلا بعيوب لا حصر لها ولكن من بين تلك العيوب الكثيرة والتي حاول جاهدا إلى اﻵن أن يتلاشاها، ولكنه لم يكن مطلقا كذابا.


ربما بالماضي لم يكن ليكذب غرورا وثقة زائدة بنفسه، أما اﻵن فالكذب لم يكن متاحا ولا من خصاله إﻻ مضطرا، تنهد تنهيدة عميقه ونظر للنافذة وتلك النائمة على صدره تتمسك به كأنه ملاذها الوحيد واﻻخير، حاول النهوض ليغتسل، ولكنه وجدها تحتضنه بقوة فما كان منه إﻻ أن سحبها اكثر داخل حضنه ليمتلئ شغفا بدفئ جسدها.


ظلا هكذا حتى صدح صوت رنين هاتفها فصر على أسنانه والتقطه بسرعة قبل أن تستيقظ حبيبته أو رضيعته النائمه ونظر لشاشته، فوجدها نرمين فرد هامسا:

-ايوه يا نرمين صباح الخير.


ردت بتعب:

-صباح النور، ازيك يا فارس؟


اجابها هامسا:

-الحمد لله تمام، خير في حاجه؟


ردت فورا:

-ياسمين فين كنت محتجاها؟


رد باقتضاب:

نايمه، چاسمين منيمتهاش طول الليل.


صمتت قليلا فسألها:

-في حاجه مهمه؟ اصحيهالك؟


رفضت معقبة:

-لا خلاص مش مهم لما تصحى خليها تكلمني.


اغلق معها وقبل أن يترك الهاتف من يده وجد شاشته معقلة على محادثة أمس مع طبيبتها النسائية، وهناك تلك الرسالة التي ارسلتها بعد رده اﻻخير عليها والتي يبدو انهما لم ينتبها لها، فلمعت عينه وهو يقرأها

(طبعا متنسوش استخدام وسيلة لمنع الحمل لأن مفيش مجال لحمل تاني خالص الفترة دي).


مسح على وجهه مرورا بلحيته وعنقه وهو زاما شفتيه متنهدا بقلق، وهو يعلم تماما انهما لم يستخدما اي وسيلة فطبع كلماته للطبيبة 

(انا مشوفتش الرساله دي غير دلوقتي، ايه العمل بقى؟)


وجدها قرأت الرسالة وتطبع ردها ففكر بداخل عقله متمتما:

-هي قاعده على التليفون ولا ايه!


قرأ ردها والذي أرسلت له اسم أقراص ووضحت له (دي اقراص للطوارئ ومفعولها ممتد ل٤٨ ساعه، ياريت تخلي مدام ياسمين تاخد حبايتين دلوقتي مع اني مكنتش عايزه اديها اي موانع، الرحم عندها مش مستحمل).


كتب مجيبا 

(لو في حل تاني قولي).

ردت (للاسف مفيش).


زفر انفاسه بضيق واخرج رقم حارسها وتحدث باقتضاب:

-ايوه يا امجد.


رد اﻻخير باحترام:

-اؤمرني يا باشا.


اجابه متنهدا:

-بعتلك اسم دوا على الواتس، ابعت اي حد يجيبه دلوقتي.


وافق مجيبا:

-حالا يا باشا وربنا يشفيهم يا رب.


عاد ينظر لتلك التي تتوسد ذراعه وصدره وكم تبدو شهية وهي نائمة هكذا كاﻻطفال، فحركها ليضعها على الوساده برقة وتحرك صوب المرحاض، ووقف أسفل المياه مغلقا عينه فشعر فجأة باناملها الناعمة على ظهره؛ فالتفت ليجدها تشاطرة اﻻستحمام وهي تمسح بكفها على صدره بنعومة؛ فسحب نفسا عميقا وانحنى يهمس لها برجاء:

-بلاش كده يا ياسمنتي، خليني ماسك نفسي لحد ميعاد اﻻستشارة.


لم تعقب ولكنها لم تتركه ايضا، بل زادت من اثارته فارتفعت على اصابع قدمها وطوقت عنقه بذراعيها فابتلع ريقه وتفوه بتلعثم:

-احنا نسينا نستخدم وسيله والدكتوره.....


