رواية قلبي بنارها مغرم- بقلم الكاتبة روز أمين- الفصل الثالث والأربعون
رواية قلبي بنارها مغرم
بقلم الكاتبة روز أمين
الفصل الثالث والأربعون
رواية
قلبي بنارها مغرم
وكيف لي أن أُخفي عِشقك بصـ.ـدري بعيداُ عن الأعيُنِ
وأنا برغم الحُزن، رغم الصَمت، رغم الإنكسارِ والإبتعادِ
ضّلَ غرامُكَ مستوطنً ساكنً ثنايا القلبِ وبين الأضلُعي
خواطر صفا النُعماني
عاد وائل إلي القاهرة يجر بأذيال خيبة أملهِ الكُبري، شعر بأنهُ خسر الكثير من الإحترام لذاتهِ بتلك الزيجةِ الملعونة ، قرر أن يقوم بتطليق ريماس ليبتعد عن تلك العائلة ويحاول أن يبدأ حياة جديدة، لكنه بمجرد وصولهُ إلي منزله ليفاتحها بأمر الطلاق، وجد والدتهُ ووالدهُ بإنتظاره وبوادر السعادة ترتسمُ فوق وجوههم، نظر علي ريماس التي تجاور والدتها بإرهاق يظهرُ فوق ملامح وجهها
جرت عليه والدتهُ وهتفت قائلة وهي تحتضـ.ـنهُ بسعادة هائلة :
_ مبروك يا حبيبي، أخيراً سمعت الخبر اللي ياما حلمت بيه وأستنيته
قطب جبينهُ بإستغراب وتسائل مُستفسراً :
_ خبر إيه ده يا ماما اللي جايب حضرتك وبابا تستنوني هنا والفرحة مش سيعاكم بالشكل ده ؟!
أجابتهُ إلهام والدة ريماس بسعادة بالغة:
_ ألف مبروك يا دكتور، هتبقا بابي
إنصدم داخلهُ وشعر بعالمهُ ينهار من تحت قدماه، ماذا عليه أن يفعل وهو الذي إنتوي الإبتعاد، لكن يبدوا أن للقدر معه رأيً آخر
إقترب منه والدهُ وأحتضـ.ـنهُ بشدة وربت علي ظهره مُهنئً إياه، نظر لتلك الريماس وجدها تنظر إليه بسعادة بالغة وكأنها قامت للتو بفتح عكة، شعر بالمهانة عندما لم يجد أمامهُ سوي الرضـ.ـوخ والإستسلام للأمر الواقع، وذلك لعلمهِ الشديد بعدم موافقة والديه لفكرة الطلاق نهائيً في وجود طفل يتمناهُ كلاهُما منذُ الزمان لوحيديهما
أما عدنان الذي شكر ربهُ علي عدم مشاهدة كوثر وإيناس إلي حادثة القطار التي ظهرت بها صفا، وذلك لوجود كوثر داخل المشفي حيثُ أجرت عملية إستئصال الزايدة الدودية ورافقتها إيناس لمدة خمسة أيام،لم يشاهدوا خلالها التلفاز ولا حتي مواقع التواصل الإجتماعي علي هواتفهم الذكية،
ويرجع ذلك إلي دخول كوثر في حالة حرجة بعد إجرائها العملية، وبعد تحسُن حالتها وخروج كلتاهما من المشفي كان الموضوع قد هدأ كثيراً وأختفي من الساحة وظهور موضوعً بديل لتتناولهُ المواقع كما جرت العادة
❈-❈-❈
ليلاً داخل سرايا النُعماني
دلف يزن باحثً عن عائلتهُ كي يقوم بإبلاغهم بموافقة أمل بالزواج منه ، إستمع إلي أصواتهم تخرج من داخل حُجرة الطعام فتيقن أنهم يتناولون وجبة عشائهم
خطي بساقيه إلي الداخل ونظر إلي الجمع الكامل حتي عمهِ زيدان و ورد وصفا أتوا بناءً علي طلب عِثمان الذي طلب حضورهم بإلحاح وتمنِي، حتي يشعر بلمة عائلتهُ من حولهُ كقبل
تحدث يزن قائلاً بنبرة هادئة :
_ متچمعين عِند النبي إن شاء الله
إبتسم لهُ الجميع وأمنوا ورائهُ بتمني، ثم وجه الحديث إلي جده بنبرة جادة:
_ چدي، كُنت حابب أبلغك إن أني والدكتورة أمل حددنا ميعاد الفرح، وإن شاء الله عيكون بعد شهر من دلوك
تنهد عِثمان، وعدة مشاعر متناقضة تملكت من داخلهُ، شعور بالسعادة لاجل زواج حفيدهُ الغالي وفرصة لتكوينهُ لأسرة سعيده وإحتمالية رزقهُ بأطفالاِ
وبنفس التوقيت شعور بالحُزن والتـ.ـألم لأجل حفيدتهُ وحزنها الذي أصابها عندما إستمعت إلي ذاك الخبر المشؤوم بالنسبةِ لها
صمت تام أصاب الجميع لنفس أسباب عِثمان، فالجميع أُصيبَ بعدة مشاعر مُخطلتة
تحدث الجد بنبرة عاقلة :
_ علي خيرة الله يا ولدي، وأني عخلي المجاول يزود لك عدد الرچالة اللي عيشتغلوا في البيت لجل ما يخلصوه بسرعة ويشطبوه جَبل الشهر ما يخلص
إنتفضت ليلي واقفه وتحدثت بفظاظة :
_ يعني حضرتك موافج علي إنه يچيب لي ضُرة ويجهر جلبي بيها ؟
وأكملت بتساؤل غاضب أدمي قلب عِثمان:
_عترضي عليا اللي معترضهوش علي غيري ليه يا چدي ؟
واسترسلت بتعجُب لأمرهِ:
_هو أني مش بردك حفيدتك ولا إيه يا حاچ عِثمان !
تنهد بأسي وأجابها:
_ حفيدتي وغالية عليّ وربي عالم بغلاوتك في جلبي يا ليلي،
وأكمل مضطراً:
_ بس المُصلحة حكمت يا بِتي، إبن عمك لازمن يكون له وريث لإسمه وإسم عيلته
ثم أكمل بنظرة لائمة:
_ واللي إنتِ عملتيه في إبن عمك مكانش جليل بردك
كانت فايقة تنظر إلي الجميع بشرٍ وتوعد، لكنها لم تقوي علي التفوه بحرفٍ واحد بعدما باتت تتعامل من رسمية وعِثمان بأسوء أنواع المعاملة لتيقنهم أنها السبب الرئيسي لما وصل له قدري
نظر يزن إلي ليلي وتحدث بنبرة حادة:
_ إنتِ كمان ليكِ عين تعترضي ولساتك عتتحدتي
ثم نظر إلي جدهُ وهتف بنبرة حادة:
_ الهانم المحترمة بِت الأصول اللي حضرتك منبه علي أبوها إنها متخرجش بره البيت، كسرت كلمتك وكلمت أبوها وراحت المستشفي واتهجمت علي الدكتورة أمل بالكلام وهددتها
إبتلعت ليلي لُعابها خشيةً غضب يزن في حين تحدثت نجاة التي نظرت إلي ليلي بذهول وهتفت :
_ روحتي لها ميتا يا حزينة ؟
وأكملت بتذكُر :
_ أكيد صباحية يوم أبوك ما خدته الحكومة، لما كدبتي عليّ وجولتي لي إنك رايحة تطُلي علي چدتك سَنية
صاحت بنبرة كاذبه وإنكار:
_ إنتِ كُمان عتعومي علي عومها يا مّرت عمي !
وأكملت بإتهام لأمل:
_ دي واحدة ملعونة عتفتري عليّ بالكذب لجل ما يزن يصدجها ويجلب عليّ
صاح بها بنبرة صارمة :
_ يزن ممحتاچش يسمع من حد لجل ما يجلب عليكِ يا بِت عمي، اللي عِملتية خير شاهد،
وأكمل بدفاع وقوة رجُل عاشق:
_ ثم الدَكتورة أمل دي أني أضمنها وأضمن كِلمتها برجبتي
وأكمل وهو يُشير بيده إليها بنبرة تهديدية:
_ لاخر مرة عنصحك لوجه الله وعجولها لك كِدام چدك وأبوكِ وإعمامك وأخوكِ ، الله الوكيل، لو مسيتي أمل ولو حتي بكلمة طيبة، لتكوني طالج بالتلاتة يا ليلي
ثم نظر إلي جدهُ وتحدث:
_ أظن من حجي إني أحمي الحُرمـ.ـة اللي عتكون مّرتي، ولا إيه يا چدي؟
أومأ لهُ عِثمان وتحدث بجدية:
_ عداك العيب يا ولدي
تحدث قدري بنبرة جادة:
_ ربنا يتمم لك علي خير يا ولدي
وأكمل وهو يرمق ليلي بنظرات متوعدة:
_ وبِتي أني كفيل بيها وجادر أحمي الخلج من شرها
غضب داخل ليلي وشعرت بالخُزلان من أبيها ، أما فايقة التي صاحت وتحدثت بنبرة مُتهكمة:
_ وإيه كُمان يا سيد الرچالة ؟
وأكملت بنبرة لائمة :
_ دِه اللي ربنا جدرك عليه ؟
ده بدل ما تُجف في ضهر بِتك كيف ما زيدان وجف لبِته في وش الكُل حتي أبوه، تجوم تجوله مبارك وبِتي أني عكسر لك رجبتها !
