-->

رواية قلبي بنارها مغرم - بقلم الكاتبة روز أمين - الفصل الخامس والأربعون

 

رواية قلبي بنارها مغرم 

بقلم الكاتبة روز أمين 






الفصل الخامس والأربعون

رواية

قلبي بنارها مغرم 







بعد إنتهاء الإحتفال بليلة الحِنة الخاصة بالنساء ،دلفت إلي غرفة جدتها المتواجدة بالطابق الثاني والتي صعدت إليها لتنال قسطاً من الراحة بعيداً عن ضجيج العاملات التي يقُمن بتنظيف السرايا من الفوضي التي حدثت جراء ما خلفهُ الإحتفال ، قامت بقياس الضغط لها وإعطائها إبرة السُكري، وبدلت ثوب السهرة المُثير بملابس مُحتشمة إستعداداً للتحرك إلي منزل أبيها، وخرجت وأغلقت الباب خلفها بعد أن دثرت جدتها تحت غطائها الوثير بعناية ورعاية 




كانت تتحرك داخل الرواق كي تتجه إلي الدرج ومنهٌ إلي منزل والدها، وصلت إلي باب شقتها وجدت يد تمتد وتسحبها بعنف للداخل وبعدها أغٌلق الباب ووقف خلفهٌ بجسـ.ـدهِ كالسد المنيع أمامها


كادت أن تصرخ لولا ظهورهٌ أمامها كالأسد الجائع بتلك النظرات الراغبة الممزوجة بعشقهِ الهائل لتلك الصافية 



نفضت عنهُ يدها وتحدثت بنيرة حادة ناهرة إياه:

_ إتچنيت خلاص يا قاسم ،أيه اللي عتعمله ده ؟


أجابها بأنفاس مُتقطعه وعيون راغبة وهو يتطلع إلي مفاتنها بجنون وعِشقٍ هائل :

_  إتچننت عشان رايد مّرتي ؟


إرتعبت من هيئته الجنونية وأردفت قائلة بنبرة صارمة:

_ أوعي من جِدام الباب خليني أروِح يا قاسم


أجابها مُعترضً بنبرة حاده:

_  عتروحي علي فين يا صفا ، مكانك الحجيجي إهني 

وأكمل بعيناي هائمتان ونبرة عاشقة:

_  في شُجتك، جوه حُضـ.ـن جوزك حبيبك 



إبتلعت لعابها من نبرته العاشقه وعيناه الراغبه الهائمة وتحدثت بثبات زائف:

_ بعِد عن طريجي يا قاسم وبطل الچنان اللي عتعمله ده



معتحسيش بنـ.ـار حبيبك الجايدة ليه يا صفا  ؟ جملة قالها بنبرة توضح إحتـ.ـراق روحه ومدي إشتياقه لفاتنتة 


ربعت ذراعيها ووضعتهُما فوق صـ.ـدرها وتحدثت بلهجة ساخرة:

_ روح لمّرتك المصراويه اللي فضلتها عليّ خليها تحِس بيك وتديك اللي ملجتهوش عند صفا يا وِلد عمي 



إقترب منها ومال عليها بطوله الفارع وأمسك كتفيها بحنان وأردفَ قائلاً بنبرة صوت لرجُلً عاشق :

_ اللي عِند صفا وجوة حُضـ.ـنها مش موجود عند أي حٌـ.ـرمة في الدنيي كِلاتها 

واسترسل مُذكراً إياها:

_ وبعدين أني جولت جَبل إكده،  مليش مّـ.ـرة غيرك ومرايدش يكون لي 



وأكملَ برغبه ظهرت بعيناه:

_ مُشتاق لك يا صفا ورايدك، رايد حلالي اللي ربنا شرعهُ لي وده لا عيب ولا حرام 


إبعد يا قاسم ،،جملة قالتها بقوة زائفة 


مال عليها وتحدث بجانب شفتاها:

_  مجادرش خلاص يا جلب قاسم،  معادش ينفع البُعد 



شعرت بأنفاسهِ الساخنه العطرة تلفح عٌنقـ.ـها وتُداعبهُ بنعومه ، وتغلغل عطرهُ التي تعشقه داخل أنفها فهز كيانها بالكامل 



ومن دونَ سابق إنذار إقترب منها وآلتهـ.ـم شفتـ.ـيها وبدأ بتقبيلهـ.ـما بعُنفٍ وجوع ، كادت أن تستسلم له تاركة حالها وتنساق لرغبتـ.ـه وتتعمق معه سارحة بجولة غرامية جديدة تٌضاف إلي جولاتها القليلة جداً معه ،  لولا كرامة الآُنثي التي إنتفضت بداخلها وقامت بصفعها بقوة كي تستفيق من ذاك الوضع المُهين لإنوثتها،  علي الفور وضعت كفاي يداها علي صـ.ـدره ودفعته بقوة تهاوي علي أثرها 



كاد أن يقترب عليها من جديد لولا تلك الطُرقات التي جعلتها تبتعد مٌنتفضه بهلع ،نظر لها بعيون متشوقه، فأسرعت هي إلي داخل غرفة النوم الخاصه بهما معاً وأغلقت عليها بابها لتختبئ بعيداً عن عيون الطارق 



أخذ نفسً عميقً ليُهدي من حالة النشوة التي أصابته جراء إقترابهُ منها،  هندم ثيابهُ وتحرك إلي الباب وقام بفتحهِ مُضطراً ليتفاجأ بتلك الإيناس التي ترتدي ثوبً رقيقً وتضع عطراً مُثيراً في محاولة جديده منها كي تسحبهُ إلي عالمها، ولربما إستطاعت إغوائه ليحدث بينهما هُنا ما لم يحدث بالقاهرة

وتحدثت بنبره ناعمة متجاهلة تلك النظرات المُهينة التي رمقها بها : 

_ مساء الخير يا قاسم،  كُنت حابة أتكلم معاك في موضوع مُهم 



أجابها بنبرة قويه مُتعجبً لأمرها :

_  من أمتي وإحنا فيه بينا مواضيع مهمه ولا غير يا إيناس  !  



تحدثت بدلال وإغواء وهي تتحرك بساقيها للداخل بطريقة مستفزة له:

_ طب مش تقولي إتفضلي الأول وتعزمني علي حاجة أشربها معاك  

وأكملت بدُعابة غير مقبولة لدية: 

_ إنتَ بخيل ولا إيه يا مِتر  ؟ 



أجابها بنبرة جادة شبة أمرة وهو يُشير إليها للخارج بجسدٍ مشدود أثر غضبهِ الشديد من أفعالها : 

_  من فضلك يا أُستاذة، ياريت تتفضلي علي أوضتك حالاً، وجودك هنا وفي الوقت المتأخر ده ما يصحش وغير مقبول 



تحركت إلي وقفته لتُقابلهُ وتحدثت بنبرة حزينة مُصطنعة بجدارة: 

_ أنا مراتك علي فكرة لو مش واخد بالك،  يعني وجودي هنا طبيعي جداً ومبرر قدام الكُل 



هتف بحدة ناهراً إياها: 

_ ما تضحكيش علي نفسك يا إيناس،  إنتِ عارفة كويس أوي إن العقد اللي بينا ده باطل وملوش أي قيمة 

وأجابها لتستفيق من غفلتها تلك وتكُف عن محاولاتها التي لا تكل منها ولا تمل  : 

_ ويكون في عِلمك،  البيت كله هنا عارف إن جوازنا صوري،  مجرد ورقة ملهاش أي لازمة 


وأكمل بإعتزاز وتفاخُر كي يُسمع تلك الماكثة بالداخل : 

_ده غير إن الشقة دي ليه مّلكة ،  وماينفعش أي حد غيرها يخطيها برجله 

إستشاط داخلها لكنها تلاشت وتجاهلت حديثه لتُكمل مخططها التي أتت من أجله حسب تعليمات كوثر 

ثم أدارت بعيناها داخل الشقة تتفحصها بعناية والغل يتأكل من قلبها، كّم كانت هادئة وراقية الذوق، من يراها يشعر وكأنها قصراً مُصغراً من فخامة أثاثها  ، بلحظة شعرت بالغيرة والغضب من تلك التي تنعمت وفازت بكل ما يملكهُ قاسم، الحُب، الإحتواء، الإحترام والولد وحتي المال وحياة الترف والدلال التي تحياها


  كُل ما حلُمت هي به وخططت لأجلهِ سنوات عديدة، ذهب بغمضة عين إلي تلك الصفا، وقدمتهُ هي بغبائها علي طبقً من ذَهب 


زفر بضيق وهتف بنبرة حادة وإهانة لشخصها:

_  من فضلك إتفضلي علي أوضتك  


خطت بساقيها إلي الداخل تتلفت حولها بعدما تيقنت بذكائها وجود تلك الصفا، وذلك بعدما دققت النظر مؤخراً ولاحظت حالته المُشعثة ورائحة العِطر الأنثوي التي تملئ المكان وأيضاً إضاءة غُرفة النوم :

_  إنتَ فيه حد هنا معاك يا قاسم ؟



لم تٌكمل جملتها حين إستمعت لباب غرفة النوم وهو يٌفتح لتخرج منه تلك الساحرة مبدعة الجمال وهي ترتدي ثوبً للنوم مُثيراً للغايه، حيثٌ يكشف عن نهديهـ.ـا المستديران ناصعان البياض 

ويكشف أيضاً عن فخـ.ـديها المُمتلئتان بتناسُق مُثير، حيث كان الثوب بالكاد يصل إلي نصف فخـ.ـديها، بلونهِ الأزرق الذي أوضح بضة ومعالم وجمال جسـ.ـدها المُثير ، مما جعل منها أيقونة أنوثة مُتحركة 


وتحدثت بكل إثارة وجُرأه إصطنعتها بإعجوبه كي تحـ.ـرق روح تلك الأفعي خاطفة حبيبها :

_  معاه مّرته يا مدام ، عِند سيادتك مانع ؟! 



