رواية جديدة عشقه القا سي بقلم رضوى أشرف الفصل 6
رواية جديدة
عشقه القا سي تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية
من قصص وروايات رضوى أشرف
رواية جديدة
عشقه القا سي
الفصل السادس
مر شهر كامل على عرض كريم للزواج من ورد والتي طلبت منه بعض الوقت لتفكر بالأمر وإتخاذ القرار الصائب لتتركه بعدها وتذهب في طريقها لمتابعة عملها بالشركه وها قد مر شهر ولم يحصل على موافقتها بعد بل على عكس ما توقع لقد رفضت عرضه وبدون ذكر أي أسباب قوية تعللت فقط بأنها لن تتزوج بشخص يشفق عليها رغم تكرار قوله بأنها تعجبه ويرى بها مواصفات شريكة حياته التي يبحث عنها ولكنها ظلت على رأيها ليمضي شهر وهو مازال يكافح لنيل موافقتها ولن يمل ولن ييأس حتى توافق على الزواج منه
كانت تجلس بمكتبها تتباع ما تم إنهائه من مهام كلفت بها لتدلف إلى الغرفه ملك وهي تحمل بين يديها كم هائل من الملفات لتنظر إليها ورد شاهقه بفزع وهي تنهض من مقعدها تتجه نحوها وتأخذ عنها بعضاً من الملفات متسائله بدهشه :
- ملك، إيه كل دول، انتي كنتي فين..؟
تقدمت ملك إلى داخل المكتب لتقذف بالملفات التي تحملها على طاولة مكتبها بينما تلقي بجسدها المتهالك على مقعدها تلهث بتعب مجيبه إياها :
- اصبري عليا يا ورد، أما أخد نفسي الأول
اقتربت منها ورد وهي تلتقط كوبا من الماء الموضوع على طاولة مكتبها لتمد يدها به إلى ملك قبل ان تردف قائله بحنان :
- طيب يا حبيبتي براحتك، خدي اشربي حبة مايه بلي ريقك
ابعدت ملك الكوب من امام فمها تصيح بوهن وانزعاج :
- ابعدي المايه يا ورد، أنا صايمه أنتي نسيتي
انعقد ما بين حاجبيها بحنق فهي بالفعل لم تتذكر بأنها صائمه اليوم فهي عادة لدى ملك الصيام ثلاثة أيام قبل موعد كل إمتحان بنية النجاح ومن المفترض أن لديهم إمتحان بمادة صعبه بالغد وهي الماده التي يدرسها لهم كريم أسندت الكوب فوق المكتب من جديد بينما تقترب من تربت على كتفها بحنان :
- معلش يا لوكا أنا فعلاً راح عن بالي، ده أنا حتى نسيت الإمتحان بتاع بكره بذات نفسه
ضحكت ملك بصخب بينما تراقص حاجبيها إلى ورد بمشاغبه قائله بمرح :
- اللي واخد عقلك يا قمر، إلا قوليلي مش ناويه تحني على الراجل بقى وتوافقي حرام عليكي يابنتي ده ساق عليكي طوب الأرض وأنتي لسه منشفه دماغك
نفخت بضيق وهي تشيح بوجهها بعيداً عنها وذهبت لتجلس على مكتبها تمسك بإحدى الملفات تنظر إليها بلا وعي أو قراءة ما به بداخلها صراع ما بين الرفض والقبول ترفض طريقة الزواج رغم أنه يقسم لها بكل مره بأنه عرض عليها الزواج لأنه يرغبها كزوجة ولا يوجد للشفقه مكان بعرضه ذلك وقبولها لشخصه وعائلته الكريمه رغم أنها لا تشعر بأي مشاعر نحوه فقط القبول حتى الإعجاب تكنه لطريقة شرحه وطريقته بالحديث وشخصه الهادئ لا إعجاب به كرجل تفكر بالزواج والارتباط به لا يحرك مشاعرها بنظراته وكلماته البسيطة كذلك الآدم الذي يربك أوصالها، بمجرد نظرة من عينيه يجعل قلبها ينتفض بداخلها ويرتعش جسدها تأثرا به اتسعت عيناها رعباً لما انجرفت إليه أفكارها ما الذي ذكرها به ولما تفكر به من الأساس كيف لها أن تقارن بينهما فكريم ليس له علاقات سابقه مخله ومنحرفه كالآخر والذي علاقاته النسائية المتعددة هي حديث السوشيال ميديا طوال الوقت
انتبهت على صوت ملك تسألها بينما تتقدم منها لتجبس على حافة المكتب أمامها تربت على كتفها بغيظ :
