-->

رواية تعويذة العشق الأبدي سمر إبراهيم - الفصل الثالث عشر

 

رواية تعويذة العشق الأبدي 

بقلم الكاتبة سمر إبراهيم





الفصل الثالث عشر 

رواية 

تعويذة العشق الأبدي 



إن حب أختي على ذلك الشاطئ

وبيني وبينها مجرى ماء

ويربض على شاطئ الرمل تمساح

ولكني حين أنزل في الماء

أسير على الفيضان

وقلبي جسور على المياه

والتي أصبحت كاليابسة تحت قدمي

وان حبها هو الذي يبعث في تلك الشجاعة

"شعر فرعوني"



❈-❈-❈


تستعد للذهاب إلى المشفى لمساعدة عهد في إحضار شقيقتها تغمرها السعادة لشفاء فلذة كبدها وإن كانت سعادة منتقصة خاصة بعد أن قصت عليها عهد ما حدث وما فعلته ابنتها الهادئة لتشعر بصدمة هائلة جراء ما سمعته فلم تكن تتصور حتى في أحلامها أن تفعل ابنتها ذلك فلقد كانت دائما مثال للفتاة الصالحة لم يكن لها أصدقاء قط دائما منعزلة في غرفتها صامتة في أغلب الأحيان إلا مع عهد التي كانت تعتبرها كل شيء بالنسبة إليها حتى هي أمها لم تكن متفاعلة معها كما هي مع شقيقتها لتتساءل بينما وبين نفسها كيف أمكنها فعل هذا؟ ولكنها لن تحدثها في هذا الآن فلتتعافى أولًا وبعدها يأتي دور الحساب على ما فعلته من جرم في حق نفسها وحقهم جميعا فيكفي أنها كانت السبب في ذلك العذاب الذي تلقته على يد والدها طوال الإسبوع المنصرم فلقد كان يصب عليها جام غضبه وينعتها بأبشع الصفات جراء ما فعلته ابنتها وقام بتحميلها وحدها ذنب ما حدث فهي من فشلت في تربية ابنتيها ليصبحتا على ما هما عليه الآن إحداهما قد فرطت في شرفها والأخرى لا يعلم الى أين تذهب ومع من تكون بل وفوق كل ذلك تقف أمامه وتناطحه كلمة بكلمة.


تنبهت على صوته البغيض وهو يصيح بها بصوته الجهوري:


- على فين العزم من صباحية ربنا كدا يا ولية ولا هي خلاص بقت وكالة من غير بواب وكلكم بقيتوا دايرين على حل شعركم من غير ظابط ولا رابط.


التفتت إليه لتجده في فراشه ينام على إحدى جانبية ساندًا رأسه على راحة يده وينظر إليها بنظرات يتطاير منها الشرر فأجابته بصوت متلعثم من فرط خوفها:


- دا، دا، دنا رايحة المستشفى يا خويا عشان أجيب وعد أصلها هتخرج النهاردة ان شاء الله.


زمجر بغضب واحمرت عيناه ونهض من الفراش كثور هائج مقتربًا منها ممسكًا بإحدى زراعيها بقوة وتحدث وهو يهزها بعنف حتى ظنت إن زراعها سينخلع في يده:


- هو أنا مش قولتلك ١٠٠ مرة يا ولية انتي متجيبيش سيرة الفا جرة دي على لسانك اللي عايز قطعه ده، وقولت اني مش عايز أشوف خلقتها، ولا تدخل البيت ده تاني ردي عليا يا ولية قولت ولا ماقولتش، ولا انتتي مش مكفيكي إنها جابتلي العار ولبستني طرحة قصاد الناس؟


أنّتْ بألم وصوت مكتوم تحاول ألا تخرج صوتًا حتى لا يزيد من عقابه لها وتحدثت من بين دموعها:


- قولت يا خويا، قولت، بس البت هتروح فين بس؟ هنرميها في الشارع لكلاب السكك تنهش فيها مهي برضه لحمنا ودمنا مهما كان.


زادت قبضته على زراعها فلم تعد تتحمل لتصرخ بألم ممسكة بزراعه تحاول تخليص نفسها منه ولكنه أبى ذلك ليتحدث من بين أسنانه بغضب شديد:


- تغور في ستين داهية تاخدها اللي تفرط في شرفها مالهاش مكان عندي وتحمد ربنا اني مخلصتش عليها الفا جرة.


تحدثت بألم تحاول تبرئة ابنتها عله يرأف بها ولو قليلًا:


- مفرطتش في شرفها والله يا خويا أحلفلك على مصحف أنها مفرطتش فيه منهم لله ولاد الحرام دا مغرز وانعمل فيها عشان يسوأوا سمعتها بس ربنا نجاها منهم.


- كروديا انا بقى عشان أصدق الكلام اللي بتقوليه ده دنا جايبها بإيدي من الشقة يا ولية يا موالسة هتفضلي توالسي عليهم لحد امتى ولا تكونيش بتعملي زيهم ومستكرداني.


قال ذلك بعد أن أمسك بشعرها المغطى بحجابها وأخذ يهزها بقوة حتى انفك الحجاب وهي تصرخ بين يديه تطلب منه الرحمة ولكن هيهات أن يفعل ذلك فترك يده الممسكة بزراعها ولطــ مها بقوة على وجهها وأذنها فشعرت وكأن بعض من أسنانها قد سقطت من قوة اللطمة وامتلأ فمها بالدماء التي سالت على جانب فمها كما أنها أحست بطنين في أذنها وتشوشت الرؤية أمامها ليأتي صوته وكأنه آت من بعيد وهو يقول:


- عايزين تلبسوني قرون على آخر الزمن يا ولاد الك لب لا دنا أقتلكم واشرب من دمكم انتوا التلاتة قبل ما تفكروا تعملوها.


أنهى حديثه وهو يطرحها أرضًا وهو يصرخ قائلًا:


- غوري من وشي واعملي حسابك إن بنتك الفا جرة هتتجوز أول الشهر الجاي أنا خلاص قريت فاتحتها مع الاسطى عزب الميكانيكي اللي فاتح ورشة على أول الحارة وأهو ساعتها هنشوف هي شريفة بجد زي ما بتقولي ولا لأ، وديني وما أعبد يا سميحة إن ماطلعتش بنت لأكون شارب من دمها ومالهاش دية عندي.


لم تستطع مجادلته فيما قاله فكل ما استطاعت فعله هو أن زحفت خارج الغرفة بصعوبة شديدة لتبكي بقهر دون أن تعلم هل تبكي بسبب الألم الزي تشعر به يفتك برأسها، وزراعها جراء ما فعله بها، أم بسبب ما سمعته منه بخصوص ابنتها الذي يود أن يلقي بها لرجل في مثل عمره متزوج من اثنتان وعنده من الأبناء من هم في مثل عمرها إن لم يكن أكثر.


