رواية للذئاب وجوه أخرى - للكاتبة نورا محمد علي - الفصل العاشر
رواية للذئاب وجوه أخرى للكاتبة نورا محمد علي
الفصل العاشر
كانت تتسلل حتي تصعد علي درجات السلم بهدوء، وكانها تتخفى حتى لا يشعر بها، ولكنها كانت مخطئة فلقد رائها وهو من السهل عليه رأيتها حتي لو كان مغلق العينين، نظر لأبنه الذي يضع يده علي فمه ما أن أدرك فيما بفكر والده فأبتسم لرحيم وهو يقلد خطواتها البطيئة التي لا يوجد لها صوت، ولكنها نسيت من هو ربما لم تدرك انه يستطيع ان يمشي على الهواء، لذي لم تشعر به ولا بخطواته، ولا حتي ما أن وصل ليقف خلفها علي السلم دون ان تشعر به، إلا عندما قبض على مؤخرة راسها وهو يقول...
أحمد: على فين؟!!
سهام: انا!!!
أحمد: لا أنا
سهام: أنت مش كنت عند الباب؟!
احمد: كنت!!
سهام: انت جئت هنا ازاي؟!
احمد: هتفرق!!
فقرت فمها واغلقته وهي لا تعرف كيف ترد عليه، نظره عيني تحمل قسوة تحمل القوة تحمل تهديد بعقاب لن يعجبها على الاطلاق .
همسه لها بصوت لم يسمعه الا هي رغم ان رحيم موجود في الطابق الاسفل، او بمعنى اصح على بعد امتار قليلا منهم..
احمد: او مش عايزة عقابك يبقى قدام ابنك افضل ليك وليا تطلعي قدامك..
هزت راسها بطاعة وهي تقول..
سهام: طيب سيب راسي!!
نظرا لها ابتسامه تحمل معنى الموت بين شفتيه هو يقول.
أحمد: بس كده عيني!!!
ولم ينتظر فهو بنظر لها بطريقة توحي بأنها أن لم تتحرك سوف يقوم بحملها على كتفه كانها شوال مما جعلها تفغر فمها وتنظر الى رحيم الذي يغمز لها ويتحرك دون أن يستطيع أن يتكلم، فهو يري والده خارج عن نطاق السيطرة.. مما جعله يتجه إلي الجيم الكائن أسفل البيت
اما سهام ما ان وصل إليها المعني من نظرة الوحش حتي كانت تركض علي درجات السلم وهو ينظر في أثرها بأبتسامة ذئب ...
بينما هو يتحرك بخفه وكان امامه اليوم باكمله وليس كما توحي نظرته، كانت تدخل الغرفه وهي تستجمع نفسها، تخلع عنها تلك الطرحة، حتى تستطيع ان تتكلم بحرية ووقفت تعقد ذراعيها، وهي تستعد لتقول ما تريد فلم تفعل شيئا، حتى تخاف هي فقط خافت من رد فعله امام ابنها، والذي قد لا يكون محسوب، فهو في العادة لا يفكر بأستراتيجية كانه في العمل، ولانه في البيت سوف يتصرف بتلقائية، بعض الشيء وخاصه معها هي وهي فقط..
اما هي كانت تنظر له وهو يغلق الباب ببرود يصل الى حد الموت!! يقف امامها يعقد ذراعيه لا يتكلم لا يتحرك فيه غير النفس، وهو ينظر لها بعين كأنها من زجاج، كانها من جليد او الاثنين معا، وهو يرفع حاجب واحد وكأنه يكفي ليستفسر ويكفي ليجعلها تجاوب عن كل شيء، همست
سهام: على فكرة انا ما عملتش حاجة!
أنزل حاجبه ورفعه مرة اخرى، وكأنه يقول سامع..
سهام: جودي كانت هنا في اليوم اللي (شارلوت) بعثت فيه المجموعة الخاصة..