- ورد..روحتي فين يابنتي بقالي ساعه بكلمك
حمحمت بخفوت قبل أن تجيبها بهدوء مغلقه الملف الذي بين يديها وتنهض من مكانها وهي تتجه نحو الباب تنوي المغادره :
- معلش يا حبيبتي سرحت شويه، أنا حاسه بإرهاق فظيع بصي أنا هرجع البيت وكمان أنا خلصت كل شغل اليومين اللي فاتوا مش فاضل غير ملف واحد هخلصه بكره بإذن الله
تعجبت ملك مما تفعله ورد فهي لم يسبق لها وأن تركت العمل وغادرت قبل انتهاء فترة الدوام المحددة بل على العكس كانت تتخطى وقت الدوام ولا تذهب حتى إنهاء عملها المكلفه به بالكامل ليس من عادتها تأجيل عمل يوماً ما لليوم الذي يليه ولكن على ما يبدو أنها تعاني وهناك ما يؤرق بالها لذلك تركتها تذهب بلا تعليق وعادت إلى مكتبها لتكمل عملها وتنهي بعضاً من الملفات المتراكمة على طاولة مكتبها
❈-❈-❈
كانت تجلس على مقعدها الهزاز بغرفتها شارده بما حدث معها منذ عامين من الآن عندما اكتشفت خيانته وتلاعبه بمشاعرها وكأنها نكره لا وجود لها في حياته
-: فلاش باك :-
جلست تنظر أرضاً بحسره وإنكسار وهي تمسك إحدى المجلات الأجنبية بين يديها مفتوحه على إحدى صفح أخبار المشاهير رفعت وجهها تتطلع إلى الصوره التي بالصفحه أمامها بعينان غائمه بالدموع وهي تقبض عليها بألم حاد تشعر به يكاد يمزق قلبها إلى أشلاء، تنظر إلى وجهه الوسيم المخادع بإبتسامته الواسعه بسعاده بينما يضم بذراعيه خصر تلك الفتاه التي معه بالصوره ولم تكن سوى "سيلينا" ابنة أحد أكبر رجال الأعمال الأوروبيين والتي كانت تطوق عنقه بتملك تلتمع مقلتيها بسعاده بينما يزين بنصرها خاتم من الألماس الخالص ويقابله ببنصر الآخر حلقة فضيه لامعه إعلانا لخطبتهما وكسر قلبها وتحطيم أحلامها الورديه تحت اقدامهما، اختنقت بشهقات بكائها المكتومه ولم تعد تتحمل ضغط الألم الذي يعصف بصدرها مما جعلها تهشج في بكاء مرير تصرخ بألم وحسره تشعر بضياع عالمها وسعاده فقد حطم قلبها بكل بساطه، صراخها جعل صديقتيها تهرع بالدخول إليها خوفاً من أن تفعل شيئاً بحالها وقد كانت طلبت منهما بوقت سابق أن يخرجا ويتركاها بمفردها عندما آتيا للجلوس معها ومنعها من رؤية تلك المجله والتي اعتادت قراءتها كل صباح والتي كان يدون بها خبر ارتباط حبيبها بتلك الفتاه التي يعمل بشركة والدها والتي حذرته أكثر من مرة بعدم التعامل والخروج معها وكان يسايرها ويفعل لها ما تريد مخبرا إياها بأنها الوحيده التي يعشقها ومهما حدث ستظل هي مأواه ورفيقة قلبه النابض ليعود من جديد للخروج والسهر معها والآن تمت خطبتهما وتلاشت كل الوعود التي اغرقها بها وجعل من قلبها أسيراً له ولعشقه السام الذي توغل إلى قلبها وتملك منه بكل خلية بداخله
اقتربت منها ميار وهي ابنة أحد رجاله الأعمال المصريين وصديقة طفولتها والتي سافرت معها لإكمال دراستها بنفس الجامعه التي تدرس بها مروه، ضمتها بحنان تربت على ظهرها برفق تحاول تهدئة نوبة البكاء التي تملكت منها قائله بهمس ودموعها تنساب بغزاره رغماً عنها لرؤيتها حالة صديقتها المزريه :
- مروه عشان خاطري أهدي، والله ما يستاهل تبكي عليه ولو دمعه واحده اللي زي ده ميستاهلش غير يترمي في الزباله بكل ذكرياته حاولي تنسيه صدقيني مكنش يستاهلك من البدايه