ظلت ملقاة أرضًا لبعض الوقت، متكورة على نفسها لا تستطيع الحراك تبكي بقهر على ما وصل إليه حالها وحال بناتها، وبعد فترة تحاملت على نفسها ودخلت المرحاض لكي تغسل وجهها وتعدل من حجابها حتى لا تتأخر على ابنتيها ولكن ازداد بكاؤها عندما نظرت لنفسها في المرآة ووجدت كدمة حمراء تقع جانب عينها اليمنى، والتي من المؤكد أن يتغير لونها للون الأزرق بعد قليل من الوقت، كما وجدا الدماء متجلطة حول فمها ففتحت فمها بصعوبة شديدة لتجد ضرسان قد تزعزعا من مكانهما وكادا ان ينخلعا من شدة اللطمة وطنين أذنها لا يرأف بها أبدا بل يزداد كلما حركت رأسها لتتمتم بينها وبين نفسها وهي تتلفت يمينا ويسارا بخوف حتى لا يسمعها فرعبها منه وصل لدرجة أن تخشى حتى التحدث عنه بينها وبين نفسها:


- إلهي تتشل في إيدك اللي عاملة زي المرزبة دي يا شيخ حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا بعيد.


❈-❈-❈


وصلت المشفى بعد قليل من الوقت ومعها بعض الملابس التي قد يحتجنها عند مغادرة المشفى، تنظر أرضًا حتى لا يرى أحد تلك الكدمة التي باتت ظاهرة على وجهها.


طرقت باب الغرفة وولجت إليها لتجد رهف موجودة بالداخل تتحدث مع عهد بصوت منخفض وبحثت بعينيها عن وعد لتجدها نائمة في الفراش والمحلول المغزي موصول بيدها مرة أخرى فأنزلت ما بيدها أرضا وخبطت على صدرها وهي تتجه نحو الفراش المتسطحة عليه ابنتها وصاحت بلهفة:


- يالهوي، اختك مالها يا عهد؟ حصلها ايه تاني؟


قامت إليها رهف فربتت على ظهرها بحنان وحثتها على الجلوس بجوارهما ليفهموها ما حدث:


- متقلقيش يا طنط هي بخير الحمد لله تعالي اقعدي بس واحنا هنفهمك اللي حصل.


ذهبت معها على مضض فوجدت ابنتها منكسة الرأس تضع يديها فوق رأسها ليزداد ارتيابها فيما حدث فذهبت إليها وانحنت أمامها نازعة يدها من فوق رأسها وتحدثت بريبة:


- اختك جرالها إيه يا عهد؟ أنا سايباكم امبارح على اساس هتخرج النهاردة وكانت كويسة وزي الفل حصلها ايه مسافة سواد الليل عشان آجي ألاقيها بالمنظر ده؟


تنهيدة حارة خرجت من صدرها وهي تشير إليها برأسها ان تجلس بجوارها:


- اقعدي يا ماما وانا هحكيلك على كل حاجة.


جلست على مضض لتستمع الى ابنتها فزفرت الأخرى بحرقة وشبكت أصابعها أمامها وتحدثت وهي تنظر إلى يديها:


- اللي حصل إن عهد حاولت تنتحر من ساعتين ولولا ستر ربنا وإني دخلت عليها في الوقت المناسب يا عالم كنا هنلحقها ولا لأ.


صدمة حلت عليها ألجمت لسانها هل ما سمعته صحيح وكيف تقدم فلذة كبدها على فعل ذلك؟ ألا يكفيها ما فعلت من ذنوب حتى تختمها بالموت كافرة؟ هل هانت عليها حياتها لهذا الحد؟ ولم تفكر بما سيحدث لها هي وشقيقتها ان فعلت هذا بنفسها وفقدنها للأبد.


هزت رأسها يمينًا ويسارًا بحركات متتالية وكأن عقلها يرفض ما يسمعه وتحدثت ببكاء يقــ طع القلب وهذيان شديد وكأنها لا تدرك ما تقوله:


- لا انا بنتي معملش في نفسها كدا أبدا قولي انك بتضحكي عليا يا عهد؟ أنا مهونش عليها عشان تحرق قلبي وتموت كافرة وأفضل عايشة بنا رها طول العمر دي أكيد تهيؤات، آه أكيد الصداع اللي ماسكني من الصبح هو السبب في التهيؤات دي منك لله يا عادل انت السبب في ده كله.


ضمتها إليها علها تستطيع أن تهدئ من روعها قليلًا ولم تقف قليلًا عند حديثها بخصوص والدها فلقد ظنت أنها تقصد بذلك ما فعله بوعد ولكنها انتبهت عندما وجدت رهف تقترب منهما ورفعت رأس سميحة المستندة على كتف عهد لتمعن النظر بها وسألتها بتعجب:


- ايه اللي في وشك دا طنط؟ ايه اللي حصلك؟ انتي كويسة؟.


ارتبكت كثيرا وفرقت عناقها مع ابنتها لتنظر أرضًا وقربت الحجاب على وجهها أكثر وأجابت بتلعثم من بين شهقاتها:


- مفيش حاجة يا بنتي متقلقيش دنا من لهوجتي وأنا جاية اتخبطت في باب الشقة حاجة بسيطة متاخديش في بالك.


لم تصدق رهف حرف مما قالته خاصة بعدما وجدتها تتهرب من النظر الى عينيها وهي تتحدث ك برهان واضح على كذب حديثها ولكن عهد تنبهت لحديثهما فنظرت الى والدتها بشك ورفعت وجهها؛ لتمعن النظر به وحدثتها من بين أسنانها بغضب مكتوم:


- باب إيه يا ماما اللي اتخبطتي فيه؟ قوليلي الحقيقة دي مش شكل خبطة باب أبدا.


التفتت بوجهها بعيدا عن أعينهما وتحدثت بارتباك:


- انتي بتكدبيني يا عهد بعد العمر ده كله وأنا، وانا هكدب ليه يعني؟ هو ده اللي حصل، وبعدين احنا في إيه ولا في إيه؟ نطمن على أختك الأول وبعدين نبقى نشوف الباب اللي خبطني.


تعلم جيدا أنها تريد تغيير مجرى الحديث فهي والدتها التي تحفظها عن ظهر قلب فلا تفعل ذلك سوى بعد تعرضها للتعنــ يف على يد المدعو والدها في محاولة فاشلة منها لتخفي ما فعله بها ولكنها باتت أمامها كالكتاب المفتوح فلم تعد تصدق حكاياتها الوهمية التي تقولها لها في كل مرة تتعرض بها للضر ب على يد هذا الحيو ان فلم تعد تلك الطفله الصغيرة التي تصدق ما يقال لها دون قيد أو شرط.


جعلتها تنظر إليها وضيقت عينيها وهي تحدثها بغيظ من سلبيتها اللامتناهية:


- هتفضلي تداري عليه لحد امتى يا أمي هو انتي فاكراني لسة عيلة صغيرة هيخيل عليا الكلام بتاعك ده ومش هعرف إنه مد إيده عليكي.


دون أن تدري ارتفع صوتها قليلًا وهي تكمل حديثها:


- انا مش فاهمة انتي هتفضلي مستحملة اللي بيعمله فيكي ده لحد امتى مش مكفيه اللي عمله في وعد كمان بيستغل غيابنا عن البيت ويعمل فيكي كدا طب وديني وما أعبد منا سايباه، أشوف وشه بس وهوريه إزاي يعمل كدا فيكي وفيها؟ أنا اللي غلطانة إني مقدمتش فيه بلاغ بعد اللي عمله في وعد كان زمانا ارتحنا منه ومن قرفه.