كان ينظر له فقط وهي تتكلم ولكنها ما ان قالت ذلك سكتت وكأنه يكفي ولكنه لم يكن كافيا على الاطلاق كان ينظر لها وكأنه وينتظر ان تكمل
سهام: هي مش حدوتهة يا احمد، كل الحكاية انها جربت حاجه من اللي بعتها شارلوت ليا وصادف انه قميص بيت، انا بصراحه سبتها تجربه لما لقيتها عاجيبها اللون، ولما حبت تسيبه عشان جاي لياوتبقي تطلب هي اللي عاوزاه وكانت هتقلعه قلت لها تخليه وأي حاجه في الموجودين دول عجباكي خذيها هي باعتة مجموع كاملة هناخذ منها اللي يعجبنا والباقي هيرجع ليها ثاني، بس كان من ضمن المجموعة ...
وسكتت وكأنها لا تستطيع ان تكمل مما جعله يعيد رفع حاجبه مرة أخرى وها هي تكمل..
سهام: هو في إيه؟! هو احنا في تحقيق؟!
نظر لها بحدة فقالت .
سهام: بس جربت حاجات ثانيه
احمد :والحاجات الثانيه دي تبقى ايه؟!
سهام :بخجل بدلة رقص..
تجمدت عينه وهو ينظر لها بصدمة ويقول..
أحمد: وبعد ما الهانم لبست البدلة حضرتك عملت ايه؟! لبستي انت كمان البدلة الثانية ؟!
سهام: لا طبعا انت بتقول ايه؟! ما حصلش!! كل الحكايه انها حاولت تتحرك بيها، وانا قلت لها ما بتعرفيش..
أقترب منها بخطوات حتى تراجعت لتسط على الفراش خلفها وهو يقول.
احمد: ليه هو انا هاتعرف عليك النهاردة، ما انا عارف وانت عارفة هي ما بتعرفش انت هتقومي بالواجب وتعملي ايه؟!
سهام: ما عملتش صدقتي ..
كان يعتليها فوق الفراش او بمعني أصح يحاصرها بين ذراعيه التي ترفع جسده عنها وهو يلصق جبهته على خاصتها، وهو يقول
احمد : طيب عيني في عينك كده!! اذدرت لعبها وهي تقول...
سهام: والله ما في حاجه حصلت، حتى انا ممكن اوريك الفيديو!! رغم انه لازال ينظر لها بحدة وعينه لم تلين الا أنهت أخذت تحاول ..
❈-❈-❈
اما هناك في فيلا عادل عبد الله كانت أوديل تنظر الى المكان الفاخر الذي لا يقل فخامة عن تلك الفيلا التي كانوا فيها، منذ قليل وهي تقول
أوديل: انها رائعه اخي..
ابتسم لها عادل وهو يهز رأسه بأبتسامة ردتها له وهي تقول ..
أوديل: انني لا احسد، اسم الصليب عليها..
نظرت إلينا له بصدمة ولكنها لم تقول شيء، اما عادل قال لها
عادل: وصلي اودي للجناح بتاعها، يمكن تحبي ترتاح او تاخذ شاور قبل الاكل وانا هاتكلم مع احمد وأثر و اروي...
هزت راسها وهي تنظر له بموافقة وهي تحرك مع اختهم الى الطابق الثاني، حيث ذلك الجناح الفاخر الذي يعد على احدث طراز من التصميم، وهي تدل أوديل على ما قد تحتاجه من اشياء، سواء كان حمام او مستحضرات تنظيف بالاضافه الى ذلك الدولاب الذي يعد فارغ الا انها قالت لها
ألينا: دقيقه واحدة انت مش معك شنطة؟!
هزت أوديل راسها بالنفي وهي تقول
أوديل: بل معي ولكنها في الفندق..
الينا : أعتقد ان جسمنا قريب من بعض!!
أوديل هزت راسها بخجل، فلقد فهمت معنى ما تقوله، الينا سوف تحضر لها بعض الملابس، التي تملكها هي لم تخبرها الا أن إلينا تحركت حتي تحضر لها ملابس لم تمس او تلبسها من قبل، وها هي تطرق الباب و تقول..
