رواية جديدة ذنبي عشقك لميرا كريم - الفصل 22
قراءة رواية ذنبي عشقك كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية ذنبي عشقك رواية جديدة قيد النشر
الفصل الثاني والعشرون
مثل تنهيدة كانت حبيسة صدري منذ زمن بعيد،
ثم تحرّرت فتسلّلت من بين اوردتي خلسةً،
حتى استقرّت على بوابة شفتي حين مسّها التعب، هكذا اتأملك دون أن أخبرك.
-كافيين اضطراري
-سديم المناصير
❈-❈-❈
كان يقود سيارته مُسرعًا وهو يتناوب نظراته الضائعة بين المرآة التي تعكس عيناها وبين الطريق، فمن نظراتها الشَجية استشف اضطرابها وتوترها البادي عليها، وبطريقة ما عذرها فهو ذاته كان يأمل في ظروف مختلفة ليست كتلك التي اضطروا لها ولكن لايهم يكفي انها ستكون معه تحت حمايته ولا أحد سيـ مسس طرف توبها
ومع نظرة عابرة منها داخل المرآة طن عقله بتلك الكلمة التي زلزلت كيانه وأهبت حو اسه فور نطقها، وهنا استرجع ما دار بينهم خلال تلك المكالمة الهاتفية التي بادر بها:
-انا محتجالك...
قالتها بصوت مختنق، مُعـ ذب فضح ندمها واستسلامها جعله يهب بارق العينين متسائلًا بنبرة رغم ثباتها إلا انها طوت بين طياتها لهفة لم يستطيع اخفائها:
-أنتِ كويسة
اتاه صوتها من الطرف الآخر مرافق لشهقات بكائها التي تنُم عن إنهيارها:
-مش كويسة حا سة إن قلبي بيوجـ عني وروحي بتتسحب مني
استصعب بكائها وشعر بعد حديثها بنصل حاد يـ نغرس
بصـ دره لمجرد تخيل أن مكروه أصابها فقد برزت عروقه وأمرها بنبرة نافذة:
-بطلي عياط وفهميني!
خفتت شهقاتها شيء فشيء ثم قالت بصوت مُختنق:
-"صالح" عايز يجـ وزني غـ صب عني اللي قـ تل اخويا وانا...
قاطعها بنبرة قا طعة كحد السيف:
-متكمليش انا عارف كل حاجة!
صمتت هنيهة وصدر سؤالها متعجبًا:
-عارف؟!
لم يبرر بل رد بصوته العميق واثق النبرات:
-ولسه عرضي قائم
اتاه همسها من الطرف الأخر يعبر عن ضياعها:
-هتتجـ وزني!
أكد بكل ثقة:
-علشان احميكِ وأمنع جـ وازك من البلطجي اللي فارض نفسه عليكِ
وعلى ذكر لعنة حياتها غمغمت والقهر ينـ هش قلبها:
-"سلطان" هو السبب في مو ت "عزيز" انا عايزاك تساعدني اكشف حقيقته وارجعه السجن تاني
توحشت نظراته وقال متوعدًا بكل ثقة وهو يعـ تصر الهاتف بين يده:
-"سلطان" وغيره مكانهم تحت جزمتي ولو أنتِ مش واثقة فيا بكرة الايام تثبتلك
كررت سؤالها:
-يعني هتساعدني!