إستشاطت إيناس غضبً عندما نظرت إلي قاسم وجدته ينظر لتلك الصفا بعيون زائغه تتحرك فوق مفاتنها بجوعٍ ولهفه وتؤكد لمن يراه للوهله الأولي أنه لم يرا نساءً من ذِي قَبل، أو هو حقاً عاشقً حتي النُخاع لتلك الساحرة 



تحدثت إيناس إليه بصدرٍ يعلو ويهبط من شدة غضبها وغيرتها مُتجاهلة تلك الصفا لحـ.ـرق روحها :

_  لو سمحت يا قاسم، تعالي معايا علي الأوضة لأن محتاجاك  في موضوع مهم جداً وضروري نتكلم فيه إنهاردة 




أجابها باللكنة الصعيدية وهو مازال مُثبتً بصرهِ علي تلك الفاتنه وكأن عيناهٌ قد سٌحرت وأنتهي الأمر: 

_ جولت لك روحي علي أوضتك،  أني مفاضيش ولا عاوز أتحدت وّيا حد 



في حين تحركت صفا وإقتربت من قاسم وألصقت جسـ.ـدها به ثم لفت إحدي ذراعيها حول خصـ.ـرهِ والأخري وضعتها فوق صـ.ـدرهِ بإثارة، لتُثبت لتلك الحية الرقطاء ملكيتها لذلك العاشق ،  وتحدثت بنبرة حادة مُهينة :

_  هو إنتِ ليه غاوية تچيبي الإهانة لحالك 

وأكملت ساخرة وهي ترمُقها بنظرة مُشمئزة :

_  الراچل من الصُبح عمال يجول لك إن چوازنا صوري، والبيت كِلاته عارف 

وأكملت بكبرياء ورأسٍ شامخ:

_  وميصحش وچود الچواري في شُجة المَلكة 


وأكملت بإهانة متعمدة:

_  إيه، معتحسيش للدرچة دي، معدتش عليكِ حاچة إسميها كرامة جَبل إكده ولا مخدتيهاش في الكُلية 




كان ينظر إليها بعيناي مُتسعتان بذهول مما يري أمامهُ،  هل حقاً تلك التي أمامهُ هي صفا لا غيرها  ! 



أما تلك الشمطاء فقد إشـ.ـتعل داخلها من تلك التي أهانتها وجردتها من كرامتها أمام حالها وقاسم،   فقررت بذكاء عدم مجابهتهُما الأن كي لا تٌهين حالها أكثر من ذلك ، لكنها لم ولن تستسلم بالتأكيد وستحاول لاحقآ ولكن بطريقة مُختلفة'


رمقتها بنظرات حارقـ.ـة متوعدة ثم تحركت إلي الخارج بعدما تأكدت أن معركتها أصبحت خاسرة أمام تلك الفاتنة ، صفقت خلفها الباب بشده وغضب زلزلت بها أركان المكان 




نظر إليها بإنبهار فهرولت هي لداخل الغرفه سريعً وكادت أن تُغلق بابها لولا كف يدهُ الذي سبقها ودفع الباب مما جعلها تتهاوي بوقفتها ،،جري عليها وأمسك خصرها قبل أن تقع أرضً 

إشتعلت وجنتيها خجلاً وحاولت إفلات حالها من بين براثينهٌ ولكن دون جدوي 

رفعت بصرها تنظر بعيناها المرتبكة وتحدثت بنبرة ضعيفه بعدما رأت داخل عيناه جوعً لم ترهُ من قبل،يبدو أنهُ وصل للمنتهي  :

_  سيبني يا قاسم عشان أروح لـ مالك


ضمها أكثر لصـ.ـدرة وأجابها:

_  مالك تلاجية نايم ومرتاح في حضـ.ـن جدته ومفيش خوف عليه ، الخوف كِلياته أصبح علي أبو مالك 

وأكمل برجاء:

_  إرحميني يا صفا  


سبني يا قاسم ،،كلمة قالتها بضعف 

أجابها بقوة وإصّرار :

_ ريحي حالك وإهدي يا جلبي ،وعاوزك تتوكدي إن مفيش جوة عتخليني أبعد عن حُضنـ.ـك الليلة وخصوصاً بعد ما شوفتك بهيئتك دِي 



خبطته بشدة فوق صـ.ـدره وتحدثت بقوة  :

_  إبعد عني يا قاسم ، نچوم السما أجرب لك من إنك تلمس شعرة واحده مني 


فك يداه من فوق خصـ.ـرها ثم أوثق يداها وأرجعها خلف ظهرها مما جعلها مٌلتصقه بجسـ.ـدهِ أكثر وتحدث برغـ.ـبة مٌشتـ.ـعلة  :

_ عاوزك يا صفا، ليه عتمنعي عني حلال ربنا   ؟


نظرت إليه بقوة وتساءلت بنبرة جادة:

_  رايدني صُح يا قاسم  ؟


أجابها بنبرة مٌتلهفة  :

_  مرايدش غيرك يا عيون قاسم 


تحدثت بقوة وثبات:

_  تٌبجا تطلجها ، وده شرطي لجل ما تجرب مني وتاخد حلال ربنا كيف ما بتجول 




نظر لها بثبات ثم أجابها وهو يُقربها منه أكثر  :

_ بعدين ، نٌبجا نتكلموا في الموضوع ده بعدين يا صفا 


أجابته بقوة وإستماته  :

_  دالوك يا قاسم، عنتكلموا دالوك 

نظر لها بعيون راجية وتحدث: 

_ بعدين يا صفا لچل خاطري 


أردفت قائلة بنبرة حادة  : 

_ وأني جولت لك دلوك يا قاسم وجبل ما تلمـ.ـس شعرة واحدة مني 

وأكملت بإعتزاز وشموخ:

_ ده حجي ومعتنازلش عنيه ، صفا متجبلش جِسمة راجلها علي إتنين ، يا تكون لصفا لحالها وساعتها هبجا مّرتك وتحت طوعك  


وأكملت برأسٍ شامخ  : 

_ يا إما معطولش مني شعرة واحده، مش صفا زيدان اللي تجبل بواحدة تانية تشاركها في راچلها وحبيبها 


نظر لها بجنون وتساءل  :

_ حبيبها يا صفا ؟  لساتني حبيبك صُح ؟ 

إبتلعت لُعابها وأنزلت بصرها عنه متهربه وتساءلت بنبرة جادة:

_ جولت أيه يا قاسم ؟ 

أجابها بإنصياع لأمرها ولأمر الهوي:

_ حاضر يا صفا ، عطلجها بُكرة 


دالوك يا قاسم وقبل ما تجَرب مني ، كلمات تفوهت بها بقوة ونبرة أمرة 


ضيق لها عيناه وتساءلَ مٌتعجبً: 

_ دالوك اللي هو كيف يعني ،إعجَلي يا صفا وأوزني كلامك زين  ،أخرج كيف أني بحالتي المشندله دي  ! 

