-->

رواية تعويذة العشق الأبدي - بقلم الكاتبة سمر إبراهيم - الفصل العاشر

 

رواية تعويذة العشق الأبدي

بقلم الكاتبة سمر إبراهيم 



الفصل العاشر 

رواية

 تعويذة العشق الأبدي




قد يأتي أخيك في أي وقت بيتنا
لكنه سيجد بابنا مفتوحًا وسيدخل
حينها سيرى سريرًا ممتدًا
مفروشًا بالكتان الفاخر
تزينه حبيبتي الجميلة

"شعر فرعوني"


❈-❈-❈


تقف عند مدخل العقار تقدم قدم وتؤخر الأخرى لا تدري هل ما ستفعله صائبٌ أم لا، فهناك شيء ما بداخلها يمنعها من الذهاب ولكنها أبت تصديق حدسها وقررت الصعود على أية حال.

دخلت المصعد ولكن قبل أن ينغلق الباب وجدت امرأة ثلاثينية بشوشة الوجه تدخل المصعد هي الأخرى.

وقفت تفرك يديها بتوتر ولم تضغط على زر الدور الذي تريده فتعجبت المرأة كثيرًا خاصة وإنها تراها لأول مرة فحدثتها بتلقائية وهي تضغط على الزر الخاص بها لتضغط لها الزر هي الأخرى:

- طالعة الدور الكام؟

أجابت بتردد:

- الدور العاشر.

ازداد تعجب المرأة فالعقار لا يوجد به أكثر من شقة في الدور الواحد والدور العاشر تقطن به ضحى وزوجها وهي على يقين بأن ضحى ليست بالمنزل فلقد حدثتها بالأمس وأخبرتها بأنها ستغيب عن المنزل لعدة أيام نظرًا لمرض والدتها فلمن تصعد هذه الفتاة إذن؟

عندما ازداد صمت المرأة توترت وعد للغاية خاصة عندما رأت علامات التعجب على وجهها ونظراتها الغريبة إليها فاعتقدت بأنها تظن بها السوء لأنها تصعد لرجل أعذب يعيش بمفرده فبادرت بالحديث بتلعثم شديد لتنفي تلك الفكرة الخاطئة عنها:

- أصل، أصل أنا زميلة أستاذ أحمد النويشي اللي ساكن في الدور العاشر، زميلته في الشغل وهو نسي معايا حاجات مهمة وجيت اديهومله وامشي علطول.

تهكمت المرأة بداخلها عند سماعها لتلك الكلمات الكاذبة فعن أي عمل تتحدث هذه الفتاة وكأنها لا تعلم جيدًا من هو هذا المدعو بأحمد النويشي  وأنه عاطل عن العمل ولكنها اكتفت بنظرات تقييمية للفتاة من أعلى لأسفل مع إماءة من رأسها دون أن تنطق بشيء، وهنا وقف المصعد وخرجت الفتاة بتردد لتلمح المرأة باب الشقة مفتوح بعض الشيء وليس مغلق بالكامل قبل أن تغلق باب المصعد لتكمل طريقها لشقتها.

❈-❈-❈


وقفت أمام الباب بتردد لا تعلم ماذا تفعل فلم تستطع الدخول رغم كونه غير مغلق فرفعت يدها لتطرق عليه ولكنها تراجعت عن ذلك وكادت أن تغادر لولا ظهوره المفاجئ من خلف الباب وهو يبتسم لها ابتسامته الساحرة التي تضعف أمامها وتحدث ببحته المميزة وهو مضيقًا عينيه:

- إيه! رايحة فين؟ اتفضلي.

أشار بيده لتدخل أمامه فدخلت وهي تنظر أرضًا ولكنها تعجبت عندما لاحظت أن الأرض لا يوجد بها نقطة مياة واحدة فعقدت حاجبيها ونظرت له نظرات استفهامية فهم هو مغزاها جيدًا فابتسم وهو يغلق الباب وحدثها بعفوية وهو يتصنع البراءة:

- ايه رأيك في المقلب ده؟ دخلت عليكي مش كدا؟

ازداد تعجبها ونظرت له وقد بدأ الغضب يرتسم على وجهها:

- يعني إيه الكلام ده؟ يعني انت ضحكت عليا عشان تخليني أطلعلك الشقة؟!

لم يجب على أسئلتها فازداد غضبها واتجهت نحو الباب لتخرج وهي تتحدث بانفعال:

- انا اللي غلطانة اني سمعت كلامك وطلعت من الأول عن اذنك.

قالت ذلك وهي تزيح يده من على مقبض الباب لتفتحته وتخرج فوضع يده على يدها ونظر إليها متصنع الأسف، والحزن، وتحدث بنبرة يقطر منها الأسى:

- ياااه للدرجادي مش واثقة فيا ولا في نفسك؟ أنا مكونتش أقصد أزعلك أنا كان نفسي بس أشيل الحواجز اللي بينا ونحس اننا مفيش بينا فرق وبالمرة أفرجك على الشقة اللي بعد كام يوم هتبقى شقتك على العموم أنا آسف تقدري تتفضلي.

أنهى حديثه وهو يفتح لها الباب سامحًا لها بالإنصراف ثم أعطاها ظهره منكسًا وهو يبتسم بخبث بينه وبين نفسه ليبدأ العد بداخله من واحد إلى خمسة مراهنًا نفسه بأنها ستغلق الباب وتدخل قبل أن ينهي العد وبالفعل وقبل أن يصل للعدد ثلاثة وجدها تغلق الباب بالفعل وتقترب منه ثم وضعت يدها على كتفه وتحدثت باعتذار:

- أحمد أنا آسفة متزعلش مني، أنا واثقة فيك طبعا بس زعلت من المقلب اللي عملته حقك عليا متزعلش.

لم يلتفت لها وصار ببطئ مبتعدًا عنها وهو لازال منكسًا الرأس ليجلس على أقرب أريكة وهو بنفس الهيئة مشبكًا أصابعه دون أن ينطق بشيء ليتأجج بداخلها الإحساس بالذنب وذهبت لتجلس بجواره وأمسكت بيديه تفك اشتباكهما وأخذت يده اليمنى ووضعتها على إحدى قدميها ووضعت يدها الأخرى أسفل ذقنه لترفع رأسه وتجعله ينظر إليها ولكنها تفاجأت بالدموع التي تملأ عيناه ليؤلمها قلبها بشدة ويزداد بداخلها الإحساس بالذنب على ما أوصلته إليه فوجدت نفسها دون إرادة منها تبكي هي الأخرى وتتحدث إليه وهي تضع يديها حول وجهه:

- أحمد انت بتعيط بسببي؟ أرجوك متعيطش أنا آسفة والله حقك عليا مكونتش أقصد.

ازداد بكاؤها وهي تنظر إليه فمد يده ليمسح دموعها وهو يتحدث بحنان:

- طب بلاش عياط عشان مضعفش أكتر من كدا انتي عارفة ان دموعك دي نقطة ضعفي.

ابتسمت إبتسامة خفيفة وتحدثت من بين بكاؤها:

- يعني خلاص صالحتني ومش زعلان مني؟

نفى برأسه وتحولت لمساته على وجهها للمسات مدا عبة فخلل شعرها بإحدى يديه نزولًا إلى رقبــ تها ويده الأخرى تمسد شفتــ يها ليقشعر جســ دها ودبت السخو نة بها فوجدته يقرب وجهه منها يريد تقبــ يلها ولكنها أبعدت وجهها عنه ونهضت فجأة وهي تتحدث بتلعثم من فرط ما تشعر به من مشاعر:

- طب إيه؟ مش هتفرجني عالشقة قبل ما ننزل ولا إيه؟

زفرة محبطة خرجت منه ولكنه استطاع رسم التلقائية على وجهه وابتسم وهو يشير بيده نحو باقي الشقة داعيًا بداخله ألا يكون قد نسيَ بها شيئًا يخص زوجته أو أطفاله فلقد قضى اليومين الماضيين في إزالة أي أثر لهم داخل الشقة استعدادًا لذلك اليوم:

- طبعا، طبعا، اتفضلي.

بدأت في التجول في الشقة بانبهار شديد فلم يخطر على مخيلتها  أن يأتي يوم وتقيم في شقة بهذه الروعة، فمكان إستقبال الضيوف فقط يعادل مساحة منزلها الأقل من المتواضع، هذا فضلًا عن الديكورات الرائعة التي تدل على ذوقه العالي في اختيار الأساس والمفروشات وما يناسبهم من ألوان الحوائط، هل هي تحلم؟ ام أنها ستعيش هنا بالفعل بعد عدة أيام، لا تصدق انها ستقضي باقي حياتها في هذه الشقة الموجودة في هذا الحي الراقي، وتودع هذا المكان القذ ر التي تعيش به والموجود في تلك المنطقة الشعبية المليئة بالباعة الجائلين والبلطجية.

سعادتها المفرطة عمت بصرها عن رؤية بعض التفاصيل التي تدل على أنه لا يعيش هنا بمفرده فعندما يتحكم القلب يتعطل العقل فلا يرى إلا ما يريد انا يراه ويغط الطرف عن باقي الأشياء.

تفاجأت بتجهيزه لغرفة نوم خاصة بالأطفال هذا يدل على أنه  بالفعل يريد أن يكون معا أسرة ويكون لديهم أطفال، فنظرت إليه نظرات عاشقة وحدثته بحماس شديد وهي تدور حول نفسها داخل الغرفة:

- حتى أوضة الأطفال مانسيتهاش يا أحمد أنا بجد مش مصدقة انك عملت كل ده عشاني.

حك رأسه من الخلف ونظر إليها متصنعًا العشق:

- طبعا عشانك يا حبيبتي، عشان تعرفي بس اني كنت صادق في كل كلمة قولتهالك.

ذهبت لتحتضن زراعه وتحدثت وهي تنظر إليه بوله شديد:

- ربنا يخليك ليا يا حبيبي وميحرمنيش منك أبدًا.

تركت زراعه فجأة وذهبت لتشاهد باقي الغرف بحماس شديد فزفر بملل وتمتم وهو ينظر في ساعة يده:

- ما تنجزي بقى الله يخر بيتك ساعة عشان تتفرجي عالشقة.

ذهب خلفها ليرى هل انتهت من جولتها السياحية أم لا ليتحدث إلى نفسه متهكما:

- طبعا ليها حق تعمل كدا ماهي عايشة في صفيحة زبا لة مكانتش تحلم تدخل شقة زي دي في يوم من الأيام.

أنهت جولتها وهي تشعر بسعادة غامرة ونظرت إليه فوجدته مستندًا على الحائط بجوار غرفة النوم ممسكًا في يده لفافة من التبغ يستنشق منها مرات متتالية وهو ينظر إليها نظرات لم تفهم مغزاها ولكنها تجاهلت كل ذلك واتجهت مندفعة نحوه دون إرادة منها وقامت باحتــ ضا نه وهي تتحدث بحماس:

- الشقة تحفة يا أحمد وتقريبًا مش ناقصها حاجة أنا مش مصدقة اننا خلاص هنتجوز ونعيش مع بعض علطول.

لم يعقب على حديثها فعقله كان منشغل بشيء آخر وهو اقترابه من الوصول لهدفه فألقى بلفافة التبغ على الأرض ودعسها بقدمه ثم قام بتغيير وضعهما لتكون هي الملا صقة للحا ئط وقرب وجهه من وجهها لتلفــ حها أنفا سه السا خنة وتحدث بصوت يقطر بالر غبة الخالصة:

- انا اللي مبقتش قادرة استحمل لحد ما نتجوز نفسي تفضلي في حضني علطول.

حاولت التملص منه ولكنه لم يعطيها الفرصة فاقتــ نص شفــ تيها في قبــ لة بدأت هادئة متمهلة وشيئًا فشيئًا بدأت تأخذ شكل آخر أكثر جمو حًا فوجدت نفسها رغمًا عنها تبا دله بعد أن استطاع بخبرته أن يؤ جج نير ان الر غبة في عروقها فأصبحت في عالم آخر لم تشعر بشيء مما يدور حولها فلم تعلم كيف دخلت معه إلى  غرفة النوم وكيف أصبحت أسفــ له على الفراش أو كيف استطاع أن يجر دها من ملا بسها العلوية لتبقى بحمالة صد رها فقط كما تجر د هو من معظم ملا بسه ليبقى بملا بسه الدا خلية فقط  لتغرق معه في بحر من الشــ بق لا تريد أن ينتهي فكل ما ترغب به الآن أنها لا تريده أن يتوقف فما تشعر به من لذة لم تشعر بها من قبل.

امتدت يده الخبيرة لفك أزرار بنطا لها ليجر دها من ملاةبسها السفــ لية أيضًا حتى يتسنى له إكمال ما بدأه ولكنه أفاق من هذه الحالة من النشــ وة الهالصة على صوت انفتاح باب الغرفة وصدوح ذلك الصوت الأنثوي المألوف بالنسبة إليه وهو يقول:

- والله ما انتوا قايمين المقطع ده اتصور خلاص لو قولتوا نذيع هنذيع.

❈-❈-❈


قيل ساعة من الآن

خرجت من المصعد وهي تتنفس بغضب لا تصدق ما رأته عيناها فدخلت شقتها واغلقت الباب خلفها بعنف ليندهش زوجها بشدة من حالتها هذه فاقترب منها ليطمئن عليها وحدثها باهتمام وهو يضع يده على كتفها:

- مالك يا حبيبتي حصل ايه؟

ازاحت يده بعصبية وتحدثت وهي تصيح وتشير بيدها نحو باب الشقة:

- شوفت الرا جل الو سخ اللي مراته طالع عينها في الشغل ليل نهار وهو نايم في البيت وفي الآخر يبقى دا جزاءها.

تعجب كثيرًا من حديثها هذا، فعن أي رجل تتحدث؟ وماذا فعل حتى تنفعل لهذه الدرجة فقلما رآها غاضبة هكذا، فحاول تهدئتها ليفهم منها ما حدث:

- طب اهدي بس يا حبيبتي وفهميني حصل إيه لكل العصبية اللي انتي فيها دي؟

كانت تلهث من كثرة الغضب فازداد قلقه عليها وحاول إجلاسها على أقرب مقعد علها تهدأ قليلا:

- طب اقعدي وخدي نفسك بس وأنا هجيبلك كوباية مية عشان تهدي وتفهميني اللي حصل.

ذهب الي المطبخ سريعًا واحضر لها كوب من الماء ارتشفت منه القليل لتهدأ بعض الشيء وبدأت تقص عليه ما حدث.

- الاستاذ المحترم اللي ساكن في الدور اللي تحتنا جايب واحدة البيت ومراته مش موجودة.

صدمة سيطرت عليه ولكنه حاول أن يفهم أكثر حتى لا يصدر حكم متعجل للأمور لربما ان تكون زوجته قد فهمت خطأ وهذا ما علمته إياه مهنته كرجل قانون:

- وعرفتي إزاي؟

- ركبت معايا الأسانسير وكانت باين عليها التوتر وكأنها عاملة عاملة ولما سألتها طلعة الدور الكام قالت العاشر ولما الأسانسير وقف شوفت الباب موارب عشان تدخل علطول.

قالت ذلك وتخصرت أمامه وهي تصيح:

- عايز أدلة وبراهين ايه تاني يا سيادة المحامي عشان تصدق كلامي.

تحدث بهدوء يريد امتصاص غضبها:

- انا مصدقك طبعًا يا حبيبتي انا بس مش عايز نظن ظن سيء مش يمكن جاية لضحى ولا حاجة.

استشاطت غضبًا من بروده وأطنبت بصياح:

- ضحى مين اللي جيالها؟ دي البجحة بتقولي انا زميلة أستاذ أحمد في الشغل وجاية اجيبله حاجة نسيها معايا، شوفت البجاحة وصلت لفين، طب كانت تكدب كدبة نصدقها وتقول كلام معقول قال زميلته في الشغل قال العاطل ده، وبعدين ضحى أصلًا مش موجودة في البيت بقالها يومين انا لسة مكلماها امبارح وقالتي انها عند مامتها عشان تعبانة يقوم البيه ما يصدق ويجيب واحدة البيت.

- طب اهدي بس يا حبيبتي وخلينا نفكر بعقل عمر العصبية ما هتجيب نتيجة.

قال ذلك وهو يقترب منها ويمسد على ظهرها علها تهدأ قليلًا.

حاولت تنظيم أنفاسها اللاهثة وتحدثت بأسف على ما آلت إليه حياة صديقتها:

- غصب عني يا سامي انت مش متخيل ضحى دي طيبة وغلبانة قد إيه، دي بتشتغل ليل ونهار عشان تصرف عالبيت بدل البيه اللي استحلى القاعدة في البيت طالما هي بتعرف تتصرف.

نظرت إليه بعينان مليئتان بالدموع ليشعر بالتأثر الشديد ولكنه حاول التحدث بعقلانية:

- حتى لو فرضنا ان كلامك صح هنعمل إيه؟

نظرت إليه بتحفز شديد وتحدثت من بين أسنانها:

- يعني ايه هنعمل إيه؟ دا بدل ما تنادي عالبواب وتلم الجيران وتنزلوا تكسروا عليهم الباب وتجيبلهم البوليس.

نظر إليها فاغرًا فاه مما تفوهت به:

- انتي بتتكلمي بجد؟ عايزاني أعمل فضيحة في العمارة وممكن كل كلامك ده أصلًا يبقى غلط وندخل منلاقيش حاجة والرا جل يعملنا محضر تعدي على ممتلكاته انتي أكيد بتهرجي.

زفرت بغضب وقامت لجلب حقيبتها لتخرج منها هاتفها وتحدثت وهي تبحث عن رقم ما:

- خلاص إحنا نكلم صاحبة الشأن وهي حرة تتصرف زي ما هي عايزة.

قام بجذب الهاتف من بين يديها وتحدث بغضب من تصرفاتها الهوجاء من وجهة نظره:

- انتي أكيد اتجننتي عايزة تقوليلها إيه؟ هتقوليلها جوزك جايب واحدة شقتك وانتي مش موجودة!  عايزة تخربي بيتها؟

نظرت إليه باستفهام وهي تردد كلماته:

- أخرب بيتها؟ ده اللي ربنا قدرك عليه عايزني أسكت واسيبها مخدوعة؟!

- ايوة تسكتي مالناش دعوة عشان انتي اللي هتطلعي وحشة في الآخر، وانتي اللي هتتلامي لو البيت ده اتخرب، سواء منه أو من أهلها وممكن تكوني فاهمة غلط، وحتى لو صح هو ممكن يقلب الترابيزة عليكي ويطلعك عايزة تخربي بيتهم أو يصالحها ويخليها تسامحه وفي كل الحالات انتي هتخسري صاحبتك.

نظرت إليه نظرات مطولة تفكر في حديثه ثم تحدثت باستفهام:

- أفهم من كدا انك عايزني أسكت ولا كأني شوفت حاجة واتعامل معاها عادي؟

- أيوة ده الصح والعقل بيقول كدا، دا ربنا أمر بالستر نقوم احنا نفضحه.

عند هنا لم تتمالك أعصابها فصاحت به وهي تحاول أخذ هاتفها بغضب:

- آه ما انت راجل زيك زيه ولازم تدافع عنه وتبقى عايز تداري عليه عشان لما تبقى في نفس موقفه تلاقي اللي يداري عليك ما انتوا كلكم شبه بعض.

علامات الصدمة بدت ظاهرة على وجهه فيبدوا بأنها لن تصمت وستصب جام غضبها عليه فقام باعطائها الهاتف وهو يقول باستسلام:

- وعلى إيه دا كله انا مالي، خدي يختي تليفونك أهه واعملي اللي انتي عايزاه بس لما تطبل على دماغك مترجعيش تقوليلي كان عندك حق.

أخذت الهاتف وقامت بطلب رقم صديقتها وهي تنظر إليه بتأهب وتتمتم:

- رجا لة تخاف متختشيش.

سمع ماقالته ليهز رأسه بيأس من رأسها الصلبة وتمتم وهو يضر ب كفيه ببعضهما:

- ربنا يستر شكله يوم مش هيعدي وهتعكعلى دماغتنا كلنا.

❈-❈-❈



تجلس أمام والدتها كالتلميذ الفاشل الذي رسب في اختباراته، تشعر بذلك الصداع الذي يكاد يفتك برأسها فلقد حفظت كلمات والدتها عن ظهر قلب التي لا تكف عن إسماعها إياها كل دقيقة وأخرى طوال اليومين الماضيين:

"ارجعي لبيتك ومتشمتيش فيكي حد.
متسيبيش البيت مهما حصل دي شقتك وشقة ولادك.
اصبري واحتسبي وادعي ربنا يهديه.
هو انتي أول ولا آخر واحدة تنضر ب يعني؟ عيشي وخلي ولادك يعيشوا بين أبوهم وأمهم ومتمشيش ورا كلام الدكتورة دي بدل ما تخرب عليكي"

هراء وسفسطة لطالما استمعت إليه منذ زواجها وكلما جاءت إليها شاكين من معاملته الغير آدمية لها، ولقد كان حديثها هذا العامل الأساسي لوصولها لتلك المرحلة البائسة من الخضوع والخنوع.

- ضحى، يا ضحى سرحتي في إيه يا بنتي هو انا قاعدة بكلم نفسي؟

أفاقت من شرودها على كلمات والدتها لتجيب دون تركيز:

- ها، كنتي بتقولي ايه يا ماما؟ معلش سرحت شوية.

لوت شفتيها بعدم رضا من كلمات ابنتها وأعادت ما كانت تقوله مرة أخرى:

- كنت بقول هتفضلي سايبة بيتك لحد امتى؟ يا بنتي ارجعي ومتشمتيش حد فيكي، ارجعي بدل ما واحدة تانية تلوف على جوزك وتخطفه منك.

إبتسامة متهكمة ارتسمت على وجهها وكادت ان تجيب لولا رنين هاتفها الذي أنقذها من الإستمرار في تلك المناقشة عديمة الفائدة.

نظرت إلى الهاتف ووجدت أن شاشته تنير  باسم جارتها أمل فتعجبت بشدة فلقد هاتفتها بالأمس، وليس من عادتها أن تحدثها يوميًا، ما الذي تريده الآن؟

كادت ألا تجيب على الهاتف لكي تتجنب الكذب والتصنع بأنها بخير لولا أنها رأت أنها فرصة سانحة للغاية لتهرب من أمام والدتها ولو لبعض الوقت.

ابتعدت عن والدتها قليلا لتلمحها تلوي شفتيها باستياء مما تفعله فهزت رأسها بيأس من تفهم أمها لما تمر به ثم أجابت على الهاتف بصوت جاهدت ان يخرج طبيعيًا:

- ألو، إزيك يا أمولا.

تعجبت عندما لم تجد رد منها ليعم الصمت قليلا قبل أن تتحدث ضحى بقلق:

- الو، أمل انتي كويسة.

حمحمت وهي تجيبها بتردد:

- ايوة يا ضحى، عاملة إيه يا حبيبتي؟

ازداد اندهاشها من طريقتها الغير معتادة معها ليثير ذلك القلق بداخلها خاصة وأنهم قد تحدثوا بالأمس وكانت طبيعية للغاية فماذا حدث جعلها تحدثها الآن وبتلك الطريقة الغريبة؟ فأجابتها بتساؤل وهي عاقدة حاجبيها:

- فيه إيه يا أمل؟ حصل حاجة؟ طريقتك مش طبيعية أبدًا.

- ها، لا أبدا مفيش، أنا، أنا بس حبيت أطمن عليكي.

تلعثمها وإجابتها الغير منطقية جعلتها تتيقن من حدوث شيء غير طبيعي فتحدثت بنبرة مرتفعة بعض الشيء:

- إيه اللي حصل يا بنتي حر قتي أعصابي، انتي والولاد وأستاذ سامي كويسين طيب؟

تنهيدة حارة خرجت من صدرها وهي تجيبها:

- كويسين يا حبيبتي الحمد لله.

فعقبت بنفاذ صبر:

- أومال مالك فيكي إيه؟

وهنا خطر ذلك الهاجس في ذهنها فمن الممكن أن يكون قد حدث شيء لزوجها وهو بمفرده بداخل الشقة وذلك سبب ذلك الإتصال فسألتها بتوجس وهي تكتم أنفاسها من شدة الخوف من أن يكون قد حدث له شيء:

- طب أحمد كويس؟ أوعي يكون جراله حاجة؟

تهكمت الأخرى بداخلها من شدة خوفها عليه وهو يخدعها مع امرأة أخرى فتنهدت بعنف وهي تجيب على تساؤلاتها:

- والله يا ضحى انا مش عارفة أقولك إيه، وحقيقي مش عارفة أنا صح ولا غلط في اللي هقوله ده.

خوفها تحول إلى رعب مما هو قادم ف فيما يبدوا أنه قد حدثت كارثة:

- قولي يا أمل أبوس ايدك أنا أعصابي باظت.

أخذت نفس عميق قبل أن تخبرها بتلعثم:

- اللي حصل، اني، اني شوفت واحدة داخلة شقتك من نص ساعة تقريبًا ولسة مخرجتش.

هل ما استمعت إليه الآن حقيقي؟ هل جرؤ على فعل ذلك في بيتها؟ لا، لايمكن أن يكون حقيقيًا، عقلها لا يستوعب ذلك فمن المؤكد أن أمل قد اختلط عليها الأمر فلا يمكن أن يفعل بها هذا.

خرجت الحروف من فمها بصعوبة شديدة وكأنها تحارب فقدانها للنطق فتحدثت بلسان ثقيل وصوت منخفض يكاد الا يسمع:

- انتي متأكدة من الكلام اللي بتقوليه ده؟

- متأكدة مع الأسف.

قالت ذلك وقامت بقص ما حدث إليها منذ دخولها المصعد ومقابلتها لتلك الفتاة الغريبة إلى أن رأتها تدخل الى الشقة ذات الباب المفتوح، وبعد استماعها لكل ما حدث انهت المكالمة وهي تقول:

- انا ١٠ دقايق وهكون عندك.


❈-❈-❈


أغلقت الهاتف وكأنها انعزلت عن العالم لا ترى او تسمع أي شيء حولها فكل ما يتكرر أمامها هو صورته وهو مع امرأة أخرى في فراشها فقامت بأخذ  حقيبتها ووضعت الهاتف بداخلها بعشوائية، وهي تتجه نحو باب المنزل، دون قول شيء، ودون حتى أن تغير ملابسها فلقد كانت ترتدي ملابس رياضية منزلية وحذاء منزلي خفيف.

كل هذا وسط اندهاش والدتها من حالتها تلك ونزولها من المنزل بتلك الهيئة،  خاصة بعد أن حاولت ان تفهم منها ما حدث وما سر هذه المكالمة ولكنها لم تعطيها الفرصة لذلك فلقد خرجت صافعة الباب خلفها ثم ركبت سيارتها وقادت بسرعة فائقة تريد أن تصل في أقرب وقت ممكن.

شريط حياتها طوال ثماني سنوات يمر أمامها منذ يوم عرسها إلى الآن أول قبــ لة قبــ لها لها، وأول لطــ مة على وجهها كل شيء يعاد أمامها كشريط سنيما، دموعها تغرق وجهها لتحجب الرؤية أمامها غير مدركة لشيء سوى انه يقوم بخيانتها الآن وبعد كل ما فعلته من أجله وتنازلاتها التي لا تعد حتى تستمر حياتهم، تشعر بألم حاد بقلبها وكان  سكــ ين حاد قد غرز به سيترك بداخلها جر ح لن يندمل.

أفاقت من هذه الحالة على صوت اصدام لتدرك بأنها قد اصدمت بالفعل بالسيارة التي أمامها دون وعي منها فزفرت بضيق وهي تتمتم:

- هو ده وقته يا ربي.

حاولت مسح دموعها و تنظيم أنفاسها خاصة عندما رأت صاحب السيارة يترجل منها متجهًا نحوها فقامت بالترجل هي الأخرى وقبل أن يتحدث رفعت يديها أمامه باستسلام وهي تقول:

- قبل ما تقول أي حاجة وتتكلم كلام مالوش لازمة عن سواقة الستا ت وإننا مالناش في السواقة والكلام المحفوظ ده، أنا بتأسف لحضرتك عن اللي حصل وعارفة إني أنا اللي الغلطانة ومستعدة أتحمل كل تكاليف تصليح العربية، بس بجد انا مش فاضية دلوقتي خالص ومش هقدر أقف مع حضرتك أكتر من كدا أنا هسيبلك بطاقتي وفيها كل بياناتي تقدر حضرتك من خلالها توصلي بسهولة وأنا مستعدة أتحمل كل تكاليف التصليح بس أرجوك سيبني أمشي دلوقتي دي مسألة حياة أو موت.

قالت ذلك وهي تنحني نحو السيارة وأخرجت حقيبتها ثم قامت بإعطائه بطاقة هويتها ومن ثم عادت إلى السيارة لتقودها مرة أخرى وهو واقف ينظر إلى أثرها فاغرًا فاه وعاقدًا حاجباه، ممسكًا بتلك البطاقة يقلبها يمينًا ويسارًا ليتعجب بشدة من أمر هذه المرأة فهيأتها الباكية وملابسها تدل على أنها ذاهبة لأمر جلل لذلك لم يستطع قول شيء فور رؤيته لها في هذه الحالة فقام بوضع بطاقتها في جيب سترته وانطلق هو الآخر دون قول شيء.


❈-❈-❈


وصلت أخيرًا أسفل العقار بعد تفادي عدد لا بأس به من حوادث الطرق مكثت داخل السيارة لبعض الوقت تحاول تنظيم أنفاسها وحاولت أن تظهر رابطة الجأش ورسمت الصلابة على ملامحها الباكية قدر الإمكان حتى لا تظهر أمامه بمظهر الضعيف فلقد سأمت ذلك الدور وعليهم الآن إبدال الأدوار، فلقد آن الأوان أن تظهر قوتها التي تفننت في إخفائها طوال السنوات الماضية موهمة نفسها بحبه وبأنها يجب أن تكون الطرف الأضعف في العلاقة كمان كانت تنصحها والدتها دائمًا، فالر جل لا يميل للمرأة التي تكون ندًا له وإنما يعشق من تشعره بقو ته أمامها، فماذا جنت جراء ذلك غير الذل والإها نة وأخيرًا الخيا نة فلتريه الوجه الآخر إذن وليكن ما يكون.

دخلت المصعد ضاغطة على الزر الخاص بشقة جارتها لتشعر بقبضة تعتصر قلبها عندما مر المصعد بالدور الذي به شقتها ولكنها حاولت تجاهل ذلك وخرجت من المصعد متجهة لباب الشقة الذي انفتح بمجرد أن ضغطت على زر الجرس مرة واحدة لتظهر أمل من خلفه وقامت بمعا نقتها وهي تبكي ولكنها وجدتها لا تبادلها، فقطعت عناقعهما ونظرت إليها بشفقة ولكنها تعجبت من حالتها هذه فلقد توقعت انهيارها خاصة وأنها قد أتت بملابس المنزل ولكنها وجدتها صامتة تنظر إليها بنظرات فارغة وكأن عيناها قد تحولت لعينان زجاجيتان لا ترى أمامها فتبدو أمامها وكأنها تحولت إلى إنسانٌ آلي لا يشعر بشيء مما يدور حوله.

أشارت إليها لكي تدخل بريبة فنظرت إليها ضحى بثبات وتحدثت بآلية:

- هما لسة جوه؛

اندهشت أمل من حال صديقتها ولكنها التمست لها العذر فأجابتها بعد أن أماءت برأسها بموافقة:

- أيوة لسة، أنا خليت عم جابر البواب يقف عالسلم ويراقب الشقة.

- تمام، هو أستاذ سامي موجود.

ازداد تعجبها ولكنها أجابتها على اي حال:

- أيوة جوة اتفضلي.

دخلت الشقة لتجد جارها جالسًا ينظر لها بأسف كما أنه يتبادل النظرات مع زوجته بعتاب وكأنه غير راضٍ عما فعلته.

لم تعقب على شيء فليس لديها وقت للحديث فتحدثت فيما تريد مباشرة:

- أستاذ سامي بصفتك محامي ألاقي عندك عقود بيع وشرا، وعقود اتفاق على الحضانة والنفقة.

عقد حاجبيه عندما استمع لها واكتفى بتحريك رأسه لأعلى ولأسفل فاكملت دون تردد وهي تتجه لخارج الشقة:

- عظيم، معلش هتعب حضرتك ممكن تجيب عقد من كل نوع وتيجي ورايا.

نظرت لأمل أيضا وهي تردف:

- وانتي يا أمل كمان معلش ممكن تيجي معايا.

- طبعا يا حبيبتي.

- طب يلا بسرعة عشان نلحقهم.

نزلت هي وأمل ولحقهما سامي بالعقود لتجد حارس العقار يقف على السلم المؤدي للدور الحادي عشر والمواجه لشقتها فدعته للدخول معها هو أيضًا وفتحت باب الشقة بحذر شديد وهي تشير إليهم أن يصمتوا واضعة سبابتها أمام فمها.

دخلوا جميعا دون أن يصدروا صوت واتجهت أولا إلى المطبخ وأمسكت بسكــ ين حاد وقامت بنزعه من حافظة السكا كين الموجودة على رخامة المطبخ.

فزعت أمل مما فعلته صديقتها لتشعر بأن الأمور ستخرج عن السيطرة وبأن زوجها كان على صواب عندما كاد أن يمنعها من إخبارها بما حدث، خرجت منها شهقة عالية حاولت كتمها بوضع يدها على فمها لتنظر إليها ضحى بتحذير وهي تشير لها بالصمت ثم اتجهوا بعد ذلك لغرفة النوم فوضعت أذنها على الباب لتستمع لهمهماته التي تحفظها عن ظهر قلب فشعرت بجرح قلبها ينزف بشدة ولكنها تمالكت نفسها وقامت بإخراج هاتفها وتشغيله على وضع تسجيل الفيديو ثم فتحت باب الغرفة مرة واحدة لتراهم في تلك الحالة المقز زة والمثــ يرة للغثيان فقامت بتصويرهم وعندما شعر بوجودهم صدح صوتها الرنان وهي تقول:

- والله ما انتوا قايمين المقطع ده اتصور خلاص لو قولتوا نذيع هنذيع.


❈-❈-❈


استعادت وعيها على صوت امرأة غريب عليها لتجد نفسها شبه عارية ويقف أمامها مجموعة من الغرباء بينهم امرأة تقوم بتصويرها هل هي تعيش أحداث إحدى كوابيسها المفزعة أم ماذا؟ لا يستطيع عقلها أن يواكب ما يحدث ولكنها سرعان ما أدركت الكارثة التي هي بها وإنها شبه عا رية بالفعل أمام مجموعة من الغرباء بينهم رجلان، فأسرعت باخفاء جسد ها بشرشف الفراش وهي تصيح:

- انتوا مين؟ ودخلتوا هنا إزاي؟

ثم نظرت إليه لتجده ينظر لتلك المرأة نظرات نا رية بعيون يتطاير منها الشرر لتستمع إلى صوت المرأة وهي  تتحدث مرة أخرى بتهكم:

- ما تقولها أنا مين يا أحمد بيه شكل الهانم متعرفنيش.

قالت ذلك وهي تدور ببصرها في أرجاء الغرفة لتجد أنه قد أزال بالفعل جميع صورها وكل شيء يخصها كان بداخل الغرفة فنظرت له بغضب موازي لنظراته الغاضبة لها ووجدته يتحدث من بين أسنانه:

- اتلمي يا ضحى وبطلي هبل واطفي الزفت اللي في إيدك ده ومشي الناس اللي لماهم دول لحسن مش هيحصلك كويس.

حركت رأسها يمينا ويسارا وهي تصدر صوت طقطقة من فمها ثم تحدثت بتهكم:

- مش هيحصلي كويس إزاي؟ هتقوم تضربني قدام السنيورة بتاعتك ولا إيه؟ طب قوم وريني نفسك كده.

قام من مكانه بالفعل وكاد أن يقترب منها ولكنه تراجع فجأة عندما وجدها تصوب نحوه ذلك السلا ح الحاد ثم اردفت مهددة إياه:

- وديني وما أعبد إن ما رجعت مكانك لأكون دابة السكينة دي في كرشك ولا هيهمني حد، ارجع مكانك.

قالت جملتها الأخيرة بصراخ أجفله كما أجفل جميع الموجودين وأولهم تلك المنكمشة تحت الغطاء لا يظهر منها سوى وجهها ولا تملك سوى البكاء فهي تجهل ما يدور حولها ولازال عقلها لا يستوعب من تكون هذه السيدة المجنونة؟ ولماذا تفعل ذلك؟ وكيف دخلت الى هنا؟ الكثير من الأسئلة تدور في ذهنها دون أن تجد لها إجابة.

عاد مكانه بخوف من حالتها هذه، فهذه المرة الأولى التي يراها بها هكذا أما هي فنظرت لوعد وتحدثت وهي تلوح لها بتلك الســ كين التي بيدها:

- ها يا حلوة عرفتي انا مين ولا لسة؟

نفت برأسها بحركات سريعة تدل على عدم فهمها لشيء ولكنها وجدتها تردف بسخرية لينزل حديثها عليها قالصاعقة:

- انا أبقى مراته وأم ولاده ياحلوة ودي تبقى شقتنا اللي عايشين فيها أنا وهو وأولادنا ولا البيه مكانش قايلك إنه متجوز ومخلف؟

هل ما سمعته صحيح هل قالت أنها زوجته بالفعل أم هي اختلط عليها الأمر؟ لا، لايمكن أن يكون صحيح فنظرت إليه ولكنها وجدته يسلط نظره على تلك التي تدعي بأنها زوجته وعلامات الغضب متجلية على وجهه فحدثته بصوت متقطع من كثرة بكاءها:

- الكلام اللي الست دي بتقوله صح يا أحمد؟ دي تبقى مراتك بجد؟

لم تتلقى منه أية إجابة ولم يكلف نفسه عناء النظر إليها حتى فتحدثت بصياح علها تحصل منه على إجابة على أمل أن ينفي ذلك:

- انت مبتردش عليا ليه؟ بصلي كدا وجاوبني الست دي مراتك بجد ولا لأ؟

تحدث بنفاذ صبر فهي آخر همه الآن:

- ايوة زفت مراتي ارتاحتي؟ اتكتمي بقى عشان أشوف حل للمصيبة دي.

ضحكة ساخرة انطلقت من ضحى وهي تتحدث متهكمة:

- اخص عليك يا أحمد بقى دي طريقة تكلم بيها الأمورة برضو، ولا إنت عايز تعاملها زي ما بتعامل مراتك؟

- انجزي يا ضحى وقولي عايزة إيه خلي يومك يعدي.

- بسرعة كدا عايز تخلص مني على العموم ماشي وانا موافقة.

صمتت قليلًا تتدعي التفكير ثم تحدثت وهي تأخذ الأوراق من سامي:

- بص يا سيدي قدامك حل من اتنين.

قالت ذلك وهي تشر إليه بأصابعها السبابة والوسطى ثم أردفت:

- الحل الأول اني اتصل بالبوليس حالًا يجي ياخدك انت والحلوة دي زي ما انتوا كدا وتنزلوا قدام الناس ملفوفين بملاية.

صدم مما قالته ولكنه حاول إخفاء ذلك وحدثها بثبات ظاهري:

- والحل التاني.

صمتت قليلًا ومن ثم قالت

-  الحل التاني بقى انك تنفذ كل اللي أقولك عليه من غير كلام.

تهكم قائلًا:

- والست هانم تؤمر بإيه.

ضحكت باستهزاء وهي تقول:

- هعديلك الكلام ده دلوقتي وهدخل في المفيد علطول أنا معنديش وقت أضيعه مع واحد زيك، المطلوب منك انك تمضي عالورق ده وبعد كدا هطلب المأذون عشان تطلقني دلوقتي حالًا.

عقد حاجبية وهو ينظر لتلك الأوراق التي تحملها بيديها ثم نظر إليها متسائلًا:

- أوراق إيه دي؟

أجابت وهي تضع الأوراق على الطاولة التي في الغرفة:

- أبدًا، دي ورقة تنازل عن الشقة، إما دي ورقة تنازل عن حضانة الأولاد، ودي بقى ورقة بتلزمك انك تدفع لأولادك ٥٠٠٠ جنيه نفقة كل شهر.

شعر بالد ماء تغلي بعروقه وصولًا إلى رأسه، ما هذا الهراء الذي تتفوه به؟ ومن أين لها بهذه الأوراق؟ هل كانت تخطط لذلك إلى أن استطاعت الإيقاع به؟ وهو كالمغفل وقع في الفخ بمنتهى السهولة، هل كل ما حدث كان من تخطيطها لتجرده من كل أملاكه؟ الكثير من الأسئلة التي دارت في ذهنه ولكن جميعها بعيدة كل البعد عن الحقيقة فلم يخطر على عقله أنها أنثى قد تفنن في إذلالها بكل الطرق وحان لها الوقت لأخذ ولو جزء ضئيل من حقوقها ولن تضيع تلك الفرصة مهما حدث.

لم تأخذ تلك الأفكار التي دارت في عقله سوى أجزاء من الثانية لينظر إليها وعيناه يتطاير منها الشرر وصاح بصوته الجهوري:

- لا دا انتي شكلك اتجننتي عالآخر، بقولك ايه انتي تسيبك من الجنان اللي بتقوليه ده لأنه مش هيجيب نتيجة معايا.

- خلاص نطلب البوليس وهو اللي يحكم بينا.

قالت ذلك وهي تهز كتفيها بلامبالاة وقامت بكتابة رقم الشرطة على لوحة مفاتيح هاتفها وقلبت الهاتف باتجاهه لتريه أنها ستطلبها حقًا وقبل أن تضغط على زر الاتصال وجدته يتحدث بصوت أقل حدة:

- اعقلي يا ضحى واخزي الشيطان ومشي الناس دي وتعالي نتكلم بهدوء بلاش تخربي البيت عشان غلطة، انا معترف اني غلطان والشيطان غواني بس مش هنخرب بيتنا على غلطة صغيرة وأنا اوعدك اني هتغير ومش هكررها تاني.

دون ارادة منها وجدت عيناها تنظر لتلك المنهارة الني تقبع خلفه وتتكور حول نفسها تحت الغطاء فوجدت علامات الصدمة ظاهرة على وجهها عندما استمعت لحديثه هذا فأحست بالشماتة بداخلها تجاهها فماذا توقعت منه غير ذلك فوجهت حديثها لها باستهزاء:

- سمعتي يا حلوة بيقول ايه؟ انتي بالنسباله مجرد غلطة، رأيك انتي ايه بقى لو انتي مكاني ودخلتي بيتك لقيتي جوزك مع واحدة تانية وفي سريرك هتصممي عالطلاق ولا هتقولي نزوة وعدت وتخلي المركب تمشي؟

لم تتلقى منها أي رد فأردفت بصياح أجفل الجميع:

- ما تردي، ساكتة ليه؟ ولا القطة كلت لسانك.

نظرات متوسلة وجهتها إليها من وسط بكاؤها وصوت خرج مهزوز متقطع من هول ما تعرضت إليه:

- أبوس إيدك سبيني أمشي، أنا ماليش دعوة بمشاكلكم دي والله العظيم ما كنت اعرف انه متجوز ولا كان في نيتي آجي هنا من أصله هو اللي ضحك عليا عشان اطلع أبوس إيدك سبيني ألبس هدو مي وامشي من هنا وأوعدك إنك مش هتشوفي وشي تاني أبدا.

للحظات أحست بالعاطفة تجاهها فهي تعرف أسلوبه جيدًا وخاصة مع النساء والتي كانت واحدة منهن في يوم ما ولكنها تجاهلت هذا الإحساس وتحدثت من بين أسنانها:

- أسيبك تمشي؟! دا لما تشوفي حلمة ودنك، دورك جاي متقلقيش بس لما أخلص من البيه الأول.

أنهت جملتها وهي تنظر إليه بازدراء ووجهت حديثها له:

- اما انت بقى كل الكلام اللي قولته ده مدخلش في ذمتي بمليم أصل دي مش اول غلطة عشان أعديها والمركب تمشي انت تقدر تقول كدا إن دي القشة اللي قسمت ظهر البعير زي ما بيقولوا فا دي اللي جابت آخرنا مع بعض، واوعي تفتكر اني كنت نايمة على وداني ومش عارفة حاجة عن علاقاتك القذ رة والمكالمات المشبو هة اللي كنت بتعملها بعد نص الليل بس كنت بفوت واصبر نفسي وأقول نزوات ومسيرة يفوق ويرجع لعقله ولبيته وأهو كله تسالي، لكن توصل بجاحتك إنك تجيبهم بيتي وعلى سريري، أهو ده اللي مقدرش أسكت عليه أبدًا، انت اللي اخترت تكون دي نهاية حياتنا مع بعض، ها هتختار إيه هتمضي ولا أبلغ البوليس؟

أنهت جملتها بابتسامة سمجة على وجهها ليتملكه الغضب أكثر مما قالته وكاد أن يقترب ومنها ليجدها تلوح بتلك السكين أمامه مرة أخرى وهي تحدثه بتحذير:

- ارجع مكانك أحسنلك انا مش بهزر لو قربت تاني هتلاقي دي في صد رك أنا مبقاش فيه حاجة تهمني، ولا باقية على حاجة أو على حد، خلص واختار عشان معطلش الناس اللي ورايا أكتر من كدا.

نظر خلفها ليرى هؤلاء الصامتون الذين لم يتحدثوا بكلمة منذ دخولهم ووجه حديثه لجاره الذي قلما دار حديث بينهما طوال سنوات جيرتهم:

- ما تتكلم يا استاذ سامي وقولها إن الكلام اللي بتقوله ده والفضايح اللي عايزة تعملها متنفعش وهتضرها هي وأولادنا أكتر ما هتضرني.

كاد أن يرد عليه ولكن زوجته سبقته ناهية الحديث:

- وانت مفكرتش ليه فيها هي وأولادك  قبل ما تعمل كدا؟ استاذ أحمد أظن اللي ضحى بتعمله ده رد فعل منطقي جدا للي عملته حضرتك وهي حرة تاخد القرار اللي يعجبها احنا هنا بس عشان نساندها في أي قرار تاخده.

نظر إليها شرزًا ثم وجه حديثه لزوجها مرة أخرى:

- عاجبك الكلام اللي المدام بتقوله ده يا أستاذ سامي؟

رد سامي بعد أن زفر بانزعاج لكل ما يحدث:

- والله أنا مش عارف أقولك ايه يا أستاذ احمد بس انت حطيت نفسك وحطيتنا كلنا في موقف صعب محدش يحب يكون فيه وانا شخصيا لو حبيت اتكلم وابدي رأيي في الموضوع هيجي على دماغي صدقني.

قال ذلك وهو ينظر لزوجته التي وجدها تنظر إليه عاقدة زراعيها حول صد رها ورافعة إحدى حاجبيها ليعيد نظره الى أحمد مرة أخرى وهو يزدرد ريقه مردفًا:

- انا رأيي ان الموضوع بينكم حلوه بالطريقة اللي تعجبكم واللي يريح مدام ضحى طبعا.

لحق نفسه وقال جملته الأخيرة قبل أن يطوله غضب زوجته، هو ليس ضعيف الشخصية أمامها، ولكن هناك بعض المواقف التي يجب أن يتعامل معها بعقلية المحامي المهادن فالدفاع عن زوج خائن الآن ما هو الإ اعتراف ضمني منه بالخيانة وهو في غنى عن مشاحنات لن تنتهي وليس لها أساس من الصحة لمجرد أن جاره قد خان زوجته فيكفيه الأيام القادمة التي يعلم أنها ستكون الأصعب على الإطلاق وعليه تأهيل نفسه للرد على جميع شكوك زوجته تجاهه والموافقة على جميع اجراءاتها الاحترازية بداية من التفتيش في هاتفه نهاية بمجيئها لمكتبه فجأة و في اوقات متفرقة لمعرفة ماذا يفعل ليتمتم بينه وبين نفسه:

- منك لله يا أحمد انت ومراتك هعيش أيام سودة بسببكم انا عارف.

نظرت ضحى الى زوجها وتحدثت بنفاذ صبر:

- كل اللي بتعمله ده مماطلة فارغة ومش هتجيب أي نتيجة وانا مش هغير رأيي مهما حصل، اخترت إيه بقى انجز احنا مش هنقعد هنا طول اليوم.

زفر بحدة ولكنه تحدث بهدوء ينافي تلك البراكين المشتعلة بداخله فالغضب الآن لن يفيده بشيء فيجب عليه التصرف بحكمة وعقل حتى يخرج من هذا الموقف فيكفيه ما حدث:

- ماشي يا ضحى هعملك اللي انتي عايزاه بس بلاش طلاق خدي الشقة وهمضيلك على الورق اللي يعجبك بس بلاش نخرب البيت ادي لنفسك مهلة وفكري، انتي دلوقتي في وقت غضب ومش هتقدري تاخدي قرار صح خدي وقتك في التفكير ولو فضلتي مصممة عالطلاق هطلقك بس فكري الأول.

- لا هتطلقني ودلوقتي والفيديو ده هيفضل معايا لحد ما العقود دي تتسجل في الشهر العقاري بكره الصبح عشان متفكرش تلعب بديلك كدا ولا كدا.

هل أصبح الآن بين شقي الرحى حسنًا فليفعل ما تريده الآن ولكنه سيحاسبها على ما فعلته الآن لاحقًا هو واثق من عشقها له فلينفذ مطالبها الآن وسيجعلها تندم على كل ذلك أشد الندم.

نظر إليها نظرات مليئة بالندم استطاع تزييفها بسهولة وقام بتثاقل ووقع على جميع الأوراق وعيناه لم تفارق عيناها عله يستطيع التأثير عليها ثم تحدث بقلة حيلة:

- أديني مضيت على الورق اللي انتي عايزاه ممكن ألبس هدومي بقى ولا هقعد قدام المأذون بالبوكسر.

نظرت البيه بتقزز وأخبرته بازدراء:

- اتفضل البس.

وجهت حديثها لعهد مرة أخرى:

- وانتي يا أمورة هتفضلي تعيطي كدا كتير مش عايزة تروحي بيتكم ولا عجبتك القاعدة هنا؟

وكأنها ألقت إليها بطوق النجاة هل ستتركها حقًا فعقبت باندفاع:

- بجد هتسيبيني أمشي؟

أجابتها بتهكم:

- اومال هتباتي هنا ولا إيه! انتي كمان قدامك حل من اتنين واختاري اللي يعجبك.

أحست بإحباط ونظرت إليه بعيون منكسرة قد تورمت من كثرة البكاء:

- ايه هما؟

ادعت التفكير قليلا ثم نظرت إليها بتشفي فبرغم حالة الانهيار التي هي بها ولكنها السبب في كل ذلك فهي من وضعت نفسها في هذه الحالة فالتتحمل إذن:

- يا أما أتصل بأبوكي يجي ياخدك عشان يعرف بنته بتعمل إيه من وراه ويعيد تربيتك من تاني اللي واضح أنه فشل فيها دا لو كان ليكي أهل من أصله والباشا مش شاقطك من أي رصيف.

قبل أن تكمل وجدتها تنهار أكثر وتتحدث بهزيان من كثرة البكاء:

- لا ابوس إيدك بابا لأ دا ممكن يموتني وحياة ولادك بلاش بابا استري عليا بالله عليكي.

- منا كدا ابقى بستر عليكي لو مش عاجبك الحل ده خلاص مفيش غير الحل التاني وهو انك تخرجي من هنا زي ما انتي كدا وتمشي قدام كل الناس وابقي قابليني لو عرفتي توصلي بيتكم سليمة.

ازداد بكاؤها وهي تتوسل إليها أن ترحمها:

- أرحميني ابوس ايدك انتي معندكيش بنات.

استشاطت غضبًا عند استماعها لتلك الكلمة فزجرتها بصياح:

- اخرسي ومتجيبيش سيرة ولادي على لسانك الو سخ ده تاني بدل ما الغي الحل الأول واخليكي تمشي في الشارع كدا عشان تبقي عبرة لمن لا يعتبر.

لم تجد بدًا من ذلك فالموت أرحم بالنسبة لها من أن تسير عارية فهي لا تجرؤ أن تتحرك من أسفل الغطاء وهي بهذا الشكل فكيف لها أن تسير هكذا فليس أمامها سوى الإذعان لما تقوله هذه المرأة التي لا تكره سواها الآن والتي أرتها من الذل ما لم تعايشه طوال سنوات عمرها ولكنها قررت أن تحاول معها مرة أخرى علها تخفف من هذا الشرط قليلًا فتحدثت بخجل وتلعثم من بين شهقاتها:

- طب، طب ممكن أكلم ماما او أختي هما اللي يجوا بلاش بابا أبوس إيدك.

نفت برأسها وهي تجيب بتصميم:

- لا لازم أبوكي عشان يشوف تربيته عاملة إزاي، اخلصي بقى أنا مش فاضيالك لسة ورايا مأذون وطلاق مش هفضل واقفة هنا طول اليوم.

حسنًا فلتستسلم لقدرها إذًا وليكن ما يكون متمنية أن يكون هذا هو آخر يوم بحياتها فهي لن تتحمل هذا الشعور بالخزي والدونية الذان يملئان روحها الآن فاخبرتها برقم هاتف والدها واسمه لتهاتفه الأخرى على الفور وسمعتها تتحدث بعد أن أجاب والدها على الهاتف:

- ألو، معايا الأستاذ عادل السيد.

❈-❈-❈


توالت اللقاءات في غرفتها فتعود على التسلل إليها ليلًا ليسرقون لحظات من السعادة بعيدًا عن أعين الجميع متناسيين كل ما حولهما وما الذي يمكن أن يحدث لهما إن تم اكتشاف أمرهما فشعور السعادة الذي يغمرهما قد طغى على كل شعور آخر قد يشعران به.

تنام على صد ره العا ري محركة أصابعها بحركات دائرية على صدره اما هو فيخلل شعرها الفحمي بأصابعه ليجدها ترفع رأسها ناظرة إليه وهي تتحدث بحب ظاهر على تقاسيم وجهها:

- إلى متى سنظل نتقابل خلسة هكذا؟ أنا خائفة فإن اكتشف أمرنا فنحن هالكان لا محالة.

لم يحيد بعيناه عنها ولكنه زفر بعمق ولازالت أصابعه تعبث بخصلاتها:

- لا أعلم إلى متى، ولكن ما أعلمه جيدًا انني لم أعد استطيع الاستغناء عنكِ، فلقد أصبحتِ بمثابة الهواء الذي أتنفسه.

- وأنا أيضًا لا أتخيل أن يمضي يومًا دون أن أراك، فلقد أمضيت شهرين بين الأموات وانا بعيدة عنك عدني ألا تبتعد عني مهما حدث.

تبسم لها ضاحكًا وطبع قبــ لة طويلة ما بين عينيها وتحدث بنبرة صادقة:

- أعدك ألا يبعدني عنكِ شيء سوى الموت.

وضعت يدها على شفــ تاه تمنعه من التحدث بالمزيد وتحدثت بانزعاج:

- لا تقل ذلك ثانية، فأنا لا أستطيع أن أحيا بدونك فاليوم الذي ستنتهي فيه حياتك سيكون آخر يوم لي في هذه الحياة أنا أيضًا، ولكني أعدك وقتها أن الموت نفسه لن يستطيع التفريق بيننا فسنظل معا دائما أحياء كنا أم أموات.

تعجب كثيرًا من حديثها هذا ولكنه لم يقف عنده ليقول مغيرًا لمجرد الحديث:

- لا داعي لذلك الحديث الآن دعينا ننعم بهذه اللحظات التي نسرقها من الزمن.

غامت عيناه بالر غبة لينظر إليها نظرات هي تعرفها جيدًا نظرات تدغدغ مشاعرها وتشعرها بأنها أجمل نساء الأرض لتحيد بعيناها عن عيناه فلازال يقتــ لها الخجل كلما نظر إليها هكذا ولكنه أبى ذلك ووضع يده أسفل ذقنها لكي يجعلها تنظر إليه ومال برأسه نحوها يقبــ لها قبلة جامعة ليبث لها خلالها ما بشعر به تجاهها من عشق خالص ليقطع عليهما هذه اللحظة الحالمة  طرقات على باب غرفتها جعلتهما ينتفضان خوفًا من أن يكون قد انكشف أمرهما فمن يكون ذلك الطارق الذي قد يأتي لغرفتها في تلك الساعة المتأخرة من الليل؟



يتبع