قايضها وهو يتأكد أن لا سبيل آخر امامها للنجاة:
-مش قبل ما تقبلي عرضي
ردت مُسرعة دون لحظة تردد واحدة:
-موافقة... بس انا مش هعرف اهرب من هنا رجالة "سلطان" في كل حتة
تنهد براحة قبل أن يضغط على كل كلمة ينطق بها:
-انا هجيلك وهخدك من وسطيهم والرا جل فيهم يقف قصادي انا كنت مستني مبادرة منك وموافقة صريحة تديني الحق في حمايتك وغير كده مفيش حاجة ممكن تمنعني
اتاه صوت شهقتها المُـ رتعبة وتلاها رجائها:
-لأ الله يخليك انا مش عايزة مشاكل ولا حد يتأذي بسببي
هدر بصوت جهوري وبداخله
يلـ عن غبائها:
-لسه خايفة على الكـ لب اخوكِ
اتاه تبريرها:
-خوفي مش عليه هو... علشان خاطري احترم رغبتي
تهكم بنبرة عكست استيائه من رفضها السابق:
-احترمت رغبتك مرة وإيه اللي حصل يا "شمس"؟
اتاه تصريحها بصوت مُنهزم ليكشف عن ذلك الجانب الهش بها:
-كنت غبية وخوفي على الناس اللي بحبهم خلاني لغيت عقلي واستسلمت...بس اوعدك ده أخر طلب هطلبه منك وبعد كده مش هعارضك أبدًا
أَن قلبه مع انهزامها فلم يتعود عليها بتلك المُسالمة لذلك حفز دفعاتها بنبرة صارمة لا تقبل التفاوض:
-يكون في علمك مش هتهاون بعد كده ولا هسمحلك تضعفي
استمع لصوت تنهيداتها ثم وصله همسها بنبرة حملت بين طياتها بصيص أمل لقلبه الذي ينبض بعشقها:
-انا واثقة إنك هتقويني
لاحت على ثغره شبه بسمة مرتاحة قبل أن يُشـ دد عليها:
-يبقى تسمعيني كويس لازم نخطط لكل حاجة علشان مفيش مجال للغلط
-هنفذ اللي هتقوله بالحرف
ومع ترديد أخر جملة في عقله نطقت بها انتشله رنين هاتفه لينتبه على ذاته ويخرجه أثناء قيادته ويجيب على أحد المرشدين له داخل المنطقة والذي وَكله لإفتعال الحريق بسيارة ذلك اللعين:
-إيه الأخبار؟
استمع له لثوانِ ثم تسائل متوجسًا:
-حد شافك؟
اكد له الطرف الأخر بـ لا ليتابع هو:
-كويس اوي براڤو عليك ابقى بلغني لو في جديد
ليغلق معه تزامنًا مع توقفه بسيارته يعلن وصولهم لوجهتهم
وحين اطفأ المحرك التفت برأسه يحثهم:
-وصلنا
ابتلعت هي رمقها تشجع ذاتها قبل أن تهز رأسها، وإن تدلت من السيارة برفقة "بدور" وقبل أن تجول بعيناها محيط المكان وجدته يسبقها ويصافح اثنان من الرجال يبدو أنهم كانوا في انتظاره، ومن بعدها أشار لهم أن يقتربوا، لتتمسك "بدور" بذراعها وتحثها قائلة:
-يلا يا "شمس" الباشا مستني
هزت رأسها تتشجع بها وتخطوا إليه وعيناها لا تفارق عيناه وهو يقف بكل هيبة شامخًا فكلما اقتربت تشعر بإضطراب خفقاتها فحقًا لا تصدق أن من كانت تغشاه وترتعب منه رغم دفعاتها مَلْك قلبها؛ لا والأنكى أنه بعد دقائق سيعقد قرانها.
❈-❈-❈
وقف بين رجاله بعد ان خمد
الحـ ريق بعيون يقتد بها الغضب يتسأل بعقله من الذي جرأ وفعلها فقد ربت على كتفه "جلال" قائلًا:
-فداك يا معلم
جز على نواجزه متسائلًا:
-انت ورجالتك كنتوا فين؟
-انا كنت بستقبل المعلمين والرجالة كانوا وسط الهيصة فرحانيلك يا معلم والكل كان ملهي
تفاقم غضبه وأخذت الشكوك تعصف برأسه، لينطق "جلال" مخمنًا:
-اكيد حد من رجالة "الغجري" مفيش غيره
نفى "سلطان" برأسه وقال واثقًا:
-"الغجري" دماغه سم عن كده ومش هيهوش ويعمل حركة زي دي...واللي عمل كده عمله لسبب تاني
قال أخر جملة وفكرة واحدة تداهم عقله و تفُرض ذاته عليه فقد اقتد ت نيران عينه الغاضبة من مجرد تخيله حدوث الأمر ثم زمجر بقوة وازاح الرجال عن طريقه يركض لعندها وهو يتوعد إن كان شكه في محله لن يرحم أحد.
