-->

رواية قلبي بنارها مغرم - بقلم الكاتبة روز أمين - الفصل الرابع والاربعون

 

رواية قلبي بنارها مغرم 

بقلم الكاتبة روز أمين 






الفصل الرابع والأربعون

رواية

قلبي بنارها مغرم 




بعد مرور شهران علي يوم ميلاد مالك 

كان يوم الإحتفال بحنة حسن مُنتصر، أخر حفيد للنُعماني الكبير حيثُ كان أكثر الأحفاد وأوفرهم حظاً،  وذلك بعدما قرر عِثمان عدم التدخل وترك لهُ أمر إختيارهُ لشريكة الحياة بكامل إرادتة الحرة وعدم التدخُل نهائيً ، وذلك بعدما رأي بأُم أعيُنهُ ما جناهُ أحفادهُ الغوالي من تحكماتهُ وإجبارهم علي الشريك


فلهذا قد ترك لهُ الخيار  ، فأختار حسن إحدي الفتيات الساكنة بالمركز و التي كانت تدرس معهُ بجامعة التجارة بالفرقة الأولي عندما كان هو بالفرقة الرابعة،وأعُجب وارتبط بها عاطفئً،  حتي إقامة حفل الزفاف الذي قرر حسن إقامتهُ داخل قاعة كُبري في المركز التابع له نجع النُعماني ، وافق علية عِثمان رغم إعتراضهِ داخلياً 


صباحاً داخل منزل زيدان، خرجت ورد من داخل المطبخ تحمل ببن يداها صِيْنِيَّة موضوع عليها الكثير من المُعجنات الساخنة التي أعدتها بنفسها بمساعدة عاملتها الوفية صابحة




حولت بصرِها إلي الباب الخارجي وهي تنظُر إلي ذلك الثُنائي السعيد وتحدثت بنبرة لائمة: 

_ كل دي تأخير يا يزن،  عمك وصفا جاعدين من بدري علي السُفرة ومرضيينش يدوجوا الوّكل غير لما تاچوا 



إبتسم لها يزن الذي أصبح منزل زيدان بيتهُ الثاني حيثُ إحتضنهُ زيدان هو وأمل وطلب منه أن يأتيا كُل صباحٍ ليتناولا وجبة إفطارهُما وجميع وجباتهم حتي لا يشعرا بالإنعزال والوحدة كما شعر هو و ورد بالماضي


وذلك بعدما قرر يزن عدم الذهاب إلي السرايا لحين موعد زواج ليلي حيثُ أن شهور عدتها لم تنتهي بَعد ولم يتحدث جدها مع صالح بشأن زواجهُ منها إتباعً للشريعة  ، وجاء قرار يزن ذلك لتجنُب إثارة المشاكل وزعزعة الإستقرار داخل السرايا 




هتف يزن وهو ينظر إلي تلك المحتضنة لذراعهُ برعاية وتملُك : 

_ إسألي الدَكتورة وچلعها المَاسخ ، 

وأكمل شارحً بدُعابة: 

_ساعة بفوج فيها وساعة في الحمام وساعة بتلبس خلجاتها لما جربت أشُج خلجاتي منيها   



إتسعت أعيُن أمل وتحدثت بنبرة حزينة مُصطنعه: 

_ بقا كدة يا سي يزن 

ونظرت إلي ورد التي أصبحت تُناديها بأُمي بعدما غمرتها بحنانها ورعايتها وأهتمامها التي إفتقدتهُما بعدما تحولت والدتها من أم إلي جهاز ألي لعين ينظر لكل شئ ويقدرهُ بالمادة ،  وتحدثت تشتكي إليها بنبرة دُعابية  : 

_ عاجبك كدة يا ماما ؟  



ضحكت ورد وتحدثت: 

_ هما الرچالة كُلهم إكده،  كُل حاچة يچيبوها في الحُرمة لجل ما يطلعوا حالهم منيها كيف الشعرة من العچينة 



وتحدثت وهي تتقدمهم بإتجاة غرفة الطعام: 

_  إدخلوا يلا لجل ما تلحجوا تفطروا جبل ما الدنيي تتزحم  



دلفت ودلفا خلفها ذاك الثُنائي العاشق،  ألقي يزن السلام علي عمهِ وصفا،  ثم تحدثت أمل بإحترام إلي زيدان: 

_ صباح الخير يا بابا 


أجابها بنبرة حنون: 

_ صباح الخير يا بِتي


وأشار بكف يده :

_  إجعدي يلا لجل ما تُفطري  



جلس الجميع وشرعوا بتناول الطعام فتحدث زيدان موجهً حديثهُ إلي يزن وسألهُ عن التجهيزات التي تتم خارجً داخل الحديقة، الخاصة بإحتفال ليلة الحنة : 

_ الناس بتوع الفراشة خلصوا ولا لسة يا يزن  ؟ 



أجابهُ يزن وهو يبتلع ما في فمه: 

_ خلصوا يا عمي والطباخين وصلوا وأنا داخل من إشوي، وأبوي وعمي قدري وحسن معاهم 

طب هِم يا ولدي لجل ما نطلع لهم ونجف وياهم  ،  جملة قالها زيدان 



نظرت أمل إلي الطعام وأقشعرت ملامحها حين شعرت بالغثيان من رائحته،  لاحظت صفا المقابلة لها تغير لون وجهها،  لكنها صمتت لعلمها سبب تلك الحالة ،  لاحظ زيدان النظرات بين صفا وأمل التي تغير لون وجهها وأصبح باهتً 


فتحدث بحنان الأب: 

_ مالك يا بِتي،  معتاكليش ليه؟ 


صمتت هي وأنزلت بصرها خجلاً، وأبتسم يزن وهو ينظر إليها وسعادة الدنيا تملئ قلبهُ الجميل 


أما ورد التي ضحكت بسعادة وتحدثت إلي زيدان وهي تلكزهُ في كتفهِ بدلال قائله:

_ مبارك يا سيادة النايب  ،  عتُبجي چد كمان تمن شهور 


إنتفض قلب زيدان من شدة سعادتة جراء تلقيه ذاك الخبر السعيد ،  نظر إلي يزن وسألهُ بعيون مُتلهفة: 

_  مّرتك حِبلة صُح يا يزن  ؟ 


أومأ لهُ يزن بعينان سعيدة شاكراً للمولي، فتحدث زيدان بنبرة أب حنون : 

_ وساكت ليه يا ولدي،  مجولتش ليه لجل ما ندبحوا ونوزعوا علي الناس الطيبين ونفرحوهم 



أجابتهُ ورد بنبرة جادة : 

_ أم يزن معيزاش حد يعرف دلوك غير لما ليلي تتچوز ،  مفيش غيرنا إهنيه اللي نِعرفوا ، حتي الحاچ عِثمان ومّرت عمي معندهومش خبر  




أومأ لها بتفهُم  ثم حول بصرهِ إلي أمل وأردف قائلاً بنبرة حنون : 

_ مبارك يا بِتي،  ربنا يجومك بالسلامة 


إبتسمت لهُ بعيون سعيدة لشدة حنانهُ وأردفت قائله: 

_ متشكرة يا بابا 



دلفت هدية، تلك العاملة التي تعمل حديثً بمنزلهم والتي أتت بها ورد حتي تهتم بالمنزل بجانب صابحة كي تتفرغ هي بالكامل لرعاية الصغير والعناية به 



خطت للداخل وهي تحمل الصغير مالك الذي فاق من غفوتهُ للتو ، أشار لها زيدان وهتف مُتلهفً: 

_ ناوليني حبيب چده وسيد جلبه 

نظرت لهُ صفا وابتسمت  لأجل سعادة وتعلُق والدها الشديد بصغيرها، وتنهدت وظهر الأسي فوق ملامح وجْهها التي أصبحت حزينة بفضل تعمُد قاسم لتجاهلها التام وعدم محاولاتهُ لمراضاتها كالسابق 

حمل زيدان الصغير وبات يُكيل لهُ القُبلات ويداعبهُ ليري إبتسامة الصغير التي تبعث في قلبهِ السعادة وتُشعرهُ بعوض الله عليه 


❈-❈-❈


داخل مّسكن فارس ومريم 

كانت تغفو بين أحضـ.ـانه في ثباتٍ عميق وكذلك هو،  تملل من نومتهِ حينما إستمع إلي رنين هاتفهُ  ، بسط يده إلي الكومود بتكاسُل وألتقط هاتفهُ وأفتح عيناه بنُعاس ينظر في شاشتهُ،  تملل حين رأي نقش إسم والدتهُ


ضغط زر الإجابة وأجابها بنبرة ناعسة، فوجدها تصيح قائلة بنبرة ساخرة :

_  نموسيتك كُحلي يا فارس باشا،  لساتك نعسان في حضـ.ـن بِت نچاة لدلوك  


وضع كف يده علي وجههُ ومسح عليه وتحدث مُتسائلاً بتملل: 

_ خبر إيه يا أمّا عاد علي الصُبح،  مالك جالبة عليّ ليه إكده  ! 



أردفت قائلة بنبرة ساخرة: 

_ صُبح مين يا إبن قدري  ،  الساعة عدت ثمانية والطباخين خُم والچنينة أتملت برچالة العيلة، وإنتَ لساتك نعسان چار ست الحُسن والچمال 


وأكملت بنبرة جادة  : 

_إنزل لجل ما تكلم أبوك يخلي ليلي تنزل معانا في حِنة الحريم،  إتحايلت عليه وراسه وألف سيف تفضل محبوسة في أوضتها 

زفر بضيق علي حال شقيقته العنيدة التي أوصلت حالها إلي الهاوية، وتحدث بنبرة هادئة: 

_ حاضر يا أمّا،  عفُوج وأخد دُش وأنزل طوالي 



أغلق معها ونظر لتلك التي أفتحت عيناها وسحبت جسـ.ـ.دها لأعلي حتي إستقرت داخل أحضـ.ـانه من جديد،  وتحدثت بسعادة وهي تتمسح بصـ.ـدرهِ كقطة سيامي: 

_ صباح الخير يا حبيبي 


إبتسم لها برغم الضيق الذي أصاب قلبهُ عِندما تذكر حال شقيقته،  لف ذراعهُ حول خصـ.ـرها وجذبها عليه وتحدث وهو يشدد من ضمـ.ـتها: 

_يا صباح الفل 


تمطأت بدلال وسألته: 

_ مّرت عمي كانت عاوزة إيه؟ 


أجابها بإقتصار: 

_ بتصحيني لجل ما أنزل أجف ويّا الرچالة 

نظر لها وتحدث بنبرة جادة  : 

