رواية - لا أحد سواك رائفي بقلم الكاتبة سماح نجيب - الفصل الثامن
رواية لا أحد سواك رائفي
بقلم الكاتبة سماح نجيب
تعريف الرواية
دائماً ما تأتينا المنحة من قلب المحنة ، فأحياناً كثيرة ننظر للإبتلاء على أنه نهاية العالم ، ولكن ربما يجعل الله إبتلائك سبباً لسعادتك ، ويمنحك ما كنت تبحث عنه طويلاً وسط الزحام
لم يكن فارس أحلامها سوى أعرج وسيم ، وقع له حادث أدى لفقدانه الثقة بكل من حوله ، فهو لا يريد أن يكون عبئاً على أحد ، ولكن كيف سيجعل قلبه يطيعه بألا يقع بعشقها ؟ فلم يجد سوى أن يحاول إخراجها عن طورها بأفعاله ، لعلها تترك المنزل وترحل عنه
ولكن قد فات الأوان ، فعشقه أحتل قلبها ، وجعل كل نبضة من نبضاته تهتف بإسمه ، حتى باتت تنشد منه أن يرحم قلبها وحبها ، حتى أعلنتها صريحة بأن يرأف بها
فماذا سيحدث بين عاشقة لا ترى غيره فارسها ، وعاشق فقد الثقة حتى بنفسه ؟
تصنيف الرواية
إجتماعى _ رومانسى _ كوميدى _ دراما
السرد
باللغة العربية الفصحى
الحوار
عامى باللهجة المصرية
❈-❈-❈
الفصل الثامن
" قلب يحترق بالغيرة "
كأن هذا ما كان ينقصه ، أن يرى ذاك الطبيب يحدثها ، بل الأدهى والأمر ،أنهما يبدوا عليهما أنهما يعرفان بعضهما البعض جيداً ، فشعورها بالخجل والذى جعلها تطرق برأسها أرضاً كعادتها ، كان كفتيل أشعل به نيران الغيرة ، ولكن علام هو يغار ؟ فهو لم يراها سوى من أسبوع واحد فقط ، فهل أصبحت تشكل له فارقاً لهذا الحد ، الذى يجعله يشعر بالغيرة ، كون شاب أخر يتحدث معها ، ولكنه فضل أن يصمت ليستمع لباقى حديثهما
فقبض على عصاه بأصابع متشنجة وهو يراها تبتسم بخجل وهى تجيب على سؤال يوسف ، عن سبب وجودها هنا :
– اهلا يا دكتور يوسف ،انا عايشة هنا
رمقها يوسف بدهشة قائلاً :
–عايشة هنا ازاى يعنى انا مش فاهم حاجة خالص ، و غريبة أوى انى شوفتك هنا
ضمت أصابعها تحاول التخلص من إرتباكها وهى تقول بصوتها الهادئ :
–دى حكاية طويلة ويطول شرحها
عند هذا الحد وأكتفى رائف من إستئثار يوسف بالحديث معها ، فقد حان وقت سؤالها عن ماهية طبيعة تلك العلاقة بينها وبين ذلك الطبيب
فحدجها بنظرة نارية قائلاً بفضول متوارى خلف سخريته :
– باين عليكم تعرفوا بعض أوى ، إيه الصدف السعيدة دى
طحنت سجى أسنانها من خلف شفتيها ، فردت قائلة بسخافة :
– دكتور يوسف دكتورى فى الكلية هو اللى بيدرسلى ، وفعلاً صدفة خير من ألف ميعاد
رد رائف قائلاً بعصبية :
– أه فهمت أتفضلى بقى روحى مشوارك وأنت اتفضل يا دكتور نعمل الجلسة ولا هنفضل طول النهار واقفين نتكلم بقى وكده ونسأل بعضينا
ألقت عليه سجى نظرة عابرة ، فعادت وألتفتت ليوسف قائلة بتهذيب:
– عن أذنك يا دكتور يوسف
رد يوسف مبتسماً:
– أتفضلى يا سچى وفرصة سعيدة أن أنا شوفتك
قبل أن يفه بكلمة أخرى ، كان رائف يشير لها بعيناه ورأسه أن تذهب ، فهو بالدقيقة التالية لن يكون لديه الضمان الكافى للتصرف بتهذيب ، فذهبت وهى تشعر بأن شياطين العالم تسير بإثرها ، فهى بحياتها بأسرها ، لم يجعلها أحد تخرج عن طورها وتهذيبها المعتاد غير ذلك المدعو رائف ، الذى تشعر بعداءه الخفى لها ولا تعلم له سبباً
بعد ذهابها وإطمئنانه بأنها ذهبت بالسيارة الخاصة بجدته ، ولج هو ويوسف الى الغرفة المخصصة لعمل الجلسات العلاجية الخاصة به ، فإن كان رائف بالسابق يشعر بنزقه وضيقه من تلك الجلسات ، فهو يشعر الآن بأن دماءه ربما وصلت لدرجة الغليان ، كلما تطلع بوجه يوسف المبتسم ، منذ رؤيته لسجى
أمره يوسف بأن يتسطح على ذلك السرير الصغير وهو يقول بمهنية :
– يلا بينا نبدأ الجلسة يا رائف ، بس هو انا ممكن أسألك سؤال
إمتثل رائف لأمره ، فأستلقى على السرير قائلاً :
اتفضل يا دكتور ، خير عايز تسألنى على إيه
وضع يوسف يديه بجيبى رداءه الطبى متسائلاً:
– ايه علاقة سچى بيكم وهى عايشة معاكم هنا ليه وبصفتها إيه ؟
رمقه رائف بضيق قائلاً بتأفف :
– وأنت حضرتك مهتم أوى بالموضوع ده ليه
حرك يوسف كتفيه دلالة على أنه يشعر بالتعجب ، فرد قائلاً:
– علشان كنت عارف أنها عايشة مع مامتها حتى لما طلبت منها ارتبط بيها قالتلى أنها فى الفترة دى عندها مشاكل ومش هتقدر تدينى رد ومن ساعة الامتحانات ما خلصت مشوفتهاش إلا النهاردة
وكأن بحديثه عن رغبته فى خطبتها ، سكب مزيد من مواد الإشتعال على نيران غيرته التى ملأت جوارحه وعصفت بكيانه بأكمله
فنهض بجزعه العلوى قليلاً وهو يقول بحدة :
– أنت كنت عايز تتجوزها ؟
هز يوسف رأسه قائلاً بهدوءه المعتاد :
– أيوة وأنا لحد دلوقتى معرفش إيه ردها وكمان حكاية أنها عايشة هنا مش قادر افهمها خالص وايه علاقتها بيكم
زفر رائف بهدوء ، محاولاً السيطرة على فوران دماءه ، فرد قائلاً بإبتسامة خالية من الود والمرح :
– أنا هريحك يا دكتور يوسف هى مامتها ماتت الله يرحمها وجدتى تبقى خالة مامتها وكانت موصياها أنها تيجى تعيش هنا بعد وفاتها ارتحت يا دكتور يوسف كده ولا لسه حضرتك عايز تسأل على حاجة تانية ، ولا بقى نبدأ الجلسة ، بدل ما هنقضى اليوم كله بنتكلم عن حضرتك وعنها
تهدل فم يوسف من رده الحاد والجاف ، فنظر إليه متسائلاً:
– وأنت متعصب أوى ليه كده يا رائف
عاد رائف وأستلقى على السرير ، واضعاً يديه أسفل رأسه قائلاً ببرود :
– وأنا هتعصب ليه ده العادى بتاعى وأنت عارفنى