❈-❈-❈
فور أن دخل من باب الشقة الذي وجده مفتوح على مصراعيه توجه لغرفتها وخلفه يركض رجاله وعلى رأسهم "صالح" فقد دفع بابها بقوة واندفع للداخل يبحث عنها بعيناه وحينها تأكدت كافة شكوكه فلم يجدها وهنا تيقن أن ما فعل ذلك اراد إلهائه عن هروبها، فقد ثارت ثائرته
وتقا ذفت الشياطين أمام عيناه بعد أن كساها غضب اسود ينبأ بالشر ثم كور قبضة يده بقوة يزمجر بأسمها ضاربًا مرآة تسريحتها بقبضة يده:
-عملتيها يا "شمس"
شهق الجميع بينما تقهقر "صالح" بخطواته تخوفًا من هيئته ولكن "سلطان" اول شيء فعله هو انه التفت له وبعزم ما فيه من غل ثم لكمه بيده المدمية بوجهه متسائلًا:
-هي فين؟ انطق
تأوه "صالح" بألم وهو يمـ سك فكه أثر لكمته وقال بنبرة مُرتعبة فضحت شح رجـ ولته:
-معرفش يا معلم معرفش انا سايبها مع البت "عبير" الكوافيرة
لتحتد نبرة "سلطان" بعدائية ويوجه نظراته للجميع ناهرًا:
-يظهر إني مشغل معايا شوية كروديات تقدر تقولي رجالتك كانت فين لما هربت!
اطرقوا الجميع رؤسهم بينما تحدث "جلال":
-الرجالة متحركتش من هنا بس
ليصمت لهنيهة متردداً قبل أن يخمن:
-البت" بدور" ومعاها كام بنت طلعولها وممكن تكون نزلت معاهم ومخدناش بالنا لما العربية ولعت
وهنا استرجع" سلطان" المشهد من جديد كاملًا فلم ياتي بباله الأمر حتى اته كان يستغرب منعها له حين اراد الصعود لها ليلملم الخيوط برأسه ويزمجر غاضبًا ثم يجذب "صالح" من حاشية ملابسه يناوله لكمة آخرى أشد قسوة عن سابقتها ينفث بها عن ما يختلج بداخله وقبل أن يرتد "صالح" في وقفته قربه يهسس أمام وجهه المُر تعب بشر متوعدًا:
-لو أنت او طليقتك ليكم يد في هروبها مش هرحمكم يا "صالح" فاهم
نفى "صالح" برأسه ونطق بتقطع من شدة رهبته:
-وربنا ما ليا ذنب يا معلم ده انا كنت محافظلك عليها
لم يخيل عليه حديثه بل دفعه بغل ليسقطه تحت اقدام رجاله ثم أمرهم:
-ابن *** ده يتربـ ط ويتعمل معاه الواجب ويترمي في المخزن لغاية ما اشوف هعمل فيه إيه وتجيبلي "عبير "وبنت***" بدور" من تحت الأرض وتقلبوا الدنيا عليها فاهمين
هتفوا رجاله بصوت واحد وهم يجرون "صالح" تحت مضضه ورجائه معهم للخارج:
-اوامرك يا معلم
ليمرر "سلطان" يده على وجهه ويزمجر بقهر نابع من إصرارها وعينه تتركز على ذلك الثوب الذي احضره لها:
-ليه يا زبادي مُصممة تبعدي وتحرميني منك؟
قال ما قاله ودمعة وحيدة تفر من عيناه ازاحها سريعًا ثم لحق برجاله ليبحث عنها.
❈-❈-❈
تم عقد قرانهم بأحد المساجد الكبرى وقد قام شيخ المسجد بولايتها ليتمم صحة العقد.
وها هو يصطحبها هي و"بدور" إلى منزله ففور أن تدلت من السيارة طالعت المنزل ببسمة هادئة وهي تقسم أنها اشتاقت لجدرانه كما اشتاقت لقابعيه، فيبدو أن ذلك المنزل قُدر له ان يكون ملجأها وأمانها مثله هو فقد استرقت نظرة له والعديد والعديد من الذكريات مرت أمامها لحين انتشلها قول "بدور" متعجبة:
-يا حلاوة ده ولا قصر الرئاسة كل دي حراسة
انتبهت "شمس" لها وجالت المكان من حولها تستغرب مثلها:
-صح ايه كل ده!