قاطعته وفمها ملتصق بفمه فانخرط معها بما تحاول فعله حتى اندمجا قلبا وروحا وكيانا، رفع وجهها وقبلها قبلة رقيقة وهمس:

-بحبك.


رددت هى اﻻخرى:

-وانا بحبك.


زفر انفاسه وقال بضيق:

-كده ممكن يحصل حمل وانتي مش مستعدة لده دلوقتي.


ردت بابتسامة ولا مبالاه:

-خلينا نروح اﻻستشارة انهارده مجاتش من ٣ ايام.


لف جسدها بالمنشفة وهو يجفف لها شعرها بأخرى ولف نفسه بثالثة وخرجا سويا وهو يوافقها:

-تمام، يبقى اكدي عليها اننا هنكون عندها اول ناس.


بدأ بارتداء ملابسه فاستمع لصوت طرقات على الباب ففتح ليجد خادمته تناوله الدواء وهي تقول باحترام:

-امجد جايب العلاج ده يا باشا.


تناوله منها واغلق الباب وتحرك ناحية زوجته التي تتفقد الرضيعه وناولها إياه بعد أن اعطاها تعليمات الطبيبة بشأنه.


تمم ارتداءه لملابسه ونثر عطره والتفت يسألها:

-هي مواعيد عيادتها امتى؟


اجابت:

-من ٤ بس انا هعدي عليك في الشركه قرب الميعاد ونروح سوا.


أوما لها وأكد:

-طبعا السواق والحراسه...


قاطعته ضاحكة:

-طبعا يا باشا، مش بتحرك من غير جيش الحراسة بقيادة أمجد يا فندم.


زغر بعينه واقترب منها واقتنص عنقها بقبلة مؤلمة وجامحة وهمس باذنها:

-مصاريف اوفر بصراحه الجيش ده، بس كله عشان أمام السلطانه ياسمين.


وقف منتصبا وابتسم لها وهندم بدلته وتحرك للخارج متوجها لعمله، فوقف حارسه على الفور احتراما له وتحرك السائق لفتح الباب وهو مطئطئ الرأس؛ فاستند فارس على باب السيارة المفتوح محدثاً حارسه:

-اركب جنبي مش قدام يا زين انا عايزك.


أومأ له بالطبع وفعل على الفور بعد أن أشار لسيارة الحراسة المرافقة لهم باتباعهم، جلس بجواره وهو متوترا فظل فارس ينظر له بجانب عينه، فكم يشعر بالسعادة عندما يخلق تلك الحالة من الرهبة بنفوس من حوله، بالرغم من تركه للكثير من عاداته السيئة وتنازلة عن الكثير من طباعه الحادة، اﻻ أنه لا يزال يشعر بالفخر فقط من مجرد ارتباك لاحد العاملين لديه.


سعل سعلة صغيرة وبدأ بالتحدث متسائلا:

-انت اخبارك إيه يا زين؟


رد اﻻخر بتفاجئ فهل يسأله عن حاله:

-الحمد لله يا باشا.


التفت يرمقه بنظرة جادة وسأله:

-مش ناوي تتجوز؟


ابتسم زين ورد ساخرا:

-ومين اللي هترضى بيا؟


تعجب فارس من رده، ونظر لجسده الضخم وعضلاته المنمقه وشكله المهيب وشاكسه:

-الجته دي ومش لاقي اللي ترضى بيك! معقول! انت الف واحده تتمناك يا زين بس هو الشغل واخدك شويه.


ضحك زين على حديثه واراد أن يؤكد على حديثه، فهو اصبح ملازما له اربع وعشرون ساعة، حتى انه لا يجد احيانا الوقت للنوم؛ فقال محاولا اخفاء تأييده للأمر:

-مش بالظبط.


اقترب فارس منه وهمس له بمزاح:

-ايه منفسكش في الجواز ولا ايه؟ انا كده هخاف عليك.


ضحك زين عاليا وحرك رأسه نافيا اﻷمر ووضح:

-انا يدوب بلاقي وقت انام بالعافيه والله يا باشا.


رد فورا معقبا:

-يبقى لازم نلاقي حل للموضوع ده، ومش ليك انت وبس، لكل طقم الحراسه.


