-->

رواية روضتني -الجزء الثالث من احببت طريدتي -للكاتبة أسماء المصري -الفصل العاشر ج1

 رواية روضتني الجزء الثالث من احببت طريدتي 
للكاتبة أسماء المصري


رواية روضتني الجزء الثالث من احببت طريدتي

الفصل العاشر

الجزء الاول



أكثر ما يوجع في الفراق أنه لا يختار من الأحبة إلا الاجمل في العين والاغلى في القلب

نجيب محفوظ

❈-❈-❈

عودتهم كانت محملة باﻵلام ورائحة الدخان والحريق الذي التهم جوفهم؛ فدلف رجال الفهد باجهاد واعياء واضح من البوابة الرئيسية، فوقفت كل من ياسمين ودينا أمام البوابة الداخلية لاستقبالهم، نزلوا من سياراتهم يتحركون بهوادة ناحية سيارة فارس وحارسه وسائقه يقفان بجوار بابه فتعجبت زوجته لما يحاوطون سيارته بهذا الشكل؟ فهرعت ناحيته تسألهم بلهفة:

-في ايه؟ فارس ماله؟


استمع لصوتها المرتعد والخائف؛ فتحامل على نفسه ونزل مستندا على باب السيارة، ولكنه فور أن وقف شعر بعدم اتزانه فامسك بقبضة حارسه الذي شعر بتعب رب عمله فأسنده على الفور وهمس له:

-باشا!


نظراته الزائغة جعلته يحدث مازن بلهفة:

-مازن بيه.


هرعت ياسمين ومازن ناحيته وامسكاه فأغلق عينه بتعب وتحرك معهما للداخل ودينا تتسائل بعينها عن حالته فرد مراد موضحاً:

-فريده.


رمقته بحيرة فسحبها لداخل فيلا فارس وهو يقول:

-بعدين، تعالي نطمن على فارس.


دلف الجميع حتى البهو فأجلسه مازن على اﻻريكة وتحدث بحدة:

-هتفضل منشف دماغك لامتى؟ كان المفروض نطلع على المستشفى يا فارس مش على البيت، انت مش شايف حالتك؟!


رد محاولا تمالك نفسه واظهار قوة زائفة:

-أنا كويس ومش ناقصة الحكاية صحافه واخبار وبروبجاندا.


ضيقت ما بين حاجبيها واقتربت منه تسأله باهتمام:

-انت بتفكر ازاي انا نفسي افهم؟ ما تولع كل حاجه المهم راحتك وصحتك.


ضحك ساخرا ونظر لها بأسى وقال بامتعاض:

-ما كل حاجه ولعت فعلا يا ياسمين خلاص.


شعرت انها لم تنتقي كلماتها بعناية فآثرت الصمت، ولكنها شعرت بغصة بداخها ودينا تتسائل:

-هو المصنع راح على كده؟


أجابها زوجها بضيق:

-لسه هندخل صراع كبير اوي مع شركة التأمين اللي طبعا ما صدقت تطلع الموضوع انه بفعل فاعل عشان تتهرب من الدفع.


تجهم وجهها وهي تسأله من جديد:

-يعني ممكن متدفعش فعلا؟


أجاب ساجد بتلك اللحظة:

-مش عايزين نسبق اﻻحداث يا جماعه، الموضوع لسه محتاج وقت وتحقيق وليله كبيره مش هتخلص ولا في شهور والحادثه لسه حاصله من كام ساعه.


أومأ مازن معقبا:

-فعلا، كل اللي هنقوله دلوقتي مجرد هدر وقت ومجهود ع الفاضي، خلينا نرتاح والصباح رباح.. متنسوش ان بكره لسه في عزا واجراءات دفن وليله كبيره اوي مش بس لسامي الله يرحمه، ده عدد الوفيات عدى ال100 عامل لحد دلوقتي.


وضعت ياسمين راحتها على قبلها متألمة وهي تقول باكية:

-لا حول ولا قوة إﻻ بالله العلي العظيم، وانا لله وانا اليه راجعون وربنا يصبر اهاليهم يارب.


نظر مازن وتسائل بحيرة:

-هي چنى فين؟


أجابته محاولة أن تبتسم قليلا:

-نامت هي وشيرين، اﻻتنين الحمل مخليهم يناموا غصب عنهم ربنا يقومهم بالسلامه.


اندهش مراد ونظر لنجله البكري وسأله متعجبا:

-هي چنى حامل؟


ردت دينا بضيق:

-آه يا مراد، عرفت انهاردة بالصدفه وهم مخبيين.


