-->

رواية روضتني - أسماء المصري -الفصل السادس عشر

 رواية روضتني الجزء الثالث من احببت طريدتي 
للكاتبة أسماء المصري



رواية روضتني 

الفصل السادس عشر


الإنسان لديه من العناد والكبرياء ما يجعله يرفض أي تعلم أو تعليم.

عبدالرحمن منيف.

❈-❈-❈

هناك دائما حداً فاصلاً ما بين القوة والضعف وما بين الفطنة والغباء، وليس بالضرورة أن يظهر المرء قوته فقط بذراعه أو بفرض سطوته على الآخرين، ولكن تكمن القوة حقاً عندما يستخدم الإنسان ذكاءه في حل المشكلات لا قوته العضلية.


فهناك من يغتر بقوته الإجتماعية أو مركزه، ولكن فاعلم أيها الإنسان أن هناك دائماً وأبداً من هو أكبر وأقوى منك؛ فلا تغتر بما وهبك الله به، ولا تبتعد عن طاعته حتى تجد من يؤازرك بمصائبك ومحنك.


استيقظ الجميع بيوم جديد غير عالمين بمقدرات الغيب وما قد يحدث به، فمن لديه عمل استعد له، ومن وراءه مهام قام بها ولكن القدر والغيب دائماً بعلم الله وحده.


فتحت عينها على صوت المؤقت؛ فاغلقته ونظرت بجوارها فلم تجده؛ فأبعدت غطاء الفراش من على جسـ دها وتحركت صوب الحمام ودلفت لتجده أسفل المياه فتكلمت بهدوء ورقة:

-حبيبي.


التفت يرمقها بنظراته التي لا تكتفي منها أبداً، وهي نظرات وله وولع لا ينتهي وتكلم وهو يلف تلك المنشفة حول خصره:

-صباح الخير يا سلطانه.


اقتربت منه وقبـ ـلته وهي تقول:

-جدول أعمالك إيه انهارده يا باشا؟


اتسعت بسمته واحتضـ ـنها هامساً بدوره:

-شغل، شغل، شغل بس لو عيزاني آجي معاكي متابعة الولاد ممكن افضي نفسي عشان خاطرك.


حاصرها بين جسـ ده والحائط وانحنى يقـ ـبل عنقها وهو يحاول أن يفك از رار كنزتها البيتية من على جسـ دها فقالت متمنعة بدلال:

-مبتشبعش؟!


خلل أصابعه بشعرها الطويل وتكلم بغزل:

-في حد يقدر يشبع من الجمال ده كله؟ تعالي ننزل قبل ما اغير رأيي واسيب الشغل اللي ورايا.


ضحكت وأومأت له فارتديا ملابسهما وتوجها صوب غرفة أبنائهما فطرق الباب وهو يسألها:

-الناني مريحاكي؟


أجابت مؤكدة:

-جداً، لدرجة ممكن طول اليوم محسش بوجودها هي والولاد.


دلف بعد أن فتحت له وأطرقت رأسها باحترام وهو يتجه لصغيرته، حملها ليقـ ـبلها وتركها متجهاً لنجله البكري وقبـ ـله هو اﻵخر وسألها بحيرة:

-الولاد بياكلوا ويناموا كويس؟


أومأت له مجيبة بإحترام:

-ايوه يا باشا، چاسمين هاديه ومعظم الوقت نايمه، هو جاسر بيه بس اللي شقي شويه بس خلاص اخدنا على بعض.


ترك الصغير بفراشه وعقب:

-طيب خلي بالك عليهم كويس ومتخليهومش ناقصهم أي حاجه.


خرج برفقة زوجته ونظر لها بجانب عينه وقال بضيق:

-أنا مشغول عن الولاد غضب عني يا ياسمين، مش عايزك انتي كمان تنشغلي عنهم.


انحنى هامساً بأذنها:

-متنسيش تشحني أجهزة التتبع بتاعتهم وميخلعوهاش أبداً فاهمة؟


وافقته بطاعة ونزلا الدرج فوجد مربيته وابنة عم زوجته تتسامران؛ فألقى سلاماً عابراً وجلس على مائدة الطعام ناظراً لمربيته وسألها ممتعضا:

-مازن بيه لسه نايم طبعا؟


ضحكت وهي تجيبه:

-ده مازن جه هنا لقضاه، أنا هبعت حد من الخدم يصحيه.


وقبل أن تكمل نداءها استمعوا لصوته الساخر من الخلف:

-انا صاحي، معقول هنام وأنا بايت هنا؟ أنا مش مستغني عن عمري.


جلس الجميع وبدأوا تناول الإفطار فتكلم فارس وهو ينظر لزوجته:

-وانتي عند الدكتور خلي الدكتوره دينا تدخل معاكي عشان تتطمن اكتر على الولاد وطمنيني على طول.


أومأت له دون تعقيب فأضاف:

-وخدي  معاكي الناني عشان تاخد بالها منهم ومتحتاسيش.