اعتدل بجلسته ونظر امامه للطريق وقال وهو يهندم بدلته:

-لازم يبقى في طقم تاني احتياطي يريحكم ويسمح لكم باجازت تشوفوا فيها نفسكم.


تنهد زين وراخبره بقلق:

-بس انا مستحيل أئمن لحد واسيب جنابك معاه من غيري، المره اللي سيبت جنابك لوحدك اظن كلنا عارفين ايه اللي حصل.


تذكر فارس ذلك الحادث؛ فتجهم وجهه وقال بتأكيد:

-ده كان ظرف معين، وحتى لو كنت معايا كان اللي حصل هيحصل ويمكن بشكل أسوأ، المهم مترغيش كتير وكلم شركة الحراسات اللي بنتعامل معاها خليهم يوفرولك طقم كامل يبدل مع الطقم اللي موجود، وبالنسبة ليك انت فهيكون أمجد البديل بتاعك.


تعجب من اختيارة لحارس زوجته الخاص فسأله بحيرة:

-ولما يكون مكاني، مين هيكون مع الهانم يا باشا؟


رد محركا رأسه للجانبين:

-ياسمين كده كده مش بتخرج كتير، وخلاص أظن ان خروجها هيقل كمان عن اﻻول كتير، وطول ما هي في البيت طقم الحراسة بتاع الڤيلا موجود.


وافقه الرأى ورد باستحسان:

-لو على امجد فأنا كده مطمن.


وافقه الرأي وعاد لسؤاله:

-قولي بقى، انت معايا بقالك كام سنه؟


أجاب باحترام:

-فوق التسع سنين يا فندم.


شاكسه متسائلا:

-وطول التسع سنين معطتش عطايه كده ولا كده؟ معقول ملكش اي علاقات؟


نفى موضحا:

-والله يا باشا مفيش وقت.


اندهش موسعا حدقيته وسأله بتأكيد:

-معقول! مفيش واحده في حياتك؟


ابتلع ريقه ونفى برأسه فقال فارس:

-طيب يبقى خلينا نشوفلك عروسه حلوه كده وبنت حلال، وتكاليف الجواز كلها عليا.


ربت على صدره بامتنان وقال:

-خيرك مغرقني يا باشا.


ضحك فارس ومزح معه:

وماله، خليه يغرقك كمان وكمان، انت مستعد تضحي بحياتك عشاني، واللي بعمله ده اقل من حقك.


صمت ولم يعقب بعد أن شعر بمدى توقير رب عمله له ولجهوده فتشجع قليلا وقال بتوتر:

-طيب هو بصراحه في حد.


التفت فارس مبتسما وأومأ له باستماع، ولكنه لاحظ توتره فجعد جبينه منصتا له وهو يقول:

-هو الموضوع من فتره قريبه وانا بحاول اوقفه عشان جنابك متزعلش بس...


صمت فسأله اﻻخر:

-بس ايه؟ وازعل ليه؟


ابتلع ريقه واطرق رأسه ولم يكمل حديثه؛ ففهم فارس على الفور سبب توتره وسأله بحذر:

-انت متوقع رفضي مش كده؟


وافقه بحركة من رأسه فعاد فارس يسأله مستشفيا اﻻجابه من كثرة تساؤلاته:

-يبقى في تعقيب معين على شخصية البنت دي!


لم يجيب فأومأ رأسه عدة مرات وهو يخبره بيقين:

-البنت دي من العيله وانت متوقع مني الرفض!


عاد لابتلاع ريقه وظل مطرقا لرأسه فظل عقل فارس يذهب ويجيئ محاولا سبر اغوار عقله لمعرفة من تلك التي اوقعته بشباكها، ولكنه حقا لم يستطع اﻻستنتاج فعاد يسأله:

-وهل الشعور متبادل من ناحيتها؟


أومأ له فحرك فأرس رأسه للجانب وهو مندهش، وظل يستحضر برأسه الفتيات المحيطات به؛ لانه ملازما له طوال الوقت، اذا قد رآها بمحيطه ولا يمكن أن تكون تعمل لديه؛ لانه إن كان كذلك لم يكن ليتوتر او يتخوف هكذا، اذا هي من عائلته، ولكنه عاد مفكراً فكم تملك عائلته من فتيات على كل حال؟ هن يعددن على اصابع اليد الواحدة، فهناك عاليا وهي مريضة ولا يمكن ان تكون هي، وهناك اخته ميار وجنى وهما متزوجات وهناك ابنة عمه بيري وهي....