نفى حديثها على الفور مؤكدا:

-أنا لسه عارف امبارح يا جماعه وكنت ناوي افرحكم انهارده في الحفله بس ملحقتش.


ربت مراد على كتفه قائلا بحب:

-مبروك يا حبيبي، الحمد لله على فضله وأخيراً ولادي ربنا كرمهم، أهو خبر حلو يخرجنا شويه من الزعل ده.


التفت مراد يهمس لزوجته:

-فين ساهر؟


اجابته بهدوء:

-لسه داخل يوصل حنان لأوضتها ومرجعش.


أومأ برأسه وتحرك للداخل فوجده جالسا يعبث بهاتفه فوقف فور أن أستمع لنحنحة عمه وسأله باهتمام:

-عملتوا ايه؟


أجابه زافرا زفرة قوية:

-العمل عمل ربنا يا بني، أنا كنت عايزك في حاجه مهمه يا ساهر.


حدجه بنظرات جادة واﻵخر يستمع له:

-بص يا بني، انت دلوقتي بقيت شاب ملو هدومك وكلها كام سنه وتبقى مهندس قد الدنيا، عشان كده عايزك من انهارده تسترجل كده شوية وتقف جنب أخوك لأن مفيش غيرك ينفع يقف جنبه في محنته دي.


رد عليه مؤكدا:

-طبعا يا عمي مش محتاج وصايه، واللي اتحرق ده مال العيله كلها.


نفى برأسه وعقب:

-أنا مش بكلمك على الحريق وفلوس العيله، أنا بكلمك عن دعمك لأخوك اللي عمره ما بخل عليك أنت واخواتك بحاجه وطول عمره بيحبكم بالرغم من المشاكل اللي بينه وبين فريده ومدحت.


فهم مقصده فسأله بحيرة:

_هو حصل حاجه بين فارس وماما؟


أومأ له وهو متجهم الوجه يشعر بغصة بداخله متذكرا آخر كلمات ألقتها على مسامع ابنها وقت ألمه غير مراعية لأي اعتبارات؛ فشعر وقتها بالغل ينفث بداخله كتلك النيران التي أحرقت مصنعه، فصاح هادرا بها:

- ايه يا فريده الكلام ده؟ انتي ايه يا شيخه ام ولا عدوه؟!


رمقها بنظرات متعجبة وهي تتنفس بغل هاتفة بغضب:

-ومين هيشهد له غيرك؟ ما انت ومراتك السبب في قساوة قلبه عليا انا واخواته و....


وقف فارس منتفضا بحدة وصاح بشراسة:

-لو مش خايفه من غضبي كملي كلام يا فريده هانم، ولو عندك شك واحد في الميه إن كلامي تهديد فاضي فبرده كملي كلام.


صر على أسنانه وهو يقترب منها بخطوات بطيئة وهي تبتعد للوراء مرتعدة من نظراته الحارقه وقال بفحيح غاضب:

-سكت كتير اوي ومفيش فايده برده، بس من اللحظه دي تعرفي حدودك وتتعاملي على أساسها.


حاولت التحدث فاقترب مازن بدوره وتكلم بحدة:

-منصحكيش تردي عليه يا فريده هانم.


شعرت أنها لا تستطع مجاراة ما يحدث فضربت الارض بقدمها وتحركت وهي تتحدث بتذمر وتمتمة:

-انسان لا تطاق، واللي يتكلم معاك يستاهل اللي يجراله.


التفتت تنظر له بحنق وهتفت متسائلة:

-نصيبي ونصيب مدحت والولاد ميقلش مليم واحد، انت فاهم ولا لأ؟ مليش دعوه لا بحريق ولا مصنع وإلا هتلاقيني هيجت عليك الصحافه ووريني بقى يا فارس الفهد هتعمل ايه ساعتها.


حاول الرد ولكن كان مراد الاسبق فصرخ بها بصوت أجش:

- اعلى ما في خيلك اركبيه، ده بدل ما تقفي جنب بنتك في محنتها رايحه تتكلمي في فلوس؟ انتي اللي سماكي أم ظلم الامومه معاكي.


اشاحت يدها بشكل مبتذل وتحركت لاعلى فنظر مراد لفارس الواقف شاردا أمامه يبدو عليه التعب فحدثه بحنين:

-فارس، يلا يا بني عشان ترتاح.


عاد من جموده ملتفتا لأخته التي لا زالت تبكي فانحمى ورفعها عن الارض ورفع وجهها بسبابته  وتكلم معها بنبرة مخالفة لطريقته المعهودة معها:

-ميار، اسمعيني كويس عشان تفهمي اللي حصل.


نظرت له بكره شديد ولم تتوقف عن البكاء فقال:

-انا عمري ما كرهتك ولا كرهت اخواتي، واي حد فهمك غير كده كان بيحاول يوقع بينا.


صرخت به ممتعضة:

-قصدك بابي ومامي مش كده؟ 


أومأ مؤكدا حديثها وفسر:

-ايوه بدليل اللي حصل قدامك دلوقتي، وبدليل السنين اللي فاتت واللي عمري ما أخرتلكم طلب....


قاطعته صارخة:

-الكلام ده تقوله لچنى وساهر، انما انا طول عمرك بعيد عني وبتكرهني.


نفى سريعا وتحدث بحدة متأثرا بحديثها الذي آلمه:

-مش صحيح، أنا الغلط الوحيد اللي عملته معاكي هو اني سيبتك على راحتك، سيبتك تبعدي ومحاولتش اقربك مني ... شوفت ردود افعالك اللي كنت عارف ومتأكد انها بسبب ابوكي وأمك ومحاولتش اغير فكرتك عني ولا اصحح لك اي حاجه ..كل غلطي انك كرهتني وأنا محاولتش اغير ده يا ميار لكن انا عمري ما كرهتك يمكن فرقت في المعامله بس ده كان بسبب موقفك مني اللي مكانش له سبب من واحنا صغيرين.


بكت فاقترب منها وسحبها رغما عنها داخل حضنه دافنا رأسها بصدره وهتف مؤكدا:

-الغلطه دي مش هتتكرر تاني ومن انهارده مش هسيبك لحظه واحده لوحدك، أنا من اللحظة دي ابوكي واخوكي وظهرك وسندك في الدنيا دي، فاهمه؟


دفعته بعيدا عنها وهدرت به:

-بعد ايه؟ بعد ما بابي اتسجن ومامي تقريبا اتجننت وجوزي مات! انت مش متخيل حالة مامي عامله ايه من وقت اللي حصل.


اشاح بوجهه عنها وحاول تمالك اعصابه معها وقال بهدوء مصطنع:

-فريده هانم مش مجنونه يا ميار، فريده هانم انانيه بس.. وهو ده اللي مخليكي مفكره إن تصرفاتها مش طبيعيه.


سحبها من ذراعها بقوة واوقفها أمامه وتحدث بجدية:

-اسمعي وافهمي متبقيش غبيه.


رفع حاجبه مقوسا جبينه وقال بصرامة:

-انا اخوكي مش عدوك، ولو بكرهك مكنتش كتبت لك أسهم في الشركه زي ساهر وجچنى ولا...


قاطعته باكية:

-جبت لهم عربيات وشبعتهم مصروف وحنان ودلع وأنا لا.


ابتسم في وجهها بسمة عذبة وقال هامسا:

-يا غيوره، انا دلعتهم عشان هم صغيرين بس لو عايزه تدلعي انتي كمان هيكون على قلبي احلى من العسل.


ظلت على بكاءها فاحتضنها وهمس بحنان:

-حقك عليا يا ميار، اللي حصل لسامي ارادة ربنا ويا ريت كنت اقدر اكون مكانه وهو اللي يرجعلك.


هتفت بشهقاتها المتقطعة:

-بعد الشر عليك.


ابتسم بداخله وقبل أعلى رأسها وهمس لها متسائلاً بحب:

-خايفه عليا؟


استنشقت ماء أنفها وردت بحزن:

-طبعا، علشان زي ما قولت مبقاش ليا غيرك، بابي في السجن وجوزي خلاص سابني وساهر لسه صغير، يبقى فاضلي مين غيرك؟


مسح على ظهرها وهو يجاهد لاخفاء عبراته ومزح قائلا:

-بت مصلحجيه اوي، ملكيش حل.


ابتسم لها وقبلها من وجنتها وسألها بحيرة:

-ايه رأيك تيجي تباتي عندي عشان متبقيش لوحدك والصبح نتحرك كلنا سوا؟


رفضت موضحة:

-لأ، انا هبات في بيتي، ولازم اكلم اهل سامي عشان اقول لهم، ولو سمحت أنا عارفه انك هتعمل اللازم للدفن بس بلاش تهمش اهله وخليهم يشاركوك ولو شكلا بس.


أومأ لها بصمت وقبلها مجددا وتحرك للخارج برفقة باقي العائلة فتحدث مراد منتهدا بضيق:

-الحمد لله عدت على خير وميار كانت عاقله مش زي فريده.


هنا قد انتهت قوة تحملة وتصنعة للصمود فأختل توازنه وكاد أن يسقط على الدرج فلحق به مازن القريب منه واسنده متسائلا بقلق:

-فارس! مالك؟


نظر لمقلتيه الحمراوتين فعلم انه بمرحلة خطرة فصاح بوالده:

-بابا، تعالى شوف فارس.


اسنداه حتى وصل لسيارته وارتمي على مقعدها الخلفى فحل ربطة عنقه واسند رأسه للخلف فهدر به مراد:

-أنت هتفضل منشف دماغك لحد امتى؟ تعالى نروح المستشفى اشوفك فيك ايه؟ اكيد ضغطك عالي


رفض رفضا قاطعا وقال بصرامة:

-ﻷ ودوني بيتي، عايز اروح لمراتي وولادي.


❈-❈-❈

جلست تنظر له بقلق وهي تطعمه بيدها رغما عنه فتكلم وبواقي الطعام بفمه وهي تصر بحشر المزيد له:

-كفايه يا ياسمين هتخنق واشرق.


مسحت على ظهره مبتسمة:

-حبيبي، انت تعبان ولازم تاكل.


التفت لمازن الذي سخر محدثا چنى:

-شايفه مهتمه بيه ازاي؟ مش انتي مبتعرفيش تعملي بيض بالبسطرمه حتى.


حاولت أن تجاريه وتمزح هي اﻷخرى لعل مزاحهما يخفف تلك اﻷجواء المشحونة والمحملة بالحزن، ولكن فارس لم يعطها الفرصه فوقف فورا ونظر لهما وتكلم باجهاد:

-أنا طالع آخد شاور وارتاح عشان مش متحمل ريحة الدخان دي، البيت بيتكم.


تحرك صوب الدرج فتحدث ساجد فورا بعفوية:

-طيب يلا بينا قبل ما نتطرد كلنا.


ودعتهم ياسمين وصعدت تلحق بزوجها فوجدته لازال يتحرك بتعب صوب الجناح فتبعته واسندته متسائلة:

-أنت كل ده بتطلع؟ للدرجة دي تعبان؟


نفى ووضح لها:

-عديت على الولاد بس مردتش ادخل بريحة الدخان دي.


ربتت على كتفه وسحبته لتجلسه على الفراش وساعدته بالتجرد من ملابسه وهي تبتسم له وقالت بحب:

-ارتاح وأنا هعملك كل حاجه، هجهزلك الجاكوزي عشان يريحلك جسمك شوية.


أومأ مغلقا عينه وتنهد بتعب ففعلت ما قالته وعادت تساعده بالنهوض وأجلسته بحوض اﻻستحمام وجلست على حافته من خلف زوجها بحيث انتصف ظهره بيد قدميها وهي ترتفع فوق حافة المغطس، بدأت بتدليك جسده بالماء الدافئ والصابون ودلكت كتفيه برقة وظلت تمسح جسده بأناملها الناعمة وهو مسندا رأسه للخلف على فخذيها فهمهمت بتردد:

-عرفت مين اللي عمل كده؟


نفى بشبه حركة من رأسه دون تعقيب فعادت تتكلم:

-طيب والتهديدات اللي قولتلي عليها، مش ممكن يكونون هم؟


رد بايجاز:

-ده يقين مش تخمين.


نزلت بلوفة اﻻستحمام على طول ذراعه وسألته:

-طيب مش ناوي تقولي ايه الموضوع؟


رد عليها بعد تنهيدة مطولة:

-أنتي شايفة الوقت أو حالتي تسمح؟ 


تراجعت عن حديثها وأسألتها حتى لا يتشاجرا وهو بتلك الحالة فصمتت ولكنه شعر بها بالطبع؛ فسحبها من يدها لتلف ببراه وتصبح داخل المياة بكامل ملابسها جالسة على فخذه فوضع راحته المبلله بالماء على وجنتها وابعد خصلاتها الطويلة خلف اذنها وقبلها من وجنتها قبلة رقيقة وقال بجدية مغايرة لشكلهما:

-طلبت منك تخلي اهلك يروحوا عشان فعلا معنديش طاقه للكلام، اول ما اخلص اليوم بتاع بكره اللي ملوش آخر هنقعد ونتكلم عن كل حاجه.


أومأت له بصمت فقبلها قبلة عميقة على شفتيها فبادلته فورا ولكنه توقف ولم يكمل ما بدأه فشعرت بألمه وحزنه فتألمت لما يشعر به وقالت بحب:

-خد بالك على نفسك عشان خاطري، متخليش اي حاجه تأثر عليك لان انا وولادك محتاجينك.


رمقته بنظرات قلقة والعبرات تحجب عينها عن الرؤية وقالت باكية:

-لو جرالك حاجه الفلوس مش هتنفعنا، عشان خاطري متزعلش نفسك وكل اللي راح يتعوض اﻻ انت يا فارس متتعوضش.


كوب وجهها براحتيه وتكلم بنبرة حزينة:

-كل شقا وتعب بابا راح يا ياسمين في غمضة عين، ده غير التبعات بتاعة اللي حصل، ممكن عيلة الفهد تشهر افلاسها بعد اللي حصل.


ردت عليه موضحة:

-عادي، انتو مش أول ولا آخر عيله يحصل معاها كده وبعدين العائلات اللي الناس بتتكلم عليها وحش هما اللي بيتحايلوا على القانون ويعلنوا افلاسهم عشان ميسدوش القروض اللي واخدينها، لكن الحمد لله انت مش واخد قروض ولا عليك مليم لحد.


ابتسم لها وسألها بمشاكسة:

-هتقبلي تعيشي معايا وانا فقير ومفلس؟


ردت على الفور:

-ولو مُعدم ومش لاقي قوت يومك، بس المهم نفضل مع بعض.


اسندت رأسها على صدره فشعرت بضربات قلبه العالية فسألته بتردد:

-ايه اللي حصل عند ميار واتقبلت الخبر ازاي؟


رد موضحا:

-طبيعي تعبت وعيطت وبعدها اتقبلت الموضوع.


عادت تسأله:

-وفريده هانم؟


زفر بغل وقال:

-دي في حته تانيه بعيد عن العالم، لا حاسه بنفسها ولا ولادها ومفيش في حياتها غير مدحت... مدحت وبس.


تضايقت وانزعجت وسألته:

-عملت حاجه هناك تضايقك؟


ضحك باستهزاء ورد:

-وهي من امتي مبتدروش على اللي يضايقني عشان تعمله، تخييلي واحنا بالحاله دي بتقولي اسهمي و اسهم مدحت مينقصوش مليم... بالزمه ده وقته طيب واسي بنتك اللي لسه مترمله؟


تذمرت بضيق:

-تصرفاتها غريبه جدا بصراحه ومش مفهومه.


عقب عليها وهو يبعدها ويساعدها بالنهوض من فوقه والخروج من حوض اﻻستحمام:

-بتكرهني بشكل مبالغ فيه وده مخليني مستغربها، كل اللي يكلمني يقولي مفيش ام بتكره ابنها بس كل تصرفاتها بتقول كده.


ردت عليه معقبة بدورها:

-هي مش بتكرهك انت يا فارس، هي كارهه حقيقة انك ابنها بس من ماهر الفهد وعلى حسب ما حكيت لي انك كنت السبب ان باباك الله يرحمه رفض يطلقها بعد ما جدك مات.


تنهد بحيرة وسألها:

-وهل ممكن ام تكره ابنها لمجرد انها خلفته من راجل تاني؟


أومأت له وهي تجلب له ملابسه من غرفة الملابس وتساعده على ارتداءها:

-ممكن تكرهه بس يكون عملها حاجه وحشه اوي، انما انت مامتك بتكره فيك باباك الله يرحمه يا فارس.


حاولت تغيير مجرى الحديث فسألته بتوتر:

-المهم دلوقتي لازم تجهز خطة العمل عشان تنفذ ما يمكن انقاذه والفهد متتاخدتش في الرجلين.


ضغط باصبيعيه تجويف عينه وأوما لها بصمت فأحضرت دواءه وناولته قرصا مع بعض الماء وأكدت عليه:

-متمشيش من غيره يا فارس قولنا ميت مره دوا الضغط مش عند اللزوم، دوا الضغط لازم يتاخد بانتظام.


ابتسم وهو يداعب شعرها:

-امرك يا سلطانه.


❈-❈-❈

لقراءة رواية نابغة بعصر الأغبياء

للكاتبة أسماء المصري

إضغط هنا ⏪