-->

قراءة رواية جديدة رحلة الآثام لمنال سالم - الفصل 2


قراءة رواية رحلة الآثام كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية رحلة الآثام (ما طواه التامور وطمره) رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة منال محمد سالم



الفصل الثاني 

(إنها الصدفة)


التجول بغير هدى في مكانٍ ممتلئ بمئات الأشخاص الغرباء عنها جعلها تشعر بقدرٍ من الرهبة يتسلل إليها. قاومت ما اعتراها من قلقٍ وتوتر وتابعت مشيها المتأني نحو طابور مراجعة الأوراق، ناولها الموظف جواز سفرها بعد وضع الختم عليه، فانتقلت إلى الصالة الداخلية، وبحثت عن مكانٍ تجلس به ريثما تسمع النداء الخاص بالصعود على الطائرة. لم تكن ذات صلة جيدة مع باقي أفراد بعثتها، بالكاد تربطها بهم مجرد عبارات عابرة، ورسمية، لهذا وجدت صعوبة في الانخراط معهم، انتقت عيناها بقعتها المنشودة بعيدًا عن الصخب المحيط بها، لهذا أسرعت الخطى تجاهها، واستقرت جالسة بمفردها وهي تحرر زفيرًا طويلًا من رئتيها.

راحت "تهاني" تنظر إلى من حولها بشيءٍ من الخوف الممزوج بالحزن، كم تمنت أن تجد عائلتها إلى جوارها تشد من أزرها في لحظات الفراق العصيبة! لكن ما تذكره قبل خروجها من المنزل، شجارها مع والدتها، ونظرات القهر في عيني شقيقتها. ألقت وراء ظهرها هذه المشاعر المحبطة، ونفضت عن تفكيرها ما يعيق أحلامها، وراحت تخاطب نفسها:

-بكرة يعرفوا إن كان معايا حق.

لفظت الهواء بعمقٍ من صدرها وهي تلمح ظل أحدهم يحل عليها، قبل أن تجده يستقر بجوارها، نظرت بطرف عينها لهذا الغريب الذي أفسد عليها عزلتها، لم يلقِ لها بالًا، وانشغل بمطالعة ما بحوزته من مجلة ما. رفعت يدها نحو جانب رأسها تسوي شعرها، وركزت بصرها على الجواز الموجود بيدها. ظل الصمت مخيمًا بينهما إلى أن أحست برغبة غريزية ملحة تدعوها لشرب الماء، حينئذ تلفتت حولها، وتكلمت بصوت شبه خافت؛ لكنه كان مسموعًا له:

-مافيش حد بيبيع مياه هنا؟

وجدت شريكها في المقعد يمد يده بزجاجة بلاستيكية مغلقة ناحيتها مرددًا:

-اتفضلي.

تفاجأت من تصرفه، واعتذرت في حرجٍ:

-لا شكرًا، مافيش داعي...

ثم نهضت من موضعها متابعة بلهجةٍ اتخذت طابعًا رسميًا:

-أنا هشوف في أي مكان هنا.

أصر عليها بلباقةٍ رافعًا يده للأعلى بالزجاجة، وهذه الابتسامة الصغيرة تزين صفحة وجهه:

-دي زيادة معايا، ومقفولة.

أوشكت على الاعتراض؛ لكنه أبدى تصميمًا فاقها عنادًا:

-مش هاقبل بالرفض، دي حاجة بسيطة.

أمام ما اعتبرته ذوقه اللطيف استسلمت، خاصة أن مظهره المهندم والرسمي أوحى برقيه وعدم انتمائه لطبقة عامة الشعب الكادحة، فأمثاله من الأثرياء لن يحاولوا استمالة إحداهن بواحدة من الطرق الرخيصة. قبلتها منه قائلة بوداعةٍ، وقد ارتخت تعابيرها المشدودة نوعًا ما:

-شكرًا على ذوقك.

عاودت الجلوس، وراحت ترتشف من المياه المعدنية القليل، نظرت ناحيته مرة أخرى عندما سألها:

-أول مرة تسافري؟

أجابت بحذر:

-أيوه.

لاحقها بسؤاله التالي، بطريقةٍ أوحت برغبته في التودد إليها:

-فسحة ولا شغل؟

حاولت الحفاظ على جديتها وهي تجيب مقتضبة:

-بعثة!

مط فمه معلقًا في إعجابٍ:

-بعثة! واضح إنك من المتفوقين.

تنحنحت هاتفة في تهكمٍ طفيف:

-بيقولوا.

ترك المجلة من يده، ووضعها جانبًا، ثم سألها باهتمامٍ:

-خريجة إيه؟

تنهدت قبل أن تجاوبه:

-علوم.

استدارت بجسدها نصف استدارة، وسألته في تحفزٍ يشوبه الضيق:

-حضرتك سألتني كتير، وأنا معرفش حاجة عنك.