رمقها بنظرة حارقة وتحدث بنبرة حادة بعدما فاض به الكيل من أفعالها :
_ إجفلي خاشمك يا مّـ.ـرة، وبدل بجاحتك وعينك الجوية دي، خلي بالك من بِتك وجولي لها تحافظ علي اللي باجي من بيتها
وجهت ليلي نظراتها الكارهه إلي صفا حيثُ أنها مقتنعة تمام الإقتناع بأن صفا هي من جلبت تلك الأمل من أجل أن تُشغل عقل يزن بها وينشغل باله وينسي بها ليلي ، فزاد حقدها علي صفا وباتت تفكر بطريقة إنتقام تليقُ بتلك الصفا وما صنعته، كي تشفي غليلها منها
❈-❈-❈
بعد يومان
ذهب الحاج عِثمان بصحبة مُنتصر وزيدان ويزن إلي المّشفي ، ودلف إلي حُجرة أمل الخاصة بالفحص، وطلب منها الموافقة علي طلبهُ الزواج من حفيده يزن، وذلك حسب الشرع والأصول
إشتدت سعادة أمل وأدمعت عيناها حين شعرت تقدير عائلة يزن وترحيبهم بدخولها إلي عائلتهم رغم ظروفها وعدم وجود وليً لها، حيث توفي والدها الذي كان وحيداً لوالديه ولم يتبقا لها سوي والدتها وشقيقتها
إحتضنها عِثمان بحنان وأشعرها بأبوته هو وزيدان ومنتصر تحت سعادة يزن وفخرهِ بأفراد عائلتهُ الحنون ،طلب منها زيدان القدوم إلي داره والمكوث بها بصحبة صفا بإعتبارها ستُصبح إبنة العائلة عن القريب، لكنها إعتذرت بكبرياء
إصطحبها يزن باليوم التالي إلي إحدي محلات الصَاغة وجلب لها الكثير والكثير من الذهب حسب العُرف الدارك ولم تستطع أمل الإعتراض تحت إلحاح ذلك اليزن
كان جميع العُمال يقفون ويعملون علي قدمٍ وساق للإنتهاء من أعمال المنزل وتجهيزهُ للزواج، وذلك بعدما تفرغ يزن بشدة لحثهم علي الإسراع ، كل هذا تحت إشتـ.ـعال روح ليلي وبرغم غليانها من تلك الأمل إلا أنها لم تقوي علي الإقتراب منها حتي ولو بكلمة، خشيةً غضب يزن وتنفيذهُ لتهديدهُ وخسارتها لهُ وللأبد
تحركت بصحبة والدتها خارج السرايا في الخفاء من باب المطبخ الخلفي بمساعدة العاملة منيرة ، وذهبتا إلي الدجال، وطلبتا منه أن يصنع لهما سحراً أسوداً إلي يزن كي يترك تلك الأمل ويعود من جديد إلي أحضـ.ـان ليلي ذليـ.ـلاً علي حد وصف فايقة وغلها
إستغل ذلك الدجال جهلهما وغبائهما وطلب منهما ذهبً من اللتان ترتديه كِلتاهما بجانب المال الكتير اللتان غمرتاه به، ووعدهما بكذب وضلال بأن يجعل منهُ عبداً طائـ.ـعً ذليلً لتلك الليلي
مما جعل كِلتا العقربتان تسعدا وتتحركا من جديد عائدين إلي داخل السرايا بمساعدة تلك العاملة مرة آخري، ثم أمرتها فايقة بأخذ تلك المياه التي أعطاها الدجال لهما وطلبت منها بأن تقوم بنثرها أمام الغرفة التي يسكنها يزن ليخطوا بها ويأتي السحر بمفعولهُ بتلك الطريقة
❈-❈-❈
بعد مرور حوالي عشرة أيام
صباحً بمنزل زيدان، فاقت مُبكراً وتناولت وجبة فطارها بصحبة والديها، وتحركت سريعً كعادتها لتذهب إلي المّشفي لمتابعة عملها التي تعشقه ، تحركت بأولي درجات الدرج وما شعرت بحالِها إلا وساقيها تنزلق لترتمي علي ظهرها للخلف وتزحف بظهرها علي الدرج لتصل لنهايته مع صرخاتها العالية التي إستمع لها كُلً من زيدان و ورد التي خرجت سريعً وما أن رأت إبنتها متسطحة علي ظهرها أسفل الدرج حتي لطمت خديها وصرخت بإسمها عالياً:
_بِتي
وكادت أن تُهرول إليها لولا يد زيدان الذي جذبها بقوة وتحدث وهو ينظر إلي الدرج ويدقق النظر علي تلك المادة اللامعة الموجودة عليه:
_ حاسبي يا ورد، السلم كَنه مدلوج عليه حاچة بتزحلج
وتحدث وهو يتمسك بالترابزين ويتدلي إلي إبنته بحرسٍ وأنتباه:
_ إمسكي في الترابزين زين
وصل إلي تلك المُتألمـ.ـة التي تضع يدها فوق أحشائها وتصرخ بشدة مما جعل جميع من في السرايا يخرج هلعاً بعدما إستمعوا إلي صراخ صفا وورد من داخل غرفة الطعام وهو يتناولون وجبة إفطارهم
إتسعت أعين فايقة ولطمت خديها عندما لاحظت وجود دمـ.ـاء وكأنهُ نزيـ.ـفً خاص بالجنين
هتفت ورد متسائلة إبنتها:
_ حاسه بإيه يا بِتي، في حاچة وجعاكي؟
صرخت صفا قائلة بألـ.ـم مُضني :
_ضهري وبطني عيتجطعوا يا أمّا ، عموت
هلع أصاب الجميع جراء منظر الدمـ.ـاء التي تسيلُ منها علي الأرض، رسمية نجاة ومريم التي صرخت بإسم إبنة عمها الغالية، وحتي فايقة التي خشيت خسارة نجل ولدها البكري،
حملها زيدان بين ساعديه وضمها لصـ.ـدرهِ والخوف ينهش داخلهُ ويتأكلهُ ، وتحدث إليها مطمأنً إياها:
_ متخافيش يا صفا، عتُبجي بخير إنتِ و ولدك
وتحرك بها وهو يهتف إلي يزن بنبرة أمرة :
_ إفتحي لي باب العربيه يا يزن وكلم الدكتورة أمل تچهز حالها علي ما نوصلوا عنديها
وتحدث إلي فارس:
_ دور العربية يا فارس وإطلع بسرعة علي المستشفي
أومأ لهُ الشابان وتحركا بسرعة هائلة، إستقل الجميع السيارات وتحركوا حتي عِثمان ورسمية كلاهما لم يقوي علي الجلوس في المنزل والإنتظار
تحركت سيارات العائلة سريعً خارج البوابة الحديدية عدا تلك التي تقف داخل فيراندا السرايا من بداية الآمر ولم يتحرك لها ساكن، نظرت لاخر سيارة خرجت من البوابة ثم ظهرت علي محياها إبتسامة شامتة،
رفعت رأسها لأعلي شامخً وتنفست بإنتشاء وسعادة ثم تحركت إلي الداخل ومنهُ إلي غرفة الطعام لتُكمل إفطارها بشهية عالية تحت إستغراب عاملات المنزل
في الطريق، أخرجت فايقة هاتفها وأخبرت قاسم بما جري، مما جعلهُ يترك ما بيده ويتجه إلي المطار بقلبٍ يرتجفُ رُعبً علي حبيبته فقط لا غير
داخل المشفي، وصلت السيارة التي تقِلُ صفا وتوقفت أمام درج المشفي، وتم نقلها سريعً علي الترولي من قِبل طاقم التمريض والأطباء الذين كانوا بإنتظارها بعد إتصال يزن، ودلفت إلي داخل غُرفة أمل حيثُ جهاز السونار،
تابعت أمل الكشف عليها بصُحبة صديقتها الطبيبة مي التي حضرت من القاهرة مصطحبة والدتها معها لمساعدة أمل في تجهيز ما يلزمها كعروس، وذلك بعدما قررت السيدة إيمان والدة مي بأن تأتي وتُساند أمل وتساعدها بتجهيز عُش زوجها السعيد، كي لا تشعُر أمل باليُتم رغم وجود والدتها علي قيد الحياة
تحدثت مي الطبيبة الماهرة بتخصُصها:
_ الحالة صعبة جداً يا أمل، ولازم تدخُل العمليات فوراً وإلا هنفقد الجنين