ازدادت حدة صراخها لتكتمها بصدر صديقتها تقبض بكفيها على مقدمة ملابسها تشد عليها تكاد تمزقها بينما تضمها الأخرى بقوه مماثله لتصرخ مروه بألم حاد تشعر بإنسحاب الروح من جسدها يحترق قلبها بحسرة خسارتها لعشق كان يوماً لها اكسير الحياة ليغدو الآن كحبل مشنقه يلتف حول عنقها يخنقها حتى كاد أن يزهق روحها :
- طيب ليه عمل كده، ليه يكسرني بالشكل ده عملتله إيه ده أنا عمري ما زعلته وحبيته بجد، طيب ليه يعلقني بيه ويخليمي أحبه لما هو عايز يتجوز دي، ليه يوهمني بحبه ليا وهو مبيحبنيش وناوي الغدر ليه يأذيني ويدمرني ليييييه
اقتربت منهما هدير وهي صديقة الطفوله الثالثه ولكنها من عائله متوسطه سافرت بعدهما بعام بمنحه دراسية كاملة لتتابع إكمال دراستها بإحدى الجامعات العالمية الشهيره في تخصص الأبحاث الكيميائيه بخلاف مروه وميار فكلاهما تدرسان الهندسه المعماريه الحديثه والتي تشمل تصميم شكل المبنى من الخارج والداخل مع تنسيق الألوان والديكور اللازم للمبنى بمعنى أنهما عند استلام عملا يحملن على عاتقهما تصميم المبنى من الألف إلى الياء حتى يستلمه العميل كاملاً متكاملاً من كل شيء
ضمتها الأخرى بينما تمنع عيناها من ذرف الدموع قائله بمواساة وهي تربت على فخذها برفق وحنان :
- متزعليش يا حبيبتي ربنا كريم ورحيم بعباده، وأكيد له حكمه فإنه يحصل كده ويتكشف على حقيقته قبل ما كنتي اتعلقتي بيه أكتر من كده، وحدي الله كده واهدي واعرفي أنك كسبتي ومخسرتيش أبداً
كانت تلك كلمات هدير فهي كانت قويه واعتادت على تحمل المصاعب منذ الصغر لذلك تأثرها بتلك الأمور ضعيف حتى أنها تشفق على مروه لرؤيتها تبكي بتلك الطريقه ولكن بداخلها تهزء من الحب وما يفعله بمن يشعر به وتدعو بداخلها بأن لا يضعها الله بذلك الموقف ولا يجعل قلبها يلين ويخفق بذلك الحب لأحدهم، بينما رفعت رأسها مروه من بين ذراعي ميار ترمقها بحزن قائله بحسره :
- لا إله إلا الله، ونعم بالله، أنا مش زعلانه أنه سابني أنا صعبانه عليا نفسي إني ضعفت وحبيته سلمت قلبي لواحد كداب، كان بيلعب بمشاعري وبيمثل عليا الحب وهو كداب مخادع بيلعب من ورايا لحد ما وصل لمراده وهيتجوز بنت الراجل اللي بيشتغل عنده
ابتسمت بألم بينما تتابع بدموع ونبرة صوت متشحرجه من أثر صراخها وبكائها الحاد :
- عارفين امبارح مشوفتوش طول اليوم ولما سألته قالي أنه مشغول في الشركه ومش هيقدر يشوفني ووعدني نتقابل النهارده، إزاي قادر يكون بالبجاحه والبشاعه دي إزاي أنا حبيته ومحستش بكل ده أنا عشقته بكل غباء ومهتمتش بكل عيوبه، أنا حتى محكتش ليه عن عيلتي ولا أنا مين في الحقيقة عشان أعرف هو بيحبني بجد ولا طمعان فيا زي كتير غيره ولما لقيته مهتمش وبقى كل فتره يسبلي فلوس اصرف منها ويقولي إني هكون مراته ومن واجبه يشيل مسؤليتي قد إيه كنت فرحانه بيه قد إيه كنت شايفاه راجل شهم ونبيل وقد المسؤولية ويستاهل اكون معاه مكنتش أعرف أني بالنسباله وقت فراغ بيقضيه لحد ما يوصل للي هو عايزو
انسابت دموعها بغزاره لتغرق وجهها تنتحب بصمت قاتل ترجع رأسها إلى الخلف تسندها على رأس الأريكة التي يجلسن عليها وعقلها يدور ويدور بينما تمسك بيدها كل منهما بيد تمسد عليها بلطف، وفجأه وبدون سابق إنذار نهضت مروه من مكانها عيناها تشع غضباً وألم تتجه نحو غرفة نومها تحت أنظار صديقتها القلقه والمندهشه لما يحدث معها، لم يمر سوى عدة ثواني ورأياها تخرج من الغرفه مرتدية ثياباً للخروج تتجه نحو باب الشقه فإنطلقتا نحوها مهرولين بلهفه حتى أمسكت بها ميار تقبض على ذراعها بقلق تسألها بلهفه متبادله نظرات توجس مع هدير :