أجابته بقوة وعناد:

_ مليش صالح عاد ، أني جولت دالوك يعني دالوك 




نظر لها بقوة وبدون سابق إنذار دفعها بقوة لتتهاوي وتقع فوق تختهِ وتحدث بفحيح: 

_ ملعون أبو عشجك علي أبو شوجي اللي عيزلني ويخليكي تتحكمي فيي  

إنتفض داخلها حين رأت غضبه،  كاد أن يتحرك خارج الغرفه وبالفعل وضع يدهٌ فوق موصد الباب ليفتحه، سبقتهٌ يدها التي أمسكت كفهُ لتمنعهٌ من الرحيل، وأحتضـ.ـنته من الخلف واضعه رأسها علي ظهـ.ـره مُتشبثه به وتحدثت بنبرة حنون مٌترجية:

_ ما تمشيش يا قاسم 

تصلب جسـ.ـدهِ ووقف مكانه دون حديث فأكملت هي:

_ ماتفوتنيش لحالي  


إبتلع سائل لُعابه من هول اللحظة،  وحين شعرت هي بإستكانته لفت وجههِ لها وأمسكت يده وسحبته إلي تختها في دعوة صريحه منها 


تمدد بجانبها فارتمت هي لداخل أحضـ.ـانه وتحدثت بدلال أنثوي لا يليق إلا بها:

_  عشجاك يا حبيبي وعشجك نصيبي ومبتلاي،، غصب عني الغيرة بتنهش في صـ.ـدري وتشعـ.ـلله ، مجدراش أتخيلك مع واحده غيري 


رفع ذقنها ونظر لها بعيون مذهوله وأردف مُتساءلاً  :

_ للدرجة دي عتعشجي قاسم يا صفا ؟!


أجابته بقوة وغيرة تنهش عيناها : 

_ وأكتر يا جلب صفا من جوة ، أني بعشج النفس اللي عيخرج منيك ومعيرجعش تاني 


إنتفض داخله من شدة سعادته وهتف متسائلاً: 

_ بس إنتِ خابرة زين إني ما لمستهاش،  أني جولت لك جَبل إكده يا صفا 


سألتهُ بلهفة وغيرة عاشقة أدماها الهوي : 

_ صُح ما لمستهاش يا قاسم،  وحياة مالك تجولي الحجيجة 


أمال برأسهِ وأردف قائلاً بنبرة رجُل عاشق حتي النُخاع: 

_  ألمسها كيف وأني إختصرت فيكِ كل مُتعة الدنيا وچمالها  مش بس حريمها 


ثم رفع رأسهٌ بشموخ وتحدث واعداً إياها  : 

_ وحياة عشجك لطلجها بكره الصبح لجل عيونك الغاليه يا ست البنات 


إنتفض داخلها وتساءلت بلهفه:

_  صٌح يا قاسم، عطلجها صٌح ؟


إبتسم لها وتحدثَ بثقه :

_  قاسم النعماني مبيجوليش أي كلام ،وخصوصً لما يكون الحديت ده خاص بصفا 


وأكمل بنبرة حادة شرسة: 

_ ولعلمك يا صفا،  أني كُنت ناوي علي إكده من لما وصَلت من المطار ولجيتها إهنيه هي وأمها ، كله كوم وإنها تاچي لحد إهنيه وتحاول تمـ.ـس كرامتك كوم تاني يا غالية 




إبتسمت بسعادة ورمت حالها داخل أحضانة وأردفت قائلة بنبرة سعيدة:

_  ربنا يخليك ليا يا قاسم  

ضمها إليه وأخذ نفسً عميقً يشتمُ بهِ ريحها الذي إشتاقهُ حد الجنون،  وبدأ بتقبيل عنقها ليٌذيبها ويجعلها تنسجم معه وتسبح ببحر عشقهما الحلال، وبلحظات غاصا داخل عالمهما الخاص، عالم السحر والخيال، الملئ بالسعادة والإستكانة والأمان



❈-❈-❈



دلفت إلي غرفة والدتها تفرُك كفيها ببعضيهما والغضـ.ـب والغـ.ـيرة ينهشـ.ـان داخلها 

أسرعت إليها والدتها التي بعثتها إلي قاسم لتقوم بإستدراجة، وأردفت قائلة بنبرة مستفسرة  : 

_ إيه اللي جابك بسرعة كدة يا إيناس ؟

مش قولت لك تحاولي معاه بشتي الطُرق  ؟


أجابتها بفحيح ووجهٍ مٌحتقن بالغضب :

_ وأديني سمعت كلامك وما جنتش منه غير قلة القيمة والبهدلة قدام الملعونة مّراته 

ضيقت كوثر عيناها بإستغراب وتساءلت بتعجُب :

_  قدام مراته اللي هو إزاي يعني  ! 

هو مش المفروض إن مراته قاعده عند بباها من وقت ما عرفت موضوع جوازك إنتِ وقاسم ؟! 


ضحكت بإستهزاء وأردفت قائلة بنبرة ساخرة  :

_  ده الكلام اللي العقربة اللي إسمها فايقة فهمتهُ لنا، وإحنا من غبائنا صدقناها ومشينا وراها زي المغفلين بالظبط 



وأكملت بنبرة مُشتعـ.ـلة:

_  بس اللي شفته بعيني من شوية ما بيقولش كده أبداً يا ماما 



تساءلت كوثر بنبرة قلقة:

_ وأيه بقا اللي شفتيه ومخليكِ راجعة مش طايقة نفسك بالشكل ده ؟!


أجابتها بنبرة مٌستشيـ.ـطه  :

_ شُفت بعيوني الدكتورة المحترمه خارجة من أوضة نومها لابسه لانچري ما تلبسهوش غير واحده بتعشق جوزها وبتتمني نظرة رضا منه

وأكملت بغيرة مُشتـ.ـعلة ظهرت بعيناها:

_  وشُفت نظرات في عيون قاسم ليها بتقول إنه بيعشق التراب اللي بتمشي عليه 



إبتلعت كوثر لٌعابها رٌعبً وتساءلت بنبرة قلقه: 

_ طب وبعدين يا إيناس،هنعمل إيه؟ 

دي كانت فُرصة إننا نستغل وجودنا هنا وتدخلي له وتحاولي بأي طريقة تخليه يتمم جوازه عليكِ قبل الأربع شهور اللي فاضلين دول ما ينتهوا 



وأكملت لتذكيرها: 

_ دي كده اللي إسمها صفا دي هتبوظ لنا كل تخطيتنا ،  إنتِ ناسية الدكتورة اللي روحنا لها وظبطت لك الهرمونات بالحبوب المُنشطة للحمل اللي إديتها لك 


زفرت إيناس بضيق وتحدثت بحِنق وأستسلام : 

_ وأنا يعني كُنت هعمل إيه يا ماما في وجود الزفتة دي كمان 



ثم أكملت بنبرة مُشتتة: 

_ اللي يشوف معاملته الكويسه ليا أنا وإنتِ وترحابة لينا أول ما شافنا، ما يشوفش الطريقة المُهينة اللي كلمني بيها قدام اللي إسمها صفا دي 

وأكملت بإستغراب:

_ ده كأنه إتحول 



أجابتها كوثر بنبرة جادة: 

_ أنا قولت لكم من الأول إن الواد ده خبيث ولئيم محدش فيكم صدقني 

وأكملت شارحة:

_ هو كُل اللي يهمه إنه يوصل لفلوس عمه ويكوش عليها كلها لوحده 

  

وأكملت بعيناي حاقدة  : 

_ فاكر إنه هيخلص منك بعد السنة ما تعدي ويضحك عليكِ بالشقة والعفش والكام ملطوش اللي وعدك بيهم عند الطلاق 



واسترسلت بتوعد وعيون تطلقُ شزراً: 

_لكن ده بُعده،  هو لسه ما يعرفش كوثر ونابها الأزرق 


قطبت إيناس جبينها وتساءلت مُستفسرة:

_ إنتِ ناوية علي إيه بالظبط يا ماما  ؟ 


نظرت لها بعيون يكسو علي طابعها الغموض وتحدثت: 

_ ناوية أدخل كبيره في الموضوع،  هلعب علي نقطة النخوة والرجولة عند الراجل الكبير وأخليه هو اللي يجبر حفيده علشان يتمم جوازه منك


وأكملت بإبتسامة نصر:

_ أقفي واتفرجي علي أمك وهي بتخطط وبترسم لك صح 


                            ❈-❈-❈



داخل غرفة قاسم وصفا 

كانت تضع رأسها فوق صـ.ـدرة براحة، تنتفض من شدة سعادتها أما هو فحدث ولا حرج، ،كان يشعر وكأنهٌ أمتلك العالم أجمع بإمتلاك قلبها ورضاها عليه مُجدداً 

شدد من ضمتهِ بتملك وأردف قائلاً بنبرة هائمة  :

_ أية في الدنيي كلياتها يستاهل إنك تحرمينا من أحضـ.ـان بعض يا صفا  !