صمت عقله قليلا واعاد اسمها برأسه ( بيري ، الوحيده اللي لا متجوزه ولا مرتبطه).


استحسن اﻷمر برأسه ورد على حارسه مؤكدا:

-عموما طالما انتوا اﻻتنين عايزين بعض فأنا موافق، أنت تشرف اي عليه يا زين ومباركتي حاضره، اتكلم معاها بس وبعدها الكلام مع ابوها واخوها هيكون معايا.


ابتسم فورا واتسعت بسمته بسعادة فقال فارس بجدية:

-وقف العربيه واطلع اقعد مكانك ومتنساش اللي قولتلك عليه في موضوع الحراسات



❈-❈-❈


استقبلت العديد من المتقدمات للوظيفة وجلست تتحدث مع كل منهن على حدى برفقة حنان الحنون حتى تساعدها باﻻختيار من بين المربيات القادمات للمقابلة.


بعد أن امضت ساعات وساعات بالتحدث معهن الواحدة تلو اﻷخرى، جلست برفقة حنان تنظرا لملفاتهن جميعا حتى وقع اختيارها على تلك الفتاة صغيرة السن والهادئة، وبالرغم من صغر سنها اﻻ ان سيرتها الذاتية ممتلئة بأسماء الكثير من المشاهير التي عملت لديهم.


اشارت ياسمين لسيرتها الذاتية وسألت حنان بحيرة:

-ايه رأيك يا داده؟


نظرت حنان بتلك اﻻسماء وقالت بتعجب:

-دي اشتغلت عن وزراء وممثلين، بس يا ترى سابتهم ليه؟


اجابتها ياسمين موضحة:

-لما سألتها قالت انها بتشتغل مواليد بس وبمجرد الطفل ما يوصل ٣ سنين بتسيبه.


تجعد جبينها ولم تحبذ اﻻمر:

-بس ده مش حاجه كويسه يا بنتي، الولاد هيتعودوا عليها وبعدها هيزعلوا لما تمشي.


اشارت لملف آخر لفتاة أجنبية وقالت بضيق:

-ما هو يا دي يا دي، خلاص أنا فرزت كله ودول افضل اتنين، ومكنتش عايزه اتعامل مع أجانب لنفس الفكره، مش هيعمروا.


فكرت حنان قليلا واخبرتها بالنهاية: 

-ملهاش حل غير تاخدي رأي فارس وهو برده بيفهم ويقدر يختار صح.


لم تراجعها وامسكت الهاتف متصلة به فرد عليها متغزلا:

-سلطانة، انا لسه مش قادر اشيل اللي حصل الصبح من رأسي.


هتفت بحدة:

-اتأدب، انت في الشغل.


ابتسمت حنان على ردها وضحك هو مؤكدا:

-انا لوحدي في المكتب يا روحي، هاتي بوسه بقى.


قضمت شفتها وادارت وجهها لحنان وقالت بهمس:

-عيب كده أنا قاعده مع داده.


ضحك عاليا وقال معقبا:

-عادي داده اخدت خلاص علينا.


ردت بهمس:

-برده ميصحش كده.


تنهد مخرجا زفيرا وقال بضيق:

-طيب حاضر، متصله عايزه ايه؟


اخبرته بحيرتها فطلب منها ارسال السيرة الذاتية لكلتاهما وتحدث اخيرا بعد أن تفقدهما:

-اﻻتنين مش وحشين، اعرضي عليهم اﻻتنين فكره العقد بعشر سنين واللي توافق فيهم شغليها.


سألته بحيرة:

-وافرض اﻻتنين وافقوا، او رفضوا ايه اللي يخليهم يقبلوا يعني من اﻻساس؟


اجابها موضحا:

-المميزات اللي هنزودها بالعقد لو وافقوا، وجربي مش هتخسري حاجه.


انهى مكالمته معها عندما دلف مازن بمرحه المعتاد:

-الجفاف العاطفي اللي انا فيه يا بوص الرحمه حلوه.