ألينا: اتمنى ان تعجبك؛ رغم ان ازواقهم مختلفة إلا أن الملابس كانت تعد راقية ومرتبة عليها، بالأضافة إلي انها فجائها ثوب يعض قصير نسبيا، اذا ما قرن بما ترتديه الينا، وكأنها تريد ان تسأل هل يرتدي المسلمين مثل ذلك! الأ أن إلينا أبتسمت لها ولم تعقب علي نظرة عينها، وهي تقول..
إلينا: هل ينقص عنك شيء؟!!
أوديل: كل شيء على ما يرام اشكرك..
تركتها إلينا وتحركت الى غرفتها، تغير ملابسها وتغسل من عناء هذا اليوم، الذي كان شاق وعصبيا وهي لا تدري الى الان ما هو العقاب؟! الذي قد تحصل عليه؛ نتيجه تهورها وكلامها الجارح، الذي ألقت به في وجه عادل دون ان تفكر في نتيجة كلامها؛ وهي لا تعرف ما هو الآتي وماذا بعد أن اخذت تتهمه بالخيانة ولعته والانحلال واشياء كثيرة، الا أنه تقبل كلامها ولم يضيف حرفا، ربما لماضيه الحافل ربما لأنه يدرك أن أي آحد مكانها كان تصرف بنفس الطريقة، هذا ما كانت تفكر فيها أما هو كان في حرب بمفرده، ممزقه بين المغفرة والقسوة، لا يعرف ماذا يقول لاولاده الثلاثة، لقد ظهرت لي اخت من العدم، لقد ظهرت لي اخت لا اعرف عنها شيء، وقد ظهرت لي اخت لا تنتمي لنفس الدين، وليس هذا فقط لقد ظهرت امي هي الاخرى بعد عمر، بعد عن شارفت على ال 70 وشارفت انا على الخمسين، اتى اللقاء من حيث لا ادري، ولكني متقبلها بكل ما تختلفه عني، متقبلها بكل ما كنت ارفضه من قبل، ها هو الثابت اصبح متغير، والمتغير اصبح ثابت!! وانا راضي كل الرضا لما تقدمه لي الحياه، لقد اعطتني فرصة لأبر أمي لقد اعطتني فرصه لأراها قبل ان ترحل، لقد اتت لي اختي من حيث لا أدري، وها هي تخبرني الحقيقة التي كانت تغيب عن بالي، تخبرني أي اب كنت انتمي إليه، أي اب زرع بداخلي الكره والحقد والمجون!! كان يجلس على ذلك المكتب ينظر امامه وكانه ينظر الى عالم آخر؛ لم يدرك متى دخل أولادها عليه؟! ولماذا يقول لهم ، بعد كل هذا التفكير، الذي اخذه بقوة الى عالم اخر، الى مكان بعيد عن حيث يجلس الآن، هذه الفجوة المغلفة داخل عقله والتي لم تعد تقوى على التفكير، تلك الفجوة الكبيرة التي تتضخم داخل جدران قلبه ذلك الوجع الذي ما زال بين نياط قلبه حتى انه يدرك الآن أن الوتين الاساسي في قلبه يكاد يتوقف عن النبض، قد يوقف حياته نفسها، وهو لازال يفكر ماذا يقول لاولاده؟! بعد هذا العمر إلا انه لم يجد شيئا ليقوله، سوى انه يريد ان يتحدث معهم في امر مهم، وعليهم ان يتقبلوه وان لا يتكلموا حتى ينتهي من كلامه، وهو نفسه يفكر هل عليه ان يخبرهم بكل شيء ؛ صرخ قلبه علي تلك الصورة السويس التي قد تنهار في عينهم وهو يكرر كل شيء!! هل علي ان اخبرهم ان جدهم كان ذلك القاسي المتحجره القلب، الذي لم يتوالى عن ان يلقي بأمي في السجن، ام اخبرهم انه افترق عنها وسار كلا في طريق وافترقت انا ايضا، لا ظنها ماتت، ماذا علي ان اقول بالتحديد؟! إلا أنه نظر الى أكبر أولاده ذلك الذي يعد قريب الشبه منه، ذلك الذي يعد صديقه والذي عامله بطريقة لم يعامله بها اباه، ثم نظر أمامه لفترة طويلة وكأنه يرى نفسه في عين ابنائه، وماذا بعد أن يحكي؟ هل سوف يظل بنفس المكانه؟! ام سوف يحمل وزرا وذنبا لم يكن سببا فيه؟! ولم يكن على كتفيه من من الاساس!! إلا أنه مضطر ان يحكي، وهنا تعرى أمام أبنائه، لم يخجل لم يتوارى وهو يحكي لهم ماضي حاول ان يجمله الى حد ما، ولكن كان الرد في ذلك الوقت دموع تسيل على وجوه ثلاثة، ينتمون له بالقلب والروح والجسد والشكل، ثلاثة ينظرون له وكأنه هو الشمس التي تدور حياتهم حولها وفي لحظة، ها هو ينكس رايته ويتكلم عن كل ما مر بماضي، أخبرهم كل ما حدث وكان سببا تفريقه عن أمه، ولم يكتفي بذلك بل قص لهم عن حياته البائسة، التي عاشها في وحدة متنقل من مربيه لاخرى، الى ان وصل به الحال على دخول اخته عليه لتخبره انها تنتمي له، انها تحمل نفس دمه، حتى انه في لحظه ظن انها الماضي وشبحه ياتي ليواجهه ويخبره انها ابنته، الى ان وضحت له اخبرته انهم من نفس الدم ..
❈-❈-❈
كل ما قاله لهم لم يغير صورته في نظرات ابناء الثلاثة، تلك المندفع التي اسرع تترك اخوتها ذكور ليفكروا بطريقتهم العقلانية ولكنها أندفعت خلف قلبها، تلقي بنفسها الى حضن ابيها تضمه، وكانها تقول له هل رايت كل هذا ابي؟!
أروي: بابا هل انت بخير ؟!!
نظر أليها عادل مطولا وهو لا يعرف ماذا يقول؟! هل هو بخير؟!!
عادل ايوه بخير..
قد يكون وجعه واضح، نتيجة كل ما حدث، في هذا اليوم إلا أنهم أستمعوا إليه وهو يخبرهم عن أودي ويطالبهم بالترحيب بها...
كان اللقاء بينهما وبين اوديل حافل، هي مختلفة كل الاختلاف عنهم، رغم ان هذه الملابس، تخص أمهم إلا انها لم تهتم ان تظهر بها امامهم، وهم يسلمون عليها يمدون يده بالترحاب والمحبة وعيون تنظر لها تتشابها كثيرا مع عينها وعين والدهم، نظرت إلي تلك الجميلة التي اقتربت منها اروى بترحب بها بمحبة حتى انا أوديل ابتسمت لها بخفه وهي تتقبل ضمتها بين يديها
اربت اوديل عليها وهي تقول بلغة عربية فصحة مرحبا عزيزتي
اروي مرحبا بكي عمتي
كان اللقاء مربك بعض الشيء، خاصة ما أجتمع على مائدة الطعام نظرت لعادل وهي ترسم الصليب على وجهها، نظرات اولاده اليها وكأنهم يسالون هل اختك تنتمي لدين اخر؟!! إلا انه ابتسم لهم وكأنه يطلب منهم ان يهدأو، فهذا شيء طبيعي أوديل لاحظت نظراتهم إليها شعرت بالخجل ولكن من حاولت ان تمد لها يد العون كانت أروى وهي تقول..
أروي: يمكنك ان تقرئي صلاة الشكر ان احببت..
ابتسمت لها وهي تقول..
أوديل: وهل تعرفي صلاة الشكر يا صغيرتي؟!..
أروي: أيوه طبعا، مهرائيل صاحبتي يعني هي كبيرة بس اخواتها في سني ولما بيجيو هنا، قبل ما بياكلوا بيصلوا صلاة الشكر، نظرت لها أوديل وهي تقول..
