رواية لا أحد سواك رائفي - بقلم الكاتبة سماح نجيب - الفصل العشرون
رواية لا أحد سواك رائفي
بقلم الكاتبة سماح نجيب
الفصل العشرون
"داء و ترياق "
رواية
لا أحد سواك رائفي
أرتجفت يداها وهى ممسكة بقميص زوجها ، وحاولت جاهدة إخفاء وجهها ورأسها خلف ظهره ، حتى لا يراها أكرم ، الذى أقتحم الغرفة على حين غفلة منهما ، مد رائف ذراعيه للخلف ، ليتأكد من أنه إستطاع إخفاءها جيداً خلفه ، وربما ساهم طول الفارع وبنيته الجسدية القوية فى أداء تلك المهمة ، نظراً لأن سجى ضئيلة الحجم بالنسبة له ، فعلى الرغم من عدم خجله من مغازلتها ، إلا أن ذلك لا يصح أن يراه أحداً غيرهما ، فالمغازلة والعناق بين الزوجان لابد أن تتم تحت غطاء الستر والعفاف ، وها هما الآن كاد ينكشف أمرهما
نظر رائف لأكرم قائلاً بعصبية مفرطة:
–فى إيه يا أكرم فى حد يدخل كده من غير ما يخبط على الباب ، مفيش إستئذان يا أخى
وضع أكرم إحدى يديه على عيناه معتذراً:
–أنا اسف جدا والله مش قصدى عن أذنكم
أغلق أكرم الباب وهو يشعر بشعور كاسح من الإحراج ، فهو لم يكن على علم بأن علاقة رائف وسجى وصلت لهذا الحد من الحميمية ، رفع كفيه ومسح وجهه وهو يعلم بأن رائف لن يمرر له الأمر ، خاصة أن شقيقه رجل غيور بطبعه ، فما حال إذا أنتهك خلوته بزوجته
ظل واقفاً مكانه أمام الدرج ، فأقتربت منه ريهام وهى تنظر إليه بتعجب وهو يقف بوضع الذهول ، فوكزته بكتفه وهى تصيح بإسمه :
–أكرم أكرم اكرررررم
فزع أكرم من صوت صياحها ، فعقد حاجبيه قائلاً بإستياء :
– أيوة فى إيه يا ريهام بتزعقى كده ليه ، ودانى يا شيخة حرام عليكى
رفعت يدها ووضعتها أسفل ذقنه ، لتجعله ينظر إليها ، فقالت بقلق :
–مالك واقف سرحان ومذهول كده ليه زى ما تكون نزل عليك سهم الله
ضحك أكرم عندما تذكر ما حدث منه وقال :
–اسكتى يا ريهام دا كان حتة موقف لا احسد عليه الصراحة كان شكلى زبالة
زوت ريهام ما بين حاجبيها قائلة:
–ليه هو فى ايه اللى حصل
ألتفت أكرم حوله ، فما لبث أن أدنى برأسه من ريهام قائلاً بصوت خافت وهو يشير لإحدى الغرف:
–فتحت الأوضة مرة واحدة من غير ما اخبط ومعرفش ان رائف وسچى جوا
نظرت ريهام حيث أشار وتساءلت :
– أوضة ايه دى يا أكرم وربنا ما أنا فاهمة منك حاجة
أخذ يدها بين كفه وخرجا سويا للحديقة وهو يقول :
– دى أوضة الجلسات بتاعة العلاج الطبيعى بتاعة رائف
رفعت ريهام شفتها العليا قائلة:
–وفيها إيه مش سچى هى اللى بتعمله الجلسة
دلك أكرم مؤخرة عنقه قائلاً بإستحياء :
–هو والله يعنى تقدرى تقولى أنها مكنتش جلسة علاج طبيعى أوى بس يعنى ، رائف وسچى أصلهم كانوا ...، قصدى يعنى شكلهم كده اتجوزوا بجد يا ريهام
أبتهجت ريهام بسماع قوله فصفقت بيديها بحماس وسعادة:
– بجد الكلام ده يا أكرم
أماء أكرم برأسه عدة مرات ورد قائلاً:
– الظاهر كده أنا هروح أفهم من ماما وتيتة إيه الحكاية بالظبط
قبل أن يبتعد قبضت ريهام على ذراعه قائلة :
– إيه فضولك ده يا أكرم ما تسكت شوية يا ساتر عليك
إبتسم أكرم ورد قائلاً يكاد فضوله يقتله :
– أصل لو ده فعلاً بجد هبقى فرحان إن رائف بطل نشفان دماغ وهيبتدى يشوف حياته من جديد
تأبطت ذراعه الأيمن وإبتسمت بوجهه لعلها تصرف عنه فضوله وقالت :
–طب تعالى نقعد مع مامتك وجدتك وكل حاجة هتبان مش لازم أنت تسأل وإن كان على سچى فأنا هعرف لأن أنا بعرفها من غير ما تتكلم
إستطاعت ريهام السيطرة على فضول زوجها ، فهى لم تجد مشقة بفعل ذلك ، خاصة وأن أكرم بات يعشق ممارستها لأمور الدلال ، التى تستطيع بها أن تجعله لا يفكر بأى أمر أخر
أما داخل غرفة العلاج الفيزيائي ، كانت سجى تطالع زوجها بحاحبين معقودين مقطبة جبينها ، تشعر بالغضب الشديد من فعلته علاوة على شعورها بالخجل ، فكلما حاول مد يده لها ، ترتد هى بخطواتها للخلف
فعقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بإمتعاض :
–ارتحت يا رائف يارب تكون مبسوط باللى حصل
زم رائف شفتيه قائلاً:
– وأنا إيش عرفنى أن فى حد هيدخل علينا وإحنا كده يعنى
ربما لم يكن بروده محل طلب الآن ، ولكنها أغتاظت من أخذه للأمر على محمل عدم الإكتراث ، فهتفت به من بين أسنانها :
– وأنا شكلى إيه قدامهم دلوقتى بقى
جذبها إليه بحزم تلك المرة ، فقبل رأسها قائلاً:
–فى إيه يا روحى أنتى مراتى مش جريمة هى يعنى ، أنا برضه مضايق ، بس متحسينيش أنك واحدة صاحبتى ومقفوشين بفعل فاضح فى الطريق العام ، إحنا كنا فى أوضة ولوحدنا والباب مقفول ، ثم أنا أعرف منين أن أكرم هيفتح الباب ، أنا قولت أن مش هشوف وشه لمدة شهر
تململت بين ذراعيه وهو تقول :
– أه مراتك بس فى أوضتنا مش فى مكان ممكن أى حد يدخله ويشوفنا بالمنظر ده
قضم رائف طرف شفته السفلى قائلاً بعبث :
– خلاص يا روحى بعد كده هقفل الباب بالمفتاح ولا تزعلى نفسك
حدقت به سجى قائلة بدهشة :
– ليه هو أنت ناوى تعمل كده تانى ، دا أنت طلعت قليل الأدب أوى يا رائف
قهقه رائف على قولها ، فحرك رأسه بالإيجاب قائلاً:
– أه طبعاً هعمل كده تانى وتالت ومليون كمان عندك اعتراض ، ثم انا قليل الادب فوق ما تتصورى يا روحى ومتربتش كمان ولا شوفت نص ساعة تربية ، مراتى عندك مانع يعنى ولا ايه
سارت الدماء حارة بوجنتيها فغمغمت بصوت منخفض :
– بس بقى إيه كلامك ده ، ثم معنديش مانع أن مراتك بس أحترم نفسك شوية وإحنا برا أوضتنا ويلا نخرج ليهم برا بقى
