-->

رواية زو جة ولد الابالسة هدى زايد - الفصل الثامن

 

رواية زو جة ولد الابالسة 

بقلم الكاتبة هدى زايد 





الفصل الثامن

رواية

زو جة ولد الابالسة 


تنهدت بإرتياح شديد ما إن ختم حديثه معها

كادت أن ترخي جفنيها لتغط في نومها بسعادة وجدت اسمه يضئ شاشة هاتفها، رفعت رأسها عن الوسادة، نظرت نظرة سريعة وجدت زين في سباتٍ عميق، هكذا ظنت لكنه مازال  يُعيد حساباته من جديد، التقطت الهاتف و هي ترفع الدثار عن جسدها، سارت حافية القدمين تجاه غرفة تبديل الملابس قامت بالرد عليه حدثته ما يقارب العشر دقائق كاملة ختمت حديثها بعصبية مفرطة 

-  أنت السبب في اللي احنا وصلنا له ديه يا عُمر ما تچيش دلوجه و تجول أني السبب 


عُمر جلت لك خلاص أني ست متچوزة راعي ديه، يعني  إيه ما استفزكش ديه الحجيجه !! بص ولد الحلال أنت ابن عمي و على عيني و راسي  بس قمان أني متچوزة  و النهاردا ليلة فرحي على غيرك افهمها بجى ديه آخر مرة تتصل بيا اهنى 


تنهدت بعمق ما إن وجدت العصبية لا تفيد معه في ااعناد عنصر مشترك بينهما، قررت أن تغير دفة الخوار عله يغلق الهاتف و يتركها 

ابتسمت و قالت من بين أسنانها 

- طب يا حبيبي اني هابجى اشوفك بعدين مرتاح كِده اجفل أنت دلوجه و نبجى نرتبوا سوى نتجابل كيف ؟ 


التفتت ما إن نجحت خططتها وجدت زين يقف على اعتاب باب الحجرة، رفعت الهاتف و هي تقول بتردد 

- ديه ديه 


قاطعها زين قائلًا 

- أنا صحيح محترم إنك بتحبيه و بيحبك بس أنتِ كمان لازم تحترمي وجودي و تعرفي إن اللي بيحصل دا مايصحش مع واحدة متجوزة و خصوصًا يوم فرحها، راعيني شوية زي ما براعيكِ و لا إيه ؟ 


استدار بجسده كله عائدًا من حيث أتى، لكنها استوقفته قائلة بنبرة صادقة:

- زين والله العظيم ما في حاچة من اللي بالك فيها أني بس كنت رايدة اساسيه عشان يجفل الخـ....


ضرب زين المرآة المجاورة له دون أن يكترث لجُر ح يده فـ جرح قلبه أشد آلامٍ، هدر بصوته و قال بغضبٍ مكتوم 

- في حاجة اسمها منردش و لا نقفل احنا الخط و نحطه في الحظر 


ابتسم بمرارة قائلًا:

- دا لو احنا عاوزين نعمل كدا يا حُسنة 


سارت تجاه المرحاض لتأتي بعلبة الإسعافات الاولية بعد أن ضمضت جرحه بقطعة من القماش الابيض التي مزقته من منامته، تركها و عاد لمكانه و بداخله نيـ ـران تُشعل عالم بأسره، جلست على ركبتها أمامه ثم قامت بفتح علبة الإسعافات الأولية بدأت بالمطهر لكنه جذب يده من يدها و قال بمرارة:

- أنا هعرف اعالج جرحي بنفسي يا حُسنة، سبيني من فضلك 


وقفت حُسنة عن الأرض متجهة نحو فراشها على مايبدو أن هذه الليلة لن تمر مرور الكرام، لقد ختمها عُمر بتصرفاته تلك، مددت على جنبها الأيسر 

كادت أن ترخي جفنيها لكن معاودة اتصال عُمر لم تجعلها تعرف للنوم طريق، كادت أن ترد عليه لكنها 

تذكرت ماحدث منذ قليل، ضغط بكل ما اوتيت من قوة على زر القفل، ثم وضعته داخل قائمة المحظورات اعتدلت في جلستها، و هي تخبرها بما فعلته عله يغير نظرته عنها 