أوديل: وهل تقبلوا ان يصلوا صلاة الشكر في بيتكم؟!!
عادل: كل منا يعبد الله على شاكلته، في النهايه نحن دين سماوي، وانتم دين سماوي، ان تؤمني أو لا تؤمني بما اؤمن به هذا شانك، ولكن مؤمن بوجود مريم العذراء والمسيح عليه السلام، وهذا من الايمان في ديني، أن أومن بالاديان السماويه الثلاثة..
هزت راسها لاخوها بابتسامه وبعدها تناول الطعام في صمت...
مر الوقت عليهم وكل واحد منهم صعد إلي غرفته، الا عادل دخل الى المكتب يجلس مع ذاته وكانه ينتظر ان يحاسبها او تحاسبه، ان يجلدها او تجلده، وبعد وقت كان يأوي الى فراشه، ليجدها تجلس وكأنها تنتظره، ولكن فقط نظرة واحدة منه جعلتها تتراجع، وتختفي لهفاتها التي ظهرت على وجهها، وهو يقول..
عادل : الافضل لي وليك الوقت انك تنامي يا ام احمد!!
اما هناك كانت سهام تنظر له وهي تتوقع ان يلين أو يتقبل كلامها، وخاصة ما أن اقترب من شفتيها يقبلها بشغف، ولكن ذلك الشغف محمل بالقسوة، وكأنه يأكل شفتيها أكل، وما أن تعمق في قبلته ووجد يدها تحاوط عنقه، تقربه منها حتي انتفض، ينظر لها بغضب وعينه تقول مش كده هنحل مشاكلنا !!
ثم تركها لينام علي ظهر، وعينه تنظر الي السقف للحظة عله يستعيد سيطرته علي نفسه، وقبل أن تقترب منه مرة أخري كان ينهض من الفراش وهو يرتب شعره وملابسه، ويغلق الباب خلفه، ويتحرك إلي جناح اخته ولكنه وقف علي الباب، ينظر له قبل ان يطرق او حتي يفتح الباب، لكنه تراجع تركها لتهدئ او لتفكر في ما تريد أن تقوله او لا تريد، ونزل الدرج بخفه، كاد ان يدخل إلي المكتب إلا أنه وقف علي باب الجيم، يستمع إلي ضربات رحيم لرسن وكأنه ورأ كل ضربة وجع كل هذا العنف الغير مبرر ليس تمرين علي أي حال، ربما لم يشعر به رحيم، او لم يشعر بوجوده من الاساس، الا ان أحمد شعر بكل أه لم تخرج من قلب أبنه، وقتها ذاد الوجع الي أن انتبه أبنه لرائحة عطر والده المميز، التي غزت أنفه، وانتبه أن هناك من يراقبه التفت لينظر إلي الباب، بأبتسامة شاحبة لم تصل إلي عينه، وهو يحاول أن يظهر طبيعي
أحمد: مالك؟!
رحيم : انا !!
رفع احمد حاجبه ونظر لأبنه كأنه يقول دون صوت؛ لا تتهرب اريد الحقيقة، إلا أن رحيم نظر له بصمت لا يقوي علي النطق او الكلام !!
احمد: شكل في كلام كثير على لسانك، وشكلك بتقاوم تقوله ، يمكن لو تكلمت ترتاح..
رحيم : مفيش كل الحكايه اني تعبت شوية في المهم اللي فاتت..
احمد: مع انها مهمة سهلة وأسهل من انك تعملها..
نظر له رحيم بوجه جامد الأ أنه لم يقوى أن يتكلم او يقول رد المناسب فماذا يقول له؟! لسنا جميعا مثلك، اسهل شيء عليك ان تقتل، الموت ليس بهذه السهولة، التي تتوقعها رغم أن عينه قالت الكثير، الا ان شفتيه ظلت صامتة، ولكن ما فائده الكلام ان كان يستمع الى صامته، ويعرف معنى حروفه، ويستطيع ان يفهم ماذا يقول الفتى ..