أجابته بنيرة مٌنكسرة لائمة:

_ إنتَ اللي حرمت حالك وحرمتني معاك يا قاسم لما فضلت عليّ


وكادت أن تٌكمل لولا أصابع يده التي وضعها فوق شفتاها الوردية ليٌحجب بهما حديثها اللائم قائلاً بنبرة مترجية: 

_خلاص يا صفا ، معايزش أسمع حاچة تعكر مزاچي إنهاردة ، خليني فرحان بجُربك من جلبي ورچوعك اللي رچع لي روحي من چديد بعد ما كانت مفرجاني  




إستكانت داخل أحضـ.ـانه وتنفست بإنتشاء وشدد هو من ضمتها مُربتً علي ظهـ.ـرها بحنان ، ثم رفع ذقنها وتلاقت الأعين من جديد وذابت بنظراتهم والحديث ، مال علي كريزتيها وبدأ بتقبيلـ.ـهما بهدوء وحنان سُرعان ما تحول إلي عاصفة جديدة وأندمجا معاً لابعد الحدود 


لولا صوت هاتفه الذي رنَ معلناً عن وصول مكالمة ، إبتعدا مٌرغمين ، ومد هو يدهٌ فوق الكومود وألتقطهٌ وأبتسم لها قائلاً  :

_  ده عمي زيدان 

إنتفضت بنومتها وجلست تداري جسـ.ـدها مما جعلهٌ يدخل في نوبة ضحك وتحدث مداعبً إياها  : 

_مالك إتخلعتي لية إكده ، جايبك من شارع جامعة الدول أني إياك ! 

إنتهي الإتصال وبدأ من جديد فتحدثت هي علي عجل بنبرة مُرتبكة وعيناي زائغتان :

_  رد بسرعة يا قاسم ،رد وجول له إني عند چدتي وچايه حالاً 


نظر لها بحُزن تملك من قلبه، ثم تحدث بنبرة حازمة: 

_ هرد يا صفا وهجول له إنك نايمة في حضـ.ـن جوزك  ، معنسرجوش إحنا لجل ما نتداري كيف اللي عاملين عاملة 

إبتلعت لٌعابها من نوبة الغضب التي إنتابته، وضغط قاسم زر الإجابه وتحدث بنبرة جادة  :

_  إيوه يا عمي 


تساءل زيدان بنبرة قلقه:

_  ماتِعرفش صفا فين يا قاسم؟ 

وأكمل بإرتياب: 

_بعت لها صابحة عند جدتها ملجتهاش وبكلمها علي تلفونها مجفول 


أرجع ظهره للخلف وأخذ رأسها واضعاً إياها بحنان فوق صـ.ـدره وأراحها، ثم أجابهُ بهدوء: 

_صفا معاي يا عمي، هنباتوا الليله أنا وهي في شُجتنا 


إنتفض زيدان غضبً وتحدث مٌعترضً بنبرة حادة:

_حديت إيه اللي عتجوله دي يا قاسم، كيف يعني عتبات وياك في شُجتك  ؟

أغمض قاسم عيناه بحزن علي ما أوصل به حاله وتحدث إلي عمه بنبرة صارمة :

_ صفا مّرتي وحلالي وبايته مع جوزها يا عمي،  وأظن ده لا عيب ولا حرام 

إحتدت ملامح وجه زيدان وهتف بنبرة غاضبة : 

_ خدتها منيك لحالك إكده يا وِلد أبوك؟ 

وأسترسل غاضبً: 

_ملهاش أب تجعد وياه وتستأذنه إياك  ؟ 

وبعدين علي أي أساس أصلاً خدتها، إحنا مش فيه بيناتنا شرط ولازمن يتنفذ جبل ما ترچعها لدارك  ؟

أخذ قاسم نفسً عالياً وأردف قائلاً بنبرة هادئة كي يسترضي ذاك الغاضب ويحثهُ علي الهدوء : 

_إهدي يا عمي،  وصدجني أني بكره الصُبح عريحك وعنفذ لك كُل اللي عتأمر بيه 

ثم نظر إليها وتحدث بعيناي هائمة في عشقها  :

_ وأني تحت أمرك وأمر صفا في كل اللي عتطلبوه 


وأكمل برجاء  : 

_ أني بس كل اللي طالبه من حضرتك تصبر عليّ للصُبح، وعلي الساعة عشرة إكده،عنتجابل في المُندرة ووعد مني إني عراضيك وأراضي مّرتي  


هدأ زيدان قليلاً بعدما إستشف من حديثهُ الوعد الصادق،  فأردف بنبرة جادة : 

_ ماشي يا قاسم، خليني صابر معاك للأخر،  لحد ما أشوف بكرة عتعمل إيه 

وأكمل كي يطمئن علي صغيرته: 

_إديني صفا أطمن عليها 



أشار لها بالهاتف فأغمضت عيناها من شدة خجلها من أبيها الذي لم يأتي حتي بمخيلتها حين إنجرفت خلف مشاعرها معهُ متناسية العالم بأكمل 

أخرجت صوتها بصعوبة قائلة بنبرة مُرتجفة بفضل خجلها الشديد  : 

_  إيوه يا أبوي 


سألها زيدان بإختصار  : 

_  إنتِ زينة يا صفا  ؟ 

شعرت بالإرتباك والخجل يغمر روحها وبصعوبة بالغة تحدثت: 

_ أني زينة يا حبيبي،  متجلجش عليّ 


تفهم زيدان وضعها وشعر بخجلها الشديد منه فصمت كي لا يُزيدها عليها،  وأخذ قاسم منها الهاتف ليُعفيها حرج الموقف وتحدث إلي عمه من جديد  : 

_ بعد إذنك يا عمي، ياريت تبعت مالك مع هَدية لجل ما يبات في حُضـ.ـن أبوه وأمه 



أومأ لهُ زيدان وأغلق معهٌ سريعً، فصاحت به ورد التي كانت تستمع بترقُب عبر مُكبر الصوت ،  متساءلة بتعجُب لأمر زوجها :

_ إنتَ عتسيب البِت تبات وياه جبل ما يطلج المصراويه يا زيدان ؟!


أجابها وهو يتحرك إلي غرفة نومهما :

_  وأيه اللي في يدي أعمله يا ورد

وأكمل بإستسلام:

_  الواد جالها لي في وشي ومخزيش مني ، مّرتي وحلالي وبايته ويّا جوزها 


ثم إلتفت لتلك التي تتحرك خلفهُ حاملة الصغير بين ساعديها برعاية،  ونظر إليها بحدة وهتف قائلاً بنبرة غاضبه:

_  وبدل ما إنتِ جاية تلوميني وزعلانة إكده، روحي لومي علي بِتك الي راحَت له لحد عِنديه بمزاچها 


هزت رأسها بإعتراض قائلة بنفيً مؤكد: 

_ بِتي متعملش إكدة واصل ، أكيد هو اللي غصبها لچل ما تبات معاه بالجوة 

سألها ساخراً : 

_ مصدجة حالك إنتِ إياك؟ 

وأكمل مُوضحً : 

_ إنتِ خابرة بِتك زين ومتوكدة إن مفيش مخلوج يجدر يغصبها علي حاچة هي معيزهاش 



وأسترسل قائلاً بنبرة حادة بفضل غضبهِ الذي أصابهُ جراء ما حدث : 

_ جومي إندهي لهَدية خليها تاخد مالك وتوديه لعِنديهم 

إنتفض قلب ورد ونظرت إلي الصغير التي تحملهُ وتُحتضنه برعاية والذي لم يبتعد عن أحضانها مُنذ ولادته، حيثُ أنهُ يغفو بجانبها هي وزيدان وعندما يحتاج لتناول حليب والدتهُ تذهب بهِ إلي صفا التي تُبيت ليلاً بغرفة بالطابق الأسفل لتكون قريبة من صغيرها 

وهتفت بإرتعاب وهي تُقربهُ من أحضانـ.ـها  : 

_  لا،  مالك عيفضل معاي 


زفر لرؤيتهِ هلعها،  وأردف قائلاً بنبرة هادئة : 

_ ومين بس اللي عيرضعه طول الليل يا ورد 

وأكمل ليحثها : 

_جومي چهزي له شنطة وحطي له فيها كام غيار علي الحاچات اللي عيحتاچها الليلة لحد ما نشوف بكرة عيُحصل إيه 


وأكمل وهو يتحرك إلي الخارج من جديد:

_ يلا بسرعة وأني عروح أنده لهدية  




أما تلك المرتعبه التي مازالت واضعه رأسها فوق صـ.ـدرهِ وتحدثت بنبرة خجلة مُحملة بالهموم:

_ مكانش لازمن تجول لأبويا إكده يا قاسم، كُنت جول له إني عند چدتي وراجعه 

لف لها وجهه ومال علي جانب شـ.ـفاها وضع بها قٌبلـ.ـة حنون وتحدث بترجي  :