إستمعت صفا المنهارة بدموعها المُنسابة فوق خديها كشلال وأرتعب جسـ.ـدها بشدة وصاحت برجاء:
_ أرجوكِ يا أمل إتصرفي بسرعة،
ثم وضعت كف يدها فوق أحشائها تتحسـ.ـس وضع جنينها الذي يتحرك في الداخل بتشنج وهتفت بنبرة مرتعبة:
_ مش عاوزة أخسر ولدي ، ده هو الأمل اللي فاضل لي اللي لو راح هروح وراه
ربتت أمل علي كتفها وتحدثت بنبرة مُطمأنة :
_ إهدي من فضلك يا صفا، الإنفعال والتوتر ده مش حلو لا ليكِ ولا لحالة الجنين
وتحركت إلي الخارج لتخبر الجميع قائلة بأسي:
_ صفا حصل لها نزيف حادّ نتيجة الوقعة، ولازم نولدها بعملية قيصرية حالاً
وأكملت بأسي:
_ بس علشان تكونوا معايا في الصورة لازم أبلغكم وأقول لكم إننا ممكن لاقدر الله نفقد حياة الطفل
صاحت فايقة بوجه أمل قائلة بنبرة حادة مُستغلة الوضع:
_ فال الله ولا فالك يا غراب الشوم إنتِ
نظرت لها أمل بإستغراب في حين صاح بها يزن مدافعً عن زوجته المستقبلية قائلاً بنبرة صارمة:
_ مّرت عمي
كظمت غيظها منه وصمتت في حين أكملت أمل باقي حديثها شارحة بأستفاضة :
_ إسمعوني كويس من فضلكم ، أنا أهم حاجة عندي هي حياة صفا وإني أقدر أخرجها سالمة من أوضة العمليات وبس، لو ربنا بيحبنا هيساعدني أنا ودكتور مي في إننا نقدر ننقذ حياة الطفل مع الأم
تفوهت تلك المكلومة علي إبنتها ووجهة سؤالها إلي أمل بنبرة ضعيفة مُرتبكة وهي تسترجع الماضي الأليم داخل ذاكرتها وكأنهُ شريط سينمائيً :
_ هي صفا ممكن تشيل الرحم ؟
نظرت لها أمل بأسي وتحدثت بنبرة حزينة:
_ للأسف يا طنط ، أوقات كتير بيكون إستئصال الرَحِم هو الحل الوحيد للسيطرة علي وقف النزيف علشان ننقذ حياة الأم،
وأكملت لطمأنتها:
_ بس إن شاء الله النزيف يقف وما نضطرش نلجأ للحل ده
وتبادلت النظر إلي الجميع وأردفت برجاء:
_ إنتم بس إدعوا لها
ثم نظرت إلي زيدان وتحدثت:
_ زيدان بيه، بما إن أستاذ قاسم مش موجود فأنا محتاجة موافقتك علشان أبدأ في العملية ، لازم كمان تمضي لي علي إقرار بموافقتك علي دخول صفا لأوضة العمليات، وتحملك المسؤلية الكاملة علي اللي هيحصل جوة
دبت ورد علي صـ.ـدرها في حين تحدث زيدان بجسـ.ـدٍ يرتجف:
_ هاتي لي الإجرار دي لجل ما أمضية، وأدخلي لها بسرعة
وأكمل محفزاً إياها:
_ ربنا معاكِ ومعاها يا بِتي
تحدث يزن إليها بعيون مشجعة:
_ أني واثج فيكِ بعد ربنا يا أمل، ومتوكد إنك عتخرچي بصفا وبالواد كمان
أومأت لهُ بجدية ودلفت إلي الداخل سريعً لتُشرعا هي وصديقتها بالبدأ بإجراء العملية والخروج منها بأقل الخسائر المُمكنة
نظرت ورد إلي جميع الحضور وباتت توزع عليهم نظراتها الكارهه وهتفت بنبرة حادة:
_ لساتكم مشبعتوش أذية فيا وفي چوزي جولتوا تكملوا علي المسكينة بِتي ؟
إنتبه لها الجميع فأكملت مُفسره:
_ مكفكوش معايرة وشماتة فيا طول السنيين اللي فاتت چايين دلوك تكملوا المشوار مع الغلبانة صفا !
وأكملت صارخة :
_ مستكترين عليها يكون لها العزوة والسند اللي حرمتوها وحرمتوني منيها ليه ؟
ثم حولت بصرها إلي فايقة وبعيون تطلقُ شزراً أردفت قائلة بتوعد وهي تُشير بيداها :
_ وكتاب الله لو بِتي چري لها حاچة هي ولا ولدها لاكون جتلاكي بإديا دول، ومحد عيعرف يخلصك مني غير وروحك خارچة علي يدي ورايحة للي خالجها
جحظت عيناي فايقة وهتفت قائلة بذهول:
_ كَنك إتخبلتي وفجدتي عَجلك يا مّـ.ـرة، عتشكي فيي وتتهميني إني عاوزة أجتل وِلد إبني اللي عترچاه من إسنيين يا مخبولة إنتِ !
وأكملت صادقة:
_ ده أني جاعدة بعِد الليالي لجل ما أشيله علي يديا وأخده چوة حُضـ.ـني وأشم فيه ريح ولدي البكري
رمقتها بنظرة غاضبة وهتفت بإتهام :
_ ميتا كُتي عتحبي حد وتاخديه چوات حُضـ.ـنك يا واكلة ناسك إنتِ ؟
ده أنتِ معمِلتهاش وّيَا عيالك اللي من لحمك ودمك، عتعمليها مع وِلد صفا بِت عدوتك ؟!
أجابتها فايقة بتهكُم :
_ عيجولوا أعز من الوِلد وِلد الوِلد يا أم صفا، مش إكده بردك ولا إيه ؟
جذبها زيدان وأدخلها لداخل أحضـ.ـانهُ وتحدث وهو يُرتب علي ظهرها بحنان كي يُهدئ من روعها:
_ إهدي يا ورد وأصبري لما نطمن علي صفا وولدها
ثم نظر بعيناي تُقطرُ شراً وتحدث:
_ وبعد إكده أني ليا تصرف تاني مع اللي دلج الزيت علي السلالم
أردف عِثمان متسائلاً بإستفسار :
_ إنتَ متوكد إن فيه زيت مدلوج علي السِلم يا ولدي ؟
تحدث يزن مؤكداً لجدهُ:
_ الزيت موچود وأني شفته بنفسي واتوكدت منيه يا چدي، ومغرج السلالم من أولها لأخرها كمان
خرجت ورد من أحضـ.ـان زوجها وتحدثت بتوعد ونبرة غاضبة:
_ الله الوكيل لأجدم فيكم بلاغ في المركز يا عيلة النُعماني، وأخليهم يجروكم واحد واحد علي المركز لجل ما يعرفوا مين اللي كاره بِتي إكده
وهنا لم تستطع الصمود وأنهارت باكية وهي تنظر إلي زيدان بقلبٍ يرتجف رُعبً :
_ عيشيلوا لها الرحم وتُبجا كيف أمها يا زيدان
ونظرت إلي رسمية وفايقة وأردفت بتساؤل :
_طب أني كُنتوا كارهيني إكمني مكنتش منيكم، لكن هي ليه ! دي لحمكم ودمكم يا ناااااس
نزلت دموع رسمية وشعرت بالخزي والعار من حالها، وسحبها زيدان من جديد إلي أحضـ.ـانهُ وتحدث:
_ عتجدري البلا جَبل وجوعه ليه يا بِت الناس ( هتقدري البلا قبل وقوعة ليه )
وأكمل برضا ويقين:
_ إرفعي يدك للسما وجولي يا رب، وإن شاء الله ربنا معيخزلناش
بكت داخل أحضـ.ـانهُ وهتفت مناجية ربها بأعلي صوتٍ:
_ يارب، يارب تنچي لي بِتي، ملناش غيرك نلچئ له يا حبيبي
بعد مرور حوالي ساعة، دلف يهرول داخل رواق المّشفي، وجد الجميع مازال منتظراً بقلوبٍ مرتجفه مترقبة لما هو أتّ
تحرك إليه فارس وتحدث:
_ حمدالله علي السلامه يا قاسم
سأل شقيقهُ بترقُب :
_ صفا خرچت ولا لسه؟
هز لهُ رأسهُ نافيً
نظر إلي الجميع ثم توجه بسؤالٍ لقلبٍ يتمزق ألماً:
_ إيه اللي حُصل لصفا، وجعت كيف ؟
أغلقت ورد كتاب الله ( القرأن الكريم) التي كانت تقرأ بهِ كي يُهدئ من روعها ويرزقها الطمانينة
ثم نظرت إليه وتحدثت بإتهام :
_ إسأل أمك يا قاسم
قطب جبينهُ بإستغراب وهو ينظر إليها وتسائل مستفسراً،:
_ وأمي مالها بوجوع مّرتي يا مّرت عمي !