- هو رن عليّ تاني بس  أني حطيته في الحظر كيف ما جلت لي 


انتظرت منه أي رد على جملتها تلك لكنه قابل ما فعلته بالصمت التام، كان يضمض جرحه و لا يعرف أي جرح بالتحديد يجب عليه تضمضيه أولًا، الشرود الذي انتابه فجأة جعله يتبدل تمامًا، أما هي  فـ كانت غير التي هي عليها الآن، عادت تمدد

جسدها على الفراش، تتنفس بصعوبة بالغة تشعر بضيق في التنفس هذه الحالة دائمًا تحدث لها وقت غضبها .


❈-❈-❈


في منزل الجد حسان كان جالسًا حتى الساعات الاخيرة من الليل، لقد شرد بشار عنه أصبحقوَ بزوجته  علما إنه في طريقه للمصالحة و إعادة المياه لمجارها، بدأ بشار يُشكل خطرًا عليه التخلص منه هو أفضل الحلول، المشكلات التي صنعها في العمل ليست بالهين على الجد، اليوم جاءهُ اليقين يجب عليه التخلص من حفيده و إلا إنتهى أمر الجميع .


صعد الجد على سلالم الدرج  بخطواته الواثقة، بيده عكازه و اليد الأخرى هدية باهظة الثمن تليق بالملك بشار، بشار في عالمه مُلقب بالملك توج منذ عدة سنوات كـ مسؤول عن جميع شئوون المملكة 

تم تأهيله و ترتيب كل شئ لهذا اليوم،  و عليه أن يختار إما زوجة من بني البشر أو زوجة من بني الجن و ليست أي زوجة بل الملكة ذاتها تريده زوجًا لها رفض كل المغريات التي وضعت أسفل قدماه 

فـ كان القرار سهلًا و بسيطًا وواضحًا.


كان بشار في سباتٍ عميق حين دخل الجد حسان  بهدوئه المريب، طالعه بنظراتٍ تملؤها الحـ ـقد و الغضب، ضغط على عكازه العاج ذو الجمجمة الشيطانية الموضوعة أعلاه، ضغط حتى ابيضت أنامله إثر انقـ طـاع  الدماء فيها 


توعد له و ها هو ينفذ وعيده،  فرغ الحقيبة الجلدية مما كانت تخفيه،  تحركت الحية بسرعة في بادئ الأمر ثم بدأت تخطو بهدوءٍ و حذر 


لم تكن وجهتها سرير بشار الذي حبيبته في منامه  كان يعلم الجد أنها لكن تتجه بهذه السرعة تجاه حفيده،  ابتسم إبتسامة شديدة التكلف ثم قال هامسًا:

- الحية ديه كيف بت القصاص  التنين واحد، التنين اتسحبوا عشان يوصلوا لك و يتكنوا منيك و يخلوك تشرد عني لو ربنا بيحبك يبجى الحية ها تخلص عليك النهاردا مكنش يبجى أنت و حظك يا ولد الأبالسه 


خرج الجد تاركًا الحية تقترب بهدوءٍ مريب من فراش بشار الذي فتح عيناه فجاة بدون أي مقدمات و كأن ايقظه أحدهم بجانب أذنه،  رمق الأفعى التي كادت أن تقترب منه توقفت فجأة  ثم أشار برأسه تجاه الباب استدار و كأنها تعي ما يقوله خرجت و لم تفعل له شئ .


تنهد بعمقٍ شديد و هو يقول بوعيد 

- ماشي يا چدي حسابنا بعدين مش دلوجه، كِده اللعب بجى على المكشوف 


❈-❈-❈

أنت مين ؟ 


تسألت خديجة بنبرة فضولية عن ماهية ذاك الصغير الذي تجاوز السادسة من عمره بأشهر قليلة نظر لها و قال بصوتٍ رقيق حاول عدم إظهاره ليظهر أكثر خشونة لكنه فشل وضع يده على صدره و قال: 

- أني چبل أنتِ خديچة ؟!