خبطت والدتها على صد رها بصدمة من حديث ابنتها المرفوض بالنسبة إليها شكلًا وموضوعًا:


- عايزة تحبسي أبوكي يا عهد بعد العمر دا كله؟ ودا يرضي ربنا يا بنتي انتي عايزة ربنا يغضب عليكي دا حتى قال في كتابه العزيز "ولا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما" لا يا عهد لأ مكانش العشم انك تقولي كدا دا مهما كان أبوكي اللي رباكي.


تهكمت ساخرة من سذاجة والدتها التي لا حد لها والتي أوصلتهم لما هم عليه الآن من معاناة بتمسكها بمثل هذا الرجل وفرضه عليهم ليستمر في إيذاءهم طوال هذه السنوات دون رادع من أحد بحجة أنه والدهما ويحق له فعل ما يحلو له بهما فلم تعقب على حديث والدتها الذي لم يعد له أهمية بالنسبة لها فلقد فقد كل حقوقه عليها كاب منذ أمد بعيد فسألتها بتهكم:


- ويا ترا سبب العلقة المرادي إيه؟


لم ترد أن تخبرها عما حدث فحمحمت بتردد وقامت بتغيير مجرى الحديث قائلة:


- مش مهم دلوقتي بعدين أحكيلك المهم قوليلي الدكتور قال إيه عن أختك؟


لم ترد إحراجها خاصة أمام رهف واستجابت لمحاولتها وأجابتها وهي تنظر نحو وعد بشفقة وألم لما وصل إليه حال شقيقتها ثم أعادت نظرها لوالدتها مرة أخرى وهي تقوم بوضع خصلات شعرها خلف أذنها:


- قال إنها محتاجة لدكتور نفسي لأنها ممكن تعيد المحاولة دي تاني وتالت لحد ما تنجح في الانتحا ر واقترح إنها تفضل في المستشفى أسبوع كمان على الأقل وهما هيجيبولها دكتور نفسي كويس يتابع حالتها ويقولنا نتعامل معاها إزاي.


عقبت بدون تردد وكأن مكوثها في المشفى جاء في وقته خاصة بعد حديث زوجها وإصرار على تزويجها من ذلك الكهل الدميم:


- طب ما نسمع كلام الدكاترة يا بنتي هما أدرى بمصلحتها خليها هنا بدل ما ترجع البيت وتضيع مننا أسبوع اتنين تلاتة مش مشكلة المهم انها تبقى كويسة.


هزت رأسها بأسف وأردفت بقلة حيلة:


- مش عارفة أعمل إيه والله يا ماما القرار صعب قعادها في المستشفى يعني عداد فلوس بيعد واحنا تقلنا أوي على أستاذ يونس كفاية اللي دفعه أكيد مش هخليه يدفع أكتر من كدا، احنا كدا نبقى بنستغل كرمه معانا.


قاطعتها رهف بانزعاج:


- إيه الكلام اللي انتي بتقوليه ده يا عهد؟ وانا روحت فين؟ وعد دي أختي ولا يمكن أسيبها في الظروف دي كفاية إني مكونتش معاكي لما حصل اللي حصل الأستاذ يونس كتر خيره عمل اللي عليه وزيادة كفاية عليه كدا أوي وأنا موجودة أهه.


أرادت عهد مقاطعتها ولمحت علامات الاعتراض مرسومة على وجهها فرفعت كف يدها أمامها لكي لا تتحدث واردفت بإصرار:


- ولا كلمة اللي بقوله ده مفيهوش نقاش ويا ستي لو على الفلوس اعتبريهم دين وابقي رديهم براحتك.


وهنا تحدثت والدتها وهي تنظر إليها وربتت على فخــ ذها لتحثها على الموافقة:


- أيوة يا عهد مفيهاش حاجة ولو على الفلوس أنا مخبية حتتين دهب من ورا أبوكي كنت شايلاهم لجهازك انتي واختك هبيعهم ونكمل عالفلوس ولما يجي وقت الجهاز تفرج المهم نلحق أختك ونبعدها عن البيت باي طريقة.


تعجبت كثيرا من إصرار والدتها على المكوث في المشفى وكأنها تريدها أن تهرب من المنزل بأي طريقة فذلك ليس طبعها فلقد كانت دائما ترفض المكوث قي المشفى سواء هي أو أحد منهما وقبل أن تعترض رهف على حديث سميحة أوقفتها عهد والتفتت إلى والدتها مضيقة عينيها لتسألها بريبة:


- اشمعنى دلوقتي يا ماما موافقة على قاعدة المستشفى؟ دا انتي مكونتيش بتطيقي تدخليها يوم واحد ولما عهد تعبت وهي صغيرة وقعدتي بيها اسبوع في المستشفى كنتي على آخرك وخرجتيها قبل ما تكمل علاجها.


ازدردت ريقها ونظرت إليها بتوتر ثم نظرت أرضا لتكمل عهد بعد أن زاد الشك بداخلها من أن والدتها تخفي عنها شيئًا:


- مخبية ايه يا ماما وليه مش عايزة وعد ترجع البيت بأي طريقة ايه اللي حصل فهميني؟


أجابت بتلعثم دون أن تنظر اليها:


- هيكون ايه اللي حصل بس يا بنتي مفيش حاجة أنا، أنا بس خايفة عليها وعايزاها تكمل علاجها.


زفرت بحدة ورفعت ذقن أمها لتجعلها تنظر إليها وحدثتها وهي تنظر في عينها دون أن ترمش بهما:


- اتكلمي وانتي بتبصيلي وقولي بصراحة إيه اللي حصل؟


لم تجد بدًا من سرد ما حدث لها علها تجد حل لما قاله والدها فهي الوحيدة القادرة على الوقوف أمامه وردعه عما يريد:


- أصل، أصل بصراحة كدا يا عهد أبوكي عايز يجوز أختك، والنهارده قالي إنه قرا فاتحتها مع عزب الميكانيكي اللي عنده ورشة على أول الحارة ومصمم انه يتمم الجوازة أول الشهر مهما حصل.


للحظات لم يستوعب عقلها ما قالته والدتها هل هذا الرجل فقد عقله أم ماذا؟ فكيف يمكنه أن يفكر مجرد التفكير في مثل ذلك الأمر ومن سيسمح له بذلك من الأساس فلم تتمالك نفسها وعقبت بحدة:


- إيه الكلام الفارغ االي بتقوليه ده؟ هو الرا جل اتجنن ولا إيه؟ عزب مين ده أن شاء الله اللي عايز يرميله أختي دا راجل أكبر منه دا غير إنه ميتخيرش عنه بصراحة شخص قذ ر ومزواج وعنده كوم عيال وعينه تندب فيها رصا صة دا مبيسيبش واحدة في الحارة سواء ســ ت كبيرة ولا صغيرة حلوة ولا وحشة إلا لما يغلس عليها ويتحر ش بيها مبيعتقش الله يحر قه، دا على جثتي إن الجواز دي تتم.


تنهيدة حارقة خرجت من صدر والدتها وأردفت بقلة حيلة:


- وهتقدري تعملي ايه بس يا بنتي ما انتي عارفة جبروت أبوكي وانتي دلوقتي منتيش في كامل صحتك عشان تقفي قصاده.


استشاطت غضبًا من سلبية والدتها وتحدثت بصوت مرتفع نسبيا:


- يعني إيه منعرفش نعمله حاجة لا وربي ولو فيها موتي الجوازة دي لايمكن تتم وأنا وهو والزمن طويل، قال عزب الميكانيكي قال هي حصلت لكدا.