هتفت ورد بنبرة حادة:
_ لجينا السلالم بتاعت دارنا كلياتها متغرجة بالزيت، جولي إنتَ مين عيعمل إكده إن مكاناتش أمك يا حضرة الافوكاتو ؟
حول بصرهِ سريعً إلي والدتهُ التي هتفت قائلة بنبرة حادة:
_ الله يصبرني علي چنانك دِه يا مّـ.ـرة
إستشف قاسم من نظرات والدتهُ ونبرة صوتها أن لا دخل لها فيما حدث، لكنهُ فهم أن الحادث بفعل فاعل، ولم يكن قاسم إن لم يتعرف عليه، وتوعد داخلهُ بأن لن يتركهُ إلا وهو جُثةً هامدة ولكن صبراً، يطمئن أولاً علي صغيرتهُ وبعدها سيثأر لها
وجد ياسر يخرج من غرفة الفحص الخاصة به فهرول إليه وتحدث أمراً:
_ عاوز أدخل أوضة العمليات عند الدكتورة صفا
أجابهُ ياسر بتفهم:
_ أنا فاهم قلقك ومقدره، بس للأسف مش هينفع، إدعي لها، وبعدين هما إن شاءالله شوية كده وهيخرجم
هتفت ورد بنبرة قلقة متسائلة:
_ عيعملوا إيه چوة لحد دلوك يا دكتور، احب علي يدك تدخل لهم چوة وتطمني علي بِتي
تنهد بأسي وتحدث ليُطمأنها:
_ إهدي حضرتك وأطمني، دكتورة أمل ودكتورة مي من أكفئ الدكاترة في تخصصهم ، حضرتك دول كانوا متعينين في أكبر مستشفي إستثماري في البلد، والمستشفي دي معروف عنها إنها مش بتعين أي حد غير لما تتأكد إنه برفكت في شغله ويستاهل بجد يكون موجود ضمن طاقم المستشفي
حالة من القلق أصابت الجميع وبدأت الجدة وورد ونجاة بالبكاء الشديد مما جعل الدماء تغلي داخل شرايين قاسم الذي صرخ بهم بعدما فاض بهِ الكيل:
_ بطلي عويل منك ليها، إدعوا لها بدل عويلكم دي
بالكاد أنهي جُملتهُ وفُتح باب غُرفة العمليات وخرجت منهُ أمل، هرول الجميع إليها يتسائلون بنبرات مرتعبة، فتحدثت سريعً لتهدأت رُعبهم الذي ظهر فوق ملامح وجوههم :
_ إطمنوا يا جماعة، صفا بخير والبيبي كمان زي الفُل
واسترسلت بشرحٍ موافي:
_ هي بس الرئة بتاعته غير مكتملة وهنضر نحجزه في الحضانة لمدة إسبوع واحد وهيبقا زي الفل
سألتها ورد مُتلهفة:
_ والنزيف يا بِتي، وجفتوه ؟
أجابتها بإبتسامة مطمأنة:
_ النزيف وقف بفضل الله ثم دعواتكم، وصدقوني هي زي الفُل
سألتها رسمية بتأكيد لطمأنت قلبها علي صغيرة ولدها الغالي:
_ والرحم يا بِتي، طمنيني، صفا عتخلف تاني ؟
أجابتهم بنبرة وابتسامة هادئة:
_ هتخلف تاني وتالت وعاشر لو حبت كمان يا تيتا
شعور بالفرحة عمُ المكان وطغي علي الجميع بلا إستثناء، وتعالت المباركات والتهنأة
عدا عاشق متيمتهُ الذي سألها متلهفً:
_ هي صفا مخرچتش من چوة ليه ؟
أجابتهُ بهدوء :
_ أنا سبتها مع دكتورة مي بتفوقها وجيت علشان أبشركم
تحدث عِثمان شاكراً إياها:
_ الله يطمنك ويبشرك دايماً بالخير يا بِتي
إبتسمت لهُ وشكرته
هتف قاسم قائلاً لها :
_ أني عاوز أدخل لمّرتي يا دكتورة
نظرت إليه وأومأت بموافقة بعدما لمحت رُعبهُ وقلقهُ داخل عيناه، تحرك سريعً إلي الداخل بصحبة أمل، لمحته مي التي كادت أن تعترض علي دخولهُ لولا يد أمل التي أشارت إليها لتمنعها من الإعتراض
إقترب عليها بساقان مُرتجفتان من هول اللحظة، فقد كانت مُسطحة علي التخت الخاص بالعمليات ترتدي الثياب الخاص المُعقمة، مغمضة العينان وغائبة عن الوعي تماماً، إنتبه إلي صوت جنينهُ الذي كان مُعلقاً من ساقيه بيد طبيبة الأطفال،
حيث كانت توجة لهُ ضربات خفيفة فوق ظهرهُ كالمعتاد لإفاقته وإخراج صوتهِ، إرتبك حينما رأه ورهبة إجتاحت كيانهُ ، أصبح مشتت العقل والكيان بينهما ، لكنهُ إستعاد وعيهُ سريعً وثبت بصرهِ علي وجه مُتيمة روحهُ
في حين وضعت طبيبة الأطفال الصغير داخل الحَضانة نظراً لنقص نموهِ بسبب الولادة المبكرة، لكن حالتهُ ككُل جيدة، وتحركت بهِ سريعً إلي الخارج كي تضعهُ في الغُرفة المخصصة للحضانات
إقترب منها وأمسك كف يدها يتلمسهُ بإشتياق وحنين ولهفة وخوف، ضل ينظر إلي مي ويُتابعها وهي تضرب بكف يدها فوق وجنتها لإفاقتها وإستعادة وعيها
إستمع إلي همهمات تخرج منها بصوتٍ ضعيف، وبدأت بتحريك أهدابها وفتح عيناها شئً فشئ ، نظرت أمامها لتري رتوش لوجوهٍ مشوشة حولها، إستمعت إلي رنين لأصواتً أيضاً مشوشة وكأنها داخل حُلمً
إبتسمت بخفة حينما وجدت وجههُ يقترب منها ويميل عليها ويتحدث بكلمات غير مفهومة لذهنها وغير مسموعة إلي أذُنيها
للحظة خُيل لها أن طيفهُ يزورها داخل منامها كعادته، نطقت بنبرة ضعيفة للغاية مع شبح إبتسامة لعاشقة مُتيمة :
_ حبيبي
إشتدت سعادتهُ وتحدث وهو يتـ.ـلمس خدُها المياس بنعومة غير عابئً بمن حولهُ :
_ يا عيون حبيبك وجلبه من چوة
إبتسمت له بسعادة لإستماعها لكلماتهِ المُدللة وتأوهت بدلال
وأكمل هو بعيون ضاحكة وابتسامة جذابة رائعة:
_ حمدالله علي سلامتك يا جلب حبيبك
همهمت من جديد وتحدثت غير واعية :
_ خُـ.ـدني چوة حُضـ.ـنك يا قاسم وضمـ.ـني جوي، عاوزة أشم ريحة چسـ.ـدك لچل روحي ما ترُد فيا
تحمحم بخجل عِندما رأي إبتسامات كل من بالغرفة علي تلك العاشقة التي كشف حقنها ببنج التخدير عن مكنون مشاعرها الداخلية
تدخلت أمل التي بدأت بالخبط علي وجنتها من جديد لإفاقتها وإخراجها من تلك الحالة المُحرجة للجميع ، هتف متلهفً وهو يوجه حديثهُ إلي أمل:
_ بالراحة عليها
أجابتهُ امل بعملية:
_ لازم أخبط علي خدها ومناخيرها جامد علشان تفوق وتُخرج من تأثير البنج
وبالفعل بدأت بإستعادة وعيها وأول كلمة نطقت بها وهي تنظر إليه مُتلهفه خشيةً إستماعها لخبر فقدانها لطفلها :
_ إبني يا قاسم ، إبني فين ؟
ضم يدها بين راحتيه بشدة كي يطمئن روعها وتحدث مطمأنً إياها :
_ إبننا بخير يا حبيبتي، إطمني
هتفت بنبرة قلقة غير مصدقة إياه:
_ عاوزة أشوفه
إبتسم لها وتحدث بهدوء:
_ الدكاترة خدوه علي الحَضانة لأن الرئة بتاعته غير مكتملة، بس دكتورة أمل طمنتني وجالت لي إن وضعه مُستجر ( مستقر ) الحمدلله
بعد حوالي نصف ساعة، كانت تتسطح علي التخت داخل الغُرفة التي خُصصت لها، تتأوه بعدما بدأ تأثير البنج في الزوال ، يلتف حولها الجميع وهم يحمدون الله علي سلامتها وجنينها
تحدث قاسم إلي جدهِ بنرة صارمة:
_ يلا بينا يا چدي علشان أوصلك للسرايا