وضع يوسف نظارته الطبية على عيناه وقال :
– على رأيك يلا بقى نبتدى الجلسة بدل ما تتعصب أكتر
صار الجو بينهما مشحوناً بالعصبية من جانب رائف ، فهو لا يعلم سبب تحديقه المستمر بوجه يوسف ، فشعور واحد سيطر عليه بتلك اللحظة ، وهو أنه يريد تحطيم فكه ، ولا يعلم سر تلك الأفكار الانتقامية التى تراوده بشأنه ، سوى أنه يريد الزواج من سجى ، فإن كان من قبل يمقت وجود يوسف لأنه الطبيب المسؤول عن علاجه ، فصار الأن يمقته أضعافاً مضاعفة كأنه صار غريمه فجأة
❈-❈-❈
بعد وصول سجى لمنزل صديقتها ريهام ، وترحيب والدة صديقتها بها ، فضلت ريهام أن تجلسا سوياً بمفردهما فى غرفتها ، حتى تستطيعان التحدث براحة وأن تتمازحان كعادتهما ، فإن إجتمعت سجى وريهام يصير الحديث بينهما فكاهياً ، خاصة بسرد المواقف الطريفة التي تقصها عليها ريهام من محاولة الشباب مضايقتها أو إستمالتها من أجل صداقتها وردود أفعالها العنيفة معهم
جلست ريهام على فراشها ، وضمت ساقيها وهى تقول بفضول :
– ايه يا بنتى اخبارك ايه وحشتينى اوى ، قوليلى بقى الناس اللى قاعدة عندهم اخبارهم ايه معاكى كويسين ولا مضايقينك
ردت سجى قائلة بصدق وإمتنان :
– الحمد لله تمام وانتى كمان وحشانى اوى ، دول طيبين و محترمين اوى يا ريهام ويمكن احن عليا من ابويا اللى مبيسألش فيا و هم شايلنى على كفوف الراحة ومش مقصرين معايا فى حاجة خالص
أخذت ريهام علكة موضوعة على الكومود ، ففتحتها وناولت سجى منها ووضعت الباقى بفمها وتساءلت :
– هم عندهم بنات من سنك
حركت سجى رأسها سلباً وهى تقول :
– لاء هم معندهمش بنات عندهم ٣ شباب بس
دبت ريهام على صدرها وقالت بما يشبه الفزع :
– يالهوى وعايشة فى وسطهم ازاى دول يا سجى
ردت سجى مبتسمة:
– أنا بقعد فى استراحة فى الجنينة وهما الصراحة مؤدبين وخصوصا شادى دمه خفيف أوى كل يوم اصحى على فرقعة الصبح فى المعمل ولا مدفع رمضان
أمسكت ريهام طرف شعرها تصففه بفرشاة الشعر ، ونظرت إليها متسائلة :
– ليه هو فى سنة كام ده
جذبت سجى الفرشاة من يدها وقالت :
– رايح رابعة كلية علوم قسم كيمياء ، هو أنا بكلمك وأنتى قاعدة تسرحى شعرك
قهقهت ريهام على قولها وهى تقول:
– أنتى عارفة مقدرش أقعد ساكتة كده ، بس قوليلى أخواته لسه بيدرسوا
زفرت سجى وهى تقول بشرود :
– لاء الكبير رائف ده كان ظابط صاعقة بس حصله حادثة عملتله عجز فى رجله والتانى أكرم دكتور وهو بيدير المستشفى اللى كانت فيها ماما الله يرحمها ،بس مش عارفة اللى اسمه رائف ده تحسى انه مش طايقنى ، وانه عايز يتحكم فيا وخلاص وعايز يمشى كلامه عليا وبيتعصب وبيتنرفز عليا معرفش ليه مع انى معملتلوش حاجة
رفعت ريهام شفتها العليا قائلة بإستنكار :
– يا سلام ليه يعنى هو انتى عملتيله حاجة ،هو ماله حاطك فى دماغه ليه كده انتى بتاكلى اكله يا بت ولا ايه ولا خدتى ورثه
ضحكت سجى على قولها وردت قائلة :
–مش عارفة والله ، أنتى عارفة شوفت مين قبل ما اجى هنا ،دكتور يوسف اللى بيدرسلنا فى الكلية،طلع الدكتور اللى بيعمل جلسات العلاج الطبيعى لرائف
أرتفع حاجبى ريهام بدهشة ، فسألتها بلهفة :
–اه وعمل ايه لما شافك ، كان مبسوط صح
لوت سجى ثغرها وهى تقول :
–استغرب أنا بعمل ايه فى البيت ده ، وليه عايشة معاهم بس رائف اتنرفز جامد وقالى امشى روحى مشوارك ، تقريباً طردنى من قدامهم ، مش عارفة بيعمل معايا ليه كده انسان غريب فعلا دا انا لو قتلاله قتيل مش هيعمل عمايله دى
شدت ريهام على يدها وهى قائلة بمواساة :
– سيبك منه ولا تعبريه ، طالما الباقيين كويسين معاكى ، نفضيله ولا كأنك شيفاه ، المهم عايزين نشوف مستشفى ندرب فيها بدل القاعدة السودا اللى احنا قاعدينا دى وبقينا شبه المخلل ، على الاقل الاقى حاجة تشغلنى على الدراسة ما تبدأ بدل العرسان العاهات اللى بشوفها دى
راق لسجى إقتراح ريهام فردت قائلة بحماس :
– أه والله فكرة ، أقولك أنا هقول لدكتور أكرم ونروح ندرب فى المستشفى بتاعته هو مظنش أنه هيعترض هو محترم جدا وان شاء الله هيوافق ، بس شكلك كده واخدة مقلب قريب طالع من دماغك
وضعت ريهام يدها على فمها لتكتم صوت ضحكتها بتذكر ماحدث ، فهتفت بها ب من بين ضحكاتها الرنانة :
– مقولكيش يا أختى دا اللى كان هنا مش عريس دا سوسن مسقط بنطلونه ورافع شعره زى الديك الشركسى ولابس سلاسل وحاجة مسخرة اقسم بالله ، مش عارفة ابن الحلال اللى فى دماغى يا ترى هو فين دلوقتى وأتأخر ليه هى المواصلات زحمة ولا ايه
أنتقلت لها عدوى الضحك فقالت ممازحة :
– طول عمرك مرزقة يا ريهام ، متقلقيش هييجى هييجى والله يكون فى عونه فعلاً أنا بشفق عليه أنه هيتجوزك
أنقضت عليها ريهام تدغدغها وهى تقول بلطافة :
– ماشى يا سچى بتسخرى منى ، وربنا لأوريكى
أكتفت سجى من فعلتها ، فدفعتها عنها وهى تضحك بصوت عالى وأعتدلت بجلستها وقالت :
– بسخر منك ! ايه الثقافة دى كلها ، أنا لازم أمشى بقى أحسن ما اسمعلى كلمتين من رائف ملهمش لازمة
تركت ريهام مكانها وأحتضنتها وهى تقول بمحبة :
– تمام يا قلبى توصلى بالسلامة ، ولو وافق الدكتور ده على التدريب أبقى عرفينى
غادرت سجى منزل صديقتها ، وأستقلت تلك السيارة التى جاءت بها ، وطوال طريقها تفكر هل رائف سيسمعها كلماته الغاضبة كعادته معها أم ربما سيكون الحظ حليفها ولن تراه فور وصولها