أجابها وهو يقترب منها:
-دول لحماية البيت
رفعت عيناها له ومازالت تحجب وجهها ليطالعها بنظرة طويلة مطمئنة وقبل أن تنطق او تخطوا خطوة واحدة قالت" بدور" مُسرعة:
-انا هروح اشوف "رامي" ده من الصبح سيباه مع ست "صباح"
لتهرول تسبقهم للداخل
لينظر هو ل "شمس" ويقول بنبرة عبرت عن استاءه من حجبها لوهجها:
-متهيئلي ممكن تتخلي عن البيشة اللي على وشك ملهاش داعي
رفرفرت بأهدابها لثوان قبل أن تنصاع له وتكشف عن وجهها ثم رفعت نظراتها له على استحياء متسائلة:
-ماما "ليلى"عرفت...
ياليتها لم تنصاع له فيقسم أن عينه لم ترى انثى بِحُسنها ولا بذلك الوهج الذي يشع به جمالها، فنعم كشفت وجهها أثناء عقد القران ولكن لم يتمعن بها ولكن الآن كيف يمنع عينه أن تهيم بها فقد احتبست أنفاسه و تلجم لسانه في حرم جمالها، وأخذت عيناه تضيق عليها وتتأمل تقاسيمها غير مبالي لسؤالها لحين كررته بإرتباك وهي تطرق رأسها:
-قولتلها!
انتبه على ذاته قبل ان يشيح بنظره عنها وتحمحم يجلي صوته المتحشرج قائلًا:
-اه طبعًا...وفي شوية حاجات عايز انبهك ليهم
تأهبت بزيتونها، ليتابع هو:
-" ليلى" فرحانة بجـ وازنا مش عايز ابوظ فرحتها
تأهبت بعيناها الآسرة ثم رفعت منكبيها متسائلة:
-يعني ايه؟
تناول نفس عميق من الهواء يحث قلبه أن يصمد أمامها ثم نطق وهو ينظر لكل شيء عداها هي:
-يعني أدامها كل حاجة بينا لازم تكون طبيعية...واظن فاهمة اقصد إيه!
زاغت نظراتها وأخذت تفرك بيدها متوترة قبل أن تهز رأسها دليل على تفهمها، ليتابع هو وعينه الضيقة تطمئن زيتونها:
-طيب يلا علشان زمانها مستنية
وقبل أن تمنحه جوابها كان يمد يده ويحثها أن تتمـ سك بها فقد تعالت دقات قلبها وتجمدت أطرافها تنظر ليده الممدودة بنظرة عكست إرتباكها فما كان منه غير أن يبارد هو ويعانـ ق كف يدها الصغير و يدثره بين راحته بتملك ارجف قلبها تزامنًا مع سيره بها في طريق أوله خلاصها.
❈-❈-❈
هي فين بتعاندني يا "عماد" وبتعمل اللي في دماغك
قالها "سلطان" بغضب قا تل بعد أن ذهب لعنده يقبض على حاشية ملابسه ويؤرجحه منها، فقد تصدى "عماد" له يتعلق بيده يزيحها عنه هادرًا:
-معملتش حاجة
زمجر "سلطان" بعدم تصديق:
-كداب أنت هددتني قبلها
دفعه عنه بكل ما اوتي من قوة وقال متشفيًا:
-كان نفسي اعمل كده بس صدقني مليش دخل "شمس" قالتلي متدخلش و كرشتني من بيتها قدام اخواها تقدر تسأله
تقلصت معالم الآخر وتسائل مشككًا:
-يعني ايه؟
لوح "عماد" بيده دون مهابة:
-يعني مليش دخل عايز تصدق صدق مش عايز اخبط دماغك في الحيطة
صك "سلطان" اسنانه بقوة ثم توعد من بينها:
-مش مصدقك وهتفضل تحت عيني وهرجعها يا"عماد" لو تحت الأرض
نهره "عماد" ماقتًا إصراره البغيض عليها:
-لسه مصمم أنت إيه يا اخي
شيـ طان قولتلك مش بالعافية هي عمرها ما حبيتك
نفى الآخر برأسه وقال بصوت جهوري غير متزن وكأنه فقد عقله ولم يشغله سوى إمتلاكها:
-انا مش عايز حبها انا عايزها هي وبس...
رد" عماد" بعدما لاحت على ثغره بسمة شامتة:
-طمعك وانانيتك دول هما اللي خلوك دلوقتي فُرجة قدام الناس كلها
فارت الد ماء برأسه وتسأل بغيظ وهو ينقـ ض عليه من جديد ولكن تلك المرة وهو ينكزه بقوة في صـ دره:
-شمتان فيا يا "عماد"
اجابه "عماد" غير عابئ بغضبه:
-اه شمتان ولسه هشمت يا "سلطان"
زمجر سلطان وقبض على عنقه يدفعه لحين ضرب ظهره بالحائط خلفه صارخًا بغيظ:
-طب وربنا لو ما قولت هي فين هتزعل مني
أَن "عماد" بخفوت من تعـ نيفه له ولكنه صمد وباغته بصوت رغم اختـ ناقه وتحـ شرجه بسبب
قبـ ضة الآخر لكنه خرج متحديًا:
-عارف أنك جاحد وفي سبيل مصلحتك ممكن تأ ذي أي حد بس انا ولا يهمني منك و مهما هددت برضو معرفش عنها حاجة عايز تصدق صدق مش عايز اعلى ما في خيلك اركبه
استشاط "سلطان" أكثر من تحديه له ثم شدد أكثر على عنـ قه والشـ يطان يغشي على عينه بغضب اسود:
-هقـ تلك يا "عماد "بلاش تستفزني
عقب" عماد" بصوت مختنق للغاية خرج منه بشق الأنفس بسبب
قبـ ضة شقيقه التي تسـ لبه
انفـ اسه:
-اقـ تلني يا" سلطان" زي ما
قـ تلت صاحبي اقـ تلني انا مش خايف منك
تراخت معالم "سلطان" ومعها قبضته بعد حديثه فنعم يستطيع فعلها ولكن كيف وشقيقه يتمثل به تلك البقعة البيضاء التي مازال يجاهد من أجلها
فنعم هو محق لن يتردد في إيذاء أي شخص يقف في طريق مطامعه ولكن حين يتعلق الأمر بشقيقه تؤرقه بقايا ضميره ويرق له، فقد تهدل ذرا عيه و تقهقهر بخطواته ثم قال بنبرة متحشرجة تنم عن تراجعه:
-مقدرش اعملها وانت عارف بس زي ما انت مش عايز تغفر اللي حصل زمان...انا كمان مستحيل هسامحك لو ليك يد في هروبها
قالها قبل أن يغادر يدك الأرض دك تحت قدمه تارك "عماد" يرتمي على الاريكة المجاورة وهو يسعل ويحاول التقاط انفاسه المسلوبة منه وإن استعاد ثباته ادرك السبب خلف ما بدر منها؛ بالطبع كانت تود حمايته وهنا حقًا تمنى من كل قلبه أن يكون تدخل "سليم" وساهم في نجاتها.
❈-❈-❈
ارتـ مت بأحـ ضانها تستجدي عطفها فور أن دخلت للمنزل، لتربت "ليلى "على ظهرها وتقول ببسمة حانية:
-حمد الله على سلامتك يا بنتي نورتي بيتك
خرجت من بين يدها تجثو امامها مرددة على استحياء وهي مطرقة الرأس:
-بيتي!
اكدت" ليلى" ببسمة تشع بطيبة قلبها:
-ايوة بيتك مش بقيتي مرات "سليم" يبقى البيت ده بيتك
الحديث غريب على مسامعها فكانت تتناوب النظرات بينها وبينه أثناء وقوفه أمامهم بنظرة ظهر الإرتباك جلي بها، قبل أن يطفر سؤالها وتنطق به برأس مطرقة شاعرة بالخزي من نفسها:
-يعني مش زعلانة مني...
رفعت "ليلى" ذقنها بيدها لتتمكن من رؤية وجهها وأكددت بقلب أم رؤوف:
-أنتِ بنتي و مش هنتعاتب واللي فات هننساه ومن النهاردة هنبدأ بداية جديدة
حانت منها بسمة ممتنة وهزت برأسها وقد غرغرت الدموع عيناها تأثرًا من حنوها، لتعقب "بدور" التي كانت تجلس وابنها بحجرها:
-وربنا أنت ست زي العسل وليها حق تحبك دي مكنتش بتبطل كلام عليكِ أنتِ والباشا
تأهب بنظراته الضيقة في حين هي اعتدلت واقفة تزغر "بدور" بعيناها لتصمت لتبتسم "ليلى" حين لاحظت الأمر وتعقب ببسمة هادئة:
-ربنا يديم المحبة يا بنتي إحنا خلاص بقينا اهل
عقبت "بدور" على حديثها غيرعابئة بنظرات "شمس":
-ونعم الأهل والنسب ياست
" ليلى" ربنا يخليكِ ويبارك في عمرك
أَمن الجميع على دعواتها بينما ابتسمت "ليلى" وقالت تحثها:
-ربنا يجبر بخاطرك يا بنتي
يلا خدي ابنك وادخلي نيميه في حضنك ده من الصبح من ساعة ما جبتيه ل "صباح" وهو هيتجن عليكِ
اومأت "بدور" لها وسألت بشيء من الحرج:
-لمؤاخذة يا ست فين الأوضة
اشارت لها "ليلى" نحو تلك الغرفة التي كانت تمكث "شمس" بها:
-الاوضة دي يا بنتي اللي على اليمين
هزت رأسها ثم نهضت تحمل ابنها لهناك بينما هي تابعت خطواتها بنظرات مهزوزة لحين اغلقت الباب، لتضيف "ليلى":
-وأنتِ يا" شمس"..."صباح" نقلت حاجتك أوضة "سليم" ورتبتهالك روحي يلا ارتاحي
فرت الد ماء من وجـ هها وجف حلقها فور حديثها فكيف ستكون بذلك القرب منه وهي مازالت تَرهب الأمر برُمته، فكادت تنطق لولا أنه حاوط خصرها وقال لوالدته ببسمة رزينة هادئة:
-هنروح يا "ليلى" تصبحي على خير
كبتت هي شهقتها بجوفها ونظرت ليده التي تكبل خصرها مشدوهة من فعلته، فكانت بارقة العينين لحين اتى رد "ليلى":
-وأنتم من اهله يا ابني ربنا يهنيكم يارب
مال يقبل رأسها دون أن يحل وثاق خصر تلك بارقة العينين المتيبسة بأرضها فقد اعتدل يقربها له أكثر هامسًا بالقرب من أذنها كي يذكرها بما نبهها له سابقًا:
-قولنا ايه!
انتابتها القشعريرة حين لفحت انفاسه صفحة وجهها ولكنها صمدت وانتبهت على ذاتها تعقب بصوت صدر مهزوز دون قصدها:
-ربنا يخليكِ لينا تصبحي على خير يا ماما
ردت" ليلى" عليهاببسمة واسعة ثم حركت إطار كُرسيها المدلوب في طريق غرفتها، ففور أن اغلقت بابها انتفضت بعيدًا عن مرمى يده متحججة:
-ماما ليلى معاها حق انا فعلًا تعبانة ومحتاجة انام... النهاردة كان يوم طويل ومرهق اوي
لاحت شبه بسمة على ثغره من ارتباكها ثم هز رأسه يتفهم وضعها لتسبقه هي لهناك تاركة بسمته تظهر أكثر حد الاتساع وهو ينظر لتعثر خطواتها.
❈-❈-❈
تكورت على ذاتها بداخل الاريكة التي تواجه الفراش تواليه
ظـ هرها وتتصنع نومها بعد أن ابدلت ملابسها لمنامة وردية وتركت العنان لخصلاتها، بينما هو تعمد أن يفوت بعدها بوقت كافي كي يزيح الحرج عنها ففور أن دخل ورأها مـ مدة على الاريكة وتأخذها فر اش لها انعقد حاجبيه غير راضيًا فقد جلس على طرف السر ير يتأمل ظـ هرها وهو يثق كل الثقة من صوت أنفا سها أنها تتصنع نومها، فقد زفر انفاسه النافذة وقال بصوته العميق يحثها:
-تعالي نامي على السـ رير وانا هنا م على الكنبة
لم يصله ردها فقط صوت تهدج انفـ اسها ليكرر:
-"شمس" انا عارف أنك صاحية قومي واسمعي الكلام
اعتدلت بجـ سدها جالسة ثم قالت وهي تطرق رأسها تتستر على خجلها وارتباكها:
-لأ انا مرتاحة هنا
تهكم يذكرها بوعدها:
-اظن قولتي مش هتعارضيني في أي حاجة مش كده!
حاولت التملص قائلة:
-بس انا...
قاطعها بنفاذ صبر أمرًا:
-من غير بس اتفضلي
هزت رأسها وانصاعت له فقد نهضت تقترب منه بخطوات متعثرة ليطالع هو هيئتها الناعمة بعيون ضيقة ويحث قلبه أن يصمد أمامها قبل ان ينهض وينتقل مكانها، فقد تمـ دد
بجـ سده على الأريكة وهو يشعر بعدم الراحة فجـ سده أضخم من ان تَسعه تلك الاريكة المُكتنزة لذلك نام على شقه مواجه لمو ضع الفرا ش، بينما هي سحـ بت الغطاء المزدوج عن الفراش ثم تقدمت به تضعه عليه دون حديث ودون حتى أن تنظر له قبل أن تعود تتمـ دد وتدثر ذاتها تحت الغطاء وهنا غمرتها رائحته المميزة العالقة بفراشه وتسللت لكافة حو اسها لتشعرها بالراحة والطمأنينة التي لطالما طمحت بها فبعد دقائق معدودة لم تشعر بذاتها إلا وهي تغمض عيناها تستسلم لسلطان نومها، أما هو فقد حانت منه بسمة هادئة بعدما انتظمت أنفا سها وهدء معها صخب دواخله فكان يتأمل عن بُعد تقاسيمها وهو لا يصدق أن من كسر قواعده و عَصته دواخله من أجلها قد حظى بها وينعم بقُربها داخل تلك الهالة الدافئة التي تحيطها.
❈-❈-❈
جافاها النوم وها هي تجلس على الارجوحة المنزوية داخل حديقة منزلها وهي صامتة شاردة برمادها لبعيد وافكارها تتأرجح معها، لحين اقترب هو معاتبًا:
-يرضيك اصحى و افضل ادور عليكِ كده
لملمت خصلاتها قائلة بنبرة ظهر الضيق جلي بها:
-معلش مش جايلي نوم
تنهد ثم جلس جوارها يـ ضع يـ ده على ذرا عيها
يضـ مها له قائلًا بشفافية صادقة لطالما أسرت قلبها:
-حبيبي انا عارف أن الموقف كان بايخ وليكِ حق تزعلي بس صدقيني مليش دخل في اللي حصل ومكنتش اعرف أنها هتبقى هناك
رفعت رمادها له و عقبت ببسمة هادئة:
-عارفة يا "نضال" و مش محتاجة تبرير منك
ازاح خصلة من شعرها خلف اذنها متسائلًا وخضراويتاه تتلهف لجوابها:
-طيب ساكتة وسرحانة ليه من ساعة ما رجعنا؟
تنهدت تنهيدة عميقة قبل أن ترفع يـ دها تتحـ سس وجـ هه مُصرحة:
-لو كان را جل غيرك واتحط في نفس الموقف كان ممكن يضعف و...
و ضع سبابته على شـ فا هها كي لا تكمل بعد ان تفهم ما يدور برأسها:
-مفيش را جل بيحب بجد يقدر يضعف
قالت بملامح باهتة وحفيف من ذكريات تجربة مريرة مازال عالق بين ثنايا عقلها:
-بس كل شيء جايز!
كَوبْ وجـ هها بحنو وعبر عن ما يختلج بداخله بصوت حنون دافئ؛ اسكن كافة حو اسها:
-جايز... دي ملهاش معنى عندي
لإني مستحيل ابرر لنفسي واكسرك وبعدين السر كله في الرضا...البني أدم الساخط هو بس اللي بيألف النعمة ويدور على بديل لكن انا راضي وكل يوم وانتِ معايا بحمد ربنا انه حققلي الامنية الوحيدة اللي اتمنتها من كل قلبي وكنت فاكر ان تحقيقها مستحيل.