علم زيدان من ملامح وجههُ الصارمة أنهُ ذاهب لإكتشاف المُتسبب فيما حدث لغاليتهُ وكاد أن يفقدها وجنينهُ معاً، فهتف قائلاً :
_ خدني وياك يا قاسم
علم الجميع من معالم وجه قاسم السبب وراء ذهابهُ حتي تلك المُتسطحة
إنتفضت فايقة واقفه من جلستها كي تذهب معهم للإطلاع علي الوضع ومعرفة من المتسبب فيما حدث، هي بالاساس باتت شبه مُتأكدة من الفاعل، ولهذا السبب ستذهب معهم، تحرك قاسم، عِثمان، زيدان، قدري، يزن، فايقة
كاد فارس أن يتحرك معهم لكن قاسم طلب منه هو وحسن المكوث بجانب صفا والجميع كي لا يتركوا النساء بمفردهم
وصل الجميع إلي حديقة السرايا وجمع قاسم جميع العاملات حتي صابحة عاملة ورد، وحتي الخفراء المسؤلين عن حماية السرايا، وقفت ليلي ومريم وفايقة المرتعبة داخل الفيراندا يُشاهدن
هتف زيدان مُدافعً عن صابحة وحُسن قائلاً :
_ خرچ خالتك حُسن وصابحة برة الموضوع يا قاسم، دول أني أضمنهم برجبتي
صاح قاسم بنبرة حادة:
_ مش عخرچ حد جَبل ما أعرف مين كارهني ورايد لي الأذية جوي إكده ، محدش خارچ دايرة الإتهام يا عمي
صمت زيدان لتيقُنهُ صحة حديثهُ، ثم تحدث قاسم بفطانة وإدعاء :
_ اللي دلجت الزيت للدكتورة صفا مجدمهاش حل غير إنها تعترف
وأكمل بنبرة زائفة وهو يُشير بسبابتهُ لأعلي شُرفته كي يُرعبهم ويحِس ذاك المُجرم أو المجرمة علي الإعتراف :
_شايفين كشاف النور الكبير اللي متعلج في بلكونة شُجتي دي ؟
رفع الجميع قاماتهم ينظرون عليه فأكمل قاسم بإدعاء:
_ أني زارع كاميرات مُراجبة فيه وعتصور كل حاچة بتُحصل في الچنينة
وأكمل ليدب الرُعب داخل أوصال الفاعل:
_ وأكيد الكاميرات صورت اللي عِمل إكده ، بس جَبل ما أطلع وأشوف اللي فيها، عاوز أدي فرصة للي عِمل إكده
أسترسل بطمأنة:
_ لو إعترف بنفسيه وأتأسف عسامحه، لكن لو ما أعترفش دلوك وكابر ، عطلع أشوف الكاميرات وعبلغ النيابة تاچي تاخده
وأكمل مُهدداً:
_ والله الوكيل معخليه يشوف الشمس تاني بعنيه
بالفعل أتت خطتهُ بجني ثمارها حيثُ إرتعبت تلك الفتاةُ المسماه ب منيرة وهتفت بإرتياب ونبرة مُرتعبة:
_ أني عجول علي كُل حاچة يا بيه
إنتفض جـ.ـسد ليلي ونظرت بتحذير إلي العاملة التي لم تهتم وهتفت بدموعها:
_الست ليلي هي اللي جالت لي أخد جزازة الزيت وأغرج بيها السلالم جَبل ما الدَكتورة صفا تصحي
أغمضت فايقة عيناها بإستسلام لاعنة غباء صغيرتها التي كتبت شهادة وفاتها بيدها بمنتهي الغباء
في حين أكملت منيرة بجسـ.ـدٍ ينتفض رُعبً :
_ الله الوكيل ما كُنت موافجة يا بيه ، بس هي هددتني وعطتني خاتم دهب من حَداها، وجالت لي لو عِملت إكده هيُبجا الخاتم بتاعي وعتدهولي، ولم مسمعتش حديتها عتجول للكل إني سرجته منيها وتوديني الجِسم
جحظت عيناي قاسم مما إستمعهُ، أحقاً شقيقتهُ هي من أرادت قَتـ.ـل صغيرهُ قبل أن يخرج إلي الدُنيا ويري نورها !
إقترب منها قدري وقام بصفعها علي وجنتها بقوة مما جعلها تتهاوي بوقفتها وتحدث :
_ إنت اللي عِملتي إكده في مّرت أخوكِ وولده يا واكلة ناسك !
إبتلع قاسم لُعابهُ بتألم وغصة مُرة وقفت بحلقهِ وتحدث بنبرة صارمة إلي حُسن :
_ خدي البنات ودخليهم علي المطبخ يا خالة حُسن
وأكمل محذراً:
_ اللي حُصل إهنيه لو حد في النچع خد خبر بيه، معرحمش اللي جالت وحسابها عِندي عيكون تجيل جوي معتجدرش علي تسديده
وأكمل وهو يجذب تلك العاملة من يدها ويسلمها للخفير قائلاً:
_ إرمي البِت دي في أوضة الخبيز لحد ما افضي لها يا حسان
أومأ لهُ الخفير وأيضاً العاملات اللواتي أومأن بطاعة وأرتياب وبالفعل تحركن إلي الداخل والخفراء إلي خارج السرايا
حول قاسم بصرهِ إلي ليلي وسألها بنيرة حزينة مُتعجبً :
_ عِملت فيكِ إيه عفش يا ليلي لجل ما تتأمري مع الخدم علي مّرتي !
جالك جلب كيف يا بِت أبوي تإذي ولدي اللي عستني مچيته بفارغ الصبر لجل ما أخده چوة حُـ.ـضني
أذيتك في إيه أني لچل ما تإذيني في حبيبتي و ولدي ؟
نظرت إليه بعيون تقطرُ حِقداً وصاحت بغضب فاقدة السيطرة علي حالها :
_ مكتش جصداك إنتَ يا قاسم، أني كُنت عاوزة أنتجم من اللي دمرت لي حياتي وسرجت مني كُل حاچة،
وأكملت شاردة وكأنها تُحدث حالها:
_من صُغرها وهي عتسرج كل اللي عتمناه لحالي، حُب چدها وچدتي والكِل كليله
ثم نظرت إلي يزن وهتفت بكلمات أحرقـ.ـت بها قلب قاسم وأشـ.ـعلت به نـ.ـار الغيرة :
_ ده حتي الراچل اللي عحبه من صغري وياما إتمنيته لحالي لما فضلها عليّ وعشجها هي
أنزل يزن بصرهِ أرضً جراء خجلهُ الذي أصابهْ، وأكملت هي بحقدٍ اظهر مّدي سواد قلبها :
_ ولما أتچوزت حظها رماها في حُضـ.ـن الراچل اللي عاشت عُمرها كلياته تحلم بيه وبحُضـ.ـنه
وأكملت وهي تنظر إلي قاسم بغضب:
_ لا والراچل دي يعشجها ويتمني رضاها في نفس الوجت اللي چوزي يكرهني فيه ويُهچر فرشتي
وأكملت بصباحٍ وغلٍ أظهر كّم أنها شخصية مريضة غير سوية :
_ حتي العيل اللي ياما أتمنيته لجل ما أربط بيه چوزي وأحببه فيا واغلي نفسي بيه عِنديه ، خدته هي وفَرحت بيه جلوب العيلة كلياتها وبجا الكُل مستني چيته علي نـ.ـار
ورمقت والدتها بنظرة حارقـ.ـة وأردفت بلوم:
_ ده حتي أمي لما معملتش حساب لحرجة جلبي، وفِرحت لما عرفت إنها حِبلة في واد
وصاحت معترفة عالياً بغضبٍ وحقد:
_ إيوه أني اللي عملت إكده يا قاسم، ولو أطول أخنجها بإديا هي وعيلها مهتأخرش
هتفت فايقة التي نهرتها ولكزتها بذراعها بقوة:
_ إكتمي نفسك يا حزينة، إدبيتي إياك يا بِت
حول يزن نظرهِ إلي جده بذهول وتحدثت عيناه بلوم وانتظر منهُ ردة فعلهُ ، أخذ عِثمان نفسً عميقً ثم تحدث إلي يزن بشجاعة وإصرار بعدما فهم مغزي نظراته :
_ إرمي عليها يمين الطلاج يا يزن
إنتفض داخل يزن وكأنهُ وجد الخلاص، حين هرولت هي إلي يزن وتمسكت بذراعهُ وهتفت صارخة بتوسُل:
_ إوعاك يا يزن، أحب علي يدك متنطجهاش
نفض ذراعهُ باعداً إياها عنهُ بشدة وهتف بنبرة عالية وهو يرمقها بإشمئزاز:
_ إنتِ طالج، طالج، طالج بالتلاتة