رمقه بنظرة تعجبيه وقال ممتعضا:

-اعوذ بالله من عينك يا شيخ، جفاف من ايه يا دنجوان؟ اختي مش مكفياك؟


نفي موضحا:

-مش مدلعاني يا بوص.


اشاح له بيده وزفر بضيق وهو يقول:

-تعالى بس نتكلم جد شوية.


جلس مازن باهتمام فقال اﻷول:

-زين بيحب وعايز يتجوز.


رفع مازن حاجبه وقال ساخرا:

-لا والله! ده انا كنت مفكره ملوش في الليله، بس كان هيبقى عيب على العضلات دي كلها.


صاح به فارس موبخا:

-يا بني اتهد واسمع، غالبا اللي عايزها هي بيري.


سأله ببله:

-بيري مين؟


رد مؤكدا:

-هيكون بيري مين؟ نعرف كام بيري في حياتنا يعني؟


تجهم وجهه ووقف محتدا وقال برفض:

نعم! بيري اختي؟ ده اتجنن ده ولا ايه؟


لم يحبذ لا طريقته ولا رفضه فسأله بهدوء:

-ماله زين؟ عيبه ايه؟


أجاب بعصبية:

-شغال عندنا يا فارس، جارد مجرد جارد و....


قاطعه فارس بحدة وغضب:

-اسمع، زي ما انا مستحيل أقبل إن حد يمسك بكلمة، فده برده ساري على زين، انا روحي واماني في ايده.


تشدق ساخرا:

-وعشان حياتك في ايده تديله اختي؟ هو زين هيعرف يعيشها في المستوى اللي هي عايشه فيه؟


رمقه بنظره حادة وقال بضيق:

-بلاش الشغل الطبقي ده، انا وساجد متجوزين ناس من عيله بسيطه، ومع ذلك اظن ان اختارتنا كانت في محلها، وبعدين زين اللي مش عاجبك ده مرتبه قد مرتبك يا بيه يا كبير.


ادار مازن وجهه للناحية اﻻخرى وفارس يكمل:

-الفرق الوحيد اللي بينكم، انك شريك في راس مال وعندك اصول في الشركه وهو جارد وبس، وأنا وعدته اني متكفل بالمصاريف بتاعة الجواز كلها.


رد بتجهم:

-ده انت اتكملت، وقررت، ووافقت، وخلاص رأيي تحصيل حاصل.


زغر فارس بعيننه وتكلم بصوت اجش:

-مش ملاحظ ان صوتك بقى يعلى كتير؟ 


صاح به وهو يشيح بيده:

-ما انت كلامك يفور الدم، وبعدين بيري اصلا ممكن ترفض.


ابتسم فارس واكد له:

-ودي برده حاجه تفوتني، أتأكدت منه انهم في قبول، يعني من اﻵخر الموافقه من الطرفين.


نفخ مازن ممتعضا فتحرك فارس ووقف بجواره وربت على كتفه هاتفا بحبور:

-زين ابن حلال، وطالما اختاروا بعض بلاش تقف في طريقهم، بيري محتاجه اللي يبقى جنبها وسنها مناسب للجواز كمان.


أوما له فأضاف:

-المهم متتكلمش معاها في حاجه وتحرجها، انا عارفك.


صمت ولم يعقب بسبب طرق الباب فدلفت المساعدة الخاصة تقول باحترام:

فارس باشا في واحد بره عايز يقابل حضرتك ولما اﻻمن رفض يطلعه عشان مفيش ميعاد سابق قام ضرب اﻻمن وعامل مشاكل تحت جامده.


وقف فارس على الفور وتسائل بحيرة:

-مين؟


حركت كتفها وقالت بحيرة:

-الحقيقة مبلغونيش اسمه يا فندم.


تحرك للخارج وهو يتمتم بضيق ونزل لاسفل فوجد اﻷمن قد قاموا بتكبيله فاقترب هو ومازن منه لمعرفة هويته، والتي فور أن وقعت عيناهما عليه اندهش مازن متمتما في نفسه:

-ايه اللي رجعه ده؟


ليصيح فارس بحراس اﻻمن:

-سيبوه



يتبع