ردت بإيماءة من رأسها و قالت بهدوء لكن نبرتها تغلفها القلق: 

- ايوة أنا خديجة فين بشار يا جبل ؟ 


أشار الصغير تجاه الجبل الذي يقف على مسافة ليست بالكبيرة تجاهه ثم قال: 

- في الچبل و رايد يشوفك تعالي وياي عشان نطلعوا الچبل 


نزعت خديجة يدها برفق من يده جبل و علامات الخوف ترتسم علي وجهها، بلعت لعابها و هي تقول: 

- بليل كدا اخاف خلينا بالنهار احسن


ابتسم جبل علي خوفها الواضح كـ  وضوح الشمس، عانق أنامله في أناملها و قال: 

- ما فيش احسن من الليل احنا هنوصلوا جبل الشمش ما تشرق بهبابه 

طب هو ليه مبيردش على تليفوناتي ؟ 

بشار رايدك تطلعي الچبل تعالي وياي


بعد مرور أكثر من ساعة و نصف تقريبًا وصلت أخيرًا خديجة إلى كهف صغير لكنه مُعد لكب شئ تقريبًا لا ينقصه شئ سوى الأشخاص 

قرر أن يتلاعب الصغير باعصابها حتى يأتي من كلفه بهذه المُهمة الهامة و يعلم منه لماذا طلب منه الفرار من أبيه أيضًا .

- أنا خايفة 

- متخافيش أنتِ وياي في أمان بعيد عن بشار 

بس أنت قلت هاتوديني لبشار و سمعت كلامك 

فين بقى بشار؟ 

بشار في البلد و أنتِ كان لازم تبعدي عنه أنتِ كِده في مكان احسن

أنت ازاي تضحك عليا انا عاوزة انزل الجبل هتساعدني و لا انزل لوحدي ؟! 


صدجيني أنتِ كِده امان ليكِ اوعاكِ تفكري تهربي الديابة هتأكلك 

أنت عارف ممكن اعمل فيك إيه أنا ممكن امو تك 

و لا تجدري تعملي حاچة اجعدي اهنى بجى  لحد ما الكابير ياچي و يشوفك 


كبير مين ؟! 


كابير الچبل و صاحب المقان ديه 

اللي هو مين يعني ؟ 


أني كابير الچبل يا خديجة 


استدارت خديجة لذاك الصوت المألوف الذي تعرفه جيدًا،  هرولت نحوه عانقته بقوةً شديدة بادلها ذات العناق و هو مغمض العينين 

مسد على ظهرها بحنانٍ بالغ و هو يهمس بجانب أذنها 

- اتوحشتك الكام ساعة اللي فاتوا دول يا ديچا 


خرجت من حضنه و قالت بتساؤل دون أن ترد على حديثه الرومانسي 

- أنت  صاحب المكان دا طب ازاي  ؟! 

- ايوة أني كابير المقان اهني و أني اللي طلبت من چبل يچيبك لحد اهنى تعبتينا لحد ما چيتي يا ديچا المقان ديه محدش يعرفه غيري أني و چبل و دلوجه أنتي  ملي عينك منيه زين عيشي فيه على كد ما تجدري عشان كلتها يومين و تودعي الدنيا دي كلتها 


عقدت ما بين حاجبيها و قالت بنبرة متعجبة قائلة:

- يعني إيه هودع الدنيا كلها


تابعت بذعر 

- أنت ناوي تقـ تلني !!! 


ابتسم بشار حتى كشفت الإبتسامة عن نواجزه 

أعاده لمكانها المخصص، وضع رأسها عند يسار صدره ربت بخفة على خصلات شعرها ثم قال 

- دا أني اجـ ـتل روحي و لا حد يخدش فيكِ خدش صغير 


رفع ذقنها بأنامله و قال: 

- أني ناوي ابعد عن اهني يا حبيبتي هنبعدوا و نعيشوا حياة چديدة لا فيها چدي و لا فيها ابوكِ فيها أني و أنتِ و بس 


تابع بتذكر قائلًا:

- و چبل ها يكون ويانا 


رد جبل مقاطعًا حديث عمه معارضًا هذا القرار و قال: 

- أني ما هروحش وياك في حتة أني ها فضل اهني لحد ما اعرف چتت ابوي فين ؟!!