وصلت السيارة للمنزل ، فترجلت سجى منها وهى تهرول بخطواتها حتى وصلت للشقة التى تقطنها ، فما أن ولجت إليها ، حتى وضعت يدها على صدرها وهى تقول براحة :
– الحمد لله مشوفتوش
نظرت حولها تبحث عن هرتها وهى تناديها :
– مشمشة مشمشة أنتى فين انا جيت
ولكن لم ترى الهرة تأتى إليها مثلما أعتادت أن تناديها وتسرع بالمواء والمجئ إليها ، ففتشت الشقة بأكملها مخافة أن يكون حدث لها شئ أثناء غيابها عن المنزل ، فبعد فشلها بإيجادها ، فكرت بالذهاب للمنزل لسؤالهم عنها ، لعل أحداً منهم رآها ،أو يعلم أين هى الآن ، فخرجت متجهة إلى المنزل ، وأثناء مرورها من الحديقة ، رآت رائف جالساً على أحد المقاعد ويسند رأسه لطرف المقعد مغمض العينين ، فظنت أنه نائم ، ولكنها لم تعره إنتباهها ، ولكن أثناء مرورها من أمامه ، لمحت هرتها نائمة بين ذراعيه بوداعة ، فنظرت لهما بإندهاش كون أن الهرة لا تدع أحد يداعبها أو أن تنام بين ذراعىّ أحد غيرها
طالت وقفتها الصامتة ، إلا أنه شعر بوقع أقدامها منذ إقترابها ، فحتى بدون أن يفتح عيناه ، علم أن من تقف أمامه هى سجى بذاتها ، فسألها وهو يعدل من وضعية رأسه على طرف المقعد :
– اتأخرتى ليه ده كله برا مش قولتلك متتأخريش
صاحت به سجى قائلة بإستنكار :
– أفندم ! هو فى ايه يا استاذ رائف بالضبط ،انت ليه بتقولى الكلام ده
فتح رائف عيناه ورمقها قائلاً بهدوء وبرود :
– فى ايه انتى مالك متنرفزة كده ليه ، أنا بسألك عادى علشان القطة بتاعتك كانت بدور عليكى علشان كده بسألك اتأخرتى ليه
مدت سجى يديها له ليناولها هرتها وهى تقول من بين أسنانها :
– القطة! طيب ماشى انا جيت أهو هاتها بقى
نظر لراحتيها الممدودتان أمامه ، فعاد ببصره لوجهها قائلاً :
– مالك أنتى متعصبة ليه كده ، إهدى مش كده
نفخت سجى بضيق قائلة :
– وأنا هتعصب من إيه يعنى هاتها بقى
عندما حاولت مدت يدها لتأخذ هرتها ، أبعدها هو عن مرمى يديها ليزيد من حنقها وغضبها ، فهدرت به بغضب :
– هو إيه ده ما تجيب قطتى بقولك
مسد رائف على فراء الهرة وهو يقول بإبتسامة هادئة:
– مش جايز هى اللى مبسوطة انها قاعدة معايا ، ومش عايز تروحلك
ردت سجى قائلة بتهور وعدم تهذيب :
– يارب تكون خربشتك وعورتك كمان
ضحك رائف ضحكة صاخبة ، وتلك هى المرة الأولى التى يضحك بها منذ وقوع الحادث ، فرد قائلاً بدهاء :
– لاء مخربشتنيش دى باين عليها أنها حبتنى بدليل أنها نامت فى حضنى وهى ساكتة ومعملتش حاجة حتى لو كانت خربشتنى مزعلش ان الخربشة من مخلوق حلو زيها كده
لم تفقه شئ من حديثه المبطن ، فجل ما تريده بوقتها الحالى أن تأخذ هرتها وتبتعد عن مكان جلوسه ، فهى لم يعد لديها الصبر الكافى على مجابهة حديثه وأفعاله ، التى وصلت حد البرود المزعج ، فبحزم مدت يديها وأخذت الهرة من بين ذراعيه بجفاء ، فحملتها وعادت للشقة وأغلقت الباب خلفها بعنف
فرفعت الهرة بين يديها وصاحت بها توبخها :
– انتى يا مشمشة كنتى قاعدة فى حضنه كمان ومبسوطة دا انتى مش بتخلى حد ييجى جمبك هو ضحك عليكى بايه ها قوليلى
هزت الهرة بين يديها ، ولكن سرعان ما عادت لرشدها وهى تقول :
– أنا اتجننت ولا إيه بكلم القطة كمان الله يسامحه دايما يخرجنى عن شعورى
ضمت الهرة لصدرها ، لتمسد عليها وكأنها تقدم لها إعتذاراً عن تهورها ، ولكن ما أن أقتربت بوجهها منها ، حتى إشتمت رائحة عطره عالقة بفراءها ، فعاد إليها غضبها ثانية وقالت بوجوم
– وكمان ريحة برفانه جاية معاكى طب تعالى انا هديكى شاور خلى الريحة دى تطلع منك ما هى مش ناقصة ريحة برفانه كمان
أخذت الهرة وذهبت للمرحاض وضعتها بالمغطس وبدأت بدعك فراءها بسوائل الإستحمام ، وبين الفينة والأخرى تقترب بأنفها منها ، لتعلم هل تخلصت من رائحة عطره أم لا ، فبعد أن هدأت ثورتها وأنتهت من غسل فراء الهرة ، أخذتها وجففتها وذهبت بها للفراش
أرتمت على الفراش ، وتمددت الهرة بجوارها ، فحاولت سجى إغلاق عينيها عبثاً ، فهى لا تعلم ماذا يحدث معها بتلك الأونة ، فهى كلما شعرت بالراحة والأمان ، تعود ثانية وتشعر بالقلق ، ليس من شئ سوى أن رائف يبدو عليه أنه يتخذها كدعابة أو تسلية ليرفه عن نفسه ، خاصة أنه لا يترك المنزل ، فربما وجد بها شئ مسلى
❈-❈-❈
نظرت سجى للروزنامة المعلقة على الجدار ، فعلمت أن اليوم أتمت أسبوعها الثالث لإقامتها هنا بمنزل " ماهر زيدان " فالأيام مرت سريعاً ، لا يعكر صفوها سوى شجارها ومشادتها الكلامية مع رائف ، ولكن كأنها صارت معتادة على الأمر ، بل أنها باتت بليلها تشتاق للصباح من أجل أن تتشاجر معه ، فإبتسمت على سخافة أفكارها ، ولكن نفضت كل هذا عن عقلها ، وتذكرت أمر إخبار أكرم برغبتها هى وصديقتها بالعمل بالمشفى الخاص به حتى يحين موعد بدأ الدراسة ، فهى أرجأت الحديث معه بهذا الأمر ، بعد إصابتها بإحدى نزلات البرد
ولكنها اليوم عزمت على إخباره ، فأنتظرت حتى أنتهى من تبديل ثيابه بعد عودته من المشفى ،وجلس بالصالة ، فجلست على المقعد المقابل وقالت بإرتباك :
–لو سمحت يا دكتور أكرم ممكن أطلب منك طلب ، أنا وواحدة صاحبتى عايزين نيجى ندرب عندك فى المستشفى على الدراسة ما تبدأ
ردت أكرم مبتسماً:
–بس كده انتوا تنوروا المستشفى كلها ، ثم ايه حكاية دكتور أكرم دى ممكن تقوليلى أكرم عادى انتى بقيتى زى أختى دلوقتى
قالت سجى بإبتسامة صافية وحماس :