أطلق سراحها من بين يديه وهو يقول :
–ماشى بس عايز أخد شاور الأول
قالت سجى وهى تتجه صوب الباب :
–ماشى هجهزلك هدومك على ما تخرج من الحمام
هتف بها رائف بمكر :
–بس متجبيش تيشرت عايز قميص
أستدارت برأسها إليه وتساءلت :
– إشمعنا يعنى مش عايز تيشرت وعايز قميص
وضع يديه بجيبى بنطاله قائلاً بنظرة عابثة :
–عايز قميص علشان تقفليلى أنتى الزراير وتدينى هدية فهمتى يا روحى
شهقت سجى بخفوت فقالت وهى تدير مقبض الباب لتخرج من الغرفة :
–يانهارى منك ومن صراحتك الزايدة عن اللزوم عن أذنك
أسرعت سجى بخطاها لتخرج من الغرفة وتذهب لغرفتهما ، فربما الوقت الذى سيستغرقه بالوصول لغرفة نومهما ، سيكون كافياً لإستعادة هدوءها ،ولكن لا شئ يبهج نفسها أكثر من سماع صوت ضحكته ، التى رافقها صوت صداها وهى خارجة من الغرفة ، بعدما أنهت عبارتها ، فهى من جعلت الإبتسامة تشق شفتيه ، وتسكن ظلالها بعيناه ، فوصلت لحجرتها ومنها لتلك الغرفة المخصصة للثياب ، مررت يديها بين قمصانه المطوية بعناية ، فوقع إختيارها على قميص باللون الأزرق ، وحقاً سيكون وسيماً بعد إرتداءه هذا القميص ، فباتت تغار من ثيابه لكونها تلازمه أكثر منها
❈-❈-❈
بعد تلك المقابلة التى تمت بينه وبين حامد ، قرر إخبار والدته بشأن ذهابهما لخطبة أروى مرة أخرى ، ولكن بالبداية خشى من رد فعل والدته ، خاصة أن بالمرة الأولى بعد رحيلهما من منزل حامد ، ظلت لمدة يومان تأنبه وتأنب ذاتها على موافقتها بالذهاب لخطبة إبنة فادية ، والتى لم تكن على وفاق معها يوماً ، نظراً لسلوكها الخشن والجاف بمعاملة جيرانها ، ولكن إلحاح ولدها جعلها تتغاضى عن الأمر ، لتأتى فادية وتخرب الزيجة برمتها وجعلتها تعود لظنها الأول ، بأن يترك تفكيره بتلك الزيجة
ولكن أنتبهت والدته على جلسته المتململة ، كأنه يشعر بالتوتر ، فجلست بجواره وربتت على ساقه قائلة بإهتمام :
–مالك يا حبيبى فى ايه
مسح هشام وجهه ورد قائلاً بإبتسامة متوترة :
–سلامتك يا ماما انا كويس اهو مفيش حاجة
رفعت والدته حاجبها وقالت بعدم إقتناع :
–متأكد من الكلام ده يا هشام شكلك عايز تقول حاجة بس مش عارف ، قول على طول يا حبيبى عايز إيه
أزدرد هشام لعابه قدر إمكانه قائلاً بإرتباك :
– أصل يا ماما هو يعنى انا كنت عايز ..، الصراحة الموضوع يخص أروى
قلبت والدته عيناها بملل وردت قائلة بإقتضاب :
–تانى يا هشام أنت مشوفتش أمها وعمايلها دى طفشتنا يا أبنى بالحداقة ولا كلامها اللى زى الدبش ، إن كان على أروى فهى زينة البنات بس الصراحة بعمايل أمها دى ، تخلينى أقولك بلاش
أسرع هشام قائلاً برجاء :
– هو عمى حامد كنت ماشى ونادى عليا واعتذرلى على اللى حصل من مراته حتى قالى أنه ساب البيت هو وأروى وراحوا عاشوا فى بيته القديم ، فأنا بقول يا ماما أروى أعرفها من وهى صغيرة ، وعارف أخلاقها وأدبها وأنا الصراحة بحبها فمش عايزها تضيع من ايدى
زفرت والدته زفرة حارقة وقالت :
–طب وأمها يا هشام هنعمل فيها إيه الست القوية دى
رد هشام قائلاً بثقة :
– أنا هتجوزها هى مش أمها ، ثم هى متهمنيش فى حاجة خالص يا ماما هى فى حالها واحنا فى حالنا
قالت والدته وهى تربت على وجهه :
–والله يا ابنى مش عارفة اقولك ايه اللى فيه الخير يقدمه ربنا وربنا يسهل
تهلل وجه هشام من قول والدته ، فرد قائلاً بإبتهاج :
–يعنى أنتى يا ماما معندكيش مانع أن نروح نطلبها تانى من باباها
ردت والدته مبتسمة:
–لاء يا حبيبى المهم سعادتك أنت بس ربنا يستر وميحصلش حاجة تانية زى المرة اللى فاتت
نهض هشام من مكانه قائلاً بسعادة :
– إن شاء الله مش هيحصل حاجة وتسلميلى يا أمى ، خلاص أنا إن شاء الله هروح لباباها دلوقتى الورشة وأخد ميعاد تانى ونروح نخطبها
هزت والدته رأسها دلالة على موافقتها ، فقالت بهدوء :
– ...ان شاء الله يا حبيبى ربنا يتمملك بخير ، وربنا يسعدك يا حبيبى وأنا مليش غيرك وميهمنيش إلا راحتك وسعادتك وأروى بنت كويسة وتستاهل كل خير يا هشام
لم ينتظر هشام دقيقة أخرى ، إذ خرج مسرعاً من منزله قاصداً الذهاب لحامد ، وما أن رآه منهمكاً بعمله ، ألقى عليه التحية ، فترك حامد ما بيده وخرج إليه
فنظر إليه هشام باسماً وهو يقول :
– عم حامد أنا جيت لحضرتك بخصوص إن أنا حابب أجى اخطب أروى تانى وكنت عايز ميعاد علشان هجيب والدتى واجى لحضرتك بس عايز عنوان البيت اللى قاعد فيه دلوقتى
رد حامد قائلاً بإبتسامة عريضة:
– تشرف وتنور يا أبنى أنت والست والدتك ، ماشى هديك العنوان
دون حامد على ورقة بيضاء عنوان ذلك المنزل ، الذى يقطنه حالياً برفقة إبنته ، فناول الورقة لهشام ، الذى أخذها منه بإمتنان وأنصرف عائداً لمنزله ، بعد الإتفاق بينهما على أن يأتى هشام ووالدته لخطبة أروى بعد يومان
بالمساء وبعد عودة حامد للمنزل ، أراد إخبار أروى بشأن مجئ هشام ووالدته ، فوجدها بالمطبخ تنهى تحضير العشاء
ناداها قائلاً برفق :
– أروى أروى تعالى عايزك فى موضوع مهم
إلتفتت إليه برأسها وقالت:
– أيوة يابابا بس ثوانى أحضرلك الأكل تلاقيك راجع من الورشة جعان
أغلق حامد الموقد وجذب ذراعها وأخرجها معه للصالة وهو يقول :
– سيبك من الاكل ده دلوقتى فى حاجة أهم ،هشام جالى النهاردة الورشة وطلب منى ييجى يخطبك تانى قولتى إيه ، وأنا أديتهم ميعاد بعد يومين ، قولتى ايه يا حبيبتى فى الكلام ده ، أنا عارف أنك حابة الموضوع يتم ، بس قولت أسالك تانى