صرخت وارتمت أرضً تحت أعين الجميع الناظرين عليها دون شفقةً أو رحمة عدا والدتها فايقة
وتحدث عِثمان بقوة إلي قدري :
_ قدري، تترمي كيف الكلـ.ـب في أوضتها لحد ما تخلص عِدتها، وبعدها عشيع ل صالح وِلد ذكي النُعماني اللي مرته ماتت من شهرين ، عجول له يتچوزها لجل ما تربي له عياله التلاتة
صرخت وهزت رأسها بهيستريا وتحدثت برجاء:
_ أحب علي يدك يا چدي بلاش ، رچعني ليزن وأني هعيش خدامة تحت رچلية، والله عمشي كيف ما تجولو لي، بس بلاش تچوزني لحد غير يزن
صاح يزن بنبرة صارمة:
_ أني طلجتك بالتلاتة ومن إنهاردة إنتِ متحرمة عليّ كيف أختي وأمي
وأكمل مؤكداً :
_ مفهاش رچوع خلاص يا بِت عمي
هتفت فايقة قائلة بدموع لأجل إبنتها التي أضاعت حالها بمنتهي الغباء:
_ أحب علي يدك بلاش صالح ولد ذكي يا عمي، دِي راچل مچنون، ده كان عيضرب مّرته يكسر لها عظمها، مرة ضربها بحديدة وفتح لها نفوخها
صاح بها عِثمان قائلاً بنبرة صارمة:
_ ياريته يعمل إكده يمكن يعلمها الأدب اللي جصرتي إنتِ وأبوها في إنكم تعلمهولها
كان يقف في حيرة من أمرهُ، مذهولاً مما فعلته شقيقته ومدي حقدها علي زوجته، وبنفس الوقت حزينً لأجلها وما أصابها
تحدث بنبرة ضعيفة تأثراً مما علمه:
_ إهدي وخلينا نفكروا زين يا چدي، بلاش صالح ونستنوا يمكن تاچيها فرصة وَيّا راچل زين
صاح عالياً بإعتراض:
_متستاهلش، صدجني يا ولدي ما تستاهل الراچل الزين ولا الفرصة الزينة، هو مفيش غير صالح اللي عيربيها صُح ويعرفها إن الله حج، وأهي تربي له العيال وتكسب فيهم ثواب
كانت تهز رأسها بطريقة هيستيرية رافضة لواقعها الجديد :
_ جذبها قدري من ذراعها ليُجبرها علي الوقوف وتحرك ساحبً إياها خلفهُ بطريقة مُهينة وتحدث:
_ إمشي علي فوج ومشوفش خلجتك برة أوضتك تاني وإلا عجتلك بيدي
صعد قدري بها إلي الأعلى وادلفها داخل غرفتها القديمة المتواجدة بمسكنه، ألقاها أرضً بحدة وتحدث بفحيح إلي فايقة بنبرة تهديدية :
_ تِعرفي لو رچلها خطت بره الأوضة دي ععمل فيكِ إيه
لم تجيبهُ من شدة دموعها التي إنهمرت بشدة فصاح هو بها قائلاً :
_ سمعاني يا مّـ.ـرة
إنتفض داخلها وهزت رأسها بإيجاب، فرمقها هو بنظرة إشمئزاز وخرج صافقاً خلفهُ الباب بقوة
تحرك قاسم إلي سيارته وقادها متوجهً بها إلي المّشفي حيثُ زوجتهُ وولده،
تلاهُ يزن الذي ذهب إلي أمل حيثُ كانت تتابع حالة صفا فطلب منها الذهاب معهُ ودلف بها داخل مكتبها وبدون مقدمات تحدث بنظرة ساكنة :
_ أني طلجت ليلي
إتسعت عيناها بذهول وهتفت مستفسرة بنبرة مُرتبكة غير مستوعبة:
_ بتتكلم جد يا يزن، فعلاً طلقتها
إنتفض داخلهُ بسعادة عِندما رأي سعادتها التي لم تستطع تخبأتها تطلُ من داخل عيناها وأجابها :
_ طلجتها بالتلاتة وبدون راچعة وبموافجة چدي كُمان
ثم قص لها ما بدر منها مما جعلها تستاء وتُذهل من كّم الاذي المتواجد داخل تلك الليلي
تحدث إليها بنبرة ممتنة:
_ ربنا حجج لك شرطك يا غالية وعكتب عليكِ وأني خالي، بس بعد ما بينتي لي إنك شرياني وباجية عليّ وإني أغلي عنديكِ حتي من مبادئك
إقترب عليها ونظر داخل عيناها بعشقٍ وأردف بنبرة حنون:
_ عُمري مهنسا لك إنك إختارتي راحتي علي راحتك يا أمل، ربنا يجدرني لجل ما أسعدك يا حبيبتي، ووعد عليا معخلي جلبك يعرف طريج للندم واصل،
واسترسل مُتفاخراً:
_ عحُطك تاچ علي راسي وأتباهي بيكِ وسط الخلج يا أصيلة
كادت أن تبكي من شدة سعادتها وأردفت قائلة بنبرة حنون:
_ كفاية يا يزن أرجوك، أنا كده ممكن أعيط
أجابها بثقة وتأكيد:
_من إنهاردة معادش للبُكي مكان بيناتنا ، كفاية علينا اللي عشناه في الهم والنكد، اللي چاي كله چلع لينا يا حبيبتي
وأكمل وهو يبتلع لُعابهُ تأثراً بأشتياقهُ لها:
_ أني عجول لچدي نكتب الكتاب الأسبوع دي بدل منخلوه لأخر الشهر مع الفرح
وأكمل وهو ينظر إلي كف يدها الموضوع جانباً:
_ نفسي أمسك يدك من غير ما أخاف من حساب ربنا، نفسي أخدك چوة حُضـ.ـني وأطمنك يا أمل
أجابتهُ بعقلانية:
_ إهدي وأصبر يا باشمهندس، أصلاً كل اللي فاضل تلات أسابيع
نظر لعيناها وتنهد وأردف قائلاً:
_ الصبر مّل مني يا دَكتورة
ضحكت لهُ بدلال أشـ.ـعل روحهُ
في الخارج، ذهب ياسر إلي البوفيه كي يطلب من العامل قدحً من القهوة ليظبط لهُ حالتهُ المزاچية ، وجد دكتورة مي تقف هي الأخري بإنتظار قهوتها فتحدث إليها بإعجاب مهني :
_ مبروك يا دكتور مي علي نجاح العملية
وأكمل بإشادة:
_حقيقي برافوا، إنتِ ودكتور أمل عملتوا معجزة إنهاردة وبدون أي خسائر ، وقفتم النزيف وانقذتم الأم والطفل وحافظتم علي الرحم
إبتسمت إليه بخجل وأجابته مُرتبكة وذلك لشدة إعجابها به عندما رأته مُنذُ ما يقارب من خمسة أشهر، داخل المؤتمر الذي ذهب إليه بصحبة صفا وأمل في ذلك اليوم المشؤوم بالنسبة إلي صفا :
_مُتشكرة جداً يا دكتور، دي شهادة غالية من حضرتك في حقي
نظر لداخل عيناها ورأي عِشق تلك الخجولة له، وبرغم عشقهِ الهائل للرقيقة مريم، إلا أنهُ قرر إعطاء حالهُ فرصة العيش والحب من جديد عَل تلك الجميلة تُنسيه مريم وعشقها المستحيل ، إستغل وجود والدة مي وقرر طلب مي للزواج منه وسيُنهي تعاقدهُ مع صفا بعد ان إطمأن عليها وتأكد من جدارتها لإدارة المشفي لحالها، وسيرحل من النجع بأكملهُ حاملاً معهُ ذكريات جميلة لم تُنتسي أبدا، علي أمل بداية جديدة مع مي
❈-❈-❈
داخل غرفة صفا، كان يجلس بمقعدٍ جانبي بجوار زيدان بوجوه مهمومة
أما هي فكانت تلتف حولها نساء العائلة، ورد، رسمية، مريم ونجاة، عَلية وصباح التي همست بنبرة حزينة كي لا يصل صوتها إلي مسامع قاسم وزيدان، أو يستمع إليه أحداً من عُمال المشفي :
_ممصدجاش لحد دلوك اللي سمعته من زيدان، معجول ليلي يوصل بيها الحجد وتعمل إكده، طب ليه
تنهدت صفا وتحدثت بنبرة ضعيفة لإنهاء الحديث في ذلك الموضوع وهي تنظر علي وجه قاسم الحزين لأجل ما جري:
_ خلاص يا عمه الله يرضي عليكِ، الحمدلله علي كُل اللي حصل
تحدثت رسمية بنبرة تحمل الكثير من الهموم:
_ معرفاش البِت دي طالعة شاردة لمين !