عقد مازن جبينه وسأل بفضول:

-هي ياسمين رايحه المستشفى انهارده عند بابا؟


أكد له بحركة بسيطة من رأسه فتكلم فورا:

-طيب ما تاخدي  معاكي چوچو بالمره تتطمن على الحمل، أحسن مروحناش لحد دلوقتي غير مره ومنعرفش الحمل وصل لفين ولا نظامه ايه.


تجهم وجه اﻵخرى وهي تستمع له، وعقبت بحزن:

-وانت مش ناوي تكون معايا المره الجايه اللي هنروح فيها للدكتور يا مازن؟


زم شفتيه وابتسم نصف إبتسامة، وأجابها بمرواغة:

-أنتي عرفاني مبحبش الدكاتره والمستشفيات وبالذات مستشفى الفهد، جاتلي منها عقده.


ضحكت بسخرية وهي ترد:

-بتكره الدكاتره ومامتك وباباك دكاتره! مش غريبه دي؟


ادار وجهه صوب أخاه الروحي يطلب الدعم؛ ففهم اﻵخير وتدخل فوراً بالحديث هاتفاً:

-روحوا المره دي بنات مع بعض، والمره الجايه أكيد هنكون كلنا معاكي يا چوچو عشان نشوف الزتونه اللي في بطنك دي، بس أنهارده أنا محتاج مازن معايا في كذا حاجه.


ابتسم الجميع على مزحته فوافقت دون تعقب، وأطرقت رأسها بضيق؛ فاقترب منها مازن وقبل كتفها أمام الجميع وهمس لها بصوت مسموع ورقيق:

-حقك عليا والله، بس انهارده فعلا مشغول، والزياره دي مش محسوبه لأن أكيد المره الجاية هكون معاكي.


ابتسم لها بوسامته المهلكة وغمز له قائلا:

-متزعليش.


انهي حديثة بقبلة طائرة على الهواء جعلتها تبتسم على الفور، وكل هذا على مرئى ومسمع من الجميع وباﻵخص نرمين الجالسه بالجهة المقابلة لهما مطرقة رأسها تنظر لطبقها وهي تحاول عدم التدخل بالحديث أو حتى اﻻستماع له.


انتهى الجميع من افطارهم وتحركا كل من فارس ومازن صوب الباب؛ فتعبتهما زوجتيهما؛ فانحنى فارس هامساً بأذن زوجته:

-خدي بالك على نفسك، أنا هسيبلك زين وأمجد مع طقم الحراسه عشان ياخدوا بالهم منكم ومتحسسيش چنى بحاجه.


أومأت له واستمعت لحديثه:

-وحاولي تشوفي نرمين ناويه على ايه ﻷن مبقاش ينفع تفضل قاعده هنا ومازن معانا، من ناحية جوزها عارف بموضوع مازن وكده احنا بنركب نفسنا الغلط، ومن ناحيه تانيه چوچو أكيد مش هتكون مرتاحه.


تنهدت بعمق وأومأت من جديد بصمت فقبـ ـلها من أعلى رأسها وتحرك للخارج ليتبع مازن لسيارته،

دلفت هي للداخل فوجدت نرمين جالسة بجوار حنان تتسامران؛ فجلست بجوارهما وتسائلت بحيرة:

-أومال چنى فين؟


ردت حنان فوراً:

-طلعت فوق.


التفتت تنظر لنرمين وغمزت لها لتتبعها ووقفت تقول باحترام:

-معلش يا دده أنا هطلع فوق أشوف الولاد لو محتاجين حاجه قبل ما نروح المتابعه بتاعتهم.


ابتسمت لها وأجابت بطيبة:

-روحي شوفي اللي وراكي يا بنتي متعطليش نفسك، أنا هدخل أقرا الورد بتاع انهارده وارتاح شوية لحد ميعاد نزولكم.


صعدتا وتوجهتا لغرفة اﻻطفال فوجدتا الطفلين نائمين والمربية جالسة تتحدث بالهاتف بهمس حتى لا توقظهما، وفور أن وجدت الباب يفتح ابتسمت بلباقة وحدثت الطرف اﻵخر:

-طيب يا حبيبي هقفل معاك دلوقتي وأبقى أكلمك بعدين.


اغلقت فابتسمت لها ياسمين وسألتها بفضول:

-ده خطيبك؟


أومأت لها فتعجبت وهي تضيف متسائلة:

-بس في الأنترفيو قولتيلي أنك سنجل!


أومأت وهي توضح:

-ما هو لسه مش رسمي، يعني بنحب بعض لكن لسه متقدمش.


انحنت ياسمين تقبل صغيرتها وهي تقول:

-أوعي لما تتخطبي أو تتجوزي تسبينا.


ابتسمت لها وهي تنفي برأسها مؤكدة:

-لا متقلقيش يا هانم، أنا مفهماه طبيعة شغلي وهو موافق وعارف النظام كويس.


استحسنت حديثها واخبرتها على الفور:

-طيب عموما اعملي حسابك عشان هننزل على الظهر كده نروح المتابعه بتاعة الولاد.


ردت بحرفية:

-عارفه يا هانم وجاهزه متقلقيش.