نظره له مطولا وهو يدرك أن هناك اكبر بكثير من مجرد أنه قتل أحدهم او قام بتصفيه أحد الخونة، هناك شيء اخر!! هناك دمعة ممزوجة بلمعه مخلوطة بالحزن، رغم ان كل ما قاله رحيم بعينيه وصل الي الوحش الأ انه هز راسه لأبنه وتحرك ،وكانه لا يريد ان يخبره انه مكشوف أمامه، فهو يعرفه كما يعرف خطوط يده، ألا ان هذا الامر بسيط على رحيم فهو يعرفه جيدا، كما يعرف اسمه، الا انا احمد لم يتكلم او يضيف المزيد، تحرك الى حيث مكتبه جلس على ذلك الحاسب الالي، المتصل بسستم البيت ليرى ما قالته سهام رغم انها كانت صادقة إلى حد ما، إلا أنه إلى الآن لا يتخيل الموقف الذي وضع فيه، بسبب ما حدث ولا يتخيل رد فعله الذي سوف يقع علي ياسين والذي قد يوجهه إليه لقد وصل به الامر ان يفكر ان يجعله يطلقها، فهو لم يزوجها له من الاساس، ليرى الدمع في عينيها، أن كان لا يستطيع ان يقدر النعمة التي بين يديه، فليتركها فهناك الكثير من يحلمون ان ينظر اليها فقط، لا ان يمتلكها!! الغضب الذي يتحرك داخل جدران قلبه كان واضحا بصوره قويه؛ على وجهه المتسم بحدة، وهو ينظر الى ذلك الفيديو الذي يعد دقائق معدودة، ومن الواضح انه لا يوجد فيه ابتزال، الا انه بكل بساطه اشعل نيران الشك في قلب ياسين، ومع ذلك ورغم انه يفكر بطريقته، الا انه لن يغفر و لن يسمح له أن يتطاول عليها او يهينها..
مضي الليل طويل عليهم جميعا، الينا تتقلب في مرقدها، وعادل بدل ملابسه وترك لها الفراش!!
سهام تنتظر ان ياتي بعد ان يتاكد من صدق كلامها، الا انه بقي في المكتب..
جودي لا زال دمعها لم يجف علي خدها وهي في أسوء كوبيسها لم تتوقع منه الشك والاتهام!!
رحيم يفكر بتلك التي غزت قلبه
وكانت سبب لوجعه وسهره وقلة راحته ...
فكانت ليلة عنوانها الواجع على الجميع..
حتى انا ياسين كان يتحرك في بيته على غيره هدى، يشعر بانه مجروح وجارح، مذبوح وذابح لنفسه بهذه المهزلة، التي كان هو السبب الاساسي فيها، كيف له ان يشك فيها ؟!وهو يعرف جيدا، كما يعرف خطوط يده، هي من تعد ابنته قبل ان تكون زوجته، هي عشق عمره وحبه ودفئ حياته، كيف استطاع أن يفكر فيما وصل اليه تفكيره؟! لما بحثت في هاتفها من الاساس؟! لكن سؤال يطرح نفسه، جعله يلوم على نفسه للمره المائة، ولكن اللوم على النفس ليس كافيا في بعض الاحيان، فالعقاب لن يكون هينا، ولن يكون لينا و خاصة حينما يتذكر نظره الوحش، التي جمادته مكانه، جعلته يدرك ان غضبه قد يطوله، قد يرسله الى حافه الجنون او الموت او الاثنين معا، كان يتحرك الى الفراش ولكنه شعر بانه بارد جامد لا روح فيه، لقد ارسل احمد احد ليأخذ ابنه الصغير، الى حيث بيت خاله، حيث توجد امه!! بينما يبقى هو بين هذا البيت الكبير وحيدا، ينظر الى كل مكان يذكره بها ويشعر بالندم، الذي لا يكفي ليكفر عن ما حدث...
يتبع...