كان ذلك على مرأى ومسمع من رهف التي انعقد لسانها من هول ما سمعت خاصة بعد أن ذكرت عهد صفات العريس المنتظر فكيف يمكن لأب أن يفعل في ابنته هذا مهما فعلت ولكن لما التعجب فمن يقوم بتشو يه ابنته بهذا الشكل لا يصعب عليه شيء آخر.


كادت أن تتحدث ولكنها توقفت بعد أن سمعت طرق على باب الغرفة ليلتفت ثلاثتهم فوجدوا يونس ومروان واقفان أمام الباب المفتوح والذي في الغالب قد غفلت والدتها عن إغلاقه حال ولوجها إلى الغرفة لتبتلع عهد ريقها بصعوبة شديدة خوفا من أن يكونوا قد استمعا لحديثهن وما زاد اعتقادها بذلك هو ملامح وجههما التي كانت لا تقرأ حال دخولهما.


❈-❈-❈


خرج من الفندق في عجالة حتى يلحق بها في المشفى قبل أن تغادر مع شقيقتها ليتنبه إلى صوت مروان آتٍ  من خلفه فتوقف ونظر له عاقدًا حاجبيه بتعجب حتى وصل إليه وهو يلهث ووضع يده على كتفه آخذًا أنفاسه وحدثه من بين لهاثه:


- ايه يبني واخد في وشك كدا ليه؟ استنى أنا جاي معاك.


ازداد تعجبه من صديقه الذي يتصرف على عكس شخصيته اللامبالية طوال الاسبوع الماضي فلقد كان يصر على الذهاب معه إلى المشفى دون أن يبدي سببًا واضحًا لذلك فتحدث إليه بريبة وهو يضيق عيناه 


- خد نفسك بس الأول، هتيجي معايا ليه؟ أنت مفيش عندك شغل ولا ايه؟


حمحم وتحدث بارتباك وهو يحك خلف رأسه:


- عندي طبعا بس عادي يعني مفيش حاجة مستعجلة هاجي معاك نوصلهم البيت الأول وهطلع من هناك عالشغل.


أومأ له موافقًا وعقب باقتضاب:


- ماشي يلا بينا.


وصلا إلى المشفى ليسيطر الوجوم على يونس حال ولوجه من الباب الرئيسي فاليوم سيكون هو اليوم الأخير الذي سيراها به فلقد افتعل الكثير من الحجج لتأجيل سفره طوال الاسبوع الماضي وبخروجهما من المشفى تكون قد نفذت جميع حججه ولابد له من السفر إلى الأقصر مرة أخرى.


هو حقا لا يعرف سببًا لما يشعر به وما هو سر انجذابه إليها كل ما يعرفه أنه يكون في غاية السعادة عندما تتواجد بقربه ف دقات قلبه تقرع كالطبول فور رؤيته إياها ويشعر وكأنه يحلق في السماء السابعة عندما يحدق في عينيها السوداوين والتي لم يرى في بريقهما من قبل.


اقتربا من الغرفة ليتعجبا عندما وجدا أن بابها مفتوح ولكنهما قبل أن يلجا إليها ترامى إلى أذنيهما ما دار من حديث بين ثلاثتهن فتباينت مشاعر كل منهما ما بين التعجب والذهول والشفقة جراء ما سمعاه فلقد تعجب يونس كثيرًا من موقفها نحوه وأنها لا تريد أن تثقل عليه أكثر من ذلك ليتهكم بداخله من شدة تحسسها من الأمر فما أنفقه في تلك الأيام القليلة يعد لا شيء أمام ما كان سيدفعه لها كتعويض على ما فعله بها، كما انه أصيب بالذهول لما استمع إليه، وإلى اي مدى وصلت حالة شقيقتها، وما يريد والدها فعله بها فكيف لأب أن يفعل ذلك بابنته ليزداد فضوله لمعرفة سبب تصرفات والدها الغير مبررة بالنسبة إليه..


 كان ذلك حال مروان هو الآخر فلقد شعر بشفقة هائلة تجاه وعد وما حدث لها فإن  كانت قد أخطأت خطأ فادح فما حدث لها يفوق ما تستحق بكثير ليتملكه غضب غير مبرر تجاه والدها الذي تجرد من جميع صفات الإنسانية وأصبح أقرب للحيو ان منه للبشر.


طرق يونس على الباب بعد قليل من الوقت لينتبه اليهما ثلاثتهن فدخلا بملامح غير مقروءة يغلب عليها الوجوم لتتأكد عهد عند التقاء عينيهما بأنه قد استمع لما دار بينهن أما عن الآخر فقد ذهبت عيناه بتلقائيه شديدة إلى تلك النائمة في سكون لا تدري شيئا مما يدور حولها ليزداد شعور الشفقة بداخله تجاهها فلا يدري لما يحثه ضميره على مساعدتها بأي شكل ومهما كلفه الأمر.


رحبت بهما سميحة وبادرت بمصافحتهما كما فعلت عهد ورهف لتغت صب عهد ابتسامة متوترة وهي تشير نحو المقاعد ليجلسا قائلة بترحيب زائف:


- أهلا وسهلا اتفضلوا اقعدوا.


بدل نظره بينها وبين وعد وتحدث مدعيًا عدم استماعه لما دار بينهن:


- احنا جينا بدري ولا ايه؟ انتوا لسة من جاهزين؟


نظرت اليه بتوتر ثم حولت نظرها إلى والدتها ورهف التي حثتها على الحديث معه بصراحة فأعادت النظر إليه مرة أخرى وتحدثت وهي تحرك يديها بعشوائية:


- لا مهو أصل احنا مش هنخرج النهاردة الدكاترة قررت إن وعد محتاجة تقعد في المستشفى كام يوم كمان.


وقبل أن تنتظر تعقيبه على حديثها أشارت إليه بيديها وأردفت قائلة:


- طبعا انت عملت اللي عليك وزيادة وجميلك ده مش هقدر أوفيه مهما حاولت وكفاية انك عطلت شغلك الأيام اللي فاتت بسببنا، وعشان كدا من دلوقتي أنا بعفيك من أي التزام ناحيتي، كفاية أوي اللي انت وصاحبك عملتوه علشانا لحد دلوقتي وانا مش عايزة أتقل عليك أكتر من كدا من النهاردة احنا اللي هنتحمل باقي مصاريف المستشفى وشكرا ليك مرة تانية.


نظر اليها عاقدًا حاجبيه وعقب بضيق على ما قالته:


- جميل إيه؟ ومش عايزة تتقلي عليا ايه بس؟ هو مش احنا اتفقنا إننا أصحاب؟ هو فيه بين الصحاب جمايل والكلام اللي انتي قولتيه ده؟ وعطلة ايه اللي  انتي بتقولي عليها؟ ياريت مسمعش منك الكلام دا تاني وانا هنا مش عشانك أصلًا انا هنا عشان وعد وعشان الست والدتك القمر دي.


قال ذلك وهو ينظر الى والدتها بابتسامة لتبادله إياها بحنان أمومي لطالما افتقده من والدته.


- أيوة بس...