_ صفا، أني رايج جوي إنهاردة وبعيش أسعد ليلة في حياتي، متنكديش عليا الله يخليكي وسبيني أفرح وأتهني بحُضـ.ـنك 



إبتسمت له ولفت ذراعها حول عُنقـ.ـه مما أسعده وجعلهٌ يلف ساعديه حول خصـ.ـرِها ويجذبها إليه من جديد ليُخبرها بطريقته عن مّدى إشتياقهُ الجارف لها 



بعد مرور حوالي النصف ساعة 

إستمع إلي قرع جرس الباب،  فتحرك هو إلي الخارج،  ثم دلف إليها من جديد حاملاً صغيرهُ وحقيبة اشيائهُ،  كان الصغير مازال مُستيقظً حيثُ أن يومه الفعلي إبتدأ للتو، تحركت وحملت الحقيبة عنه، ثم فتحتها لتُخرج أشياء صغيرها وبدأت بوضعها علي الكومود 


أما ذاك الذي جلس فوق الفراش حاملاً صغيرهُ بين ساعديه بعناية فائقة،  شعور هائل تملك من كيانهُ وهو يحمل قطعة منه، يري بعيناه ثمرة عشقهُ من مالكة قلبهُ وهو يتجسد أمامهُ في صورة طفل جميل زاد من ترابطهما الروحي والمعنوي أكثر فأكثر 




رفع صغيرهُ بحذر وقربهُ من وجههُ وبدأ بتقبـ.ـيلهُ بحنان ولهفة،  أغمض عيناه ودفن أنفهُ داخل عُنق الصغير وبدأ يشتم رائحتهُ الذكية التي تُشبه رائحة الجنة في طَيبها 



كانت تنظر إلي حالته بألم وحُزن علي ما وصلا إليه معاً وبأياديهم،  تحركت وجلست بجانبه،  وضعت رأسها سانده إياها علي ذراعه وهي تنظر علي صغيرها الذي يبتسم لأبيه بسعاده  وكأنهُ شعر للتو بإستكانة روحي والداه 

نظر لها وتحدث بإنبهار وعيناي سعيدة: 

_سبحان الله،  وارث عيونك بالمِلي 

إبتسمت بهدوء وأردفت بفخر: 

_ بس واخد منيك كُل ملامحك 

أمسكت كف صغيرها وأكملت بإعتزاز : 

_ نفس كف إيدك وشكل صوابعك،  حتي رجليه شبه رجلك 

ضحك لها وغمز بوقاحة قائلاً  : 

_ ده أنتِ علي إكده كُنتِ مركزة چامد وياي 

إبتسمت خجلاً وأكمل هو بهيام: 

_للدرچة دي عاشجة چوزك يا بِت زيدان  


إبتسمت خجلاً ودفنت وجهها في ذراعة، بدأ الصغير بالصياح والإعلان عن حاجته للطعام، أعتدلت وأخرجت نهـ.ـدها لتُطعم صغيرها تحت سعادة ذاك الذي جلس خلفها وأسند ظهـ.ـرها علي صـ.ـدره،  وبدأ بالنظر لوجه صغيرهُ الرضيع وهو يبتسم له ويُداعبهُ تحت شعور تلك الصافية بأنها أمتلكت الدُنيا بأسرها 



قضيا ليلتهُما كٌلٍ داخل أحضان الأخر يتسامران بأحاديثهما الشيقة، كان كلاهُما يستمع مُتلهفً لحديث الآخر كي يكون علي دراية لما جري طوال مّدة الفُراق مع نصفهِ الأخر،  ضل يتسامران و رضيعها يتوسط حُضنيهما 


ومع رفع أذان الفجر وقع كلاهما صريعً للنوم داخل أحـ.ـضان الأخر بعدما غفي صغيرهما ونقلهُ قاسم داخل مهدهِ الذي جلبهُ له قبل ولادته، عندما كان يُمنيّ حالهُ برجوعها إلي أحضـ.ـانه بعد ولادة صغيرهُ مباشرةً


❈-❈-❈



في صباح اليوم التالي 

داخل الفيراندا الخاصة بمنزل عِثمان 

كعادتهِ يجلس بصحبة ولداه قدري ومُنتصر وتجاورهم رسمية، يحتسون مشروب الحليب المُمتزج بالشاي مع بعض المُعجنات لحين إنتهاء العاملات من تجهيز وجبة الإفطار الأساسية 


إقترب عليهم زيدان الذي تحدث بملامح وجه جامدة: 

_ صباح الخير 

ردد الجميع عليه 

نظر إلي والده وهتف بنبرة حادة لم يستطع السيطرة عليها: 

_ يرضيك اللي عِمله قاسم دِه يا أبوي؟ 

سألهُ قدري مُستفسراً : 

_ عِمل إيه قاسم يا زيدان  ؟

نظر لهُ بعينان مستـ.ـشاطتان وأردف قائلاً بنبرة حادة :

_  معارفش إياك يا قدري؟ 

ضيق قدري عيناه بعدم إستيعاب لحديث زيدان فأكمل هو شارحً عندما تأكد من عدم معرفتهُ : 

_ حضرة المحامي المُحترم اللي خابر الإصول زين،  خد بِتي وبيتها معاه في شُجته من غير ما يرچع لي ولا حتي يعمل لي إعتبار 

وأكمل وهو ينظر إلي والدهُ وسألهُ:

_ يرضيك اللي حُصل من حفيدك دِه يا أبوي  ؟ 

إنتفض داخل رسمية وهتفت بنبرة سعيدة : 

_ يا ألف نهار أبيض ،  والله بردت نـ.ـاري وفرحت جلبي يا ولدي بحديتك دي 

وأكملت بتساؤل سعيد: 

_ يعني صفا دلوك وَيّا قاسم فوج في شُجتها ؟ 

تملل من حديث والدتهُ وهتف مُتسائلاً : 

_ وهي المواضيع اللي كيف دي عتتاخد بسهولة إكده ده بردك يا حاچة رسمية  ؟ 

مش فيه إصول ولازمن نتبعها ولا إيه؟ 



أجابهُ قدري بنبرة حنون صادقة ليحثهُ علي الهدوء: 

_ الكلام دِه يمشي مع الغريب يا أخوي، لكن قاسم إنت اللي مربيه وكيف ولدك 




أردف عِثمان بنبرة هادئة كي يُطمئن نجلهُ علي صغيرته : 

_ هدي حالك يا زيدان وطمن بالك علي بِتك ، قاسم عِمل الصُح واللي كان لازمن يُحصل في وچود الولية الحرباية دي هي وبِتها فوج 

وأكمل  شارحً  : 

_ وبعدين كُلها كام ساعة وقاسم عيراضيك ويراضي مّرته جِدام الكِل  

وأكمل وهو يومئ لهُ بعيناه بتأكيد: 

_هو وعدني بإكده وأني واثج فيه 


وأكمل وهو يُشير إليه بنبرة ودودة: 

_ تعالّ أُجعد چاري وأشرب لك كُباية شاي 


هدأت ثورة زيدان الواهية، فهو بالأساس كان يستشعر بإقتراب إزاحة تلك الغُمة وذلك بعد حديث قاسم المطمأن له، لكنهُ غضب فقط لكونهِ كان يتمني عودة إبنته إلي زوجها بعد إنتهاء قاسم من فض زيجته التي دمرت حياتها، بالفعل جلس بجانب أبيه يحتسي المشروب 



فاقت كوثر من غفوتها قبل السابعة صباحاً،وإرتدت ملابسها سريعً وتدلت إلي الأسفل كي تقابل عِثمان  ،  تحركت إلي الفيراندا بعدما إستدلت عليها من إحدي العاملات بعد أن سألتها عن تواجد عِثمان 

تحدثت بوجهٍ مبتسم بزيف وهي تُفرق نظراتها المترقبه علي وجوه الجالسين  : 

_ صباج الخير 


نظر لها الجميع بإستغراب وأسترسلت هي حديثها وهي تنظر إلي قدري:

_ إزيك يا حاچ قدري 

رمقها قدري بنظرة مُشمإزة وذلك لعدم تقبلهُ لتلك السيدة ولا الإرتياح لشخصها مُنذُ أول لقاء بينهما فتحدث بنبرة رخيمة:

_ أهلاً 

أكملت بحماس وهي تنظر إلي عِثمان متلاشية طريقة قدري:

_  أكيد حضرتك الحاج عِثمان كبير البلد وكبيرنا كُلنا 


قطب جبينهّ ونظر إلي تلك المُتنمقة فهتفت وهي تتحرك إليه وتُبسط لهُ ذراعها لتُجبرهُ علي مصافحتها  :

_ أزيك يا حاج،  أنا مامت إيناس مرات حفيدك قاسم 


أثارت تلك الجملة حفيظة زيدان الذي شعر بالإستياء لأجل إبنته. 