– بجد شكرا لذوقك ، أنا متشكرة جداً
ولج شادى وهو يصيح منادياً والدته ، نظراً لشعوره بالجوع الشديد ، فلا يعلم لما تأخر تقديم العشاء حتى الآن:
–يا ماما يا ماما إحنا مش هنتعشى ولا إيه النهاردة
وضع أكرم يديه على أذنيه ، فهتف به معنفاً :
– ما توطى صوتك ده شوية طرشتنا ياض أنت
أقترب شادى منه أكثر فصرخ قريباً من أُذنىّ شقيقه:
– جعان يا ناس جعان يا خلق جعاااااان
كتمت سجى ضحكتها بصعوبة ، خاصة بعدما رأت أكرم ينهض من مكانه ويركض خلف شادى ، فنادته قائلة :
– هقوم أعملك ساندويتش لأن شكل ام سيد مشيت عندها مشوار ضرورى
رد شادى بإبتسامة ممتنة وهو يحاول الإفلات من أكرم :
– يبقى كرم أخلاق منك والله أحسن أكل دراع أبيه أكرم
إستقامت سجى بوقفتها وقالت :
– حاضر ثوانى ويكون الساندويتش جاهز
دلفت سجى للمطبخ ، وقامت بإعداد عدة شطائر من أجل شادى ، فأثناء هبوط هدى الدرج رأتها بالمطبخ ، فأنهت ما تبقى لها من خطوات فاصلة بينهما ، فأقتربت منها متسائلة :
– بتعملى ايه يا سچى ، أنتى جعانة ولا ايه ؟
إستدارت سجى لها برأسها وردت باسمة :
– لاء دا بعمل ساندويتش لشادى بيقول انه جعان ، هعمله الساندويتش يصبر نفسه بيه
حركت هدى رأسها بيأس من أفعال شادى ، إلا أنها قالت وهى تبتسم :
– هو على طول فاضحنا كده على العموم انا عملالكم حفلة باربكيو (حفلة شواء) فى الجنينة اهو تغيير شوية ، وهتنبسطوا منها أوى
تم تجهيز موقد الشواء واللحم وكل ما يلزمهم من أجل حفل الشواء ، الذى أعدته هدى بالحديقة ، فجلسوا جميعهم عدا رائف ، الذى لم يظهر بعد ولا تعلم لما تبحث عنه بعينيها ، كأن شئ هام ينقصها ، فهل باتت حقاً تعتاد على مضايقاته لها ، أم أنها تفتقد وجوده ، لأنها دائماً ما تراه جالساً معهم
أنتبهت سجى على قول ماهر وهو يستريح بمقعده :
– بقالنا كتير مقعدناش نشوى فى الجنينة
قالت صفية وهى تبتسم لولدها :
– الجو النهاردة حلو أوى فعلاً
وقف شادى أمام موقد الشواء وهو يقول بفخر مصطنع :
–دا انا هشولكم فراخ ولحمة مش عايز اقولكم هتاكلوا صوابعكم وراها
رد أكرم بسخرية :
–قصدك مش هنلحق ناكل حاجة وراها يا شادى
تفقدت هدى محتوى الطعام ، فلم تجد الطبق الموضوع به الفاكهة ، فنظرت لسجى قائلة :
–لو سمحتى يا سچى فى طبق فاكهة فى المطبخ هاتيه
نهضت سجى من مقعدها وردت مبتسمة :
– حاضر يا طنط هدى
ذهبت لجلب طبق الفاكهة ، ولكنها كانت تسير غير منتبهة ، فوجدت نفسها تصطدم بشخص طويل القامة ، ولم يكن هذا الشخص سوى رائف ، الذى كان سيؤدى اصطدامها به لاختلال توازنه وسقوطه أرضاً ، لولا أنها أسرعت بإمساك ذراعه ، وقبضت عليه بكفيها
فأسرعت بتقديم إعتذارها :
– أنا بجد أسفة جدا مش قصدى والله
لم يعى على شئ سوى يدها القابضة على ذراعه بإحكام ، فتلك هى المرة الأولى ، التى يشعر بإقترابها منه لهذا الحد ، فعندما نظر ليدها ، كأنها أنتبهت على ما فعلت ، فسحبتها سريعاً كأن ماس كهربائي أصابها ، فهى لم تسرع بفعل ذلك إلا خشية سقوطه ، وعلى الرغم من صفاء نواياها إلا أنها شعرت بأنها أقترفت جُرم عظيم بلمسها له حتى وإن كان ذلك من أجل المساعدة
أزدرد رائف لعابه وقال بهدوء :
– حصل خير مفيش داعى للأسف بس راحة فين كده
ردت سجى وهى تكمل طريقها :
– هجيب طبق الفاكهة من المطبخ عن أذنك
رفعت يديها تتحسس وجهها ، كأنها تشعر بحرارة ألف شمس مجتمعين ، فإصطدامها به خلف بنفسها إرتجافة خوف ، خاصة أنها شعرت كأنها إصطدمت بصخرة نظراً لأن بنيته الجسدية قوية جداً وتثير الرهبة ، فوقفت بضع لحظات تلتقط انفاسها ، حتى تستعيد هدوئها ، قبل أن تخرج إليهم
حملت طبق الفاكهة وخرجت وحاولت قدر إمكانها أن لا تنظر إليه ، بل أنها لم تعود لمقعدها ، بل وقفت على مقربة من شادى لتساعده بشواء اللحم والدجاج
فقالت وهى ترفع حاجبيها ، بعدما رآته يأكل ما قام بشواءه :
– أنت بتعمل ايه يا شادى انت بتاكل اللى بتشويه
أبتلع شادى ما بجوفه فرد قائلاً بصوت منخفض :
– بنقنق بس ما تفتنيش عليا خليكى جدعة ، اعمل ايه الجوع كافر وأنا ميت من الجوع والساندويتش اللى عملته ليها مشبعنيش
ردت سجى مبتسمة :
– دا كده مش هيلاقوا حاجة ياكلوها، دا معاك الجوع كافر ويهودى كمان يا شادى
رأها تبتسم وتمزح مع شقيقه ، فضيق ما بين عينيه ونظر إليها بنظرات تقدح شرار ، فعلام هما يمزحان ، وماذا قال شادى جعلها سعيدة هكذا وتبتسم أيضاً ؟
فهتف ماهر بهما :
– ايه يا حبايبى هناكل الفجر ما تخلصوا بقى الواحد جاع
لوى رائف ثغره قائلاً بسخرية:
– مش لما يخلصوا كلامهم وهزارهم الاول يبقوا يفكروا يجيبوا الاكل علشان ناكل ، أصلهم مش فاضيين ، بيقولوا نكت
مال أكرم برأسه لرائف قائلاً بصوت منخفض :
– مالك يا رائف شايط ليه كده يا حبيبى
رد رائف قائلاً بعصبية :
–مفيش حاجة يا أكرم
ناولت هدى كل منهم الطبق الخاص به وقالت مبتسمة :
– يلا الأكل خلاص أهو أتفضلوا يلا
بدأوا بتناول الطعام ، ولكن شعر أكرم بتململ رائف بمقعده كأنه لا يشعر بالراحة ، خاصة أنه هو الأقرب إليه ويستطيع كشف أمره بسهولة ، فنظر إليه متسائلاً بجدية :
– فيك ايه يا ابنى مالك ، اصلك مش طبيعى وحاسك مترفز ومتعصب جامد فى حاجة حصلت ضايقتك قولى
رد رائف بنفاذ صبر :