حاولت الحديث ورفض ما قاله ولكنه قاطعها مردفًا:


- ولا بس ولا مبسش خلاص خلص الكلام من غير الدخول في تفاصيل طبية اعتبري إقامتكم هنا مفتوحة لحد ما حالة وعد تستقر تماما وياريت متفكريش في اي حاجة تانية غير صحتها.


أنهى حديثه ناظرًا لقدمها المصابة التي تتحامل على نفسها للوقوف عليها بصعوبة ليكمل حديثه مشيرًا اليها:


- ثم تعالي هنا قوليلي أخبار رجلك إيه؟ بتتابعي مع دكتور علاج طبيعي ولا طنشتي؟


كادت أن تجيبه ولكن والدتها سبقتها بالرد:


- أبدا يبني من يوم ما جت من السفر وهي مش سائلة في رجليها خالص حتى العلاج مبتاخدوش الا لما أقف على دماغها لحد ما تاخده وتاعبة قلبي معاها.


نظر اليها بغضب من أفعالها المتهورة وحدثها بعتاب يشوبه بعد الغضب:


- ينفع الكلام اللي بتقوله والدتك ده؟ طب اعملي حسابك من النهاردة هترجعي للعلاج الطبيعي تاني انا هكلم إدارة المستشفى عشان يوفرولك دكتور علاج طبيعي يتابع حالتك وانتي هنا؛ عشان عارف انك مش هترضي تسيبي أختك وتروحي في حتة.


لم تجد الكلمات المناسبة التي تستطيع الرد عليه بها فلقد فعل من أجلها مالم يفعله لها أحد من قبل لتكتفي بإماءة من رأسها موافقة على حديثه بعيون مغرورقة بالدموع فوجد نفسه دون أن يدري يغرق في بحر عينيها السوداوين كعادته لينتبه على يد صديقه وهو يربد على فخــ ذه ليحثه على النهوض قائلًا:


- طيب نستأذن احنا بقى يا جماعة ومش عايزينكم تشيلوا هم أي حاجة وزي ما قال يونس احنا اخوات وموجودين في اي وقت تحتاجونا فيه وحتى لو يونس مش موجود انا موجود، احنا هنمشي دلوقتي وهنيجي مرة تانية عشان نطمن على  الآنسة وعد بعد إذنكم.


أنهى حديثه وخرج مع يونس تاركين ثلاثتهن ينظرون لبعضهن البعض في ذهول دون النطق بشيء ليتوجها لإدارة المشفى لدفع كافة المصاريف اللازمة لمكوثهما داخل المشفى للفترة التي يحددها الطبيب مهما كلفه الأمر.


❈-❈-❈


في صباح اليوم التالي 


تعمل بنشاط كبير لاحظه جميع زملائها في العمل فتباينت مشاعرهم نحوها فهناك من ينظر إليها بسعادة بالغة لما استطاعت تحقيقة وكيف تخطت أزمتها في ذلك الوقت القصير، وهناك من ينظر إليها بحقد وغيرة واضحتان على تقاسيم وجهه، وهناك الذي ينظر إليها بشهو ة بالغة فلقد أصبحت الآن صيد ثمين سهل الإغواء.


منهمكة في صرف الدواء لتلك المرأة الكبيرة في السن والتي أخذت تدعو لها بالكثير من الدعوات لصبرها عليها وإفهامها طريقة استخدام كل صنف من أصناف الدواء دون امتعاض كما يفعل البعض، وفور انتهائها وذهاب المرأة وجدت من يقف أمامها ويحدثها باستفهام.


- صباح الخير،  دكتورة ضحى عزمي؟


أجابته دون النظر إليه بل ظلت تكتب ما تم صرفه من دواء في الدفتر الذي أمامها:


- صباح النور، أيوة أي خدمة؟


- معاكي دكتور مراد مهران.


أنهت ما كانت تفعله ونظرت إليه باستفهام وهي تغلق قلمها:


- تشرفنا يا دكتور خير؟


قام بخلع نظارته الشمسية وتحدث إليها بابتسامة ودودة:


- واضح انك مش فاكراني مش كدا؟


ضيقت عينيها وعي تنظر إليه بتركيز ولكنها فشلت في تذكره فأجابت بلامباة وهي تقلب شفتها السفلى:


- لا والله مش فاكرة حضرتك، معتقدش اني تشرفت بمعرفتك قبل كدا.


عقب مذكرًا إياها بما حدث:


- اتقابلنا من اسبوع تقريبا في شارع *** حادثة العربية، ها افتكرتي ولا لسة؟


ها هي تتذكر ما حدث الآن فلقد كانت قد نسيت تلك الحادثة تمامًا في ظل تواتر الأحداث طوال الأيام الماضية فاستقامت ومدت يديها لمصافحته قائلة بابتسامة متوترة:


- أهلا بحضرتك يا دكتور متأسفه اني معرفتكش معلش اليوم ده كان مليان أحداث ومخدتش بالي من شكل حضرتك.


- ولا يهمك معاكي عذرك كان واضح عليكي التوتر يومها، أنا جاي النهاردة عشان...


لم تتركه ليكمل حديثه فأشارت إليه بيدها مقاطعة حديثه:


- أيوة أيوة فاهمة ومستعدة أدفع كل تكاليف تصليح العربية شوف حضرتك اتكلفت كام وانا هدفع.


ابتسم لتسرعها وعقب وهو يخرج بطاقة هويتها من جيب سترته:


- أنا مش جاي عشان آخد منك فلوس دي حاجة بسيطة مش مستاهلة، أنا جاي عشان أديكي البطاقة بتاعتك اللي سيبتيها معايا يومها وتشرفت بمعرفتك مرة تاني بعد اذنك.


أنهى حديثه وهو يعطيها البطاقة وانصرف دون أن ينتظر ردًا منها لتنظر في أثره وهي فاغرة الفم ثم نظرت للبطاقة التي في يدها وقامت بوضعها في حقيبتها وفور ذهابه من الغرفة توجهت إليها صفاء وهي تبتسم وتغمز لها بإحدى عينيها وهي تشير برأسها نحو  باب الغرفة:


- مين المز اللي كان هنا ده يا دودو؟


ردت بلامبالاة:


- دا واحد خبطت عربيته يوم ما حصل اللي حصل وعشان متعطلش سيبتله البطاقة ومشيت عشان يضمن اني هدفعله تمن تصليح العربية ونسيت الحوار دا خالص بس هو بصراحة طلع gentleman عالآخر جه رجعلي البطاقة ومرضاش ياخد فلوس تصليح العربية كمان.


لوت شفتيها بامتعاض وهي تعقب على حديث صديقتها:


- نسيتي؟ طب انا راضية ذمتك دا شكل يتنسي؟ دا وشه بينور في الضلمة يا بنتي مش زي الخلق اللي بنشوفها كل يوم ولا عيونه الخضر يالهوي.


نظرت إليها بطرف عينيها رافعة إحدى حاجبيها:


- طب انا بقى اللي راضية ذمتك يا شيخة أنا كنت وقتها في إيه ولا في إيه؟ وبعدين تعالي هنا انتي عارفة كمال لو سمعك وانتي عمالة تتغزلي في واحد تاني كدا هيعمل فيكي ايه؟


ضحكت بصخب عند تخيلها لردة فعلها زوجها وتحدثت من بين ضحكاتها:


- يالهوي متفكرينيش بس انا معذورة الواد فتنة بصراحة.


