-->

رواية قلبي بنارها مغرم - بقلم الكاتبة روز أمين - الفصل الأخير

 

رواية قلبي بنارها مغرم

بقلم الكاتبة روز أمين 




الفصل الأخير 

رواية 

قلبي بنارها مغرم 



ما أجمل الوصّلِ بين قلوب العاشقينَ

 بعد أوجاع الفُراق 

ومذاقهُ المُر

 وحنين الروحْ للحبيبِ 

والشعور بالإحـ.ـتراق 


بقلمي روز آمين 


بعد مرور إسبوعان 


دلفت السكرتيرة الخاصة بأحد رجال الأعمال المتعسرين بسبب الديون المتراكمة عليه ويرجع ذلك لوضع الإقتصاد العام داخل البلاد، وتحدثت : 

_ حسين بيه،  فيه شخص موجود برة وطالب يقابل حضرتك ضروري، وبيقول إنه عاوزك في موضوع هام جداً ويخصك  


نظر لها وتحدث مستفسراً: 

_ إسمه إيه الشخص ده ؟ 


أجابتهُ بإستغراب : 

_ ما أعرفش يا أفندم، أنا طلبت منه كارت تعريف علشان أقدمه لحضرتك،  لكن رفض وقال لي إن إسمه مش مهم قصاد الخدمة اللي هيقدمها لحضرتك وينجدك بيها 



ضيق حسين عيسي عيناه بإستغراب وأردف قائلاً بفضول:

_ دخليه لما نشوف حكايته إيه ده كمان 



أومأت لهُ بطاعة وخرجت،بعد قليل دلف ذاك الضابط التي لفقت لهُ إيناس من قبل تهمة الإدعاء وتلفيق تهمة المخدرات لموكلها الفاسد مما تسبب في مشاكل عدة لذلك الضابط، ومنها نقلهِ إلي محافظة بعيدة عن المدينة ومطرفة، وايضاً إيقاف ترقيتهُ التي كانت علي مشارف الأبواب، فلذا قرر التربص لها وتدبير مكيدة تُنهي علي مشوارها العملي قبل أن يبدأ 




كان متخفياً خلف نظارتهُ الشمسية الكبيرة والقُبعة الموضوعة فوق رأسهُ ،  وذلك لإخفاء معالم وجههُ لأمنهُ وحمايته،  ألقي السلام علي حسين الذي تحدث بنبرة فضولية: 

_ممكن أعرف مين حضرتك وإيه هو الموضوع المهم اللي طالب تقابلني بخصوصه  ؟ 


أجابهُ الضابط بنبرة واثقة : 

_ أظن مش هيبقا مهم تعرف أنا مين قصاد السبب اللي أنا جاي لك علشانه  


قطب حسين جبينهُ وتسائل مُستفسراً: 

_ شوقتني أعرف سبب تشريفك ليا 


إبتسم الضابط وأخرج من جيب حلتهُ ورقتان وبسط ذراعهُ ووضعهما أمام عيناه بدون حديث،  نظر حسين إلي الورقتان وما أن دقق النظر بهما حتي جحظت عيناه وهتف مُتسائلاً بإستغراب: 

_ إنتَ جبت الشيكات دي منين وإزاي   ؟! 


أجابهُ بإقتضاب بعدما سحب يدهُ بالشيكات وهو يضعها من جديد داخل جيب حِلته : 

_مش مهم جبتهم إزاي،  المهم إن الشيكات بتاعتك بقت معايا والقضية اللي رافعها عليك الخصم أصبحت فشنك وزي قلتها 



نظر لهُ متلهفً ثم تمهل قليلاً وتفكر وهتف بفطانة : 

_ طب ممكن أعرف إيه المطلوب مني قصاد الشيكات دي؟ 


إبتسم لهُ الضابط بخفوت وأكمل حسين بذكاء: 

_ما هو مش معقول هتيجي لحد هنا وتجيب لي شيكات بـ إثنين مليون جنية ومتكونش عاوز قصاد إنك تديهم لي خدمة،  وأكيد خدمة كبيرة كمان 


أردف الضابط قائلاً بنبرة واثقة :

_ إطمن، اللي أنا طالبة حاجة بسيطة جداً قصاد قيمة الشيكات 

  


نظر لهُ حسين مُترقبً تكملة الحديث فأكمل الضابط بدهاء:

_  كُل اللي مطلوب منك إنك تتصل بالمدعي حالاً وتبلغه إن المحامية بتاعته باعته وأديت لك الشيكات مقابل مبلغ مادي كبير 


وأكمل شارحً:

_ ولما الخصم يرفع قضية علي إيناس عبدالدايم، تروح النيابة وتشهد إنها أخدت منك الفلوس وأديتك الشيكات بعد ما فهمتك إنها وسيط بينكم، وإنها هتدي الفلوس للخصم وتسحب القضية اللي بالطبع مبقتش موجودة في حالة عدم وجود الشيكات معاها 



نظر لهُ حسين وتسائل بترقب: 

_ بس كده؟ 


رفع الرجل كتفاه بمعني فقط لا غير، فتسائل حسين بفطانة وهو يحُك ذقنه بكف يده : 

_ طب وإنتَ إيه مصلحتك في كده  ؟ 


تحدث الضابط بنبرة حادة أرعبت حسين : 

_ مش شُغلك،  إنتَ كل اللي يهمك تاخد شيكاتك اللي كانت هتتقدم بكرة للنيابة وهتلبس فيها علي الأقل من تلات لسبع سنين سجن 


ثم وقف وتحدث بنبرة غاضبة كي يجبر حسين علي الموافقة : 

_ ولو مش عاجبك العرض اللي بقدمهُ لك يبقا تنسي إنك شوفتني وتعتير نفسك ما قابلتنيش أساساً 


  وكاد أن يتحرك أوقفهُ هتاف حسين الذي ترجاه بالتوقف،  وأمسك الهاتف وتحدث بنبرة هادئة وأبلغ الخصم بما أملاهُ عليه ذاك الغريب الغامض بالتفصيل المُمل ، مما جعل الخصم يستشـ.ـيط ويُقرر التحرك علي الفور متجهً إلي مكتب إيناس ليتأكد بنفسهِ من ذاك الخبر المشؤوم قبل أن يتخذ إجراءاته القانونية 


في حين أخرج الضابط هاتان الورقتان وتحدث وهو يُبسط ذراعهُ بهما قائلاً بإستحسان  : 

_ مبرك عليك الشيكات يا حسين بيه 



إلتقطهما حسين متلهفً ودقق النظر من إمضائه ثم تنهد براحة بعدما تأكد من خطهُ وتحدث بسعادة وشكر وهو يُمزقهما إربً: 

_ أنا مش عارف أشكرك إزاي علي اللي عملته معايا ،  إنتَ مش عارف إنتَ عملت لي إيه لما اديتني الشيكات دي،  أنا كان بيتي هيتخرب 



تحدث الضابط وهو يقف إستعداداً للمغادرة:

_  أشكر الظروف اللي خلت مصلحتنا تبقا واحدة 


وأكمل بتأكيد:

_ أهم حاجة زي ما أتفقنا، لما يستدعوك في التحقيق تقول اللي إتفقنا عليه 


وأكمل بنبرة تهديدية وتعابير وجه مرعبة :

_  وإوعا تفكر تغير في الكلام ده لأن ساعتها هضطر أزعل،  وأنا زعلي وحش اوي يا حسين،  والمحامية إيناس أكبر دليل علي كلامي ده ، فاهمني يا حسين ؟      


إنتفض داخل حسين من تغيير ملامح هذا المجهول الصارم وتحدث مفسراً:

_ وأنا إيه مصلحتي إني أغير إتفاقنا، الشيكات وأخدتها وقطعتها كمان، يعني هروح أقول لهم لو سمحتم إحبسوني  ؟


ذهب الضابط بعدما حقق إنتقامهُ الذي بات يعد لهُ عدة شهور ليُنهي علي مسيرة إيناس المهنية مثلما فعلت معهُ وليكن العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم 


                       


داخل مكتب إيناس رفعت عبدالدايم 


كانت تجلس داخل مكتبها،  ترتدي نظارتها الطبية، تبحث ملف قضية لرجُلٍ فاسد كمعظم قضاياها التي باتت تقبلها وتعمل بها  ، وذلك بعدما إختارت هذا الطريق ليُصبح نهجً لها وقد قررت هذا لما يدفعهُ أصحاب تلك القضايا من أموال طائلة ستحقق لها هدفها الرئيسي من الحياة، وهو جني المال الوفير بأقصي سرعة وبأي وسيلة 


وبرغم إنشغالها بعملها اللاأخلاقي،  فلا يغيب عن عقلها قاسم وما فعلهُ بها،  فقد كانت تفكر طيلة الوقت بالطريقة التي سترد عليه بها وبقوة ،  لكنها أجلت إنتقامها لحين وجود ثغرة له داخل عمله أو حياته  ،  فقاسم لا يقبل سوي القضايا النظيفة وينتقي موكليه من أصحاب السمعة الطيبة وهذا ما جعل إنتقامها صعب حالياً 


إنتفضت بجلستها حين فُتح الباب سريعً ودلف منه ذاك الثائر المسمي بـ عاطف وهدان، ويليه عدنان وهو يحاول إيقافه متحدثً  :

_ ما يصحش كده يا عاطف بيه   


وقف عاطف مقابلاً لهما وتحدث بنبرة حادة:

_ هو إنتم لسه شفتوا مني اللي ما يصحش يا شوية نصابين 


واسترسل مهدداً:

_ ده أنا هوديكم في ستين داهية لو الكلام اللي وصلني طلع صحيح


سألته إيناس بنبرة متعجبة لأمره :

_ فيه إيه يا عاطف بيه،  إيه اللي حصل لكلامك ده ! 