- مروه استني، أنتي رايحه فين
حاولت تخليص ذراعها من بين يدي ميار قائله بغضب مكتوم :
- أوعي يا ميار سيبيني، أنا لازم أنزل حالا ابعدي عني
حاولت دفعها بعيداً ولكن تشبثت بها الأخرى بقوه غير سامحه لها بالذهاب قائله بلهاث أثر المجهود الذي تبذله في السيطره عليها وعدم تركها :
- مش هسيبك ولا هبعد عنك قبل ما أعرف أنتي رايحه فين هتروحيله مش كده، إيه اتجننتي ولا عقلك طرقع رايحه تشوفيه بعد اللي عمله فيكي
صرخت مروه بغضب بينما تجذب ذراعها من بين قبضتها بقوه حتى كادت أن تسقطها أرضاً ولكن سارعت هدير بدعمها وحالت دون سقوطها وعيناها تتسع بدهشه من الحاله التي أصبحت عليها مروه، تابعتها بقلق وهي تراها تعود لمكان جلوسهن السابق وقد ظنت أنها عادت أدراجها ولن تخرج ولكن خاب أملها عندما وجدتها عادت تتجه للخروج بعدما التقطت المجله من فوق الطاوله تقبض عليها بين يدها بقسوه بينما تنذر مقلتيها عن بركان ثائر بداخلها سينفجر لها محاله ولن يكون سوى من نصيب ذلك المخادع، حاولت ميار منعها مره أخرى ولكنها لم تستمع لها وخرجت وهي تقسم بداخلها أنها ستثأر لقلبها ومشاعرها المدعوسه تحت قدمه
خرجت من ذكريات ذلك اليوم القاسي على صوت طرقات حاده فوق الباب يتبعها صوت مدبرة منزل عائلتها الذي صدح في الارجاء بحنق قائله بنزق :
- مروه يا بنتي ردي بقى متقلقنيش، انتي قافله على نفسك ليه طمنيني فيكي حاجه
انتفضت تقف على قدميها تهتف بصوت عالي بعدما تمالكت زمام أمورها من جديد ليخرج صوتها متهدج رغماً عنها :
- أيوه يا داده عفاف، متجلجيش مفياش حاجه أنا بس غفلتلي هبابه إكده، فيه حاجه
هتفت عفاف بإرتياح وهدوء بعدما اطمئنت عليها :
- مفيش يا حبيبتي، أنا طالعه اناديكي عشان تنزلي الغدا جهز والست هانم الكبيره وولاد عمك كلهم تحت ومستنينك عشان تتغدي معاهم
اجابتها بهدوء وابتسامه خفيفه وكأنها تراها :
- حاضر يا داده، دجيجه إكده وهتلاجيني نازله وراكي
ذهبت عفاف لتلتف مروه متجهه نحو المرحاض لتستعد للنزول ومواكبة أفراد عائلتها على الغداء، تدفن بداخلها ذكرياته المؤلمه التي تحاول التغلب على ألمها منذ عامين ولكنها لم تستطع لتتذكره كلما أصبحت مفردها مما يجعل قلبها يخفق بألم حاد بين جنباتها لتشعر بآلامه وكأن ما حدث حدث منذ يومين وليس عامين
❈-❈-❈
في منتصف نهار اليوم التالي وتحديداً بشركة الشهاوي كانت تخطي خطواتها بحذر شديد بينما تقبض بيدها على عدة ملفات متراصة فوق بعضها البعض حتى نهاية رأسها لتحجب الرؤية عن عينيها تتجه نحو مصعد العاملين لتهبط للدور الخامس لتسليم تلك الملفات لأرشيف المشاريع والتي انهت العمل عليها اليوم وعليها تسليمها لتتأفف بسأم تردف بضجر :
- يارب يعني هو أنا ناقصه تعب، ده إيه الهم اللي أنا فيه ده