- طب يلا يختي روحي شوفي شغلك ولا فِتنة ولا فُتنة وبعدين انا شايفاه عادي يعني مش واو ولا حاجة زي ما بتقولي ولا هو كل واحد أشقر وعيونه ملونة يبقى مز؟


- شايفاه عادي؟ لا من الواضح أن نظرك ضعيف ومحتاجة نضارة يا حبيبتي الحقي نفسك واعمليها قبل ما نظرك يضعف أكتر من كدا.


قالت ذلك وهي تلوي شفتيها بامتعاض من حديث صديقتها الذي لم يعجبها. 


- إنما مين الأمور اللي كان هنا ده يا ضحى؟ واضح انك مبتضيعيش وقت خالص.


كان ذلك صوت نهى التي قاطعت حديثهما وهي تبتسم لها ابتسامتها الصفراء التي تظهر مدى الحقد والغيرة التي تكنهما لها.


نظر اليها كلتاهما من أعلى لأسفل وأردفت ضحى بغضب وهي تضم يديها حول صد رها:


- والله شيء ميخصكيش يا نهى وياريت تلزمي حدودك وانتي بتتكلمي معايا ايه مبضيعش وقت دي انتي شايفاني موقفاهم طابور ولا ايه؟


تصنعت الود الزائف الزي لم ينطلي على أي منهما وهي تعقب:


- انتي فهمتيني غلط خالص يا حبيبتي أنا قلبي عليكي انتي عارفة نظرة الناس للمطلقة عاملة إزاي مش عايزة حد يجيب سيرتك ويقول دي مكملتش اسبوع متطلقة والرجا لة بدأت تجيلها الصيدلية  شكلها كدا ما صدقت دي حتى مش قادرة تستنى لما العدة بتاعتها تخلص.


تملكها الغضب الشديد وكادت أن تجيبها بما يتلاءم مع ما قالته في حقها لولا تدخل صفاء التي عقبت باستفزاز:


- خليكي في حالك انتي يا نهى وخلي بالك كويس من بيتك وجوزك  بدل ما تلاقي نفسك في يوم وليلة متطلقة انتي كمان وواحدة تانية لافة على جوزك.


أنهت حديثها بابتسامة صفراء وهي تشير بيعينيها لذلك الواقف بعيدًا عنهم بعدة خطوات ولا يستطيع أن يرفع عينيه عن ضحى يكاد أن يسيل لعابه وهو ينظر إليها غير آبهًا بوجود زوجته في نفس المكان لتنظر اليه شزرًا وتركتهما وذهبت نحوه وهي تستشيط غضبًا لتبدأ وصلة جدالهما التي لا تنقطع وسط ضحكات ضحى وصفاء اللاتي زادتها غضبًا فوق غضبها لتتحدث ضحى لصفاء من بين ضحكاتها:


- دا انتي مصيبة شكله كدا هينام عالسلم النهاردة.


- يستاهلوا ما جمع إلا اما وفق بصراحة الاتنين برميل غتاتة ربنا يستر من السلالة بتاعتهم.


أنهت جملتها لينفجرا  في الضحك مرة أخرى دون توقف.


❈-❈-❈


يجلس ليشاهد التلفاز دون تركيز فكل ما يشغل ذهنه الآن هو كيف يعيدها إليه مرة أخرى فقوتها أمامه أشعلت بداخله الرغبة بها والتي كانت قد انطفأت منذ سنوات فهو لا يستهوي الصيد السهل فكلما كان الصيد أصعب كلما زاد شغفه به أكثر فأكثر فكل ما يتمناه الآن هو أن يكسر ذلك الكبرياء والقوة الزائفتين التي تتسلح بهما أمامه، وعند هذه النقطة ارتسمت على وجهه إبتسامه خبيثة عندما تخيلها أسفل قدماه تتوسله أن يرحمها وتعده أنها لن تفعل ما فعلته مرة أخرى فعودتها إليه ذليله أكبر انتصار يمكن أن يحصل عليه خاصة أمام هؤلاء الحقراء الذين رأوه في هذا الوضع المشين ورأى في أعينهم الشماتة البالغة لما تفعله به زوجته.


أتت والدته لتجده بهذا الشكل الغير مبالي لما حدث نظرت إليه من أعلى لأسفل بازدراء وصاحت به وهي تستشيط غضبًا من بروده الشديد أمام ما حدث:


- بذمتك مش مكسوف من نفسك وأنت قاعد تتفرج عالتلفزيون كدا ولا همك ولا كأن لسة مضحوك عليك من حتة بت ولا تسوى عرفت تاخد اللي وراك واللي قدامك في لحظة.


قلب عيناه في ملل من حديثها الذي يسمعه يوميا منذ مجيئه للعيش معها هي ووالده ليندم أشد الندم على كونه قد قص عليها ما حدث:


- مش هنخلص من السيرة دي بقى يا ماما ايه مبتزهقيش من كتر ما بتكرري كلامك كل خمس دقايق لو انتي مبتزهقيش انا زهقت بصراحة.


ازداد غضبها من رده البارد فصاحت به قائلة:


- يا برودك يا أخي بذمتك انت راجل انت وعاملي فيها فالنتينو ومقــ طع السمكة وديلها وانت ولا حاجة، حتة بت جت لبستك العمة وخدت منك كل اللي هي عايزاه، ياخسارة تربيتي فيك كنت فاكراك راجل يعتمد عليك طلعت ولا حاجة.


استطاعت أن تستفزه بالفعل بحديثها السام فنهض من مكانه ناظرًا إليها بعيون حمراء من شدة الغضب:


- يعني انتي عايزاني أعمل ايه دلوقتي اروح أقتــ لها وأخلص عشان ترتاحي؟ بقالي اسبوع بفهمك اني اتاخدت على خوانة ومكانش قدامي حل تاني غير ده عشان أنقذ الموقف وانتي برضه مصممة على رأيك.


- عشان منتش را جل لو كنت قومت جيبتها من شعرها وادتها قلمين وخدت الموبايل كسرته على دماغها مكانش دا كله حصل وكانت عرفت حدودها ومقدرتش ترفع عينها فيك طول عمرها إنما هقول ايه انا مخلفتش را جل شكلي كدا، خوفتلي من شوية عيال لو كانوا شافوك بتأدبها مكانش حد فيهم هيجرؤ يتدخل وكان الموضوع خلص في ساعتها وخلصنا بس هقول ايه طول عمرك عيــ ل صغير مبتعرفش تتصرف لازم انا اللي اتصرفلك في كل حاجة وأحللك مشاكلك.


أنهت حديثها وهي تلهث من كثرة الصياح لتلتفت على صوت زوجها الذي جاء على صوتها العالِ:


- هو انتي لسة بتتكلمي في نفس الموضوع؟ إيه يا شيخة مبتزهقيش؟ وبعدين تعالي هنا إيه الكلام الزفت اللي انتي بتقوليهوله ده؟ دا بدل ما تديله قلمين يفوقوه وتقوليله إن اللي عمله ده غلط وإنه هد بيته بإيده وتاخديه يعتذر لمراته على اللي عمله ويطلب منها تسامحه يمكن تتكرم وتوافق،  بس هقول ايه دي نتيجة تربيتك يا ست هانم ياما قولتلك طريقتك معاه دي متنفعش ودلعك فيه ده هيبوظه مكونتيش بتسمعي كلامي وادي النتيجة خرب بيته بإيده وجه قعد جمبك زي النسو ان لما بتطلق وترجع بيت أهلها.


