رواية نعيمي وجحيمها أمل نصر - اقتباس الفصل الخامس والستون
رواية نعيمي وجحيمها
بقلم الكاتبة أمل نصر
اقتباس
الفصل الخامس والستون
رواية
نعيمي وجحيمها
إيه يا كارم؟ أوعى تقول انك نسيتني ولا نسيت وشي، دا انا كنت أزعل بجد يا راجل.
قالها الرجل المهيب بلهجة ساخرة، بوجه جامد، مشتد الملامح، وهو يهبط درجات السلم بتأني رتيب مع صوت عصاه التي كانت تطرق مع كل خطوة منه، والاَخر يراقبه بأعين صقرية ضيقها بتفكير واستيعاب سريع وقبضته الحديدية اشتدت أكثر على كاميليا، فقد وضحت الاَن الصورة التي كانت مبهمة امامه منذ الأمس، هروبها المتقن يوم حفل الزفاف الذي كان ينتظره بفارغ الصبر، ثم اختفائها تمامًا بشكل غريب، أعجزه هو ورجال الأمن أقرباءه الذين تولوا مهمة البحث في سرية تامة معه، ثم اكتشافه عنوانها في هذه القرية الريفية البعيدة بعد مراقبة جيدة لهذا المدعو طارق، لتأخذه الحماسة ويأتي بالرجال المدججين بالسلاح بقصد مباغتتهم، حتى يعطي هذا المدعو طارق ومن يأويها الدرس القاسي بمعاقبتهم، قبل أن يأخذها هي عنوة ويأتي تأديبها بعد ذلك على مراحل من العذاب، وضعها في خياله بالترتيب.
-ساكت يعني ومبترودش؟
هتف بها الرجل مرة أخرى وقدمه تهبط للأرض ليواجه بلهيب عينيه المتجعدة الزويا، وميض القسوة بخاصتي الاخر وهو يزيد بتشديده على كاميليا حتى تأوهت من الألم، وتجاهل هو ليهدر من تحت أسنانه للرجل:
-أكيد طبعًا لازم المفاجأة تخليني اقف شوية واستوعب، ما انا كان لازم اعرف إن حركة وضيعة زي دي لما تعملها زوجتي العزيزة، يبقى لقت اللي يحميها ويخطط لها عشان يضربني في ضهري بخسة، ولا انتي إيه رأيك يا روح قلبي؟
قالها وشدد على قبضة شعرها لتصرخ من بين يديه كاميليا، وصرخ على أثرها من الخلف طارق:
- سيبها يا حيواان، إنت بتتشطر بس ع الستات.
إلتفت راسه إليه بحدة يحدجه بنظرة نارية خاطفة قبل ان يتغاضى ويتجاهل من أجل أن ينتبه للرجل الاَخر، بعد أن عاد إليه يتابع له بازدراء:
-مكنتش اعرف ان الزمن اتدحدر بيك لدرجادي، عشان تستخدم حيلة رخيصة أوي كدة في انتقامك مني، ويا ترى بقى انت لوحدك ولا معاك كمان.... ابنك العاجز؟
قال الأخيرة مشددًا على الأحرف، بقصد الضغط على جرح الرجل والذي تمالك رغم سريان الحمم التي تغلي بأوردته، ليرد بضربة حازمة بعصاه على الأرض:
-سيب كاميليا واخرج عن سكات ولم الحوش بتوعك.
تبسم كارم بزاوية فمه مستهزءًا بقوله:
- طب وإن مستبتهاش هتعملي إيه؟
لم يجيبه الرجل بل ظل صامتًا هادئًا حتى أومأ بذقنه للأمام، فتفاجأ كارم بفوج من الرجال تلج من الخارج أو تاتي من داخل المنزل وأسلحتهم في أيديهم اضعاف؛ ليجبروا الآخرين اتباع كارم، على إسقاط أسلحتهم عنوة، رأى ذلك المذكور فاشتعلت عينيه، ليخرج سلاحه ويرفعه بوجه الرجل يصيح بتهديد:
-أبعد رجالتك عن رجالتي وخليني اخرج بمراتي يا فوزي يا بحيري، إنت مش قد غضبي ولا عايز التاريخ يعيد نفسه من تاني، انا المرة دي مش هكتفي غير إني أحصرك على حياتك.
تبسم ساخرًا الرجل ليردف كلماته بمرارة:
-هو انت لسة هتحصرني على حياتي يا كارم؟ يا راجل دا انا كنت في عزي وكبير ناسي ونائب عن دايرة فيها الاف البشر، وقدرت انت وابوك بجبروتكم، تكسرو ابني وتكسروني معاه لما معرفتش اجيب حقه، انت لسة هتحصرني على حياتي! يا بني دا انا موت من يوميها ولا انت لسة مخدتش بالك؟
توقف فجأة فوزي وبرقت عينيه بنظرة عاصفة، ليردف بلهجة مشتدة قوية:
-كاميليا وصلت أرضي وفي حمايا يا كارم، يعني هجيبلها حقها منك واحميها ولو بموتي، سيب البنت واخرج برا يا ابن اللوا وغور من البلد على رجليك بدل ما تخرج منها على نقالة .