في حين تحدث إليها عِثمان الذي يستند علي عصاه بكف يده رافضً مصافحتها مما أسعد رسمية وزيدان والجميع :

_  ما تأخذنيش يا سِت،  كيف ما أنتِ شايفة، يدي ساند بيها چسـ.ـدي العچوز علي العصاية 

أردفت قائلة بمنتهي البرود وهي تسحب كف يدها:

_ ولا يهمك يا حاج 

وأكملت بمنتهي التبجُح:

_ أنا بعد إذنك كُنت حابة أتكلم مع حضرتك لوحدنا في موضوع خاص 

ضيقت رسمية عيناها وهتفت بنبرة حادة: 

_ خاص كيف يعني يا حُرمـ.ـة 


إبتسمت لها بزيف وتحدثت مفسرة: 

_ يعني موضوع ما ينفعش نتكلم فيه قُدام الكُل يا حاجة



رمقتها رسمية بنظرة غاضبة وهتفت بنبرة حادة  : 

_ فاكراني چاهلة ولا معفهمش حديتك إياك يا حُرمـ.ـة 

إبتلعت لُعابها من هيئة تلك الغاضبة ولسانها السليط ، في حين تحدث عِثمان وهو يُفرق نظراتهُ علي انجالهُ الثلاث: 

_ جولي اللي رايداه جِدام الكِل،  أني معخبيش حاچة علي ولادي واصل 



أجابته بنبرة راجية: 

_ الموضوع اللي عاوزة أكلم حضرتك فيه مش هينفع أقوله قدام حد يا عُمدة 


إنتفض زيدان من جلسته وأنسحب إلي منزلهُ بعدما فاض به الكيل وطفح من حديث تلك المتبجحة،  ففهمت هي بفطانتها أن هذا الغاضب هو زيدان 

ودلف عِثمان ورسمية بصحبة تلك الشمطاء إلي غُرفة إجتماعات العائلة،  

فتحدثت تلك الخبيثة بعدما أشار لها عِثمان بالبدأ في الحديث: 

_  أنا هدخل في الموضوع علي طول ومن غير ما أزوق الكلام،  

أنا واقعة في عرضك يا عمدة وبناشد الراجل الصعيدي اللي جواك،  في إنك تخلي قاسم يتمم جوازه علي بنتي إيناس 


قطب عِثمان جبينهُ مستغربً إنحطاط تلك المتبجحة في حين نهرتها رسمية قائلة بنبرة حادة: 

_ إتحشمي يا حُـ.ـرمة وخلي عندك خِشي 


إرتبكت وهتفت سريعً تشرح المعني المقصود من حديثها  : 

_ أرجوكِ يا حاجة تفهمي المقصود من كلامي صح 

وأكملت وهي تنظر لذاك الثعلب الذي ينظر إليها بترقب مستشفً لما داخلها: 

_ أنا عاملة علي فضيحة بنتي لما تتجوز من راجل تاني بعد ما تطلق من قاسم بعد السنة اللي متفقين عليها ما تعدي 

وأكملت بلؤم: 

_ تفتكر جوزها هيقول عليها إيه لما يلاقيها لسه بنت بنوت 


واسترسلت حديثها بنبرة خبيثة لإجبار عِثمان علي الإقتناع بحديثها : 

_ ده غير إن الموضوع ده هيمس سمعة قاسم هو كمان وهيشوة رجولتة قدام الناس 


وأكملت لتبُث الرُعب داخل أوصال ذاك العجوز بشأن حفيدهُ البكري : 

_ وأظن يا عمدة إنتَ مترضاش أن حفيدك يتقال عليه كلام بطال من اللي يسوي واللي ما يسواش 


وأكملت متصنعة الخجل وهي تنظر أرضً:

_ حضرتك أدري مني بالرجالة وتفكيرهم في المواضيع دي،  تخيل كدة كمية التشهير بحفيدك لما جوزها يكتشف إنها بعد ما قعدت علي ذمته سنة بحالها، لسه بنت 

الرجالة ما بتصدق واكيد هيتكلم في كل مكان وسمعة قاسم هتبقي في الأرض، وما تنساش إنه محامي مشهور وسُمعته مهمة جداً علشان شغله   


إستشاطت رسمية وكادت أن تتحدث أوقفها عِثمان بإشارة من يده،  وتحدث هو: 

_ أول هام، الراچل الصُح معيجيبش سيرة شرف مّرته جِدام الخلج كيف معتجولي ،  تاني هام،  لو راجل بچد وعيحب بِتك، عينبسط لو لجاها كيف ما ربنا خلجها


وأكمل بنبرة جادة  : 

_ والأهم من ده كلياته إني معجدرش أجبر حفيدي علي حاچة هو مريدهاش وحاسم فيها أمره 


وأسترسل برأسٍ شامخً مرتفع: 

_ وبخصوص حديتك العِفش عن سُمعة حفيدي،  فدي محدش يجدر يتحدت فيها لأن حفيدي متچوز ومخلف واد،  ودي كفيل إنه يخرس أي حد يفكر بس يتحدت 


ثم رمقها بنظرة حادة وهتف قائلاً : 

_ لو خلصتي حديت إتفضلي علي فوج في أوضتك والفطار عيطلع لك إنتِ وبِتك لحد عنديكم   


تنهدت بأسي وتحركت عائدة تجُر أذيال خَيبتها بعدما فشلت خِطتها وهُزمت من ذاك الثعلب العجوز التي لم تستطع سيطرة فكرها عليه 

            

                           ❈-❈-❈

  

عِند الساعة العاشرة صباحاً 

تمطأت بدلال وتكاسُل فوق فِراشها ، حركت أهدابها و أفتحت عيناها سريعً حينما وجدت حالها مُكبلة بقيود العِشق ،  نظرت لذاك الذي يستند بذراعه علي الوسادة وينظر عليها بعيناي هائمة في جنة عِشقها 

شعور هائل إجتاح كيانها عندما رأتهُ يغمرها بتلك النظرة الحنون، تحدث وهو يضمها إليه بشدة: 

_صباح الورد، إيه النوم ده كلياته  ؟ 


إبتسمت إليه وتحدثت بنبرة متحشرجة أثر النُعاس : 

_ صباح النور،  

وتسائلت مُستفسرة  : 

_هي الساعة كام؟ 

أجابها وهو يُميل علي جانب كريزتيها ليلتقطها ويقطف قُبـ.ـلة سريعه  : 

_ مالنا إحنا بالساعة والوجت 

ثم إنتفض واقفً وكشف عنها الغطاء وحملها بين ساعديه بقوة وتحدث وهو يُلقي نظرة علي مهد صغيرهُ الغافي  : 

_  يلا ناخد شاور جبل ما الإذاعة الوطنية تفتح علي الرابع وتبدأ بإذاعة نشيدها الوطني 


تفاجأت من جنونهُ وتحدثت بنبرة قلقة: 

_عتوجعني يا قاسم 

أجابها وهو يتحرك بها داخل المرحاض ويغلق بابهُ خلفه بساقه ويتحرك إلي كبينة الإستحـ.ـمام: 

_ لتكوني فاكرة إن لساتك موجعتيش يا دَكتورة 


أنزلها بعناية ووقف قُبالتها وأردف قائلاً بنبرة عاشقة وهو يـ.ـنزع عنها ثيـ.ـابها: 

_  ده أنتِ واجعة في عشج قاسم من وإنتِ لساتك عتتعلمي المشي 

نظرت له وسألته بدلال  : 

_ وميتا قاسم وجع في عِشج صفا   ؟ 

أجابها بنبرة صادقة وعيناي نادمة: 

_ قاسم إكتشف إنه أكبر مُغفل في الدنيي كلياتها ،  كان عيكابر وينكر عشجك ويمـ.ـوته چواته 

وأكمل مُعترفً بعيناي شبه دامعه :

_  أتاريني كُنت مولود بيه زيه زي باجي أعضاء چسـ.ـمي يا صفا 

ألقت بحالها داخل صـ.ـدرهُ وأغمضت عيناها لتسرح معهُ بعالمهُ الملئ بالسحر والهيام 

بعد قليل كانت تقف أمام مرأتِها تُجفف شعرها،  ينظر عليها ذاك الذي يقف بجوارها يعدل رابطة عُنقة ويُصفف شعر رأسهُ بعناية فائقة، من يراه يعتقد أنهُ عريس يتجهز لليلة زفافهُ 


إنتهي مما يفعلهُ وأمسك هاتفهُ وتحدث إلي أبيه وطلب منه أن يُبلغ والدته بأن تستدعي كوثر وإيناس إلي غُرفة الإجتماعات،  وأيضاً ليلي 

