-->

رواية للذئاب وجوه أخرى - للكاتبة نورا محمد علي - الفصل الخامس

 رواية للذئاب وجوه أخرى للكاتبة نورا محمد علي



الفصل الخامس


بينما كان (احمد وسهام) في الدنيا اخري، لا يوجد معهم احد، لا يشاركهم ما يشعرون به مخلوق، وكأن كل ما حولهم لا يساوي شيئا وهم في هذه الحالة التي تجعلهم من التيه والتشتت وهو يتعمق في قبلته وكأنه فقد السيطرة علي ما يشعر به لقد بدأ الأمر معه كعقاب علي انها سبب اساس لخوفه ورعبه علي رحيم وايضا لانه كان متوتر ولازل مرة يشعر انه مهدد الا أنه ما أن أنت بأسمه كأنها تطالبه بالمزيد لم يتوقف ويده تتحرك علي جسدها مضرم فيه نار لن تنطفئ الا به هو وهو فقط 
وها هو يضبطها مرة اخري غلب الباب حتي لا يارك لها مجال لترجع وهو يأكل كل ما تقع عليه عينه بجنون وشغف وكانهما جسدا واحد روح واحدة قلبان يرفرف بعشق يكملنا بعضهما البعض ...
 نظرات عينه لها كأنه لم ؤكفي نظرتها له تعني الكثير والكثير 
لكن تلك الطرقه الخفيفة علي الباب والتي اتت في غير موعدها، كانت كافيه تجعلها تبتعد عن محيط ذراعيه وهي تشعر بالخجل عاده لا يظهر امامه، ولكنها اخذت ترتب نفسها و هو يساعدها ويتاكد من ان خصلاتها تتوارى حلف حجابها حيث مكانها الطبيعيه، وابتسامته وهو يرجع الى مكانه يغلق ازرار قميصه التي عبثت بها وهي خارج نطاق الوعي يمسح شفتيه يتاكد انه لا يوجد آثار من طلاء شفتيها علي وجهه ويرتب شعره وهو يجلس بهدوء كانه لم يفعل شيء، وما ان تاكد من انها اقتربت لتجلس هي الآخر بهدوء مغاير لتلك الثورة العارمة في عروقها وقلبها حتى قال
احمد : ادخل..
لم يتأخر (امير) في الدخول بثبات وهو ينقل أنظاره بينه وبينها وهو يقول..
امير: بيقولوا انك كنت متضايق ومتعصب، بس حتى لو متضايق انت هتطلع عصبيتك عليها ولا ايه؟!!
 احمد: انا عايزه اعرف بس مين اللي عينك المحامي بتاعها؟!!
 امير: مش محتاج لحد؛ يعيني انت عارف سهام تبقى ليه ايه ؟!!
 احمد: والله انا عايزه اعرف، هي تبقى لك ايه بالضبط؟!! انت هتكون اقرب ليها مني؟! ولا هتخاف علها عني ؟! لا والانيل انك خايف عليها مني انا !! 
ظهر القلق علي وجه (امير) الذي يري الهدوء الخادع علي وجه (احمد) الذي قال ..
احمد ما تبعد من وشي الوقتي احسن ليك، وانت كمان روحي على مكتب