سمع منه كارم واشتد بالضغط على كاميليا يهزهزها مع مع فرط انفعاله المستعر:
-يعني اللي معرفتش تعملوا زمان فاكر بغباءك انك هتقدر تعملوا دلوقت؟ طب زمان انا عرفت ابنك مقامه ع الحلبة وهو قدام الدفعة كلها وخليته يصرخ زي النسوان، انت بقى جاي دلوقتي بعد ماراحت منك النيابة وراح منك شبابك وعايز تتحداني وبمراتي كمان، دا انت باينك خرفت وراحت منك، وريني هتقدر توقفني ازاي؟
قالها وتحرك بأقدامه للخلف يحاول السير بها ومن الخلف كان طارق يتابع بعد أن انفك الحصار عنه يحاول بتأني وينتظر اقتناص الفرصة، يقتله الخوف خشية أن يؤذي كاميليا هذا المجنون بسلاحه، أما فوزي فلم يكن يرى السلاح أو أي شئ اَخر، وقد تذكر سيل من ذكريات الألم والقهر حينما عجز بكل سلطته أن يأتي بحق ابنه الذي ظل على سريره في المشفى يتعالج بالشهور ولم تعد قدمه للسير الطبيعي رغم كل العمليات الجراحية التي أجريت لها بفضل الكسور المضاعفة التي فعلها عن قصد هذا الوحش الذي يتحداه الاَن، لذلك لم يتردد في التفكير بأن يقترب بجسده بتحدي هو الاَخر ليردد:
-زمان لما اتحديت ابني على ماتش المصارعة، مكنش كريم عامل حسابه ساعتها ع الغدر، كان بيتحمل الضربات القوية منك ويعديها مرة في مرة على أساس أنها لعبه وانت اللي سيطرت فيها، لحد اما فاجئته بالناهية لما مسكت في رجله تكسر فيها بدون رحمة، انا بقى دلوقتي بواجهك بصدري وعارف اني ممكن أضيع فيها لكن مش هاممني، سيب البنت بقولك.
قال الاَخيرة بصيحة مترافقة لدفعه السلاح الناري بالعصا التي رفعها فجأة لتحط بضربة قوية مؤلمة على رسغ كارم، فيسقط السلاح على الأرض بعيدًا عنه بحركة مباغتة، وقبل أن يستدرك جيدًا فاجئه طارق بتقيده من تحت أبطيه من الخلف، ليحاول نزع كاميليا من بين يديه، وذلك يقاوم بالسباب، فهجم فوزي ليشترك معه ليخلصها، وهذا يصيح بصوته العالي:
-بقى بتهجموا عليا انتو الاتنين يا حيوانات، اوعي سيب انتوا وهو لانفيكم من على وش الأرض.
كاميليا هي الأخرى كانت تحاول بكل قوتها، نزع نفسها
عنه رغم الألم الشديد الناتج من جذب شعرها، واصابعه التي كانت تضغط على خصرها، وهي تزيد كلما حاولت بمساعدة الرجل وطارق لها، وهو يقاوم بضراوة قوة الرجلين حتى استطاعت فك نفسها مع الرجل مضحية ببعض الخصلات الكبيرة من شعرها التي التصقت بقبضته وهو يندفع للأرض مع طارق الذي ظل متمسكًا به حتى وقع معه، لتبدأ بعدها معركة محتدمة بين الطرفين، صرخت كاميليا على الرجل الذي ابتعد بها عنهما:
- خلي الرجالة يفكوهم عن بعض يا عم فوزي، دا مفتري، وممكن يأذي طارق.
هم ليهتف على رجاله الرجل، ليفاجأ بصراخ طارق الذي اعتلي الاَخر ليضربه بقبضته على فكه بقوة:
-محدش يقرب مننا وخلوها لراجل لراجل.
استطاع كارم بخبرته القتالية السابقة، ان ليبدل الوضع ويقلب طارق على الأرض، فيهتف بابتسامة شرسة:
- كدة بقى يبقى انت اللي جيبته نفسك، وشكلي كدة هعيد الدرس مرتين، استلقي وعدك يا حبيبي.
قالها ليكيل بالضربات المركزة على وجه طارق وخصره: بقصد الأذية الواضحة، كتمت كاميليا فمها وهي تبكي بوجع وكأن الضربات تصيب جسدها هي، أما فوزي فصرخ على طارق:
-خلي بالك من رجلك يا بني، متخليهوش يلمسها، دا خاين وببستغل الفرصة عشان يضرب بخسة.
سمع كارم فالتفت رأسه نحو الرجل، ليستغل هفوته طارق فيدفعه عنه ثم يباغته بضربة قوية برأسه على جبهته اخلت بتوازنه فلحقها بواحدة أخرى اشد جعلته يسقط على الأرض مستقليًا بدوار شديد، اعطى الفرصة لطارق ليكمل بعدة ضربات أخرى، ويصير الوضع لصالحه
يُتبع..