– فى ايه يا أكرم انت كل شوية تسألنى فى إيه ما انا كويس أهو شايفنى بقطع فى هدومى ولا ناكش شعرى يعنى ، مفيش حاجة حصلت وارحمنى بقى واسكت تعرف ولا متعرفش
رفع أكرم يده بإستسلام قائلاً:
– خلاص يا عم هسكت أنا غلطان إن أنا سألتك دا أنت بقيت أوفر فى النرفزة والعصبية
مصغت صفية قطعة اللحم التى شعرت بطيب مذاقها ، فنظرت لسجى قائلة بحنان :
– تسلم ايدك يا سچى يا حبيبتى ، اللحمة مشوية حلو أوى
خجلت سجى من مديحها ، فردت قائلة:
–تسلمى يا تيتة بس شادى الصراحة هو اللى تعب اكتر والله
وضع شادى قطعة اللحم بفمه قائلاً بدراما كعادته :
– ماهو أنا كده دايما ناسينى اهئ اهئ ومحدش يقولى كلمة حلوة تبل الريق
داعبت والدته وجنته وهى تقول بحب:
–احنا نقدر يا حبيب ماما دا انت حبيب قلبنا من جوا ونور عنينا
إبتسم شادى لوالدته قائلاً :
–وشى احمر من الكسوف يا ماما اخجلتى تواضعى
– والصراحة أنت وش كسوف اوى يا شادى
قالها ماهر وهو ينظر لشادى مبتسماً ، لعلمه أن شادى سيمازحه ، وهذا ما كان فرد قائلاً:
– كده يا بابا بتسيحلى قدامهم استر عليا دا انا ابنك برضه كده يا بوب بتعمل كده فى اخر عنقودك
قهقه ماهر على قول ولده الصغير ، فرفع يده يشير له بالصمت :
– بطل هزار بقى يا واد أنت ، هتموتنى ناقص عمر
قال شادى وهو يرمق والده بمحبة :
– بعد الشر عليك يا بابا ، ثم انتوا تقدروا تعيشوا من غيرى اصلاً دا أنا جوهرة جوهرة كده عايشة معاكم فى البيت
بعد إكتفاءهم من الضحك على أفعال وأقوال شادى ، حمحمت سجى تجلى صوتها ، فنظرت لصفية وقالت بإستحياء :
– لو سمحتى يا تيتة أنا هروح ادرب فى المستشفى عند دكتور أكرم ، أنا قولتله وهو وافق
أماءت صفية برأسها وهى تقول:
– ماشى يا حبيبتى
– كويس أنك هتعملى كده اهو تسلى وقتك على الدراسة ما تبدأ
قالت هدى وهى ترمقها بإعجاب ، فردت سجى قائلة:
– أنا قولت كده بدل ما طول النهار قاعدة ومش بعمل حاجة
نظرت لها هدى وقالت ممازحة :
–زهقتنى مننا يا سچى ولا ايه
أسرعت سجى بالقول نافية عنها أنها شعرت بالملل من إقامتها هنا :
– لا أبداً والله إزاى يا طنط تقولى كده دا أنتوا بقيتوا غاليين عندى أوى
قالت عبارتها ووجدت نفسها تنظر اليه ، فاستغبت تصرفها فلما التفتت اليه عندما صرحت بعبارتها كأنها تخصه هو بها
بسماع رائف ما قالته ، أقترب برأسه من أكرم متسائلاً بهمس :
–يعنى ما قولتش على الموضوع ده يا أكرم
إبتسم أكرم وهو ينظر بطبقه ، فقال محاولاً إثارة أعصاب شقيقه :
–دى لسه طالبة منى الطلب ده قبل ما نخرج الجنينة ثم أنت مهتم اوى ليه كده بالموضوع ده يا رائف
حدجه رائف بنظرة مرتبكة وهو يقول بتوتر ملحوظ :
– وأنا ههتم ليه يعنى أنا بسأل عادى يعنى يا أكرم
حك أكرم لحينه الخفيفة وهو يقول بلؤم :
– عادى برضه ! هحاول أصدقك يا رائف هعمل عبيط وأصدقك
أثار قلقه نبرة صوت أكرم التى إن دلت على شىء ، ستدل على أن أكرم ربما فطن لما يشعر به بتلك الأونة ، فرد قائلاً :
– أنت قصدك ايه بكلامك ده انت بتلمح لايه ها قول ، أو أقولك أنا اخرص بقى مش عايز اسمع صوتك فاهم ، ولا أقولك قوم ياض أنت من جمبى يلا ، يا أما تقعد وأنت ساكت فاهم
لم يمنع أكرم إبتسامته من توتر شقيقه الملحوظ ، فقال يدعى البراءة :
–هو انا قولت حاجة احنا بندردش مع بعض يا حبيبى ، ثم مش هقوم من هنا أنا مرتاح هنا أوى وهسمع كلامك يا أبيه وأسكت خالص أهو
كمم أكرم فمه بيده ، دليلاً على أنه سيلتزم الصمت ، إلا أنه سرعان ما ازاح يده وهو يدندن :
–بتعدى فى حتة أنا قلبى بيتكسر ميت حته أفضل فى مكانى لستة الصبح بفكر فيك بتعدى فى حتة قصادى تفوت ببقى أنا على بعض ومش مظبوط حد يقولى انا اعمل ايه
وضع رائف يديه على أذنيه وصاح به :
– بس ياض صوتك وحش وبتغنى غلط هتجبلى تلوث سمعى
رفع أكرم حاجبه الأيسر قائلاً:
– وأنت مالك أنت هى الاغنية جاتلك على الجرح ولا إيه
ربما صار شقيقه يعلم بحقيقة أمره ، فتلك الثقة التى يتحدث بها أكرم ، لا تدل على شئ ، سوى أنه أنتبه على ما أعتراه من أمور الغيرة وغيرها ، فحتى وإن كان سابقاً شعر بهذا الشعور مع مايا ، ولكن تلك المرة صار شعوره بالغيرة أقوى وأشد ، فوصل به الحال لأن يغار من أشقاءه ، وأن يغار من أى أحد يقترب منها
❈-❈-❈
وصلت سچى إلى مشفى أكرم ، ولكن تأخرت ريهام كثيراً عن موعدها ، فالبارحة شددت أمرها لها بأن تأتى للمشفى باكراً ، كون أن أكرم سيقوم بإجراء العديد من العمليات الجراحية ، ولن يكون لديه الوقت الكافى بعد الساعة التاسعة ، فأخرجت هاتفها لترى ما الذى تسبب بتأخيرها هكذا ، فشلت محاولتها الأولى والثانية ، فأعادت الكرة للمرة الثالثة
لحظات وجاءها صوت ريهام فهتفت بها بقلق:
– أيوة يا بنتى أنتى فين أتأخرتى ليه ده كله
ردت ريهام قائلة وهى تسرع الخطى :
– أصل كنت بتخانق مع سواق التاكسى وجاية أهو ، عشر دقائق واكون عندك
ضحكت سجى على قولها:
– طول عمرك بلطجية يا ريهام خلصى وتعالى
أنهت ريهام مكالمتها مع سچى ، وأثناء وضعها لهاتفها بحقيبتها ، وهى تسير برواق المشفى، لم تنتبه لمجى أكرم وأصطدمت به ، فرفعت يدها تدلك جبهتها وهى تقول :
– اااه مش تحاسب يا عم الحاج أنت وأنت ماشى ،هو يعنى علشان ضاربلى البالطو الابيض والسماعة حوالين رقبتك والنظارة على وشك تمشى تخبط فى خلق الله ومش عامل حساب لارواح الناس
فتح أكرم فمه وهو يردد بصدمة :
– عم الحاج ، أنتى محسسانى أن خبطك أتوبيس يا آنسة