خرجت برفقة ابنة عمها وتوجهت لجناحها، وفور أن دلفتا جلستا على اﻻريكة وسألتها بتوتر:

-فارس مقالش ناوي يعمل ايه مع مالك؟


نفت وهي تعقب:

-ومش هيقول إﻻ لما يعرف أنتي عايزه إيه بالظبط، عايزاه ولا نويتي تنفصلي؟


سحبت شهقياً عميقاً وطردته خارجها وأجابت:

-كل الموضوع أني محتاره ومش عارفه آخد قرار.


تجهم وجه ياسمين وهي تستمع لوجة نظرها المطنبة:

-من ناحيه مش عايزه اسيبه لاني بحبه يا ياسمين وهو كان كويس معايا لحد الجواز، ومن ناحيه تانيه شخصيته الضعفيه قدام أهله مخلياني مش مبسوطه معاه وخايفه طول الوقت ومش حاسه باﻻستقرار، ومن ناحيه تالته عزراه لأن الطبيعي محدش يصدق أبدا أن الضرب في الظهر ممكن ييجي من اللي منه  واللي المفروض سنده في الدنيا، ومن ناحيه رابعه فكرة الفشل في حد ذاتها وأنا زي ما كلكم بتقولوا العاقلة والذكيه اللي فيكم؛ فيكون اختياري بالفشل ده؟


صمتت ونظرت لها بعد أن تجمعت العبرات بمقليتها واختنق صوتها بالبكاء:

-وفي النهاية كل ده جاي على أعصابي وحاسه اني مش عارفه آخد قرار.


حاولت ياسمين التحدث ولكنها لم تمهلها الوقت وتابعت:

-وكل ده في كفه ولحد اللحظه اللي مالك مكانش يعرف بتصرفات أخوه وبقت حياتي في كفه تانيه خالص، لان أنا دلوقتي بقيت محطوطه في اختبار صعب جداً وهو عمره ما هيصدق، وبالتالي عمره ما هيتنازل أو يفكر في سعادتنا وهياخد الموضوع عند وعشان كده مكنتش عايزه اقوله.


لم تفهم ما تعنيه فسألتها بحيرة:

-أنا مش فاهمه أنتي تقصدي ايه؟


أجابتها فوراً:

-يا ياسمين افهمي، الأول المشاكل كانت عشان بيت العيله وتحكم أهله، وكان رافض الفكره بس بضغط مني شويه كان ممكن يوافق، لكن بعد ما الموضوع بقى فيه إتهام صريح ﻷخوه؛ فدلوقتي لو جابلي شقه بره يبقى صدق أو على الأقل بين لي أنه مصدق وده اللي مستحيل مالك يقبله أبدا.


فهمت مقصدها فربتت على ظهرها برقة وقالت بطمانة:

-سبيها على ربنا، وهو لو بيحبك هييجي لحد عندك ويقولك أنا مش قادر أعيش  من غيرك.

ابتسمت بأسى وأومأت رأسها عدة مرات تراجع برأسها الكثير من الأحداث وتحاول أن تتخذ الكثير من القرارات.

❈-❈-❈


جلس كعادته بإجتماعات كثيرة حتى يحاول حل اﻷزمة، حتى دلفت مساعدته الخاصة تستاذن بأدب:

-عمر بيه بره وعايز يقابل جنابك.


أومأ لها دون تعقيب؛ فخرجت ودخل عمر مبتسماً بسمة لطيفة وجلس أمامه هاتفاً:

-وصلت لكل المعلومات اللي طلبتها مني يا فارس باشا.


أعجب فارس بسرعة أداءه ورد عليه مبتسما:

-شيل اﻷلقاب بقى يا عمر أنت بقيت صديق مش مجرد مدير شركة حراسات.


استحسن الآخر حديثه مبيتسما؛ فتنهد فارس بهدوء وسأله بفضول:

-ها، ايه اللي لقيته؟


أجابه وهو يخرج من جيبه قرص مدمج ووضعه بمشغله وهتف:

-غسان الصباغ... ظاهرياً رجل أعمال، ولكن من الباطن تاجر أسلحة ومهرب وتقريبا بيشتغل في كل شيئ ممنوع وخطر.


ضغط على جهاز التحكم لينتقل للصفحة التالية التي تعُرض على الشاشة أمامهما وأضاف:

-عنده شركات كتير في كذا بلد كواجهه لغسيل الأموال، وتقريبا متعاون مع مافيا التجارة الدولية وأي مصلحة دايس فيها.


عاد ضغطه على أزرار التحكم فانتقل لصورة عاليا وهي برفقته وأكمل:

-جمعته علاقة بالآنسه عاليا لفترة طويله في الوقت اللي كانت عايشه في امريكا، وتقريبا كل الناس كانوا بيشوفوهم مع بعض وكان في أخبار بتقول انهم على مشارف الجواز.


تجهم وجهه وسأله:

-وبعدين ايه اللي خلاه ميكملش ويتجوزها؟


رد عمر موضحاً:

-واضح إن السبب كان من الآنسه عاليا؛ لأنه كان تقريبا مجهز كل حاجه عشان الجواز بس هي رجعت مصر وبعدها اتقطع التواصل بينهم خالص، أو ده اللي واضح عندي في التحريات.


