رواية نعيمي وجحيمها - بقلم الكاتبة أمل نصر - اقتباس - الفصل الثاني والستون
رواية نعيمي وجحيمها
بقلم الكاتبة أمل نصر
اقتباس
الفصل الثاني والستون
رواية
نعيمي وجحيمها
في غرفته وبعد أن كبح جماح غضبه طوال طريق عودتهما معًا حتى ينفرد بها ويأخذ فرصته كاملة في التحدث معها، ثم انتظارها الاَن، حتى تطمئن على هذا الصغير ميدو والذي أصرت على عودته معهما، ومبيته في غرفة الطفل المنتظر؛ طفلهما.
كان يفور ويغلي من داخله، يستعجل الثواني وكأنها سنوات، فعقله لا يستوعب حتى الآن ماحدث، وقلبه يؤنبئه بأن لها دخلًا كبيرًا بذلك.
انتبه على دخولها الغرفة بخطوات متعبة تتأوه من الألم:
-اَه يا ضهري.
خلعت الحجاب وخلعت حذائها سريعًا لتستلقي بظهرها على الفراش، بفستان السهرة
اقترب يلقي كلماته بتهكم:
- ولما ضهرك واجعك كدة، مرجعتيش على السرير على طول ليه، وسيبتي اللي اسمه ميدو ده تنيموا الخدامة؟
رفعت رأسها إليه لترد باستنكار:
- لا طبعًا مينفعش الكلام ده، الولد مخضوض اساسًا من اللي حاصل، دا انا لو عليا، كنت نمت بالمرة معاه .
-كماان
اومأ بها ليضيف بكلمات مقصودة:
- ودا على كدة بقى، هيقعد معانا كتير في البيت؟
ردت بصوت شارد وكأنها تفكر بشيئًا ما:
-يعني بقى حسب الظروف.
سمع منها ليميل برأسه إليها قائلًا:
- والظروف دي بقى اللي هي إيه بالظبط عشان افهم؟
انتبهت على هذه النظرة الحادة من عينيه؛ والتي كان يرمقها بها من علو، فاعتدلت بجذعها لتجيب بوجه جدي:
- على ما ربنا يسهل وتتحل أزمة كاميليا، لأن بصراحة انا مش هقدر اتخلى عنه في غيابها.
صمت قليلًا وعيناه ازدادت حدة ليسألها مباشرةً:
- انتِ كنتِ عارفة باللي صاحبتك هتعمله يازهرة؟
اجابته على الفور وبدون مواربة:
-ايوه يا جاسر وانا اللي ساعدتها كمان.
ردد خلفها يستوعب صحة ما سمعه:
-وانتي اللي ساعدتيها كمااان! دا على كدة كارم كان عنده حق بقى.
توقف ليهدر بصوت عالي:
- انتو مجانين؟ لما هي مش عايزة تتجوزو قبلت بيه من الأول ليه؟ تعمل الحركة الغبية دي مع واحد زي كارم وراه عيلة تسد عين الشمس! طب نفترض انها غبية ومش حاسة بخطورة اللي عملتوا، انتي تساعديها ليه؟
هتفت تخرج عن صمتها:
- كاميليا مش غبية ولا متخلفة، ولا هي كانت عايزة إن دا يحصل، بس مكانش في غير الحل دا اللي لقته قدامها، وكارم اللي انت بتتكلم عنه ده يستاهل كل اللي يجراله منها، بعد ما زلها وكان عايز يكسرها.
عقب جاسر على قولها باستفهام:
-انتي بتقولي إيه؟ ما توضحي كويس عشان اكون افهم زيك.
تطلعت إليه لعدة لحظات صامتة وصــ درها يصعد ويهبط بشدة من فرط انفعالها، وما تشعر به تجاه هذا الرجل، بعد الذي فعله مع صديقتها لتقول اَخيرًا:
-حاجة زي دي مقدرش احكي فيها يا جاسر، بس اللي اقدر اقولهلك بجد، هو إن الراجل ده سئ جدًا، وشخصيته عكس ما كل الناس شايفاها.
صاح جاسر بها:
-لكن اختيارها يا زهرة ومحدش غصب عليها، هي اللي عايزة كل حاجة على كيفها، موافقتش بطارق ليه من الاول؟ كانت ريحت نفسها وريحتنا احنا معاها كمان.
ردت تجيبه عن اقتناع:
-محدش يعرف بظروف الناس يا جاسر، أكيد كاميليا كان عندها سبب قوي يدفعها للبعد عن طارق، واختيار إنسان ضده على الإطلاق، بعيد عن الموضوع انت ممكن تلوم براحتك، لكن اللي جوا الموضوع نفسه أكيد بيبقى ليه أسباب قوية في اختيارته .
ضق عينيه جاسر يعقب مندهشًا من لهجتها:
-كلامك بقى كله اللغاز يا زهرة، وانا بصراحة مش مقتنع .
خاطبته برجاء:
-ومش هقدر اوضح أكتر من كدة يا جاسر، انا بس اللي بطلبه منك، انك تقف معايا في رعاية ميدو، وحماية عيلة كاميليا، انا وصيت إمام يبعت حد من طرفه يحرس عند بيتها هناك ويتابع هو معاه، بس برضوا قلقانة.
-يا سلام! لدرجادي انتوا خايفين منه؟
قالها جاسر باستخفاف، قابلته هي بخوف حقيقي:
-واكتر يا جاسر، وعشان كدة انا بترجاك..
صمت يتأملها قليلًا بصمت ثم قال:
- طب حيث كدة بقى، يبقى انتي لازم تقوليلي هي فين عشان اعمل حسابي بالمرة .
ردت بثقة أذهلته:
-لا هي متشلش همها خالص، ولا تعمل حسابك عليها، انا بس اللي يهمني عيلتها.
هز برأسها يسألها باستغراب:
-فيه أيه يا زهرة؟ وصاحبتك دي راحت فين بالظبط؟
ردت بنفس وضعها السابق:
-ما انا قولتلك متشلش همها، يعني ماتشغلش نفسك بيها ولا بحمايتها خالص، وياريت وحياتي عندك ما تسألني تاني كمان .
هتف فاقدًا السيطرة:
-طب ولما انتي مطمنة كدة يا حبيبتي، طمني قلوبنا احنا كمان، وليكي علينا يا ستي مش هنقول لمخلوق، بس اطمن المسكين دا اللي بيلف بالعربية بقالوا ساعات في الشوارع بيدور عليها .
ردت ببساطة لتزيد من دهشته:
-انت قصدك على طارق؟ لو هو عايزها بجد، هيوصلها على فكرة.
-ياسلام! وهو هيعرفها بقى كدة لوحده؟ إيه جو الفوازير ده يا زهرة؟ انا دوخت معاكي.
تبسمت تجيبه:
-والله ولا في جو فوازير ولا حاجة، المسألة سهلة خالص، بس زي ما قولتلك في الاول، انت برا الموضوع، يعني مش شايف الصورة كاملة .
يتبع