-->

رواية للذئاب وجوه أخرى - بقلم الكاتبة نورا محمد علي - الفصل السادس عشر

 

رواية للذئاب وجوه أخرى 

بقلم الكاتبة نورا محمد علي



الفصل السادس عشر 

رواية

لذئاب وجوه اخري 



لم يكد عادل ينهي الاتصال او حتي يمر وقت، إلا وكان يحضررد قوي و صارم يليق بذلك الكلام السفيه والتافه، الذي قيل عنه حتى انه فكر في ان يتناقش مع اخته وامها، ويعرفهم كيف سوف تدور الأمور..


 ولم تمر دقائق حتى كان يجري إتصالات بمسؤولين الاعلام لديه، ليحضر له مؤتمر صحفي ليرد، برسالة واضحة للفعل انه لن ينزوي. 


رغم أنه بالفعل لم يكن يفكر في ان يقبل ذلك المنصب الذي لم ياتي عليه بخير ولن يكون عادل في حق نفسه، فمن أين له بالوقت؟ حتي يشغل منصب هام مثل هذا المنصب المعروض عليه بالإضافة، إلى شركته وعمله، ومعمله وهذا الأهم .


 هو لم يصبح ما هو عليه الا بتركيبه انواع مختلفة من الأدوية، التي تعد نادرة لذا كانت ابتسامة على وجهه وهو ينهي الاتصال، بعد ان أكد الطرف الآخر أنه سيكون معه في اقل من ساعة، فالمكان قريبا منه..


 كان يتكلم مع امه وهي تهز راسها بأبتسامة وموافقة وكذلك أوديل وجوناثان رحبوا بالفكرة، بعد ان اخبرهم ما قرأه وما كتب عنه، بعد وقت كان يقف على تلك المنصة ومجموعه من الصحفيين الذي لا يعرف من اين اتوا وبهذه السرعة؟!

 فلم يمر وقت فقط ساعه ونصف على الاكثر! وها هو المؤتمر الصحفي الذي يذاع على أكثر من قناة TV وعلى اليوتيوب!!

وها هو يلقى السلام ويبتسم يتكلم بلغة عربية فصحة حتي يسهل الترجمة لمن حوله، بالإضافة إلي أن هناك ترجمة فوية علي تلك الشاشة خلفهم، ولكن ما أن يستعصي علؤ احدمن الموجودين الفهم كان يعاود للسؤال بلغة الصحفي او المراسل التلفزيوني...

  وها هو من مكانه يتكلم بوجه عام، يعرفهم اين هو الآن؟

 يخبرهم انه سمع الشائعات وقراها كغيره من الناس، ولكنه يرى ان حياته الشخصية لا تمت لهم بصلة ان كان يفعل ما يفعله، أو ثابت على مبدأه، لا اعتقد أن هناك من يجب عليه محاسبتي..

عادل: اين كان فعلي لا يضر احد منكم، وحتي لو كان هناك ضرر معنوي، من منكم يدعي أنه آله؟! من منكم يظن نفسه فوق البشر!! انا لا أجاهر بالمعصية ولا أتباها بالخطيئة!! ولكني نفس الشخص الذي كتبتم عنه في الماضي، ولن استطيع ان انكر او أغير الماضي الذي كان، فهو من كان أساس للحاضر الذي اعيش الآن، وهذا الحاضر هو أساس المستقبل، رغم انني أأكد للمرة الثانية، أني لا استطيع إنكار أي شيء من الماضي، سواء كان علاقات او هفوات فما انا إلا رجل، كنت شاب أرعن لم أعرف من الدنيا الكثير ومع ذلك أقر وأعترف انني لم ادعي الفضيلة او اتباهي بها، وكان لدي أخطاء في الماضي، فالله غفور رحيم وباب التوبة مفتوح ليا ولكم، وايضا السيد المسيح عليه السلام يقول: (من كان منكم بلا خطيئة فليرميها بحجر) ساد الصمت في المكان واخته تتابع في صمت ثم ابتسمت. أم هو أكمل كلامه...

عادل: أريد أن أعرف من منكم معصوم من الخطا، من منكم لم يرتكب ذنب في حياته السابقة، من يدعي أنه ملاك معصوم؟! لقد كنت شابا وقتها ومرت سنوات وسنوات وتغير الوضع! لما قامت الدنيا ولم تقعد لمجرد اني سافرت مع أمرأة!! إلا استطيع ان أسافر مع احد دون ان يكون هناك شيء؟!