بينما كان يتجه آدم في طريقه نحو المصعد الخاص به يمسك هاتفه بين يديه يتحدث بصرامه لمحدثه على الطرف الآخر عبر سماعة صغيره تلتصق بأذنه اليسرى دون وعي منه لتلك التي تخطي بحذر وتلجلج في خطواتها تهمهم ببغض لما يحدث معها الآن تنعي حظها العسر فاليوم كان شاق ومرهق لجسدها ونفسيتها فقد بدأته بإختبار صعب جدا في الماده التي يدرسها لهم كريم وكأنه يعاقبها على رفها عن طريق ذلك الإختبار لتعتصر عقلها تركيزاً حتى انتهت من حله بإجتهاد وبعد ذلك عادت للشركه حتى تنهي ما عليها من عمل متأخر وتسلمه لذلك الأرشيف الغبي حتى يتم تمريره ليطالعه المشرف المسؤول عن تدريبهم قبل أن يعروضه على رئيس مجلس الإدارة ذلك الآدم المتعجرف، ازدادت حدة قبضتها على الملفات تقبض عليها برعب تشهق صارخه بفزع وهي تشعر بإحدى قدميها تنزلق عندما اصطدمت بحائط ما أمامها لم تنتبه إليه بسبب تلك الملفات اللعينة لتغلق عينيها بقوه استعداداً لإرتطام جسدها بالأرضية القاسيه، ولكنها شعرت بجسدها يتعلق بالهواء بينما ذراعين قويتين تحاوط خصرها تحول دون سقوطها، تراخت قبضتيها بصدمه لتسقط الملفات جميعها على الأرض ليطالعها وجهه القاتم وعيناه الحاده تناظرها بغموض، قبض آدم على خصرها بقوه يجذبها إليه بلا وعي منه، فقد كان يتجه نحو المصعد الخاص به وفجأة ون سابق إنذار اصطدم بها ليسرع بالقبض على خصرها بين ذراعيه ليحول دون سقوطها ولم يعلم من تكون إلا عندما وصل إليه صوتها الفزع وهي تصرخ مسقطه الملفات التي بيدها وتحجب عنه رؤية وجهها، ليظهر له ملامح وجهها الفاتنة والهادئه لتشق ثغره ابتسامة لطيفه صغيره تخبطت لها وجنتي ورد بإحمرار وخجل طاغي لتتململ بين ذراعيه تحاول الإستقامة والابتعاد لتنجح بذلك وتستقيم لتواجهه ولكن لصدمتها لم يحرر خصرها بل زاد حصاره لجسدها داخل أحضانه يضمها إليه برفق يطمئن عليها بهمس حاني :
- مش تاخدي بالك وأنتي ماشيه، فرضنا وجعتي من على السلم كان وجتها حوصل إيه
أجابته بعفويه وكأن وضعهم ذلك طبيعي وتناست أنها مقيده بين ذراعيه يضمها بينهم بتملك تلتمع عيناه بنظره حانيه عجزت عن فهمها :
- كنت هقع أكيد وهتتكسر رقبتي، كمان ممكن كنت أموت!!!
انعقد بين حاجبيه بغضب ينظر إليها بحده بما تتفوه تلك الغبيه عن أي موت تتحدث، صدح صوت بداخله ينهره متسائلاً بما يخصه هو لما أصبح دائم الانشغال بها والبحث عن فرص لمقابلتها والحديث معها ما الذي يحدث معه فآدم الشهاوي لم يركض خلف فتاه يوماً أو تمنى بداخله أن تعجب به فتاه أو حاول من قبل لفت نظر إحداهن إليه فكان دائماً هو من تركض خلفه النساء وتتهافت كل منهن على الخروج معه ولو لليلة واحده، آفاق من شروده عندما شعر بقبضتها الصغيره تدفعه برفق بينما تهمس بخجل :
- ابعد لو سمحت، ميصحش كده أرجوك
ترجته بخجل عندما شعرت به يزيد من ضمه لجسدها حتى التصقت به، بينما شعر آدم بضعفه أمامها ونفورها من لمسته الواضح على ملامح وجهها ليأجج ذلك النفور نيران الغضب بداخله فهو بغبائه عرض نفسه لذلك الموقف المخجل والمهين لشخصه، لينفضها بقسوه حتى كادت أن تسقط على وجهها ولكنها تمالكت نفسها لتنظر إليه بدهشه وغضب في آن واحد، تابعته بنظراتها وهو يعدل من ياقة قميصه وسترته ورفع بعدها عيناه ينظر إليها بحده والغضب الذي تملك منه يهدد بإحراق الأخضر واليابس أردف بحده ساخراً منها حفاظاً على ماء وجهه أمامها :
- واااه، حد جالك هموت على جربك إياك صحيح خيراً تعمل شرا تلجى، واحده دايخه ماشيه تخبط في خلج الله لتكوني عميتي ومشيفاش قدامك لو كان إكده اجعدي في بيتك لما تروجي ونظرك يرد ابجى عاودي من تاني
اشتعل غضبها من سخريته منها فتقدمت منه خطوتين تشهر بسبابتها أمام وجهه تجيبه بحده وغضب :
- أنا مسمحلكش تتكلم معايا كده، إيه قلة الذوق دي أنت.....
قاطعها بغضب فيما يقبض على إصبعها التي ترفعه بوجهه بقسوه يضغط عليه لتتأوه بخفوت وألم تجاهله ليفح من بين أسنانه بغضب حارق :
- اكتمي، واعيه لحالك واجفه جدام مين، إلزمي حدك واعرفي بتتحدتي إكده ويا مين خدي بالك أني متعودتش أسامح اللي غلط في حجي
تركها وغادر من أمامها غير سامحا لها بإجابته والتغول في حديثها المقيت أمامه والذي يشعر بتأثيره عليه كساكين تنغرز بصدره تألمه وتشعل غضبه لذلك فضل الرحيل وعدم المجادله معها أكثر من ذلك فهو من أخطأ بإقترابه منها منذ البدايه، بينما تجمدت ورد بمكانها بصدمه وبداخلها نيران مشتعله تحرق صدرها تشعر بالغضب الشديد منه تمالكن نفسها وجلست أرضاً تلملم الملفات المنتشره على الأرضية تعيد رصها فوق بعضها بغضب وحده بينما تهمس بغيظ :
- إنسان متعجرف، مغرور وقليل الأدب كمان
❈-❈-❈
مساءاً بمنزل ورد كانت تجلس على سريرها بينما عيناها محتقنتان بالدموع وتجلس أمامها شقيقتها الصغرى زينه وتقف أمامها زوجة أبيها فريال التي تتغضن ملامحها بغضب ويبدو أنها تحاول إقناعها بأمر ما ضد رغبتها وهذا واضح من حركات يدها التي تشيح بها في الهواء أمام وجه ورد، تردف بخفوت بينما تتطلع بتوجس إلى باب الغرفه :
- يابت..يابت افهمي دي طاقة قدر واتفتحتلك حد يطول جوازه زي دي ويرفضها، هتفضلي لحد أمته وش فقر وبهدله
اجابتها بعنف وهي تنهض لتقف أمامها تشير إليها بغضب :
- بصي بقولك إيه يا خالتي أنا مش ناقصه وفيا اللي مكفيني جواز دلوقتي، مش هتجوز أنا حره ما هو مش بالعافيه
اقتربت منها فريال بتوجس تربت على كتفها تحاول كسب تعاطفها وإقناعها بما تريد فمنذ نصف ساعه أتى كريم مع جدته ليعرفان ردها على عرض الزواج منه ولم يخبر كريم جدته برفضها واكتفى بقول أنها تحتاج لوقت تفكر به ولذلك قرر اليوم وضعها أمام الأمر الواقع وجلب جدته ليأثر عليها ولكن طال خروجها إليهم فدلفت فريال لتجدها تجلس على سريرها كما تركتها رافضه الخروج وحتى تفعل ما تريد منها عليها إتخاذ طريقاً آخر غير الغضب والإجبار، أي وهو الضمير وإحساسها بالمسئولية نحو شقيقتها وحبها وخوفها عليها فحاولت رسم الضعف على وجهها وذرف بعض الدموع الكاذبه قائله بتوسل :
- يابنتي أنا مش بجبرك على حاجه، أنا عايزالك الصالح وصالحك وصالحنا أنك تتجوزي الجدع اللي بره ده، فكرك أنا بلح عليكي عشان غني وعشان فلوسه يعني تبقي غلطانه يا ورد، أنا بلح عليكي عشان الناس والجيران اللي مستنين فرح ورد على الراجل الابهه اللي وقف في وسط الخلق كلهم وقال أنا خطيبها وكانت معايا هي وأختها، تقدري تقوليلي الناس هتقول إيه لما ميبقاش فيه خطوبه ولا جواز، سيبك من كده فتوح هيسيبك في حالك لا ده هيوقفلك في الرايحه والجايه وهيشنع فينا ووقتها بقى الناس كلها هتصدق كلامه ما أنتوا رجعتوا مع راجل غني وقال خطيبك وهو ولا يقربك شوفي بقى لما ده يحصل، هيحصل فينا إيه مش هنعرف نعيش في الحاره تاني واختك الغلبانه دي مش هتقدر تنزل الشارع هيضايقوها في الرايحه والجايه ومفيش جنس راجل هبص في وشها ولا يطلبها للجواز مش يبقى حرام مستقبلها يضيع وهي مش ذنبها حاجه لكن لو وافقتي والناس كلها شافتك اتجوزتي كريم هيصدقونا ومحدش هيقدر يرفع عينه فينا ولا يقول في حقنا كلمه واحده فهمتي يا ضنايا
اغروقت عينان ورد بالدموع بينما انتقلت بنظراتها تنظر إلى شقيقتها الجالسه على الفراش منكسة برأسها ويبدو عليها الحزن والتأثر فهي أعلم بها من والدتها هي مازالت تعاني منذ ذلك اليوم تنتفض كل ليله بنومها مذعوره تراه وتعيشه كل يوم من جديد حتى في منامها، لا تريد الزواج من كريم بتلك الطريقه ولكنها أيضاً لا يمكنها تدمير حياة صغيرتها لا يمكنها ترك أسرتها الفقيره لحديث كل من جيران وأقارب عنهم بالسوء وتداول فيما بينهم الحكايات والقصص الخاطئه والمسيئه لهم والتشنيع بهم وأخلاقهم الطيبه ورميهم بالباطل تنهدت بحزن قبل أن تعود بنظراتها نحو فريال قائله لها بهدوء :
- خلاص يا خالتي، أنا موافقه أطلعي بلغي الجماعه وأنا خمسه وهحصلك
انفرجت اسارير فريال لتبتسم بإتساع قبل أن تلتفت نحو الباب وتفتحه مغادرة الغرفه تطلق زغاريد فرحه معلنة عن موافقة العروس لتنهض زينه من مكانها معانقة شقيقتها فرحة بها فهي ستتزوج من رجل وسيم ذو اخلاق عاليه بالإضافة إلى وظيفته المرموقة وثراء عائلته الفاحش ضمتها ورد بجمود شارده في عالم لا ترى به غير الضباب المحاوط لها
❈-❈-❈
بينما بغرفة الصالون حيث توجد اريكتين متهالكتين بعض الشيء ولكنها نظيفة ومرتبة ببساطة تدل على نظافة ونظام نساء هذا المنزل، تطلعت الجده وداد حولها تفحص الغرفة بعينيها الثاقبتين لتعود وتنظر نحو كريم الجالس بجوارها على إحدى الأريكتين يفرك كفيه ببعضهما بتوتر لتنهره بغيظ :
- واااه ما تكن في مطرحك يا وااد، مالك مش جاعد على بعضك ليه إكده
نظر إليها كريم بتوتر واجابها بهدوء مصطنع لا يشعر بذرة منه حتى فهو يشعر بقلبه يدق بعنف يكاد يجزم أنها استمعت إليها يخشى رفض ورد فتلك المره إذا رفضت ستكون جدته على علم بذلك ولن يستطيع وقتها الإعتراض وتكرار طلبه للزواج منها من جديد :
- مفيش حاجه، أني بس مستغرب المكان وخايف لتغيري رأيك يعني إكمنه مش جد المجام
رفعت إحدى حاجبيها تعجبا لما يقول وردت بإستنكار وهي تشير بيدها للغرفه من حولهم قائله بجدية وإعتزاز بأهل هذا المنزل المتواضع :
- مش جد المجام، اتلهي على روحك ده بيتهم أنضف من اوضتك بلا وكسه عليك، ياريت بس البنيه تطبع عليك وتلجمك(تعلمك)..نص النضافه والترتيب يللي عندها
صمتت قليلاً ثم تسائلت بتوجس وهي تنظر إليه بقلق :
- الجماعه عوجوا (اتأخروا) كتير جوا، هي البنيه ما موافقاش ولا إيه يا ولدي
امتقع وجه كريم بقلق ولكن سرعان ما انفرجت اساريره بإبتسامه فرحه سعيده عندما صدحت أصوات الزغاريد التي تطلقها فريال بينما تدلف إليهم مهلله بسعاده :
- مبروووك، ألف مبروك يا جماعه العروسه ردت بالموافقه ربنا يتمم بخير يا حجه إن شاء الله
ابتسمت وداد بسعاده بينما تقف أمامها لتضمها بفرح مباركه بلهفه :
- مبارك علينا يا حبيبتي
تركتها لتلتفت نحو كريم الذي تجمد بمكانه من السعاده تضمه مباركة له بسعاده وقد طفرت دموع الفرح من مقلتيها :
- مبارك يا ولدي، ربنا يتم فرحتك على خير وينور دنيتك ودارك بورد
ضمها كريم بسعاده وهو لا يصدق بأنها وافقت أخيراً فهو أقر منذ فتره بأنه أحبها، نعم أحبها من كل قلبه ومنذ أن رآها أول مره وتشاجر معها رغم رغبته بالانتقام وشد أذنها لطول لسانها لكنه بعد ذلك وعندما توالت المرات التي رآها بها اخترقت جدارن حصون قلبه المنيعه ووقع بحبها ليجد نفسه يعرض عليها الزواج في أول فرصه سنحت له
بعد قليل دلفت ورد إلى الصالون بهدوء وخجل منكسة برأسها تنظر أرضاً تحاول قدر استطاعتها رسم ابتسامه على ثغرها حتى لا يظنوا بأنها مرغمة على هذا الزواج، لتتسمر نظرات كريم عليها وتسحره بطلتها المحتشمه البسيطة فكانت بسيطه خلابه بفستانها الأزرق الفاتح بلون السماء وحجابها المماثل لنفس لون الفستان ازدرد بإضطراب وهو يتابعها بعينان شغوفه متلهفه بينما تخطو بخجل نحو الجده التي فتحت ذراعيها ترحب بها بحبور وسعاده لتضمها ورد بحنان فهي تحبها كثيراً تعتبرها كجدتها التي لم ترها من قبل فيما اردفت الجده بسعاده كبيرة :
- مبارك، ألف مبارك يا ضنايا نورتي عيلة الشهاوي وعجبال ما تنوري دار الشهاوي يا ورد دار الشهاوي وناسه
ابتسمت ورد بخجل وأخذت تربت على كتفها بحنان قائله :
- الله يبارك فيكي يا تيتا، البيت منور بيكي وبأصحابه والله
قرصت وجنتها برفق ضاحكه تهتف بمرح وهي تغمز بإحدى عيناها بإتجاه كريم :
- وماله يا حبيبتي، برضك نورك انتي هيزهزه الدار ويطرح البركه فيه، ولا إيه يا عريس
- وده سؤال يا جدتي برضك، ربي ينعم عليا ويكملها على خير بإذن الله
أجابها كريم بهيام خجلت ورد بشده من إجابته الجريئه ولم تستطع التفوه بحرف واحد ولكن صدمتها الجده عندما هتفت بجدية مشيرة إلى بال الغرفه قائله :
- طيب بينا يا حبايب، هملوا العرايس يتحدتوا سوا وحديهم
اعترضت ورد بجدية تامة لا مجال للنقاش فيها :
- معلش يا تيتا، أنا آسفه بس مينفعش نقعد وحدنا وبعدين أنا ودكتور كريم نعرف بعض كفايه ملهاش لزوم الخلوه دي
اعجبت بها الجده الآن أكثر من السابق لتقترب منها تربت على وجهها بحنان واومأت لها موافقه، بينما امتقع وجه كريم وتغضنت ملامحه بغضب وضيق ولكنه فضل الصمت حتى لا يثير جدلاً مع زوجته المستقبليه فهو سمع كثيراً عن عنادها وصلابة رأسها لكن سرعان ما انفرجت اساريره بسعاده عندما سمع جدته تقول بجدية :
- تمام يابتي حيث إكده، يبجى خير البر عاجله رأيك إيه نعجدوا الخميس الجاي ووجتها بجى جوزك وانتوا وكيفكم تروحوا وتاجوا وتجعدوا ومحدش يجدر يتحدت بحرف هااا
انتفضت ورد كمن لدغتها أفعى مصدومة مما اقترحته الجده كادت أن تجيبها بالرفض ولا تعلم لما فهي لا تحبذ فكرة حدوث خطوبه لسنوات دون رابط شرعي لما الآن لا تريد عقد قران شرعي ليمكنها من التعرف عليه والجلوس معه على راحتها أم أنها خائفه من ارتباط تعلم أنه من الممكن أن تنهيه بأي وقت صدمت لما توصلت إليه أفكارها هل بالفعل يمكنها فعل ذلك منذ متى وهي تفكر بتلك الطريقه كيف لها أن تغضب ربها وتفعل ما يبغضه ولما ستتركه بالأساس ولأجل من، أفاقت من شرودها على صوت زوجة أبيها التي أخذت تطلق زغاريد معلنة عن موافقتها دون أن تنطق بها بنفسها لتنظر إلى الجده بحنان وهي تسألها برفق :
- جولك إيه يا مرت ولدي
ابتسمت بخجل لهذا اللقب وازدادت حبا لتلك الجده التي لم تفكر مره بفارق الوضع المادي والاجتماعي بينهم بل على العكس رحبت بها بحفاوة وسعاده لتشعرها وكأنها كنزها الثمين الذي لا يقدر بثمن فماذا تريد من الحياة سوى الستر وزوج صالح وعائله محبه عطوفه والأهم راحة أسرتها الصغيره، اومأت برأسها إيجابياً بتوتر وخجل مفرط قبل أن تردف بصوت رقيق وهادئ بلكنة صعيديه اتقنت لفظها من كثرة تحدث مليكه بها أمامها :
- اللي تريديه (عايزاه) يا جدتي، مفيش جول بعد جولك
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة رضوى أشرف لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية