-->

رواية نعيمي وجحيمها - بقلم الكاتبة أمل نصر - اقتباس - الفصل التاسع والخمسون

 

رواية نعيمي وجحيمها

بقلم الكاتبة أمل نصر





اقتباس

 الفصل التاسع والخمسون 

رواية

نعيمي وجحيمها


- ما تكملي يا كاميليا وقفتي ليه؟

هتف بها من خلفها بعد أن دلفت معه لداخل منزلهم، ف التفت إليه سائلة:

-أقدم فين تاني؟ مش لازم الست الولدة تستقبلني برضوا؟ هي فين مش شايفاها؟

اقترب يجيبها قبل ان يتحرك ويسبقها بخطواته:

-هو انتي غريبة يا كاميليا ولا محتاجة عزومة في بيتك؟ ولا انتي مش حاسة انه بيتك؟

زفرت داخلها بسخط ثم تحركت لتلحق به لتجلس على أول كرسي قابلته أمامها، وعينيها تجول يمينًا ويسارًا، خلع هو سترة حلته ليجلس مقابلها بالقميص الأبيض المنشي والبنطال الأسود ليطالعها بنظرة مطولة بتمعن قبل ان يردف لها:

-منورة بيتك يا كاميليا.

-البيت منور باصحابه.

أجابته بمجاملة على عجالة قبل أن تتابع بسؤالها:

- هو انا ليه حاسة إن الدنيا هدوء زيادة عن اللزوم؟  ماما فين؟

- ماما خرجت وراحت المقابر لوالدي. 

-نعم؟

هزهزت رأسها باستفهام لتتأكد من صحة ما سمعته، فردد هو كلماته على الفور بكل بساطة:

-بقولك ماما خرجت وراحت المقابر لوالدي، دا بعد ما انا اتصلت بيها وقولتلها اننا احتمال مانجيش ع الغدا عشان تخرج هي وتروح مشوارها في زيارة قبر والدي. 

فغرت فاهاها لتعتدل بجلستها وترد على سهولة ما تفوه به:

- ياراجل؟ ودا من إيه ان شاء الله؟ قصدي ليه يعني؟. 

اعتدل هو الاَخر بجسده ولكن للخلف ليُجيبها باسترخاء وابتسامة غريبة اعتلت وجهه:

- من غير ما احلف يا كاميليا، أنا اساسًا عامل المشوار دا كله، عشان اريحك انتي واجاوب ع الأسئلة اللي محيراكي. 

- قصدك إيه؟

سالته بقلق وكان جوابه:

- انتي عارفة قصدي، فمفيش داعي نلف وندور على بعض.

اثار غضبها لتنهض هادرة به:

- الكلام دا تقوله لنفسك مش ليا انا؟ بقى بتخدعني وتجيبني في بيتكم في غياب الوالدة وبعدها تقولي انا اللي بلف وادور؟

- اقعدي يا كاميليا. 

هدر بها بدوره ليكمل بلهجة مسيطرة لم تسمعها منه قبل ذلك:

- اقعدي وبلاش شغل العيال ده، ولا انتي مش واثقة في نفسك؟

استفزتها كلماته لتجلس وتجيبه بعند:

-بلاش النبرة دي معايا عشان انت عارف لوحدك الإجابة، لكن انا اعتراضي على الأسلوب نفسه، اسلوب الخداع والكدب.

-وإيه تاني يا كاميليا؟

باغتها بسؤاله الغريب ليصمت فمها عن الرد وتابع هو بنبرة معاتبة:

- يومين بس اغيبهم في السفر يخلوكي تقلبي عليا كدة؟

رددت من خلفه بنفاذ صبر:

-يومين إيه اللي انت بتتكلم عليهم؟ انا الأسئلة دي في دماغي من الاول، عايزة افهم وانت بغموضك وتصرفاتك بتزيد الأمر معايا، يعني بلاش بقى تلميحاتك دي اللي انا فهماها كويس قوي.

سمع منها ليميل برأسهِ نحوها ليرد بكل هدوء:

- خلاص بلاش تلميحات وندخل مع بعض بكل صراحة، إيه السؤال اللي محيرك بقى؟

تحفزت بجلستها أمامه لتساله على الفور:

- ندى وجوزها، إيه قصتك معاهم؟

تبسم ليُجيبها على الفور أيضًا ودون مواربة:

-ندى دي بنت عمتي اللي كنت بحبها الأول وكريم دا كان صاحبي في كلية الشرطة، والده كان نائب مجلس الشعب في دايرته،يعني كان كبير ناس وأهله، بس بقى صداقتنا انتهت بعد ما اتعرف على ندى من ورايا وخلاها تحبه.

-سألته بعدم اقتناع:

- بس كدة؟

سمع منها ليجيبها:

-لا طبعًا مكانتش الحكاية بالسهولة دي؟ انا راجل ما بسبش حقي ودا واحد خاين، لف عليها من ورايا وكان بيروح لها الكلية لحد اما علقها بيه، واتفقوا مع بعض على الجواز، بعد ما كنت أنا مقرر مع والدتها اني هتقدملها بعد ما اخلص الكلية.

توقف لتردف هي بتركيز:

- وبعدين؟ يعني لما عرفت حصل إيه؟

أقترب بوجهه أكثر يرد بملامح شرسة لم تراها منه قبل ذلك:

-خدت حقي، عرفته هو مقامه، وعرفتها هي حجمه... انا اتفقت معاه على مباراة ودا كان في قلب الكلية وقدام مجموعة كبيرة من زملائنا في الحلبة، تعرفي الصرصار لما تدوسيه برجلك يا كاميليا وتفعصيه؟

توسعت عيناها تطالعه بارتياع من انتظار الباقي، فاستطرد هو:

- صوت صريخه مع كل عضمة اتكسرت منه كانت بتسمع لبرا صالة الألعاب، الكل كان شايف حالته ومحدش فيهم قدر يقربلي عشان مركز والدي دا غير اني مكنتش هسمح لأي حد إن ينجده من تحت أيدي.... طبعًا الموضوع ده أثر على مركز والدي خصوصًا وان والده وصل الموضوع للسلطات العليا واضطرت الإدارة تصرفني من الكلية، لكن المقابل كان إيه؟ كريم فضل شهور في المستشفى بين العمليات والعلاج وفي الاخر والده سفره لبرا مصر، لكن برضوا عاش بالعرج اللي انا عملتهولوا..  وندي اتجوزتوا بعرجه. 

- انت وحش.

خرجت منها بدون تفكير، فردد هو خلفها:

-فعلًا تقدري تعتبريني وحش، بس في حقي.. ندى كانت مكتوبالي ومن هي في اللفة وانتي....  وانتي مكتوبة دلوقتي على إسمي.... يبقي حقي فيكي اكتر منها واوعي تفتكري اني هكون اقل شراسة من زمان .

ارتجف قلبها بداخلها ولكنها تماسكت تجاهد لعدم إظهار الخوف منه، فقالت بدفاعية وهي تحاول انهاء النقاش والخروج من هذا المنزل على الفور والنفاد بجلدها منه:

-انا مش فاهمة بصراحة، ايه لزوم نبرة التهديد دي؟ دا كان سؤال عابر لوالدتك، مكنتش حكاية هي؟ 

وقف يجيبها بعد أن نهضت من أمامه ليقابلها برده:

- لا مكانش سؤال عابر يا كاميليا، عشان انتي لفيتي على كذا فرد في العيلة وسألتيه حتى مرات نجيب قصدتي تقابليها مخصوص في النادي اللي هي بتروحه دايمًا لتدريب أولادها، وسألتيها برضو....

قاطعته فجأة لتسأله بفطنتها الحاضرة دائمًا:

- استني ثواني... هي مرات نجيب ايه اللي يخليها تتصل بيك وانت برا مصر وتبلغك بحاجة زي دي؟ هو دا موضوع يستاهل ان واحدة زي دي وف وضعها تتصل بواحد قريب جوزها عشان تقولوا.....

توقفت فجأة تحدجه بنظرة نارية وهي تتابع بصدمة:

- هو انتي علاقة يا كارم مع الست دي؟


يتبع