رواية إعادة تأهيل معقدة - زهرة عصام - الفصل السادس عشر
رواية إعادة تأهيل معقدة
بقلم زهرة عصام
رواية إعادة تأهيل معقدة
الفصل السادس عشر
نوح قاعد قدام تمارة اللي غايبة عن الوعي و متعلق ليها محاليل
فجأة سمع صوت صريخ جاي من بره فخرج بسرعة شاف التمريض ماسك لينا و مانعنها إنها تدخل عند فتحية
لينا زعقت ليهم و قالت:-
إنتوا إية مبتفهموش ؟ قولتلكم سبوني عاوزة أشوف أمي و فين إخواني إزاي سايبنها لوحدها كدا ؟
نوح قرب منهم و شاور ليهم يبعدوا
وقف قدامها و قال:-
إهدي أنا معاكي متخافيش ، كل حاجه هتبقي تمام
لينا بصتله جامد و قالت:-
إنت مين ؟ و فين تمارة و جوري
نوح قرب منها خطوة و لينا رجعت خطوتين فوقف مكانه و قال:-
أنا نوح التوبي ، تمارة و جوري بيرتاحوا شوية عشان جالهم هبوط ، و إنتي كمان لازم ترتاحي شوية عشان متتعبيش تاني
لينا بصتله جامد و قالت:-
إخواني تعبانين أنا عاوزة أروح ليهم لازم أكون جنبهم دلوقتي
نوح هز رأسه و أخدها لجوري اللي كمال واقف على باب أوضيتها و مانع أي حد يدخل عندها
نوح بص لـ كمال فـ بعد عن الباب و لينا دخلت تشوف جوري
لينا بصت عليها و عيطت و قالت:-
أنا حاسة إن ماما فيها حاجة ، قومي يا جوري عشان خاطري مش عاوزة أبقي لوحدي
خرجت من عندها و راحلة لتمارة سمعت التمريض بيهمسوا
- ربنا يكون في عونها خبر موت مامتها مش سهل حد يقوله ليها
لينا وقفت مكانها من الصدمة ، بصت لـ نوح و قالت:-
ماما ماتت ؟
نوح بص عليها بأسف و بص للممرضات بتوعد و قال:-
بصي إنتي عارفة إن كُل حاجة في الحياة قضاء و قدر ، و ربنا بيحبها عشان كدا إختارها تروح ليه
لينا دموعها بتنزل بصمت و دخلت لـ تمارة
قعدت جمبها على السرير و قالت:-
تيمو إصحي أنا خايفة أوي ، ماما خلاص ماتت معدش ليا حد غيرك إنتي و جوري ، إوعي يا تيمو تتخلي عني إنتي كمان أو تسبينا و تمشي ساعتها هنكون ضعنا
نامت جنبها على السرير و دخلت في حضنها و هي بتقول:-
أنا مش عارفه أعمل اية أنا خايفة ، ماما سابتني و مشيت في الوقت اللي كُنت محتاجة ليها فيه ، اااااه إحنا اية بيحصل معانا كدا ، عُمرنا ما وجعنا حد ولا أذينا حد ، طول عُمرنا ماشيين جمب الحيط بنقول:-
يا رب
و دلوقتي كمان هنقول يا رب
دموعها بقت تنزل بصمت هي مش بتعيط لكن عنيها بتعيط لوحدها
نامت في حضن تمارة و نوح دخل يبص عليهم و عينه مدمعة قال في نفسه:-
يظهر إن مهمتك الجاية صعبة أوي يا نوح بص لـ كمال و قال:-
خليهم يجيبوا جوري جنبهم عشان هما قوتهم في إتحادهم
كمال هز رأسه و لسة هيتحرك نوح وقفه و قال:-
بنات يا كمال ، بنات هما اللي يجبوها
كمال زعل من جواه بس مبينش و هز رأسه و قال:-
أمرك يا كنج
نوح بص عليه و قال:-
الأمانة أمانة يا برنس ، حتي لو هطر أقف ليك و ليا أنا شخصياً
❈-❈-❈
نوال فوقت صلاح اللي قام وقف و هو مدروخ و قال:-
بقي شمام يعمل فيا كدا ؟ طب والله لهوريه و دخل أوضة إترمي على السرير
نوال ضربت إديها على صدر.ها بحركة شعبية و قالت:-
إبني !! الواد شكله إتهبل وإلا اية ؟ و لوت شفتيها و قالت:-
كتك نيلة عليك يا موكوس قال هورية هورية انت قادر تصلب طول يا أهبل يا ابن الهبلة
دولت بتفرش في البيت و الضحكة من الودن للودن و أيمن جوه بيركب السرير و دماغة شغالة
هو أنا لو جبت الواد يبقي عندي حق في اللي عملته ، طب لو دولت جابت بت تاني اية اللى هيحصل ، هرجع فتحية و البنات وإلا هنكمل مع دولت ؟
طب دلوقتي إية إللي بيحصل أنا معنتش فاهم أي حاجة خالص
فتحية إية إللي لمها على واحد كبره زي دا ؟ لا و واقف محامي ليها و يقولك في وشك
أعرفك بنفسي نوح التوبي
و البنات اية مصيرها من دا كله ؟ كانوا قاعدين في الحارة و عارف كُل أخبارهم ، دلوقتي فتحية خدتهم و هجت هعرف أنا أخبارهم منين ؟
أينعم أنا لا طايقهم ولا عاوز أشوف وشهم لكن في الأول و الآخر لازم أعرف اية علاقتهم بنوح دا
دولت بتغني و منسجمة أوي فجأة لقت صورة فتحية و الدم مغرق وشها قدامها فصرخت جامد و بقت تصرخ زي المجنونة و وقعت مغمي عليها
❈-❈-❈
التلت بنات نايمين و في عالم تاني خالص و كأنهم التلاتة إجتمعوا في حلم واحد
فتحية واقفة و في وراها بوابة و التلاتة واقفين جمب بعض بيبصوا عليها
لينا كسرت الصمت و قالت:-
إنتِ راحة فين يا ماما إنتي هتسبينا و تمشي بجد ؟
فتحية:- القدر يا قلب أمك لازم نرضي بيه و هو مشوار و إنكتب عليكم لازم تمشوه
جوري:- بس إحنا محتاجينك معانا مش هنقدر من غيرك
فتحية:- لا هتقدروا الدُنيا مش بتقف على حد و إفتكروا قوتكم في إتحادكم
تمارة أخيراً إتكلمت و قالت:-
إنتي راحة فين ؟ دا وعدك لينا إنك مش هتسبينا ؟ متمشيش مش هنعرف نكمل من غيرك
فتحية إتنهدت و قالت:-
لازم أرتاح شوية بعد و المرمطة اللي شفتها في حياتي يا تيمو ، و متخافيش طول ما إنتوا مع بعض هتنجحوا في أي حاجة ، و إسمعي كلام نوح يا تمارة و متعانديش معاه
تمارة هزت رأسها بالنفي و قالت:-
لا يا توحة إنتي مش هتسبينا صح
فتحية :- إخوانك أمانة معاكي إنتي و نوح لحد ما أخدهم منك ، أنا عارفة إني بظلمك كدا بس متأكدة إنك قدها يا تمارة
تمارة لسه هتقرب منها فتحية بصت ليها بتبريقة و قالت:-
خليكي عندك إنتي راحة فين ؟ إنتي لازم تفضلي عشان إخواتك محتاجينك
تمارة بتهز رأسها بالنفي و جوري و لينا بيعيطوا و بيقولوا لا متمشيش
فتحية إديتهم ظهرها و مشيت و الباب إتقفل من بعدها
البنات فتحوا مع بعض في نفس اللحظة و بصوا لبعض بصمت
تمارة بصتلهم و مدت ايديها و إخواتها مدوا إديهم عليها
نوح كان حس بحركة فبص عليهم من الشباك لقي إديهم على بعض و بيقولوا
دايما مع بعض لآخر العمر ، لا حد هيعرف يفرقنا ولا إحنا هنسيب بعض ، قوتنا في وحدتنا ، و طلما متحدين قادرين نتغلب على أي حد
نوح بقي واقف مش مصدق إللي هو شايفة واللي هما بيعملوه
بص لـ كمال و قال:-
مش دول اللي من شوية كل واحدة فيهم كانت ميته إية إللي حصل ؟
كمال ضحك و قال:-
علمي علمك يا كنج بس أقدر أخمن إن تمارة هي السبب
نوح برق و بص ليه جامد و ضغط على سنانه و هو بيقول:-
آنسة تمارة يا برنس فاهم
كمان هز رأسه بتفهم و قال بغمزة :-
دا شكل الصنارة غمزت و السمكة طلعت على كيفك يا كنج
نوح برق و قال:-
إنت بتقول إيه ؟ كمال متخلنيش أخدك ورا المصنع و إنت عارف إية إللي هيحصل هناك ! فاتلم كدا و خلصنا
كمال ضحك جواه بعد ما هز رأسه و قال:-
طب طلاق تلاتة وقعت يا كنج ، بس الحق يتقال البت جامده آخر جاحة ، اه لو سمعني بقول كدا كان قطع خبري
نوح لسه هيخبط عليهم لقي تمارة فتحت الباب و بصاله بقوة و قالت:-
عاوزين نشوف ماما قبل الدفنه
نوح مسك إديها و أخدها على جنب
تمارة شالت إديها منه و رفعت صباعها في وشة و قالت:-
المرة الأولي سماح المرة التانية لو إيدك دي لمستني هتوحشك يا بشا مفهوم
نوح بصلها بتحدي و قال:-
إتكلمي بأسلوب أحسن من كدا بدل ما أوريكي وش الكينج
تمارة بصتله بسخرية و قالت:-
هات أخرك يا .. يا كنج ، أوعي بقي من خلقتي هدخل أشوف أمي
تمارة لسه هتتحرك نوح مسك إديها تاني فبصتله بتبريقة و عوجت إديها فأجبرته إنه يسيبها رفعت صبعها و قالت:-
لتاني مره هقولك إوعي تلمسني أحسنلك
نوح شاف في عيونها قوه مش طبيعية فقال بتنهيدة:-
مش هينفع تدخلي ليها على الأقل عشان إخوانك ، و لو إنتي شبح و جامدة و مش هتتأثري فإخواتك هيتأثروا و مش هيقدروا ينسوا المشهد دا خالص ، فالاحسن إنكم متخلوش
تمارة بصتله من فوق لتحت بقرف و سابته و مشيت و هي بتقول:-
ناقص كمان يقولي إعملي إية و متعمليش إية ، عيل سئيل و ربنا صلاح إبن نوال جمبك بطة بلدي
تمارة كانت مبينه للكل إنها قوية و قادرة تتخطي الموقف اللي هي فيه لكن من جواها بتموت حرفياً من الزعل على مامتها راحت لـ إخواتها و قالت:-
بهدوء و مش عاوزة أسمع صوت واحدة فيكم ، هنروح نغير هدومنا و هنيجي ندفن ماما فاهمين
جوري و لينا هزوا رأسهم بإيجاب و مشيوا معاها
تمارة إتخطت نوح و كمال من غير ما تلتفت ليهم و دي حاجة جننت نوح فقال بصوت عالي:-
تمارة إستني عندك
تمارة واقفة متهزش ليها جفن لكن إخواتها خافوا من صوته و مسكوا في هدومها
بصت ليه و متكلمتش و هو قرب منهم و وقف قدامها و قال:-
بلاش تتحديني عشان هتخسري يا تمارة من هنا ورايح تحركاتك كلها تبقي معايا مفهوم ، كمال هيوصلكم مكان ما تحبو
تمارة إبتسمت بجنب و قالت:-
هو إنت مفكرني هاخد منك الإذن ، لا إسمع بقي إنت بكل اللي إنت فيه دا متهمنيش و متفرقش معايا ببصله
نوح برق من كلامها و قال بعد ما طبق على إيده و عروقه برزت :-
لازم هتعملي كدا وإلا متلميش غير نفسك ، و هتبقي إنت السبب في ظهور الكينج معاكم
تمارة قربت منه خطوة و قالت:-
طظ ، إعمل إللي إنت عاوزة يا .. يا نوح يا توبي
بصت لـ كمال و قالت:-
إنت هتيجي توصلنا لاننا مش عارفين الطريق بس عينك دي تترفع بس عن الطريق هدب صوابعي فيها إنت فاهم .
لفت وشها و مسك إيد إخوتها و سبقت كمال اللي واقف مزهول و قال لنوح :-
و حيات عيالك يا شيخ لـ إنت سايبني أربيها من أول و جديد ، هما قلمين هتاخدهم هتتعدل و مش هنسمع صوتها تاني
نوح بصله و قال بحدة:-
كمال من إمتي و إحنا بنمد إدينا على حريم إتفضل حصلهم على ما أخلص إجراءات المستشفى
كمال مشي وراهم و هو هيموت من تحكمات تمارة ، ركب معاهم العربية و بص عليهم من المرايا قبل ما يتحرك و تمارة بصتله بحدة فبص للطريق قدامه و هو بيضغط على شفايفه و بيقول جواه :-
لولا نوح كنت رزعتك قلم جابك الأرض ولية قادرة
❈-❈-❈
البنات طلعوا الشقة و كل واحده منهم دخلت أوضة ، تمارة أول ما دخلت أوضيتها رمت نفسها على السرير و بقت تعيط بشهقات عالية و تقول:-
يا رب أنا مش معترضة على حكمتك بس هونها علينا ، أنا و إخواتي عشنا أيام زي الزفت و كنا مستحملين عشان خاطر فتحية ، كانت مصبرنا على كل حاجه لكن دلوقتي بقينا لوحدنا ، إسترها علينا يا كريم
قامت لبست إسود في إسود و خرجت لقت جوري و لينا لابسين و نازلين عياط
بصت ليهم بعياط و قالت:-
عيطوا براحتكم هنا عشان بره الباب دا و شاورت على باب الاوضة مش هسمح لواحدة فيكم إنها تنزل دمعة قدام اللي بره دول ، إحنا مش ضُعاف بالعكس إحنا جامدين جداً ، كفاية إننا واصلنا لحد دلوقتي
لينا :- بس انا عاوزه أشوف ماما يا تمارة
تمارة نفخت بضيق و قالت:-
بصي يا لينا ماما دلوقتي عند الأحسن مني و منك فندعي ليها أحسن عشان متتعذبش ماشي
لينا هزت رأسها بايجاب و قالت:-
ماشي و بدأت تعيط من تاني
جوري كانت دموعها نازلة بصمت و مش مبينه رد فعل
تمارة مسحت دموعها و قالت:-
يلا بينا ننزل هنروح نودع ماما و مش عاوزة أي غباوة فاهميين
جوري هزت رأسها و لينا قالت:-
مش قادرة يا تمارة مش قادرة مش متخيلة إن هيجي اليوم اللي مش هنشوف فيه ماما تاني
تمارة حضنتها و قالت:-
إستحملي عشان خاطر فتحية ، إستحملي يا قلبي و بايت على راسها
نزلوا ركبوا العربية من غير صوت و كمال إتحرك بيهم و هو بيقول:-
بقا أنا البرنس يتعمل فيا كدا ، خدام الهوانم والله لايقة على الموقف يا واد يا كيمو
❈-❈-❈
نوح كان واقف مع ظابط شرطة و حكي لية اللي حصل ، الظابط بص عليه و قال:-
إنت متأكد ، طب في كاميرات مراقبه في المكان ؟
نوح هز رأسه بايجاب و قال:-
أيوة فيه أنا حاطط كاميرات في المكان دا مخصوص سرية
الظابط:- طب إتفضل معانا لو سمحت عشان نفرغها
نوح :-
أيوة بس لازم أستني لأن بنات المجني عليها جايين و هندفنها
الظابط:-
حلو عشان ناخد أقوالهم بالمرة
نوح برق و قال:-
هو حضرتك مقدر الموقف ، دول بنات و سنهم صغير ، و تقولي تاخد أقوالهم طب فكر إنهم لسه فاقدين أمهم
الظابط هز رأسه بتفهم و قال:-
أنا فاهم كُل دا لكن دا شغلي و مش هقدر أفيد بحاجة غير إني أفرغ الكاميرات لحد ما إنتوا تخلصوا الدفنة
نوح هز رأسه بايجاب و قال:-
و أنا بنفسي هجيبهم ليك المكتب
الظابط هز رأسه بايجاب و مشي و نوح خبط على الحيط بإيده و قال:-
يعني أول ما أخدهم أخدهم على القسم دا إحنا شكلنا داخلين على أيام فُله ، ربنا يُسترها من لسان تمارة و مطبقش في زمارة رقبتها
البنات جم و وقفوا من غير كلام لحد ما واحد جه و قال:-
الجثمان جاهز يا فندم تقدروا تاخدوه
جوري شهقت بفزع من كلمة جثمان و تمارة مسكت إديها و لينا حضنت تمارة بدموع
نوح و كمال شالوا فتحية لحد العربية و إتجهوا للمقابر
لمحة من الفصل القادم
إنتي دولت ؟
دولت :- أيوة يا بيه
- هاتوها
دولت :- والله ما عملت حاجه ، طب إستنوا أغير هدومي بس
يتبع...