على عكسها تمامًا، كان مسترخيًا لأبعد الحدود، وكأنه اعتاد على محاولات الصد والرد من النساء؛ لكنه كان لا يستسلم أبدًا، فله طريقته الاحترافية في جذبهن إليه للظفر بما يريد. انتصب في جلسته، ووضع ساقًا فوق الأخرى، ثم خاطبها بعتابٍ خفيف: 

-أكيد ده مش شكل حد ناوي شر، دي أسئلة عادية، بنكسر بيها الملل، فأرجو إن ده مايكونش مضايقك.

ردت بقدرٍ من الحيطة:

-مقصدش، بس مش متعودة أتكلم مع حد مش عارفاه.

هز رأسه متفهمًا حين عقب عليها:

-معاكي حق، الحرص واجب برضوه...

بقيت نظرات "تهاني" مرتكزة عليه، لا تعرف ما الذي كان يستحثها لمواصلة الحوار معه، رأت كيف زادت ملامحه ارتخاءً حين سألها بمكرٍ:

-بس الأهم إني معرفش لحد دلوقتي اسمك، ممكن أعرفه ولا في مانع؟

رغم القلق الذي يمور بداخلها تجاهه، إلا أنها بعد لحظة من التردد قالت:

-أنا دكتورة "تهاني".

تعمدت إضافة هذا اللقب لتشعره بأهميتها؛ لكنها وجدت ابتسامته اللبقة تتسع قليلًا، سرعان ما تعلقت نظراتها بيده الممدودة لمصافحتها عندما تكلم وهو يطالعها باهتمامٍ:

-تشرفنا يا هانم...

اندهشت منه، وبادلته المصافحة، فأكمل جملته وهو يمنحها نظرة ذات مغزى: 

-وأنا الدكتور "ممدوح".

تلقائيًا وجدت نفسها تُبدل من أسلوبها المتجافي في التعامل لآخر لطيف مرح، على أمل أن ينتهي هذا الحوار العابر بشيءٍ من المنفعة المستقبلية، فقلما التقت بأحدٍ ممن ينتمون لفئة الأثرياء المنعمين بكافة سبل الراحة والسعادة.
❈-❈-❈

كانت شديدة الحرص في عدم الحديث عن أمورها الشخصية، فانتقت من الكلام ما جعل غالبيته يدور عن طبيعة عملها، والمعاناة التي تتلقاها لتحصل على التقدير الملائم، خاصة بعدما استثير فضولها بأحاديث "ممدوح" المشوقة عن جولاته وصولاته بالداخل والخارج، فباتت شبه متأكدة من ملء جيوبه بما يفيض ليفعل ذلك، لهذا أخفت عنه ما اعتبرته فقرها المعيب، وبؤسها المنفر، فكيف تخبره بأنواع البشر الذين تعيش معهم وهو ينضحون بكل ما هو تعيس. انجذبت كليًا إلى أسلوبه المشوق في سرد خبراته العلمية، وما حاز عليه من جوائز وشهادات تقدير في فترات وجيزة، وما زاد من إعجابها به أنه أخبرها بتخصصه في نفس مجالها، مع فارق انتمائه لجامعة أخرى غير التي تخرجت منها.

للحظةٍ شردت بخيالها بعيدًا، كأنما حلقت فيما بعد الأفق، حيث وجدت فيه الطموح والوسيلة لتحقيق أحلامها العالقة. شتت صدفة لقائهما صوت النداء الداخلي، فنهضت تودعه وهي تمد يدها لمصافحته:

-فرصة سعيدة د. "ممدوح"، أتمنى نتقابل تاني.

بدلًا من مصافحتها، رفع يدها برقةٍ إلى فمه ليقبلها بنعومة قائلًا:

-أنا حقيقي محظوظ إنتي اتقابلت معاكي.

خفق قلبها لملاطفته التي لم تعهدها مُطلقًا، وأحست بشيءٍ ناوش مشاعرها وهي تستشعر حُر أنفاسه على جلدها، رمشت بعينيها غير مصدقة تصرفه، فتابع مشددًا بنبرته المهتمة:

-خدي بالك من نفسك يا دكتورة "تهاني".

قالت بصوتٍ مضطرب وهي تجاهد للحفاظ على ثبات بسمتها المرتبكة:

-وحضرتك كمان.

لامها في ودٍ:

-بلاش حضرتك دي، كده بتحسسيني إني كبير في السن.

استعادت يدها من بين أصابعه، وردت نافية في توترٍ:

-لأ خالص.

تصنع الضحك، فحاولت التغطية على حرجها بقولها:

-وشكرًا مرة تانية على المياه.

اكتفى بالابتسام لها، فتلبكت أمام نظراته المليئة بشيء كانت تتوق إليه، تنحنحت متابعة وهي تشير بيدها:

-يدوب ألحق اتحرك.

أشار لها بيده قبل أن يخفيها في جيب سروال بدلته البنية:

-اتفضلي.

تحركت بتباطؤٍ، والتفتت لأكثر من مرة لتلوح له وهي تبتسم كالبلهاء، كان لا يزال واقفًا في موضعه، يمنحها نفس القدر من الابتسام والاهتمام، بالكاد أبعدت نظراتها عنه قبل أن تختفي وسط جموع المتجهين إلى بوابة الصعود على متن الطائرة، وهي ترجو أن يجمعها القدر به مرة أخرى.

❈-❈-❈

ساعدتها المضيفة على بلوغ مقعدها المحجوز مسبقًا بمؤخرة الطائرة، فابتسمت لها مجاملة، ووضعت حقيبتها الصغيرة بالدرج العلوي، قبل أن تجلس وتشد حزام الأمان حول خصرها. كانت ممتنة لكونها ملاصقة للنافذة الصغيرة، حيث ستتمكن من رؤية السماء والسحب حين تحلق الطائرة عاليًا، نظرت جانبًا عندما سمعت جلبة قريبة منها، اشرأبت بعنقها محاولة متابعة ما يدور؛ لكن فضولها تبدد وقد أشارت المضيفة لشابة غريبة عنها لتستقر بجوارها.

سرعان ما شملتها "تهاني" بنظرة فاحصة مدققة لهيئتها شبه الفوضوية، ثيابها كانت عادية، بل أقل بكثير من مقياس التناسق والملائمة الذي تضعه كمعيارٍ في رأسها، لم تكن مثلها محجبة، ومع هذا لم تبدِ اهتمامًا بتصفيف شعرها، بل عقدته جديلة طويلة، وكأنها طالبة بالمرحلة الإعدادية، ينقصها فقط الأنشوطة البيضاء والثوب الرمادي. تطلعت الشابة غريبة الأطوار إليها بنظرات مشرقة مفعمة بالحياة، واستطردت تسألها بلا مقدماتٍ استهلالية:

-مش إنتي دكتورة "تهاني"؟

استغربت لمعرفتها السابقة بها، وردت في دهشة حائرة:

-أيوه.

ظلت ابتسامتها المتسعة كالبُلهاء تملأ كامل وجهها، ورفعت يدها لتصافحها مُعرفة بنفسها:

-أنا دكتورة "ابتهال"، من قسم الحشرات، ومعاكي في البعثة.

يا للحظ العاثر، من بين كل البشر، تصبح هذه السمجة رفيقتها؟ كيف ستتحمل المكوث معها طوال الأيام، بل الأسابيع القادمة ريثما توفق أوضاعها وتستقل بذاتها؟ إنها الجحيم بعينه! بالكاد لامست يدها الممدودة إليها، وبنوعٍ من الترفع أيضًا همهمت:

-أها، أهلًا بيكي.

أضافت "ابتهال" بحماسٍ:

-أنا كنت دايمًا بشوفك في الكلية، وفرحت أوي إنك معانا في البعثة، ده الواحد أصلًا مش مصدق إنه بقى على الطيارة...

ثم خفضت من نبرتها، لتبدو وكأنها تهمس في أذنها عندما أكملت جملتها:

-يعني كان صعب يطلعونا وسط الوسايط، ما إنتي فاهمة بقى.

لم تنبس "تهاني" بكلمة، بل شعرت بالضجر والانزعاج من وجودها، وأظهرت ذلك على قسماتها، لعل وعسى تفطن هذه الثرثارة إلى استيائها؛ لكنها واصلت الحديث بلا توقفٍ، وسألتها:

-أكيد وشي مألوف بالنسبالك؟

تعاملت معها بجفاءٍ، فجاء ردها:

-لأ، ماظنش.

وكأنها لم تفقه للأسلوب المتعالي الذي تتخذه معها، فاستأنفت الكلام بأريحية تامة، كما لو كانت تربطها صلة وثيقة بها:

-احنا برضوه قسمنا كان منعزل عن الباقيين، بس أنا اللي عاملة زي الدودة، عمالة أور هنا وهناك عشان أعرف كل حاجة، فتلاقيني كده ليا لي كلام مع غالبية الناس، وبيعرفوني على طول، ما هو أنا أصلي عِشرية، مش بالساهل حد ينساني كده.

كانت كالصداع الذي يفتك بالرأس، لم تستطع الخلاص منها بسهولة، سحبت شهيقًا عميقًا تثبط به الضيق الذي راح يتصاعد بداخلها، ولفظته وهي توجز في مشاركتها بالكلام: 

-تمام.

تفاجأت بها تلكزها في جانب ذراعها، كما لو كانت رفيقة حميمية لها، احتدت نظراتها، وسددت لها نظرة محذرة، فوجدتها تدعي الضحك لتخبرها بعدها في سماجة غير مستساغة لها:

-احتمال يحطونا في أوضة واحدة في السكن، يعني باعتبار إن مافيش غيرنا بنات.

وقتئذ حلت تكشيرة مستاءة على تقاسيمها، وقالت بعبوس منفعل:

-ادعي نوصل بالسلامة الأول، وبعد كده نشوف اللي هيحصل.

كانت هادئة إلى أقصى الحدود، فرددت بتنهيدة بطيئة:

-يا رب، بصي أنا بحاول ألهي تفكيري بالرغي معاكي شوية، يعني بدل ما التوتر يمسك فيا.

أغمضت "تهاني" عينيها في يأسٍ، إسكاتها كان مستحيلًا، وضعت يدها أعلى جبينها، وصوت هذه المزعجة يخاطبها:

-تعرفي يا دكتورة "تهاني"، ولا أقولك نخلي البُساط أحمدي بينا، فأنا أقولك "تهاني" كده بس، وإنتي تقوليلي "ابتهال".

أطلقت بعد ذلك ضحكة مجلجلة، لتضيف:

-معلش أنا رغاية حبتين زيادة وآ...

نفد صبرها على الأخير، فانتفضت تصيح بها:

-أنا دماغي مصدعة، ممكن نهدى حبة.

أومأت برأسها مغمغمة:

-ماشي.

صمتت لثانيتين قبل أن تعاود الكلام:

-طب قدامنا أد إيه عقبال ما نوصل؟

نفخت "تهاني" في سأم، وأخبرتها في صيغة متسائلة:

-مكتوب في التذكرة، ماشوفتيهاش ولا إيه؟

أجابت عليها بابتسامة عريضة:

-لأ، أصلي متوترة زيادة عن اللزوم...

أولتها جانب وجهها، وهي تبرطم بسخطٍ، بينما ظلت "ابتهال" تُحادثها بلا أدنى شعور بالملل:

-عارفة بقية البعثة كلها قاعدة قدام، المفروض كنا نبقى معاهم، بس ملاقوش أماكن كفاية، فـ...

سلطت "تهاني" كامل نظراتها على ما تطل عليه نافذتها الصغيرة، وهذا الصوت المحتقن بداخلها يردد في نقمٍ:

-هو أنا كنت ناقصة واحدة زيها؟!!

❈-❈-❈

مضت ساعات مكوثها بالطائرة بطيئة للغاية، لم تسلم خلالها من لسان "ابتهال" الثرثار، فقد كانت تملك طاقة كلامية لا تنضب أبدًا، وعلى قدر طاقة تحملها حاولت "تهاني" تجاهلها، وتعاملت معها بجفاء ورسمية بحتة، لكنها لم تفهم بالتلميحات المبطنة ولا بالإشارات المعلنة، حيث واصلت تحريك فاهها لتحكي في أي شيء وكل شيء. ما إن انتهت كلتاهما من إجراءات الوصول حتى أسرعت "تهاني" في خطاها لتبتعد عنها؛ لكنها كانت كظلها، لحقت بها، ولم تتركها تغيب عن نظرها لثانية.

بمجرد أن اقتربتا من باب الخروج من صالة المطار، لفحة من الهواء الساخن لطمت وجنة "ابتهال"، فراحت تشتكي وهي تحرك يدها كالمروحة لعلها تحصل على نسمة مُرطبة:

-ياني على الجو، ده ولا جهنم...

نظرت لها "تهاني" شزرًا، هي مثلها تشعر بسخونة الجو، وتوقعت اختلاف المناخ هنا، ومع ذلك لم تشتكِ. أضافت هذه المزعجة بعد زمة سريعة لشفتيها:

-وربنا احنا بلدنا نعمة، الهوا فيها يرد الروح، وينعش القلب.

كالعادة لاذت بالصمت الإجباري معها، وتابعت سيرها نحو المخرج، فسألتها "ابتهال" مستفهمة:

-هما قالوا هنركب إيه عشان نروح السكن؟

نفخت بصوتٍ مسموع قبل أن تجيبها:

-في أكيد أتوبيس هيوصلنا، مش هنمشيها يعني!

انتبهت "ابتهال" لأحدهم على وجه الخصوص وهو يقف أعلى الرصيف الخارجي للمطار، فصرخت بفرحةٍ، وكأنها رأت نجمًا سنمائيًا:

-بصي هناك، ده دكتور "عبد الحافظ"، هو المسئول عننا هنا، الحمدلله إني شوفته.

اندهشت لمبالغتها، وظلت تحدق بها وهي تأمرها:

-تعالي نروحله، أكيد هو مستنينا.

لم تكتفِ بذلك، بل صرخت عاليًا غير مبالية بلفت الأنظار إليهما:

-يا دكتور "عبد الحافظ"، يا دكتور!

نظر إليها الرجل الخمسيني الوقور باهتمامٍ، بدا على ملامحه عدم الاندهاش لرؤياها، وتقدم ناحيتها مُرحبًا بها:

-حمدلله على السلامة يا دكتورة "ابتهال"...

اتجه بنظراته نحو "تهاني"، وأكمل:

-أنا مستنيكم من بدري.

لم يحد بناظريه عنها وهو يسألها ليتأكد:

-دكتورة "تهاني"؟ مظبوط؟

هزت برأسها قائلة:

-أيوه.

مد يده لمصافحتها وهو يعرف بنفسه:

-أنا الدكتور "عبد الحافظ"، المسئول هنا.

رسمت ابتسامة صغيرة مهذبة على محياها مبادلة إياه التحية:

-اتشرفت بحضرتك.

تساءلت "ابتهال" مستوضحة وهي تدور برأسها حولها، كأنما تفتش عن أحدهم:

-أومال باقي الزملاء فين؟ سبقونا ولا إيه؟

أشار نحو حافلة متوسطة الحجم قبل أن يخبرها:

-موجودين في الأتوبيس.

عندئذ مالت بجسدها نحو "تهاني" لتهمس في أذنها بتذمرٍ:

-شكلنا آخر ناس خلصوهم، باين الكوسة هتشتغل من أولها.

كزت على شفتيها في حنق مزعوجٍ منها، أشاحت بوجهها بعيدًا، ولفظت زفيرًا طويلًا وهي تردد بلا صوت:

-ارحمني يا رب.

❈-❈-❈

عن عمدٍ تعمدت أن تسد أذنيها عنها حين جلستا متجاورتين في الحافلة الصغيرة، علها تيأس منها وتصمت. التهت "تهاني" بالتحديق في الطريق وطافت ببصرها عبر زجاج النافذة على المعالم الصحراوية المحيطة بها، كانت الطبيعة البيئية لهذه المنطقة تختلف عما اعتادت رؤيته في نهار عملها الروتيني من زحام واختناقٍ مروري، فالسماء كانت باهتة، والغبار انتشر كالسحاب فجعل الرؤية ضبابية في أماكن، ومتوسطة في أماكن أخرى. تسلل إليها وهي تحاول اللحاق بكل ما تراه لتحفظه الشعور بالرهبة والارتياب، وأدت ما انتابها من أحاسيس خائفة متسلحة بطموحها غير المحدود. 

تباطأت سرعة الحافلة عند منطقة سكنية معينة، فأمعنت "تهاني" النظر بتدقيق لتعرف تفاصيل المكان جيدًا، فمن المفترض أن تقطن هنا. من الخارج بدت البناية نظيفة، حديثة الطلاء، جيدة التصميم؛ لكن حين صعدت للأعلى، وتحديدًا للطابق الثالث، حيث يقع بيتهما المستأجر، انتظرتها مفاجأة غير سارة، فما إن وضعت المفتاح في قفل الباب ووطأت للداخل، صدمتها رائحة الهواء العطن، فجعل صدرها ينقبض، أحست بشيء غير مريح يناوشها، أنارت الإضاءة فحلت مفاجأة أخرى أكثر صدمة عليها، تجولت ببصرها على ما يوجد بها، فرأت كيف يبدو الأثاث قديمًا ومستهلكًا من كثرة الاستعمال، تتناثر الكراكيب بعشوائية عند الأركان، ناهيك عن حاجة أرضيتها للتنظيف الشديد. لم تكن مثلما توقعت أبدًا! راحت تردد بذهولٍ، وعيناها تبرقان بشدة:

-معقولة، دكاترة محترمين زينا يقعدوا في مكان زي كده؟

جعلتها الصدمة تتجمد في مكانها للحظات، وقد توقف عقلها عن التفكير، في حين انبهرت "ابتهال" بالصالة المتسعة، وبدأت تتجول بحماسٍ في محيطها وهي تخبرها:

-أما أوضة شرحة وبرحة بصحيح.

ألجم تعليقها الغريب لسانها لوهلة؛ لكن اندلع الغضب بها فصرخت مستنكرة:

-إنتي بتقولي إيه؟

استغربت "ابتهال" من تشددها، وعقدت حاجبيها في اندهاش وهي تزيد من صياحها الغاضب:

-ده عاملة زي علبة الكبريت!

ردت ببرود استفزها:

-هو احنا لينا أكل ولا بحلقة؟ ده احنا مش هندفع مليم، يوووه، نسيت، هي العملة هنا يجيلها بكام؟

سئمت من تساهلها، ومن شخصها المغيظ، فهدرت فيها بانفعالٍ:

-أنا ماقبلش بحاجة أقل من اللي استحقه.

انهت جملتها واندفعت نحو الخارج، فتبعتها "ابتهال" مذهولة وهي تسألها:

-رايحة فين يا "تهاني"؟

حاولت إيقافها عنوة، فلكزتها "تهاني" بعصبيةٍ في ذراعها وهي تصرخ بها:

-حاسبي من طريقي.

تقدمت عنها في خطواتها، ثم وقفت قبالتها، وسألتها بتخوفٍ:

-من أولها هتعملي مشاكل كده؟ هيقولوا عننا إيه؟

دفعتها بقسوة لتزيحها من أمامها وصوت صراخها يسبقها:

-ابعدي عن خلقتي السعادي، أنا روحي في مناخيري.

تأوهت من الوكزة القوية، وتغاضت عن شعورها بالألم اللحظي، وهتفت تتوسلها:

-استهدي بالله بس، وآ...

قاطعتها "تهاني" قبل أن تستأنف وصلة تذللها المستفزة صائحة بإصرارٍ، ووجهها يشتعل بحمرته الحانقة:

-إنتي عاوزة تقعدي في أوضة الفران دي يبقى براحتك، لكن أنا لأ!!!

❈-❈-❈

التنازل لمرة يعني بدء المسير في رحلة المشقة، لم تقبل "تهاني" بما لا تستحق، وأصرت على تمسكها بما ترغب، إلى أن ظفرت في الأخير بمبتغاها، وحصلت على ما يليق بها. انخطفت أنفاس "ابتهال" وبَهَرت عيناها بوميض لامع وهي تتجول بداخل السكن الآخر الذي تم توفيره لهما للسكن فيه، قفزت كالصغار على الأريكة الجلدية، وجلجلت نبرتها قائلة بنبرة مديح:

-وربنا كان معاكي حق تعملي الشبورة بتاعتك دي، المكان أحسن بكتير، فرق السماء من الأرض...

ركزت بصرها على رفيقتها وتابعت:

-أنا بعد كده هاخدك معايا في أي حاجة.

لم تنطق "تهاني" بكلمة، اكتفت بالاستمتاع بشعور النشوة الذي تغلغل فيها، وجعلها تبدو كبطلة خارقة رغم أنها لم تفعل الكثير. تظاهرت بعدم الاكتراث، ووضعت هذا القناع الجليدي على ملامحها، ثم أمسك بمقبض الحقيبة، وسحبتها نحو الغرفة التي اختارتها لتكون خاصة بها، فتساءلت "ابتهال" في تحيرٍ:

-إنتي رايحة فين؟ مش هتقعدي معايا شوية؟

حانت منها نصف التفافة ناحيتها لتعلق برسميةٍ:

-داخلة أوضتي، ولو سمحتي يا ريت ما يكونش في إزعاج، أنا عاوزة أرتاح.

زينت "ابتهال" وجهها ببسمتها المتسعة وردت وهي تشير إليها:

-حقك طبعًا...

بمجرد أن تابعت مشيها وجدتها تكلمها من خلفها بثرثرتها المعتادة:

-بس عاوزين نلف حوالين المكان عشان نعرفه.

تجاهلتها عن قصدٍ، لتلج إلى غرفتها صافقة الباب ورائها بعنفٍ، مما جعل "ابتهال" تنتفض في مكانها. رفعت حاجبها للأعلى ورددت بتجهمٍ طفيف:

-هي مالها كده؟

سرعان ما تبدد الضيق من على قسماتها لتتابع محدثة نفسها بابتسامة أشد اتساعًا وهي تجلس باسترخاءٍ على الأريكة:

-يا سلام على الأعدة الملوكي اللي هنا!

❈-❈-❈

أراحت مرفقيها على حافة النافذة، واستندت بذقنها عليهما معًا، لتتطلع بشرودٍ حزين إلى المارة السائرين في الشارع، بدت من بعيد كما لو كانت غارقة في دوامة من الهموم والأثقال، وحين أتت "فردوس" وجلست إلى جوارها لم تشعر بوجودها، بقيت في انفصالها الواجم عن الواقع لمزيد من الوقت. وضعت ابنتها يدها على كتفها لتنبهها إليها وهي تتساءل باهتمامٍ:

-مالك يامه؟ سرحانة في إيه؟

أجابت دون أن تنظر تجاهها:

-قلبي متوغوش على أختك، مكانش لازم نسيبها تسافر نهائي.

مطت "فردوس" فمها قليلًا في غير تأثرٍ، ثم غمغمت معقبة وهي تداعب بأناملها جديلة شعرها التي طرحتها على كتفها:

-ما إنتي عارفة دماغها الحجر، مهما عملنا مكوناش هنمنعها عن اللي هي عاوزاه.

تنهدت "عقيلة" مليًا سائلة نفسها بصوتٍ مسموعٍ أيضًا لابنتها:

-يا ترى عاملة إيه دلوقتي يا كبدي؟

بنفس الهدوء الواثق أخبرتها:

-هي ناصحة وهتعرف تتصرف.

المزيد من العبوس القلق حل على تجاعيد وجهها وهي تردد:

-يا خوفي من الغربة تغيرها، ولا تعمل فيها حاجة.

لاحت بسمة هازئة على زاوية فمها قبل أن تعلق:

-متقلقيش عليها، دي تفوت في الحديد.

غريزتها الأمومية جعلت مشاعرها المرهفة تتضاعف خوفًا عليها، فهمهمت بلا صوتٍ، وهذه النظرة الحزينة تطل من حدقتيها:

-أنصح منها والشيطان غواهم!
❈-❈-❈

بهدوءٍ شديد، انحنت تلتقط آخر قطع ثيابها لتنتهي من ستر جسدها المكشوف، ألقت نظرة سريعة على سيدها النائم على الفراش، قبل أن تسير على أطراف أصابعها، وتقترب من مرآة التسريحة، وقفت الخادمة قبالتها تسوي بيدها خصلات شعرها النافرة، لتضع بعدئذ حجاب رأسها، وهذه الابتسامة الراضية تتراقص على شفتيها، فرب عملها يجيد منحها ما تريد من سعادة وسرور، وإن كانت هذه المشاعر تدوم لحظيًا؛ لكنها في المقابل تتمتع ماديًا ومعنويًا.

نظرة أخرى دارت بها على معصميها المكدومين، ففركتهما تباعًا، ثم سحبت الكريم المرطب لتدلك به ما بقي من آثار علاقتها الجامحة به. تنهدت بعمقٍ وهي تقاوم ما يعتريها من مشاعر أخذت تتأجج بداخلها، فقلما استطاعت مقاومة سحره وتأثيره في استدراجها نحو دوامة أهوائه العاصفة. تأكدت من ضبط هيئتها لئلا تثير الريبة وهي تتسلل خارجة من منزله في هذه الساعة المبكرة. تحركت بحرصٍ نحو جانبه من السرير، مالت عليه لتقبله من جبينه، ثم سألته في صوت ناعم رقيق:

-سي "مهاب"، عايز حاجة تانية مني قبل ما أمشي.

بصوتٍ شبه ناعس أجاب، ودون أن يفتح عينيه:

-لأ.

سألته في نفس الصوت الحنون الخافت:

-طب تحب أفضل كمان شوية؟ أشوف مزاجك وطلباتك؟

حينئذ التفت بجسده ناحيتها، ومد يده ليمسح على وجنتها برقةٍ قبل أن يرفض بلباقةٍ:

-خليها وقت تاني، عشان تلحقي ترجعي.

لاحت ابتسامتها المتدللة على وجهها، وقالت وهي تعتدل واقفة:

-ماشي يا سيدي وسيد الناس.

لوح لها بيده قبل أن يعاود الاستلقاء على جانبه وهو يقول بتثاؤبٍ:

-سلام يا حلوة.

تحركت الخادمة خارج الغرفة تجاه باب البيت، وهناك انتعلت حذائها القديم، وهذا الصوت يردد في رأسها:

-المرة الجاية هابقى أطلب منه جزمة جديدة، مش خسارة فيا.

أمسكت بالمقبض وأدارته لتفتح الباب؛ لكنها تجمدت في مكانها مصعوقة عندما رأت شقيقه يقف عند العتبة يُطالعها بنظراتٍ احتقارية مشمئزة، كان الأخير يعرفها تمام المعرفة، فهي إحدى خادمات القصر، ممن عملن لمدة قصيرة، قبل أن يتركن العمل دون تبرير، واليوم عُرف السبب، فهي متواجدة هنا في هذا المنزل المعزول، للقيام بمهامٍ أخرى لا تتضمن أي معايير أخلاقية فيها. نكست الخادمة رأسها في خزي خجل، وخرجت من البيت قائلة بصوتٍ مهتز:

-اتفضل يا بيه.

ظلت تعابيره المتأففة معكوسة على محياه، حدجها بنظرة نارية وهي تتجاوزه لتمر قبل أن يهينها بكلماتٍ كانت كالخنجر في صدرها، ابتلعتها مضطرة وهي تهبط على الدرج مجرجرة كرامتها المهانة ورائها. صفق "سامي" الباب بعنفٍ، وهو لا يزال يردد بعصبيةٍ:

-حاجة تقرف.

مسح الصالة غير المرتبة بنظرة بطيئة تظهر نفوره الشديد، فهذا البيت أو ما يُطلق عليه "وكر الملذات" هو المكان الدائم لإقامة شقيقه كلما عاد من سفره، ورغم تعدد نزواته الطائشة إلا أنه ظل الابن المفضل لدى أبيه، تجول على مهلٍ مخاطبًا نفسه، وسِحنته قد انقلبت على الأخير عندما رأى بقايا الطعام متروكة على المائدة، بجوار زجاجة للخمر وأكواب متسخة:

-طبعًا ده المتوقع منك يا "مهاب"، سايب بيت العيلة، وقاعد ليل نهار هنا، عشان تشوف مزاجك مع الأشكال (...) دي!

بخطواتِ متعصبة سار ناحية غرفته الموجودة في نهاية الرواق، ظلت تعابيره متجهمة وهو يناديه عاليًا بما احتوى على إهانة ضمنية:

-اصحى يا دكتور يا محترم!

دون أن يبدو مُباليًا بوجوده، سحب "مهاب" الوسادة من أسفل رأسه، ووضعها عليها ليقلل من وتيرة الصوت المرتفع الذي يُفسد عليه نومه. حاول "سامي" انتزاعها من أعلاه لائمًا إياه بحدة:

-عامل البيت كرخانة، ونايم ولا على بالك؟!!

استلقى "مهاب" على ظهره، وطالعه بنصف عينٍ قبل أن يكلمه ببرود:

-ليه الزعيق بس يا "سامي"؟ ماينفعش تتكلم من غير دوشة؟

استشاط غضبًا من رعونته، وردوده المستفزة، فعنفه:

-إزاي سامح لنفسك تغرق في القرف ده؟

أزاح شقيقه الغطاء عن جسده شبه العاري، وخفض قدميه قائلًا وهو يفرك وجهه:

-إنت جاي تديني محاضرة في الأخلاق على الصبح؟ 

احتفظ "سامي" بطريقته المحتدة في التعامل معه عندما أخبره:

-لازم أعمل كده، طالما إنت مخلي اسم العيلة في الوحل.

وضع "مهاب" ابتسامة عابثة على ثغره، كان واثقًا أن مدلولها سيصل إليه دون الحاجة للإيضاح، وأضاف بمكرٍ مغيظ وهو ينهض واقفًا:

-لأ، اطمن .. كل اللي بيخرج من عندي بيكون مبسوط.

فارق الطول والتأثير بينهما كان ملحوظًا، فالغلبة كانت لـ "مهاب" وإن كان "سامي" الأكبر سنًا؛ لكن الأول امتاز بسمات السيطرة، والتسلط، والقدرة على إقناع الآخرين بسلاسة، لذا بلا عناءٍ سقط الأخير في فخ استفزازه، اشتعل وجهه بحمرته الحانقة، ليتبع ذلك لومًا شديدًا منه ومصحوبًا بالتهديد المتواري:

-ولو بابا عرف؟ تفتكر هيسكت عن المسخرة دي؟

تمطى شقيقه بذراعيه لينفض الكسل عنه، ثم قال:

-"فؤاد" باشا مشغول بمشاريعه واستثماراته، مش هيركز مع التفاهات دي.

أسلوبه المستهتر وغير المبالي بتبعات رعونته جعله أكثر تحفزًا ضده، فهدده صراحةً عله يرتدع:

-إنت عارف كويس إنه لو شم خبر مش هيرحمك.

قست تعابير "مهاب" بشكلٍ مخيف، ونظر له قائلًا بتحدٍ:

-وإنت عاوز تقوله؟ اتفضل، أنا مش حايشك!!

حاول أن يظهر اهتمامًا زائفًا بشأنه، فادعى:

-أنا عاوز مصلحتك يا "مهاب".

من زاويته منحه هذه النظرة المخيفة، ليرفع بعدها يده ويضعها على كتفه ضاغطًا عليه قليلًا بقوة قبل أن يهتف:

-اطمن، أنا سايبلك كل حاجة ومسافر، متقلقش من ناحيتي.

بلع ريقه، وقال:

-إنت فاهم غلط.

فهم طبيعة شخصيته المراوغة لم يكن بالأمر العسير عليه، بدا كالكتاب المفتوح قبالته، يستطيع مطالعة أسطره مهما حاول ادعاء الغموض أو الطيبة. لم يزح "مهاب" يده من على كتفه، بل أبقى أصابعه تضغط عليه بخشونة مؤكدًا بهدوءٍ يدب الخوف في النفس:

-لأ، أنا فاهمك صح، إنت عاوز تفضل طول عمرك ابن "فؤاد" باشا المفضل، اللي ماشي تحت طوعه، وأنا هسيبلك الساحة ومش هحرمك من ده.

اختبأ "سامي" وراء عصبية مصطنعة، وصاح ملوحًا بذراعه بعدما ابتعد عنه شقيقه الأصغر:

-خليك كده مش عارف مصلحتك فين.

لم ينظر تجاهه، ومشى بتؤدة ناحية الحمام، وصوته يصيح به:

-لو خلصت محاضرتك ماتنساش تقفل الباب وراك.

بالكاد كظم "سامي" غضبه، وسحب شهيقًا عميق يخنق به الغضب المندلع في أعماقه، فغيرته منه لا تزال كما هي، مشتعلة ومتزايدة. طرد الهواء على هيئة زفير بطيء، وردد بما بدا شبيهًا بالوعيد:

-استحمل يا "سامي"، كلها كام يوم ويمشي، وساعتها هتبقى إنت الوريث المنتظر لإمبراطورية "الجندي" .




يتبع...




إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة منال محمد سالم من رواية رحلة الآثام، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية