-->

رواية تعويذة العشق الأبدي - بقلم الكاتبة سمر إبراهيم - الفصل الثاني عشر

 

رواية تعويذة العشق الأبدي 

بقلم الكاتبة سمر إبراهيم 




الفصل الثاني عشر

رواية 

تعويذة العشق الأبدي 




ستحضرها إلى منزل الأخت

لتدخل ماءكَ بابها

ربما ستكون حِصنها

وربما يصير مذ بحها في كوخها

مهّدْ لها بالغناء والرقص

ثم أسكرْها بالبيرة والخمر


"شعر فرعوني"


❈-❈-❈



تجلس على نار متقدة لا تعلم ماذا حدث لصغيرتها ولا أين ذهبوا بها لا تكف عن البكاء تتخيل  أسوأ السيناريوهات فمشهد ابنتها وهي فاقدة للوعي ومضرجة بدمائها لا يغيب عن ذهنها،  وما زاد من انهيارها هو عدم رد عهد عليها فلقد هاتفتها مرارًا وتكرارا ولكنها لا تجيب فأخذت تناجي ربها فلقد ضاقت بها كل السبل ولم يبقى لديها سوى الدعاء.


بعد الكثير من المحاولات أخيرا أتاها رد ابنتها فحدثتها بلهفة تشوبها بعض الحدة المختلطة ببكاؤها:


- انتوا فين يا عهد؟ و مبترديش عليا ليه حرام عليكي نشفتي دمي.


- حقك عليا يا ماما والله التليفون كان في جيبي وكنت عملاه صامت مخدتش بالي منه إلا دلوقتي.


قالت ذلك بأسف شديد ليأتيها رد والدتها المتلهف:


- المهم طمنيني على أختك عاملة إيه دلوقتي؟ وانتوا فين؟


نظرت بأسف إلى تلك النائمة من أثر المسكنات  التي أخذتها حتى تقلل من الألم ثم أجابتها لكي تطمئنها:


- متخافيش يا حبيبتي جت سليمة ووعد بخير الحمد لله.


- بجد يا عهد ولا بتطمنيني وخلاص.


إبتسامة بسيطة ارتسمت على وجهها وهي تجيبها:


- بجد والله يا حبيبتي وعد بخير وكلها يومين تلاتة بالكتير وترجع احسن من الأول.


لم تقتنع كثيرًا بحديث ابنتها فلقد رأتها وهي مخضبة بالدماء وفاقدة للوعي فعقبت على حديثها بشك:


- طب هاتي أكلمها عشان اتطمن عليها بنفسي.


حدثتها بصدق وهي تقسم لها بأنها بخير لكي يطمئن قلبها:


- نايمة والله يا حبيبتي وصدقيني هي بخير والدكاترة طمنتني متخافيش.


- طب انتوا قي أنهي مستشفى عشان أجيلكم؟


- خليكي يا ماما متتعبيش نفسك.


ضربت على صدرها وهي تعقب على حديث ابنتها بغير رضا:


- متعبش نفسي هو انا هتعب لأعز منكم يا بنتي قوليلي دنا كان على حبة عيني اني مش قادرة أجيلك وانتي تعبانة عايزاني كمان مجيش اشوف اختك قوليلي انتوا فين وانا مسافة السكة وجيالكم.


تعلم انها لن تستطيع اثناؤها عن المجيء فأجابتها بقلة حيلة:


- احنا في مستشفى .... 


عقدت حاجبيها عند سماعها لاسم المشفى الذي تجهله فهي تعلم المشافي الحكومية المحيطة بهم ولكنها اول مرة تسمع اسم هذا المشفى:


- ودي تطلع فين دي يا بنتي أنا أول مرة اسمع اسم المستشفى دي.


- دي في منطقة ... اركبي تاكسي بس وقوليله اسم المستشفى والمنطقة وهو هيجيبك علطول.


أماءت برأسها بتفهم ثم سألتها باهتمام:


- طب ناقصكم حاجة أجيبهالكم وانا جاية.


أجابتها وكأنها تذكرت شيء:


- أيوة يا ماما معلش هاتي بطاقتي وبطاقة وعد وانتي جاية ولو معاكي أي فلوس لاني نزلت من غير ما آخد حاجة معاية مخدتش الا التليفون بس.


- حاضر يا حبيبتي مش عايزين حاجة تانية؟ أكل بطاطين ملايات سرير اللي انتي عايزاه قوليلي عليه وانا أجيبه.


ابتسمت من حديث والدتها وأجابتها بالنفي:


- لا يا حبيبتي متتعبيش نفسك المستشفى هنا فيها كل حاجة.


تعجبت كثيرا من حديث ابنتها فهي تعلم المشافي الحكومية جيدا وكيف تفتقر إلى كل شيء:


- مستشفة إيه دي اللي فيها كل حاجة؟ لهو انا مش عارفة المستشفيات الحكومي واللي بيحصل فيها قولي بس عاللي انتي عايزاه وانا هجيبه.


- احنا مش في مستشفى حكومي يا ماما متقلقيش هاتي بس اللي قولتلك عليه وانتي جاية.


العديد من الأسئلة التي دارت فب ذهنها في هذه اللحظة فمن أين لابنتها من نقود لكي تذهب بشقيقتها إلى مشفى خاص وهي في نفس الوقت تقول لها أنها لم تأخذ معها سوى هاتفها ولكنها أرجأت الحديث عن ذلك حتى تذهب إليها لتفهم كل شيء فعقبت بما لا يستدعي التأخير بالنسبة إليها:


- طب قوليلي بصراحة ومن غير ما تداري عليا حاجة، إيه الكلام الي أبوكي قاله وهو بيضر ب وعد ده؟ هي بجد كانت في شقة مع واحد ولا ده محصلش طمنيني يا بنتي الله لا يسيئك.


لم تعرف بما تجيبها فزفرت بحرقة وحدثتها بتلعثم علها تستطيع طمأنتها حتى تأتي وتشرح لها ما حدث:


- صح ومش صح يا ماما هو فهم غلط مش أكتر لما تيجي إن شاء الله هفهمك كل حاجة.


تنهدت بقلة حيلة قبل أن تعقب:


- ماشي يا عهد مسافة السكة وجيالك.


أنهت المحادثة وذهبت لتحضر ما اخبرتها به ابنتها فوجدت بطاقة هوية عهد حيث كانت تضعها عندما جاء بها زملائها بالعمل مع متعلقاتها الشخصية بعد الحادث وأخذت تبحث عن الخاصة بوعد فوجدت حقيبتها ملقاة بإهمال بجوار باب الشقة ففتحتها وأخرجت منها بطاقة هويتها وما وجدته بها من نقود ووضعتها في غرفتها كما أخذت بعض النقود التي كانت تخبئها عن يد زوجها ولم تنسى أن تأخذ أدوية عهد الاي نسيت أن تذكرها بها على الأغلب أنها نسيت نفسها كعادتها وانشغلت بشقيقتها.


أخذت كل شيء وخرجت من الشقة هابطة على السلم المتهالك الخاص بهم بهدوء حتى لا تتقابل مع جارتها المتطفلة سعاد والتي من سوء حظها تقطن في الشقة الواقعة أسفل شقتها فهي لا تتوانى عن وضع أنفها في كل شيء يخصها او يخص أحد من سكان المنطقة، ولكنها اضطرت أن تتوقف عن المضي قدمًا وزفرت بضيق عندما وجدت باب شقتها يفتح وتخرج منه سعاد وكأنها كانت تنتظر حتى تسمع باب شقتها يُغلق لتخرج لها كعادتها.


حاولت تفاديها وتكملة طريقها للخروج من العقار ولكنها أوقفتها بأن وقفت أمامها وهي تبتسم تلك الابتسامة المتكلفة وتحدثت بينما تمضغ تلك العلكة بطريقة مقززة:


- على فين العزم يا أم عهد.


زفرت بنفاذ صبر قبل أن تجيبها:


- مشوار يختي مسافة السكة وجاية علطول.


أنهت جملتها وكادت أن تذهب من أمامها ولكنها أوقفتها مرة أخرى بعد أن وضعت يديها على كتفيها وهي تعقب قائلة:


- أومال يختي ايه الزعيق والخبط والرزع اللي كان عندكم من شوية ده؟ دا ابو سماح كان نايم في عز النوم وصحى مفزوع على صوت الدلعدي جوزك وهو عمال يزعق وسمعنا الضر ب والهبد خير يختي كفالله الشر طمنيني.


ابتسمت لها ابتسامة صفراء لم تظهر بها أسنانها وحدثتها ببرود ينافي ما تشعر به نحوها:


- عادي يا ام سماح ما انتي عارفة أبو عهد لما زرابينه بتطلع ميتخيرش عن الدلعدي جوزك كدا بالظبط.


نظرت لها بطرف عيناها وهي تردف:


- مش لسة مكسر على دماغكم عفش البيت كله الاسبوع اللي فات ولا انا غلطانة.


تملكها الغيظ من حديث جارتها الذي لا يشفي فضولها  ويذكرها أيضا بما يحدث لها على يد زوجها فعقبت بغضب مكتوم:


- أيوة يختي بس على الأقل مفيش حد من العيال اتشال مرابعة من تحت إيده زي ما حصل معاكم النهاردة مش وعد برضه اللي كانت متشالة وقاطعة النفس من شوية؟ ألا صحيح مين الجدعين اللي كانوا شايلينها دول قرايبكم يختي.


لم تعقب على حديثها الذي استفز كل كل خلية بها فاكتفت بالمرور من جانبها بعد أن ضر بت كتفها بكتف الأخرى بقوة وقالت باقتضاب:


- بالإذن يختي عشان ألحق أروح مشواري ممنهاش لازمة واقفة السلالم دي.


فالتفتت لها بغيظ وهي تمسك بكتفها بألم وتمصمص شفتيها وهي تقول:


- مسم، شوفوا الولية واخدة في وشها ومش عايزة تاخد وتدي في الكلام إزاي حِكَمْ.


أنتهت جملتها وهي تتجه نحو شقتها مغلقة الباب خلفها ولديها تصميم على معرفة ما حدث.


❈-❈-❈


خرجا من المشفى وركبا السيارة دون أن ينطق أحدهما بشيء لينظر مروان بطرف عيناه إلى الجالس بجواره خلف عجلة القيادة ثم تحدث وهو يغمز بإحدى عيناه:


- بس إيه يا عم الحنية دي كلها؟ مكونتش أعرف انك حنين أوي كدا.


نظر إليه الآخر رافعًا إحدى حاجبيه وتصنع عدم الفهم لما يشير إليه صديقه:


- تقصد إيه؟ مش فاهم.


- أقصد إيه! لا يا شيخ، بطل استهبال وقولي إيه الحوار؟


- حوار إيه يبني؟ ما تقول قصدك إيه علطول وبطل لف ودوران.


زفر بعدم صبر وتحدث مضيقًا عيناه:


- ماشي نتكلم علطول، إيه حكايتك مع عهد شايف نظرات وهمسات وحاجات غريبة كدا متدلش أبدا على  إنها بين اتنين مكانوش طايقين بعض من ساعة واحدة بس.


تنهيدة حارة خرجت من صدره وهو ينظر إليه تارة والى الطريق تارة أخرى:


- هتصدقني لو قولتلك مش عارف.


ضيق ما بين حاجبيه مستفهما:


- مش عارف ايه؟


فكر للحظات قبل أن يجيبه بإطناب:


- مش عارف أحدد احساسي ناحيتها فيها حاجة غريبة بتشدني إيه هي؟ معرفش زي ما اكون منوم مغناطيسيًا من ساعة الحادثة وأنا ديما بفكر فيها ولما سابت الأوتيل فجأة كنت حاسس اني هتجنن وحقيقي مش عارف إيه السبب لدا كله احنا متكلمناش مع بعض كلمتين كويسين على بعض الا من شوية بس، غير كدا كان كلامنا كله خناق وعناد وخصوصًا من ناحيتها دا غير...


قال ذلك وصمت ليتعجب الآخر واستحثه على تكملة حديثه قائلا:


- غير إيه؟ 


زفر بعمق وكأن ما سيقوله ثقيلًا على قلبه:


- دا غير الأحلام الغريبة اللي بشوفها كل يوم تقريبا من يوم الحادثة.


عقد حاجبيه مستفهمًا:


- أحلام ايه؟ أنت محكيتليش حاجة عنها.


- عايزني أحكيلك إيه بس؟ اقولك اني من يوم الحادثة وانا بحلم إن انا وهي زي ما نكون في زمن تاني مصر القديمة مثلا لابسين لبس زي اللبس الفرعوني وبنتكلم لغة غريبة اول مرة أسمعها.


ما هذا الهراء الذي يحكيه وكيف يكون ذلك فنظر اليه بغير تصديق ليبتسم الآخر متهكما قبل أن يردف قائلًا:


- مش مصدقني مش كدا؟! طب تعالى أقولك عاللي ميتصدقش بجد بقى تعرف أنها اول ما فاقت من الغيبوبة وأول ما شافتني اتكلمت بنفس اللغة دي ونادتني بالإسم اللي بتناديني بيه في الحلم.


رفع حاجباه غير مصدقًا لما يسمعه من صديقه هل فقد عقله أم ماذا فهذا الحديث لايمكن لعاقل أن يستوعبه ولكنه حاول مجاراته في الحديث قدر ما يستطيع:


- طب انت حكيتلها الكلام ده؟


نفى برأسه معقبا:


- هحكيلها ايه بس يا مروان انت عايزها تقول عليا مجنون ثم إني هحكيلها امتى وفين ما اتت شايف اهه احنا لسة بادئين نتكلم بهدوء من غير زعيق او كلام زي الدبش بتطلعه من بوقها.


قال ذلك ونظر إليه كمن تذكر شيء ثم أردف:


- مقولتليش صحيح مين اللي عمل في أختها كدا؟ وليه رَفَضِت تعمل محضر باللي حصل؟


نظر أمامه بتيه لا يدري بما يجيبه ثم وجه نظره إليه زافرًا بحدة ثم أجاب باقتضاب:


- أبوها اللي عمل فيها كدا.


صدمة حلت عليه ألجمت لسانه للحظات فكيف يمكن لأب أن يفعل ذلك بإبنته فلقد كاد أن يزهق روحها فنظر إليه بذهول وعقب قائلًا:


- انت بتتكلم بجد معقول فيه أب ممكن يعمل في بنته كدا؟


لم يحصل منه سوى عن إماءة برأسه لأعلى ولأسفل مؤكدا على حديثه ليزداد تعجبه فكيف يمكن أن يفعل اب بابنته ذلك مهما كانت الأسباب فنظر إليه مستفهمًا:


- طب معرفتش ايه السبب؟


نظر إليه بطرف عيناه ثم نفى برأسه بارتباك لا يعلم لماذا لم يستطع إخباره بما علم ليحاول تغيير مجرى الحديث فتصنع التلقائية كمن تذكر شيء قائلا:


- مقولتليش صحيح انت ناوي تعمل إيه؟ هترجع الأقصر ولا هتستنى شوية ولا ايه؟


- مش عارف بس شكلي هقعد هنا يومين تلاتة عشان لو احتاجت حاجة وبعد كدا هسافر بضمير مرتاح.


هز رأسه علامة على تفهمه لموقفه ثم عقب مستفهما:


- طب وناوي تقعد فين اليومين دول؟ هتروح الفيلا عند جلال بيه وسوزان هانم ولا إيه.


انتفض كمن لدغه عقرب حال سماعه لحديث صديقه ثم تحدث نافيا برأسه بحركات متتالية:


- لا أبوس إيدك أنا مش ناقص وجع دماغ وياريت ميعرفوش اني هنا من الأساس.


ضحك مقهقها على ردة فعل صديقه فمن الواضح أنهما متشابهان في ذلك فكل منهما يرفض الإقامة في منزل والديه فاستشاط يونس غضبا من ضحكاته التي لا تتوقف فحدثه من بين أسنانه:


- اضحك يا خويا اضحك ليك حق ما انت عايش على مزاجك بعد أهلك ما رموا طوبتك وبطلوا يزنوا عليك عشان ترجع تعيش معاهم تاني.


- أومال ايه أخوك شخصية محدش يقدر يفرض عليه حاجة.


قال ذلك وهو يعدل من ياقة قميصه ثم وضع يده على كتفه مقترحًا:


- طب إيه رأيك تنزل معايا في الفندق وأهو تقضيلك يومين حلوين بعيد عن الزن وعن وش سيلا هانم اللي ما هتصدق تشوفك.


عقد حاحبيه متعجبه من حال صديقه:


- انت لسة برضه مقيم في الفندق ومش عايز تشتري شقة تستقر فيها.


حرك كتفيه بلامبالاة وهو يتحدث:


- واجيب شقة أعمل بيها ايه انا دلوقتي عايش سلطان زماني بلاقي اللي ينضفلي أوضتي ويغسلي هدومي ويعملي أكلي إنما لو جيبت شقة تقدر تقولي مين هيعملي دا كله.


لوى شفتيه استياءً من حديثه معقبا:


- هتفضل طول عمرك متواكل، وليه تستنى حد يخدمك؟ ما تخدم نفسك بنفسك ولا اقولك ياريت تتجوز يكون أحسن.


حدثه بتهكم معقبا على حديثه:


- لا وبصراحة الواد معتمد عل نفسه جدا، طبعا اقول الملام ده لنفسك وتشتري شقة في الأقصر بدل منا قاعد في الأوتيل انت كمان.


- لا معلش انت بتقارن ايه بإيه أنا إقامتي في الأقصر مؤقتة وانت عارف كدا كويس وعارف كمان ان بمجرد ما الأحوال تستقر هناك هرجع القاهرة تاني وساعتها هبقى ما بين هنا وهناك وأكيد مش هشتري شقة وادفع فيها مبلغ وقدرة واقفلها بعد كدا انت بقى حجتك ايه؟ 


تنهد بعمق ونظر إليه بجدية وهو يجيبه:


- انت عارف كويس انها مش حكاية تواكل واني اقدر اخدم نفسي بس انا مش حابب اقعد لواحدي مبحبش كدا وكمان مش بعد تعب طول النهار في الشغل ارجع اعمل كل حاجة في البيت كمان، كدا أريح صدقني ومش معقول أتجوز عشان اجيب واحدة تخدمني الجواز مش كدا أبدا وأكيد هيبقى جواز فاشل لو اتبنى على كدا وبس، والاهم من دا كله مش معقول يبقى عندنا الفندق ومستغلش ده وأهي إقامة وخدمة مجانا هحتاج إيه اكتر من كدا؟


أماء برأسه موافقا على حديثه معقبا:


- عندك حق اقنعتني بصراحة يلا بينا عالفندق لحسن أخوك خلاص جاب آخره وعايز أنام.


- يلا بينا وانا هتصل بيهم يجهزولك السويت اللي جمب بتاعي عشان لما نوصل تطلع عليه علطول.


أنهى حديثه وهو يمسك بهاتفه لكي يتحدث مع مدير الفندق ليشرف بنفسه على تنفيذ ما يريد متمنيا أن تنتهي هذه الليلة بسلام فيكفيه ما رآه وسمعه إلى الآن.


❈-❈-❈


انتهى المأذون من إجراءات الطلاق وأغلق الدفتر الخاص به ونظر إليها بأسف:


- يومين ان شاء الله وتقدروا تعدوا عليا عشان تاخدوا قسيمة الطلاق.


قال ذلك ولملم أشياؤه خارجا من المنزل وتبعه حارث العقار وكادت أمل وزوجها أن يتبعوهم أيضا لولا أن اوقفتهما ضحى قائلة:


- معلش يا أمل انتي وأستاذ سامي ممكن تستنوا شوية على ما يمشي.


أنهت حديثها ثم وجهت نظرها إليه متحدثة بحدة وقوة غريبان عليها:


- ياريت تلم كل حاجة تخصك في الشقة وتتفضل من غير مطرود وميعادنا بكرا ان شاء الله الساعة تسعة الصبح قدام الشهر العقاري وياريت تكون دي آخر مرة أشوف وشك فيها.


نظر إليها بأسف مصطنع فهو بداخله يريد ان يفتك بها وكان يتمنى أن يذهب هذا المتطفل وزوجته حتى يستطيع أن يأخذ بثأر ما فعلته به ولكنها كانت أحرص من ذلك لا يهم فسيأتي ذلك اليوم إن عاجلا أم آجلا وسيقتص منها كما يريد ولكن ليس الآن.


ذهب وجمع أغراضه وغادر وهو ينظر اليها نظرات مليئة بالندم عله يستطيع الحصول على تصديقها ولكنه لم يجد منها سوى نظرات مليئة بالكره والاحتقار فخرج وأغلق الباب خلفه لتتنفس الصعداء فأخيرًا تشعر بأنها أصبحت حرة.


نظرت بامتنان لأمل وزوجها وزفرت براحة وهي تتحدث إليهما بعينان ممتلئتان بالدموع:


- انا مش عارفة أشكركم ازاي يا جماعة على وقفتكم جمبي دي أنتوا لو اخواتي مكونتوش هتعملوا معايا كدا.


اقتربت منها أمل وقامت باحتضانها وهي تمسح على ظهرها وتحدثت بنبرة صادقة:


- طب ما احنا اخواتك يا حبيبتي احنا معملناش الا اللي يرضي ضميرنا وانا متأكدة انك لو مكاني كنتي هتعملي كدا إنتي كمان.


وعند هنا نظر اليها سامي رافعا إحدى حاجبيه وهو يتمتم بينه وبين نفسه:


- لو كنتي مكانها؟ البس يا عم سامي شكلك كدا هتعيش أيام سودة وكله بفضل ست ضحى وجوزها ربنا يصبرني ويعدي الأيام الجاية دي على خير بقى.


للحظات فكرت هل لو كانت مكان أمل بالفعل هل كانت ستتصرف بشجاعة مثلها أم كانت ستصمت كعادتها لتجد أنها في الغالب كانت ستصمت حتى لا تخرب بيت صديقتها لتشعر بالخزي من أفكارها التي تربت عليها وترسخت بداخلها طوال سنوات حياتها والفضل في ذلك يرجع لوالدتها التي زرعت بها تلك الأفكار السلبية والتي لم تجلب لها سوى الألم.


فرقت أمل عناقهما وحدثتها بود لطالما اتسمت به:


- هنسيبك احنا بقى ونطلع، محتاجة مننا حاجة تانية؟


نفت برأسها وهي تعقب:


- لا يا حبيبتى متشكرة وآسفه على العطلة اللي عطلتهالكم.


ابتسمت لها بود وهي تعقب:


- متشكرة إيه؟! وعطلة ايه بس يا بنتي مش لسة قايلالك إننا اخوات وطبعا مش عايزة أأكد عليكي لو احتاجتي أي حاجة احنا موجودين وان شاء الله سامي هيكون معاكي بكرا في الشهر العقاري عشان تخلصي من الحوار ده بقى للأبد وتفضي لأولادك وشغلك.


تفاجأ سامي من حديث زوجته هل تحدثت نيابة عنه الآن أم يخيل له ذلك ولكن ماذا بيده ليفعل فلو رفض ما قالته الآن ستزداد الأيام السوداء سوادًا فوق سوادها فليفعل ما تريده إذن وليتقي شرها.


انتظرت حتى خرجا من منزلها لتطلق لمشاعرها العنان فدخلت في نوبة بكاء شديدة لفترة لا بأس بها فلم يخطر على بالها أن يحدث لها ذلك ولا حتى في أسوأ كوابيسها، فلقد تحملت الكثير والكثير مما لا يستطيع أحد أن يتحمله ليأتي ما حدث ويكون كالقشة التي قسمت ظهر البعير وتكون بمثابة كلمة النهاية التي خطت في نهاية قصتهما.


فلقد تغيرت الى الأبد فلن تكون ضعيفة بعد اليوم ولن تسمح لاحد أن يستضعغها او يفرض عليها شيئًا مهما حدث فلتكن دموعها اليوم هي المرة الأخيرة التي تزرف بها دموعًا من أجله فمن الآن وصاعدا ستكون ضحى أخرى غير التي عهدها الجميع وليكن ما يكون.


انتهت من بكائها ومسحت دموعها بعنف لتتحول نظرة عيناها لنظرة أخرى أكثر قوة وتحدي فليرى الجميع من تكون ضحى فؤاد الجديدة وكيف ستقف أمام الجميع مهما كان صلته بها فلن يفرض عليها احد رأيه من الآن فصاعدًا.


لم تستطع المكوث أكثر من ذلك فأخذت حقيبتها وخرجت من الشقة عائدة لمنزل والدتها لتفكر كيف يمكنها اخبارها بما حدث وهل ستخبرها بما فعله أم ستكتفي باخبارها بخبر طلاقهما فقط هي حقا لا تعلم ولكن ما تعلمه جيد هو أن والدتها لن تتقبل فكرة طلاقها بسهولة فهي على يقين من أنها إن علمت بما حدث سيكون ردها أنها هي المخطئة وهي من تركت منزلها معطية الفرصة لامرأة أخرى لكي تأخد مكانها نعم هذه هي والدتها التي لم ولن تتغير مهما حدث فلتقل ما تريده إذن فلقد اكتفت من سماع تعليماتها المليئة بالخضوع فلن تسمع سوى صوت عقلها عي من الآن فصاعدًا.


❈-❈-❈


بعد مرور أسبوع


تستعد الآن للخروج من المشفى بعد أن أزال الطبيب الغرز الجراحية من رأسها وزراعيها  وظهرها أيضا وأعطاها الأدوية اللازمة للاتئام الجروح والأدوية التي ستعمل على إزالة أثرها أيضا ولكن لابد من التئام الجروح بالكامل أولا قبل استعمالها.


تقف أمام مرآة المرحاض الملحق بالغرفة لتشاهد ما حدث لجس دها عيناها تزرف الدموع بلا توقف خاصة عندنا رأت رأسها وما حدث لها بعد إزالة أجزاء كثيرة من شعرها ليستطيع الاطباء تقطيب الجروح.


وضعت يدها فوق فمها تبكي صمتًا وقهرًا على ما وصل إليه حالها وازداد بكاؤها عندما تذكرت معاملة عهد الجافة لها ونظرات اللوم التي تنظر بها إليها كلما التقت عيناهما فبرغم مكوثها معها طوال الاسبوع الفائت وإهمالها لألم قدمها الذي تلاحظه بوضوح خاصة حينما تحاول الوقوف أ والسير وبرغم كونها لم تتركها ولو للحظة واحدة إلا أنها تشعر بنفورها منها وتجنب النظر إليها فأصبح لديها يقين بأنها لم ولن تسامحها على ما فعلته، فكيف تستطيع مسامحتها وهي نفسها لم تسامح نفسها على ما فعلته فلقد كانت ضعيفة سازجة يتلاعب بها هذا الحقير كالدمية بين يديه.


 أخذت تسأل نفسها ترا كم مرة سخر منها بداخله وهو يقوم باستغلالها بهذا الشكل المقزز وهي كالبلهاء تمشي خلفه معصوبة العينين تفعل ما يريد دون قول او شرط ليحولها مع الوقت لشخص لا تعرفه؟ فلقد استطاع وبنجاح أن يحولها الى عا هرة تلبي جميع مطالبه دون قيد أو شرط وهذا ما حصدته في النهاية جس د مشوه وأخت وأم لا يريدون النظر الى وجهها فلقد أصبحت منبوذة من الجميع فلم الحياة إذن ولمن ستحيا مادامت أصبحت منبوذة من الجميع حتى من نفسها.


للحظات استجمعت شجاعتها وأتت بذلك المشرط الطبي الذي خبأته في جيب منامتها قبل دخولها إلى المرحاض، فأمسكت به بأيد مرتعشة ووضعته فوق رسغها الأيسر وهي تجاهد أن ترى جيدا فلقد أصبحت الرؤية ضبابية أمامها من كثرة البكاء.


رفعت يدها الممسكة بالمشرط ومسحت دموعها لكي تستطيع أن ترا جيدا ووضعته مرة أخرى فوق رسغها ولكنها رفعت يدها سريعا عندما رأت الدماء بدأت أن تخرج من يدها فوجدت نفسها تبكي من جديد ولا تستطيع أن تأخذ أنفاسها فجلست فوق غطاء المرحاض تحاول تهدئة روعها وتنظيم أنفاسها لتعيد المحاولة مرة أخرى ولكن بإصرار شديد هذه المرة على أن تنهي حياتها ولكن وقبل أن يقطع المشرط شريان يدها انتبهت على على صوت طرقات على الباب فتجاهلتها مقررة إنهاء ما بدأته ولكنها تفاجأت بفتح باب المرحاض لتسمع صوت صرخات هي تعلم صاحبتها جيدًا:


- استني يا وعد أوعي تعملي كدا.


وكان ذلك آخر صوت تسمعه قبل أن تفقد وعيها دون أن تدري لكم من الوقت.


❈-❈-❈


اسبوع مر على ما حدث والي الآن لا تستطيع استيعاب ما حدث فكيف يمكن لشقيقتها الخجولة التي تخشى من ظلها أن تفعل ذلك؟ كيف يمكنها التفريط في شرفها وقيمها وما ربتها عليه بهذا الشكل المخزي؟ تكاد ان تجن كلما تذكرت ما حدث وكيف كانت ستفقد شرفها للأبد في لحظة لولا تدخل القدر هذا إن كانت صادقة بالفعل وكانت هذه المرة الأولى التي يختلي بها هذا الحيو ان الذي لا يملك مثقال ذرة من الشرف والضمير

فهي لم تعد تثق بها بعد ما فعلته ولا تعتقد أن تعود الثقة بينهما كسابق عهدها فلقد كسرتها الى الابد.


هل هذه هي طفلتها الصغيرة التي ربتها وكأنها ابنتها؟ هل قصرت في شيء؟ هل هي السبب في إتلاف أخلاقها كما يدعي هذا المدعو بوالدها؟ هل ابتعادها هو السبب كما أخبرتها هي مما جعلها صيد سهل اصطياده؟ 


الكثير والكثير من الأسئلة التي أتت على ذهنها فكادت أن تجن من فرط التفكير فيما حدث فطوال الاسبوع الماضي وهي تحاول ان تجد إجابة لتلك الأسئلة ولكن دون جدوى مما جعلها تتجنب النظر في عيناها فكلما نظرت اليه يؤنبها ضميرها ويخبرها بأنها السبب فيما حدث لها.


تنهيدة حارقة خرجت من صدرها واغرورقت عيناها بالدمع لما وصل إليه حالهما فها هي عاجزة لا تستطيع السير بشكل صحيح هذا فضلا عن الألم الذي تشعر به في قدمها أما عن شقيقتها فحدث ولا حرج فالجروح والكدمات تملأ جس دها ورأسها ولا تعلم هل ستترك أثر أم لا وكأن أحدهم قد ألقى عليهما تعويذة شقاء لكي لا ينعمان في حياتهما أبدا.


تمتمت بتهكم عندما وردت هذه الفكرة الى عقلها:


- تعويذة إيه ونيلة إيه بس دا انت شكلك لسعتي عالآخر يا عهد.


نظرت في ساعة يدها لترى أن شقيقتها قد تأخرت للغاية داخل المرحاض فذهبت وطرقت على الباب عدة طرقات ولكنها لم تتلقى إجابة فقررت فتح الباب لتجد آخر ما كانت تتوقعه فكادت الصدمة أن تشل حركتها وتلجم لسانها ولكنها قاومت ذلك بشدة ليخرج صوتها صارخًا لتحاول اثناؤها عما تحاول فعله قبل فوات الأوان:


- استني يا وعد أوعي تعملي كدا.


هرولت إليها قدر استطاعتها متحاملة على قدمها لتجدها فاقدة للوعي وقد سقط من يدها ذلك المشرط الطبي التي حاولت إنهاء حياتها به وتوجد قطرات من الدماء تتساقط من رسغها فأسرعت بمسح تلك القطرات للتأكد من مقدار الجرح ولكنها تنفست الصعداء عندما وجدته جرح سطحي فذهبت لإحضار بعض من الضمادات المستخدمة في التغيير على جروحها وضمدت الجرح ولكنها فشلت في إفاقتها فذهبت لاستدعاء المساعدة من العاملين بالمشفى الذين جاءوا على الفور وقاموا بحملها إلى الفراش وعمل اللازم لإفاقتها وبعد نحاحهم في ذلك تحدث الطبيب الى عهد خارج الغرفة وبعملية شديدة:


- بصي يا آنسة عهد من الواضح إنها اتعرضت لصدمة كبيرة مخلياها رافضة اللي حصل وفي الغالب هي رافضة الحياة كمان ودا سبب الاغماءات المتكررة اللي حصلتلها من يوم الحادثة لحد النهاردة عشان كدا أنا بنصح حضرتك انكم تلجأوا ل Psychiatrist "طبيب نفسي" يحاول يساعدها و يخرجها من الحالة دي لأنها ممكن تطور  لاكتئاب ممكن يوصل بيها لميول انتحارية وياريت تفضل في المستشفى اكتر من كدا  عشان تبقى تحت ملاحظتنا ولو حابة ممكن يشوفها دكتور كويس ويتابع حالتها حتى بعد خروجها من المستشفى.


نظرت إليه بتيه والدموع تغرق وجهها وأماءت له برأسها مجيبة باقتضاب:


- اعمل اللي حضرتك شايفه في مصلحتها يا دكتور.


قالت ذلك وتركته ودخلت إليها لتراها تحملق في سقف الغرفة دون حركة لولا صد رها الذي يعلو ويهبط لظنت أنها قد فارقت الحياة بالفعل.


قربت الكرسي من الفراش وجلست عليه ثم وضعت يدها على رأسها تمسدها بحرص دون المساس بجروحها ثم حدثتها من بين بكائها:


- ليه عملتي كدا يا وعد؟ هونت عليكي تعملي فيا كدا؟


لم تحصل منها سوى على نظرة خاطفة من طرف عينها وعادت لتنظر للسقف مرة أخرى.


استمرت في تخليل شعرها وهي تحدثها بحنان وصوت يغلب عليه البكاء:


- مش عايزة تتكلمي معايا طيب وتفتحيلي قلبك وتحكيلي حاسة بإيه وليه كنتي عايزة تموتي نفسك وتسيبيني؟


رأت الدموع تنزل من عينيها دون توقف ودون أن تصدر صوت ليزداد بكائها أكثر وأكثر على ما وصل إليه حال شقيقتها فوضعت يدها على يدها وتحدثت بتصميم:


- بس انا مش هسيبك حتى لو انتي عايزة تسيبيني انا مش هسمحلك وأوعدك إننا هنعدي الأزمة دي مع بعض بس انتي كمان عشان خاطري اوعديني انك مش هتعملي كدا تاني.


نظرت اليها واكتفت بإماءة من رأسها لأعلى ولأسفل فاحتضنتها عهد بحرص وهي تبكي لتستمع الى بكاؤها هي الأخرى فزفرت بقليل من الراحة لاستجابتها الطفيفة لحديثها معها فتركتها تبكي داخل أحضانها دون قول شيء علها تخرج ولو القليل مما يعتمل في صد رها حتى يراها الطبيب ويخبرها كيف تتعامل معها.


❈-❈-❈


لا يعلم شيئًا عنها سوى عنوان سكنها المدرج في بطاقة هويتها وعملها كصيدلانية فعزم الأمر بعد مرور أسبوع على الحادث أن يذهب إلى محل سكنها ليعيد إليها بطاقتها فهو لا يريد منها شيء.


وقف مترددا أمام العقار فوجد حارث العقار يجلس على الكرسي المخصص له يدخن لفافة تبغ وبيده الأخرى يحمل كوب من الشاي واضعًا قدم على الأخرى ويقوم بهز قدمه وهو يدندن بلحن من ألحان الفولكلور الصعيدي.


هز رأسه وهو يتمتم بصوت منخفض:


- دا إيه المزاج العالي ده.


اقترب منه وعلى وجهه ابتسامة وقورة وحياه بتلقائيه:


- مساء الخير يا بلدينا، اسم الكريم ايه؟


وقف ليرد إليه التحية واضعا يده على صدره:


- مسا الفل يا سعادة البيه، محسوبك عبد الجادر وبيجولولي يا عبده، أومرني كيف أجدر أخدمك؟


- تشرفنا يا عم عبده.


قال ذلك وهو يخرج علبة سجائرة غالية الثمن مخرجًا إحداها وأردف وهو يمد يده بها إليه:


- اتفضل سيجاره.


أخذها منه ووضعها خلف أذنه وعلامات السعادة بادية على وجهه وعقب بتملق:


- من يد منعدمهاش، أومر يا بيه أني تحت أمرك.


حمحم بقليل من التردد قبل أن يجيبه:


- بصراحة أنا جاي أسأل عن واحدة اسمها الدكتورة ضحى عزمي هي ساكنة هنا مش كدا؟


تعجب الرجل كثيرًا من سؤال هذا الغريب عنها خاصة بعد ما حدث لها منذ بضعة ايام فعقب عاقدا حاجبيه:


- خير يا بيه؟ فيه حاجِة ولا إيه؟


أخرج من جيبه عملة ورقية ذات الفئة الأكبر الموجودة الآن وحدثه وهو يمسك بيده ويضعها بها:


- لا أبدا يا راجل يا طيب مفيش حاجة كل خير ان شاء الله هي بس لها أمانة عندي وعايز أديهالها.


حاول الر جل ارجاعها إليه مرة أخرى ولكنه أبى ذلك فقام بوضعهة بجيب جلبابه ثم عقب قائلًا:


- والله يا بيه مخبيش عليك الست ضحى من ساعة اللي حصل السبوع اللي فات وهي جافلة شجتها وجاعدة عند الست والدتها ومجاتِش الشُجة من يوميها.


عقد حاجبيه مما استمع إليه ففي الغالب هذا نفس اليوم الذي قابلها به وكان واضح عليها انها في حالة غير طبيعية ولكنه لم يقف عند ذلك ولم يريد أن يستفسر عما حدث رغم الفضول الشديد الذي تملكه لمعرفة ما حدث ولكنه شيء لا يخصه على أية حال فوجه حديثه للرجل مرة أخرى قائلًا:


طب متعرفش مكان شغلها أو عنوان والدتها لأني محتاج أقابلها ضروري.


أخذ يفكر لبرهة قبل أن يخبره بما يعرفه من معلومات:


- اللي أعرِفُه يا بيه انها بتشتغل الصبح في مشتشفى حكومي كانت جالتلي عليه جبل إكده عشان أروح اكشف على مرتي وأصرفلها العلاج من هناك من غير فلوس اسمها ايه اللهم صل عالنبي؟ آه اسمها مشتشفى .... وبالليل شغالة في أجزخانة جريبة من اهنه اسمها أجزخانة الدَكتور ...


شكره كثيرًا وقام بإخراج ورقة أخرى من جيبه من نفس فئة الورقة الأولى وأعطاها إليه ثم تركه عازمًا على الذهاب إليها غدا في مكان عملها لينتهي من ذلك الأمر.


❈-❈-❈


أنهت عملها في الصيدلية مساءً لتتوجه لمنزل والدتها منهكة ليس من كثرة العمل فحسب ولكن من ضغط كل من حولها عليها بعد علمهم بخبر طلاقها خاصة والدتها وأشقائها لم تخبر أحد بسبب طلاقها سوى والدتها والتي كانت تحاصرها بالأسئلة طوال الوقت لتعلم سبب طلاقها فالضر ب والاغت صاب ليسا سببان كافيان لطلب الطلاق من وجهة نظرها فلم تجد بد من مصارحتها بما حدث على أمل ان تجد منها بعض الدعم في قرارها ولكنها فاجأتها بردها كالعادة حينما قلبت عليها الطاولة وأشعرتها بأنها السبب بما حدث:


"منا ياما حذرتك وقولتلك ان اللي بتعمليه ده غلط وسيبانك البيت عمال على بطال بالشكل ده هيخليه يروح لغيرك بس أقول ايه بس مبتسمعيش كلامي لا وكمان بدل ما تعششي على جوزك وتحتويه رايحة تفضحيه قدام الجيران وتطلقي كمان عشان تسبيه للبت التانية على طبق من دهب انتي اكيد اتجنني عشان تعملي كدا.


جحظت عيناها واحتلت الصدمة تقاسيم وجهها من هول ما سمعت فحديث والدتها فاق جميع توقعاتها فعقبت على حديثها بانفعال:


- هو ده اللي قدرتي تقوليه بعد كل اللي حكيتهولك؟ يعني عايزاني أعرف انه جايب واحدة في شقتي وعلى سريري ومتكلمش ومفتحش بوقي واسيبه يعمل اللي يعمله؟ أنا بجد مش مصدقاكي.


ردت عليها بحدة مماثلة لحدتها:


- أومال عايزاني أقولك؟ ايه اسقفلك واقولك برافو عليكي خربتي بيتك وسمعتي للي يسوى واللي ميسواش وسيبتي جوزك لواحدة تانية.


ضيقت عينيها وهي تستعيد كلماتها في ذهنها مرة اخرى معقبة بذهول:


- اللي يسوى واللي ميسواش؟ تقصدي مين بكلامك ده؟


- اقصد العقربة وجوزها يختي اللي ساعدوا على خراب بيتك وبدل ما يسكتوا ويخلوهم في حالهم كلموكي وقالولك عاللي شافوه عشان تخربي بيتك وتنفعي جوزها المحامي اللي بيكسب من خراب بيوت الناس.


خيبة أمل احتلت كيانها فلم تصدق ان هذا الحديث يخرج من فم والدتها التي من المفترض أن تقف بجوارها وتدعهما في أي قرار تتخذه فنظرت إليها بعيون مليئة بالدموع وحدثتها بانكسار:


- انا بجد مش مصدقاكي ومش مصدقة انك أمي سيبتي ايه لحماتي بقى لما انتي اللي بتقولي الكلام ده؟ كنتي عايزاهم يعملوا ايه؟ يخبوا عليا وأعيش مغفلة طول عمري وهو بيجيب العا هرات شقتي وعلى سريري؟ ولا كنتي عايزاني أعرف وأسكت ولا كأني عرفت حاجة؟


أجابتها بتصميم على أنها على صواب وانها لا تريد سوى مصلحتها:


- والله أهالينا علمونا كدا الست الشاطرة هي اللي تحافظ على بيتها وجوزها وتستحمل مهما حصل وتشوف هي مقصرة في ايه وتصلحه عشان ترجع جوزها لحض نها من تاني وتربي ولادها في حضن أبوهم مش تعمل زي الستا ت الخايبة اللي بتيجي في التليفزيون والفيسبوك و تروح تطلق وتسيب الجمل بما حمل.


أنهت حديثها واقتربت تربت على كتفها وأردفت بصوت منخفض:


- يا بنتي أنا عايزة مصلحتك مهما كان اللي بيعمله أحسن من إنك تاخدي لقب مطلقة صدقيني نظرة الناس ليكي هتتغير وهيبصولك بصة مش كويسة الرجا لة هتطمع فيكي والستا ت هيخافوا على اجوازتهم منك وهتحسي مع الوقت انك إتسرعتي في قرارك ده فكري في كلامي كويس من غير عِند هتلاقي عندي حق في كل اللي قولته.


لم تعقب على حديث والدتها فأخذت حقيبتها وخرجت من المنزل لتركب سيارتها وتقودها دون وجهة محددة علها تستطيع نسيان ما سمعته الآن من والدتها فهي لن تعود في قرارها مهما حدث"


أفاقت من ذكرياتها على صوت أبواق السيارت فلقد أعطت إشارة المرور الضوء الأخضر ولكنها لم تنتبه لذلك وظلت واقفة مكانها ليتعطل المرور وتتراكم السيارات من خلفها.


استأنفت القيادة مرة أخرى عائدة الى منزل والدتها عاقدة العزم على أن تعود بأطفالها الى منزلها مرة أخرى أن حدثتها والدتها عن الرجوع إليه ثانية حتى وإن كلفها الأمر أن تترك عملها ليلا لكي لا تضطر إلى ترك أطفالها عندها.


صفت السيارة أمام العقار وصعدت الى الشقة ولكنها تفاجأت به عندما فتحت الباب جالسًا مع والدتها يتحدثان وعلى وجههما ابتسامة أشعرتها بالتقزز وخاصة بعدما وجدته يضع سليم وأيسل على قدميه ورأتهم ممسكين بهدايا جديدة وعلى وجههم الكثير من السعادة.


تهكمت بداخلها مما تراه فمنذ متى يقترب من الأولاد لهذه الدرجة بل ويجلب لهم الهدايا أيضا يا له من ثعبان متلون.


لاحظوا دخولها فهرع الطفلين إليها ممسك كل منها بهديته وحدثوها بحماس طفولي:


- شوفتي يا مامي بابي جابلنا إيه دا غير حاجات تانية كتير حتى شوفي.


قالا ذلك وهما يشيران الى العديد من الحقائب الموضوعة بجواره فنزلت لمستوى طولهما وهي تتحدث بابتسامة جاهدت لخروجها طبيعية:


- الله حلوين أوي يا حبايبي قولتوا لبابي شكرًا على الحاجات الجميلة دي.


حركا رأسيهما يمينا ويسارا لينفيا حديثها فاردفت بعتاب مصطنع:


- دا كلام؟ روحوا يلا اشكروه وخدوا حاجاتكم وادخلوا أوضتكم اتفرجوا عليها.


استجابا لها بالفعل وذهبا لتنفيذ ما طلبته منهما وأخذا الحقائب ودخلا غرفتهما بالفعل ونظرت إلى والدتها نظرات ذات مغزى فهمتها هي جيدًا فنهضت  وهي تبتسم له بود:


- معلش بقى يا احمد يبني ميعاد نومي جه وطبعا انت مش غريب واهه أسيبكم تتكلموا براحتكم وربنا يهدي النفوس.


ابتسم لها ابتسامته المصنعة التي تحفظها ضحى عن ظهر قلب ثم حدثها بود زائف:


- اتفضلي طبعا يا ماما وزي ما قولتي انا مش غريب تصبحي على خير.


- وانت من أهل الخير يا حبيبي.


قالت ذلك وهي تتجه نحو غرفتها ولكنها توقفت أمامها لبرهة متحدثة من بين أسنانها بصوت منخفض حتى لا يسمعه هو:


- اتلمي كدا واتكلمي معاه عدل الرا جل عرف غلطته وندم عاللي عمله وناوي يعوضك عن اللي فات وانا بستفتهولك عالآخر عشان ميكررش اللي عمله ده تاني.


أنهت حديثها بنظرة محذرة من عيناها ثم تركتها لتتجه إلى غرفتها تاركة لهم المجال ليتحدثا سويا عله يستطيع إقناعها بالرجوع إليه.


اقتربت منه لبضع خطوات وهي واضعة يديها حول صد رها وحدثته بتحفز:


- خير إيه اللي جابك؟ أفتكر إننا نهينا كل حاجة بينا يوم الشهر العقاري وقولتلك اني مش عايزة اشوف وشك تاني جاي عايز ايه دلوقتي؟


نهض من على مقعده واقترب منها وهو ينظر لها نظراته المليئة بالحب التي كانت تؤثر بها قديما وتحدث ببحته المميزة:


- وحشتيني انتي والأولاد قولت آجي أشوفكم.


ضحكة متهكمة خرجت منها وهي تنظر إليه وعقبت بسخرية:


- من امتى الكلام ده؟


اقترب منها بضع خطوات أخرى فصرخت به بطريقة لا إرادية:


- خليك عندك متقربش أكتر من كدا.


غضب كثيرًا من ردة فعلها ولكنه استطاع كتم غضبه بصعوبة شديدة فكل ما كان يتمناه الآن أن يكونا بمفرديهما ليذيقها ما تستحق بسبب ما فعلته به ولكن لينتظر قليلا فكل شيء سيأتي بموعده.


رفع يديه باستسلام أمامها وتحدث بأسف مصطنع:


- متخافيش يا ضحى مش هعملك حاجة صدقيني.


أنهى حديثه ونظر أرضًا ثم نظر إليها مرة أخرى مضيقا عيناه وتحدث بأسف:


- صدقيني يا دودو أنا اتغيرت اللي حصل بينا غيرني ونفسي نرجع تاني ونربي أولادنا مع بعض وساعتها هتعرفي أنا اتغيرت قد ايه، أنا سيبتك الاسبوع اللي فات دا كله عشان تهدي وتقدري تفكري كويس وتحكمي عقلك أنا لسة بحبك وشاريكي رغم اللي عملتيه معايا بس حقيقي معرفتش قيمتك إلا لما حسيت اني خسرتك بجد سامحيني المرادي ولو لقيتيني متغيرتش اعتقد انك معاكي الضمانات الكافية اللي تخليكي تحسي بالأمان بس خلينا نرجع وجربي مش هتخسري حاجة.


نظرت اليه وهي تميل برأسها ناحية اليمين ووجها بدون أية ملامح مقروءة وعقبت على حديثه باقتضاب:


- خلصت كل اللي عندك؟


صُدم من ردها اللامبالي فحمحم بحرج واضعا يده على مؤخرة رأسه مستفهمًا:


- هو ده ردك على كل اللي قولته؟


عدلت من وضع رأسها وهي تنظر إليه نفس النظرات الفارغة وأعادت عليه سؤالها مرة أخرى:


- خلصت كلامك ولا لسة عندك كلام تاني؟


زفر بضيق وتحدث بنفاذ صبر:


- أيوة يا ضحى خلصت كلامي رأيك إيه بقى في الكلام اللي قولته موافقة نرجع لبعض ونفتح صفحة جديدة وننسى اللي فات؟


ذهبت وجلست أمامه واضعة قدم فوق الأخرى وتحدثت بلامبالاة:


- طيب طالما خلصت كلامك وأنا شايفة ان ماما قامت معاك بواجب الضيافة تمام التمام تقدر دلوقتي تتفضل من غير مطرود.


قالت ذلك وهي تشير إلى باب المنزل فجحظت عيناه مما استمع إليه منها هل قامت بطرده الآن أم يخيل له ذلك ما هذا الهراء الذي تتفوه به منذ دخولها وكيف يمكنها أن تتغير هكذا في تلك المدة القصيرة فقد اعتاد عليها خا ضعة خانعة تقبل بالفتات منه دون أن تنطق بشيء فما الذي حدث لها وكأنها تحولت لامرأة أخرى لا يعرفها ولكن هذه النسخة تعجبه أكثر فالتحدي صعب هذه المرة ولكن ليس عليه هو، فسيستمتع بترويضها مرة أخرى لتعود طوع أمره بل وتحت أقدامه أيضا.


نظر إليها متصنعا الحزن والصدمة من حديثها ثم حدثها بصوت منكسر مختنق بالبكاء:


- ماشي يا ضحى أنا هعمل اللي انتي عايزاه وهمشي دلوقتي بس أوعدك اني مش هيأس لحد ما تسامحيني وأنا متأكد ان هيجي اليوم اللي هتسامحيني فيه ولحد ما يجي اليوم ده أنا هصبر وهحاول اثبتلك بكل الطرق اني اتغيرت بجد مش كلام وخلاص وإني استاهل حبك واستاهل تديني فرصة تانية.


أنهى حديثه وتوجه نحو باب الشقة مغلقًا الباب خلفه وهو يلقي عليها نظرة أخيرة، لتزفر براحة حال خروجه من المنزل فلقد كانت تشعر وكأن هناك حجر جاسم على قلبها طوال مدة وجوده أمامها وكأنه كان يسحب جميع ذرات الأكسجين الموجودة في الجو، الغريب في أمرها أنها لا تعلم حقًا متى تحول هذا الحب الذي كانت تكنه له الى كر ه يوازي أضعاف مضاعفة ما كانت تشعر به من حب تجاهه.


تنبهت على صوت والدتها تحدثها وهي تنظر يمينا ويسارا:


- إيه؟ احمد مشي ولا إيه؟


زفرت بضيق وهي تجيبها:


- ايوة يا ماما لسة ماشي حالا.


سألتها بلهفة لتعلم ما حدث:


- طب طمنيني عملتوا إيه؟ اتصالحتوا الحمد لله ولا لسة؟


اجابتها بضيق لتنهيها عن الحديث في هذا الأمر:


- ماما من فضلك ياريت متتكلميش في الموضوع ده تاني ولو يا ستي قعدتنا معاكي هي اللي مضايقاكي أوي كدا انا من بكرا الصبح ان شاء الله هاخد الولاد ونرجع شقتي تاني واعملي حسابك انا مش هرجع لأحمد لو انطبقت السما عالأرض ودا آخر كلام عندي  عن اذنك بقى انا داخلة أنام عشان طالع عيني في الشغل من الصبح.


أنهت حديثها وتوجهت الى غرفتها دون انتظار رد منها تاركة إياها في حالة صدمة من حديثها الذي كان خارج كل توقعاتها.


❈-❈-❈


شعور بالغثيان يسيطر عليها منذ فترة لا تعلم سببه هذا بالإضافة إلى القيء المستمر منذ بضعة أيام فلا شيء يستقر في معدتها وذلك الألم الذي تشعر به أسفل بطنها لا ينتهي أبدا.


صدمة أصابت ماكنيا عندما علمت ما تعاني منه الأميرة الصغيرة فلو صدق حدسها ستكون كارثة على جميع من بالقصر وليس على ثلاثتهم فقط.


اقتربت منها فور خروجها من المرحاض ووضعت يدها على كتفها وسألتها بحذر وهي تنظر إليها بترقب لترى ردة فعلها:


- أخبريني أميرتي هل تتذكرين ماهي آخر مرة جاءك بها دم الحيض المقدس؟


نظرت اليها بتعجب من سؤالها الغريب وردت عليها بسؤال آخر:


- ولماذا تسألين مثل هذا السؤال الغريب ماكنيا؟


تنهدت بضيق وحدثتها بنفاذ صبر:


- أتوسل إليكِ أميرتي أن تجيبي على سؤالي.


ذادت دهشتها لإصرارها على معرفة هذا الأمر ولكنها صمتت لبعض الوقت علها تتذكر متى حاضت للمرة الأخيرة لتخبرها بعد قليل من التفكير:


- لا أتذكر جيدًا ولكني اعتقد انه كان منذ شهرين أو ثلاثة أشهر على الأكثر لا أعلم.


قالت ذلك وهي تحرك كتفيها لأعلى ولأسفل بغير اهتمام وهنا لم تستطع ماكنيا السيطرة على دموعها التي سقطت دون توقف وشعرت بانقطاع أنفاسها ودوران الكون من حولها فجلست على اقرب مقعد ونظرت إليها بلوم لما فعلته بنفسها وبهم جميعا فنظرت إليها إزادورا باندهاش من ردة فعلها المبالغ بها فماذا بها إن لم تأتي دماء حيضها فلقد اعتادت على ذلك بالفعل فمنذ أن حاضت وهي تتأخر ولا تأتيها بانتظام وماكنيا تعلم ذلك جيدًا ما هو الغريب في الأمر هذه المرة إذن.


اقتربت منها عاقدة عاجبيها وسألتها بتعجب:


- ماذا بكِ ماكنيا ولماذا تغيرت ملامحكِ هكذا.


نظرت اليها بحصرة وتساءلت بلوم:


- ألا تعلمين لماذا؟


أجابتها بقليل من الحدة:


- لا، لا أعلم وأريد منك أن تجيبيني  وكفي عن هذه الألغاز.


حمحمت وصمتت لبعض الوقت ثم تحدثت بكثير من التردد:


- تأخر الحيض والغثيان الذي تشعرين به والقيء المستمر جميعها دلائل على أنكِ تحملين طفلٌ في أحشاءكِ مولاتي.


أنهت حديثها ووضعت رأسها بين يديها وأخذت تهز جسدها يمينا ويسارًا فلا تعرف كيف يمكنها الخروج من ذلك المأزق.


أما عن إيزادورا فلقد ألجمت الصدمة لسانها فلم تستطيع أن تنطق بشيء هل يمكن أن يكون هذا الذي تقوله ماكنيا صحيح كيف ذلك؟ مشاعر متضاربة تملأ كيانها بأكمله هل تفرح لأنها من الممكن أن تكون تحمل في أحشائها طفل من حابي حبيبها وتوأم روحها، أم تحزن لأنها تكون بذلك قد حكمت على نفسها وحبيبها بل وجنينها أيضا بالإعدام.


نظرت إلى ماكنيا بتيه وسألتها بتلعثم شديد:


- هل، أنتِ واثقة مما تقولينه هذا ماكنيا؟


أجابتها دون أن تنظر إليها:


- نعم واثقة وإن كنتِ لا تصدقين حديثي هناك طريقة نتأكد بها هل تحملين في أحشائك طفل بالفعل أم لا.


- عن اي طريقة تتحدثين ؟


استقامت من مقعدها وذهبت باتجاه باب الغرفة وهي تتحدث دون النظر إليها:


- ستعلمين الآن.


يتبع