ضغط مجدداً واكمل:

-المراقبه اللي محطوطه عليه بتقول إن حركته قليله وكمان معندوش كمية حراسه كفايه، وبيتنقل من بلد لبلد بطيارته الخاصه، وحالياً موجود في لبنان في قصره.


صمت قليلاً وأضاف:

-مقدرتش أوصل لكل الناس اللي شغال معاهم لانه هو الواجهه بتاعة كل الشغل بتاعهم، وهو ده اللي مخوفني انه يكون وراه ناس احنا منقدرش عليهم وندخل نفسنا في متاهه أكبر من اللي احنا فيها.


اخذ نفساً عميقاً ونظر أمامه لعمر الواقف أمام الشاشة ورد موضحا:

-انا السكينه محطوطه على رقبتي ورقبة عيلتي، ولو الموضوع هيتحل بدفع الفلوس اللي طلبها كنت دفعت وسكت، بس أنا متأكد أنه مش هيخلص على كده وهيشتغلني  ويعملني لعبته؛ لأن واضح جداً إن الموضوع شخصي مش قضية مخزن وبضاعه وخصوصا بعد ما أنت أكدت لي انه كان هيتجوز عاليا.


زفر زفرة طويلة وصاح بصوت أجش:

-شايف إن أنا السبب تقريبا في رجوع عاليا أو يمكن مرضها، والواضح أنه فعلا كان عايزها وإلا ما هي كانت عايشه معاه من غير جواز فكان إيه اللي غصبه على الجواز منها.

 

تفهم عمر لحديثه والذي يبدو منطقيا ولكنه رد متخوفاً:

-أنا معاك في كل اللي أنت بتقوله، بس برده اللي أنت بتخطط له ممكن يدخلنا في متاهه كبيره وأنا قلقان، عشان كده عايزك تفكر شويه قبل ما تاخد قرارك وزي ما قولتلك أنا معاك وهعملك اللي هتقول عليه.


أنهى إجتماعه مع عمر الباشا وتوجه لآخر وهو يشعر بالإجهاد الشديد من كثرة العمل، ولكن هذا الإجتماع هو الوحيد الذي بيده انقاذه من الافلاس.


جلس أمام مدير شركة التأمين واضعا قدما فوق اﻷخرى بعجرفته التي لا يستطيع التخلي عنها أبداً ورمقه بنظرة حادة، ومازن يجلس بجواره ومعهم خبراء من جميع التخصصات من شئون مالية لإداية لمختصين بالحوادث، وكان كل ما يشغل بال موظفي شركة التأمين هو التهرب من دفع مبالغ التأمين المقررة.


استهل فارس الحديث وهو يتحدث بثقة وقوة:

-أظن بعد شهر وشوية من التحقيقات ولسه لحد دلوقتي مش عارفين تلاقوا سبب للحريق يبقى ده ينفي تماماً إحتمالية أنه بفعل فاعل؟


رد مدير الشركة بتوتر:

-في حاجات ممكن تظهر لما اﻷنقاض تتشال و.....


قاطعه مازن بحدة:

-هو أحنا لسه هنستنى لما تتشال؟ 


وضع فارس راحته على كتف مازن وغمز له متحدثا بهدوء:

-اهدى شويه.


ثم التفت ينظر لمدير الشركة وقال بأسلوب تحذيري:

-هو بس المسئولين عن شركة التامين مش عارفين مصلحتهم ومفكرين انهم لو اتهربوا من دفع التعويض ده هيكسبوا.


أبتسم نصف إبتسامة بزاوية فمه وأضاف :

-بس في الحقيقه هم هيخسروا وهيخسروا جامد كمان، ﻷن طبعا أنا مستحيل استمر مع شركه معندهاش مصداقيه في الدفع وكل اللي فالحه فيه تاخد مبلغ التأمين كل أول شهر ووقت الدفع تخلع، والأكيد اني هقول لكل اصحاب الشركات اللي بيتعاملوا معاهم على اللي حصل منهم والكل هيسحب تأميناتهم وشوف انت كام رحل أعمال مستعد يجامل فارس الفهد، وساعتها الشركه فعلا هتخسر وخسارتها مش هتكون مبلغ التعويض اللي هم مستكترينه دلوقتي .... لاااا دي الخسارة هتتسبب في إعلانهم للإفلاس.


ابتلع مدير الشركة ريقه؛ فهمو يعلم فارس الفهد عندما يتحدث يتلك الطريقة إن كان يعني حديثه أم يهدد؟ وقد تأكد تماماً أنه يعني كل حرف خرج من فمه؛ فتكلم بهدوء محاولاً التوصل لحل لتلك اﻻزمة فهتف:

-أنا لو دفعت المبلغ دة مره واحده يبقي برده هفلس يا فارس باشا، علشان كده لو تسمحلي أقسط على دفعتين ولا تلاته.


رفض بتعابيره قبل أن ينطق ببنت شفه وقال صارا على اسنانه:

-أنا يعني اللي استنى على حقي مش كده؟ هو انتم في الشركه لو حد من العملا اتاخر في السداد اسبوع واحد بتعملوا ايه؟


رمقه بنظرة مغتاظة وهو يجيب تسائله:

-اقولك أنا بتعملوا ايه؟ بتلغوا عقد التأمين وبيضيع عليه كل المبالغ اللي دفعها.