رفعت ريهام يدها تشير له بأن يتركها وحالها وهى تقول :
– خلاص مترغيش كتير شوفك رايح فين أنت هتقف تحكى معايا يلا يا بابا خدلك سكة
تركته واقفاً مكانه وذهبت هى إلى تلك الغرفة التى أخبرتها سجى برقمها وأنها ستنتظرها بها
فإلتفت أكرم ونظر إليها وهى تهرول بخطواتها كأنها بسباق فهى فتاة سليطة اللسان:
– أخدلى سكة ايه البت أم لسان طويل دى
وصلت ريهام لتلك الغرفة التى تنتظرها بها سجى ، فعقدت ذراعيها وهى تنظر لها بتأنيب :
–حمد الله على السلامة لسه بدرى، طب لو مكانش اول يوم تدريب لحضرتك كنت جيتى على المغرب
خلعت ريهام حقيبة ظهرها وهى تزفر أنفاسها اللاهثة :
– أنا وصلت بس خبطت فى حيطة وانا داخلة ،واحد باين عليه دكتور هنا خبطنى وانا داخلة بس ايه وحياتك اديته من المنقى خيار وخليته واقف يكلم نفسه
لوت سجى فمها يميناً ويساراً قائلة:
– يعنى عملتلنا مصيبة واحنا لسه بنقول يا هادى يا ريهام انتى ايه لسانك ده متبرى منك ، تعالى يلا أعرفك على دكتور أكرم صاحب المستشفى ، وعلشان يقولنا دكتور مين اللى هيدربنا هنا
ذهبتا إلى غرفة المكتب الخاصة بأكرم ، فطرقت سجى الباب بتهذيب ، فأذن لها أكرم بالدخول ، فعندما انفتح الباب ودلفتا سوياً ، رأت ريهام أكرم جالساً على المقعد الجلدى خلف مكتبه الخشبى الأنيق ، فاتسعت عيناها بدهشة وشعور عارم بالإحراج
فتقدمت سجى من المكتب قائلة وهى تشير لها :
– دكتور أكرم دى ريهام صاحبتى واللى هتدرب معايا
نهض أكرم من مقعده مرحباً بها :
– أهلا وسهلا يا دكتورة نورتى المستشفى
جف حلق ريهام إلا أنها إستطاعت القول بصوتها المبحوح :
– الله يسلمك وانا أسفة جدا على اللى حصل
رد أكرم مبتسماً:
– آسفة على ايه ، على طولة لسانك ولا على ايه بالظبط
ضيقت سجى عينيها وهى تنظر لهما فقالت :
– هو أنتوا تعرفوا بعض من قبل كده
أشار أكرم لريهام وهو يقول :
– الآنسة يعتبر لسه شتمانى من شوية بس
شهقت سجى بصوت منخفض ومالت إليها هامسة :
– هو ده الدكتور اللى شتمتيه من شوية وقولتيلى عليه
أجابتها ريهام بثقة رغم شعورها بالندم :
–ايوة هو ده يا سچى هو
نظرت سجى لأكرم محاولة تقديم إعتذارها عما فعلته صديقتها:
– أنا بعتذر بالنيابة عنها يا دكتور أكرم على اللى حصل ، وممكن حضرتك تقولنا مين اللى هيدربنا
عاد أكرم وجلس على مقعده وهو يقول :
– وهى ملهاش لسان تعتذر بيه دا حتى بسم الله ماشاء الله لسانها متبرى منها ، على العموم حصل خير ودكتور يوسف هو اللى هيدربكم
–دكتور يوسف اللى بيعمل الجلسات لأخوك ؟
قالتها سجى متسائلة ، فأجابها أكرم قائلاً :
– ايوة أنتى تعرفيه؟
أماءت سجى برأسها وقالت :
– أيوة دا دكتورنا فى الكلية بس معرفش انه بيشتغل هنا
ضم أكرم كفيه قائلاً بوجه بشوش :
– بيشتغل هنا من فترة وهو ممتاز فى شغله جدا ، وهتستفادوا منه كتير ولو فى أى حاجة محتاجاها أطلبيها على طول أنتى زى أختى
شكرته سجى على لطفه وصنيعه ، فتأبطت ذراع ريهام وخرجتا من غرفة المكتب ، ولكنها أنتبهت على صمتها الغير معتاد ، فوكزتها بكتفها وهى تقول :
–مالك يابت نزل عليكى سهم الله كده ليه
قالت ريهام وعيناها تنظر لغرفة المكتب الخاصة بأكرم :
–هو ده أكرم يا سچى ، هو بجد ولا حقيقى ولا ثرى دى ، هو انتى عايشة معاهم فى البيت ازاى ومحبتهوش بغمازاته دى
فهمت سجى مقصدها ، فردت قائلة بهدوء :
– أنتى أتجننتى يا ريهام مالك فى إيه ، واحبه ازاى يعنى ، أكرم وشادى أنا فعلاً بحبهم وأحترمهم زى أخواتى بالظبط
رمقتها ريهام بلؤم وقالت :
– يعنى مجبتيش سيرة أخوهم التالت يعنى ، مش حطاه معاهم فى خانة الأخوات يعنى
إلتهبت وجنتى سجى من تلميح صديقتها ، فجذبتها من ذراعها وهى تقول بإستياء :
– يلا يا بت أنتى مش ناقصة الهرتلة الفاضية بتاعتك دى دلوقتى
قرصت ريهام وجنتها وهى تقول بمشاغبة :
– هرتلة فاضية ماشى يا سچى مسيرك تقرى بكل حاجة يا حبيبتى
ذهبتا لغرفة التدريب ، فوجدتا يوسف بإنتظارهما ، ولم يكن بمفرده ، بل كان يرافقه طفلة صغيرة تعانى من كسور بالعظام ، فأراد لهما أن تتعلما كيفية تتم المعالجة الفيزيائية لكسور العظام
ولكن نظر لهما معاتباً بلطف :
– أهلا وسهلاً اتفضلوا يا دكاترة أنتوا متأخرين ليه كده
ردت ريهام قائلة وهى تداعب وجنة الصغيرة :
– سورى يا دكتور ده أول يوم على ما عرفنا المكان
تقبل يوسف أعذارها ، فنظر لهما قائلاً بمهنية:
– خلاص ماشى إحنا هنبتدى بجلسات العلاج الطبيعى اللى بتتعمل بعد لما الشخص يفك الجبس لحالات كسر العظام ، فعايزكم تركزوا معايا
قالت سجى بحماس :
– أوك تمام يا دكتور أتفضل
بدأ يوسف الشرح لهما ، تستمع كل منهما له بإنتباه ، بل عملت سجى على تدوين الملاحظات التي قالها أثناء الشرح ، فعلى الرغم من قضاءهم ساعتان بالشرح والتدريب ، إلا أنهما كانتا تشعران بالحماس حتى أنتهى الوقت المحدد لهما ، فأستمع يوسف لكل أسألتهما وأجابهما بصدر رحب
فبعد إنتهاءه نظر لهما قائلاً :
– كده خلاص النهاردة ونكمل بكرة إن شاء الله
ضمت سجى دفترها لصدرها وقالت بإمتنان :
– شكراً يا دكتور يوسف
قالت ريهام هى الأخرى وهى تضع دفترها بحقيبتها :
– بجد التطبيق العملى حاجة تانية خالص
إبتسم يوسف ورد قائلاً:
– طبعاً وكويس أنكم تتمرنوا لأنكم خلاص فاضلكم سنة الامتياز ودى معظمها تدريب ، سجى أنا ...