_ مريم 

نظرت له فأكمل هو بعيون حنون : 

_ أني عاوز أچيب منيكِ عيال تاني 


إنتفض داخلها بسعادة وتحدثت مُتلهفة لتشوقها هي أيضاً لحملها طفل أخر منه، لكنها كانت تنتظر إتخاذ الخطوة الأولي منه  :

_صُح يا فارس  ؟ 

إبتسم بشدة حتي بان صفي أسنانه وذلك لشدة سعادته لما رأه من سعادة إرتسمت علي ملامحها وتحدث : 

_صُح يا حبيبتي،  بعد ما نِخلصوا من فرح حسن عاخدك علي المستشفي عِند أمل لجل ماتعين لك الوسيلة 



شعرت بسعادة ليس لها مثيل ورمت حالها داخل أحضـ.ـانهُ من جديد،  إحتواها هو ثم وضع قُبلـ.ـة حنون علي مُقدمة رأسها 





بعد قليل كان يتدلي الدرج وتجاورهُ هي،  شعرت بنـ.ـار الغيرة تشتـ.ـعل داخل صـ.ـدرها حين نظرت أمامها ووجدت أشجان إبنة خالته بدور حاملة طِفلها وتجلس بجانب والدتها وفايقة يحتسون مشروبً بارداً،  وما أن رأت فارس يتدلي الدرج حتي ثبتت عيناها عليه وباتت تنظر إليه بإشتياق جارف غير مبالية بكُل من حولها وبالعالم أجمع، ولا حتي بتلك المستـ.ـشاطة عاشقة حبيبها  




حولت بصرها سريعً علي فارس لتستشف ردة فعلهِ،  وجدته ينظر أمامهُ بملامح وجهٍ عادية، خالية من المشاعر التي كان يحملها ويكنُها إلي تلك الأشجان في السابق ، إستشعر بها وبحرقة روحها بقلب الحبيب،  فحول بصرهِ إليها سريعً ونظر لها ليُطمأنها بعيون العاشق، ثم تمسك بيدها وأحتضـ.ـنها برعاية وحُب


إبتسمت له وتحركت بجانبهُ حتي وصلا لجلستهم، ألقي السلام علي الجميع ثم نظر إلي خالته وتحدث بإبتسامة حانية وهو يُبسط ذراعهُ ليُصافحها : 

_ منورانا يا خالة،  كيفك وكيف صحتك  ؟ 



إبتسمت له خالته وتحدثت بنبرة حنون، برغم أنها شقيقة فايقة إلا أنها كانت النقيض لها : 

_ تسلم وتعيش يا حبيبي،  مبارك لوِلد عمك وعجبال ما تخاوي چميلة 



حول بصرهُ إلي ملاكهُ البرئ وتحدث بنبرة حنون وهو يتمسك بكف يدها:

_ جربب، جُريب جوي إن شاء الله 


مما أخجل تلك الرقيقة وأكمل برسمية وهو ينظر إلي تلك الحزينة وتحدث دون أن يصافحها متبعً أوامر دينهُ الحنيف وايضاً إحترامً لمشاعر زوجتهُ الرقيقة  : 

_ كيفك يا أم مروان 


أجابته بعيون لائمة وحزينة: 

_ الحمدلله يا ولد خالتي،  بخير 


لم يُعيرها ولا لنظراتِها إهتمام مما أسعد روح تلك العاشقة، ونظر إلي والدتهُ وهو يستعد للتحرك إلي الخارج: 

_  عاوزة حاچة يا أم قاسم  


أجابته فايقة:

_ سلامتك يا ولدي 

واسترسلت لتُذكرهُ:

_ ما تنساش تفاتح أبوك في الموضوع اللي حدتك فيه في التَلفون  


أجابها وهو يتحرك ساحبً معهُ عاشقة روحهُ: 

_معنساش 


وقف بها بعيداً ونظر لها بعيون عاشقة تحت نظرات أشجان المُحترقـ.ـة والتي مازالت حابسة حالها داخل خانات ذكرياتها المؤلمة،  رُبما تكون صفعة فارس لها بداية الإفاقة والنظر لما مّن الله عليها به من نِعم كثيرة 


تحدث إليها بطمأنة عاشق: 

_ إطمني وريحي بالك يا غالية،  معادش في الجلب غيرك 

وأكمل بإبتسامة حانية  : 

_ ملكتي الروح وإنتهي الآمر يا أم چميلة 

إبتسمت بخجل وتحدثت بعيون تنطقُ عِشقٍ وامتنانً: 

_ ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منيك يا حبيبي 


إبتسم بسعادة وتحرك إلي الخارج فأخذت هي نفسً عميقً وأستدارت تنظر إلي أشجان نظرة مَلك مُنتصر ثم تحركت إلي المطبخ للبحث عن والدتها وطفلتها التي لا تفارق حُضـ.ـن نجاة




ظهراً داخل منزل الحاج عتمان 

كان منزل العائلة يأجٌ بالزائرين من نساء العائلة وبعض السيدات من عائلات أخري اللواتي أتين للمباركة لزواج حسن ،، كانت ورد تجلس بين النساء أما صفا فكانت بداخل منزل أبيها تٌحمم صغيرها وتغمرهٌ بالروائح العطرة ليكون بإستقبال والدهٌ الذي يشتاقة وأشتاقتهُ هي حد الجنون 



أجواء مٌبهجة تعمُ علي المنزل ، حيث كان دق الطبول ورقص الفتيات والتصفيق والاغاني من سيدات العائلة يصدح في جميع أرجاء المنزل إستعداداً لإستقبال ليلة الحِنة التي ستبدأ ليلاً 

كانت أمل تجاور نجاة التي أمسكت يدها وتحدثت بنبرة قلقة وهي تنظر إلي فايقة التي ترمُق أمل بنظرات حاقدة:

_ إجعدي يا بِتي وإياكِ تتحركي من چاري، وإوعاك تشربي أي حاجة إهنيه،  حتي بُج الماية معيزاكيش تدوجيه 


وأكملت بإرتياب:

_ اللي إسميها فايقة جِرابها مبيخلاش من البلاوي،  ومحدش يِعرف هي بتفكِر وناوية علي إيه 



أردفت أمل بنبرة هادئة لتهدئ من روع والدة زوجها الحنون :

_ مش للدرجة دي يا ماما،  وبعدين هي ماتعرفش إني حامل أصلاً 

نظرت لها نجاة وتحدثت بتذكُر :

_  نسيتي اللي عِملته الحرباية بِتها في صفا إياك ؟ 

ودي كانت مّرت أخوها و ولده،  مابالك بعدوتهم عيعملوا فيها إيه 

نظرت أمل إليها وأومات بطاعة 


تحركت فايقة وجلست بالمقعد المُجاور لأريكة ورد التي تجاور نجاة وأمل، ثم وضعت ساقً فوق الأخري بكبرياء وتحدثت بنبرة شامته ساخرة  :

_ عجبال ما بِتك ربنا يهديها يا ورد وترجع لبيت چوزها، بدل ما هي مخلية سيرتها لبانة في حَنك اللي يسوي واللي ما يسواش من نسوان العيلة


وأكملت شامتة  :

_  عيجولوا ورد وزيدان چلعوا بِتهم بزيادة ولجل إكدة معمرتش وشكلها إكدة مش بتاعة چواز ، عيجولوا كمان مهمله جوزها وسايبة بيتها وجاعدة چار أمها 


واسترسلت ساخرة: 

_ الغَفر عيشفوها طالعة داخلة عِنديكم والناس معتفوتش حد في حاله 




رمقتها ورد بنظرات ناريـ.ـة وأردفت قائلة بنبرة حادة قوية:

_ جطع لسان اللي يجيب سيرة الدَكتورة بكلمة عِفشة 

وأسترسلت حديثها قائلة بنبرة ساخرة  :

_  بس بردك الناس معذورة يا سلفتي،  معيعرفوش بالغـ.ـدر والخـ.ـيانة اللي وجعوا علي بتي من المحترم إبنك ، حضرت المحامي اللي المفروض هو اللي عيجيب الحجوج للناس وينصفهم ،، بس نجول أيه يا سلفتي 

وأكملت بنبرة ساخرة متهكمة إستشاطت داخل فايقة  :

_  باب النجار مخلع والرك في الأساس علي التربية 



إبتسمت فايقة بشماته وتحدثت بهمس ضعيف:

_ متجلجيش يا غندورة ، دلوك اللي ميعرفش عيعرف وجُرستِك عتُبجا بجلاجل إنتِ وبِتك 




لم تٌكمل حديثها الهامس حتي أتت إحدي العاملات وتحدثت إليها:

_  ست فايقة ، الغفير مرعي عيجول لحضرتك إن السواج جاب الچماعة اللي إنتِ أمرتية لچل ما يروح يچيبهم من المطار 




وقفت فايقة سريعً وتحدثت بسعادة مُبالغ بها: 

_ روحي يابِت إستجبليهم بسرعه وخدي معاكي هنية وشيلوا عنيهم الشُنط 


وتحركت سريعً تقف في مدخل المنزل ،  نظرت ورد إلي نجاة بإستغراب وتساءلت :

_ چماعة مين دول يا نجاة اللي سلفتك عزماهم وچايين كُمان بطيارة ؟



هزت نجاة كتفيها بعدم معرفة وتحدثت:

_  عِلمي عِلمك يا ورد ،، جال يا خبر بفلوس 


ولم تٌكمل جٌملتها حتي وجدت تلك الإيناس تدلف إلي الداخل برأسٍ شامخ مرتفع وهي تنظر إلي الجميع بتفاخر وكبرياء، تجاورها كوثر التي تنظر بإنبهار إلي السرايا ومساحتها الهائلة 



أسرعت إليها فايفه وأخذتها بين أحضـ.ـانها بودٍ وسعادة وتحدثت بترحاب لم يستمع إليه أحداً من علو الصوت :

_  يا أهلاً يا أهلاً بمرت الغالي ،، نورتي بيتك يا أستاذة 



هدأت الطبول وصمت الجميع وتوقفوا عن الغناء والتصفيق وجلسن يترقبن كشف هوية هاتان الزائرتان 



وأحتضنت فايقة كوثر تحت إستغراب جميع الحاضرات اللواتي بدأن يتسائلن عن تلك السيدة كاشفة الشعر التي ترتدي ملابس ضيقة للغايه ، وتُجاورها تلك التي ترتدي فوق رأسها حجابً صغيراً وترتدي تحتهٌ ملابس ضيقة للغايه تُجسد معالم جسـ.ـدها ، نظرن النسوة إليهما بعيون مُتسعة وذلك لعدم إعتيادهم علي رؤيتهم لتلك الملابس المُتحررة والجديدة عليهم 



إرتبكت الجدة بجلستها وحدثت حالها حين فهمت بفطانتها شخصيات تلك الزائرتين:

_  فعلتيها فايقة ، كنتٌ أعرف أنكِ تٌخططين لكارثة ، لكن لم يأتي بمخيلتي أنكِ تُدبرين تلك الكارثة التي ستعصفٌ بالمنزل بأكملة 




أمسكت فايقه يد إيناس وهي تحثها علي التحرك للداخل ونادت بصوتٍ عالي لتلك التي تجاورها بالأساس، لكنها تُريدُ لفت أنظار الجميع ليس إلا : 

_ هنية   

أجابت هنية مٌسرعة خوفً من بطش تلك المُتجبرة عديمة الرحمه وتحدثت  : 

_ نعمين يا ست فايقة 


أجابتها بقوة كي تٌسمع جميع الحاضرات  :

_  خدي شنط ستك الأستاذة إيناس وطلعيها علي أوضة سيدك قاسم الأولانية ، وشنطة الهانم حطيها في الأوضة بتاعت اللضيوف اللي فوج 


وأكملت بتفاخر وهي تنظر إلي رسمية  :

_  جربي يا أستاذة وسلمي علي ست الكل الحاجة رسمية 


في تلك الأثناء كانت صفا تحمل صغيرها وتدلف لداخل المنزل بسعادة وهي تٌقبله  ،  تسمرت بوقفتها حين إستمعت لصوت زوجة عمها وهي تُحدث هنية وتكشف عن شخصية إيناس  ، تراجعت للخلف سريعً وحمدت ربها أنها لم تدلف بعد للداخل وتضع حالها في موقف لا تُحسد عليه  ، أسرعت عائدة إلي منزل أبيها بدموعها المُنهمرة علي وجنتيها جراء تلك الإهانة الكُبري لها  




أما بالداخل ، فتساءلت إحدي سيدات العائلة إلي فايقة التي كانت تنتظر هذا السؤال بتلهف :

_ معتعرفيناش بضيوفك ولا إيه يا أم قاسم  ، شكلك إكده تعرفيهم زين ؟ 


نزلت تلك الكلمات علي قلب ورد شطرته إلي نصفين وتألمت علي حال صغيرتها ،  أمسكت نجاة كف يدها كنوعٍ من المؤازرة وأستغربت جُرأت تلك الفايقة بأن تأتي بزوجة قاسم إلي هنا،  اما أمل فتحركت سريعً عائده إلي منزل زيدان لتكون بجانب صفا   




تعالت الهمهمات بين الحاضرات،  شعرت ورد بأن روحها تكادُ أن تزهق من شدة قلقها الذي أصابها من ما هو أتْ ،  الأن ستفهمن الحاضرات لما صفا تاركة منزل الزوجية ، وستتهامزن فيما بينهُن عندما يعرفن السبب، سيقولن فيما بينهُن إن إبنة النعمانية فضل عليها زوجها أنثي أخري وذهب إلي القاهرة ليتنعم داخل أحضـ.ـانها تاركً زوجتهُ وصغيرها 




كادت فايقه أن ترد ،  أخرستها رسمية التي وقفت وأردفت قائلة وهي تتطلع إلي النساء: 

_ دي والدة وأخت زَميل الأستاذ قاسم في المكتب، چايين لجل ما يحضروا الفرح ويانا 



ثم وجهت بصرها إلي فايقة وأرعبتها بنظرة تحذيرية هي وضيفاتها الغير مرغوب بتواجدهُما، وتحدثت إليها بحدة وصرامة بعدما طفح بها الكيل من أفعال إبنة أخيها التي لا تٌحتمل :

_  خدي ضيوفك وطلعيهم علي أوضهم وبكفياكِ رط حَريم ماسخ ملوش عازة  . 




وأكملت حديثها إلي النساء المتواجدات بصيغة أمرة : 

_وإنتِ يا حُرمـ.ـة منك ليها ،، يلا كل واحدة علي دارها وأبجوا تعالوا بالليل لما الحِنة تبدأ 




مازال الجميع علي حاله يتهامزن ويتسائلن ما الذي إستدعي غضب تلك المُتجبرة رسمية إلي هذا الحد،  أما كوثر التي كانت تنظر إلي تلك السيدة عديمة الذوق غريبة الأطوار التي بدلاً من أن تقف إحترامً لهما والترحاب الشديد بهما،  تقوم بتوجيه حديثها الوقح هذا إلي فايقة وتتجاهلهما وكأنهما هما والعدم سواء 




نظر الجميع إلي بعضهن وبدأن بالتهامز والتلامز بين بعضهن البعض فتحدثت الجده ناهرة إياهُن  :

_ مسمعانيش إياك يا حُرمـ.ـة منك ليها  ؟ جولت كل واحدة علي دارها . 



تحركن سريعً بتخبط خشيةً غضب تلك المُتجبرة بهُن ، وقفت هي وتحدثت لتلك الناظرة لها بتعجب وضيق وكبرياء:

_ متأخذنيش يا ست ،، أصل أني مكانش عِندي عِلم بوصولكم 


وأكملت وهي تنظر إلي فايقة بتوعُد:

_  وأني بجا مكرهش في حياتي كلياتها كَد إن المية تچري من تحت رچليا وأني مدرياش 




ثم رمقت فايقه بنظرات أرعبتها قائلة بحدة  :

_ بس ملحوجة ، أني ليا تصرف تاني عيخلي كُل واحد إهنيه يعرف مجامه صُح 



وأكملت إليها :

_ خدي ضيوفك طلعيهم فوج يا أم قاسم وأبجي إدلي تاني عشان عوزاكِ 


إبتلعت فايقة لُعابها،  ثم حولت رسمية بصرها إلي ورد وأردفت قائلة بإحترام بنبرة هادئة :

_  وإنتِ يا أم الدكتورة ، جومي لدارك وأبعتي لي مالك مع صابحة لجل ما أتونس بيه 




  ثم نظرت إلي فايقة المتسمرة خجلا من ضيوفها ومن تلك المُقابلة اللتان تلقوها ، ورٌعبً من نظرات تلك الرسمية التهديدية وتحدثت بحدة:

_  واجفة متسمرة ليه إكده يا وَليّـ.ـه ،، مسمعتنيش إياك ! 



فاقت من ذهولها وتحدثت بإرتعاب: 

_حاضر يا عمة ،إتفضلوا وياي يا جماعة 


وقبل أن يخطوا إلي الأعلي أوقفتهم رسمية بصوتها الجهوري: 

_ إستني عِنديكِ منك ليها 


نظرن اليها وأكملت هي بنبرة تهديدية غير لائقة بإستقبال الضيوف وخصوصاً عِند أهل الصعيد الذين يتسمون بالكرم والمروئة وحُسن الإستقبال ،  لكنها تعلم في قرارة نفسها سوء نيتهما تجاة حفيدتها الغالية  : 

_ معيزاش مخلوج من النجع يعرف عنيكم كلمة أزود من اللي أني جولتها جِدام الحريـ.ـم من إشوي  

ونظرت إلي كوثر وإيناس وهتفت بحدة: 

_ إنتِ أم عدنان زميل قاسم، وإنتِ أخته،  مفهوم 


إرتبكت إيناس من كلمات تلك المتجبرة فتحدثت إليها بنبرة ناعمة بعد أن قررت تستدعي تعاطفها وسحبها إليها  : 

_ مفهوم يا تيتا،  أهم حاجة حضرتك تكوني راضية ومرتاحة


وأكملت بلؤم:

_ وصدقيني يا تيتا،  أنا مش جاية هنا أنا وماما علشان نعمل مشاكل، أنا جاية أتعرف عليكم ونقضي وقت لذيذ علشان نقرب من بعض مش أكتر 


قوست رسمية فاهها بطريقة ساخرة إستدعت غضب كوثر التي تحدثت بنبرة تهكمية: 

_ أي أوامر تانية يا حاجة ولا نطلع نغسل وشنا من تراب السَفر  ؟

لم تُعيرها حتي عناء النظر إلي وجهها وأشاحت بيدها بحدة إلي أعلي الدرج في إشارة منها بالإنصراف،  زفرت كوثر بضيق وتحركتا خلف فايقة التي تيقنت أنها تخطت حدودها وأنها بفعلتها تلك قد إستدعت غضب رسمية،  وأن الأسوء قادم لا محال


ولكن الهدف يستحق المُجاذفة،  فهي إلي الآن مازالت تخطط بفضح الآمر للنيل من فضيحة إبنة زيدان وتحقيق إنتقامها الأسود التي وبرغم كل ما حدث لها،  مازال هو شُغلها الشَاغل 




خرجت ورد واتجهت إلي منزلها ، وجدت صغيرتها تبكي وسط المنزل ويجاورها زيدان ويزن المُستشاطان مما قصتهٌ عليهما صفا وأمل التي تحمل الصغير فوق ساقيها برعاية 





إقتربت علي إبنتها وأحتضنتها بحنان ،  ونظرت إلي الصغير التي تحملهُ أمل ، كان يصرخ بشدة وكأنهُ شعر بحُزن والدتهٌ وأستمع إلي صوت شهقاتها وهي تبكي بذاك الإنهيار  

تحدثت ورد إلي يزن بهدوء:

_  خد مالك من أمل و وديه لچدتك لجل ما يهدي شوي يا يزن 



أطاعها وأخذ الصغير وذهب 

نظرت ورد إلي زيدان وتساءلت بنبرة حادة غاضبة: 

_عتعمل أية مع فايقة يا زيدان ؟

تنهد وأردفَ قائلاً بغيظٍ مكظوم:

_  فايقة أتخطت حدودها وياي  ، ولازم لها ردع لجل ما تِعرف مجامها زين 



تحدث يزن الذي أتي من جديد وهو يتحرك لجلستهم  :

_ صفا لازمن تطلج يا عمي ، مّرت عمي وقاسم بدأوا يتصرفوا علي إن الموضوع بجا أمر واقع ولازمن الكٌل يرضخ ويرضي بية 


رمقهٌ زيدان بنظرة حادة وتحدث  :

_ چدك لو سمع كلمة طلاج دي عيطربج الدِنيي فوج دماغنا 



أردفت تلك الباكية من بين شهقاتها العالية قائلة بنبرة صارمة: 

_ يزن عنديه حج يا أبوي ، أني خلاص معيزاش اللي إسمة قاسم دِه ، مطيجاش أفضل علي ذمته بعد اللي حُصل دة يوم واحد 

تحدثت مريم التي دلفت للتو: 

_ إهدي يا صفا وكل مُشكلة وليها حل


تنفس زيدان عالياً ثم زفر بهدوء ثم قام بسحبها من داخل أحضـ.ـان ورد ليدخلها لأحضـ.ـانه وتحدث وهو يُربت علي ظهرها بحنان   : 

_ إهدي يا دكتورة وأني ليا كلام تاني مع أبوي وقاسم 



أردفت ورد بنحيب وملامة: 

_ياما إترجيتك وجٌلت لك بلاش منيها الجوازة دِي ، جولت لك إني حاسة إنها عتُبجا بداية الشوم والشجا لجلب بتي مصدجتنيش يا زيدان 


تنهد زيدان في حين تحدث يزن بغضبٍ: 

_ زمان البلد كلياتها عتتكلم علي بِت النُعمانية اللي چوزها إتچوز عليها واحدة تانية 


أجابته ورد مطمأنة الجميع: 

_محدش من الحَـ.ـريم عِرف حاچة يا ولدي،  چدتك جطعت حديت فايقة جبل ما تعرف الحَـ.ـريم علي واكلين ناسهم دول 

  

وأكملت بريبة من أمر تلك الفايقة وما تُخفيه دائماً داخل جُعبتها:

_ بس أني مضمناش الحَية اللي إسميها فايقة


وأردفت بنبرة متخوفة:

_ مش بعيد تخبر الكِل في الحِنة بالليل 



إنتفض زيدان من جلسته وتحرك بصحبة يزن إلي عتمان المتواجد بمندرة العائلة المتواجدة داخل الحديقه وقص له كل ما بدر من فايقة ، وبعث هو لقدري وقام بتوبيخهٌ أمام الجميع علي تصرف زوجتة التي لا تُعير لوجودهُ في حياتها أية إهتمام وتتصرف بما يحلو لها  


طلب منه أن تذهبا السيدتان بعد إنتهاء مراسم الزواج مباشرةً ،، وغضب عِثمان أيضاً من قاسم ولكنهٌ تراجع بعدما أقسم لهٌ قدري أنهُ علي غير علم بما فعلته والدتهٌ،  وأقسم لهُ أنهُ سيضع حداً لتلك الفايقة وتصرفاتها التي أصبحت لا تُحتمل


❈-❈-❈



تحرك قاسم من مكتبة مٌباشرةً إلي مطار القاهرة ومنه إلي مطار سوهاج،، حتي وصل إلي نجع النُعمانية 

دلف بسيارته إلي داخل الحديقة، وجد زيدان يقف بجوار يزن وكأنهٌ ينتظرهُ ، ولكن ما أدعي إلي إستغراب قاسم كّم الغضب الهائل الذي رأهُ يتطاير من عيناي عمهِ علي غير العادة مؤخراً 



إقترب عليه قاسم وتحدث بترقُب:

_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 


حدق زيدان عيناه وتحدث إليه بنبرة شديدة الغضب: 

_ هو ده حجي عليك ومجداري عنديك يا وِلد أخوي ، عاوز تكسر بِتي وتهينها جدام حَـ.ـريم البلد كلياتها  ؟

  


أجابهٌ بنبرة حاده  :

_ ما عاش ولا كان اللي يكسر صفا ويهينها وأني علي وش الدنيي ، فيه أية يا عمي ! حٌصل أية لحديتك دِه ؟



تحدث يزن بنبرة حادة  : 

_ معارفش فية أية يا متر ، فيه إن سيادتك چايب مّرتك المصراوية وأهلها لجل ما تعرِف باجي البلد إنك إتجوزت علي بت النُعماني الأصيلة ؟



تجمدت الدماء بجسد قاسم وإحتقنت ملامحةُ بالغضب وتحدث بحدة:

_  كلام أية الفاضي اللي عتجوله دِه يا يزن ،  بتخرف إنتَ إياك !



هتف زيدان بنبرة حادة: 

_ يزن معيخرفش يا وِلد أبوك ،  يزن عيجول اللي إنتَ وأمك خططوا له زين ونفذتوه لجل متكسروا بتي جدام البلد كلياتها 



كور يده وظهر الغضب بعيناه وتحدث بحدة بالغة:

_ يشهد عليا الله إني برئ من إتهامك دِه يا عمي ،، وأني أول مرة أسمع بيه


وأسترسل بنبرة غاضبة بعدما علم بفطانتهُ أنها والدتهُ لا غيرها: 

_أني عارف مين اللي عمل إكدة وليا معاه تصرف تاني ،، وإن كان علي إيناس وأهلها ، أني عخليهم يسيبوا النجع حالاً 



أردفَ زيدان بنظرة لائمة  :

_ بعد أية يا قاسم بيه ، بعد ما أمك چابتها لحد إهنيه بكل بچاحة وجهرت جلب بِتي  



ونظر له بإستسلام وتحدث بنبرة بائسة: 

_منك لله يا قاسم علي اللي عملته في بِتي  

وأكمل يعيناي غاضبة متوعدة:

_ بس إنتَ مش غلطان ، الغلط كله عليّ إني لسه جابل المسخرة دي عليها وساكت ، بس بكفياني سكات لحد إكدة 



وكاد أن يتحرك جذبهٌ قاسم من ذراعة و وقف أمامه وتحدث بترجي وأسي ظهر بعيناة  : 

_ الله وكيلك يا عمي ما تعمل حاچة تأذيني بيها أني وصفا ومالك 

وأكملت بوعد: 

_أني عريحك من الموضوع دِه كلياته  ،  صدجني يا عمي 


نظر له وأستشف الصدق من عيناه ، لكنه فضل الصمت وذهب تاركً إياهما 

نظر لهُ يزن واردفَ بترجي  : 

_ بكفياك ظٌلم عاد يا قاسم  ، لو معتريحاش إعتجها لوجة الله وطلجها 


نظر له وتحدث بنبرة جادة:

_  حد بيعتج روحه ويفصلها عن چسمة بيدة يا وِلد عمي ؟

وأكملَ مٌحذراً  :

_  آطلع منيه الموضوع دِه عشان منخسرش بعض من تاني يا يزن 



وتركه وتحرك إلي جدهُ وتحدث بعدما أبلغ عِثمان بعدم عِلمهِ بمجيئهما : 

_ أني طالع حالاً أمشيهم وأخلي السواج يوصلهم للمطار كيف ما چابهم 

أوقفهُ عِثمان وتحدث بنبرة حادة: 

_ عاوز تركبني العار يا قاسم 

وأكمل  : 

_علي أخر الزمن عِثمان النُعماني عيطوح ضيوفه من داره وكُمان حَريم  ؟ 

واسترسل لائمً  :

_يا عيب الشوم عليك يا ولد النُعماني يا أصيل 

توقف قاسم وزفر بإستسلام،  ثم تحدث الجد متسائلاً بترقُب  :

_ عتعمل إيه يا قاسم  ؟


هز قاسم رأسهُ وأجابهُ بتوعد:

_  كُل خير يا چدي، كل خير 

وأكمل مفسراً:

إديني مُهلة لبكرة الصُبح تكون السرايا فضيت من حِنة الحريم، وبعدها نتجابل كلياتنا في المُندرة 



قال كلماتهُ التي طمأنت عِثمان وانسحب للأعلي تحت غضب رسمية منه  ، طرق باب غرفتهُ السابقة بعدما علم بوجود والدتهُ بصحبة كلتا الخبيثتان 

دلف بعدما تأكد من والدتهُ أنهما ساترتا جسديهمـ.ـا،  وعلي غير المتوقع نظر لكلتاهما وتحدث بنبرة باردة وملامح وجه يبدوا عليها الراحة، بلكنة قاهرية : 

_حمدالله علي السلامة،  نورتوا سوهاچ كلها 

وأكمل بنبرة ذات مغزي:

_ ونورتوني أنا بشكل شخصي 



مما إستدعي إستغراب ثُلاثي الشر حيث تحدثت كوثر بنبرة حنون حاولت بها جذبهِ إلي عالمها من جديد كالسابق  : 

_ الله يسلمك يا حبيبي  ،  وحشتني يا قاسم 

وأكملت بنبرة ناعمة كحية رقطاء :

_  جالك قلب تقعد كُل المُدة دى من غير ما تسأل علي ماما كوثر  ؟ 

مكنش العشم يا جوز بنتي 


العجيب أنهُ ابتسم لها وتحدث: 

_  معلش بقا حضرتك،  الدُنيا تلاهي زي ما بيقولوا 



وأكمل وهو ينظر إلي والدتهُ التي تنظر إليه ببلاهه،  فقد تخيلت أن يغضب ويثور لكنهُ فاجأها: 

_ إيه يا أم قاسم، ما جبتيش غدا وحلويات للضيوف ليه


وأكمل مُبتسمً بطريقة إستغربتها إيناس: 

_ إنتِ عوزاهم يقولوا علي أهل الصعيد بُخله ولا إيه؟ 


هتفت كوثر بنبرة سعيدة: 

_ ما عاش ولا كان اللي يقول عليكم كدة يا أبن الأكابر 


في حين تحدثت فايقة بنبرة سعيدة بعدما رأتهُ من ولدها: 

_  أني بلغت الغفير مّرعي يخلي الطباخين يچهزوا صَنية مليحة ،  ولما يچهزها عخلي هنية تطلعها إهنيه 

تحركت إليه إيناس وتحدثت بنبرة أنثوية: 

_ إزيك يا قاسم 


نظر لها وتحدث بهدوء : 

_ أنا تمام،  تمام جداً  

وأكمل متسائلاً ببرود : 

_ أستاذ رفعت عامل إيه 

أجابته بنبرة رقيقة وهي تنظر إليه بعيناي عاشقة:

_ بابا كويس أوي، وبيسلم عليك كمان  

هز رأسهُ وأردف بإرتياح: 

_الله يسلمه 

ثم نظر لثلاثتهم ليخبرهم بنبرة تحذيرية حادة وكأنهُ تحول: 

_طبعاً مش محتاج أنبهكم إن موضوع الجواز لو إتعرف هنا هتحصل مشكلة كبيرة، 

وأكمل محذراً:

_  بس ليكم،مش لحد تاني  


إبتلعت فايقة لُعابها وأيضاً إيناس وكوثر اللتان أتت لتحقيق حلميهما بإنتشار خبر زواج قاسم بين الجميع واعلانها زوجة رسمية له كي يضعاه أمام الأمر الواقع 



أجابته كوثر التي إنتوت تغيير خطتها واللجوء إلي الحُصان الرابح كي تحصل علي ما تريد وخططت إليه سنوات عده  : 

_ إطمن يا قاسم،  إحنا مش جايين نعمل لك مشكلة مع أهلك 

إبتسم لها بجانب فمه، ثم نظر إلي والدتهُ وأردف قائلاً وهو يحثها علي تتبعهُ : 

_ تعالي معاي يا أمّا 



في نفس التوقيت،  خرجت صفا إلي شرفة حُجرتها لتتنفس بعض الهواء علهٌ يُهدئ من روعها ولو قليل ويٌحسن من مزاجها الذي تعكر بفضل ما حدث ، وجدت شُرفة غرفته السابقة مفتوحه ويخرج منها أصواتً هادئة، لمحت طيفهُ يتحرك إلي الخارج وتليه والدتهُ 


وتحركت إيناس مُتجهةً إلي الشرفة كي تستطلع المكان، تحركت صفا أيضاً سريعً كي لا تُشاهدها تلك الملعونة خاطفة سعادتها ، جلست فوق فراشها والدموع تنهمر من عيناها بعدما رأتهُ وهو خارج من غرفتها، وما أشعل النـ.ـار بداخلها أنها تسكن غرفتهُ، ستغفوا علي فراشه وتشتم رائحته 


إنتفضت من جلستها وجففت دموعها، ثم أخذت نفسً عميقً بعدما أنتوت أن تحـ.ـرق قلب تلك اللعوب هي ووالدتها وأيضاً الساحرة الشريرة المُسماة بفايقة  !




وأقسمت لحالها بأنها ستقلب السحر علي الساحر وبدلاً من أن تعطي لهم الفرصة بإحـ.ـراق روحها كما خطط ثلاثتهم ستكون هي من تحرق قلوبهم وترد لهم الصفعه بأقوي منها 


تحركت إلي خزانة ملابسها وأخرجت ثوبً مثيراً للغاية كانت قد إبتاعته من إحدي متاجر فرنسا الشهيرة عبر الإنترنت ، وبرغم أنهٌ قصير ويٌظهر مفاتنها بالكامل ولا يصلح بتاتً للخروج بهِ للعلن ، إلا أنها إبتاعته لشدة إعجابها به 



وضعته علي جـ.ـسدها ونظرت لإنعكاس صورتها في المرأة وحدثت حالها بحماس  : 

_أهلا بكم في جحيم إبنة النعماني أيتها الملعونات ،  أنتم من إبتدتن الحرب ، فعليكن إكمالها للنهاية ودعونا نري من هي الفائزة بتلك الليلة الموعودة ، لم أكن إبنة النعماني حقاً إن لم ألقنكم درساً قاسياً لم ولن يٌمحي من ذاكرتكم الملعونة علي مر العصور 

   

                                ❈-❈-❈



دلف خلف والدتهُ إلي مسكن والدهُ بعدما أخبرها انهُ يريد الحديث معها علي إنفراد ،  وما ان أغلقت الباب واستدارت حتي وقف مقابلاً لها وبعيون صارخة سألها: 

_ عتعملي فيا ليه إكده يا أمّا  ،  عتأذيني وتأذي ولدي ليه  ؟ 

وأكمل بصياحٍ عالّ: 

_مريداليش الراحة ليه؟ 


نظرت إليه وتحدثت بإستغراب: 

_اني عأذيك وأذي مالك يا قاسم 

واسترسلت بنبرة صادقة:

_  ده أني ربنا وحده اللي عالم غلاوتك وغلاوة ولدك في جلبي كَد إيه، ده أنتَ البِكري الغالي اللي الجلب شافه جبل العين 



نظر لها بتيهه وتحدث مُتأثراً بتعجب  :

_ولما هو إكده مستكتره عليا الراحة ليه، كُل ما أجرب خطوة من مّرتي وإبني بتبعديني عنيها ميل ليه ! 


وأكمل بعيناي شبه دامعة وقلبٍ مُحطمً وروحٍ منهزمة: 

_ ده أني بعِد الأيام بالساعة والثانية وبحلم باليوم اللي أرچع فيه مّرتي وولدي لحُضـ.ـني 

وسألها: 

_ عاچبك شندلتي وأني جاعد لحالي إكده  ؟ 

ده أني مفرحتش بإبني ولا خدته ونيمته ليلة في حُضـ.ـني كيف الناس

وأكمل مُتألمً بقلبٍ نـ.ـازف:

_  شُجتي حزينة يا أمّا وفرحتي بولدي مطفية،  عدخل شُجتي بلاجيها خراب وباردة مفيهاش روح كيفها كيف الجَبر، 

وسألها لائمً:

_ معتحسيش بولدك وحرجة جلبه ليه  ! 

مستكتره عليّ ليه حُضـ.ـن المّـ.ـرة اللي عوضتني حنانك اللي عمري ما دوجته ؟ 

نزلت كلمتهُ علي قلبها زلزلته وأشعرتها بالتقصير والخجل من حالها 

وأكمل هو صادقً متأثراً:

_  في حُضـ.ـن صفا لجيت الراحة والسّكينة اللي كِنت عدور عليهم  

واسترسل بحنين وعيناي مُتألمة: 

_ حنت عليّ وضمتني وحسستني إني لساتي بني أدم عِندي مشاعر وبحس، صحت لي ضميري اللي كان متغفل بجاله ياما 


وأكمل بنظرة إتهام  : 

_ عِملت لك إيه المسكينة لجل ما تجهري جلبها وتچيبي لها الحرباية دي لحديها  ؟ 



كانت تستمع إليه ولأول مره بقلب الأم  ، شعرت بكّم المعاناة الذي يشعر بها ولدها وتخنق روحه ، إرتبكت وتحدثت بنبرة زائفة من شدة خجلها  :

_  أني چيبتها لچل ما تشعلل جلب صفا من الغيرة وترچع لك زاحفـ.ـة علي رچليها  


قطب جبينهُ ورمقها بنظرات تشكيكية غير مصدقً حديثها  وأردف قائلاً:

_  چد يا أمّا  ؟

وأكمل متهكمً  :

_ لا والله كتِر خيرك. 


وأكمل بنبرة مُنكسرة  : 

_  أحب اطمنك وأجول لك إن عمي زيدان عاوز يطلج بِته مني بسبب مساعدتك ليا كيف ما بتجولي  

واسترسل محملاً إياها الذنب: 

_يا رب تكوني إرتاحتي 


إرتعب داخلها وانتفض لأجل سببان،  أولهما ثروة زيدان التي لم يستطع ولدها التنعُم بها إذا حدث الطلاق،  والاخر هو حرمانها وولدها من مالك الذي سيتربي داخل أحضـ.ـان زيدان وورد بعيداً عن قاسم 

فتحدثت بذهول: 

_عمك جال لك إكده  ؟! 

وأكملت لطمأنتهُ  : 

_ متجلجش يا ولدي،  چدك معيرضاش بالطلاج 

أجابها نافيً حديثها  : 

_ ناسية إياك إنه سمح ليزن يطلج ليلي  ؟ 

إرتعبت من داخلها وأكمل هو بنبرة هادئة ذات مغزي :

_  علي العموم إنتِ جدمتي لي خدمة عُمري وإنتِ مدريناش 


ضيقت عيناها وأردفت بتساؤل:

_ تُجصد إيه بحديتك دي يا ولدي ؟

إبتسم بجانب فمه وأجابها بمراوغة:

_ مجصديش يا أمّا

إستمع إلي صوت المفتاح في كالون الباب،  وظهر والدهُ بملامح وجه غاضبة تلاهُ فارس الدخول 

هرول مُسرعً إلي فايقة وأمسك ذراعها وقام بليهِ مما جعلها تصرخ وتحدث هو بفحيح: 

_ وبعدهالك يا بِت سَنية، منوياش تچبيها لبر ليه  ؟ 


جري عليه قاسم وفارس وحاولا تخليص والدتهما من ببن قبضتهُ القوية وتحدث قاسم مُترجيً: 

_سيبها لجل خاطر ربنا يا أبوي،  ما يصحش تعمل في أمي إكده 


شدد من قبضته أكثر وتحدث بغيظ من بين أسنانهُ: 

_ فوتني أربيها يا قاسم يمكن تحس علي دمها وتوعي لحالها وتشوف بعنيها الأذي اللي عتصيب بيه عيالها   


بكت ونزلت دموعها من شدة الألم وتحدثت:

_ سيب يدي يا قدري  ،  دراعي عينخلع 


بصعوبة خلصاها قاسم وفارس من قبضته وخبأها فارس خلفهُ وتحدث برجاء وهو ينظر لأبيه :

_  الله وكيلك ما تجرب عليها تاني يا أبوي  


أمسكهُ قاسم وأردف مهدأً إياه: 

_ إهدي يا أبوي 

وقف قدري ينظر علي تلك التي تختبئ خلف ولدها والرُعب يظهر بعيناها وهتف بنبرة غاضبة  : 

_ بعملتك السو دي چيبتي اخرك وياي يا بِت سنية،  روحي وإنتِ.. 

وقبل أن يُكمل كلمته وضع قاسم كف يده مكممً به فم والده وتحدث بعيناي مترجية  : 

_ بلاش يا أبوي


وأكمل بتوسُل:

_ إنتَ إكده معتأذيش أمي لحالها،  إنتِ عتأذيني أني وليلي وفارس،  

وأكمل بنبرة تعقُلية: 

_ مفكرتش في شكلنا جِدام الخلج وأمنا عتطلج وإحنا رچالة كبيرة إكده  ؟  

وأكمل: 

_طب وأمي عتروح فين بعد العُمر اللي جضته وياك ده كلياته 




نفض قدري كف نجلهُ وهتف بنبرة حادة:

_ تروح في ستين داهية، تجعد ويا أمها تخدمها وتتذلل لإخواتها لجل ما يدوها اللجمة تاكُلها 



كانت منكمشة علي حالها متشبثة بجلباب نجلها لتحتمي بظهرهُ، تنظر علي قدري ودموعها تنهمر بشدة فوق وجنتيها، غير مستوعبة حالة الغضب التي وصل لها بفضلها  


تحدثت بنبرة ضعيفة من بين دموعها: 

_ هونت عليك يا قدري،  عايز تطلجني بعد عشرتي وياك 



نظر لها بغضب وتحدث ناهراً إياها: 

_ وإنتِ كُنتي صُونتي العِشره إياك لجل ما ابجي عليكِ  !

  

وأكمل بنبرة حاقدة  : 

_ ده أنتِ لعنتي اللي إتبليت بيها وبليت عيالي معاي،  كان عجلي فين طول السنيين اللي فاتت وأني ماشي وراكي كيف الأعمي وفايتك تسوجيني كيف ما بدك 

وأسترسل غاضبً  : 

_الله يلعنك يا فايقة،  الله يلعنك 


تحدث فارس في محاولة منه للتهدأة : 

_ إهدي يا أبوي وأمي معتعملش حاچة تاني

ونظر إلي والدتهُ مُتسائلاً: 

_ مش إكده يا أمّا  ؟ 

أومأت إليه بطاعة سريعً فتحدث قدري مهدداً  : 

_ دي أخر فرصة ليكِ وهديها لك لجل خاطر عيالك،  لكن الله الوكيل غلطة تانية وعكون مطلجك وبالتلاتة 



وأكمل أمراً إياها وهو يرمقها بنظرات غاضبة  : 

_ تروحي تنبهي علي المّرة السو اللي إسميها كوثر هي والحرباية بِتها،  لو حد من النچع عرف إنها مّرت قاسم،  وكتاب الله لأدفنهم صاحيين وما عخلي الدبان الازرج يعرف لهم طريج ، 

وأكمل بنبرة حقود  :

_ وإنتِ عتطلجي بالتلاتة وعيالك دول معيشفعولكيش عِندي واصل 

واسترسل متسائلاً  : 

_ سمعاني زين يا واكلة ناسك  ؟ 



هزت رأسها عدة مرات مُتتالية دلالة علي رُعبها منه، رمقها بإشمئزاز وخرج صافقً الباب خلفه 



بكت بشدة وخجل لأجل الأهانة التي تعرضت لها بحضور نجليها


نظرت إليهما وبكت بشدة مما جعل قاسم يتحرك لوقفتها ويسحبها من بين يداي فارس ويحتضـ.ـنها بإحتواء ويُربت علي ظهرها بحنان 


إنفجرت بالبكاء وكأنها كانت تحتاج لذاك الحُضـ.ـن كي تُخرج ما بداخلها من مخزون مُنذُ عقود،  بكت وبكت داخل أحضـ.ـان قاسم الذي ينظر لشقيقهُ ويشعران بالأسي علي تلك الظالمة التي ظلمت حالها وخَسِرتها قبل أن تخسر الجميع 


إقترب فارس وأحتضـ.ـنها أيضاً وضلت علي وضعها لأكثر من نصف ساعة حتي هدأت 


إنتوت التوقف عما تفعلهُ ليس ندمً،  لكنها وجدت أنها لم ولن تُجني من حقدها وأنتقامها سوي جلب الخراب لها ولأولادها فقررت أن تترك هذا الانتقام بعدما سعت إلي تحقيقهُ بشتي الطُرق،  لكن محاولاتها جميعً بائت بالفشل الذريع



بل وعادت علي حياتها بالدمار، وأكثر شئ أجبرها علي التراجع هو التغيير الجذري الذي حدث إلي شخصية قدري مُنذ تلك الحادثة المشؤومة،وتهديده المباشر لها والذي يستطيع بالفعل تنفيذهُ 


نظرت إلي قاسم وتحدثت بنبرة ضعيفة: 

_ حجك عليّ يا ولدي،  ووعد مني معجربش علي عِيشة حد فيكم تاني 

أردف قاسم بتمني: 

_ ياريت يا أمّا تِعملي إكده بچد، عتريحينا وتريحي حالك 

وأكمل علي حديثهُ فارس مترجياً:

_ نفسي نرتاح وچسـ.ـمنا يبرد من المشاكل إشوي يا أمّا  


أومأت لهُ بصدقٍ وأكملت برجاء: 

_ أني ليا عنديكم طلب، أحب علي يدكم  تتحدتوا ويّا چدكم وتجولو له يرچع في موضوع چواز أختكم من صالح وِلد ذكي النُعماني، 

وأكملت:

_هي خلاص معادتش عتعمل مشاكل تاني،  عتجعُد لحد ما عدتها تُخلص وربنا يُرزجها بچوازة زين 



زفر قاسم وتحدث: 

_ حاضر يا أمّا، بس ياريت تخلي بالك عليها وتحاولي تعجليها وتجوليلها تخليها في حالها 

وأكمل :

_ مش كُل مرة تسلم الچرة يا أم قاسم 


تحدث فارس إلي والدتهُ بإستسلام :

_  أني كلمت أبوي وچدي علي إن ليلي تنزل الحِنة مع الحريم، بس چدي رفض 


نظرت هي إلي قاسم تترجاة فتحدث هو:

_ إكده أحسن لها ولمرت يزن يا أمّا، محدش يضمن ليلي لو شافت أمل جدامها ممكن تِعمل إيه، بعد الفرح عجعد أني وفارس وياها وبعدها عتكلم مع چدي وأخليه ينزلها تحت تاني 


وتحرك للخارج كي يذهب لمراضاة تلك الغاضبة


❈-❈-❈



داخل غُرفة صفا 

إستمعت إلي طرقات فوق بابها ثم دلفت العاملة صابحة 

وجدتها تسجد فوق سجادة الصلاة لتأدية فرض صلاة العصر،  وقفت صابحة بهدوء لحين إنتهائها من الصلاة  


وتحدثت بنبرة هادئة  : 

_قاسم بية تحت وطالب يجابلك يا دَكتورة 



إشتعل داخلها غضبً عندما إستمعت إلي ذكر إسمه، وأردفت بجمود وحده وهي تخـ.ـلع عنها إسدال الصلاة  :

_  روحي جولي له معيزاش تجابل حد  


اجابتها العاملة بتأكيد:

_  الست ورد جالت لي أنبه عليكِ وأجولك إنك لازمن تنزلي 



زفرت بضيق ثم أجابتها بإستسلام:

_  خلاص يا صابحة ، روحي إنتِ وأني نازلة وراكي 




خرجت صابحة وتحركت هي أمام مرأتها تٌعدل من ثيابها ولفت حجابها بإحكام وتحركت هابطة الدرج للأسفل 



كان يجلس محتضنً صغيرة ويضمهُ إلي أحضـ.ـانهُ بشوقٍ جارف وبجانبهِ عُلبة من حلوي الشيكولاتة التي تعشقها هي وكان يُجلبها لإياها،  والأن تحجج بصغيرة رغم أنه لم يتناول الطعام بَعد ، وما أن رأها تأتي حتي وقف سربع وبقلبٍ يدق بوتيرة عالية كطبول الحرب نظر إليها مُنتظراً مجيئها لوقفته حتي تصافحهٌ مرحبه به 



لكنها أصابته بالإحباط وتحركت لمقعد مقابلاً له من بعيد وجلست واضعة ساق فوق الأخري قائلة بنبرة جامده: 

_ خير يا متر ، صابحة جالت لي إنك عاوزني في موضوع مهم 




تنهد من تلك المعاملة الجافة التي لم تتوقف عنها ولو ليومٍ منذ ذاك اليوم المشؤوم 


جلس بخيبة أمل واضعً صغيرةٌ فوق ساقية من جديد وتحدث بنبرة متأسفه  : 

_أني جاي أتأسف لك إنتِ ومّرت عمي علي اللي حٌصل من أمي 



نظرت له ورد بتعجب وتحدثت بحدة وأتهام:

_  عايز تفهمني إن إنتَ مكنتش تعرف بمجيتهم دي ؟! 


وغلاوة مالك عندي ما كنت أعرف ،، جملها قالها وأسكت بها الجميع لعلمهما كيف هي غلاوة صغيرة بقلبه وتعلقهٌ الشديد به 


وأكملَ وهو ينظر إلي ورد  : 

_ تفتكري يا مرت عمي إني كنت هبقا عارف وأسمح لها تاجي لحد إهني وأجبلها علي صفا ؟



تحدثت صفا بنبرة ساخرة كي تستدعي غضبة وتٌشـ.ـعل غضبهٌ أكثر من تلك الحرباء  : 

_ ذنب أقبح من عذر يا متر ،، مش عيب بردك حفيد النعماني الكبير مرته تخرج وتسافر إكدة علي كيفها من غير إذنه ، 

وأكملت بتهكُم علي شخصهُ:

_  تصدج كنت فكراك مسيطر عن إكدة 



وبالفعل حدث وتحدث إليها بصياح عالي :

_  بكفياكي عاد يا صفا، صبري علي الإهانه ليه حدود 


وبسرعة هائلة إمتص غضبهُ كي لا يُثير غضبها، ثم أكمل بنبرة حنون كي يسترضيها  : 

_ وصدجيني ،  التجاوز ده مش مسموح بيه غير لصفا وبس 



إبتلعت لٌعابها من هيئته، فمهما تظاهرت بالبرود والجمود إلا أن قلبها الملعون مازال عاشقً له حتي النٌخاع برغم كل ما حدث  


تحدث هو إلي ورد من جديد بنبرة جادة   :

_  أني مليش علاجة بيها نهائي يا مّرت عمي،  سبج وجولت لكم جَبل إكده، أني ساكن لحالي في شُجتي الجديمة وخرچتها من المكتب هي وأخوها وفصلت شُغلنا عن بعضية،  ومن وجتها معارفش عنيها أي حاجة 



زفر بضيق وأكمل:

_ أني لما وصلت وعمي جال لي،  كنت هخلي السواج يوصلهم لحد القاهرة ويرچعوا تاني كيف ما چُم، بس جدي عتمان اللي إستعيبها وجال لي عيبه في حقنا كصعايدة نمشوا ضيوفنا بالطريجة المُهينة دي 



وأكمل ناظراً لعيناي أسرة قلبهُ لمراضاتها  : 

_بس لو إنتِ عايزة إكده يا صفا أني عسفرهم حالاً وأتحمل نتيجة جراري جِدام چِدي 



ردت عليه بقوة وشموخ ونظرات حادة : 

_ الموضوع كلاته لا يعنيني لا من جريب ولا من بعيد،  تجعد تمشي،  ولا يهمني 


تنهد بأسي ، ثم وقف وأعطي مالك إلي ورد وأتجه لذاك الصندوق الكبير والذي يجاورةُ أخر صغير كان قد جلبهما معهُ من القاهرة وضلا داخل صندوق السيارة 

  

وفتح الصندوق الكبير وأخرج منه ثوب سهرة مميز باللون الأحمر الصريح الذي يشد البصر بفضل تلك الأحجار السوداء التي زينته وجعلت منه مُبهراً للغاية 


وتحدث وهو ينظر إليها بإبتسامة حانية  : 

_أني جبت لك الفستان ده لچل ما تحضري بيه الفرح بكرة في الجاعة ، إختارته لك مخصوص علي ذوجي، يارب بس يعچبك 



أجابته بنبرة سمجه  : 

_ مكانش ليه لزوم تكلف حالك، بطلت أمشي علي كيف حد وأبجي تابع  ، وبعدين أني خلاص، إشتريت لحالي الفستان اللي هحضر بيه 



أجابها بثقة لم يدري من أين أتت لهٌ  : 

_لازمن تلبسي الفستان ده لأنه شبه البابيون بتاع بدلتي 

نظرت لهُ بإستنكار وأكمل هو بإبتسامة ساحرة:

_  إختارتها نفس لون الفستان علشان نبجا مطجمين مع بعض 




روح إديه لمّرتك وطجم وياها ، عتبجوا كابل لايج جوي علي بعضيكم  ،،، جملة مستفزة وجهتها لهُ، لكنه تمالك حاله لأبعد الحدود 



وتحدث بهدوء وعيون تنطقُ عِشقٍ  : 

_معينفعش يا غالية ، اللي ياچي علي ذمة صفا زيدان مينفعش ياچي علي مجاس أي حٌرمـ.ـة بعديها 


سألتهُ ورد بنبرة متعجبة  :

_  ولما هي غالية صٌح ، عملت فيها إكدة ليه يا وِلد النُعماني ؟ 


تنهد بأسي وأردف قائلا  :

_  غالية وربي شاهد إن ما فيش في جلبي وحياتي أغلي منيها يا مّرت عمي 


إشتعل داخلها بنـ.ـار عشقة عند استماعها لتلك الكلمات لكنها ضلت علي صمودها 


وتحرك هو إلي الصندوق الصغير ونظر لها بإبتسامة وهو يٌخرج حِلة صغيرهُ النسخة المصغرة من حلتهِ ،والتي تحمل رابطة عُنق تٌشبه ثوب صفا وقد فعل هذا خصيصاً لعلمهِ أنهٌ سيخضعها لإرتداء الثوب وذلك لعشقها لصغيرها ومدّي تعلقها به 


وتحدث إليها: 

_ودي بدلة مالك باشا ونفس بابيون أبوه وفستان الغالية أمه

إنتفضت واقفة وخرجت دون أن تُعيرهُ إهتمام مما أحزن قلبهُ   

                               

❈-❈-❈


جاء المساء وليلة الحنة ستبدأ للتو 

تحركت صفا إلي منزل العائلة وبجوارها هدية  

كانت هدية تحمل الحقائب الخاصة بصفا والتي تحتوي علي الثوب التي سترتدية بليلتها تلك  ،وذلك لأنها سترتدي ثوبً محرر وستترك لشعرها العنان والحرية وكذلك ستفعل كل فتيات العائلة كالعادة ، لذا فكل فتاه ترتدي ثيابها المتحررة وترتدي فوقها عبائتها السمراء تبع العادات الخاصة بعائلة النعماني ، وحين وصولها لمنزل الحنة تخلع عنها عبائتها وتجلس وسط النساء بحريتها 




دلفت للداخل برأسٍ شامخ وجدت الجده تقف في البهو تباشر الترتيبات اللازمة لإستقبال المعزومات ، نظرت لها وأبتسمت وفتحت ذراعيها في دعوة منها لإستقبال حفيدتها الغالية لداخل احضـ.ـانها  


إبتسمت صفا وذهبت لها ووضعت رأسها علي كتف جدتها وتنفست بهدوء 

وتحدثت الجدة بتفاخر وشموخ وهي تٌربت علي كتفيها بحنان:

_  براوه عليكِ ، هي دي الدَكتورة صفا بت النعمانية علي حج 



خرجت من بين أحضــانها وتحدثت بهدوء  : 

_بعد إذنك يا چدتي،  أني عطلع في أوضتك اللي فوج علشان أغير هدومي  


إبتسمت لها الجدة بموافقة وصعدت صفا 


بعد حوالي الساعة والنصف ،،كانت جميع النساء قد حضرن للإحتفال بليلة الحناء ،  وقد بدأ الجميع بالأحاديث الجانبية والتهامز وهن ينظرن إلي تلك الغريبة ووالدتها ، كانت ترتدي ثوبً خاص بالسهرات باللون الأخضر وترفع رأسها عالياً بكبرياء وهي تنظر للموجودات بتعالي وشعور يمتلكها بأنها الأفضل بينهن 


حتي ظهرت تلك الصفا وهي تتدلي بدلال وشموخ من أعلي الدرج ،، وبلحظة إتجهت جميع الانظار إلي تلك الساحرة الفاتنة اللواتي ينتهزن أية فُرصة لزواج يحدث ببيت النُعماني كي يمتعن اعيُنهم بالنظر إلي تلك الفاتنة هائلة الجمال 




إستغربت حال النساء اللواتي سحبن بصرهن بلمح البصر ووجهوا أبصارهم لجهه أخري ، نظرت للأعلي حيث أنظار الجميع ،، إهتز داخلها وانتفض جسـ.ـدها رُعبً وبلحظة إستشعرت بالخطر وبدأ الشك يساورها بأن تلك الجميلة من الممكن أن تكون صفا ، غريمتها وشريكتها بزوجها 

كانت ترتدي ثوبً باللون الكشمير مفتوحً عند فتحة الصـ.ـدر ويضهر مفاتـ.ـنها بشكلٍ مُثير، طويلاً إلي الاسفل لكنهُ بفتحة عند الفخـ.ـد تُظهر جمال ورشاقة جسـ.ـدها البّض  



نفضت من رأسها بأن تكون تلك هي الصفا،  فهل من الممكن أن يترك قاسم تلك الحورية لأي سببٍ كان، كما حدث في الماضي ؟! 

تحدثت إليها كوثر التي تدقق النظر إلي صفا بذهول : 

_ لتكون دي مّرات الموكوس قاسم 

وأكملت بشرود :

_علشان كده ما رضيش يقرب لك يا إيناس  ؟ 

أجابتها إيناس بنفي وهي تبتلع لعابها رُعبً من تأكيد الفكرة: 

_أكيد مش هي يا ماما،  إنتِ ناسية وصف عدنان  



إستمعتا إلي نجاة زوجة مٌنتصر وهي تتغزل بمفاتن صفا وهتفت قائلة بتباهي   :

_ الله أكبر عليكي يا دكتورة صفا ، جمال وجاه وأصل ونسب الله أكبر ،  زينة صبايا المركز كِلليتة يا بتي



وحولت بصرها إلي فايقة وضيفتيها المذهولتان وتحدثت بنبرة تهكمية :

_ ربنا يحرسك من عيون الحاسدين والحاجدين اللي تندب فيهم رصاصة 



رمقتها فايقة بنظرات نارية ولو كانت النظرات تٌصيب لأنتهي أمر نجاة في التو واللحظة 


نظرت لها إيناس والغل والغيرة بدأت تنهش بصـ.ـدرها وحدثت حالها ،، من تلك بحق الله ؟

أتلك أيقونة الجمال الصارخ هي بذاتها الفتاة الصعيدية التي تزوجها قاسم وأنجب منها وحيدهٌ  ؟





الآن فهمت المغزي من تحول قاسم الذي جعلهُ يبتعد عنها ولم يقترب منها ويجعلها زوجة شرعية له إلي الآن،  ولكن هل هذا فقط هو السبب  ؟ 


شعرت بالخطر والأن وفقط فهمت مغزي تغير قاسم المفاجئ بإتجاهها ، وتيقنت أن تلك الصفا إستطاعت وبجدارة أن تنزلها من علي عرشها السابق بقلب قاسم 

حدثت حالها بلوم 

يا لغبائي وتغافُلي ، أحتقر حالي الأن كلما تذكرتُ أني وبغبائي من بعث قاسم إلي تلك الفاتنة وبلا رجعة،  كان لابد أن أفهم مٌنذ البعيد أن من إبتعد عني لأجلها لابد وأن تكون صارخة الجمال 


رمقتها بنظرات حاقدة وحدثت حالها:

_ إذاً أنتِ أيتُها اللعينة من زحزحت مكانتي بقلب قاسم، وبعد أن كٌنت أجلسٌ كملكة علي عرش قلبه الساذج ،  أصبحت أتمني حتي لقب الوصيفة !



إشتعل داخلها ثم تحركت إلي حيث تقف تلك الصفا لتتحدث إليها كي تُطمئن حالها وتُرضي غرورها عندما تكتشف غباء تلك الصفا  

فقد كانت تتيقن من أنها مجرد فتاة ضعيفة ساذجة، هكذا رسمت صورتها في مٌخيلتها أو ربما هكذا تمني فكرٌها 



إقتربت منها تحت نظرات الجميع المترقبه لهما وتحدثت إيناس بكل تفاخر  :

_  إنتِ بقا اللي إسمك صفا مرات قاسم التانية ؟



جصدك الأولي ، مش التانية ،هكذا أجابتها صفا بوجهِ شامخ مرفوع لأعلي 



إبتسمت إيناس بجانب فمها بطريقة ساخرة وتحدثت بنبرة مُتعالية:

_  ومالك فرحانة أوي كدة وإنتِ بتقوليها ؟! 


وأكملت كي تحرق روحها  : 

_عارفة يا صفا الزوجة الأولى الناس في مجتمعنا الشرقي بينظروا لها إزاي 



ضيقت صفا جانب عينها وأشارت لها فيما معناه أن تٌكمل حديثها 

فأكملته بالفعل إيناس قائلة بنبرة مٌتعالية  : 

_ المجتمع بينظر دايماً للزوجة الأولي بإنها الست الناقصة اللي الزوج ملقاش راحته عندها وماعرفتش تثبت له أنوثتها ولا هو قدر يتقبلها كأنثي كاملة في حياته 



وأكملت بعدم إستحياء كعادتها  : 

_بالبلدي كده ملقاش عندها اللي يكفية ويملي عينه كراجل، فدور علي ست كاملة علشان تسد النقص والفراغ اللي عنده 


إتسعت عيناها بذهول لقلة حياء تلك الحرباء وتطاولها عليها بتلك الطريقة الرخيصة ،، إستشاط داخلٌها ولكنها سريعً تمالكت من حالها وتوعدت لتلك الشمطاء ، فلم تكن صفا إبنة زيدان وورد إن لم تٌلقنٌها درسً قاسياً يتركٌ أثراً داخل روحها الشريرة 


إبتسمت صفا وأردفت قائلة بنبرة باردة:

_ أولاً، النجص اللي عتتكلمي عنيه دِه مابيبجاش عِند السِت ، بالعكس ،، ده بيُبجا جوة الراچل ومتأصل فيه 


وأكملت بدهاء ونبرة ساخرة  :

_ بس ما جولتليش يا مدام ، بما إنك خبيرة وعلي دراية في نظرات المجتمع  ، ياتري أية هي نظرت المجتمع للست اللي تجبل تتجوز بكامل إرادتها من راچل متچوز جبلها 

وأكملت وهي ترمقها بإشمئزاز  : 

_وتجبل بكل مهانه بنص راچل واللي هيتبجا لها منيه من الزوجة الأولي 



وأكملت بنبرة تهكمية  :

_ ومش بس إكدة ، دي جبلت تتچوزه في السر كيف الحرامية ومفيش مخلوج من أهلة حضر جوازها منيه  ، بالذمة فيه مهانة وذُل أكبر من إكدة 


إبتسمت إيناس بجانب فمها ونظرت إلي فايقة وتحدثت بنبرة قوية كاذبة  : 

_وتفتكري يا دكتورة الراجل اللي بيحب واحدة وهيموت ويتجوزها هيحتاج مين من أهله علشان يشاركة فرحتة أكثر من أبوة وأمه وأخوة ،  بيتهئ لي ده كان إثبات قوي جداً من قاسم علي عشقة ليا وتقديرة لشخصي ولشخص أهلي 



شعرت صفا بغصة مريرة إحتلت أعلي عٌنقها حتي أنها كادت أن تختنق، وشعرت بطعنة عميقة غزت ظهرها لحضور عمها ونجله وشهودهما علي ذبحـ.ـها 

ضحكت إيناس وتحدثت بنبرة شامتة:

_  مالك يا دكتورة ، إنتِ تعبانة ولا حاجة؟ 





تراجعت صفا سريعً وعادت إلي صمودها وتحدثت بقوة تليق كونها إبنة النعماني:

_ أني زينة  ، وحابة بس أفسر لك وأجول لك عن اللي متعرفهوش عن عاداتنا إهني ، إهني الكلمة الأولي والاخيرة والجيمة الوحيدة في البيت ده هو چدي وچدتي وأي حد بعد إكدة يبجا سد خانة وملوش عازة  


وأكملت بإهانة: 

_ يعني قاسم جاب لك السهل ،، سد الخانه كيف ما بيجولوا 


وأكملت بتفاخر ورأسٍ مرتفع لأعلي:

_  لكن صفا زيدان هي اللي الحاج عِثمان النعماني يُجعد ويتشرط ويشهد علي كتب كتابها ويُبجا وكيلها 

وأكملت بإبتسامة شامتة كي تكشف لها كذبها بعدما تركتها تتحدث لمغزي في نفسها  : 

_وعلي فكره  ، أني عارفة إن چواز قاسم منيكي علي الورج وبس، وما هو إلا تسديد فاتورة جديمة


وأكملت ساخرة:

_تكفير ذنوب كيف معيجولوا 


واستريلت لإذلالها:

_ده طبعاً بعد ما رفضك وكان ناوي يرمي لك جرشين بكل مهانة تمن السنيين اللي ركنك فيها چاره وإنتِ عم تستنيه كيف الچارية



وأكملت مفسرة :

_ وبعد ما أبوكِ راح له وأترچاه لجل ما يتچوزك سنة لجل ما يسترك من كلام الناس، وبعدها عيجطع حتة الورجة اللي كيف جلتها وينساكي،  ويمكن كُمان لو شافك في الشارع بعد إكده ما يِعرفكيش



كانت تستمع إليها بقلبٍ يشـ.ـتعل وجـ.ـسدٍ ينتفض من شدة ثورته لكنها لملمت شتاتها سريعً وتحدثت بنبرة زائفة بعدما قررت أن تحرق روحها  : 

_وقاسم بقا هو اللي ضحك عليكِ وفهمك الكلام الأهبل ده يا شاطرة ؟ 


ثم ضحكت بكبرياء رافعة قامتها للأعلي وتحدثت: 

_ والله برافوا عليك يا قاسم، 

واسترسلت بنبرة جادة:

_ خياله واسع أوي حبيبي، دي قصة ياخد عليها أوسكار 


وأكملت وهي تقرب وجهها منها:

_ يا خسارة يا دكتور، كُنت فكراكِ أذكي من كدة 

واسترسلت لزعزعت ثقتها: 

_ تفتكري واحد بيعشق واحدة من تمن سنيين وكان فيه بينهم مكالمات ومغامرات يااااما بعدد شعر الراس 

وأسترسلت بتهكم: 

_في يوم وليلة كده هيكتشف إنهُ خلاص، بطل يحبها ومش عاوز يتجوزها ؟ 

وأكملت بدهاء في محاولة منها لتشتيت عقل صفا  : 

_ طب بلاش دي، واحد وواحدة هيدخلوا أوضة نومهم يوم فرحهم ويتقفل عليهم باب واحد،  معقولة مش هيلمسها ؟! 

وأكملت متهكمة : 

_ والله قاسم ده طلع دماغ،  عرف يبلفكم بقصة هبلة ما يصدقهاش حتي تلميذ في إعدادي 



وبالفعل إستطاعت أن تُشتت عقل تلك المتخبطة، وبرغم تشتت عقلها إلا أنها إستعادت توازنها وتحدثت بنبرة قوية عندما تذكرت حديث قاسم في مواجهتهّ بالعائلة،عن تركهُ لها في اليوم التالي لعقد القران ورجوعهُ إلي صفا : 

_ طب ولما جصة حبكم عظيمة وچبارة جوي إكده،  إيه اللي خلاه يسيبك يوم الصباحية ويرجع لي وياخدني شرم الشيخ أسبوع بحاله 


وأكملت ضاحكة بشماتة عندما رأت حرقة روح تلك المستشاطة: 

_ولا هو علشان بيحبك جوي،  حب يدوج حلاوة عشجك چوة حُضـ.ـن صفا 


وقامت بإطلاق ضحكة عالية عندما رأت وجه إيناس إشتعل وتحول إلي اللون الأحمر وابتلعت لُعابها خجلاً عندما لم تجد رداً مناسبً علي حديث صفا 


تحدثت صفا بنبرة ساخرة وهي تُشير بيدها لأعلي  : 

_ فيه بانيو فوج في الأوضة اللي إنتِ جاعدة فيها ،  نصيحة مني تطلعي دلوك تمليه مايه ساجعة وترمي حالك فيه بدل ما تولعي وإنتِ واجفة إكده وتحرجي لنا البيت وياكِ  



رمقتها بنظرة إشمئزاز وتحركت تجلس بكبرياء واضعة ساقً فوق الأُخري وسط دعم كامل من نساء عائلتها، وتحت إحتراق قلب كوثر التي صُدمت من هيأة وأنوثة وجمال تلك الصعيدية



❈-❈-❈


داخل إحتفال الرجال 

تحرك ووقف جانبً بعيداً عن صوت الموسيقي الصادح،  أخرج هاتفهُ وتحدث إلي حارس البناية المتواجد بها شقتهُ التي تسكُنها إيناس : 

_ إسمعني كويس يا باهي،  عاوزك حالاً تجيب لي نجار وتخليه يستني معاك،  وانا هبعت لك الاستاذ أحمد زميلي من المكتب،  تخلي النجار يفتح كالون الشقة 

وأكمل بحرسٍ: 

_ تخلي مراتك تدخل أوضة النوم لوحدها،  تلم كل هدوم وحاجة الأستاذة إيناس الخاصة في شُنط وتنزلها عندكم علشان هتيجي تاخدها بعد يومين 

وأكمل: 

_ وتلم لها كمان حاجة المطبخ في كراتين وتنزلوها بردوا عندك 


سألهُ الحارس بنبرة فضولية: 

_ خير يا باشا،  إنتوا هتعزلوا ولا إيه ؟ 

أردف قاسم بنبرة حادة أرعبته:

_ وإنتَ مالك، حاشر نفسك ليه في اللي ملكش فيه 

وأكمل بنبرة حادة:

_ إنتَ تسمع الكلام اللي يتقال لك من سكات، فاهم يا باهي 


إرتبك باهي وتحدث بطاعة لذلك الذي يغمرهُ دائماً بالمال الوفير ليبعث لهُ بكل ما يدور داخل شقة إيناس، وذلك بعدما إختارهُ ليكون عينه علي إيناس، فحتي وإن كانت مجرد زوجة علي الورق فهي بالنهاية زوجتهُ ولابد من مراقبة تصرفاتها وضمان سلوكها الحَسن 

اغلق معهُ وهاتف أحمد سمير، المحامي الذي يعمل معه داخل المكتب والذي يعتبرهُ بمثابة ذراعة الأيمن  : 

_  ركز معايا يا أحمد،  عاوزك تاخد معاك كام راجل كده وتروح حالاً علي شقتي اللي ساكنة فيها الأستاذة إيناس، أنا كلمت البواب وهو مستنيك هو ومراته ومعاه النجار، هيفك كالون الشقة ومرات البواب هتلم حاجة الأستاذة إيناس الخاصة في شنطة وتنزلها عندها تحت 


وأكمل:

_ وإنتَ خلي الرجالة تلم الموبيليا كلها وتبعوها لأي تاجر بأي تمن 

واسترسل مؤكداً:

_  سامعني يا أحمد،  أي تمن المهم العفش ما يبتش في الشقة إنهاردة 

وأكمل بتوصية:

_ النجار معاه كالون جديد، هيركبه وانا هكلم السمسار علشان يشوف بيعة للشقة في أقرب وقت 

أطاعهُ أحمد وأغلق قاسم الهاتف وتحرك عائداً مرةً آُخري إلي الإحتفال 



بعد إنتهاء الإحتفال بليلة الحِنة الخاصة بالنساء ،دلفت إلي غرفة جدتها المتواجدة بالطابق الثاني والتي صعدت إليها لتنال قسطاً من الراحة بعيداً عن ضجيج العاملات التي يقُمن بتنظيف السرايا من الفوضي التي حدثت جراء ما خلفهُ الإحتفال ، قامت بقياس الضغط لها وأعطتها إبرة السُكري وخرجت وأغلقت الباب خلفها بعد أن دثرتها تحت غطائها بعناية ورعاية 




كانت تتحرك داخل الرواق كي تتجه إلي الدرج ومنهٌ إلي منزل والدها، وصلت إلي باب شقتها وجدت يد تمتد وتسحبها بعنف للداخل وبعدها أغٌلق الباب ووقف خلفهٌ بجسـ.ـدهِ كالسد المنيع أمامها


كادت أن تصرخ لولا ظهورهٌ أمامها كالأسد الجائع بتلك النظرات الراغبة



يتبع