ثم إزاي تسمح لنفسك تقتحم مكتبي بالطريقة الهمجية دي  ؟  


تحدث ساخراً بوجهٍ مستشاط: 

_ فين الشيكات بتاعتي يا حضرة المحامية المحترمة 


قطبت جبينها بإستغراب وتحدثت بنبرة واثقة: 

_ الشيكات بتاعتك موجودة في خزنتي اللي هنا 


أشار بيدهُ وهتف قائلاً  : 

_ طب لو موجودة بجد إتفضلي وريها لي حالاً 


إستغربت طريقتهُ الفظة والمليئة بالإتهام لكنها فضلت الصمت ،  وتحركت نحو الخزنة وقامت بفتحها ومدت يدها بكل ثقة لتخرج ذاك المظروف الأصفر التي تضع بداخلهُ الشيكات 



لم يأتي بمخيلتها أن ذاك الضابط التي لفقت له من ذي قَبل تهمة الإدعاء وتلفيق تهمة المخدرات التي أوقفت مسيرتهُ وسببت لهُ العديد من المشاكل هو من سيعمل علي تدميرها 


فقد وضع شخصً لمراقبتها وأيضاً طلب من أحد معارفهُ مراقبة هاتفها، وقد خدمهُ الحظ عندما إستمعها بإحدي مكالماتها المسجلة مع أحد موكليها تتحدث عن شيكان بمبلغ مليوني جنيه مصري،  وقد كان،  فقد شعر انهُ قد أن الأوان لأخذ الإنتقام الذي صبر عليه ستت أشهر كاملة ليأكلهُ علي البارد ويتلذذ به. 


فقد بعث رجالهُ المخلصين لهُ والمتخصصين داخل جهاز الشرطة وقاموا بفتح باب المكتب بمهارة عالية، بعدما إرتدوا القفازات حرصً علي ترك بصماتهم داخل مسرح الجريمة،  ودلفوا منه بكل هدوء وفتح أحدهم الخزنة بكل سلاسة بعدما تفقدوا المكتب جيداً ولم يعثروا عليهما، وبالفعل تم العثور علي الشيكات ورتبوا المكان جيداً كي لا يثيروا الشكوك وانسحبوا كما عادوا بعدما تمت مهمتهم بنجاح   


جحظت عيناي إيناس عندما وضعت يدها داخل المظروف وأخرجتها خاوية،  جن جنون ذاك الـ عاطف الذي هتف بطريقة فظة  :

_ فين الشيكات يا نصابة 


إبتلعت لُعابها وهتفت بنبرة حادة مصطنعة بصعوبة  : 

_ من فضلك يا عاطف بيه تهدي وبلاش تغلط علشان ما ترجعش تندم 


صاح بها عالياً ومهدداً  : 

_ بتقولي لي أنا هندم، ده اللي هندمك علي شبابك اللي هيضيع وإنتِ مرمية في السجن لحد ما تتعفني يا نصـ.ـابة يا حرامـ.ـية 


إرتبكت هي وتدخل عدنان بنبرة مهدئة:

_ إهدا يا عاطف بيه واتفضل حضرتك روح علي شركتك وإحنا لما نلاقي الشيكات هنتصل بيك ونطمنك  


صاح بهِ وهتف بنبرة غاضبة:

_ أنا همشي فعلاً، بس مش علي شركتي يا شريك زعيمة العصـ.ـابة، انا هخرج من هنا علي قسم الشرطة علشان أقدم بلاغ في الهانم المحترمة اللي خانة الأمانة وباعت الشيكات للمدعي عليه 


إنتفض قلبها وأسرعت إليه لتُمسك بذراعه وتتشبث به وهتفت لتنفي حديثهُ : 

_  الكلام اللي حضرتك بتتهمني بيه ده ما حصلش 


وأكملت برجاء:

_  أرجوك إتفضل أقعد واديني مهله ربع ساعة بس،  وأنا هقلب فيها المكتب علي الشيكات وأكيد هلاقيهم 



نظر لها بعيون تطلق شزراً فتحدث عدنان: 

_  من فضلك يا عاطف بيه توافق،  هي ربع ساعة بس


تحدث قائلاً بنبرة صارمة: 

_ مع إني متأكد إنهم مش موجودين بس هخليني وراكم لحد ما أشوف هتوصلوني لفين بكذبكم ده 


قطبت إيناس جبينها مستغربة تلك الثقة التي يتحدث بها المدعو عاطف وهدان، فتساءلت بذكاء  :

_ وإيه اللي خلاك متأكد أوي كده إن الشيكات مش موجوة  ؟


ثم أكملت بنبرة تشكيكية وعيناي ضيقتان:

_  ثم إيه اللي خلاك تيجي تسأل عنهم في الوقت ده بالتحديد  ؟!   


أجابها ساخراً بنبرة تهكمية: 

_ شريكك اللي روحتي بعتيني ليه هو اللي إتصل عليا وقال لي إصحي يا مغفل وشوف اللي بيحصل من ورا ظهرك 


إتسعت عيناها بذهول وهتفت نافية  : 

_محصلش،  والله ما حصل 


أجابها بنبرة حادة : 

_ علي العموم كله هيبان الوقت 


تحركت سريعً هي وعدنان والسكرتيرة وقلبوا المكتب رأساً علي عَقِبٍ ولم يجدوا أثراً للشيكان، فذهب عاطف وهدان تحت توسلات إيناس وعدنان والتي ضرب بها عرض الحائط وتوجه مباشرةً إلي مركز الشرطة وقدم بلاغً يتهم به إيناس بخيانة الأمانة القانونية وبتبديد الشيك وبيعهُ إلي المدعي عليه



وبالفعل تم إستدعاء إيناس والتحقيق معها في الواقعة، وقد أنكرت الإتهام وتمت المواجهه بينها وببن حسين عيسي الذي إتهمها بأنها سلمته الشيكان واستلمت المليوني جنيه وذلك بعدما أبلغته أنها أتيه بأمر من عاطف وهدان وتحت رعايته لحل الخلاف بينهما 


  

إستمعت النيابة إلي المدعي عليه الذي أصبح شاهداً في عدم وجود الشيكات وأمرت بحبس إيناس أربعة أيام علي ذمة التحقيق 


تحدثت بإرتياب إلي عدنان: 

_ مفيش غيره قاسم النُعماني اللي عمل فيا كده 


أردف عدنان قائلاً بنفي  : 

_ مظنش إن قاسم يكون بالاخلاق دي،  ثم إحنا إشتغلنا معاه كتير وياما حاولنا نقنعه بإنه يقبل القضايا اللي بتحتاج شغل من النوع ده وهو رفض 


أجابته بنبرة غاضبة وملامح وجه حادة : 

_ ده في اللي يخص شغله يا أستاذ ،  لكن هو قاصد يإذيني ويسبقني بخطوة قبل ما أنتقم منه علي اللي عمله فيا  


وتحدثت بنبرة مستسلمة: 

_ روح له يا عدنان وقول له إني خلاص مش هأذيه،  أطلب منه يخرجني من القضية زي ما دخلني فيها وأنا هسيبه في حاله



أطاعها عدنان وذهب مباشرةً إلي مكتب قاسم الذي أصبح من أكبر ثلاثة مكاتب محاماة داخل العاصمة وذلك لذكاء قاسم وفطانته وايضاً سعيهُ الدائم وأجتهادهُ،  بالإضافة إلي ضميرهُ المتيقظ دائماً مما جعلهُ يكتسب إحترام العملاء والوثوق به من قِبل الجميع 



وقف أمام سهي السكرتيرة وطلب منها الدخول إلي قاسم، فأخبرته سهي بأن أچندة العمل الخاصة بقاسم ممتلئة لمدة لا تقل عن شهر مقدماً،  فتوسل إليها وطلب منها الدخول إلي قاسم وإخبارهُ بأنهُ يريد مقابلتهُ ضروري وبشكل شخصي 


دلفت سهي إلي قاسم وأخبرته، وبدورهُ وافق لعلمهِ بقضية إيناس،  فعالم المحاماة لا يُخفي به شئ


دلف عدنان وجلس وبعدما نقل رسالة إيناس إليه تحدث قاسم بنبرة حادة:

_ إنتَ إتجننت يا عدنان، إنتَ إزاي تفكر في إني ممكن أعمل التصرف اللاأخلاقي ده مع أختك أو غيرها   ؟  


زفر عدنان بإستسلام وتحدث بنبرة ضعيفة: 

_ أنا كمان قولت لها نفس كلامك ده يا قاسم،  بس غصب عننا، دماغنا هتنفـ.ـجر من كتر التفكر في اللي ممكن يكون عمل كده، ومش قادرين نوصل لحاجة 



رمقهُ قاسم بنظرة حادة وهتف قائلاً: 

_  أعدائكم كترت بسبب شغلكم المشبوة يا رجل القانون،  أكيد ضحية من ضحياكم اللي بتجنوا عليهم في القضايا الشمال اللي بتترافعوا فيها،  تلاقيه واحد منهم وحب ينتقم 


تنهد عدنان لصحة حديث قاسم وتحدث بنبرة راجية: 

_ أنا ليا عندك رجاء يا قاسم وأرجوك توافق 


قطب قاسم جبينهُ منتظراً الإستماع لباقي حديث عدنان الذي تحدث بعيناي راجية :

_  أنا عاوزك تمسك القضية بتاعت إيناس وتترافع فيها،  إنتِ قدرت تحقق سمعة طيبة كمحامي وبقا ليك مصداقية عند القُضاه  ، وأكيد سُمعتك الطيبة هتفرق في الدفاع عنها وتعزز موقفها قدام المستشارين والقاضي اللي هيحكم 


نظر لهُ قاسم وتحدث برفضٍ قاطع  : 