لوت عَلية فاهها بتهكم وتحدثت ساخرة:
_ معرفاش صُح يا أمّا
زفرت رسمية بإستسلام وصمت الجميع
ليلاً
أصيب زيدان بإرهاقٍ شديد فاجبرهُ قاسم علي العودة إلي منزله كي يستريح ، وضل هو بصحبتها و ورد وعلية، دلفت أمل كي تُعطيها جُرعة الدواء فطلبت منها الإعتدال لتتناول بعضً من الطعام كي لا يحدث لها هبوطً في الدورة الدموية بسبب نقص الغذاء ،
تحرك هو وقام بسندها وجلوسها ، كانت متعبة للغاية ضعيفة بجسـ.ـدٍ مستسلمً لا تقوي حتي علي صلب جسـ.ـدها، تحرك وجلس خلفها واضعً رأسها لتستند بها علي صـ.ـدره وتحدث بنبرة تُقطرُ حنانً:
_ ريحي چسـ.ـدك عليّ يا صفا، ويلا كُلي عشان تاخدي الدوا
أجابته بنبرة صوت غاية في الضُعف بفضل العملية والوقوع ايضاً الذي أثر علي ظهرها بقوة :
_مجدراش أكل
بسط يدهُ إلي عمته وتحدث إليها:
_ هاتي صَحن الشوربة إهنيه وأني عوكلها بيدي يا عمه
وقفت عمته وتناول هو الملعقة وبات يُطعمها بيده تحت سعادة أمل وحزن ورد وعَليه علي ما أصاب ذاك الثُنائي العاشق، شعرت بعودة الراحة والطمانينة التي إفتقدتها جراء الإبتعاد عن أحضـ.ـانهُ الحانية،
إنتهت من تناول الطعام وأخذت أدويتها بالكامل ولم تطلب منه الإبتعاد، في غضون بضع دقائق غفت علي صـ.ـدرهُ وكأنها كانت تحتاج لأحتضـ.ـانهُ وضمــتهُ لها كي تغفو بسلام
همست ورد وهي تحثهُ علي تمددها قائلة:
_نيمها علي السرير يا ولدي وجوم إنتَ ريح چسـ.ـدك لصـ.ـدرك يتإذي
أجابها مُتنهداً بإستسلام :
_ ياريت كُل الأذي يُبجا إكده يا مّرت عمي
نظرت عَليه إلي ورد بحزن وصمتا
❈-❈-❈
بعد مرور أربعة أيام، عادت صفا إلي منزل والدها مُرغمة، تاركة طفلها داخل الحضانة بصحبة قاسم الذي لم يتركهُ ولو ساعة واحدة ليرتاح بها، فقد وعد صفا بأنهُ لن يتركهُ بتاتاً ولهذا عادت هي إلي المنزل بدموعها بعد أن إطمأنت علي صغيرها بوجود والدهُ بجانبه
بعد ثلاثة أيام آخري،
دلف قاسم بسيارته التي يقودها فارس،وتدلي منها حاملاً صغيرهُ الذي إكتمل نموهُ بالكامل بفضل الله، وتحرك به إلي عِثمان الجالس بالفيراندا وهو يحملهُ ويُقربهُ منه، وضع قُبلـ.ـةً فوق جبينهُ ودعا لهُ بالصلاح والمباركة، وأمر الخفير بجلب الذبائح لذبحها وتوزيع لحومها صدقة علي أهل النجع، فرحةً بشفاء حفيدتهُ وصغيرها وخروجهما سالمين من تلك الحادثة
وطلب من فارس ويزن الذهاب إلي المركز لشراء كُل ما يلزم للتجهيز للإحتفال بقدوم الصغير
كانت تجلس بصحبة نساء العائلة داخل غرفة بالاسفل بمنزل والدها، تبكي بدموعها كعادتها مُنذٌ أن تركت صغيرها وحيداً وعادت بدونه، فاليوم كان من المفترض ان تحتفل بمرور إسبوع علي مجئ صغيرها إلي الدُنيا "ولكن" أنظر ماذا حدث
إتسعت عيناها وانتفض قلبها من شدة سعادته حين رأتهُ يدلف إليها بطلتهِ البهية، حاملاً بين ساعديه صغيرهُ الذي إكتمل نموهُ ورئتهُ بالكامل بفضل الله سبحانهُ وتعالي الذي إستجاب بعظمته إلي دعوات الجميع
هتفت بلهفة قائلة:
_ مالك
إبتسم لها وتحرك إليها متحدثً بدعابة:
_ مالك چاي لك بنفسيه لجل ما يطمنك عليه ويُسكن حُضنـ.ـك
وأكمل وهو يضعهُ داخل أحضـ.ـانها برعاية:
_سمي الله وخدي ولدك يا صفا
لم تستوعب لما يدور من حولها وتراهُ بعيناها، أحقاً إستمع الله إلي رجائها ودعواتها وأعاد لها صغيرها معافياً وبصحة تامة، يا إلهي كم أنتَ عظيم ورؤوف وقادرً علي كُل شئ
إحتضـ.ـنت صغيرها وباتت تُنثرهُ بالقُبـ.ـلات المتفرقة فوق كُل ما تطالهُ شفـ.ـتاها من جسـ.ـدهِ الرقيق، قامت عمتها صباح بإطلاق الزغاريد هي وورد وأيضاً صابحة العاملة التي جرت علي المطبخ بعد تلقيها إشارة من ورد للتحضير إلي كل ما يلزم للإحتفال بسبوع المولود
في حين هتفت رسمية سريعً :
_ طلعي صَـ.ـدرك ورضعي ولدك يا بِتي، لجل ما يشبع ويملي بطنه وچسـ.ـمه يحلو إكده
حزن داخلهُ حينما نظرت إليه تلك العنيدة تطالبهُ عيناها بالخروج كي تقوم بعملية إرضاع صغيرها، تحامل علي حالهُ وخرج
ليلاً، إحتفل الجميع بمراسم السبوع الداركة لدي الجميع وسط سعادة كل من في الدار عدا ليلي القانطة بغرفتها تبكي وتنتحب حظها العثر وما أوتّ إليه
بعد الإنتهاء طلب قاسم من جميع النساء تركهُ وصفا لحالهما بصحبة رضيعهما كي يتحدثا
جلس بجوارها فوق التخت وتحدث وهو ينظر إليها :
_ بكفياك عِند وبُعد لحد إكده يا أم مالك ،
وأكمل برجاء ونبرة حنون:
: وغلاوة ولدك لتاچي معاي لجل متنوري شُجتك إنتِ ومالك
إبتلعت سائل لُعابها من شدة تأثرها بنبرة صوتهُ الصادقة الحنون الراجية، فقد إقتربا كثيراً فترة الإسبوع المُنصرم حيثُ كان دائم التواجد معها ووصل الأمر به إلي أنه كان يُطعمها بيده حينما كانت تمتنع عن الطعام لأجل حُزنها علي صغيرها، ولكن ليست هي التي تستسلم بسهولة وتتنازل عن كرامتها
تحدثت بجمود وملامح وجه حادة إصطنعتها بصعوبة بالغة :
_ إنتَ خابر شرطي زين، طلجها الأول
أردف قائلاً:
_عنرچع تاني للعِند يا صفا، معايزش ولدي يتربي بعيد عن حُضنـ.ـي يا بِت الناس
وأكمل بنبرة جادة:
_ طب إرچعي شُجتك ووعد عليا مهجربش منيك واصل ولا عضايجك لحد ما المُدة تخلص، ها إيه رأيك ؟
نظرت إليه وتحدثت بعيون شبه راجية :
_ طلجها وأني أعاود
جولت لك معينفعش جبل ما تعدي السنة ، جملة مستسلمة نطق بها هو
فاستشاط داخلها واستفزها تمسكهُ بتلك الزيجة الملعونة، فهتفت بعناد وكبرباء :
_ وأني كمان مينعش أرچع جبل إكده
إنتفض واقفً من جلسته وهتف بنبرة حادة :
_ لساتك مشبعتيش ذُل وكسرة وإهانة فيا يا بِت زيدان؟
وأكمل لائمً حالهُ :
_ بس العيب مش عليكِ، أني اللي أستاهل اللي يچري لي عشان رخصت حالي بزيادة وياكِ
وأكمل مهدداً:
_ إشبعي ببيت أبوكِ وأجعدي فيه لحد ما تستكفي، وأبجا راچل دلدول وأستاهل ضرب الچزمة لو شُفتي خِلجتي إهنيه تاني، ولا چبت لك سيرة المرواح
قال كلماتهِ وهرول خارجً كالإعصار تحت قلب تلك المتألمة لأجلهِ ولأجل حالها وصغيرهُما، تريدهُ بل يتمزقُ داخلها من شدة الإشتـ.ـياق له ، تحتاجهُ وتحتاج لضـ.ـمة صـ.ـدرهُ لتشعُر بروحها الغائبة عنها مُنذ الكثير
لكن تُريد منه أن يحفظ لها كرامتها أولاً، تريد منه أن يُشعرها بأهميتها لديه، بتفضيلهُ لها علي أية إعتبارات أخري، ضـ.ـمت صغيرها إليها واجهشت ببكاءٍ مرير يُمزق داخلها
❈-❈-❈
جاء يوم الزفاف المنتظر، فرحة يزن وأمل التي ستكتمل اليوم
داخل منزل زيدان الذي أصّر علي جلب أمل لمنزلهُ كي يتم خروجها من منزله لتُزف إلي عريسها
نزلت من فوق الدرج وهي ترتدي ثوب زفافها الراقي، تجاورها والدتها التي هاتفتها إيمان والدة مي وطلبت منها الحضور للوقوف بجانب إبنتها بذلك اليوم المُميز لكل فتاة، اتت بسعادة وقلبٍ يتراقص عِندما رأت كل مظاهر الثراء الفاحش التي ستتنعم به صغيرتها الأخري
جلست وسط النساء اللواتي حضرن للتهنأة
تحدثت إليها صفا التي جلست بجانبها لتوصيتها علي إبن عمها الغالي :
_ مبروك يا أمل، خلي بالك من يزن، يزن غلبان ومفرحش في حياته جبل إكده ، حِني عليه وإحتويه وأني متوكده أنه عيحُطك في عنيه من چوة
أومات لها وتحدثت بإبتسامة مُشرقة:
_ يزن في عيوني وقلبي يا صفا، ما تقلقيش عليه
ضلت الفتيات تتراقصن وتتهادين بأجسـ.ـادهم بسعادة وفرحة، حتي إنتهت المراسم
دلف يزن لإصطحاب عروسهُ والذهاب بها إلي عُشهما السعيد، تسمر بوقفته حينما وجدها تقف أمامهُ بثوب زفافها ووجهها المُزين بالبسيط من أدوات التجميل التي أظهرت أنوثة وجمال أمل التي كانت تتعمد تخبأتهم تحت ثيابها العملية وملامح وجهها الصارمة
إقترب عليها وهو ينظر إليها بعيون عاشقة متشوقة لأول كل شئ معها، أمسك كف يدها ووضع به قُبـ.ـله ثم مقدمة رأسها وتحدث بصوتٍ مبحوح من أثر اللحظة:
_مبروك يا حبيبتي، المأذون كتب الكتاب وبجيتي حلالي خلاص،
وأكمل بسعادة:
_ عمي زيدان كان وكيلك
شعرت بالراحة والطمأنينة وأجتاحت موجة من السعادة كيانها وهتفت بنبرة يطغو عليها الفرحة:
_ الله يبارك فيك يا يزن
تهافت عليهم الجميع لتقديم التهاني والمباركات
إصطحبها مُتجهً إلي الخارج ومنهُ إلي منزلهما السعيد مع صوت الموسيقي الصادح وإطلاق الزغاريد من جميع الموجودات من نساء العائلة،
تحت إستشاطة قلب ليلي الحبيسة بغرفتها، حيث قام قدري بغلق باب غرفتها عليها بالمفتاح تجنبً لإفتعالها المشاكل مُجدداً
كانت تبكي وتصرخ بشكل هيستيري وهي تضرب علي صـ.ـدرها بقبضة يدها بقوة ، لم تستوعب بعد أن يزن أصبح مِلكً لغيرها من النـ.ـساء، كُلما راودت عقلها فكرة أنهُ سيـ.ـحتضن غيرها وتتمدد بجانبه فوق فراشــهِ وتتنعم داخل صـ.ـدرهُ، تشـ.ـتعل النـ.ـار بجـ.ـسدها وبقلبها وتشعر بروحها تنسحب من جـ.ـسدها وكأنها تُريد الرحيل
دلف يزن مصطحبً عروسهُ إلي الداخل وأغلق باب منزلهُ وبقي الجميع داخل الحديقة
كانت تقف أمام منزل أبيها تنظر علي ذلك الذي يُقابلها علي الصف الآخر بجوار أعمامه وأبناء عمومته وشقيقهُ، ينظر أمامهُ بملامح جامدة
ألقي نظره عليها وتلاقت الأعين، فهتف هو قاصداً صابحة المجاورة لها وتحدث بجمود:
_ صابحة، هاتي لي مالك چوة لجل ما أشوفه جبل ما أسافر
قال كلماته وأدار لها ظهره وتحرك إلي الداخل
شعرت بألم رهيب تملك من قلبها من معاملتهُ الجافة وتحركت هي الآخري إلي الداخل لتستريح حيثُ أنها مازالت متعبة من أثار وقوعها وعملية القيصرية التي لم تتجاوز الثلاثة أسابيع بعد
داخل السرايا كان يحتـ.ـضن صغيرهُ مقربً إياه منه، ينثرهُ بالقُبلات الحنون ويداعب وجنتهُ بحنان، تحت إبتسامات صغيرهُ بنسختهُ المُقررة منه ولكنه إحتفظ بعيناي والدتهُ الفيروزية، ضل يُداعبهُ حتي حان موعد إقلاع الطائرة فأعطاه برفقٍ ورعاية إلي فايقة قائلاً بحنان:
_ وديه لأمه لچل ما ترضعه يا أمّا
وأكمل وهو يلتقط جاكت حِلته ممسكً إياه بيده:
_ أني ماشي، يدوب إكده ألحج ميعاد الطياره
هتفت فايقة بنبرة إعتراضية :
_ أني معرفاش إنتَ مستعچل علي إيه، مش كُنت بيت ويانا وطلعت إطمنت علي خيتك
شعر بالضيق من مجرد ذكر إسم شقيقته، فهو مازال غاضبً منها ولم يعطها العُذر إطلاقً لما فعلته
تحرك منصرفً بدون إضافة كلمة واحدة واستقل سيارته تحت نظرات تلك العاشقة المراقبة لإنصرافه من شرفتها بالأعلي، مع تجاهلهُ التام لها مما جعل الحزن يتملك منها
❈-❈-❈
داخل غرفة نوم يزن الذي خلـ.ـع عنه ثـ.ـيابهُ وهي ايضاً وقامت بالصلاة خلفهُ كي يبدأ حياتهما علي طاعة لنيل رضا الله عليهُما
إنتهيا من الصلاة وأبدل ثيابهما، دلف من الداخل وأنبهر مما رآه أمام عيناه، كانت ترتدي ثوبً مخصصً للنوم قصيراً لمنتصف الفخـ.ـدين، ذات صـ.ـدراً مفتوح يظهر مـ.،ـفاتن نهديـ.ـها، واضعة بعض مساحيق التجميل الخفيفة التي أظهرت جمالها الفتان
تحرك مسلوب الإرادة حتي وقف قُبالتها واضعُ كف يدهُ الحنون فوق وجنتها مداعـ.ـبً إياه بدلال وتحدث وهو ينظر إلي مقلتيها بإحتياج:
_نورتي بيتك ومملكتك يا ست البنات
إبتسمت خجلاً وتحدثت وهي تنظر داخل عيناه بعيون عاشقة:
_ ميرسي يا يزن
تحدث إليها بإنبهار:
_ إنتِ حلوة جوي يا أمل
إبتسمت خجلاً، أمسك ذقنها ورفعها لتقابل عيناه، غاصا معاً بالعيون التي تحدثت واستفاضت، ثم مال علي شفتيها وألتقطهـ.ـما ليتذوقا معاً أولي قُبـ.ـلاتهما، ذابـ.ـا معاً داخلها وما شعرت بحالها إلا وهي تندمج معهُ بقبلتـ.ـه المُثيـ.ـرة و تشدد من ضمتـ.ـها له وكأنها تخبرهُ أنهُ أصبح أمانها وآنتهي الأمر
فصل قبلتـ.ـهما ونظر لها بسعادة واحتياج ، مال بجسـ.ـدهِ ثم قام بحمـ.ـلها وتوجه إلي فراشهـ.ـما كي ينعمـ.ـا معاً ويستمتعـ.ـا بأولي جولاتهم العشقيـ.ـة الحلال
بعد قليل كانت تقبع داخل أحضـ.ـانه، واضعه رأسها فوق صـ.ـدرهُ العـ.ـاري، يحتويها شعور بالأمان والسند والحماية التي باتت تبحث عنهُم طيلة حياتها بعد وفاة والدها مُبكراً
أما هو فكان يُشدد من ضمتـ.ـهُ وأحتوائهُ لجسـ.ـدها وكأنهُ وجد ضالته ويخشي إضاعتها من جديد
رفع وجهها ليحثها علي النظر إليه وتحدث بنبرات هائمة لرجُلٍ عاشق:
_ مبروك يا جلبي
أجابته بنبرة خجوله:
_ الله يبارك فيك يا حبيبي
إشتعـ.ـل داخلهُ وانتفض من كلمة حبيبي التي نطقتها وتحدث:
_يا أبووووووي علي كلمة حبيبي واللي عِملته في المسكين يزن
وأكمل بدعابة كي يجعلها تخرج من خجلها :
_ بالراحة علي حبيبك يا دَكتورة، حبيبك مش كَد حنيتك دي كلياتها ، عموت في إيدك إكده وأبجا شهيد العِشج
وضعت يدها سريعً علي شفتـ.ـاه لتمنعه الحديث وتفوهت بإرتياب:
_ إوعي أسمعك تجيب سيرة الموت تاني علي لسانك
وأكملت بنظرات متفائلة وعيون هائمة في عشق حبيبها :
_ إحنا هنعيش ونتهني جوة حُضـ.ـن بعض، هكون لك السَكن والسّكِينة، وهتكون لي السند والحماية، إحنا تعبنا كتير يا يزن، وجه وقت الراحة خلاص
كان أبلغ رد منه علي جمال كلماتها أنهُ إلتقط شفتـ.ـاها من جديد ليُذيقها من جديد ويتذوق شهد عسليـ.ـهما المُميز
يتبع
لمتابعة رواية تعويذة العشق الأبدي للكاتب سمر إبراهيم اضغط على الرابط التالي