عقب مازن على اخيه الروحي:

-أحنا نفسنا في الظروف دي ودفعنا في ميعادنا يا بوص ومقولناش حتى إن المصنع اتحرق والمفروض إن ده وقت سداد منهم لينا مش العكس، ومع ذلك دفعنا القسط بتاعنا.


ابتلع المدير من جديد ريقه بتباطئ وأوما له وهو يؤكد:

-خلاص يا فارس باشا، اديني بس أسبوع ولا أتنين احاول اظبط لحضرتك المبلغ كله على بعضه و...


قاطعه فارس واقفا ومتحدثا بصوت آمر:

-اﻻسبوع ده مبلغ التأمين يكون عندي وإلا....


صمت رافعا سبابته أمام وجهه وهو يضيف:

-انا ورايا بيوت مفتوحه وأهالي هتتشرد لو المصنع ده فضل أنقاض كده كتير، ومن حقي عليكم والتزامي معاكم أنكم توفوا شروط العقد اللي بينا وإلا متلوموش إلا نفسكم على اللي هعمله، وصدقني مش هخلي شركتهم تقوم لها قومه من تاني.


❈-❈-❈

تجهزن وذهبن برفقة الحرس الخاص لمشفى الفهد ودلفت ياسمين برفقة نرمين للطبيب المسئول عن متابعة فلذتي كبدها، ولحقت بهما دينا التي ابتسمت فور أن وقعت عينها على چنى تجلس بالخارج بجوار المربية؛ فوقفت تتحدث معها بحنان:

-ايه يا چوچو عامله إيه يا حبيبتي؟


أجابتها اﻷخرى ببسمة فرحة:

-الحمد لله يا طنط حضرتك عامله ايه؟


أومأت لها وهي تجيب:

-والله الحمد لله، طمنيني عنك وعنك النونو!


اتسعت بسمة چنى على الفور ووضعت راحتها على بطنها بحركة تلقائية وقالت:

-أنا الحمد لله، بس مازن قالي أروح اطمن انهارده لحد ما هو يفضى ويبقى ييجي معايا.


ربتت على كتفها وكانها تفهم شكوتها الخفية، وقالت بتوضيح:

-معلش يا چوچو انتي شايفه الحال عامل أزاي يا بنتي والمصيبة طايله الكل.


وافقتها الرأي فسألتها:

-ياسمين جوه مع الدكتور؟


أومأت مجيبة:

-ايوة، ونرمين معاها.


تجهم وجه دينا بشكل عفوي وتسائلت بضيق:

-ايه اللي جابها؟


ردت زامة شفتيها بحنق:

-معرفش، دي قاعده عند فارس وأنا كمان روحت اقعد هناك كام يوم عشان حظي تتقابل مع مازن ويشوفوا بعض صبح وليل.


اقتربت منها دينا وتحدثت بوجل وقلق:

-انتي شوفتي تصرف ضايقك منها ولا من مازن؟


نفت على الفور وهي تؤكد:

بصراحه لأ، هي بتحاول تتحاشي التعامل معاه خالص، وهو بيتعامل معاها ولا كأن اللي بينهم عمره ما كان.


تعجبت دينا وسأتلها بحيرة:

-انتي مضايقة من ايه طيب؟  ولا الهرمونات عامله عمايلها؟


انهت حديثها بضحكة رقيقة؛ فبادلتها الضحك وهي ترجوها:

-ابوس إيدك يا طنط متقوليش الكلام ده قدام مازن أحسن هيمسك فيه انتي عارفاه ما بيصدق.


مسحت على ظهرها وهي تقول باستحسان:

-مازن بيحبك يا چوچو، والله يا بنتي أنا ما كنت مصدقه الحكايه دي، بس الظاهر انه كان جد!


تنهدت الأخرى والقلوب تخرج من عينها مرسومة ببسمة مشرقة؛ ففرحت دينا وهي تقول بسعادة:

-ده واضح إن مش ابني بس اللي واقع لشوشته

أطرقت رأسها خجلا وهي ترد:

-متكسفنيش بقى يا طنط.


أومأت لها والتفتت متوجهه لغرفة الكشف وهي تقول:

-طيب هروح أطمن على ولاد فارس وارجعلك.


دلفت فوجدت الطبيب قد انتهى من فحص الطفلين؛ فسألته بعد أن رحبت بياسمين وصافحت نرمين بعدم اهتمام:

-ايه اﻷخبار يا دكتور؟


أجاب بعمليه ومهنية شديدة:

-الحمد لله الخطر راح تماماً عن جاسر و صحته بقت زي الفل.


سألته مجدداً:

-طيب وچاسمين؟


أجاب وهو يخط بقلمه:

-الحمد لله أحسن بس هتحتاج نقل دم ﻷن عندها فقر دم، وده طبعا نتيجة التسمم اللي حصل أثناء الولادة وحمى النفاس.