_أسف يا عدنان،  أنا مش هضحي بسُمعتي اللي إنتَ أشدت بيها دي علشان أي حد 


أردف عدنان قائلاً بنبرة إستعطافية : 

_ أرجوك يا قاسم تقبل القضية،  إقبلها حتي إكرامً للعيش والملح اللي كانوا بينا 


نظر إليه وتحدث بإستهجان: 

_ اي عيش وملح اللي بتتكلم عنه ده يا عدنان، العيش والملح اللي خنتوه وحاولتوا بكل قوتكم إنكم تهدوني وتدمروا كل حاجة صح في حياتي  ؟ 


وأسترسل مستشهداً  :

_ وأخرهم علاقتي بمراتي اللي أمك وأختك جم بكل بجاحة علشان يفضحوها ويكسروها قدام البلد كلها ويعرفوا الناس إني متجوز عليها  ؟


وأردف قائلاً بنبرة نادمة:

_  إنتم أكتر ناس أذيتني في حياتي برغم إنكم أكتر حد إتعاملت معاه بنية طيبة وأمنت لكم 


وأكمل بنبرة صارمة:

_ إنتم صفحة سودة في حياتي وقفلتها ومن الغباء إني أرجع وأفتحها من جديد


وأكمل بنبرة صارمة:

_ إنتَ وأختك إخترتم طريقكم ومشيتوا فيه،  وده النتيجة الطبيعية لإختياركم،  جه وقت دفع الحساب يا عدنان 



وأكمل  بمرارة : 

_ أنا دفعت حسابي بالكامل وسددت كل ديوني ،  سيبوني بقا أكمل حياتي علي نضافة مع مراتي وإبني، وأحاول أعوضهم عن القُهـ.ـر والظُلـ.ـم اللي شافوه علي إيديا بسببكم  


نكس عدنان رأسه وخرج من المكتب يجر أذيال خيبته نتيجة ما صنعته أياديهم 


ذهب الضابط إليها في اليوم التالي وتحدث بنبرة شامتة: 

_  إيه رأيك في هديتي ليكي،  بقا لي كتير أوي بجهز لك فيها وبتمني إنها تعجبك 


جحظت عيناها وهتفت بذهول  : 

_ إنتَ اللي ورا اللي حصل لي ده  ؟ 


قهقه عالياً وأجابها بكل فخر: 

_ ومين غيري بيعزك لدرجة إنه هيخليكي تعفـ.ـني وإنتِ مرمية في السجن يا حقيـ.ـرة 


وأسترسل حديثهُ ساخراً :

_  ليكِ حق ما تعرفيش تحددي مين اللي ورا اللي حصل لك


وأكمل متهكمً:

_ وإنتِ هتحددي إزاي يا مسكينة من كتر ضحاياكي اللي ظلمتيهم بألاعيبك القـ.ـذرة وبتلاعبك بالقانون اللي تفوقتي في فهمه،  وبدل ما تستفادي منه وتحاولي تخدمي الناس المظلومة وتجيبي لهم حقوقهم،  استخدمتيه في نصرة الظالم وتجبره،  وظلم المظلوم أكتر 


وأكمل شامتً: 

_بس ضميرك الملوث وقلبك الأسود وقعوكِ في شر أعمالك ورموكي في طريقي وخلوكي جيتي عليا، وأنا اللي بييجي عليا بفرمة تحت جزمتي زي الصرصـ.ـار 


كانت تستمع إليه بذهول ورهبة، 


وأكمل بنبرة تهديدية وتعابير وجه مرعبة  : 

_ ورحمة أبويا اللي عمري ما بحلف بيه باطل،  لأخليكِ تقضي اللي باقي لك من عمرك مرمية علي البورش وكل ما تخلصي مدة عقوبة لقضية،  هخترع لك قضية غيرها وألبسك فيها 


  فأكمل وهو يودعها ويتجه إلي الباب: 

_ وده جزاة اللي يلعب مع أشرف عساف يا شاطرة 


خرج هو وأرتمت هي فوق المقعد بإستسلام لمصيرها المُظلم الذي بات محتمً، وذلك لعلمها جبروت أشرف عساف ولكن غبائها وذكائها الخارق في القانون جعلها تغتر بحالها وتتلاشي التفكير بجزئية أخذ إنتقامهُ منها 


وبهذا قد يكون تحقق وعد الله بأن رد كيدهم في نحورهم، وبعدما كانت هي من تسعي لأذية قاسم، وضع الله في طريقها من يؤذيها ويرد كيدها في نحرها  


وصلت القضية إلي المحكمة ودافع عنها عدنان ولكنه خسر القضية أمام الأدلة المثبتة عليها،  وحُكم عليها بالسجن ثلاث سنوات ودفع غرامة خمسون ألف جنية،  مما جعل رفعت عبدالدايم يتـ.ـألم لما وصل به حال إبنته وكعادتهُ الضعيفة، ترك المنزل إلي عدنان وكوثر منسحبً بإذلال ، وأستقال من عمله وعاد إلي الشرقية بعدما أُصيب بإكتئابٍ مزمن ليُقضي ما تبقا لهُ من حياته منعزلاً عن الجميع وكأنهُ يعاقب حالهُ علي ضعفهِ المهين أمام سطو زوجته وجبروتها وإعوجاج أبنائه وسلوكهم لطريق الشيطان 



أما كوثر فقد أشرفت علي فقدان عقلها بسبب ما حدث لإبنتها التي دائماً ما أعتبرتها كنزها الثمين وهدفها الذي سيوصلها لتحقيق أحلامها بالغناء الفاحش بأسرع الطُرق وبكل الوسائل ،  ولكن أنظر ماذا حدث بسبب طمعها هي ونجليها 

                            

❈-❈-❈


بعد مرور حوالي سبعة أشهر 


كان يغفو فوق تختهُ بثباتٍ عميق، منبطحً علي بطنه، شعر بشئ يصعد فوق ظهرهُ ويتحرك بسلاسة حتي وصل لنقطة الامان في منصف الظهر وتوقف ، وضع كف يدهِ الرقيق وبدأ بإصدار صوت ملاغاه لأبيه الغالي وهو يحاول جاهداً نطق كلمة بابا،في محاولة لـ مالك وهو يحاول إيقاظهُ بعدما إنتقل من مهدهِ الملتصق بتخت أبويه، مما جعل ذاك الناعس يستفيق علي الفور وينظر إلي صغيرهُ بسعادة غامرة لقلبهِ السعيد 


مد ذراعهُ بحرصٍ شديد وهو يتمسك بغاليه خشيةً وقوعهُ من فوق ظهره، وسحبهُ برفق ووضعهُ داخل أحضـ.ـانه وتحدث إليه بإبتسامة واسعة بينت صفي أسنانة:

_  صباح الفل يا جلب وعجل بابا 


ضحك الصغير وفرك بيداه وساقيه بسعادة بالغة،  رفع قاسم رأسهُ وبات يزغزغهُ ويداعبهُ تحت سعادة وضحكات الصغير التي صدحت في الغرفة وأضافت إليها البهجة والسعادة، 


سحب قاسم جسدهِ لأعلي سانداً ظهرهُ بظهر التخت، وحمل صغيرهُ فوق صدرهُ وتحدث إليه بإستفهام وكأنهُ يفهمهُ :

_ هي ماما سابتنا وراحت فين، تكونش هچت؟ 



وقام بدغدغدة جسـ.ـدهِ مما جعل الصغير يكركر فأكمل قاسم:

_ شفت أخرة چلعك عليها إنتَ وأبوك ، الست طَفشت منينا وهچت ومعنعرفولهاش طريج تاني 


ثم إستمع لصوت المياه داخل المرحاض فتحدث بإطمئنان لطفلهِ الذي يستمع إليه بإنصات وكأنهُ يفهم كلماته : 

_ ظلمناها،  لساتها چوة في الحمام 


وبعد قليل فُتح باب المرحاض وخرجت منه صفا وهي ترتدي ثوب الإستحمام ( البُرنس )  وتلف رأسها بمشفة كبيرة، مرر بصرهِ فوقها من رأسها لحتي مخمص قدميها بإعتراض 


في حين تحدثت وهي تنظر إلي كلاهما بنظرات متشوقة:

_ صباح الخير يا حبايبي ، أخيراً صحيتوا 


همهمَ صغيرها الذي ينظر إليها ويُشير عليها متشوقً لضمة حُضنـ.ـها فهرولت إليه وألتقطته من فوق صَـ.ـدر حبيبها وأردفت قائلة وهي تُدلل صغيرها وتُهدهدهُ  : 

_ صباح الفُل يا مالك جلب ماما 


وباتت تُقـ.ـبلهُ بشغف، أخرجها من لحظات السعادة الغامرة مع طفلها صوت ذاك المعترض بصوتهِ الحاد حيثُ قال: 

_ مين اللي سمح لك تدخلي تاخدي شاور لوحدك يا هانم  ؟

وأسترسل معاتبً إياها: 

_ ومنين چات لك الچُرأة تجومي وتفوتي حضـ.ـني؟ 


نظرت إليه وأبتسمت خجلاً ثم تحدثت لإسترضائه: 

_ مهونتش عليا يا حبيبي، لجيتك رايح في النوم صعبت عليا أصحيك،  جولت أدخل أن أخد حمام دافي بسرعة وأخرج أصحيك 


رد عليها متوعداً بغيظ : 

_ طب چهزي حالك علشان عتدخلي دلوك وياي تعيدي الشاور اللي فرحانة لي بيه دي 


ضحكت بدلال وتحدثت وهي تناولهُ الصغير: 

_ طب بطل چلع وخد ولدك حطه في سريره، وجوم خد لك شاور علي ما أمشط شعري لجل ما ننزل تحت ونلحج الفطار 