وكان قد أبلغ جده داخل إحتفال الحنة بالأمس بأن يُخبر يزن ويطلب منه الحضور هو وزوجته وأيضاً عمتاه،  صباح وعّلية 


أغلق مع والدهُ 

ونظرت هي إلي إنعكاس صورتهُ في المرأه وتحدثت بنبرة مُنكسرة مستضعفة وعيناي مترجية: 

_ إوعاك تخزلني مرة تانية يا قاسم 

وأكملت وهي تُميل برأسها بترجي: 

_ معجدرش المرة دي يا حبيبي، ده أني ممكن أروح فيها 


إنتفض قلبهُ لأجلها وتحرك إليها سريعً وقام بإحتضانـ.ـها من الخلف وشدد من إحتوائهُ لها وتحدث: 

_ أني وعدتك خلاص يا غالية 


نظرت لإنعكاس عيناه وسألته بترقُب مُميت: 

_ يعني صُح عطلجها  ؟

وأكملت بتمّني: 

_ومن إنهاردة معيكونش ليك مّـ.ـرة غيري يا قاسم ؟ 

هز رأسهُ وتحدث لإزالة ألام روحها : 

_ ميتا كان ليا مّـ.ـرة غيرك أني 

ثم  شدد من ضمـ.ـتها ودفن أنفهُ داخل عُنقـ.ـها وأردف مُطمإنً إياها : 

_ طمني بالك وخليكي واثجة فيا،  ووعد عليّ لأرچع لك هيبتك وأخلي كرامتك تاچ فوج راس الكِل  

  

تملل الصغير من نومته وبدأ بالصياح ليُعلن لوالداه أنهُ هُنا ويطالبهم بالإنتباه له 

تحركت إليه وبدأت بتبديل ثيابهُ وتعطير جسده إستعداداً للهبوط للأسفل


❈-❈-❈


داخل منزل يزن وأمل   

تمللت أمل التي إرتدت ملابسها واستعدت للذهاب إلي السرايا قائلة بإعتراض قلق: 

_ أنا مش عارفة إيه لازمة إني أروح معاك في الإجتماع ده يا يزن 

وأكملت مُفسرة بحساسية: 

_  إنتم عيلة واحدة وأكيد هتتناقشوا في مواضيع حساسة تخُص العيلة ،  المفروض ما أكنش موجودة منعاً للحرج 



أجابها وهو يقترب عليها ويحتضنـ.ـها ليُطمأنها : 

_ إذا كان چدي بنفسيه اللي مأكد عليّ إنك لازمن تكوني موچودة، وجال لي إن دي رغبة قاسم بذات نفسية 

وأكمل لائمً لها: 

_ وبعدين إيه نغمة إنتوا عيلة واحدة دي،  أومال إنتِ من أنهي عيلة إن شآء الله  ؟ 

وأكمل بنبرة صارمة: 

_ إنتِ مّرتي وأم ولدي ولا بِتي اللي عياچي وينور حياتي ،  ولازمن تعرفي إنك خلاص،  من اليوم اللي بجيتي فيه مّرتي بجيتي نُعمانية أصيلة  


إبتسمت له بحنان ورمقتهُ بعيناي شاكرتان تفيضُ حنانً وعرفان،  فضـ.ـمها هو بقوة وتنفس براحة، وحدث الله بينهُ وبين حالهُ وشكرهُ علي نعيم عشقها والعيش الهنئ بجانبها وحياة الإستقرار التي أنعم اللهُ ومّن بهُ عليه بعد الشقاء 



بعد قليل 

نزل الدرج وهو يحمل صغيرهُ بين ساعديه برعاية وتجاوره تلك التي ترتجف،  نظر لها وتحدث بنبرة صارمة: 

_  إرفعي راسك لفوج يا أم مالك  ،  عاوزك تدخلي وياي وراسك مرفوعه جِدام الكِل 


إطمأنت لحديثهُ وتحركت بجانبه، وتحدث هو إلي حُسن كبيرة العاملات: 

_ خالة حُسن،  خلي واحدة من البنات تطلع تلم حاچة الضيوف اللي فوج،  وتعبيهم ف شنطهم وتديهم للسواج يحطهم في العربية عشان عيمشوا كمان إشوي 


أطاعتهُ حُسن تحت إطمإنان صفا،  


دلفا كلاهما لداخل الغرفة متجاوران برأسٍ سامخ مُرتفع وتحدث هو بنبرة قوية لجميع الحضور  : 

_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 



رد الحميع السلام فتحرك هو إلي ورد التي تنظر إلي الصغير بعيناي مُترقبة قلقة،  نظر إليها بحنان وأعطاها الصغير التي إلتقتطهُ من بين يداه مُتلهفة وبدأت تُنثرهُ بالقُبـ.ـلات كمن كان تائهاً داخل صحراء وجف حلقهُ وتشقق من شدة العطش،  وبلحظة إتوجد أمامهُ بئراً من الماء العذب،  فشرب وأروي ظمأهُ الشديد 




وقف أمام زيدان وأمسك مُقدمة رأسهُ و وضع بها قُبـ.ـلة إحترام وتقدير ، نال بها إستحسان مُعظم الحضور 

ثم أمسك كف يدهُ ومال بقامته ووضع فوقهُ قبـ.ـلة تعبيراً عن مّدي أسفهِ واعتذارهُ  


رفع رأسهُ ونظر إلى عيناه وتحدث متأسفً عما فعلهُ ليلة الأمس : 

_ حجك علي راسي يا عمي

أومأ لهُ زيدان بعيناه فيما معناه أنهُ عفا عنه 


تحرك ووصل إلي خاطفـ.ـة أنفاسهُ التي تخجل من والداها والجميع،   وأمسك كف يدها وأمال برأسهِ كثيراً في حركة دلالة علي الإعتذار الشديد والتذلُل وتحدث بنبرة حنون : 

_ حجك علي جلبي يا غالية،  أني غلطت في حجك يوم ما عِملت حساب لناس ماتسواش 

وأكمل بنبرة قوية صارمة وهو ينظر لها بدلالة : 

_ بس ملحوجة يا بِت أبوكِ يا عالية 

  

أمسك أيضاً مُقدمة رأسها ووضع عليها قُبلة إعتذار، ثم أخذ نفسً عميقً ولف وجههُ لكلتا المُستشاطتان التان تجلستان والغل والحقد يأكُل من روحيهما 

وتحدث بنبرة حادة وعيناي كصقرٍ يترقب لفريستهُ : 

_ معرفتي بيكم كانت أكبر غلطة عِملتها في حالي 

وأكمل نادمً:

_ عيلتكم كانت الوَحل اللي غرست واتوحلت فيه في مشوار توهتي  ،  ولما فوجت وربنا نور بصيرتي وچيت أخرچ منيه لجل ما أنضِف حالي ، كان خلاص فات الأوان،  مسكتوا فيا بكُل جوتكم وسحبتوني چواه لجل ما أغرس فيه أكتر 


واسترسل: 

_ حاولت أراضيكم بجرشين لجل ما تعتجوني لوجه الله وتفكوني من الرابطة السودة اللي ربط بيها حالي


وأكمل وهو ينظر إلي إيناس:

_  لكن أبوكِ دخلي من حتة الفضيحة وباب الستر،  إترچاني لچل ما أسترك وأستره جِدام عيلته اللي عيشمتوا فيه 

وأكمل مُفسراً  :

_  وافجت عشان أني راچل وچدي رباني علي إني عمري ما أكسر راچل ولا أرُد ضعيف لچئ لي 

  

وأسترسل كي يضع الجميع داخل الصورة  :

_ شرطت عليه وعليكم إن الچواز عيُبجا علي ورج 


ثم حول بصرهُ إلي عاشقة حبيبها وتحدث بنظرة هائمة: 

_ ما هو مش معجول أكون متچوز صفا النُعماني وأجدر أشوف أو أعاشر أي حُرمـ.ـة غيرها  



شددت من ضمـ.ـة يده كنوعٍ من العرفان، فحول بصرهِ إلي تلك اللتان ستنفـ.ـجرا وأكمل:

_وكان من ضمن شَروطي عليكم كمان إن لو مّرتي ولا أهلي عِرفوا عن طريجكم عتكوني طالج في يومها  




وأكمل لتوضيح الموقف للجميع: 

_كتبت الكتاب إبتغاء مرضاة الله ليس إلا ، وبيت في الشُجة أني في أوضة مجفولة عليّ وإنتِ في أوضة تانية ، وتاني يوم استنيت لما أهل أبوكِ جُم باركو لك وعِملت اللي عليّ ،  سافرت أني وچيت لمرتي إهنيه وجعدت وياها إسبوع ،  و لما رچعت علي القاهرة رچعت علي شُجتي الجديمة 