 لما وضعتها في خانة العشيقة والخليلة؟! ربما هي أقرب من ذلك..


 سال احدهم: هل زوجتك؟!


 ابتسم عادل بسخرية وهو يقول..


عادل: إلا يوجد أقرب من الزوجة، ربما تكون أختي... 

ضحكه الجميع وعلى الصوت في المكان إلا انهم رنوا له بالصمت وهو يقول...

عادل: هل قلت مزحة؟ هل تعدون ما أتكلم عنه نكتة؟ انها اختي بالفعل..


 نظر له احد الحضور بتشكيك وهو يقول..

ديفيد: كيف تكون اختك وهي تحمل جنسية آخرى؟ وديانة آخرى ولا يوجد تشابه في اسماكم؟!


وهنا ظهرت أبتسامة الذئب على وجه عادل كأنه عاد إلى الأيام الخوالي، وهو يقول...

عادل: أنت محق سوف اتكلم بوضوح وارجو ان تفهم جيدا، إن ما أفعله الآن ليس من أجل المنصب المرشح له، لانني لا أملك الوقت له من الأساس، رغم أنه شرف وتقدير وأي احد في مكاني قد يتمنى ذلك، إلا أنني لا أستطيع إن أظلم نفسي وحياتي، فمن أين لي بالوقت لأتحمل ذلك المنصب، بكل أعبائه هذا أولا، كنت أنوي الإعتذار عنه، ولكن الآن اريد أن أبرر ليس لانني ابحث عن مكانة، فبفضل الله ليه مكانة عالمية، ومعروف جيد من هو عادل عبد الله.


 رد أحد الحضور يدعي جاسر 


جاسر: طبعا سيادتك معروف عالميا يكفي اختراعتك وبراءه الاختراع التي حصلت عليها على مدار السنوات الماضية..

 عادل: حتى هذه لم تكن تشفع لي حينما قررتم ان تشهروا وتجرحوا ولم تفكروا في حياتي كأنسان وحياة ابنائي، لم تتحروا الدقه ولم تفكروا في ماذا تفعلون؟ وها انا أوضح حينما قلت انها اختي لم اكذب، انها اختي بالفعل، انها وديل جوناثان ماركوسيوس، لا تنتمي لبلدي ولا تنتمي لديني ولكنها تنتمي لي، انها اختي انا وهي من نفس الام جوليا بير فلو بيتر، هل هناك جرم ان اسافر مع اختي؟ التي لم اتعرف عليها واعرف مكانها الا الآن؟! هل هناك اي مشكلة ان يكون لي اهلا اراهم بعد زمن؟ بعد ان عشت وحيدا فترة طويلة من عمري، هل هناك جرم علي ان تعرفت على امي بعد 50 عاما؟!


 الذهول الذي عم على الجميع لم يجعله يتوقف عن إكمال كلامه كان يتكلم دون توقف! ويلوم على من تكلم دون ان يتحر دقة، أخبرهم أنهم اذا انتظروا ما كان سينتظر هو كان سيجري هذا الحوار الصحفي معهم ومع غيرهم بالإضافة الى أنه لا يوجد لديه ما يخفيه او يخاف منه، ولكنه لن يتهاون ولن اقبل تلك الإهانة وسوف يقوم بمقاضات تلك المواقع والجرائد، سيقوم باغلاقها قالها صريحة بتهديد واضح وهو يقول..


عادل: لن اغفر لمن فعلها؛ ومن كان سبب هذا الكلام؛ وكان ورائه فلست انا من يضع راسه في التراب كانه نعامة، لم اسلم من الشائعات يوما ربما كانت في بعض الاحيان تحمل بعض الحقيقة وليس كلها، الا اني لن اغفر لمن روجها الأن...


❈-❈-❈


كان العمل علي آخره لقد حان الوقت ربما لن يمر أسبوع علي فريق العمل في قبرص، الا انهم كانوا ينسجون شبكة متقنة بخيوط قوية، كل يعرف ما عليه فعله، رحيم بقدر الإمكان ينفذ التعليمات والمهام المشكلة إليه يحاول ان ينتهي من هذه المهمة، لعله يحظي ببعض الوقت يستطيع فيه ان يفر من نفسه، ومن مكانته ومن الدنيا نفسها، وأن يبحث عن قلب أضاعه هناك في شوارع إسطنبول، في تلك الحانة، التي لم يكن ليدخلها يوما او يفكر في المرور من امامها، ولكن هو الأن لا يقوى على منع قلبه من التفكير في المكان...


 ليس فقط المكان بل السكان أيضآ ومن يلومه، إن كان قلبه يخفق من يلومه؟ يكفي لومه لنفسه وذاته! يكفي انه يجلد روحه في ليلة واحدة ألف مرة، وهو يفكر جديا وجذريا في ان يحمل قلبه من بين ضلوعه ويلقيه في جهنم، عله يهدأ ولكنه الأن يدرك انه في جهنم نفسها، الحب نار وألم ...

أنه ذلك الإحساس الذي قد يجتاحك ولا تستطيع ان تخرج منه، يمتلكك دون ان تقوى على الفرار مما تشعر به، او حتى تسخر مما وصلت إليه، الا أنه في العمل كان شيء آخر ، كان شخص من صخر لا يوجد بداخله قلب، كان دينمو يعمل بمهارة وجد وقوة دينميكية بطريقة واضحة... 

كان كأنه فهد فاذ وزكي ولكنه متباعد عن الجميع ...

 حتى ان ماريا التي تكن إعجاب مستتر بجورج زميلها في قسم التشفير، ولكنها كانت تواري مثلما يفعل هو ، يدي ان ما يشعر به لا يذيد عن زمالة...

اقتربت من جورج الجالس إمام الحاسوب يعمل بتأني وتركيز همست إليه بأستفسار او حتي لتفتح باب للكلام معه.. 

ماريا: شكله مغرور أوي يا جو بس نقول أيه؟ في شغله ما فيش غلطة.


 نظره لها جورج بطرف عينه، وعينه تسال لما انت مهتمة؟

و لأنه لم يقوى على الكلام اخذ يرقص على الازرار والارقام، يغوص بتلك الشفرة يحاول فك لغرتماتها القوية، وكأنه يخوض بحر تعلم السباحة فيه منذ كان طفلا، ربما التشفير اهتمامه الأول، ولكن ماريا اهتمامه الأبدي، ولكن لما لا تدرك ما يشعر به؟

 لما تنظر الى ذلك الملقب بالماجيك والذي لن يعيرها اهتمام، لما لا تدرك انها مختلفة عنه، ربما تنتمي لنفس البلد ولكنها لا تنتمي لنفس الدين...


 أقتربت منه بعد أن ادركت تلك النظرة فهي لا تخفى عنها خافية، هي المعجونة في عملها منذ كانت طفلة، هي أبنة ضابط الراحل، ولقد دخلت المجال من أجله، ولم تتوانى عن اخذ ثأره ممن غدر به ...

ولكنها التفتت لتتكأ علي تلك الطاولة التي بعمل عليها جورج حتي يتسنى لها ان تنظر في عمق عينه، وهمست بكلمه اليونانية يفهمها جورج وتفهمها وهي جيدا، فلقد عاش هنا منذ زمن ما ان أنسابت تلك الكلمات من بين شفتيها ، حتى ترك ما في يده وكانه تصنم او تحجر وهو يرفع عينه لينظر لها بأستفسار، هل سمع حقا ما ان قالته، أم هو مجرد خيال، او تمني منه لا انها نظرت في عمق عينه وهي تقول...


ماريا: (إغبي مو سغبوا جو) والمعني يا حبيبي أني أحبك


نهض من مكانه وهو يحرك أذنه وكأنه يريد أن يتأكد إلا أنه هزت رأسها بأبتسامة وهي تقول ...

ماريا: سمعت صح يا جو انا بحبك


ارتبك جورج كعادته، فليس من السهل علبه ان يبوح بما في قلبه، ولكنه لم يتوقع ان تمتلك هي جرأة لا يملكها، لتعترف بحبها له، لملم نفسه وحاول أن يتمالك وهو يقول...  

جورج: وانا.. انا

  وكاد أن يضمها الي حضنه لولا أن رفعت حاجبها وكأنها لم توقع منه ذلك ...

جورج بعد المهمة دي نعمل جبنيوت 

ابتسمت وهي تقول .. 

ماريا بسرعة كده 

جورج فين السرعة انا استنيت سنين 

ماريا وأيه خلاك تستني يا جو 

جورج عشان غبي وكنت خايف 

ماريا غبي مستحيل اللي زيك عبقري بس هو فيه عبقري يخاف يا جو 

جورج اه فيه انا، لما يبقي قلبي وروحي متعلقين بعينك وضحكتها يبقي لازم اخاف، لما تبقي حلم وشمعة بصورها في قلبي وانا بصلي عشان تبقي من نصيبي...

ابتسمت له بسعادة وفرح وقلبها يتضخم من كلماته ونظرات العشق في عينه 

جورج انا بحبك أكثر من الحب نفسه يا ماري ومش من النهاردة ده من ستين وانا شايفك جيشي وقلبي وانا شايف قلبك اللي زي البيبي بيتحوى لقلب أسد بس عشان تنتمي لسيادته 


اخذ يتكلم ويتكلم دون توقف وكأنها حضرت المارد الذي ظل صامت عمر كامل وبكلمة واحدة من بين شفتيها اخذ يتكلم بكل ما يشعر به...


بينما ياسين استطاع ان يقرا حركة شفتيهم فضهر علي محياه أبتسامة وهو يتحرك بعيدا عنهم يترك لهم مساحة، رغم انه كان يريد ان يطمئن من جورج على ان العمل يسيره، كما ينبغي رغم ان كل شيء بالفعل يسير كما ينبعي...

اما جورج لم يعد يقوي علي تمالك نفسه وهو يجذبها الي حضنه يضمها بشوق ايام طويل حلم بأن تكون في مكانها الطبيعي قلبه .. 

لم تبعده ماريه بل رفعت ذراعيها لتقربه منها وهي تشعر بأنها أنثي وليست كما تدعي دائما ظابط اقوي من الرجال.. 

كاد رحيم أن بخرج من غرفته حيث يقبع دائما، ولكنه ما أن رأهم علي هذه الحالة، تراجع وهو يبتسم فلقد لاحظ أن جورج يكن لها مشاعر قوية، ولكنه كان يدرك انها لا تعرف أو لا تهتم، أو هكذا تدعي والا ما كانت لتذوب في حضنه وكأن الدنيا لا يوجد فيها أهم منه .. 

 مر اليوم وغيره وأقترب تحديد اللحظة الحاسمة، التي قد تكون في اي وقت..


 بينما هناك كانت سهام ترى عبر الشاشة وتتابع في أغلب كل شئ فهي تعمل على الجهة المقابل لهم وخاصة جورج، وأن تقوف أمام نقطة أو أستعصي عليه شئ تقوم هي بفعله...

 بينما كان الوحش مشغول بأشياء كثيرة ويشرف على اكثر من مهمة في نفس الوقت، فهناك مهمات اخرى في جميع انحاء العالم، وكل مجموعة في طرف، يتابع الجميع دون تعب او ملل وابتسامة رضي تظهر علي وجهه ان اجاد احدهم...

 ويشعر كأنه هو إن حدث خطأ ما، يلوم على نفسه ويتهمها بالتقصير..


ام تلك التي تسكن روحه وقلبه انتهت مما تفعله وتحركت الي مكتبه وابتسامة علي وجهها، طرقت الباب بنغمة يعرفها جيدا، ورغم أنه كان مشغول إلا أن ابتسامة ظهرت علي وجهه، وهو ينظر لها تتهادي في خطواتها، وكأنها تسير علي أوتار قلبه 

احمد: سو ..

سهام: حبيبي  

ترك ما في يده ورجع في مقعده، وعينه تأكلها وهو يهمس... 

احمد: قلبي يا ناس سايب مكانه وماشي علي الارض، طيب اعمل أيه وانت زي القمر كده اخطفك؟! 

ضحكت بصوتها كله فرفع حاجبه ونظر لها بتوعد !

سهام: انا عملت حاجة؟!

احمد من ناحية عملتي فانت عملتي بس اللي هعمله انا هيعدي المألوف 

شهقت وهي تدرك ما بعني بأيحاته التي تعرفها جيدا..

سهام انت .. 

احمد هو انا لسه عملت حاجة لينا بيت نقول فيه برحتنا 

ضحكت مرة أخري مما جعله ينهض من مكانه يحمل مفاتيحه والمعمول الخاص به وهو يقول...

احمد: ياله ..

سهام: ياله ايه؟  

احمد وهو يحرك يده عليها يضمها اليه يقربها منه، لتدرك أضطراب قلبه وما يفكر فيه.. 

رجعت خطوة لتنظر له بصدمة 

أم هو لم ينهلها وقت لتفكر وهو يحمل حقبيتها ويعانق أصابعها في كفه ويتحرك بها الي الباب...  


 بينما هناك كانت داليدا ترهق تفسها بالعمل وتعمل على أحد التركيبات، غافلة عن وجود أبتسامة ترسم على وجه امها الدكتورة سهر، فهي ترى نفسها فيها، ولكنها لا تعلم ما سر هذا العبوس على وجه أبنتها..


وما هو السبب الذي يجعلها أغلب الوقت تضع تركيزها في دراستها فقط، حتى انها تاكل القليل من الطعام وبعد الحاح منها..

 وهنا شعرت سهر بأنها مقصرة في حق أبنتها، شعرت بأنها لم تكن ام بصورة ملائمة لها، فلقد اخذتها الدنيا والعمل سواء كان في الجامعة أو في الصيدلية الخاصة بها...


 حتى أنها لا تراها طول اليوم، خاصة ما ان كبرت وكبرت مسؤوليتهم، إن كانت داليدا التي تتواجد معها اغلب الوقت في الجامعة تشعر انها بعيدة عنها، فما بالك بابنتها الاخري دانا؟ 


أجل دانا التي تحمل شخصية قوية ومتباعدة، تعتمد علي نفسها في كل شئ ربما نتيجة عملها مع والدها في شركة، وخاصة ذلك المنصب الذي اعطاه لها أدهم؛ حتى قبل ان تنتهي من دراستها؛ جعلها تحمل ثقة وقوة في شخصيتها...


 أما داليدا لا تدري لما هي تدعي الفرح، رغم تلك النظرة الحزينة في عينها، انها تعرف لما تنظر لها بهذا الحزن، بينما هي تكلمها عن ذلك المعيد ذو المكان والوضع الاجتماعي، والذي تطلب الارتباط بها، هو ليس دكتور بالمعنى الحرفي بعد ولكنه يسير علي الدرب، فهو لم يكتفي بالعمل في الجامعة فلقد انتهي من تحضير الماجستير، رغم أنه يعتبر ابن الطبقة المخملية..

 ولكنه جاد في حياته يعرف ان العمل من يحقق شخصية الإنسان نفسه، ولأن سهر تراه أكثر من مناسب لها كانت تتوقع رد اخر من إبنتها، أن تسأل او تستفسر او حتي ينتابها الخجل، او حتي الفرح الذي تمنت امها أن تشعر به، فغيرها قد تتمني أن يلمح او يتكلم معها فقط، فما بالك بأن يخبرها بأنه يريد الارتباط بصورة جدية...

ورغم انها لم تحصل علي رد من ابنتها، إلا أنها تراه ملائم فهو رجل بما تشمله الكلمة من معني ورغم أن رأيها لن يعجب أدهم البيهي اللذي لازال الي الآن يغار عليها ىغم تقدم السن بهم، ولكنها لا تكذب في شئ فهارون مناسب لأبنتها، واي واحدة في مكانها تتمنى فقط ان ينظر لها..


 بينما داليدا نظرت لأمها بحزن جعلها تتوقف عن الكلام، وكأن هارون شخص سيء، أو كانها لم تتوقع من أمها ان تخبرها بشيء من هذا الكلام، فنظرات عين ابنتها تلوم عليها انها لا تعرف في من تفكر والاسوء انها تريد منها أن ترتبط بغيره ولكن هل تستطيع؟


هي في المنتصف فما هي تستطيع القرب ممن تريد ولا البعد عنه او حتي البدأ من جديد  

سهر ديدي في أيه بتبص ليا كده ليه أنا قولت حاجة غلط؟؟

نظرت لها ابنتها وهي تترك ما تفعله وهي تهز رأسها بنفي او يأس او الاثنين معا فهي لن تخبرها شئ ولن تقبل بعرضها الذي قد يجعل غيرها ترقص إلا أنها بكل بساطة لا تري هارون زوج مناسب لها رغم كل مميزته وليس هارون نفسه بل كل رجال الأرض هي لا تري غير رحيم الذي شغلها دون أن يشاغلها، وذلك الذي لا يرها من الاساس ...

ولكنها لم تقوي علي الكلام اكتفت بالصمت ولكننا لسنا جميعا تفهمه!


يتبع. .