وضع صغيرهُ داخل مهدهِ وتحرك إلي تلك التي حررت شعرها من تلك المنشفة لتبدأ بتمشيطهُ ،  وقف خلفـ.ـها وحاوط خصـ.ـرها وألصـ.ـقها به ثم دفن أنفهُ وفمه داخل عُنـ.ـقها وتحدث بدلال :

_ طب تعالي معاي لچل ما تساعديني وأخد الشاور بسرعة 


أبعدت جسـ.ـدها عنه وتحدثت بنبرة تعقلية رُغمً عنها : 

_ بطل چلع يا قاسم وأدخل يلا،  إتأخرنا علي چدي وزمان الفطار بدأ 


قربها منه من چديد وتحدث بإشتياق: 

_وإيه يعني لما ننزل بعد ما الفطار يبدأ ، ولا حتي نفطروا إهنيه ونجضي اليوم كلاته في حُضـ.ـن بعضينا إحنا وولدنا  


إستدارت له ثم لفت ساعديها حول عنقـ.ـه وتحدثت بدلال:

_ لو إنتَ مشتاج لي جيراط، أني مشتاجه لك أربعة وعشرين،  بس بالعجل يا حبيبي 


وأكملت شارحة: 

_ إنتَ عارف إن أبوي وأمي معيجلهمش نفس ولا عيفطروا غير لما يشوفوا مالك بعنيهم وياخدوه چوة أحضانهـ.ـم،


وأكملت بدلال لإسترضائه:

_  وليك عليا يا سيدي بعد الفطار نسيب مالك عِند أمي ونطلع نجضي اليوم كلياته إهنيه لحالنا 


تنهد بإستسلام وفك وثاقها بعدما وضع قُبلـ.ـه حنون فوق شفتـ.ـاها وتحرك إلي المرحاض 


بعد حوالي الربع ساعة 

كانت جميع العائلة مجتمعة حول طاولة الطعام الكبيرة ،وذلك بعدما قرر عِثمان جمع عائلتهُ بالكامل حولهُ  ، حتي يزن وأمل اللذان إنضما إلي المنزل بعد سفر ليلي إلي زوجها منذُ ستة أشهر،  


تحدثت ورد إلي إبنتها مستغربة إرتدائها لثياب المنزل علي غير العادة: 

_ إنتِ مريحاش المستشفي إنهاردة كُمان ولا إيه يا دَكتورة؟ 


خجلت من تساؤل والدتها وتحدثت بنبرة خافتة وهي تنظر إلي صحنها مما إستدعي ضحكات ذاك الذي يجاورها الجلوس:

_  حاسة حالي تعبانة شوي ومجدراش أروح يا أمّا 


إبتسم الجد علي خجل تلك الجميلة التي تغيبت عن عملها لمدة يومان لتكون بجوار حبيبها الذي ترك عملهُ مؤخراً بالقاهرة وسلمهُ للمحامي أحمد صديقهُ وأكتفي هو بمتابعة العمل إلكترونياً والسفر إلي القاهرة فقط لحضور الجلسات داخل المحكمة،  وأحياناً يضطر للسفر لمقابلة العملاء المميزين 



نظر زيدان إلي إبنته التي تحول لون وجهها إلي الأحمر الداكن من شدة خجلها الذي أصابها جراء حديث والدتها وتحدث كي يرفع عنها الحرج:

_  وماله يا بِتي لما تريحي لك يومين من الشغل، إنتِ عتتعبي فيه كتير،  وبعدين المستشفي بِجا فيها دكاترة ياما يسدوا مكانك لو غيبتي 


إندمج الجميع بتناول الطعام،  نظر قدري إلي صَحن الجُبن وكاد أن يُبسط ذراعهُ ليتناول قطعة منه،  سبقته يد فايقة التي تراقبهُ بشدة كي تفعل لهُ كل ما يخطر علي بالهُ حتي تسترضيه ليعود معها كسابق عهدهُ ويُرجعها إلي قلبهِ من جديد ويتوجها ملكة علي قلبه كعهدها السابق


لكن أحبطها وقام بإفشال مختطها عندما رمقها بنظرة إشمئزاز رافضً يدها التي قدمت بها الصَحن وتحدث بنبرة حادة: 

_ معايزش چبنة خلاص 


حزن داخلها وأستشاطت عندما رأت جميع العيون مسلطة فوقها،  حزن قاسم وفارس لحال والدتهم وما وصلت إليه بفضلها،  فقد أصبحت مهمشة من الجميع حتي رسمية التي قامت بوضع ورد علي رؤوس الجميع، حيث سلمت لها الإشراف علي أعمال السرايا وخاصة المطبخ الذي أمر عِثمان بأن لا يضع أحداً أياً كان يده بصنع الطعام سوي ورد 


فاق الجميع علي تلك التي أمسكت بيد زوجها وضغطت عليها بشدة متألمـ.ـة مما جعلهُ يسألها بنبرة مرتعبة:

_ مالك يا أمل، فيك إيه  ؟


تنفست عالياً وأمسكت بطنها المنتفخ جراء وصولها للشهر التاسع بحملها بجنينها الأول،  وتحدثت بنبرة ضعيفة حاولت بها تخبأة ما أصابها من تعب مفاجئ عن ذاك اليزن:

_مفيش حاجة يا يزن، ما تقلقش أنا كويسة 



إنتفضت نجاة من جلستها وتحركت إلي تلك التي تغير لون وجهها وتحدثت متسائلة: 

_ مالك يا بِتي،  حاسة بإيه جولي لي 



زفرت بقوة،  وصرخت بعدما شعرت بـ.ـألام الولادة المبرحة تقتحم جسـ.ـدها: 

_ تقريباً كده بولد يا ماما 


وقفت صفا ومريم بجانبها وتحدثت إليها صفا  : 

_ إهدي يا أمل وخدي نفس عميج 


إنتفض داخل مريم من مشاهدتها لتـ.ـألم أمل الذي ظهر علي وجهها،  وبتلقائية وضعت كف يدها فوق أحشائها المنتفخة جراء وصولها بحملها للشهر الثامن 


هتف عِثمان بنبرة قلقة وهو يحث يزن الذي تسمر بجلسته وكأنهُ إلتصق بمقعده من شدة تلبكهُ وأرتباكهُ :

_  جوم يا ولدي خد مّرتك وبسرعة وديها علي المُستشفي، شكلها إكده عتولد 



إنتفض بالفعل وحملها وتحرك سريعً تحت حُزن فايقة وإستشـ.، اطة قلبها لأجل إبنتها،  بالرغم من بدأ تعودها علي الحياة بجانب المُحب عبدالعزيز الذي يعاملها برزانة وحكمة وعقل بجانب غمرها بالحب وفي بعض الاحيان يصل لدلالها،  إلا أن المشكلة تكمن في قلب فايقة نفسها وليست بالأشخاص 



تحرك قاسم سريعً وقاد سيارته وأوقفها أمام الدرج الرخامي للمنزل، فتح فارس الباب ليزن الذي يحمل زوجتهُ ويضمها برعاية والخوف والرُعـ.ـب ينهشان داخلهُ لأجل حبيبته، أجلسها بهدوء وجلس بجانبها وأحتضنها ليسيطر علي هلعها، وجاورتها نجاة وهي تحاول تهدأتها، وجلست صفا بالمقعد الأمامي المجاور لقاسمها

وصلت أمل إلي المشفي بعدما هاتف يزن دكتورة مي المتواجدة بسكن المشفي، وذلك بعدما أتت خصيصاً من القاهرة منذ إسبوع هي وزوجها دكتور ياسر،  مع العلم ان دكتور ياسر قد ترك المشفي مُنذ خمسة أشهر وتزوج من مي وأستقرا داخل القاهرة ،  وقد حضرا إمتثالاً لرغبة أمل التي أرادت أن يولد طفلها علي يد مي،  وأيضاً مي التي أصرت أن تأتي لتقف بجانب صديقتها أثناء حضور صغيرها الأول إلي الدنيا 



كان الجميع يقف أمام باب غرفة الولادة بترقب،  أما ذاك العاشق فكان يرتعب ويتـ.ـألم كلما إستمع لصـ.ـرخات حبيبته التي تصارع بالداخل لتجلب لهُ مولودهُ الأول والأغلي وذلك لظروفهُ



بعد قليل خرجت عليهم الممرضة التي تحمل الصغير وتوزع إبتساماتها للجميع، وتحدثت بسعادة بعدما إستقر بصرها فوق يزن  : 

_  مبارك يا باشمهندس،  ربنا رزجك بولد كيف الجمر الله أكبر 


إنتفض داخلهُ ولم يدري بحالهُ إلا وهو يهرول إليها ليلتقط صغيرهُ من بين يديها لينظر في وجههُ الملائكي، وكّم هائل من المشاعر يُسيطر عليه،  هرولت عليه نجاة التي إحتضنت ولدها وهتفت بسعادة بالغة: 

_ مبارك عليك عوض ربنا ليك يا ولدي 


إنهالت عليه المباركات من جميع الحضور،  قدري منتصر زيدان،  وورد التي تحمل مالك،  أما فارس الذي كان يجاور مريم الباكية من تأثرها بصـ.ـرخات أمل المدوية التي كانت تصدح بالمكان منذُ القليل،  فكان يحاوطها بعناية ويحاول التخفيف عنها جراء الهلع الذي أصابها لقربها لشهرها التاسع 


أما ذاك العاشق الذي فاق علي حاله بسبب ما أصابه من إرتباك جراء رؤيتهُ لصغيرهُ الذي كان ينتظر مجيئهُ سنوات وسنوات،  وسأل الممرضة بنبرة متلهفة: 

_الدكتورة أمل كيفها  ؟ 


أجابته الممرضة بإبتسامة مُشرقة: 

_ زي الفل الله أكبر وهتخرچ كمان عشر دجايج 


إقترب زيدان وأحتضن إبن شقيقهُ وربت بشدة علي كتفة قائلاً بنبرة حنون: 

_ مبروك عليك يا ولدي،  يتربي في عزك إن شاءالله 


وأخرج محفظة نقوده من جيب جلبابه وأخرج رزمة من الأوراق المالية من الفئة العالية وبدأ يغمر بها عمال المشفي تعبيراً عن مدي سعادته 

وأيضاً قدري الذي إحتضن يزن وهنأهُ وبدأ أيضاً بتوزيع النقود تعبيراً عن سعادتة لقدوم صغير إبن شقيقهُ الذي طال إنتظاره 


أما منتصر ونجاة فحدث ولا حرج عن مدي سعادتهم بوصول أول حفيد لهما من ولدهم البكري،  فقد تخطت سعادتهما عنان السماء


بعد حوالي الساعة كانت أمل تجلس فوق تختها وتجاورها نجاة التي تحتضنها برعاية وحُب الأم، لا الحما،  والجميع يحاوطوها ويقدموا لها التهنئة والدعم النفسي 

  

أمسك يزن صغيرهُ وأذن داخل أذناه ثم تحدث إلي أمل وهو يناولها إياه بسعادة تخطت عنان السماء:

_ حمدالله علي سلامتك يا أم فارس 


نظر الجميع إلي بعضهم البعض في حين إنتفض قلب فارس من بين أضلعه، جراء إستماعه لما قرره يزن بإطلاق إسم فارس علي صغيره، مما يدل علي مدي محبته وصداقته لشقيقهُ الذي لم تلده أمه 


تحدث فارس بدعابة وهو يحاوط كتف مريم بذراعه وينظر إلي موضع جنينهُ المنتظر : 

_ شكلك إكده راسم علي إني أسمي الواد اللي حيلتي يزن 

وأكمل بنبرة ساخرة مصطنعة جعلت الجميع يدخل في نوبة من الضحك  : 

_ يلا، لجل ما تكمل،  أصل الحكاية ناجصة چنان

                                  

❈-❈-❈


ليلاً داخل غرفة قاسم وصفا 

دلف للداخل وجدها تتوسط الفراش بمظهرها الذي يدعوهُ إلي الجنون كلما رأها،  تحرك إليها وأمسك كف يدها ومال بطولهُ الفارع ليضع قُبلة حنون بباطن كفها مما أسعدها وجعلها تشعُر بأهميتها لديه، سحب يدها لأعلي ليحسها علي الوقوف،ثم سحبها وحاوط خصـ.ـرها وهتف قائلاً بجرأة :

_ عاوزك ترجصي لي يا صفا 



جحظت عيناها وهتفت بنبرة خجلة: 

_ وه يا قاسم، عاوزني أجف أترجص لك بدون خشي إكده ؟ 



قطب جبينهُ ناظراً إليها بإستغراب وهتف ساخراً  : 

_ لا طبعاً مايصحش يا صفا، يعني إيه الست تُجف تترجص لچوزها ، دي حاچة في منتهي التسيب والإستهتار 

وأكمل ساخراً ليستدعي غيرتها المجنونة:

_  أني هبعت أچيب رجاصة من المركز حالاً لچل ما ترجُص لي أني وإنتِ


وأشار بسبابته علي مقدمة رأسهُ قائلاً لإستشاطتها: 

_ أنا أتمزچ وأتكيف من رجصها، وإنتِ تتفرچي وتنبسطي لإنبساطي 


بالفعل حدث ما خطط له ذاك الماكر،  فقد إستشاط داخلها وأشتعلـ.ـت النـ.ـار داخل قلبها، أمسكت بجنون تلابيب قميصهُ وهتفت بنبرة حادة مهددة إياه بعيناي تطلق شزراً  : 

_ طب فكر بس تِعملها إكده وعتشوف اللي عيچري لك علي يدي يا وِلد النُعماني 

إبتسم بسعادة وجذبها ليقربها منه وتسائل بتسلي:

_  وإيه هو بجا اللي عيچري لي علي يدك يا نبض جلب وِلد النُعماني



تحدثت بقوة وشراسـ.ـة قطة ذات خوالب :

_ الله لا يوريك غيرتي المُرة يا قاسم 

تحدث بإستفزاز:

_  طب عترجصي لي ولا أتصل أني علي الرجاصة  ؟ 


إتسعت عيناها بذهول فتحدث هو بتأكيد ودلال:

_  كِيفي طالب رجص ومعيتنازلش عنيه الليلادي، جولت إيه يا دَكتورة  ؟ 

إنتَ خليت فيها دكتورة،، جملة ساخرة نطقت بها صفا 

فتحدث هو من جديد بإثارة : 

_ حبيب ورايد يتچلع علي حبيبه،  إيه اللي يمنع يا جلبي 



وبعد محايلات منه تنفست عالياً لتستدعي شجاعتها، وأخذت الخطوة رغم خجلها الشديد، إتجه هو إلي مُشغل الموسيقي وقام بوضع موسيقي راقية، وأتجه إلي التخت وتحدث وهو يجلس فوق الفراش: 

_ الليلة دي أني عاوز أكون هارون الرشيد، عاوز أتچلع من مّرتي الحلوة، عتعرفي تچلعيني كيف الناس ولا إيه ؟


نظرت إليه بتحدي وتحدثت بقوة بعدما إستدعي إستفزازها :

_ عتشوف يا سي هارون يا رشيد بِت زيدان عتعمل فيك إيه 


إنتفض داخلهُ بسعادة وقامت هي بأولي خطواتها بتمهل ثم بالإندماج مع الموسيقي رويداً رويدا ،  كانت تتحرك وتتمايل بخصـ.ـرها بكل رشاقة كفراشة تتطاير بين الزهور،  أما ذاك المسحور عاشق متيمتهُ والذي أراد أن يفعل معها ويحصل علي كل متع الحياة الحلال من خلالها، فكان حالهُ حال 



باتت تتراقـ.ـص وتتمايل بدلال ورُقي مع الموسيقي دون إبتـ.، زال ،  راقية هي حتي في رقصاتها،  مما إستدعي جنونهُ الحاد ورغبتـ.ـه الشديدة بإحتضانـ.ـها والتقرب لها،  تحرك إليها وأمسك كفاي يداها وبدأ بالرقص معها مما شجعها أكثر وجعلها تتناسي حالها وتُبدع وكأنها ولدت راقصـ.ـة محترفة 


إنتهت الموسيقي ورفعها هو وتحرك بها إلي فراشهمـ.ـا ليُذيقها من بحر عسلهما المميز ويكافئها علي تلك الرقصـ.ـة التي أدخلت السرور علي قلبه وجعلتهُ يشعر وكأنهُ ملكً متوجً علي مُلك عرشها 

                               

❈-❈-❈


ظهر اليوم التالي

داخل منزل يزن الخاص 

كانت تتمدد فوق فراشها وبجانبها صغيرها الذي غمر المنزل بأكمله بالسعادة والسرور لأجل ذاك اليزن وزوجته الحنون حَسنة الخُلق. 


تجاورها رسمية التي تتمدد بجانبها وهي تنظر لنجل حفيدها الخلوق وسعادة الدنيا تقطن داخلها ،  دلفت ورد وهي تحمل صَنية موضوع عليها صَحنً ملئ بالحسَاء الساخن ويجاورهُ صَحنً بهِ دجاجة كاملة،  دلفت خلفها نجاة التي تحركت وحملت الصغير ووضعته فوق ساقيها بعدما جلست فوق المقعد المجاور لتخت أمل 


وتحركت ورد بالحسَاء وجلست بجانب أمل ثم وضعت الصَنية فوق ساقيها وتحدثت وهي تُقرب الملعقة من فم أمل:

_ يلا يا بِتي كُلي لجل ما تاخدي علاچك  

إتسعت عيناي أمل وتحدثت:

_إيه الأكل ده كله يا ماما، مين هياكله ده؟ 

هتفت رسمية بنبرة صارمة كي تحسها علي تناول طعامها :

_ إنتِ اللي عتاكليه يا دَكتورة لجل ما تصلبي طولك وتجوي حالك، وكمان لجل ما عيلك ينزل له لبن وتجدري ترضعيـ.ـه  


وافقاتها ورد ونجاة التي تحدثت بنبرة حنون  :

_ كُلي يا بِتي لجل ما تعوضي چسمـ.ـك اللي فجده من الولاده  

دلف يزن إليهم بعد الإستئذان وهو ينظر بلهفه علي حبيبتهُ الجالسه وتحدث وهو يقترب عليها تحت نظراتها الحنون له: 

_ كيفك يا أمل  ،  زينة؟ 


أومأت له بإيجاب وأردفت لطمأنتهُ:

_ أنا كويسة الحمدلله  

واسترسلت حديثها بنبرة حنون: 

_ تعال يا يزن إتغدي معايا 


إبتسم بسعادة هو والجميع لحنانها وأهتمامها بزوجها حتي وهي بتلك الحالة، وتحدث بنبرة حنون وهو ينظر إلي مقلتيها بهيام:

_ بالهنا والشفا علي جلبك، أني إتغديت ويَا چدي في السرايا  


حرك بصرهِ إلي ملاكهُ الغافي داخل أحضـ.ـان والدتهُ الحنون التي تحملهُ بإحتواء وحنان وكأنهُ كنزها الثمين 

وتحدث وهو يتحـ.ـسس وجنتهُ بسعادة بالغة: 

_لساتك نايم يا فارس باشا 


ضحكت ورد وهتفت قائلة: 