صرت ياسمين على أسنانها وهي تحاول كتم عبراتها فتشوشت رؤيتها من دموعها التي حجبتها، وقالت بصوت مختنق من البكاء:

-انا كنت بحسب بعد كل اللي عملناه ده مش هنحتاج ندخل في موال نقل الدم ده، بس الظاهر إن مفيش فايده.


رد وهو يناولها الوصفة الطبية:

-احنا عملنا اللي علينا بس هي عندها فقر دم صريح ومحتاج نقل دم ضروري، وبعدين يا هانم جلسه في الشهر مش قضيه ولا حاجه خطر، متقلقيش.


خرجن فنظرت چنى لبكاء زوجة أخيها؛ فهرعت ناحيتها تسألها بلهفة:

-في ايه؟


ردت دينا على الفور موضحة:

-مفيش يا حبيبتي متتخضيش كده عشان اللي في بطنك، هي بس چاسمين محتاجه نقل دم وياسمين عملاها قضيه.


التفتت تنظر لدينا وسألتها بحيرة:

-أنا خايفه حالتها تفضل كده ونحتاج لنقل الدم ده كل شويه.


ربتت على ظهرها تؤازرها وهي تقول:

-متخافيش يا ياسمين، إن شاء الله مش هتحتاج تاني.


ذهبن صوب غرفة الكشف الخاصة بطبيبة النساء؛ فتركتهن دينا وعادت لعملها ولكن چنى نظرت لنرمين وقالت بشكل مبتذل:

-انا محتاجه أدخل لوحدي انا وياسمين، فمعلش ممكن تخليكي هنا مع الناني.


التفتت ياسمين بخضة ونظرت لها بمعاتبه وقالت:

-ميصحش كده يا...


قاطعتها نرمين:

-أنا كده كده مكنتش هدخل ﻷن عايزه أنا كمان أكشف وأكون لوحدي؛ فادخلوا أنتوا اﻷول وبعدين هبقى أدخل أنا.


وبالفعل تم الكشف على چنى وخرجت وبدلت نرمين وياسمين ظلت بالداخل منتظرة أن ينتهيا من كشفهما حتى أنتهت اﻷخرى وأطمأنت انه لم يحدث حمل وأن الوسيلة التي تستخدمها فعالة ولها تأثير كبير؛ فاستعدت للمغادرة ولكن أوقفتهما الطبيبة تسأل ياسمين:

-أخبارك ايه دلوقتي؟


ابتسمت لها وردت:

-الحمد لله كويسه جداً.


سألتها مجددا:

-ملتزمين بالوسيلة؟


ترددت قليلا وظهر على وجهها معالم الخجل فتذمرت الطبيبة:

-حرام والله انا مأكده عليكم إن مينفعش حمل دلوقتي خالص.


رفعت كتفيها وعقبت:

-احنا أحياناً بنعمل عزل لما الوسيلة بتكون مش متاحه يعني.


قوست فمها وقالت بضيق:

-العزل مش آمن برده، ومع ذلك اﻷفضل إنك تكشفي كل فتره عشان نطمن على حالة الرحم.


هنا تدخلت نرمين التي قالت فورا:

-إحنا فيها، ادخلي اكشفي

استمعت لصوت بكاء الرضيعة فقالت بتهرب:

-طيب هشوف چاسمين مالها و...


امسكتها نرمين من ذراعها فهي أعلم الناس بتوأمها الروحي وقالت بإصرار:

-أنتي هتدخلي تكشفي دلوقتي حالا، يلا.


ضحكت واستسلمت لرغبتها ومددت جســـ دها على سرير الكشف وبدأت الطبيبة بالكشف عليها فسألتها بعملية:

-ال period منتظمه معاكي؟


أجابتها نافية:

-أصلا مجاتش ولا مره من ساعة الولاده، وطنط هدى قالت لي بترضعي نضيف.


ضحكت الطبيبة وهي ترد:

-أنا مش مقتنعه بموضوع الرضاعه النضيف دي وملوش أي اساس طبي، أينعم الرضاعه ممكن تكون عامل في تأخير الحمل لكن مش مانع من موانع الحمل.


وضعت يد جهاز اﻷشعة التلفزيونية على بطنها؛ فتجهم وجهها على الفور ونظرت لياسمين بضيق فتسائلت نرمين:

-في حاجه يا دكتورة ولا ايه؟


ردت بتجهم وغضب:

-آه في، في حمل.


لمعت عين ياسمين بالدهشة وتسائلت بذهول:

-حمل! أنتي متاكده يا دكتوره؟


لفت شاشة الجهاز تجاهها وأشارت بيدها على نقطة سوداء وقالت بتأكيد:

-كيس الحمل أهو قدامك باين زي عين الشمس.


ابتسمت ياسمين وكتمت ضحكتها وهي تستمع للطبيبة:

-أنا بجد مش عارفه أعمل إيه معاكم، معقول في حد يستهتر بصحته وحياته بالشكل ده؟


هنا لم تصمت نرمين وسألت بقلق:

-هو الوضع خطير ولا ايه؟


أكدت لها موضحة:

-طبعا في خطر، الرحم في حاله مش مستعده أبداً لا لحمل ولا إجهاض ولا أي حاجه من اﻵساس، ومع ذلك مفيش إهتمام بالرغم إني كنت صريحه وقولت لكم على الوضع.


ردت ياسمين بضيق بعد أن وجدت طريقتها حادة بعض الشيئ:

-احنا التزمنا قدر المستطاع وبعدين دي ارادة ربنا ومفيش حاجه نقدر نعملها

هاجت فورا وهي ترد عليها:

-لا طبعا الحمل ده للأسف لازم ينزل عشان صحتك وصحة الرحم كمان.


رفعت ياسمين حاجبها لأعلى، ونظرت لها بجمود ووقفت من مكانها تهندم ملابسها وهي ترد على حديثها:

-ايه الكلام الفارغ ده؟ أنتي عايزاني أموت ابني عشان ايه؟ أنا مستحيل اعمل كده.


نشأ حوار محتد بين كل منهن والطبيبة ونرمين تحاولان إقناعها، ولكنها أصرت على قرارها وقالت بفروغ صبر:

-خلاص بقى أنا أخدت قراري ويلا عشان أشوف هعمل إيه في جاسمين اللي محتاجه نقل دم دي.


هدرت نرمين بغضب:

-يا بنتي متبقيش غبيه، الحمل خطر عليكي وعلى صحتك وفي اﻵخر ممكن الحمل ميكملش زي الدكتوره ما قالت.


رمقتها بنظرة متضايقة وغادرت فلحقتها نرمين التي حاولت التحدث معها علها ترتجع عن قرارها؛ فصرخت بها دون حذر:

-يا ياسمين استني متنشفيش دماغك، حرام عليكي الوضع خطر ومش عايز هبل.


لاحظت چنى حدة نرمين؛ فتوجهت صوبهما وتسائلت بحيرة:

-في ايه؟


نظرت ياسمين لها تحذرها من الإفشاء بسرها؛ فصرت اﻷخرى على أسنانها بالغيظ ولكن لحقت بهما الطبيبة وهي تمسك بيدها الوصفة الطبية والتشخيص وقالت بإصرار:

-أنا بلغتك بالحاله وتنشيف الدماغ مش في مصلحتك، اعمليلي التحاليل دي وتعالي بكره عشان نشوف هنعمل ايه.


تسائلت چنى مجدداً:

-حد يقول في ايه؟


ردت الطبيبة تخبرها:

-ياسمين هانم حامل بالرغم من كل التحذيرات وحالتها الصحية اللي مستحيل تقدر تخلي الحمل ده يكمل، فأنا مش فاهمه سر اصرارك على انك تخليه ايه وهو أصلا احتمال كبير ميكملش؟


ردت تنظر لعينها بقوة:

-اديكي قولتي بنفسك أهو، إحتماااال وزي ما في إحتمال ميكملش ففي إحتمال أنه يكمل، وأنا مستحيل أقتل حته مني ومن فارس عشان توقعات.


يأست الطبيبة فتركتهن وغادرت فحاولت چنى التدخل علها تقنعها فقالت:

-ده ضروره طبيه يا ياسمين وأنتي كده بتأذي نفسك واﻵكيد إن فارس مش هيوافق على كده.


هنا التفتت رأسها 360 درجة وقالت بتحذير:

-اياكي تقوليلو يا چنى.


رفعت حاجبها تنظر لزوجة أخيها وهمهت بحيرة:

-يعني ايه؟ أنتي هتخبي عليه إنك حامل أصلاً؟! اصل انا متأكده إن فارس لو عرف بالحمل في حد ذاته هيعرف إن في خطوره ومش هيسكت و...


قاطعتها تؤكد:

-ايوه مش هقوله ... أو على الأقل مش دلوقتي وهو مشغول في المصايب اللي هو فيها.


عقبت نرمين عليها بغضب:

-قصدك هتخبي عليه لحد ما تحطيه وتحطينا كلنا قدام الأمر الواقع.


حاورتها قائلة:

-وهو انتوا دخلكم إيه من اﻷساس؟ ده حاجه تخصني أنا وفارس وأنا الوحيده اللي من حقي أقوله واختار الوقت كمان.


هدرت نرمين بصياح:

-معقول الموضوع مهم أوي كده بالنسبة لك؟ أنتي اللي يشوفك يقول مخلفتيش قبل كده ونفسك في الخلفة... أو لو نزلتيه مش هتعرفي تجيبي تاني.


زفرت هواء فروغ صبرها وقالت بتأكيد:

-اسمعوا انتوا اﻷتنين، كل واحده فيكم لما بتيجي تقولي سرها بحفظه وعمري ما طلعته بره إﻻ في الوقت المناسب اللي انتوا بتكونوا عارفين بيه وموافقين عليه، ولو انتوا دلوقتي معملتوش ده معايا بالمثل؛ فأنا مش هعرفكم تاني.


حركت چنى رأسها باستسلام، ولكن نرمين لم تستلم وصرخت بها:

-الكلام ده في مشاكل وحاجات هبله مش في حياتك وصحتك و...