نظرت خديجة بتعاطف له ثم نظرت لـ بشار الذي يتعامل معه بحدة و صرامة و هو يقول: 

- أنت ها تهمد و لا أچاي اعلمك الأدب ابوك راح كيف  اللي رحوا و أنت من اهنى و رايح ملكش صالح بشغل الاثارات و لا حتى الشيخ المرعي ديه فاهم و لا لا ؟


رد جبل و قال بإعتراض 

- لا ما فهامش اني هاروح أدور على ابوي 


ترك بشار يد خديجة متجهًا نحو ذاك الصغير الذي لا يهاب شيئًا دائمًا يذكره بنفسه في الصغر لكن جبل يفوقه في العناد و التحدِ 

قبض على الصغير من مؤخرة رأسه و قال بتحذير واضح و صريح 

- اسمع بجى لما اجل لك شغل جلة الأدب ديه ماعاوزش اشوفه اهنى تاني و أنت هتجعد اهني كيفك كيف البُلغة اللي في رچلك ديه 


اتجهت خديجة بدورها و تتدخلت محاولة فض النزاع بين بشار و ذاك الصغير الذي يتشاجر مع عمه و لا يهابه،  نجحت في إبعاده عنه ثم وضعت جبل خلف ظهرها و قالت:

- خلاص بقى يا بشار مش كدا جبل عيل صغير مش فاهم حاجة 


رد جبل و هو يخرج من خلف ظهرها و قال بنبرة مغتاظة

- عيل إيه  أني راچل كيفي كيفه بالتمام 


تابع بجدية لم تتوقعها منها حين قال:

- لو أني عيل كيف ما بتجولي عمي طلب مني ليه ااچيبك اهني على الچبل 


ابتسمت له و هي تتبادل النظر مع زوجها الذي حاول إخفاء شبح الإبتسامة التي ارتسمت علي ثغره ردت خديجة بعتذار و قالت:

- حقك عليا يا سي جبل احنا آسفين مكنتش عارفة إنك عيل صغير 


رد جبل بنبرة مغتاظة قائلًا:

- تاني ها تجول عيل يا ست أني راچل مش راچل أني و لا مش راچل ؟ 


داعبت خديه بحنانٍ بالغ ثم قالت بنبرة هادئة

- راجل و سيد الرجالة يا چو 


سألها جبل بعدم فهم قائلا:

- مين چو ديه ؟! 


اجابته  خديجة بهدوء قائلة:

-  أنت اسمك چو دلع جبل إيه مش عجبك ؟! 


رد جبل بإبتسامة مزيفة وقال  قبل أن يغادر المكان 

- لا چلع ماصخ 

- أنت ياواد يا جبل تعال هنا 

- هملي لحاله دلوجه يا ديچا رايد اتحدد وياكِ 

- خير يا بشار 


صمت برهة قبل أن يفجر قـ نـبلته الموقوتة في وجه خديجة 

- أني هاكتب چبل باسمي و اسمك يا ديچا و ها نهربوا برا البلد 


ردت خديجة بنبرة متعجبة قائلة:

- نهرب ليه و من مين ؟ و ازاي نكتب جبل باسمنا و نمحي وجود أبوه و أمه من حياته !!


رد بشار بجدية قائلًا:

- چبل ما يعرفش لأمه طريج من بعد أبوه طلجها و أبوه مات تحت البيت اللي كان بيحفر في يعني ملوش حد غير ربنا و احنا 


هدرت خديجة بصوتها قائلة:

- ايوة و دا مبرر يعني إننا نمحي تاريخ حياته !! 



استدارت بجسدها و هي تضع يدها على مقدمة رأسها عادت تنظر له ثم قالت بصراخ

- أنت كدا ها تعمل خلط نسب يا بشار 


سألها بشار بعدم استعياب قائلًا 

- خلط نسب إيه بس يا ديچا دي مچرد ورجة عشان نعرفوا نطلعوا من البلد !! 


أجابته بغضبٍ جم 

- اه و بعد كدا ها نعمل إيه مش هايبقي محتاج يعيش حياته زيه زي أي طفل مش من حقه يتعلم  افرض خلفنا احنا  و جبنا بنت ها تبقى اخته و محرمة عليه في الورق و لا بنت عمه محللة يتجوزها؟!!

- أني مفكرتش في ديه كله أني كل اللي فكرت فيه إن ناخدوا و نهربوا من اهني !! 

- نهرب، نهرب، نهرب  إيه كل شوية نهرب ليه عاملين جر يمة و لا قا تلين حد ؟!  احنا قانونًا مافيش أي نتحبس عشان احنا عاوزين نسيب البلد و نمشي لا أكتر و لا أقل !!

- هنروحوا فين يعني ؟! 

- أي حتة 


صمت بشار لبرهة مفكرًا في حلًا بديلًا، نظر لها ثم قال بهدوء 

- أني عندي حل ماعرفش ها يعچبك و لا لا 

- يا سيدي قول و خلصني 

- أني چدي أبوه أمي الله يرحمها شيخ چامع كبير هو يبجى اخو چدي حسان بس من أبوه و مستحيل چدي يچي على باله إننا رحنا هناك 


ردت خديجة و قالت:

- طب ما ساهلة اهي معقدها على نفسك ليه بقى !! 


نظرت له بتوجس قائلة:

- الك وشك قلب ليه كدا ؟! 

- أصل چدي حر ج له الدار جبل كِده بس و الله العظيم ما كنت معاه وجتها لكن چدي سالم ما يعرفش كِده و احفاده واعرين جوي 


سألته بعدم فهم قائلة:

- واعرين ازاي يعني ؟ 


أجابها بشار و قال:

- اللي ظابط في الدخلية و اللي داكتور و أصغرهم كان زميل عُمر في الكلية و چدي سالم منعه يتحدد وياه تفتكري ها يجبل بينا ؟! 



صمتت خديجة عاجزة عن الحديث بعد هذا الكم من المصائب الذي يقع فوث رأسها دون هوادة  آنارت مصابيح الأفكار فوق رأسها  نظرت له و قالت:

- لقتها، احنا نروح و نطلب منه السماح  و أنا هاطلب منه يخليني معاه في البيت أنا و جبل 


سألها بنبرة مغتاظة و قال:

-  طب و أني ؟! 


أجابته بهدوء 

- اكيد ها تبقى معانا بس لازم الأول امهد له إننا فعلا ملناش ذنب و لو مش موافق خالص نسيب عنده جبل أمانة لحد ما نلاقي مكان و نرجع ناخده و اهو على الاقل جبل هناك هايبقى في أمان أكتر مننا ما هو أكيد جدك مش ها سيبك بـ السا هل كدا 


❈-❈-❈


في عصر اليوم التالي 


كانت حُسنة جالسة في غرفة الضيوف حذاء زوجة عمها و على يسارها زوجها زين الذي يحاول الإبتسامة رغم حزنه الدفين، كانت والدة عُمر توصيه عليها مراسم زائفة و طقوس لا يعرفها لكن عليه أن يتظاهر بالسعادة حتى لا يُثير الشك .



نظر زين في ساعة يده و قال بعتذار 

- أنا مضطر أستئذان عندي كام حاجة كدا مُهمة 


نظرت حُسنة له و قالت بنبرة متعجبة 

- ها تخرچ دلوجه ؟! 

- اه كام حاجة كدا هاخلصها و ابقى ارجع بليل 


ضغطت على يده و قالت من بين أسنانها بصوتٍ بالكاد أن يكون مسموعًا 

- ماينفعش كِده عريس ليلة صباحيته يخرچ و يسيب عروسته الناس ها تجول إيه ؟! 


رد زين بذات الصوت و قال:

- مش لما نبقى عريس و عروسة الأول،  تبقي تقولي كدا و بعدين ناس مين دول اللي ها يتكلموا ؟! 


داعب خدها قبل أن يغادر الغرفة و قال:

- ساعتين بالكتير مش هتأخر سلام يا عروسة 


غادر زين غرفة الضيوف و منها إلى بهو الفيلا حيث والديه كان يحتسايان القهوة، طبع قُبلة خفيفة على خد والدته و قال: 

- أنا خارج يا ماما عاوزة حاجة 


سألته بنبرة متعجبة قائلة: 

- على فين يا حبيبي ؟ 


أجابها كاذبًا 

- عندي مشوار مهم 

- زين يا حبيبي ماينفعش عريس يخرج تاني فرحه

- ماما هو حضرتك متفقة مع حُسنة عليا و لا إيه 


ردت والدته بنبرة صادقة قائلة

- لا و الله يا زين بس حقيقي ما ينفعش تخرج النهاردا مهما كان شغلك مهم عروستك أهم 


لأول مرة يشعر بأن والدته تتحدث عن الجائز و غير الجائز، ابتسم بمرارة ثم قال:

- حاضر يا مش هتأخر أنا مش هابعد عن الفيلا 


تابع بكذب قائلًا:

- بيني و بينك عامل مفاجأة لحُسنة بكرا ها تتبسط منها اوي 


ردت بإبتسامة خبيثة و قالت:

- طب ما تعرفني يا حبيب ماما يمكن اساعدك ؟ 


عجز عن الرد نظر لها ثم قال بكذب 

- أصلها زعلانة مني من امبارح و بحاول اصالحها و هي مش راضية قلت اروح اشتري لها حاجة و راجع 

- طب يا حبيبي روح و متتأخرش 


بعد مرور خمس دقائق 


وقفت الخادمة المسؤؤلة عن تنظيف الغرف 

تهمس بجانب أذن سيدتها تسرد لها ما حدث بين حُسنة و والدة عُمر قائلة:

- و ست حُسنة قالت لها أنا كرامة جوزي من كرامتي و لا يمكن أقبل إن أي حد يدوس له على طرف قولي لابنك يشوف نصيبه مع حد تاني و أم عُمر قالت لها أنا معرفش هو عمل كدا ليه بس اوعدك تكون آخر مرة يا حُسنة 


سألتها والدة زين قائلة:

- و بعدين ؟ 


أجابتها الخادمة 

- بس يا ستي دا كل اللي حصل 

- طب امشي روحي شوفي شغلك 


عادت الخادمة سريعًا قائلة 

- ستي أنا لقيت دا جنب السرير بتاع سيدي زين  ارمي يا ستي و لا لي لازمة ؟ 


تناولت والدة زين قطعة القماش المختلطة بالدماء نظرت إليها طويلًا و هي تتذكر ذاك الجرح الذي ضمضه ابنها ابتسمت بمكر و هي تخبر خادمتها قائلة

- دا لازم احطه جوا عيونه يا فاطمة 


تابعت بنبرة آمرة 

- روحي أنتِ دلوقتي و خلي عينك مفتحة على حُسنة خليكِ وراها زي ضلها 

- حاضر يا ستي 


❈-❈-❈


في منتصف  نفس اليوم 

كان عُمر يجوب  المكان ذهابًا إيابًا، يحاول أن يصل إليها لكنها قررت غلق صفحته كما قالت لوالدته رفعت سماعة الهاتف على أذنها في انتظار رد زوجها، حاولت مرة تلو الأخرى حتى قام بالرد عليها  ردت بلهفة قائلة 

- الو أيوة يا زين، زين في حاجة عاوزة اقل لك علـ.... الو الو 


انقطع الاتصال بينها و بين زوجها على ما يبدو أن فرغ شاحن هاتفه، حاولت الاتصال أكثر من مرة لكن دون جدوى، تنهدت بعمق ثم قررت أن تخبر شقيقتها قائلة بصراخ 

- عرفي عُمر إن اللي بيعمله ديه مش هايفيد بحاچة واصل يا وچيدة، ايوة هو اهني و زين مش اهني رايد يخرب عليّ الله في سماه ها جتـ ـله  و لا يغمض لي چفن  اتصلي عليه خلي يغور يا وچيدة .


بعد مرور أكثر من ساعة تقريبًا 

أتى الجد حسان  بعد مكالمة طويلة بينه و بين والد زين جلس يستمع لحديثه و بداخله

نيـ ر ان تأجج عالم بأسره لكنه تظاهر بالعكس 

كما أنه كذب عليهم بأنه هو من طلب من حفيده أن يذهب لابنة عمه، لكن لم يقبل أحدهم بهذا الحديث هدر الجد بصوته قائلا بغضب 

يعني إيه الحديت الماصخ اللي ها تجوله د مرتك ديه  يا فؤاد ؟ 


مرتي ماغلتطتش يا حاچ حسان ولدي مدخلش على حُسنة و عُمر كان خارچ من عنيدها الساعة تلاتة الفچر و ولدي مسافر و الكاميرات تشهد بديه 


و لو جلت لك إن ولدك مدخلش على مرته عشان هو اللي معيوب و هي جاعدة وياه عشان العيش و المـ... 


إيه الحديت الماصخ ديه ولدي زينة الرچالة و لو هو كيف ما بتجول كِده كان اتچوز ليه من الاول ؟ 


اني بتي مش معيوبة و إن كان على عُمر فأني اللي بعته ليها  


بعته ليها و هي جابلته بجميص النوم يا حاچ حسان خلي حديتك حج كيف ما متعود منيك 


و مين جالك إننا ناس تعرف الحج اللي يشتغل شغلاتنا يا فؤاد مايعرفش الحج  اللي بتعمله مرتك ديه كيد حريم بعد أنت عنيه  و إن كان على بتنا فهي كيف الشمعة المنورة 

معلش يا حاچ حسان احنا نجـ طع عرج و نسـ يح د مه 


كيفه يعني ؟ 


احنا ناخد بتككم للداكتورة و هي تجول هي صاخ سليم و لا لا 


و داكتورة ليه ؟ اني ها بعت دلوجه حريم و تيچي تبشركم بالخبر الزين بس عنيدي شرط 


إيه هو ؟ 


ولدكم يجف و يشوف بنفسه و بعدها نسأل بتنا رايدة تكمل وياه و لا لا 


بس ولدي مش هيرضى يعمل كِده 


ليه جلبه خفيف و بيترعش كيف ما حُسنة اشتكت منيه 


خلاص يا حاچ حسان بكفاية لحد كِده بجى بتكم ظلمت ولدي كاتير  كل ديه  من تاني يوم چواز اول لو جعدت شهر وياه كانت عملت إيه ؟! 


عملت اللي عملته خلاص بجى يا فؤاد بزيادة لحد كِده أني دلوجه هابعت للحريم و خلي مرتك تجف وياهم وبعددها ليناحديت تاني ويا  بعض


بعد مرور ساعتين تقريبًا 

نفذ الجد حسان  اتفاقه مع والد زين، أتت النسوة  وقفت والدة زين و الإبتسامة تزين ثغرها نظرت لهن ثم قالت 

- الأوضة دي هي اوضة حُسنة 


ولجت النساء و خلفهن والدة زين، كانت حُسنة تتابع الأزياء في أحدى المجلات وقفت بهرجلة و هي تقول بنيرة مرتفعة 

- إنتوا مين و ازاي تدخلوا كدا من غير أذن ست البيت 


خرجت والدة زين من وسط النساء و قالت :

- و مين بقى يا حُسنة ست البيت أنتِ ؟ 


و قبل أن ترد حُسنة أشارت والدة زين برأسها 

للنسوة  انقضت النساء عليها كالفريسة التي وقعت بين براثن الصياد، حاولت أن تتملص منهن و هي تهدر بصراخاتها لكن لا حياة لمن تنادي وقفت والدة و قالت 

- في ايدي أنا يا حُسنة اخلصك من كل دا و في ايدي ازود عذا بك عن كدا  وصدقيني  محدش يقدر يمنعك عني مهما حصل، أنا مستعدة اقول لجدك إننا عرفنا إنك شريفة و إننا ظالمنكِ و نعدي كل بس في حالة واحدة عارفة إيه هي يا حُسنة 


حاولت حُسنة أن تتملص من بين أيديهن لكن لم تستطع فعل هذا فـ النساء تفوق قوة جسدها  مدت والدة زين يدها لتقبلها حُسنة و تطلب منها العفو لكن رد حُسنة غير المتوقع بصقت في وجهها ثم ركلتها بقدمها في فم معدتها  اتسعت أعين والدة زين عن آخرهم و هي تأمر النساء بصراخ بفعل ما أمرتهن بهِ 


قامت إحدى النساء بإبعاد ساقيها عن بعضهما البعض صرخت حُسنة حتى شعرت أن احبالها الصوتية تأذت و ....


يتبع