ردت أروى قائلة بخجل :
– أنا قولتلك الرأى رأيك يابابا
ربت حامد على ظهرها وقال :
– على خيرة الله يا حبيبتى ربنا يتمم لك بخير ، يلا بقى حضرى الأكل بسرعة علشان جعان أوى
أجابته أروى وهى تهم بالعودة للمطبخ :
–تسلملى يا بابا ، حاضر من عنيا الاتنين غير هدومك وهتلاقى الاكل على السفرة
رد حامد قائلاً:
–تسلم عينك يا حبيبتى وربنا يسعدك يارب
ذهب حامد لتبديل ثيابه ، وعادت أروى للمطبخ ، وقفت أمام الموقد ، تحاول إلتقاط أنفاسها ، التى سلبتها إياها سعادتها بعودة هشام لخطبتها ثانية ، فوضعت يدها على صدرها تحاول أن تهدئ من خفقانه المؤلم بلذة لايشعر بها سوى من سكن الحب قلبه ، وليس هذا فقط ، فهى ستكون حرة بإعلان هذا الحب ولا تخجل منه ، خاصة بعد إرتباطها بهشام بميثاق شرعى ، فلا أجمل ولا أعذب من الحب الحلال ، الذى يتوج بالزواج وإنجاب الأطفال بين أب وأم يهب كل منهما الأخر الود والحب قدر إستطاعته
❈-❈-❈
تلك الجلسات المسائية ، التى أعتادوا عليها بعد إنتهاءهم من تناول طعام العشاء ، كانت الأجمل والأبهى خاصة بوجود ريهام ، تلك العروس الجديدة ، والتى لم تكف عن المزاح والتفكه ، ولكن ليس هذا فقط من جعل كل أفراد الأسرة يشعرون بالبهجة والسعادة ، ولكن سماعهم لصوت الضحكات القوية الصادرة من رائف ، فلا أحد إستمع لضحكاته منذ وقوع الحادث ، ولكن كأنه الآن طرأ عليه تغيير جذرى ، فالإبتسامة صارت لا تفارقه وكأنه عاد رائف القديم ،وكل هذا من سحر تلك الجميلة التى تمكنت من قلبه ، فنظر الجالسين لسجى بإمتنان خاصة هدى ، التى ظلت تهمس بقرارة نفسها بأن يحفظ عائلتها ويظلوا سعداء
فأراد ماهر أن يحصلوا على عطلة لتكتمل سعادتهم ، فنظر إليهم مقترحاً:
–ماتيجوا نروح كلنا المزرعة نقعد فيها كام يوم دا الجو هناك حلو اوى وهيعجبكم
قالت هدى بإعجاب لإقتراح زوجها :
– أه والله فكرة حلوة أوى يا ماهر
سمعت ريهام قول والد زوجها ، فنظرت لأكرم وتساءلت بفضول :
–هو انتوا عندكم مزرعة يا أكرم بجد ، وهى فى منطقة زراعية وفيها ناس فلاحين وكده
أجابها أكرم وهو يومئ برأسه :
– أيوة وفيها إيه دى يعنى وايه أسألتك دى كلها
ردت ريهام قائلة بحماس وهى تجذب ذراعه :
–قوم بينا نروح دلوقتى يلا بينا يا أكرم
شعورها بالحماس للذهاب إلى المزرعة ، جعل الجالسين يضحكون على نشاطها المفاجئ ، بل وحثها لزوجها على ضرورة الذهاب فى الحال
فقهقه شادى قائلاً :
–وحتى هناك فى خيل حلو أوى يا ريهام
رفعت ريهام يديها وهى تقول بتفكه :
– لا وخيل كمان ، قوم بينا نحضر الشنطة دلوقتى حالا يلا يا أكرم
ضحكت سجى على جملتها الممازحة ، فنظرت إليها قائلة :
–فى ايه السرعة اللى جاتلك دى يا ريهام فجأة
أجابتها ريهام وهى تقول بحالمية :
– أصلك متعرفيش أنا هموت وأروح مكان زى ده ، دايما أشوف فى الأفلام القديمة بيقولوا رايحين العزبة أو المزرعة وأنا عايزة أروح
قالت صفية وهى ترمقها بإبتسامة :
–بعد الشر عليكى يا ريهام ، أنتى فعلاً هتحبيها أوى
بادلتها ريهام الإبتسامة وردت قائلة:
– تسلميلى يا تيتة ، أكيد طبعاً هحبها ، كفاية أن أكون معاكم
قال شادى دون أن يعى على قوله :
– دا حتى فى هناك حصان إسمه رماح بتاع أبيه رائف محدش بيعرف يركبه غيره
أدرك شادى فداحة قوله ، فنظر لشقيقه معتذراً:
– أنا اسف يا أبيه رائف والله ما أقصد حاجة متزعلش منى
إبتسم له رائف ورد قائلاً بهدوء:
–ولا يهمك يا حبيبى مفيش حاجة وانا مش زعلان منك
رمقت سجى زوجها بنظرة حب ، فقالت بأمل :
– إن شاء الله يا شادى هيرجع يركب الحصان ده تانى وبكرة تقول سچى قالت
رفعت هدى يديها وهى تأمن على قولها :
– إن شاء الله يا حبيبتى ، ربنا يسمع منك يا رب
قال ماهر بجدية :
–خلاص انا اظبط الشغل ونروح كلنا نقضى كام يوم هناك
أجابته ريهام بحماس :
–طب بسرعة بقى يا عمى وانا هحضر الشنطة من دلوقتى
زم أكرم شفتيه كأنه يتوعدها ، فقال ممازحاً:
–تصدقى فى حمير كمان هناك يا ريهام هيبقى شكلك تحفة وانتى راكبة الحمار ، ولازم أخدلك كام صورة للذكرى
غمزته بإحدى عينيها حريصة على ألا يراها أحد غيره ، فردت قائلة:
–حمار حمار كل اللى ييجى منك حلو يا دكتور
ضحكت سجى وقالت وهى تشير لريهام :
–إنتى بقى تتصورى سيلفى على الحمار وننزله على الانستجرام مقولكيش يا ريهام بقى على اللى هيحصل
لوت ريهام شفتيها يميناً ويساراً قائلة:
–دا أنا هيتحفل عليا تحفيل السنين وهبقى تريند كمان على السوشيال ميديا
تنهدت صفية بصوت مسموع ، عندما أخذها الحنين لذكرى شراء تلك المزرعة ، فقالت بحنين جارف :
– أهى المزرعة دى بقى جوزى الله يرحمه اشتراها بعد ما خلفت ماهر على طول كان من النوع اللى بيحب الخضرة والاماكن الهادية علشان كده اشتراها وكان متعود كل شوية نروح نقضى وقت هناك الله يرحمه
وضع شادى يده على وجنته وتنهد بحالمية :
–وحشك أوى جدو يا تيتة ؟
تغشى عينيها دموع الحنين ، فردت قائلة:
–جدك عايش فى قلبى يا شادى وعمرى ما نسيته لحظة
رفع رائف حاجبيه إعجاباً لتعبير جدته عند مدى حبها لزوجها الراحل فقال بدهاء محبب:
–يا سلام على الرومانسية يا صفصف إيه الكلام الجامد ده
أنتبهت صفية على قوله ، فزوت حاجبيها قائلة:
– بس بقى يا واد انت وهو انتوا ايه محدش فيكى بيستر على حاجة ابداً ، لم ولادك عنى يا ماهر
ترك شادى مكانه وأقترب منها وقبل رأسها قائلاً بدعابة :
– إن كان عليا أنا يا تيتة مبيتبلش فى بوقى فولة صريح زيادة عن اللزوم يعنى ، بس قلبى أبيض زى المج
حدق به أكرم وهو يقول بعدما جذبه من ذراعه :
–اه يا شادى الاعتراف بالحق فضيلة ، بطل انت خفة دم بقى
مال شادى إليه قليلاً وهو يتلاعب بحاجبيه ، فقال بغرور مصطنع :
–فضيلة مين انا معرفش واحدة بالاسم ده ، و مقدرش يا أبيه أبطل خفة دم دا أنا اللى عامل للبيت طعم ولون
–وريحة كمان يا شادى
قال أكرم قاصداً إزعاج شقيقه الأصغر
فإستقام شادى بوقفته متسائلاً:
–قصدك إيه بقى بكلامك ده أحسن حد يفهم حاجة غلط وإن أنا مش بستحمى ولا حاجة
حاول رائف تهدئة الوضع بين أكرم وشادى ، فرد قائلاً:
–هو قصده روايح الفرقعة بتاعة المعمل بتاعتك
أنكمشت ملامح وجه سجى قائلة:
– الصراحة بتبقى ريحة التركيبات فظيعة يا شادى
قالت ريهام هى الأخرى:
– دا تحسى أنه ريحتها مزيوت على جاز على حاجات غريبة كده تقلب المعدة
رفع شادى وجهه بشموخ قائلاً كأنه يلقى عليهم نبأ هام :
– أيوة أيوة حفلوا عليا أنا بقى ، هتسكتوا ولا أروح دلوقتى أحضرلكم غاز ثانى أكسيد الكرتون وأنتوا الخسرانين
رفع ماهر يديه بإستسلام قائلاً:
– كرتون ! لاء الله يباركلك مش ناقصين نموت متسممين
تعالت أصوات الضحكات على الحديث الفكاهى بين شادى وماهر ، فبعد إنتهاء جلستهم ، أراد كل منهم الذهاب لغرفته ، فتفرق كل منهم لوجهته ، ولكن رائف لم يكن يواتيه النوم بتلك الساعة التى رآها مبكرة جداً على أن يأوى لفراشه ، ولكن أيضاً برودة الطقس ، جعلته يحيد عن فكرته بالخروج للحديقة ، فهو كان يريد التنزه برفقة سجى قليلاً ، فتلك هى النزهة الوحيدة ، التى يمكن أن تحصل عليها منه ، نظراً لرفضه القاطع للخروج من المنزل ، ولكن كأنها حتى لن تحصل على تلك النزهة بهذا الطقس الشتوى القارص البرودة ، فهو يخشى خروجها للحديقة ، حتى لا تصاب بإحدى نزلات البرد
ولكن ماذا يفعل هو الآن ؟
قبل بدأه بلوم ذاته ، وجدها تقبض على كفه ليذهبا لغرفتهما ، فأتبع خطاها حتى وصلا للغرفة ،وأوصد الباب بإحكام ، فولجت غرفة الثياب لتبديل ثيابها ، فوقعت بحيرة لإختيار ثوب ملائم ، فأغمضت عينيها ومررت يدها على الثياب وما وقع عليه إختيار يدها أخذته ، فتحت عيناها وجدته ثوب بلون التفاح الأخضر ، فأرتدته بدون تفكير ، وألزمها بعض الوقت لتستجمع قوتها وتخرج إليه ، ولكن لم تدوم حيرتها طويلاً ، إذ أخذت قرارها بالخروج ، فرآها تقترب منه على إستحياء ، فتبخر ذلك الصراع الدائر بخلده ، منذ أن وقع بصره عليها ، وهى تشبه تفاحة شهية ، تحمل عيناها إذناً وتصريحها بأن يقطتفها ويتلذذ بمذاق عشقها
❈-❈-❈
بعد عدة محاولات بائسة منه ، منحته عفوها ، على الرغم من أنها هى من بدأت الشجار معه ، ولكن رغبته فى أن ينال رضاها ، جعله يتغاضى عن الأمر ويلح فى طلب السماح منها ، فكم عززت محاولاته تلك ثقتها بجمالها الأخاذ ، وقدرتها على أن تجعل أى رجل أو شاب ينصاع لها ، ولكن ما أن تذكرت أمر زواج رائف من فتاة أخرى ، تجهمت ملامحها ، وعبس وجهها ، فكم من محاولة فاشلة خاضتها لمعرفة من تكون تلك الفتاة التى صارت زوجته ، فبعد بحثها بمواقع التواصل الإجتماعى الخاصة برائف وأكرم وشادى ، لم تحصل على شئ يفيدها ، فلا أحد منهم نشر أى صورة تتعلق بالحفل ، الذى زعمت نيللى أن والدهم أقامه إحتفالاً بزواج رائف وأكرم ، فظنت أن نيللى ربما لم تتفوه بذلك إلا من أجل مضايقتها
خرجت من شرودها عندما شعرت بوكز هانى لها بذراعها وهو يقول :
–مايا مايا فى ايه ما تردى عليا
دلكت مايا ذراعها وهى تقول بإمتعاض :
– إيه يا هانى عايز إيه بطل دوشة بقى شوية
قطب هانى حاجبيه متسائلاً:
–بتفكرى فى ايه كده وسرحانة ومش معايا
زفرت مايا بهدوء. وردت قائلة:
–مفيش حاجة مبفكرش فى حاجة يا هانى أنا بس مصدعة شوية
رفع هانى يده وأشار لسيارته الحديثة قائلاً بزهو :
– مقولتليش بقى رايك ايه فى عربيتى الجديدة اللى اشترتها
نفخت مايا بضيق وردت قائلة ببرود :
– حلوة يا هانى حلوة سألتنى السؤال ده ١٠٠ مرة أرحمنى بقى أحلفلك أنها حلوة علشان تصدق وتحل عنى
سلوكها الحاد معه ، جعله ينظر إليها بغضب وهو يهدر بصوت عالى نسبياً:
–هو فى إيه مالك بقالك كام يوم متغيرة ومش على بعضك هو فى إيه ما تقولى على طول بدل اللى أنتى بتعمليه ده
أشاحت بوجهها عنه وردت قائلة بإستياء :
–مفيش يا هانى متبقاش خنيق بقى أوووووف عليك بجد
فغر هانى فاه من هجومها عليه بحديثها فقال وهو يضرب سطح الطاولة بيده :
– خنيق وأووووف كمان! دا أنتى بقيتى غريبة أوى من ساعة ما أتخانقتى مع نيللى فى النادى
قالت مايا بغيظ بعد إتيانه على ذكر إسم نيللى :
–متفكرنيش بالبت الرزلة وقليلة الأدب دى مش عايزة افتكرها واحدة رخمة
إلتوى ثغر هانى قائلاً بتهكم :
– أنتى متغاظة منها علشان شتمتك ولا علشان عرفتى إن رائف اتجوز يا مايا ، حاسة أنك غيرانة أنه أتجوز واحدة تانية
أجابته بتوتر ملحوظ :
– وأنا مالى ما يتجوز أعمله ايه يعنى هو حر ، ثم هغير من إيه يعنى ، دا أنا اللى سبته مش هو اللى سابنى
رفع هانى يده وقبض على ذقنها بشئ من القسوة ،فحدق بعينيها قائلاً :
– لا والله يعنى أنتى مش هتموتى وتعرفى هو أتجوز مين دلوقتى وتبقى مين مراته ، وعايزة تعرفى مين الأحلى فيكم ، ولا مين دى اللى قدرت تتجوزه بظروفه دى
أزاحت مايا يده عنها بعد شعورها بالألم ، فردت قائلة بغرور :
–ما يتجوز اللى يتجوزها أنا مالى ، ثم انا اللى سيبت رائف بمزاجى ، وإن كان على اللى اتجوزها مظنش أنها أحلى منى ولا حاجة ، تلاقيه بس أتجوزها علشان تخدمه ، يعنى تبقى ممرضة أكتر ما تكون زوجة
نقر هانى بأصابعه على سطح الطاولة ورد قائلاً بنبرة مبهمة :
– أتمنى يكون كلامك ده بجد يا مايا وإلا كده هيبقى فى مشكلة كبيرة
قالت مايا وهى تترك مقعدها :
– مشكلة إيه دى ، ثم أنت فكك من الكلام ده وقوم نشوف عملوا إيه فى الفيلا اللى هنتجوز فيها ، خلاص إحنا مبقاش فاضل على فرحنا إلا ٣ شهور ، ولسه مهندس الديكور مخلصش
نهض هانى من مكانه وأشار لها بأن تسبقه بالسير وهو يقول :
– أتفضلى يلا بينا يا مايا
خرجا من النادى الرياضى ، ومن داخلها تشعر بعدم الرغبة فى القيام بأى شئ ، فهى لا تريد الذهاب معه إلى أى مكان ، ولكنها تفعل ذلك حتى لا يعاود إلحاحه بالسؤال عما أصابها بالأونة الأخيرة ، فهى تحاول إخفاء أسبابها الحقيقية لشعورها بالفتور تجاهه
كأنها أضاعت شئ ثمين ، ولم تشعر بفداحة غلطتها ، إلا بعدما رآت رائف صار زوجاً لفتاة أخرى ، فهى باتت تتذكر أوقاتهما سوياً وممارسته لسلطته كرجل يأبى أن يرى خطيبته تتحدث مع رجال أخرين ، فشتان بين حالها عندما كانت خطيبة رائف وبعدما أصبحت خطيبة لهانى ، فهى لم ترى منه إعتراضاً على سلوكها ، الذى كان يراه رائف ماجناً بعض الشئ من مصداقتها للشباب من منطلق الحرية وأنها فتاة عصرية ، فباتت ترغب بعودته الآن ، ولتجعله يملى عليها إرادته كيفما يشاء
❈-❈-❈
خرج شادى من غرفته ليبحث عن والدته ، فهو بحاجة للمال من أجل شراء بعض الأغراض اللازمة له ، فبطاقته الإئتمانية قد نفذت منها النقود ، ولكنه نسى إخبار والده بهذا الأمر ، أغلق سحاب كنزته الثقيلة ، ووضع يديه بجيبها ، وأطلق صفيراً عالياً حتى وصل لمكان جلوس والدته وجدته المعتاد ، فعلى الرغم من أنه لا يفصلها عنه سوى خطوة أو إثنين ، إلا أنه صاح بصوته عالياً:
–ياماما يا ماما يا مااااااما
وضعت هدى يديها على أذنيها من صوت صياحه ، فردت قائلة بإستياء من فعلته :
–نعمين يا قلب ماما واللى واجع دماغ ماما واللى مش مخلى ماما تقعد براحتها شوية ابداً خير يا اخرة صبرى ، عايز ايه يا واد انت فى يومك ده اخلص
رفع شادى حاجبه قائلاً:
–إيه المعاملة الجافة دى بقى يا ست ماما ها ، وواد كمان لاء أنتى أتغيرتى ، قوليلى أنتى لقيانى على باب أى جامع خلينى أروح أدور على أهلى
زفرت صفية بيأس من أفعال حفيدها فردت قائلة:
– ما قولنالك أنت الوحيد اللى أتولدت هنا يا شادى
جلس شادى على طرف مقعد جدته وقال :
–بلطف الجو شوية يا تيتة علشان جميلة الجميلات متنرفزة منى
وضعت هدى يدها على وجنتها وقالت :
–عايز ايه يا واد انت أخلص بقى وقول
أبتسم شادى ببلاهة ممازحاً إياها :
– عايز فلوس يا ست ماما ، إيدك على ست سبع آلاف جنية
رفعت هدى حاجبيها وفغرت فاها وردت :
– هتعمل إيه بالفلوس دى كلها يا روح ماما
زفر شادى قائلاً بنبرة درامية:
– أقولك إيه بس يا ماما ، أنا مكنتش عايز أشيلكم همى بس يلا بقى هقول وأمرى لله ، الموضوع يا ست ماما أن عايز أشترى شوية حاجات للمعمل
أغتاظت هدى من شادى ، فهى بالبداية ظنت أنه واقع بضائقة مالية ، لتعود وتكتشف أن الأمر ماهو إلا مزحة منه ، فتركت مكانها وقبضت على ذراعيه معنفة إياه :
– أنت وبعدين معاك فى هزارك اللى هيجبلى القلب ده ، وعايز تشترى حاجات للمعمل وتانى يوم الصبح يفرقع مش كده ما أحنا مش ورانا حاجة غير كده بقى
هزت صفية رأسها وهى تقول:
– صحيح يا واد يا شادى الفرقعة اليومين دول مش عجبانى تحس فى حاجة ناقصة كده
شهق شادى بخفوت ونظرت لوالدته قائلاً:
–شوفتى يا ماما هاتى الفلوس بقى ، أدائى مبقاش عاجب تيتة وكده عيب فى حقى لازم أبقى قد المسئولية ، بس أعمل إيه ، المعمل راكبه النحس ليه مش عارف مفيش تجربة كده تفرحنى وتنجح أوصل للعالمية بفشلى ده إزاى بس
لم تستطع هدى الإستمرار بتصنع الإستياء منه ، فردت قائلة بحنان :
–ربنا هيوفقك يا حبيبى ان شاء الله وهتوصل يا زويل وهتنجح وتبقى أشهر من النار على العلم ،
قبل شادى جبينها وهو يقول بحب :
– تسلميلى يا ماما بس هو البيت ماله هادى ليه كده فين أبيه أكرم وريهام و أبيه رائف وسچى مش شايف حد فيهم هم راحوا فين ، هم خرجوا وسابونى ولا إيه
ردت جدته قائلة :
– يلا روح شوف هتشترى إيه واسكت يا شادى
تأبطت هدى ذراعه وأخذتها معه وهى تقول :
–هجبلك الفلوس وروح اشترى الحاجة اللى أنت عاوزها واسكت
نظر شادى لوالدته وجدته بعينان ناعستان قائلاً :
– أنتى وتيتة شكلكم عايزين تزحلقونى وتسكتونى ، بس ماشى هاتى الفلوس ياماما خلينى أمشى
بعدما أخذ شادى النقود من والدته ، أستقل سيارته وخرج من المنزل يرافقه دعاء والدته وجدته
أما بالطابق الثاني من المنزل وبغرفة أكرم ، كانا جالسان على الفراش ويلعبان الورق ، فأكرم كان سعيد الحظ ، إذ هزم زوجته عدة مرات
فصاحت ريهام بإعتراض :
– أكرم متغشش فى اللعب ماشى أنت عمال تخمنى فى اللعب من بدرى وأنا سكتالك
رد أكرم باسماً:
– وأنا اقدر أغشك برضه يا روحى
أخذت من يده الورق ونظرت به قائلة بحيرة :
–طب إيه الولاد الكتير اللى فى الكوتشينة دول ، دا أنت لحد دلوقتى قاشش يجى بسبع ولاد جم منين دول كلهم ، دى الكوتشينة مفيهاش إلا أربع ولاد بس الباقى ده جه منين
ضحك أكرم وقال:
– جم لوحدهم ثم أنتى عارفة إن الولاد عزوة يا ريهام
قبضت ريهام على ياقة قميصه وقالت بغيظ :
–لا يا راجل عزوة فى الحقيقة مش فى اللعب يا نصاب
جذبها إليه قائلاً بهمس :
–ما هو علشان نبقى نخلف سبع عيال
أربكها بهمسه ، ويداه التى راحت تمسد على رأسها بحنان ، فحاولت إخفاء رجفتها خلف صيحتها المعترضة :
–يالهووووى سبعة دا أنا لو خلفت واحد المفروض تدينى جايزة أوسكار عليها
رفع أكرم حاجبه قائلاً بمكر :
–ما تخلفيلى السبعة وأديكى جايزة نوبل يا حبيبتى
أرخت يديها عن قميصه قائلة بخجل :
– هم لو السبعة طلعوا شبهك وبغمزاتك الحلوة دى أنا موافقة ومعنديش مانع
شعر أكرم بحماس مفاجئ ورد قائلاً:
–طب يلا بقى نجيبهم مستنين إيه
قالت ريهام وهى تدعى الغباء وعدم الفهم :
–هنجيبهم منين من السوق يا حبيبى ، ولا هنقدم عليهم إيجار جديد
وكزها أكرم بخفة وهو يقول :
–لاء هنجيبهم من السوبر ماركت يا ريهام ولا اقولك من سوق العبور ولا ايه رأيك نجيبهم من كارفور
ضمت ريهام شفتيها وسرعان ما قالت ممازحة إياه :
– سوق العبور مشوار بقى وفرهدة بلاها بقى السوق ده
قرص أكرم وجنتيها قائلاً :
–بعشق إستعباطك يا روحى
إبتسمت ريهام ببلاهة قائلة :
–بجد الكلام ده يا أكرم بتحبنى أوى
حرك أكرم رأسه بالإيجاب وقال :
– طبعاً يا روح أكرم هو لو مكنتش بحب استعباطك كنت سكت عليكى يا ريهام
رفعت حاجبيها وهى تقول بوعيد :
– كنت هتعمل إيه يعنى يا أكرم ، دا أنا شريرة على فكرة
–كنت هعمل كده هو يا عيون أكرم
قالها أكرم وأقبل عليها معانقاً لها ، فهى الوحيدة التى تستطيع أن تنسيه أى شئ أخر ، سوى أنها ملكه زوجته وحبيبته ، التى لن يفرط بودها مهما كلفه الأمر ، فمهنته كطبيب ، عمل لسنوات على معالجة أنواع كثيرة من الأدواء ، لم يجد ترياق لذلك الداء الذى أصابته به ، فداء العشق إذا إستوطن بالقلب ، لن يجدى أى ترياق نفعاً معه
فحال شقيقه الأكبر لم يكن يفرق عن حاله كثيراً ، إذ جلس بغرفته واضعاً على ساقيه تلك الهرة الخاصة بزوجته ، فهو بات يعشق كل ماتعلق بها ، وبإنتظارها أن تخرج من غرفة الثياب ، ليرى ما أرتدته من أجله ، أصدرت الهرة صوت مواء دلالة على أنها أحبت ذلك الدفء والحنان الذى غمرها به رائف ، فباتت تفتح عيناها وتغلقهما كأنها تتهيأ للنعاس
فخرجت سجى من غرفة الثياب قائلة وهى تعقد ذراعيها متصنعة الغيرة :
–يا سلام دى مشمشة قاعدة فى حضنك ومبسوطة اوى ومأنتخة على الآخر ونايمة ولا مهتمة بأى حاجة خالص حتى الاكل مش عايزة تقوم تأكل أنت عملتلها إيه قول
إبتسم رائف على قولها ، فرفع رأسه ونظر إليها قائلاً :
–معملتش حاجة بس هى حاسة إن أنا بحبها علشان كده ساكتة ، وأعمل إيه بقى ما صاحبتها سيبانى لوحدى
عاد يمسد على فراء الهرة ، لعلمه بأن زوجته ستقترب منهما الآن ، فها هى وقفت بجواره وأنحنت إليه قائلة بتفكه :
– دا أنا سيباكم مفيش خمس دقائق يا خونة أرجع ألاقيها قاعدة على رجلك ونايمة فى حضنك
رفع يده وتحسس فكها بحنان وهو يقول :
–ما الخمس دقايق دول كتير عليا أوى يا قلبى
وضعت يدها على كفه قائلة :
–ياسلام لحقت أوحشك وأنا لسه كنت معاك
– أنتى بتبقى وحشانى وأنتى فى حضنى ، تعالى بقى
قال رائف وعندما حاول جذبها إليه ، إرتدت بخطواتها للخلف ، رغبة منها فى ممازحته قليلاً
فردت قائلة وهى تضع ذراعيها خلف ظهرها :
–تؤ تؤ مش هاجى يا رائف
أشار إليها بالإقتراب قائلاً بأمر :
رائف...سچى بقولك تعالى هنا يلا واسمعى الكلام
هزت رأسها نفياً وقالت:
– وأنا بقولك تؤ تؤ مش هاجى يا قلب سجى
أسند رأسه لحافة مقعده ، بعدما أسرعت الهرة بتركه ، ربما لشعورها المفاجئ بالجوع ، فأغمض عينيه قائلاً:
–بقى كده ماشى براحتك يا سچى متجيش
ولكن ما لبث أن فتح عيناه وأنحنى للأمام واضعاً يديه على ساقيه قائلاً بصوت متألم :
–اااااااه
فزعت سجى من صوت صيحته المتألمة ، فأقتربت منه بسرعة لترى ما أصابه ، فوضعت يديها على ساقيه ونظرت إليه وتساءلت بلهفة وقلق:
– فى إيه يا حبيبى مالك بتتوجع ليه كده ، رجليك بتوجعك رد عليها
لم يكن رده عليها سوى أن جذبها بحزم ، حتى أتخذت من ساقيه مجلساً فشهقت سجى بصوت مسموع ، لإدراكها بالفخ الذى نصبه لها ، فرمقته بنظرة مستاءة وهى تقول:
–يعنى أنت كنت بتضحك عليا وبتستغفلنى يا رائف
داعب أطراف شعرها وأنفه تستنشق عبق عطرها الفاتن ، فرد مغمغماً:
–علشان أنتى عارفة كويس إن أنا مش هقدر أقوم و أجرى وراكى فقولت أجيبك أنا بالطريقة دى
طوقت عنقه وألصقت وجهها بوجهه وقالت بأمل :
–بكرة هتجرى ورايا وورا ولادنا إن شاء الله يا حبيبى
زفر رائف زفرة حارة وهو يقول بخوف :
– وتفتكرى ده هيحصل يا سچى والعملية هتنجح ولا هفضل كده زى ما أنا
تبسمت بوجهه وهى تقول بتفاؤل :
–إن شاء الله يا حبيبى ربنا هيشفيك والعملية هتنجح وترجع احسن من الاول كمان وساعتها هخليك تجرى ورايا
قال رائف بأمل ورجاء :
–يارب يا سچى يارب
مررت أناملها برفق على شعره وقالت :
– أيوة قول يارب وربنا إن شاء الله هيستجيب وحتى فرضاً بعد الشر أن ربنا ما أرادش إن العملية تنجح تبقى دى ارادة ربنا ونحمده ونشكره على كل حال
رد رائف قائلاً:
– الحمد لله على كل حال بس نفسى تبقى مبسوطة وميجيش عليكى يوم وتزهقى منى يا سجى و...
أشارت إليه بإلتزام الصمت ، إذ وضعت سبابتها على فمه قائلة :
–بس يارائف متكملش ، بقى أنا أزهق منك ، فى حد يزهق من روحه يزهق من نفسه ، أنا بحبك يا رائف سواء كنت طبيعى أو عامل حادثة ، حبى ليك ميوقفش على أنك بتمشى كويس أو لاء ، لأن أنا بحب رائف الراجل اللى أول ما قلبى دق دق ليه هو ، اللى أول واحد دخل قلبى وملك كيانى ، أنا بموت فيك وبعشقك يا رائفى ، دا أنا كل ما أقرب منك بحس أن قلبى هيسيب مكانه كأنه عايز يكون بين ضلوعك انت
تأملها ملياً وهو يتحسس قسمات وجهها المليحة ، وسرعان ما طوقها بذراعيه ، التى بدت كأنها قضبان تسجنها قريباً من قلبه ، فقبل رأسها مراراً قائلاً بهمس عاشق :
– وأنا كمان بحبك أوى ورائفك مبقاش عايز حاجة من دنيته غيرك أنتى
بعد تجديد عهد الهوى والغرام بينهما تذكرت سجى أمر زيارتها لشقيقتها أروى ، فرفعت وجهها له وقالت:
–حبيبى كنت عايزة أخرج بكرة ، كنت عايزة أروح أشوف أروى أختى بقالى فترة مشوفتهاش
حدق بها متسائلاً:
–هتتأخرى هناك يا سچى
مطت سجى شفتيها وردت قائلة:
– مش عارفة والله
وضع إحدى خصيلاتها خلف أذنها قائلاً :
–يعنى إيه بقى مش عارفة دى ، أنتى عارفة إن أنا مبحبش أنك تغيبى عن عينى ابداً
طرأ على رأسها إقتراحاً ، فقالت بتشجيع :
– طب ما تيجى معايا يا حبيبى إيه رأيك ، وهوريك بيتنا القديم و أظن أنك من ساعة موضوع الحادثة وأنت مخرجتش من البيت خالص
رد رائف قائلاً وهو مقطباً جبينه بدهشة من إقتراحها :
– أجى معاكى فين ، هو فعلاً أنا من ساعتها مبخرجش من البيت لأن أنا مش حابب حد يشوفنى كده
قالت سجى وهى تداعب لحيته الخفيفة :
–خلاص تعال معايا نخرج سوا وأهو تغير جو شوية بدل قاعدة البيت
هز رأسه قائلاً برفض قاطع:
–لاء يا سچى مش عايز أخرج عايزة تروحى روحى بس أنا مش هخرج
هتفت به بلين ورفق :
– ليه يا حبيبى ، مش عايز تخرج معايا ليه ، طب علشان خاطرى المرة دى أخرج معايا حتى كمان هوريك البيت اللى أتولدت وأتربيت فيه أنت مش عايز تشوفه
ألحت عليه كثيراً بالأمر ، حتى أعلن موافقته بالأخير ، ولم تكن موافقته إلا من أجل إرضاءها ، فتلك هى المرة الأولى التى ترجوه بها ولم يكن يريد أن يخيب رجاءها به
فباليوم التالى مساءً ، كانت سجى تجلس بجواره فى المقعد الخلفي لتلك السيارة ، التى كانت له سابقاً ، ولكن من يقودها هو السائق الخاص بجدته ، فتح رائف نافذة السيارة ينظر للمارة والبنايات السكنية ، كأنه لم يرى العالم منذ قرون ، فنسمات الهواء التى راحت تضرب وجهه ، جعلته يغمض عينيه بإستمتاع من لمساتها الباردة التى ساهمت بترطيب سخونة جلده المفاجئة ، والتى يرجع أثرها لذلك الشعور بالقلق المتمكن منه ، يخشى أن يرى نظرة شفقة أو سخرية بأعين الناس ، ولكن حاول طرد ذلك الشعور عنه ، بعدما شعر بلمسة يد سجى على ذراعه وهى تخبره بشأن وصولهما
ترجل من السيارة أمام المنزل ، فطافت عيناه بالمكان قبل أن تشير إليه سجى بالدخول ، فولج بخطى مرتجفة ، وهى تتبعه ، فإبتسمت له قبل أن تدق الباب ، ومدت يدها وتشابكت أيديهما سوياً ، كأنه تخبره أنها هنا بجواره كما ستظل دائماً
فتحت أروى الباب ورآت سجى فصاحت بسعادة:
–سچى حبيبتى وحشتينى أوى ، دا أنتوا نورتوا البيت أتفضلوا
قالت سجى وهى تلج من الباب يتبعها رائف :
– أزيك يا حبيبتى عاملة إيه وأنتى كمان وحشانى أوى
أغلقت أروى الباب وهى تقول :
– الحمد لله تمام أتفضلوا أقعدوا
إجتاح سجى الحنين إلى والدتها ، فوجدت قدميها تسوقها ، لتلك الغرفة التى كانت لها ، رمقت كل أركان الغرفة بشوق لوجه والدتها الحبيبة ، فخانتها دموعها وأنسكبت على وجنتيها ، ولكن مسحتها سريعاً وخرجت من الغرفة
فقالت وهى تتخذ مجلساً لها بجوار زوجها :
–ده رائف جوزى يا أروى
قالت أروى بإبتسامة وود :
– أهلا وسهلاً يا أستاذ رائف نورت البيت
رد رائف باسماً:
– شكرا يا أنسة أروى دا نورك
ترك أروى مقعدها وهى تقول :
– اجيبلكم إيه تشربوه ، دى فرصة سعيدة أنكم جيتوا النهاردة
قالت سجى وهى تجذب ذراع شقيقتها :
– شكرا يا حبيبتى ، تعالى أقعدى هو بابا فين
قالت أروى وهى تنظر بشاشة هاتفها :
– زمانه على وصول دلوقتى وفرصة نتعشى سوا ، بس متعيبوش على الاكل ماشى
ضحكت سجى وقالت:
–يعنى تلبك معوى ولا غسيل معدة علشان نبقى عارفين
أنكمشت ملامح وجه أروى بطرافة وهى تقول:
–لا ياشيخة مش للدرجة دى متخليش جوزك ياخد فكرة غلط عن أكلى متصدقهاش يا أستاذ رائف
رد رائف قائلاً بإبتسامة :
– ماشى خلاص مش هصدقها
قالت سجى وهى تشير إليهما تباعاً:
– يعنى كده بتتفقوا عليا أنتوا الإتنين
أثناء حديثهم سمعوا صوت جرس الباب ،فتركت أروى مكانها وفتحت الباب ، فصدمت من رؤية والدتها ، التى لم تكن تظن أنها ستأتى لهنا ثانية بعد غلطتها الفادحة ، التى كانت تنوى فعلها
فقالت أروى بدهشة وصدمة :
–ماما
رفعت فادية حاجبيها وهى تقول:
– أيوة ماما يا حبيبتى ، إيه شوفتى عفريت مش هتقوليلى أتفضلى ولا إيه يا أروى
نظرت أروى لوالدتها ، وإلتفتت برأسها ونظرت لشقيقتها وزوجها فقبل أن تفه بكلمة ، أقتحمت والدتها المنزل
فرآت فادية سجى جالسة برفقة رجل لم تراه من قبل ، فقالت بتهكم :
– إيه ده الدكتورة سچى عاش من شافك أخبارك إيه
ردت سجى قائلة بإقتضاب :
– الحمد لله شكرا لحضرتك
جلست فادية على المقعد المقابل لها ، فرفعت يدها تشير لرائف قائلة:
– مش هتعرفينا مين الأستاذ ده يا دكتورة
وضعت سجى يدها على يد رائف وردت قائلة بفخر :
–ده الباشمهندس رائف ماهر زيدان جوزى
قالت فادية ببرود :
– أه أهلاً وسهلاً يا باشمهندس منور
تململ رائف بجلسته قائلاً:
– شكراً على ذوقك يا مدام
إلتفتت فادية لإبنتها ، التى مازالت تقف قريباً من الباب ، فعقدت حاجبيها وتساءلت:
– هو فين أبوكى يا أروى مش شيفاه يعنى
ردت أروى قائلة بصوت خالى من الدفء:
– لسه مجاش من الورشة زمانه على وصول
عادت فادية تنظر لرائف وهى تقول بنبرة شامتة :
– طيب ماشى ، بس هو ايه اللى حصلك يا باشمهندس كفا الله الشر ، أنت ماشى بعكاز ليه
أزدرد رائف لعابه قائلاً:
– كنت عامل حادثة
أرادت سجى قطع جسور التواصل بين فادية وزوجها ، فهتفت بأروى قائلة :
– أروى ممكن تجيبيلى شوية ماية بعد أذنك
قالت أروى وهى تسرع بالذهاب للمطبخ :
–حاضر يا حبيبتى من عينيها
لم تأخذ فادية بحجتها الواهية ، فأرادت إكمال حديثها ، فقالت بشفقة مزيفة :
– يا حرام ألف سلامة عليك يا باشمهندس احساس العجز ده وحش اوى الله يكون فى عونك ويشفيك ان شاء الله ، وأنت مفيش أمل أنك تمشى كويس بدل ما تمشى بالعكاز ده يا خسارة شبابك وأنت بالشكل ده كده يا عينى عليك
لم يعد بإمكانه سماع كلمة أخرى منها ، فهب واقفاً وحث زوجته على النهوض وهو يقول :
–يلا بينا يا سچى علشان نمشى كفاية كده
نهضت سجى من مقعدها وهى تقول بطاعة لأمره :
–حاضر يا حبيبى يلا بينا
ما أن وصلا لباب المنزل ، سمعا صوت فادية وهى تقول بحقد مغلف بالشماتة :
– خدى إيد جوزك يا دكتورة أحسن ميعرفش يمشى لوحده ولا يوقع
إستدارت سجى برأسها إليها وحدجتها بنظرات نارية ، تود لو كان بإمكانها أن تزهق روحها لما تفوهت به وتسبب بإغضاب زوجها ، فكلماتها كسم الأفاعى ، الذى باتت متيقنة أنه يسرى بعروق زوجها الآن
فبعد خروجهما نظرت أروى لوالدتها وهى تقول بغضب :
–ليه عملتى كده عماله تجرحى فى الراجل بكلامك انتى ايه حرام عليكى
ردت فادية قائلة بعدم إكتراث:
–أنا معملتش حاجة أنا بس بقول لسچى تاخد بايده
عقدت أروى ذراعيها ونظرت إليها قائلة ببرود :
– أنتى جاية ليه يا ماما وعايزة إيه بالظبط
أجابتها وهى تستريح بجلستها :
– كنت جاية عايزة فلوس من أبوكى يا عيون ماما
زمت أروى شفتيها وقالت بسخرية :
– يعنى أنتى جاية علشان الفلوس مش هتتغيرى أبداً يا ماما
لم يكن بنية فادية القيام لتأديبها على قولها ، فتركتها تقول ما لديها ، غير عابئة بها ، أو بحديثها ، الذى لم تستمع إليه بالأساس ، فكل ما يعنيها الآن تلك النقود التى تريد الحصول عليها من زوجها
بالسيارة جلست سجى بصمت مطبق ، فهى حتى تخشى التفوه بكلمة ، فملامح وجه زوجها العابسة ، حذرتها من أن تحاول الحديث معه سواء بخير أو شر ، فصمته وتحديقه بالفراغ ، ماهو إلا إشارة على أن ربما دماءه وصلت لدرجة الغليان ، بل أنه أصبح شبيه ببركان حارق ، ما أن تقترب منه سينفجر قاذفاً حمحمه البركانية لامحالة ، كانت على وشك إتلاف ثوبها من جذبها له بأظافرها التى نشبتها به وبساقها
فما أن وصلا للمنزل وترجلا من السيارة ، حتى وجدته يسرع الخطى بالذهاب لغرفتهما ، فما أن وطأت الغرفة خلفه وأغلقت الباب ، وجدته يقوم بتكسير وتحطيم كل ما يجده بطريقه من مزهريات وما شابه ، فحمل إحدى المزهريات وقذفها بزجاح مرآة منضدة الزينة
فصرخت سجى وأقتربت منه وهى ترتعش خوفاً قائلة برجاء :
–حبيبى اهدى علشان خاطرى
لم يستمع لرجاءها وحمل مزهرية أخرى وقذفها بالجدار وهو يقول بعصبية :
–قولتلك مش عايز أخرج أنتى اللى أصريتى عليا أخرج معاكى وأدى النتيجة أرتاحتى ياسچى أنبسطتى بكلام الست دى ليا واستهزائها باللى أنا فيه
ربتت سجى على صدره محاولة منها لتهدئه غضبه ، فقالت من بين دموعها :
–حبيبى والله أنا ما كنت أعرف أنها هتيجى وإحنا هناك
قال رائف وهو يرفع يده يشير إليها بأن تلتزم الصمت:
– مش عايز أسمع كلمة تانية مفهوم
مسحت سجى عينيها بظهر يدها وقالت :
– أنت لازم تسمعنى يا رائف ، وبطل تكسير فى الفازات والإزاز وأهدى علشان العصبية مش كويسة علشانك
هدر بصوت عالى جعلها تشعر بالفزع :
–قولتلك مش عايز أسمع منك حاجة إسكتى خالص يا سچى ، ويلا أطلعى برا الأوضة
قالت وهى تحدق به بذهول من صرفه لها :
– أنت بتقول إيه يا رائف
رفع ذراعه يشير لباب الغرفة قائلاً :
– بقولك أطلعى برا أخرجى برا الأوضة يا سچى براااااااا اطلعى برا وسبينى لوحدى
أنسكبت دموعها بغزارة وردت قائلة برفض :
– لاء مش هسيبك لوحدك يا رائف ، أنا خايفة عليك تأذى نفسك وأنت متعصب كده
علم أنها لن تستمع لأمره ، فقبض على ذراعها حتى وصل لباب الغرفة ففتحه ونظر إليها وهو يصرخ بوجهها :
– الكلمة اللى أقولهالك تسمعيها أنتى فاهمة ، يلا براااااااا
يتبع...