 نظرة اسفلة كانها تواري ابتسامتها حتى لا يثور وينفعل، ولكنه لمحها وهو يقول:
احمد: ايه اللي في الكلامي يضحكك كده يا هانم 
سهام بهمس : انا ابدا وانا هضحك ليه ؟! انا قايمة 
وتحركت مسرعا ولكنه اوقفها قبل ان تصل الى الباب، وهو يقول : 
احمد: على فكرة رحيم كلمني وطمني عليه
  التفت له بالقوه ولهفه، والف سؤالا يظهر على وجهه وهي تقول:
 -امتي؟! طيب لما اكلمك ما قولتش ليه ؟!
امير : امال انت كنت بتقول لها ايه؟!!
 نظره له بغضب وحدة مما جعل امير يرفع يديه ويقول
امير: انا رايح مكتبي..
 احمد: يكون احسن برده.
اتحرك (امير) الى مكتبه ليس خوفا كما يبدو على وجهه، ولكنه يعرف (احمد) جيدا يعرف انه حتى وهو يثق فيه، الا انه لا يفضل ان يتجاوز الحدود، او يعطي لنفسه وضع اقرب منه، فليس هناك في هذه الدنيا اقرب منه لسهام، هو ادري الناس بحالها، وهو يعرف كيف يحتوي غضبها، وثورتها وقلقها ، هو من كان في قمه غضبه وثورته، ولكنه لم يجروا على ان يرفع صوت عليها، وأقصى ما فعله ان ضمهاوقبلها بقوة بعض الشيء، وكأن قبلته لها عقاب وفي لحظات، تحول العقاب الى شغف ولهفه وحب، وكان هو الجسد وهي الروح...
ما ان خارج (امير) نظرت له مطولا وكانها تسال، لما لم يخبرها حقا اول ما عرف اخبار عن ابنهم لما تركها على توترها وخوفها الذي لم تظهره له او لغيره، ولكنها كانت تشعر بالخوف وهو يعلم ذلك جيدا، ان ذلك الغائب هو ابنها هو ثمره حبهما وان كان هو وبكل ما يملك من قوة ومكانة شعر بالخوف فما بالك بها!! فاجابة علي السؤال الذي سألته 
 احمد :عقاب..
 سهام: مش فاهمه؛ هو ايه العقاب؟!! 
احمد: اني ما قولتش لك اول ما دخلتي؛ عارفه ليه؟!! لانك عايشتيني على اعصابي!! عارفه ليه؟!! لاني كنت بموت وانا خايف يكون شخصيته اكتشفت! انه يكون حد عرف هو مين انت بسهوله كده؟! بتتصرفي بتسيبي قلبك يقود تصرفاتك، بس في شغلنا القلب ما لوش مكان وانت عارفه كده كويس، مش معقول تكوني بتغمري بيه ده رحيم، ولو فاكره عشان اوقات بشاكسك وقول مش بحبك تقربي من اي حد حتى ابني ان انا ما باخافش عليه، تبقي غلطانة انا في اللحظات اللي مش عارف فيها، مين الي عارف البار كود بتاعه؟! كنت بموت حرفيا؛ ومش هاسمح لك اني تعيشيني الاحساس ده ثاني؛ (رحيم ) راجل وقد المسؤوليه وانا واثق كويس في تربيتي وتدريبي، واثق كويس لان هو اللي هيكمل من بعدي، وعارف كويس هو هيوصل لايه، بس ما اعتقدش انك عارفة، ولا حتي واثقه فيه!!
 سهام: انت بتقول ايه يا (احمد) ازاي مش واثقه فيه انا عارفه كويس تدريبه وعارفه كويس انت بتحلم ليه بايه!!
 احمد: مش باين!!
سهام : هو ايه اللي مش باين؟!!
احمد لما تدوري وراه كانه طفل صغير، خايفه عليه ليتوه في حين انه متدرب على اعلى مستوى، يبقى انت مش واثقه فيه ولا في ولا في تدريبي 
سهام: انا عارفة اني 
احمد : لا مش عارفة انا مش زعلان منك احنا لينا بيت هنتحاسب فيه...
نظرة الصدمة في عينها كانت واضحة؛ فرجع في مقعدة وكأنه انسان اخر، غير ذلك الذي كان يأكلها حية وكانها ذاده وذواده!!!
بينما هناك كانت ليزا تشعر بالخواء، تحركت إلي فراشها علها تغفوا، ولكنها كانت مخطئة؛ فالفراش تفوح منه رائحته العطرة، ممزوجة بعطر رجولته، التي حركت في أحشائها الف اه ، والف نار وهي تتذكر مذاق شفتيه، ويده التي كانت تأثرها بقوة منافية لذلك الوهن الذي يشعر به، وعينه التي تقول الكثير ، ولكن عينه لم تقول لها اهم شئ، انه سيكون لعنتها كما ستكون لعنته!! 
❈-❈-❈
اما هو كان ينام في ذلك الفراش، او بمعني اصح بغلق عينه، وعقله بعيد عن المكان الذي هم فيه، هو هناك في تلك الشقة الصغيرة التي لا تليق به، ولكن من بها تشاغله دون محاوله،  
وذلك الوجع الذي ينخر روحه، وهو يفكر في عملها في ذلك المكان وانها قد تكون متاحة للجميع، الا انه يدرك انها غير ذلك، ولكن السؤال الأهم هل يدرك ام يتمني ذلك؟!! 
اما (باسل) كان يتكلم مع أحدهم في المطبخ ...
باسل: هو قالك كان فين؟!! 
عدي: لا؛ قالك انت؟! 
هز (باسل) راسه نافيا.. 
عدي: شكل الموضوع في بنت! 
باسل: نظر له بستفسار؛ وكأنه يسأل مما عرف؟!!  
عدي: مستحيل تكون عدت عليك ريحته مثلا !!
باسل: مالها؛ ما تغيرتش ومش شكل واحد؛ كان مع واحدة؟!
عدي: وانا قولت كده!! 
باسل: امال تقصد ايه؟! 
عدي: القميص المغسول والمكوي ؛ وانا بأديه حقنه ريحة برفان حريمي؛ وكمان في شعره طويلة علي الجاكت الأسود، اللي هو لبسه كأنه كان بيحضنها، ومن نفس درجة اللون لشعر البنت، اللي كانت بتبص ليهةفي النيت كيلب، من اول ما اشتغل... 
نظر له (باسل) بعد أن ترك ما يفعله.. 
عدي: ده ابن الوحش ؛ هيغلب يعلق بنت بيه؛ لدرجة انها تهربه لو تقدر.. 

هنا ضحك (باسل) بصوته كله وهو يقول ..
باسل: أن جيت للحق الواد جامد، والبنت تستاهل؛ أمال لو كان مش بينزف كان عمل ايه؟!! 
كان (رحيم) يقف بالباب دون أن يشعروا به، وأتهم الرد منه وهو يقول 
رحيم: يا ريت تركز في شغلك، احسن ما انت مركز معايا!! 
ارتبك (باسل) اما (عدي) قال.. 
عدي: انت قومت ليه ؟!!
رحيم :يمكن عشان صوتك؛ بجيب اللي في الشارع ، اه البيت أمن بس اعتقد انها مش قصة ولا حكاية؟!! وبعدين انا ابن الوحش زي ما انت قولت؛ ممكن احسسها انها مهمة، بس مش اكتر ويا ريت ما تركزش معايا يا (عدي) مرة تانية..
عدي : اكيد انا انا ..
رحيم: أن جعان، فلو مش هتخلص وسع وانا اعمل اكل!!
باسل: لا خلاص كله تمام، وبدا في وضع الطعام في الاطباق، اما (عدي) كان يساعده وتحركوا ثلاثتهم إلي تلك الطاولة، في زاوية المطبخ 
باسل: انت اتصبت ازاي؟! 
رحيم : رصاصة..
باسل: ما انا عارف؛ انها رصاصة ومش في مكان خطر، يعني كان ممكن تلجأ لينا !!
رحيم : ما حبتش اعرضكم للخطر، او اغامر بأن المكان ينكشف، عشان كده ما رجعتش غير الوقتي.. 
عدي: طيب انت واثق فيها؟! 
نظر له (رحيم) وهو يرتشف الشوربة بهدوء، وكأن السؤال لا يستحق أن بجيب عليه ..
اما هناك في الجامعة القاهرة كانت(سهر) تعطي احد المحاضرات التي تحضرها ابنتها (دليدا) وها هي تدون كل ما تقوله امها، بسرعة حتي انها سمعت همس من أحد زميلاتها تقول..
خلود: امال لو مش امك ، دكتورة للمادة كنت عملتي ايه ؟!!
لم ترد عليها وهي تكمل ما تفعله، حتي لاحظت (سهر ) أن هناك شئ  
سهر : دكتورة خلود كنت بقول ايه؟!
خلود :نظرت الي (دليدا) وهي تلقي عليها اللوم، في شرودها ولكنها لم تتكلم معها، بل نظرة الي دكتور (سهر) والمعروف عنها الحزم 

خلود : اسفة يا دكتور كنت بكلم دكتورة (دليدا )
سهر: لاحظت دكتورة (دليدا) كنت بقول ايه ؟!!
وقفت (دليدا) وأخذت تتكلم وتعيد ما قالته امها؛ دون ارتباك ولا تردد.. 
سهر : كويس ثم وجهت كلامها الي (خلود )وقالت: الكلام مش في محاضرتي، مرة تاني هتاخذ عاقب مش هيعحبك.. 
خلود: يعني اقعد ؟!
سهر: اه بس بعد ما تقولي كنت بتقولي ليها ايه؟!
خلود :بصراحة كنا بقول ليها امال لو حضرتك مش ولدتها ؟!!
ابتسمت (سهر) وقالت انا والدتها في البيت، ولو سألت ومش جاوبت كنت هعملها زي اي حد فيكم، وبعدين احنا خلاص اخر سنة يعني الكل يركز، وأكملت محاضرته في سلاسة...
 
اما هناك في شركة (عادل عبد الله) كان يعمل بتركيز عندما دخلت عليه السكرتيرة ؛ تخبره أن هناك من تريد أن تقابله.. 
ورغم انه يراجع تلك المعادلة بتركيز، الا انه نظر إلي السكرتيرة وسأل 
عادل: قي ميعاد سابق يا (خديجة)؟!  
خديجة: لا يا دكتور؛ حتي لم رفضت هي أصرت؛ وقالت الموضوع شخص..
عادل: شخصي مش فاهم يعني ايه؟!  
خديجة: ما عرفش بس هي مصممة تقابل حضرتك؛ وكمان هي مش مصرية!! 
نظرة الصدمة التي ظهرت علي وجهه وهو يفكر، من هي؟! هل هي احد.من الماضي؟! وحتي لو لما انتظر الماضي ربع قرن ليعود؟!! وذلك الخوف الذي شعر به جعله يترك ما يعمل عليه؛ وينظر الي (خديجة) وهو يفكر ولكنه لم يجد الوقت، ليرد عليها، وهو يري تلك التي تقتحم المكان وهو ينظر لها بتفكير وعقله يسأل هل رأها من قبل؟!!
ام لا؟!! 
يتبع ...