حركت سجى رأسها وهى تقدم له شكرها :
– تمام يا دكتور و شكراً ، عن اذنك
أسرعت بالخروج من الغرفة تتبعها ريهام ، كأنها شعرت بما كان يريد قوله ، لذلك همت بالذهاب من المشفى ، قبل أن يعاود سؤالها ثانية بشأن زواجه منها ، فإن كانت من قبل ناشدته بأن يمنحها الوقت الكافى بالتفكير ، فإنها الآن لا تريد التفكير بالأمر ، ولكن تخشى أن تتسبب له بشعور من الإحراج إذا أعلنت رفضها له ، فهى تنتظر الوقت المناسب ، حتى تخبره بشأن أنها لا ترى به غير معلمها فقط ، ولا تراه من أى منظور أخر
❈-❈-❈
بعد عودتها من المشفى ، نالت قسطاً من الراحة ، بل أنها غرقت بسبات عميق ، ولم تفيق منه إلا عندما شعرت بيد والدتها توكزها بحنان ، لكى تنهض من فراشها وتتناول طعام الغداء ، ففتحت عيناها وعادت وأغلقتهما ثانية ، ولكن أمام إلحاح والدتها ، جلست بالفراش وهى تحك رأسها وتتثائب ، فنظرت لوجهها بالمرآة المواجهة للفراش
فلوت شفتيها وهى تقول بتثاؤب :
– إيه ده مالى قايمة من النوم شبه الغوريلا ليه كده
لملمت شعرها بمشبك الشعر ، ووضعت قدميها أرضاً وخرجت من الغرفة ، جلست على المائدة ، وبدأت بتناول طعامها بنعاس
فنظرت لها والدتها وتساءلت :
–عملتى ايه النهاردة فى التدريب يا ريهام
ردت ريهام وهى تلوك الطعام بفمها :
– تمام الحمد لله وطلع اللى بيدربنا هو الدكتور بتاعنا فى الكلية كمان
ربت أبيها على يدها وقال بحنان :
– يعنى التدريب فادكم واستفادتوا منه كويس
حركت رأسها بالإيجاب وهى تقول :
–جدا يا بابا الصراحة احنا كنا متحمسين اوى النهاردة
وضعت والدتها لها قطع الدجاج أمامها وهى تقول بإبتسامة عريضة :
– على فكرة فى عريس تانى عايز ييجى يتقدملك قولتى إيه يا ريهام
بسماع قول والدتها ، نفضت عنها الكسل وقالت برفض :
– بقولك إيه يا ماما اقفلى على الموضوع ده بالضبة والمفتاح كفيانى عاهات بقى بلاش قلة قيمة
نظر أبيها لوالدتها وهو يقول مؤيداً لإبنته :
– متغصبيش عليها سيبيها براحتها هى عارفة مصلحتها
زفرت والدتها من أنفها وهى تقول بهدوء :
– هو أنا قلت حاجة غلط أنا بس بعرفها
رفعت ريهام يدها وأشاحت بها قائلة :
– مش عايزة اعرف يا ماما ، لسه نصيبى مجاش
لا تعلم لما تذكرت أكرم بعد أن أنتهت من قولها ، حتى أنها عقدت حاجبيها بدهشة ، فهى لم تراه سوى من عدة ساعات ، بل أن مقابلتهما الأولى ، لم تكن مقبولة ، إذ أسرعت بإبراز براعتها فى قذفه بلسانها السليط
أنتبهت والدتها على شرودها ، فجذبت إنتباهها وهى تقول:
–سرحتى فى ايه كده يا ربهام
نفضت ريهام رأسها وردت مبتسمة:
– ها لا ابداً مفيش حاجة بس يا ماما سبينى اركز فى التدريب بلا عرسان بلا بتاع
شد أبيها على كفها الرقيق وهو يقول بحب :
– ربنا يوفقك يا حبيبة بابا وتتخرجى وتبقى دكتورة قد الدنيا
قالت ريهام وهى ترفع يد أبيها لتقبلها :
– حبيب قلبي أنت يا أبو ريهام
وضعت والدتها يدها على وجنتها ونظرت لزوجها قائلة :
– ماهو محدش مقويها غيرك
نظر لها زوجها ، فما لبث أن عاد ببصره لإبنته وهو يقول بثقة :
– طبعاً لازم أقويها ، لو مش أنا اللى أبقى فى ضهرها واللى بيقويها يبقى مليش لازمة بقى
تركت ريهام مقعدها وأقتربت منه تقبله على رأسه قائلة :
–حبيب قلبى يا بابا وتسلملى يا رب
لوت والدتها فمها وهى تقول ممازحة :
– طيب يا اختى انتى وابوكى محدش بيعرف يا خد منكم حق ولا باطل ، أصل أنتى واكلة عقله
ضحك زوجها بصوت مسموع قائلاً:
– هو أنتى غيرانة من بنتك
شاركته ريهام الضحك ، فقالت بإعجاب وهى تطوق كتفيه :
– بتحبك يا بابا وبتغيير عليك بقى ، أنا لو مكانها اللى تكلمك أشرحها
شعرت والدتها بالحرج فهتف بها :
– بطلى يابت أنتى شقاوة وطولة لسان واسكتى
وضعت ريهام يدها على فمها وهى تقول:
– ماشى يا قمر هسكت أهو
ولكنها لم تفى بوعدها ، إذ أنفجرت ضاحكة خاصة بعد محاولة إخفاء والدتها لوجهها ، بعد أن عمل أبيها على مغازلتها ذلك الغزل العفيف ، والذى دائماً ما تسمعه منه بحق والدتها ، وهذا ما يجعلها تأمل بالحصول على زوج كأبيها ، تشعر بدلاله لها وأن يكون نعم الزوج والصاحب ، وأن يجعلها تُغرم به ، كغرام والدتها بأبيها ، حتى وإن حاولت إخفاء هذا الغرام خلف إبتسامتها الخجولة أو صبغة وجهها بدماء الخجل ، والتى لم تزيد الرائى سوى تيقناً بأنها زوجة عاشقة لزوجها
❈-❈-❈
بحلول المساء ، جلس ماهر مع زوجته ووالدته ورائف وشادى ، إلا أنه لم يرى سجى ولا ولده أكرم ، فنظر بساعة معصمه ليستطلع الوقت ، فأكرم معتاد على العودة للمنزل باكراً ، فحتى وإن كان لديه عمل طارئ بالمشفى ، فهو كان يخبر والدته بشأن تأخره ، فأنتظر مرور خمس دقائق أخرى ، لعله يراه قادماً من الخارج ، فهو منذ ذلك الحادث الخاص برائف ، وهو أصيب بهاجس إذا تأخر أحد خارج المنزل
فنظر لزوجته قائلاً بقلق :
– هى سچى فين وأكرم لسه مجاش ليه
ربتت هدى على يده ، لعلمها بما يدور برأسه ، فردت قائلة بهدوء :
– سچى زمانها جاية دلوقتى ، هى رجعت من التدريب وجايز تكون بترتاح شوية واكرم لسه شوية على ميعاد وصوله ، وزمانه جاى بالسلامة إن شاء الله
ما كادت هدى تنهى عبارتها ، حتى رأوا سجى قادمة ، فولجت الصالة بإستحياء كعادتها ، فشقت إبتسامة هادئة شفتيه بعد رؤيتها ، فهو لم يراها طيلة يومه ، وهو الذى أعتاد أن يراها منذ أن يفيق من نومه نهاراً ، إلى أن يذهب لفراشه مساءاً
فألقت عليهم التحية وجلست بجانب صفية :
– السلام عليكم
ردوا جميعهم بصوت واحد :
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إبتسم لها شادى متسائلاً :
– ها ايه أخبار التدريب النهاردة كان حلو
ضمت سجى كفيها ووضعتهما على ساقيها تفركهما بتوتر منذ رؤية رائف بالمقعد المقابل لها :
– الحمد لله كان تمام ، حتى الدكتور اللى بيدربنا هو الدكتور بتاعنا فى الكلية
ضيق رائف عينيه متسائلاً بحذر:
– قصدك دكتور يوسف
أماءت سجى برأسها وقالت بهدوء :
– أيوة هو دكتور يوسف اللى بيعملك الجلسات
هز ماهر رأسه قائلاً بإعجاب :
– هو الصراحة دكتور ممتاز ومحترم جدا وشاطر فى شغله
قالت هدى هى الأخرى ، مؤيدة لحديث زوجها :
– فعلاً شاب محترم جداً وأخلاقه ممتازة
مدح والديه لأخلاق يوسف ، ما زاده سوى شعور بالتشنج بأطرافه ، الذى أصابه منذ أن صرحت سجى عن هوية ذلك الطبيب ، الذى أخذ على عاتقه مهمة تدريبها هى وصديقتها
فصاح قائلاً بإنفعال وغيرة :
– خلاص أنتوا عاملين تمدحوا فيه زى ما يكون جاى يخطبها وبتقنعوها بالجواز منه
تحولت أنظار الجميع إليه ، ينظرون إليه بدهشة من مباغتته لهم بقوله الجاف ، فزادت حرارة إنفعالها من هجومه المفاجئ خاصة إذا كان الأمر يعنيها
فقالت وهى تنظر له بتحدى :
– وأنت بتقول فيها حضرتك هو فعلاً كان عايز يخطبنى بجد ، وكلمنى فى الموضوع ده
تهلل وجه صفية من قول سجى ، فشدت على يديها قائلة بإهتمام :
–بجد الكلام ده يا سچى
نهضت هدى من مكانها وجلست بجانبها على الطرف الآخر وتساءلت :
– أمتى طلب منك الطلب ده ؟
توهجت وجنتيها بلهيب خجلها فردت بصوت منخفض :
– كان طالب منى كده قبل ما ماما الله يرحمها تموت
أنحنى ماهر بجزعه قليلاً للأمام وقال :
– وهو فاتحك فى الموضوع ده تانى يا سجى
عند هذا الحد ولم يعد يحتمل سماع كلمة أخرى من هذا الحديث الدائر بينهم ، فكل كلمة كانت كنصل حاد أنغرس بفؤاده ، فرفع يده لموضع قلبه وتحسسه ، كأنه سيرى تلك الدماء ، التى يعمل على ضخها بأوردته ، تنساب من صدره ، كأن أحدهما أطلق عليه رصاصة غادرة
فهب واقفاً مكانه قائلاً :
– عن أذنكم ، هريح فى اوضتى شوية على اكرم ما ييجى والعشا يجهز
نظر إليه شادى وهو يقول :
– لسه بدرى يا ابيه على ما ابيه اكرم ييجى رايح فين كده
حدج رائف سجى بنظرة نارية وهو يجيبه :
– داخل أوضتى أصل دماغى صدعت ، وهتنفجر من الصداع
لم ينتظر لسماع كلمة أخرى من أحد ، فما أن ولج غرفته وأغلق بابها ، حتى إسند ظهره للباب ، وألقى عصاه على الأرض بعنف ، تصدر صوتاً بإرتطامها بالأرضية الرخامية ، فلم يكتفى بذلك ، بل جالت عينيه بأرجاء الغرفة كافة ، ليبحث عن شئ يستطيع تحطيمه ، لعله ينفس عن غضبه ، الذى بدأ يتأكل قلبه وأغار بصدره نيران ، ظن أنها لن تضرم به ثانية ، بعد تلك التجربة المريرة ، التى مر بها مع خطيبته الأولى ، ولكن ها هو ما كاد يمر على وجود سجى هنا سوى بضعة أسابيع ، حتى ذاق العشق ثانية ، بل أن ألتهبت نيرانه وغيرته ، خاصة بأنه يعلم إلى أى حال صار أمره ، فمن مثلها ربما لن ترتضى بفارس أحلام أعرج
بتزايد أفكاره السوداوية ، شعر بالإختناق فجأة ، فقام بخلع قميصه وألقاه على الأرض مجاوراً لعصاه ، فجلس على أقرب مقعد وجده ليريح قدميه المتعبتين ، ولكن ما كاد يمر خمس دقائق ، حتى وجد باب غرفته يُفتح ويلج منه شقيقه أكرم
أغلق أكرم الباب خلفه ، خاصة بعد رؤيته لرائف خالعاً عنه قميصه ، فأقترب منه قائلاً بإهتمام :
– مالك يا أبنى فيك ايه بس ، قالولى أنك مصدع ، وأنت قالع قميصك ليه كده ، هو اللى بيصدع بيقلع هدومه
زفر رائف وقلب عينيه بملل قائلاً بإمتعاض :
– بقولك إيه يا أكرم انا مش فايقلك ياريت تسكت ماشى
بعبارته الحادة ، إستطاع إسكات شقيقه عن الإسترسال بسؤاله عن سبب حالته ، فرد أكرم قائلاً:
– حاضر هسكت بس كان فى موضوع شاغلنى اوى يا رائف
قال رائف وهو يرمقه بإهتمام لا يخلو من الفضول :
– موضوع ايه ده كمان اللى شاغلك ؟
جلس أكرم على طرف المقعد المجاور له ، فرد قائلاً وهو ينظر للجدار أمامه :
– الموضوع خاص بدكتور يوسف
رد رائف قائلاً بعصبية :
– ماله دكتور بتاع ده كمان ، وموضوع إيه ده اللى يخصه
يُتبع..