واسترسل: 

_ حتي لما الدَكتورة صفا عِرفت وجيامتي جامت،  مرديتش أطلجك وجولت هي ملهاش ذنب،  ده ربنا اللي عمل إكده وأكيد ليه حكمة من ورا اللي حُصل


وأكمل بنبرة حادة: 

_رضيت بنصيبي وبُعد مّرتي عني اللي وچع جلبي وشرخ روحي ،  وبرغم إني كُنت عموت في اليوم ألف مرة بسبب بُعدها ، إلا إني جولت لحالي إتحمل يا واد،  ربنا رايدك تكفر عن ذنوبك لجل ما يطهرك وترچع بعد السنة لمّرتك وإنت نضيف ومسدد كل فواتير الماضي الملعون 



وأكمل  بنبرة حادة وهو يرمق إيناس بغضب : 

_ مّرتي ولدت ولَدي البِكري وهي بعيدة عن أحضـ.ـاني،  محسيِتِش بفرحة ولدي ولا جومة مّرتي بالسلامة وكل ده بسبب الحُزن والنكد اللى عِشناه اني وهي وأهلنا بسبب غلطتي اللي بدفع تمنها وهما كمان معاي 


وأردف متألمً: 

_ حملتها معاي ذنب غلطتي، وسددت الفاتورة وياي وهي ملهاش أي ذنب في كُل دِه 


وبلحظة تحولت نظراته إلي غاضبة شرسة وأكمل وهو يرمقهما بنظرات حارقة  : 

_بعد كُل اللي عِملته علشانكم دي ،  تاچي لكم الجرأة وتاچوا لحد إهنيه لجل ما تفضخوا مّرتي وتجهروها جدام حَريم العيلة 

وأكمل وهو يرمقهما بنظرات مُشمئزة: 

_ لا وكمان چيالي شُجتي وبكل رُخص وإنحطاط عوزاني أتمم چوازي عليكِ وفكراني أهبل 


إشتعل داخل إيناس وتحدثت بإعتراض: 

_ قاسم من فضلك،  بلاش تجريح 



صاح بنبرة مُرعبة إنتفضت علي أثرها هي ووالدتها : 

_إنتِ تخرسي خالص وتسمعيني زين للأخر 


وأكمل شارحً: 

_ يعلم ربنا أني كُنت متجي الله فيكم لاخر لحظة،  ومكانش في بالي الطلاج غير بعد السنة برغم المصايب اللي بعيشها بسبب جوازة الشوم دي 



وأكمل  بنبرة شامتة وعيون مُتسعة من شدة غضبها : 

_ بس علشان نيتي الخير وجلبي الطيب ونيتكم السو وضميركم الملوث،  ربنا بعتك إهنيه مخصوص لچل ما أنهي اللي بيناتنا  بالطريجة اللي تليج بيكِ إنتِ والحرباية اللي چارك  



نظر لهم وأخذ نفسً عميقً وابتسم براحة ظهرت علي وجههُ وشدد من مسكة يد تلك التي تجاورة وهتف بنبرة حادة صارمة: 

_ إنتِ طالج، طالج، طالج بالتلاتة يا بِت كوثر 



هتف قدري بسعادة لا مثيل لها تحت سعادة جميع من بالغرفة: 

_براوه عليك يا وِلد أبوك 


في حين إشتعل داخل ليلي حقداً وهي تنظر لسعادة صفا التي تنظر لحبيبها بعيناي هائمة،  أما فايقة فلم تعُد تهتم بالموضوع بعد تأثُرها بحديث قاسم عن تشتت روحهُ،  فبالاخير هي أم وتُريد الراحة لولدها،  وأيضاً تهديد قدري لها وضعها في خانة وحَجَم وقزم من دورها 



إشتعل داخل إيناس وشعرت بعالمها ينهار تحت قدماها، في حين جحظت عيناي كوثر وهتفت بنبرة حادة غاضبة لتُعلن عن أصلها: 

_نعم يا حبيبي،  إنتَ فاكر إنك هطلقها بسهولة كدة وأنا هقف أتفرج،  ده أنا أهد الدُنيا فوق دماغك إنتَ وأبوك 


رمقها قدري مُتحدثً بنبرة غاضبة : 

_ إجفلي خاشمك يا مّـ.ـرة بدل ما أدفنـ.ـك مكانك صاحية إنتِ وبِتك


صاحت به قائلة بنبرة حادة: 

_ تدفني ده إيه يا عنيا،  إنتِ فاكرها سايبة ولا إيه 

تحدثت صباح مدافعة عن صغيرة شقيقها : 

_ إنتِ مسمعاش يا مّـ.ـرة إياك ولا إطرشتي ،  قاسم طلج بالتلاتة 

وأكملت شبه طاردة: 

_ يعني تخلي عِنديكي كرامة وتاخدي بتك السو دي وتغوروا من إهنيه 


أجابتها متبجحة: 

_ مش قبل ما أخد حقها يا حبيبتي 


وأكملت بمنتهي الوضاعة وهي تنظر إلي عِثمان الذي إتخذ دور المتفرج الصامت تاركً الآمر برُمته إلي قاسم :

_ أنا عاوزة تعويض عن الأربع شهور اللي فاضلين لبنتي يا عُمدة   

أجابها قاسم بنبرة شامتة: 

_  التعويض الكبير أنا مخليهولك مفاجأة لما ترجعي القاهرة 


وأكمل بنبرة حادة وهو ينظر إلي إيناس : 

_  هدومك وحاجة المطبخ اللي كنتي جيباها في جهازك هتلاقيها مستنياكي عند البواب 

وأكمل مُبتسمً:

_  أنا بعت العفش إمبارح وغيرت كالون الشقة وعرضتها للبيع، ومش بعيد يكون جالها مُشتري في الوقت اللي إحنا قاعدين بنتكلم فيه ده  



إتسعت عيناي إيناس وهتفت بنبرة حادة بجنون : 

_ إنتِ بتقول إيه يا قاسم ،  الكلام اللي بتقوله ده لو فعلاً نفذته أنا هوديك في ستين داهية،   لان الشقة دي بكل ما فيها بتاعتي، إنتَ ناسي إتفاقك مع بابا؟ 


ضحك شامتً وأجابها: 

_ إنتِ وأبوكِ المهزء اللي أخليتم بالإتفاق وجيتي لي لحد هنا برجليكِ علشان تنالي الجزاء اللي تستحقية 

وأكمل بنبرة ساخرة   : 

_ وبعدين هتوديني في داهيه إزاي يا أستاذة ؟  

وأكمل مذكراً إياها: 

_إنتِ ناسية إن عقد الجواز مكتوب فيه ألف جنية مؤخر صداق

، ده غير إننا مكتبناش قايمة، يعني حضرتك قانونياً ما تقدريش تتنفسي لأن ملكيش عندي أي حقوق 


وأكمل بنبرة غاضبة وهو يرمقها بإشمئزاز : 

_  والوقت ياريت تاخدي والدتك وتتفضلي،   السواق مستنيكم برة في العربية وشُنطكم جاهزة فيها، 

وأكمل بنبرة متهكمة  :

_  وأنا طلعت كريم معاكم وحجزت لكم طيارة الساعة 2 الظهر،  يعني يا دوب تلحقوا تتحركم قبل الطيارة ما تفوتكم  




صاحت كوثر بنبرة غاضبة وهتفت قائلة بنبرة تهديدية : 

_ طالما الحكاية وصلت لكدة يبقا عليا وعلي اعدائي يا قاسم 

واسترسلت : 

_ ما أنا مش هسيبك تتهني بالتورتة وتلهفها لوحدك وتطلعنا من الحكاية إيد ورا وإيد قدام 



ثم وجهت بصرها إلي زيدان وهتفت بنبرة حاقدة: 

_ لازم تعرف يا محترم،  إن أخوك وإبنه كانوا مخطتين إن قاسم يتجوز بنتك مع إيناس علشان يلهفوا كل فلوسك وشقاك اللي مستكترينه عليك 


وأكملت وهي تنظر لعيناي قدري:

_ تنكر إنك جيت لنا لحد البيت وقعدت تقنع فيا أنا وجوزي وولادي علشان نوافق بجواز قاسم من بنت أخوك، ووعدتنا بإن الجوازة دي لو تمت هينوبنا من الحب جانب  ؟ 



إرتبك قدري وشعر بالخزي والعار أمام عائلتهُ ،  إتسعت أعين الجميع وهم ينظرون علي قدري وقاسم بذهول 

في حين تحدث زيدان قائلاً  : 



يتبع