قاطعتها مجددا مؤكدة:

-يا نرمو الدكتورة دي أصلا هواله وأنا وفارس عارفين كده من ساعه حملي في جاسر، فمتكبريش الموضوع وسبيني أشوف بنتي وحالتها أهم دلوقتي.


تحركت صوب المربية التي تابعت كل حديثهن دون تدخل، وإنحنت تحمل صغيرتها تقبلها بشوق وتقول بحزن:

-حبيبتي أنتي، يارب يشفيكي يا قلب مامي.


سألتها چنى وهي تقضم أظافرها:

-المفروض تقولي لفارس على حالتها، هو مستني تكلميه واتصل كذا مر وأنا...


قاطعتها وهي تقوس فمها بفروغ صبر:

-وبعدين بقى، يا جماعه محدش بيتدخل في حياتكم، فعلى اﻷقل احترموا خصوصيتي ومتتدخلوش.


نظرت چنى لنرمين تطلب منها العون؛ فتمتمت اﻷخرى باستسلام:

-أنسي خلاص، طالما حطت في دماغها حاجه ولا هتسمع مننا، بس هي حره وقت فارس ما يعرف هتستلقى وعدها منه.

❈-❈-❈

وقف متكئا على السيارة بجوار باقي الحرس يتحدث عبر الهاتف المحمول وهو مبتسم:

-والله العظيم وحشتيني يا دودو، انتي متخيله اني بعيد عنك بمزاجي؟


تدللت ورققت من صوتها وهي تسأله:

-يعني مش هشوفك انهارده كمان؟


نظر لرفيقه المتسع البسمة وهو يشاكسه بصوت انثوي مصطنع:

-يا زييين، تعالى بقى أتاخرت عليا ليييه.


ضغط على أسنانه ولكمه لكمة قويه في كتفه موبخا اياه:

-بطل يا بني أحسن تصدق.


ضحكت من الطرف اﻵخر وقالت ساخرة:

-لو صدقت إن في صوت بنت بالوحاشة دي أبقى عبيطة.


ضحكا سويا وسألته من بين ضحكاتها:

-مين ده اللي بيغلس عليك؟


رد وهو يدفعه بكتفه:

-ده أمجد الرخم.


تعجبت وسألته بحيرة:

-انتو اﻵتنين معاها، مش كنتوا بتبدلوا سوا؟


أومأ وكأنها تراه ووضح:

-الباشا خايف عليها هي والولاد خصوصاً إن معاهم چنى هانم كمان بتكشف، وبنت عمك مدام نرمين هنا هي كمان.


سخرت فورا:

-ما دي ضل ياسمين، ساعات بحسهم أخوات اكتر ما هي وشيرين.


صمت فأكملت دلالها عليه:

-طيب يا زين هتتجي أمتى تتقدم لبابا بقى، كده الموضوع طول من يوم ما كلمته وهو عارف اننا بنتكلم ومش حابه أفضل مستعطبه كده عليه، خايفه أوي يقفش علينا ويرفض بعد كده.


رد موضحا بإيجاز:

-باباكي شايف الظروف وفاهم.


زفرت بضيق وهتفت بحدة:

-طيب يعني ما أصحاب المشكله عايشين حياتهم واحنا اللي موضوعنا وقف.


خرجت ياسمين بتلك اللحظة برفقة چنى ونرمين؛ فوجدت الحرس يقفون بجوار السيارات وزين متجهم الوجه يحتد رداً:

-يا دعاء أنا في ايدي ايه اعمله طيب؟ أنا مستعجل اكتر منك بس...


صمت فور ان وجد زوجة رب عمله أمامه فابتسمت له ومدت راحتها تأخذ منه الهاتف؛ فناولها إياه واطرق رأسه لاسفل فتحدثت بود:

-أزيك يا دعاء عامله ايه وحشاني ؟


ردت من الطرف اﻵخر:

-اهلا يا ياسمين.


صوتها المقتضب جعل ياسمين تسألها:

-في ايه بس؟ زين مزعلك في ايه؟


ردت بصوت حاد وجاد:

-مش زين اللي مزعلني، جوزك اللي موقف موضوعنا عشان اللي حصل، بذمتك انتوا حياتكم واقفه يا ياسو؟


تفهمت سبب ضيقها فردت مفسرة:

-هو ملوش علاقه باللي حصل اكتر منه انشغال بس يا دعاء، بس متقلقيش أنا هكلم فارس.. انهارده هو اكيد سقط الموضوع من دماغه مش اكتر.


سمعت لهمهمتها؛ فتركت الهاتف لحارس زوجها وتوجهت للسياره فإنحنى أمجد يفتح لها الباب ولا زالت دعاء على الهاتف تسأله:

-معنى كده إن فارس من غير حراسه ولا ايه؟


رد موضحا:

-لا طبعا، معاه بدل الحارس عشره، انا بس اللي مش معاه.


صمتت فتحدث بتعجل:

-طيب هقفل معاكي عشان أوصل ياسمين هانم للڤيلا وهبقى أكلمك تاني في البريك.


ضحكت وأغلقت معه ونظرت أمامها في المرآة وهي تزم شفتيها وتضيق حدقتيها بغل وتهمس لنفسها:

-هااانت.

يتبع...