تخصرت وهي تصيح به مستنكرة ما تفوه به للتو:


- تتكرم وتوافق؟! هي كانت تطول أصلًا تاخد واحد زي ابني هي اللي خايبة ومعرفتش تحافظ عليه وعلى بيتها وخلته يبص برا الست الواعية هي اللي تكفي جوزها وتخليه ميعرفش يبص لحد غيرها إنما دي مفيش في حياتها إلا ولادها وشغلها وبس لما خلت الولد يبص برا، وبعدين دا راجل وليه بدل الواحدة أربعة يعني لو كان متجوز البنت دي كانت هتقدر تفتح بوقها حقه ومحدش يقدر يلومه.


أنهت جملتها وهي تهز كتفيها بلامالاة ليستشيط زوجها غضبًا منها:


- ومتطولش ليه بقى يا ست هانم بنت من عيلة وزي القمر ودكتورة شاطرة في شغلها وست بيت ممتازة ومربية ولادها أحسن تربية يعني فيها كل المميزات اللي تخلي أحسن واحد يتمناها ويشيلها فوق راسه، إنما المحروس ابنك ده بقى تقدري تقوليلي ايه هي مميزاته غير انه بيعرف يوقع الستا ت، واحد فاشل، وعاطل، مبيعمرش في شغلانة وعايش عالة علينا وعلى مراته، وادي النتيجة طالع من العمارة بفضيحة وخسر كل حاجة حتى ولاده، وبعدين تعالي هنا يعني إيه را جل ومفيش حاجة تعيبه؟ وانتي اللي بتقولي الكلام ده كمان؟ اتقي الله يا شيخة دا انتي حتى ست زيك زيها يعني انتي لو مكانها كنت هتقولي نفس الكلام ده؟ ولو عندك بنت ترضي جوزها يعمل فيها كدا؟ طب لو انا جيت دلوقتي وقولتلك اني اتجوزت عليكي هتقوليلي وماله يا حبيبي حقك ولا هتهدي الدنيا؟


لم يؤثر بها شيء مما قاله وكأنه يحرث مياه البحر فلم تعقب سوى على جملته الأخيرة التي قالها وكأنها لم تستمع لما قيل قبل ذلك:


- متقدرش تعمل كدا يا حبيبي لأنك عارف انا ممكن أعمل فيك إيه كويس اوي وبعدين انت بتقارني أنا بالجربوعة دي انت شكلك اتجننت عالآخر.


لم يصدق ما سمعته أذنيه هل هذا هو ما فهمته مما قاله فعقب بذهول على ردها البارد:


- هو ده كل اللي خدتي بالك منه من كل اللي قولته؟ ثم إن الجربوعة اللي بتتكلمي عنها دي تبقى مامت أحفادك يا ست هانم واللي تقدر تحرمنا منهم و تخلينا منشوفهومش تاني أبدا عشان المحروس ابنك الخايب راح واتنازل عن حضانتهم.


نظرت اليه بشر وتحدثت متوعدة:


- متقدرش تعمل كدا ولو فكرت بس تعملها هاخد منها الأولاد بالعافية ومش هخليها تشوف ضفرهم تاني طول عمرها.


كان ينظر لجدالهما بأعين زجاجية لا يوجد بها أي تأثر لما يقولانه وكأن حديثهما بالنسبة إليه هو مجرد صدى للصوت لا يعي منه شيء وكأنه شيء لا يخصه فلقد اعتاد على ذلك منذ أن كان طفلا فكل ما استطاع فعله هو أن خرج من المنزل تاركًا إياهما خلفه ليكملا سيمفونية جدالهما التي لا تنتهي.


❈-❈-❈


خرجت من الغرفة سريعًا أمام اندهاش إيزادورا فكيف يمكنها معرفة ما إن كانت تحمل طفل في أحشائها أم لا دون استدعاء الطبيب والتي تثق بأنها من المستحيل أن تفعل ذلك، ولكنها عادت بعد وقت قصير وهي تحمل في يدها كيسين من القماش وبعد فتحهما أمامها زاد اندهاشها فلقد وجدت بإحدى الأكياس بعض الشعير أما الكيس الأخر ف به بعض القمح فنظرت إليها سائلة إياها بتعجب:


- ما هذا ماكنيا؟


أجابتها بعملية دون أن تنظر إليها وأعطتها الأكياس بأيد مرتجفة:


- هذه طريقة مصرية يا مولاتي نستطيع من خلالها أن نعرف ما إذا كانت المرأة تحمل طفلًا بالفعل أم لا فكل ما عليكِ فعله هو أن تتبولين على القمح والشعير الموجودين في هذه الأكياس فإن لم تنموا بذور القمح والشعير فهذا يعني أنه لا يوجد حمل وإن نمت إحداها فهذا يدل على وجود حمل فإن نما الشعير فالمولود ذكر وإن نما القمح فالمولودة أنثى هذا ما تعودنا أن نفعله منذ قديم الأزل افعلي ذلك ودعينا نصلي إلى الآلهة ألا تنمو هذه البذور حتى لا تكون نهايتنا جميعًا.


قامت بالفعل وفعلت ما أخبرتها به ماكنيا وانتظرتا حتى تظهر النتيجة بعد بضعة أيام فكانت كلتاهما يتقلبتان على جمر متقد لا يملكان سوى التضرع للآلهة وتقديم القرابين لكي تقيهم من بطش الملك إن صدق حدس ماكنيا وكانت الأميرة حاملًا بالفعل.



لم تخبر حابي بشكوكها حتى لا تثير قلقه وإن كان قد لاحظ تغيرها وزيادة قلقها وتوترها بالفعل وقام بسؤالها أكثر من مرة عن سبب ذلك ولكنها كانت تنفي ذلك واكتفت بإخباره بأنها تخشى بطش والدها إن علم بعلاقتهما ليس أكثر.



مرت ثلاثة أيام وهما في تلك الحالة المضطربة إلى أن زالت جميع شكوكهما وأصبح حمل الأميرة أمرُ واقع وذلك بعد إنبات بذور القمح والتي تدل على أنها تحمل في أحشائها أنثى وليست ذكر وهنا انهارت ماكنيا فمن الممكن أن يسامح الملك ابنته فهي في النهاية فلذة كبده أما هي فلن يرحمها وستكون هي وحابي وجميع جواري القصر كبش الفداء لما حدث.



أصرت ماكنيا على أن تخبر إيزادورا حابي بما حدث حتر يرى كيف يمكنه أن يتصرف في تلك الكارثة وأخبرتها بأنها إن لم تخبره بنفسها فسوف تذهب إليه هي وتخبره فوافقت على مضض وإن كانت تشعر بأنها ستلقى حتفها من شدة الخجل قبل أن تخبره بشيء كهذا.


❈-❈-❈


يكاد أن يقتله القلق عليها فلقد تغير حالها فجأة منذ بضعة أيام ولا يعرف سببًا لذلك فما أخبرته به من أسباب لم يقتنع بها وأخذت الشكوك تدور في رأسه فهو يخشى أن تكون قد سئمت منه أو كفت عن عشقه فإن حدث ذلك لن يستطيع تحمل هذا فلقد تملك عشقها منه فأصبح لا يقدر على الحياة بدونها فالموت عنده أهون من فراقهما.


دخل الى غرفتها في موعده كالعادة مستغلًا الوقت الذي يتم به تبديل الحراسة بالقصر ولقد عزم أمره على مواجهتها لمعرفة ماذا ألم بها فلن يحيا كثيرًا بهذا الشك الذي يمزق فؤاده.


 وجدها في انتظاره كعادتها ولكن هذه المرة بوجه أكثر شحوبًا عن الأيام السابقة وكأنها على مشارف الموت أو بعثت منه في الحال فالخوف والتوتر ظاهرين على تقاسيم وجهها.


اقترب منها ممسكا بيديها ليجدهما باردين كالثلج فعقد حاجبيه ونظر إليها بخوف وقلق شديدين وحدثها بنبرته الحنونة التي لا يحدث بها أحد سواها:


- ماذا بكِ أميرتي؟ أخبريني ما الذي حدث حتى تصبحين بذلك الشكل؟ 


نظرت اليه والدموع تترقرق في عينيها ولم تقدر على قول شيء ليردف بتوسل بعد أن اعتصر الألم قلبه لحالها:


- أتوسل إليكِ أن تخبريني فأنا على استعدادٍ لفعل أي شيء حتى لا أراكِ هكذا.


نزعت يديها المرتجفتين من بين يديه وأعطته ظهرها حتى لا تكون في مواجهة عيناه عندما تخبره فهي لا تقوى على ذلك وأخذت تستجمع قواها لكي يخرج صوتها المحتبس داخل حنجرتها ويأبى الخروج ليخرج في النهاية متلعثمًا بحروف تكاد تكون متفرقة وبصوت يكاد لا يسمع:


- م، ما، ما حدث، ما حدث هو، هو أنني قد اكتشفت، قد اكتشفت بأني.


قالت هذه الكلمات الغريبة وصمتت فلم تقوى على قول المزيد ليزداد خوفه من أن تصبح شكوكه حقيقة فالتف ليصبح أمامها ووضع يده أسفل ذقنها لكي تنظر في عيناه بدلًا عن النظر أرضًا:


- اكتشفت ماذا مولاتي أخبريني أتوسل إليكِ.


حاولت الهروب من عيناه ولكنه أبى ذلك وحثها على الحديث مشجعًا إياها بأن أماء لها بوجهه لأعلى ولأسفل فأحست وكأنها تستمد منه بعض الشجاعة فلتخبره إذن وليكن ما يكون:


- ما حدث هو أنني قد اكتشفت بأني أحمل في أحشائي طفل منك.


قالت ذلك واستدارت مرة أخرى مستغلة سيطرة الصدمة عليه فلقد شعر وكأنه قد فصل عن العالم وبأنه في حلم جميل لا يريد الاستيقاظ منه فذهب ليقف أمامها مرة أخرى ممسكًا بكتفيها وعلى وجهه ابتسامة حالمة تراها على وجهه للمرة الأولى:


- هل ما سمعته منكِ الآن صحيح أم أنني أحلم؟


لم يحصل منها سوى على إماءة من رأسها لتؤكد له ما سمعه ليجد عيناه تترقرق بالدمع دون ارادة منه وحدثها وهو يحرك رأسه لأعلى ولأسفل وكأنه يحثها على تأكيد ذلك:


- هل أنتِ متأكدة مما تقولين أم أنه مجرد شك لا أكثر؟


أجابت بكثير من الخجل


- لا، لقد، لقد تأكدت من ذلك بالفعل بمساعدة ماكنيا.



عقب مستفهمًا:


- ماكنيا؟ هل هي على علم بما يحدث بيننا؟


أماءت له مؤيدة لما قال وأجابته بتوتر:


- لقد علمت بذلك منذ مدة ولكني لم أشأ إخبارك حتى لا تغضب.


حرك رأسه متفهمًا لما قالته فهو يعلم مدى قرب ماكنيا منها فهي من قامت بتربيتها منذ أن كانت طفلة صغيرة وقبل أن ينطق بشيء وجدها تردف بتوتر:


- حسنًا، ماذا سنفعل الآن؟


زفر بعمق وأجابها بقلة حيلة:


- وماذا عسانا أن نفعل غير المواجهة التي أصبحت حتمية الآن فلا بد أن أذهب إلى الملك لكي أطلبك للزواج.


شهقة عالية خرجت منها عند سماعها لكلماته لتعقب بزعر:


- هل جننت لا يمكنك فعل ذلك فسوف يقتلك لا محالة إن فعلتها.


تنهد بقلة حيله حدثها وهو يحرك كتفيه:


- هل لديكِ حل آخر؟ فالملك سيعلم لا محالة فلتكن المواجهة الآن إذن قبل أن يصل إليه خبر حملك ووقتها ستكون العواقب وخيمة على الجميع وليس علينا نحن فقط.


- نعم أعلم هذا ولكني لا أستطيع أن أجازف بحياتك فأنت لا تعرف والدي الملك حق المعرفة فمن المستحيل أن يوافق أو أن تفلت من بطشه إن صارحته برغبتك بالزواج بي فوقتها ستتأكد ظنونه وسيفتك بك لا محالة.


أخبرته بذلك والدموع تغرق وجهها ف فكرته هذه تعني إقدامه على قتل نفسه فلا فرق بينهما.


مسح دموعها بيديه وقام باحتضانها بقوة وكأنه يريد تخبئتها بين ضلوعه حتى لا يستطيع أحد أن يفرق بينهما:


- ليس أمامنا حل آخر صدقيني.


فرقت عناقهما وحدثته بتوسل من بين بكائها:


- بلى يوجد حل، ما رأيك أن نهرب بعيدا عن هنا ونذهب إلى مكان آخر لا يستطيع والدي أن يصل إلينا به ونتزوج، ووقتها نستطيع أن نحيا سويًا دون الخوف من أحد.


نفى برأسه معترضًا على ما قالته:


- هذا ليس بحل مولاتي فالملك سيصل إلينا إن عاجلًا أو آجلًا ووقتها سيصب علينا جام غضبه.


حاولت إقناعه بكل الطرق الممكنة فهذا هو الحل الأمثل من وجهة نظرها والذي سيقيهم من بطش والدها:


- لا لن يستطيع الوصول إلينا إن أجدنا التنكر صدقني هذا أفضل شيء يمكننا عمله الآن.


فكر قليلًا ونظر إليها بابتسامة لكي يطمئنها وأماء لها موافقا على حديثها:


- حسنا مادامت هذه رغبتك ولكن أعطيني بعض الوقت حتى أستطيع ترتيب ذلك 


ابتسمت من بين دموعها وامسكت بيده وهي تتساءل بأمل:


- هل وافقت حقا؟


- وافقت بالطبع وهل يمكنني رفض أن نعيش معًا إلى الأبد؟ سأغادر الآن وسآتي إليكِ غدا في نفس الموعد حتى نرى ماذا يتسنى لنا أن نفعل حيال هذا الأمر.


أنهى جملته وهو يتجه نحو الشرفة ليعود من حيث أتى ولكنه قد عزم أمره على المواجهه فالمحارب الذي مثله لا يمكنه الهرب فهو يحارب لأخذ حقه لآخر نفس لديه.



يتبع