_  لساته نهاره مجاش،  تعالي بالليل وإنتَ تسمع مزيكة حسب الله علي حج 


ضحك الجميع وتحدثت رسمية بنبرة حنون صادقة: 

_ ربنا يبارك لك فيه يا ولدي ويچعله سندك في الدنيي بعد ربنا،  ويرزجك بعشرة زييه 

ضحكت أمل والجميع وتحدثت نجاة: 

_ عشرة بحالهم يا مّرت عمي،  طب جولي تنيين كفاية 



ضحك يزن الذي يسلط بصرهِ علي غالية فؤادهُ الحنون والتي أتت له كي تُنير لهُ دربهِ العاتم 

تحدثت الجدة إليه: 

_ إجعد ويا چدك وشوف عيدبـ.ـح لولدك كام دبيـ.ـحة لجل ما يفرح أهل الله،  وأني كُنت نادرة دبيـ.ـحة كَبيرة عفرجها لأهل الله لما ربنا يرزجك بعيال 


إبتسم لجدته وتحرك تجاهها وقَـ.ـبل جبهتها وكف يدها تحت سعادة أمل التي شكرت الله علي لطفهُ بها وتعويضهُ لها بتلك العائلة الحنون التي كانت لها العوض الأعظم عن كل ما خسرته أثناء رحلتها الصعبة 

  


ليلا داخل منزل زيدان 

دلف لداخل غرفتهُ وجدها تقف أمام مرأتها تمشط شعرها الغجري، إقترب عليها ولفها لتقابلهُ وتحدث بنبرة حنون:

_ لحد ميتا عتفضلي تحلوي إكده يا ورد؟ 

وأكمل بنظرة عاشق: 

_مّر العُمر ولساتك زينة صبايا النجع كلاته، بالراحة علي جلبي مش إكده ، الرحمة حلوة يا بِت الرچايبة


ضحكت برقة كعهدها معه وتحدثت بنبرة حنون وهي تتلمـ.ـس وجنتهُ:

_  ربنا يخليك ليا يا سيد الرچالة وسيد جلبي ويديم عليا عشرتك الزينة 


أردف قائلاً بنبرة حنون:

_ ويخليكِ ليا يا حبيبتي 

نظر علي تختهُ وتحدث ساخراً عندما وجد مالك يغفو عليه :

_ هو قاسم بيه عيفضل يچلع في حاله ويروج علي نفسه ويضيجها علي المسكين زيدان لحد ميتا  ؟

ضحكت بدلال وتحدثت:

_ سمي في جلبك وجول الله أكبر وربنا يديم عليهم السعادة، 

وأكملت هامسة  : 

_وبعدين وطي حِسك للواد يصحي 

وأكملت بدلال: 

_ ولو علي الواد،  أني مچهزة لك الأوضة الجبلية ومروجهالك علي الأخر 

تنفس بإنتشاء وتحدث بنبرة سعيدة: 

_أهو إكده الحديت الزين صُح 


إبتسمت له وتسحبا خارج الغرفة خشيةً إفاقة الصغير وذهبا معاً للغرفة المجاورة 



بعد عدة أيام أقام عِثمان وليمة ضخمة وأحتفال هائل تعبيراً عن سعادته وشكرهُ لله الذي أنعم علي حفيدهُ ورزقهُ بالخلف الصالح بعد عدة سنوات،  تحت سعادة الجميع سوي فايقة

                              

❈-❈-❈


بعد مرور حوالي ثمانية أشهر أخرى 

داخل فرنسا بلد السحر والجمال، وبالتحديد داخل  الـ Suite  الذي حجزهُ قاسم لإقامة العشرة أيام التي إتخذهما للتنزه بهم هو وزوجتهُ وصغيرهُ منتهزاً فرصة المؤتمر الطبي العالمي التي أتت حبيبة لحضوره لمدة يومان فقط، 

كان يخرج من المرحاض الخاص بالـ Suite وهو يحمل صغيرهُ مرتديان ( البُرنُس)  وذلك بعد أخذهما لحمامٍ دافئ كي يُنعشهما قبل وصول صفا من حضور المؤتمر المتواجد بنفس قاعة الأوتيل القاطنين به 

وقف قاسم أمام المرأة وأمسك فرشاة الشعر الخاصة بصغيرهُ وتحدث وهو يقوم بتمشيط شعره: 

_  إيوه إكده يا مالك باشا،  إكده ماما تاچي تلاجينا زين وريحتنا مسك كُمان 

تحدث الصغير الذي بدأ بالملاغية وتفسير بعض الكلمات وذلك لإقترابهِ علي إتمام العامان : 

_ صفا،  بابا 


قهقه عالياً وتحدث بمداعبة صغيره  : 

_ عارف أحلا حاچة فيك إيه يا وِلد النُعماني،  إن في عز ما أنتَ مهزأ الكل وهتناديهم بأساميهم، حتي چدك عِثمان مسلمش من لسانك 

وأكمل بنبرة فخورة  : 

_بس عتاچي لحد أبوك وتجف عوچ وتتحدت عدل 


قهقه الصغير برغم عدم تفسيرهُ للكلمات بالشكل الصحيح مما جعل قاسم يدغدغهُ وباتت ضحكات الصغير العالية تصدح بالمكان وتملؤهُ بالسعادة 



دلفت صفا من الباب مرتدية ثيابها العملية ونظارتها الطبية التي ما تزيدها سوي وسامة ووقار ورزانة لطبيبة شابة متطلعة ،  وما أن دلفت للداخل حتي إنفرجت أساريرها وأتسعت ضحكتها لما رأتهُ من تقارب وأندماج زوجها وصغيرها 


تحدثت بنبرة حنون وهي تنظر لكلاهما : 

_ وحشتوني يا حبايب جلبي 

أجابها ذاك الذي إشتاق إليها بجنون: 

_حمدالله علي السلامه يا حبيبتي


إبتسمت له وهتف الصغير وتهافت وهو يُشير علي والدتهُ بتشوق: 

_ صفا،  صفا 

تحدثت علي عجل وهي تتحرك إلي المرحاض: 

_ معينفعش اشيلك وأني إكده يا جلب صفا،  ثواني عاخد شاور سريع وأطلع أخدك وأخبيك چوة جلبي 



بالفعل دلفت لداخل المرحاض وبعد قليل كانت تقبع داخل أحضـ.ـان ذاك الذي يتمدد فوق الفراش مستنداً برأسهِ فوق وسادة عالية،  ويحمل صغيرهُ فوق صـ.ـدره ويفرد ذراعه ليضم به حبيبته برعاية في مشهد يسّر البصر  



نظر إلي زوجتهُ وصغيرهُ وتحدث بنبرة دُعابية: 

_ إحنا محتاچين ناخد صورة تذكارية ونكتب عليها عائلة أبو بُرنُس 

أطلقت ضحكة عالية أثارت داخلهُ العاشق لها فتحدث بنبرة جادة وهو ينظر إليها بحنان : 

_  تعرفي يا صفا 

نظرت له بإهتمام وترقُب فأسترسل هو: 

_  أني كُل يوم بحمد ربنا وبشكر فضله علي إنه أنعم عليا وكرمني بوچودك في حياتي إنتِ وولدنا،   بشكره إنه فوجني ورچعني من طريج التوهه والضياع اللي كُنت ماشي فيه ومستسلم 


تنهدت هي براحة ووضعت كف يدها تتلـ.ـمس ذقنهُ النابت بلمسات حنون،  أمسك كف يدها ووضع بباطنه قُبلة حنون وأكمل: 

_ أول مرة أحس إني أغبي إنسان في الكون،  حُب حياتي كان جدام عنيا طول الوجت وأني بغبائي كُنت معمي عنيه ورافض أجرب لأضعف

  

وأكمل شارحً بقلبٍ يتألم : 

_ حبك كان نجطة ضعفي وكان هو الرابط الوحيد اللي عيربطني بالنچع ومعيخلنيش أعرف أهرب منيه كيف ما كُنت مخطط،  ودي كانت أول حاچة خلتني نكرت عشجك چواي ودفنته لدرچة إني محسيتش بيه أصلاً من كتر ما أني بهرب وبنكره چواتي 


وأسترسل بإعتراف وعيون متأسفة   : 

_ أني عمري ما حبيت إيناس يا صفا ولا عمرها شدتني ليها كأنثي،  طول عمري وأني بستغرب حالي وياها  ، كنت بخدع حالي وأبنچها وأجول لها بكره هياچي الحب مع العشرة بعد ما يتجفل عليكم باب واحد 


وأكمل الإعتراف  : 

_فاكره اليوم اللي چيت لك فيه وطلبت منيكِ تروحي لعند چِدك وتجولي له إنك مريدانيش،  كُنت چاي وأني بتجطع وحاسس إن روحي عتطلع مني وعتفارجني بمچرد ما دبلتي تفارج صباعك،  معارفش كُنت بفكر كيف وجتها 


وأكمل بندمٍ ظهر داخل عيناه وبنبرات صوتهُ الحزين: 

_ كُل اللي كُنت بفكر فيه ومسيطر عليّ وجتها هو الهروب من تحكمات چدي وچبـ.ـره ليا في كل حاچة تخصني ، من أول كليتي، شُجتي وعفشها ،عربيتي، حتي المّرة اللي عتنام في حضني لما أختارها لي بكل چبـ.ـروت 


وقطب جبينهُ ونظر لها بتدقيق وتحدث  : 

_ تِعرفي يا صفا،  اللي أني متوكد منه دلوك إن لو چدك مكانش إختارك ليا كنت أني اللي طلبت يدك من عمي زيدان 

إبتسمت له بعيون سعيده وتنفست بإنتشاء وتابعت الإستماع لإعترافاتهُ الصادقة النابعة من أعماق القلب 

وأكمل مُفسراً: 

_ لما لجيتك عاندتي جصادي ووجفتي بكل شموخ وجولت لي أني عطلع أرچل منيك وأروح لچدي وأفكك من الربطة السودة دي،معارفش ليه جلبي أتنتش وحسيت بالضياع والتشتت ، ولما چدي جال إنه مموافجش وهددنا لو مسمعناش الحديت هيسحب منينا كل حاچة  ، ورغم إعترضي وغضبي إلا إن إحساس بالراحة والسكينة إتملك مني كيف معارفش 


ويوم دخلتنا لما شفتك جِدامي بفستان الفرح،  جلبي إتخطف وحسيت إني مخلوج لك وإنك مخلوجه علشاني 

وأكمل وهو يبتسم متذكراً :

_ ولما طولتي لسانك عليّ وعاندتيني، حسيت إنك فرسة چامحة وعاوزة الخيال الصُح اللي يرودها

وأكمل مبتسمً بفخر: 

_ وأني كُنت خيالك الزين يا بِت زيدان  


إبتسمت بعيناي شبه دامعه تأثراً بإعترافاته وأكمل : 

_ معاكِ لجيت كل اللي كان ناجصني،  چوة حُضنـ.ـك لجيت روحي اللي كانت تايهه،  لجيت المرسي في عيونك يا صفا 

وأكمل بقوة  : 

_وجتها جطعت وعد علي حالي إني معتچوزش اللي إسميها إيناس لو السما إنطبجت علي الارض،  جررت إني هعيش معاكي وأحاول أراضيكِ وأستسمحك وأعوضك عن كل كلمة عِفشة جولتها لك في ساعة شيطان وزعلتك مني،  إتوكدت إنك عوضي الحلو عن كل اللي جاسيته في حياتي


وأكمل بعيناي تأنُ من شدة ندمها: 

_ بس مش كل حاچة بتمشي كيف مابنرتب لها 


واكمل بنبرة جادة قاصداً زفافهُ علي إيناس : 

_ يوم كتب الكتاب كنت حاسس إن روحي عتطلع مني،  كنت بتخنج بالفعل،  ولما وصلنا الشُجة دخلت أوضتي وجفلت علي حالي،  نـ.ـار كانت شـ.ـاعلة في چسمـ.ـي كلياته يا صفا،  كل ما أفتكر عنيكِ ووعدي لعم زيدان أحس بحاچة مسكاني من رجبتي  وعتخنجني، 

وأكمل بنبرة متألـ.ـمة: 

_ إوعي تفتكري إن الحكاية كانت سهلة عليّ 

تنفس عالياً وأكمل:

_  مجدرتش أتحمل غير سواد الليل وچيت لك طوالي لچل ما أترمي چوة حُضنـ.ـك وأتحامي فيه من حُزني اللي صابني 


وأكمل بصدقٍ: 

_كان نفسي أجول لك وأعترف لك بكل حاچة، بس رُعبي من فكرة إني أفجدك وأخسرك وأبعد عنيكِ بعد ما روحي إرتاحت في جُربك هي اللي كانت منعاني، جولت لحالي السنه عتُخلص وعطلج الملعونه إيناس ومحدش عيحس بيا،  عطلجها وأعيش وياكِ كُل اللي چاي من حياتي لجل ما أعوضك واخليكِ أسعد إنسانه في الدنيا كلياتها 

واكمل بائسً: 

_ بس مش دايما الحياة بتمشي علي كيفنا يا صفا 



واسترسل بإبتسامة سعيدة :

_ تِعرفي يا حبيبتي ،  لما راچعت حالي بعد كلام چدي اللي جاله لي عن عشجي ليكِ من زمان، إكتشفت إني عحبك من زمان جوي   ، من لما كُنتي في أولي ثانوي، لما كنتي تهلي وتطلعي في بلكونتك وتنوري الدنيي كيف الشمس، كُنت بحس حالي ملك وملكت الكون لما كنتي عتبصي عليّ وتضحكي لي 

وأكمل مفسراً  : 

_ بس كنت بفسر كل دي علي إني عحبك كيف أختي 

ولما كُنتي تاچي تفطري ويانا في السرايا وتجعدي تبصي عليّ،  مكانتش تحلا لي اللجمة غير لما أخدها من صَحنك وأجسمها وياكي يا ضي عيني 

وأسترسل بنبرة عاشقة: 

_وكيف ما جولت لك جبل سابح، أني إكتشفت إني مولود وعشجك ساكن چواي وموصول بنبض جلبي 

كانت تستمع إليه بذهول جراء سيل الإعترافات التي أسعدت قلبها وأشعرتها بأنها تطير فوق السحاب 

سألته بنبرة متلهفة: 

_ صُح كُنت عتعشجني كيف ما كُنت عشجاك يا حبيبي؟ 

تنهد براحة وأنتشاء وأردف قائلاً بنبرة حنون  : 

_ لا يا صفا،  كنت عاشجك لأخر منتهي العشج، يعني عشجي ليكِ فاج عشجك بكتير    



لفت ذراعها حول عنقة ودفنت وجهها داخله وهتفت بنبرة سعيدة: 

_ عشجاك يا قاسم،  عشجاك وعموت من عشجي ليك،  مبجيتش أجدر أبعد عنيك ولو ليوم واحد


وأكملت شارحة بدلال :

_ اليوم اللي عتسافره مصر لجل ما تحضر فيه چلسة،  معيجنيش فيه نوم ولا بيرتاح لي بال غير لما ترچع لي وتترمي چوة حُضـ.ـني وأضمك لجل ما أحس إني لساتني عايشه


وأكملت بجنون العشق: 

_ مبجيتس أعرف أتنفس زين غير وأني شامة ريحة چسـ.ـدك حواليا 

ضمها إليه بسعادة وتحدث بنبرة رجُل يهيمُ عِشقً في زوجته: 

_ خليكِ دايماً إكده يا غالية،  أني عاوز لهـ.ـيب عشجك ليا ميطفيش أبداً  ،  كيف ما عشجك جايد في جلبي نـ.ـار مشعـ.ـللة طول الوجت 

نظر إلي صغيره الذي غفي علي صـ.ـدره وتحدث بإبتسامة وحديث ذات مغذي : 

_  ولدي المحترم اللي عيحس بأبوه وعيعرف ميتا ينام وميتا يصحي 

إبتسمت خجلاً من تلميحاته وأنسحب هو وتحرك حاملاً صغيرهُ ثم وضعهُ برفقٍ بمهده المخصص له والذي طلب تجهيزه من الأوتيل أثناء الحجز  

وعاد إليها مجدداً بعدما دثر صغيرهُ جيداً بفراشه الوثير 

تمدد بجانبها وضمها إليه وسألها بإهتمام: 

_ خلص المؤتمر علي إكده ولا لساته مُمتد 

هزت رأسها التي دفنتها داخل صـ.ـدرهُ نافية وتحدثت بدلال : 

_ ختموه خلاص 


تحدث وهو يشدد من ضمتها بحنان: 

_ يعني خلاص فضيتي وعنخرچ ونتفسح براحتنا 

إبتسمت وأردفت بنبرة مستسلمة : 

_ خلاص يا حبيبي فضيت ، وبجيت من يدك دي، ليدك دي   

أخرجها من بين أحضانه وتحدث بنبرة حنون وهو ينظر إلي فيروزتيها هائمً بسحرهما القوي : 

_ عحبك يا نبض جلبي وعحب كُل ما فيكِ 

إبتسمت له ومال هو علي كريزتيها ليتذوق من شهدهما المُميز ويُذيقها ويُذوبا معاً داخل بحر الهوي الخاص بهما ، والذي صنعاه لحالهما ليتنعما داخلهُ ويعوضا حالهما سنوات العجاف التي عاشها كلاهما 


في صباح اليوم التالي 

فاقت من نومها، فردت ذراعيها وهي تتمطي بإستمتاع وانتشاء،  فهذا أصبح حالها عند إستيقاظها كُل صباح مُنذ أن نسق قاسم عمله ليقضي معظم أيامه بجانب حبيبتهُ وصغيرهُ الغالي،  نظرت علي ذاك الغافي بجانبها وابتسمت تلقائئً،  سحبت جسـ.ـدها لأعلي ثم مالت علي وجه مالك قلبها ووضعت قُبـ.ـلة فوق شفتـ.ـاه مما جعلهُ يتملل بنومته ويفتح عيناه ناظراً عليها 

وفور رؤيتهُ لوجهها الصابح غمرها بسعادة وإبتسامة حانية وتحمحمَ ليُنظف حنجرتهُ وتحدث بصوتٍ متحشرج  : 

_ صباح الفل 


إبتسمت له وأردفت قائلة بنبرة رقيقة: 

_صباح النور يا حبيبي 

وأكملت بإنتشاء ونبرة حماسية: 

_يلا جوم لجل ما تفسحني كيف ما وعدتني 


سحبها وأنزل وجهها إليه وألتقط شفتـ.ـاها في قُبـ.ـلة حنون،ثم أبعدها وإبتسم لها وأجابها بنبرة طائعة: 

_ من عيوني يا حبيبتي ،  عتصل حالاً أطلب منيهم يطلعوا لنا الفطار إهني وبعدها نخرچ ونجضي اليوم كِلاته برة 

هتفت بدلال أنثوي وهي تُحرك أصابع يدها فوق صـ.ـدرهُ : 

_ بس أني عاوزة أفطر برة في الهوا يا قاسم،  معايزاش أفطر أني في الـ Suite  

أجابها بطاعة: 

_ عيون قاسم، كُل اللي تؤمري بيه عيتنفذ بدون نجاش يا جلب جلبي 

ضحكت بدلال وانتفضت واقفة وتحركت إلي الخزانة لتُخرج ثيابً لثلاثتهم إستعداداً للخروج 

فتحدث هو بتنبيه : 

_  خرچي لبس تجيل ليكي ولمالك عشان الچو إهنيه برد جوي 

أومأت بطاعة وأخرجت ثيابً شتوية ووضعتها فوق الأريكة ثم دلفت إلي المرحاض لتأخذ حمامً دافئ فلحق بها ذاك العاشق الولهان 

بعد حوالي الساعة 

كان يحمل صغيرهُ الذي يرتدي مِعطفً شتوياً وقُبعة كي يحمياه من صقيع مدينة باريس،  مدينة الحُب وأجوائها الغائمة الباردة الذي تبثُ السعادة في قلوب محبي الأجواء الشتوية ،تجاورهُ غاليتهُ التي تتمسك بذراعهُ بفخر واستمتاع وهي تتحرك بجانبهُ داخل شارع الشانزليزيه،  أشهر شوارع باريس الجميلة،  كانت تنظر علي المتاجر والمطاعم المنتشرة علي الجانين 


إصطحبها ودلف بها لأحد متاجر المجوهرات النادرة المتواجدة بالشارع ،  إنتقي لها إسوارة وخاتم رائعي المظهر،  وألبسها إياهما تحت إنتفاضة قلبها الذي أصبح يصرخُ عِشقً من غمر حبيبها بدلالهِ الدائم لها، والذي لم يترك شئً إلا وفعلهُ لإضافة البسمة داخل قلب حبيبته  


خرج من المتجر وسارا من جديد،  أشار لها علي أحد المطاعم الجيدة وتحدث بصوتٍ حنون: 

_ المطعم دِه الأكل فيه حلو جوي 

وجذبها برعاية وجلست هي وأجلس هو صغيرهُ المتعلق بهِ وبشدة فوق ساقيه فتحدثت هي متسائلة بإستفسار  : 

_ شكلك چيت إهنيه كَتير جبل إكده 

هز رأسهُ نافيً وأسترسل قائلاً بتفسير : 

_ مچيتش غير مرة واحدة مع زمايلي أيام ما كنا لساتنا متخرچين من الكُلية چديد ، بس جعدنا أكتر من شهر لفينا فيه فرنسا بحالها  ،  والمطعم دِه بالذات أكلنا فيه ياما 

إبتسمت له وهي تستمع إليه بتمعن وتدقيق  ،  جاء النادل إليهما وأعطي لهما قائمة الطعام ليختارا منه،  فسألها قاسم : 

_ عتاكلي إيه يا حبيبتي؟ 


نظرت إليه وتحدثت وهي تُعطي القائمة للنادل بعدما شكرته بلغتهُ الأم : 

_ أني عسيب لك حالي لچل ما تچلعني علي ذوقك 


إبتسم لها وتحدث بغمزة وقحة من عيناه : 

_ بس إكده،  الچلع كلاته لأم مالك الغالية 

إبتسمت خجلاً فأكمل هو موضحً : 

_ الكرواسون هنا حلو جوي،  عچيب لك منية سادة ومحشي،  وفيه كُمان ميني سندوتشات وكريب حادج عيعچبك طعمه جوي ،  

وأشار بكف يده وهتف بإستحسان: 

_ مع الچهوة الفرنسية التمام اللي معتشربيش زييها واصل في أي مكان تاني  

ونظر لها وأردف بحنان :

_ والحلو بجا، تارت موس شيكولاتة مِيلك، متغرج بالشيكولاتة كيف ما بتحبيه 

سال لُعابها من مجرد الإستماع لوصفهُ للحلوي والطعام، فأبتسمت له وأومأت بموافقة، أبلغ النادل هو بما يريداه بلغتهُ الأم وانصرف 

فتحدثت وهي تتطلع إلي المكان بإنبهار وسحر :

_  صدج اللي جال باريس مدينة الحُب،  كل حاچة إهنيه بديعة وتدعو للتفاؤل والسعادة 

وأكملت وهي ترفع بصرها وتنظر في السماء للأجواء الشتوية التي تعشقها: 

_ من أول الچو البديع لأناقة وتناسق كل شئ حواليك حتي الناس وتصرفاتها الراقية 


إبتسم لها هو، فتحدثت وهي تشتم رائحة المعجنات الشهية التي أثارت شهيتها وجعلتها تشعُر بالجوع الشديد: 

_ ريحة الكرواسون حلوة جوي وتفتح النفس 


سألها بإهتمام متلهفً: 

_ إنتِ چعانة يا نبض جلبي 

أومأت له وتحدثت: 

_ چوي 

وما أن أكملت جُملتها حتي جاء النادل وقام بتنزيل أطباق الطعام المتنوعة بمنظرها الذي يُشهي العين 

وجاء أخر يحمل مقعداً للصغير كي يجلس به، وذلك بناءً علي طلب من قاسم شخصياً كي يجلس طفلهُ مرتاحً ويتناول هو الأخر وجبة إفطارهُ الذي إختارهُ لهُ والده، والذي يهتم بكل تفاصيلهُ أكتر حتي من صفا ذاتها، وكأنهُ يعوضهُ وحالهُ عن ما مضي،  وأيضاً ليصنع رباطً قويً بينهُ وبين صغيرهُ حتي لا يصبح كأبيه بعلاقته بأطفاله 


بدأ وحبيبتهُ تناول الطعام بشهية عالية، وبدأ أيضاً بإطعام صغيره تحت سعادتهُ وصفا التي تشعر بأن الله قد جمع لها نصيبها من السعادة ليُرزقها إياها دُفعة واحدة 


علي الجانب الأخر من الشارع،  كانت هُناك عيناي من يراقبهُما بسعادة وأبتسامة رضا وهو جالس بإحدي المقاهي يحتسي قهوتهُ الصباحية ويستغرب تلك الصدفة الثالثة العجيبة ،  إنه الرسام بذاتهِ،  والذي كعادته كان مُمسكً بأوراقة وأقلامهُ الملونة، وبدأ برسمهما فور رؤيتهما التي أدخلت علي قلبهِ السرور مما رأه من تصالح لنفسيهما ورخاء، وحالة العشق المتوهجة التي رأها تشعُ من عيناي كلاهما للأخر 

  

إنتهي من الرسمة ولكن تلك المرة تختلف الرسمة كُل الإختلاف عن سابقتيها،  فقد كانت لقاسم وهو يقف خلف غاليتهُ وسط ساحة خضراء تفترش أرضيتها بالنجيلة الخضراء التي تبثُ التفاؤل بقلب ناظريها ،  يلف ساعديه حول خصرها ويحتضنها برعاية وشِدة كمن يريد شق جسدهُ وإدخالها بداخله، يرفعان وجهيهما وينظران معاً إلي السماء بلونها السماوي الهادئ، بوجوه صافية هائمة سارحة في الملكوت ويبدوا عليها الراحة والهدوء والسَكينة

  تضع هي كفاي يداها علي كفاه متمسكين بكفوفهما برباطٍ غليظ ومتين  ،  من يراهما للوهلة الأولي يعتقد وكأنهما أصبحا شخصً واحداً، أما ذاك الرباط المتين فيتمثل بالعشق الجارف الذي إقتحـ.ـم أرواحهما وكيانهما وجعل منهما روحً واحدة تتحركً داخل جسـ.ـدان ملتصـ.ـقان بالعشق والهوي ، وأيضاً يتمثل بوجود صغيرهما الذي جمل من حياة والديه وزادَ من متانتها وجعلها أعمق 

  

إبتسم الرسام وخط بقلمهِ تحت رسمتيهما التي إكتملت وكتب: 

ما أجمل الوصّلِ بين قلوب العاشقينَ بعد أوجاع الفُراق 

ومذاقهُ المُر وحنين الروحْ للحبيبِ والشعور بالإحـ.ـتراق 


ثم إستدعي أحد الرجال المارين وأعطي لهُ تلك الرسمة وأشار إلي قاسم وصفا وطلب من الرجل بأن يسلمهما إياها ، ولملم أشيائهُ ورَحل قبل أن يصل الرسول إلي جلسة صفا وقاسم  


سلم الرجل تلك الرسمة إلي قاسم،  وما أن نظر بها حتي علم من هو راسِلُها،  رأتها أيضاً صفا التي باتت تتلفت حولها مُتلهفة لرؤية ذاك الشفاف الذي دائماً ما يأتي لها برسائل موجهه، تجعلها تُفتح عيناها لتري ما يدور من حولها ويُخفي عنها


سألت الرجُل عن أوصاف الرسول، فأبلغها بمواصفات ذاك المجهول ذو الروح الشفافة والوجه البشوش والتي بالمناسبة يتواجد منه حولنا بالدنيا،  نعم قليلُ جداً بل ونادر وجودهُ لكنه بالفعل موجود 

نظر قاسم إلي صفا التي إبتسمت له وبسط هو ذراعهُ وأراح كف يدهُ فوق المنضدة،  مدت يدها إليه لتُريح كفها الرقيق داخل راحة يده الكبير ليضمها هو برعاية، ويبتسما لبعضيهما بسعادة، تنفست هي بإنتشاء وراحة تدل علي كّم الأمان والسَكينة التي أصبحت تشعر بهما وهي في حضرته 


نظر عليهما صغيرهما وضحك بسعادة بالغة تُثبت كّم الشعور بالأمان الذي يتغلغل بداخلهُ وهو يري الحب الساكن بقلباي عزيزاي عيناه 


وإلي هنا عزيزاتي القارئات،  نكون قد إنتهينا من سرد قصتنا التي عشنا بداخلها وتعايشنا بأرواحنا وقلوبنا مع أبطالها حتي أنهم أصبحوا كجزءً من حياتنا واصبحنا نشعر بهم كأشخاصً يدورون من حولنا 


 يتبع


انتظروني قريباً مع الخاتمة