حلت بوادر تلك البسمة التي تأتي بربيعها وتبعها همسها:
-للدرجة دي بتحبني يا "نضال"؟
همس بعد ان تنهد تنهيدة حا رة مُـ حملة بتلك المـ شاعر التي
تعـ صف بدواخله من أجلها:
-أكتر من روحي يا" رهف"
حاو طت خـ صره ود ثرت ذاتها بين
احـ ضانه تنعم بدفئه هامسة بنبرة صادقة نابعة من صميم قلبها:
-وانا كمان بحبك ولقيت معاك الحنية والراحة والأمان اللي عشت سنين محرومة منهم انت بدعمك وتحفيزك قوتني و غربلت "رهف" خليتها واحدة جديدة بس بعد ما برزت وعززت احلى ما فيها...علشان كده مجرد فكرة أنك ممكن تضعف وتسيبني كانت هـتقـ تلني
شدد عليها أكثر داخل احـ ضانه وكأنه يود أن يزرعها بين اضـ لعه ثم همس وهو يضع قُـ بلة مُطولة اعلى رأ سها:
-بعد الشر عليكِ يا حبيبي انا جنبك وهفضل جنبك لغاية أخر نفس فيا ومستحيل هسمح تحت اي ظرف الشك والخوف يدخل بينا
رفعت رأ سها تعا نق بنظراتها خضراويتاه التي تفيض بعشقها ثم همست بصدق نابع من صميم قلبها:
-بحبك يا "نضال"
ابتسم وهو يهيم بها ثم مال
بشـ فا هه يتلمـ س شـ فا هها هامسًا بخطـ ورة قشـ عرت
جـ سد ها:
- طب إيه حاف كده مفيش إثباتات
ابتسمت تلك البسمة التي دومًا تاتي بربيعها على قلبه المُغرم بها ثم باد رت تضع قُـ بلة حالمة بادلها بها بكل شـ غف ليثبت لها أن تحت أي ظرف كان؛ ستظل هي مَلكة قلبه وكافة أمانيه
تتجـ سد في محراب عشقها.
❈-❈-❈
شقشق النهار عليه هو ورجاله بعد أن خاب سعيهم ولم يعثروا لها على أثر، لا هي ولا حتى "بدور" وابنها فكان "سلطان" يجلس كمن خسر معاركه جميعها يكوب رأسه بيده وهو يلـ عن إصرارها فتلك الليلة التي كان من المفترض أن تكون ليلة لا مثيل لها أصبحت كالمأتم الجميع يواسوه حتى شعر كم هو مثير للشفقة بينهم
فكان غارق في افكاره لحين جاء أحد رجاله قائلًا وهو مطرق الرأس:
-لامؤاخذة يا معلم بتوع الفِراَشة بيسألوك يشيلوا النور و يلملموا حاجتهم
رفع رأسه وقال بعيون دا مية كلون الد م وهو مازال يُصر على نَيِلها:
-لأ خليهم يسيبوا كل حاجة... الفرح هيتعمل وهلاقيها
-بس يا معلم الناس حالهم واقف
و
لم يكمل جملته وكان "سلطان"
ينـ قض عليه زاعقًا بوجهه بنبرة جهورية غاضبة:
-قولتلك لأ انت هتعارضني ولا ايه يا ياض
تدخل "جلال" وبعض الرجال يحيلون بينهم:
-خلاص يا معلم هدى خلقك الراجل ميقصدش حاجة
زمجر" سلطان" يدفعه بقوة عنه أمرًا:
-غوروه من وشي بدل ما هرتكب جنا ية
-براحة يا "سلطان" هنلاقيها بس أنت اهدى
قالها "جلال" يهدئه بها ويدفعه بغرض أن يجلسه من جديد وقبل أن يفعلها ظهر عدة سيارات وخرج منها "الغجري" مع رجاله تحت نظرات "سلطان" المتأهبة، فقد اقترب "الغجري" منه وبسمة شامتة تعتلي ثغره جعلت "سلطان" يزمجر غاضبًا:
-جاي علشان تشمت فيا!
قهقه "الغجري" بكامل صوته مما اثار اعصاب الأخر على الاخير وجعله يود أن ينقـ ض عليه ولكن يد "جلال" التي تكـ بل
جسـ ده أحالت دون ذلك، لتهدأ ضحكات "الغجري" ويقول متهكمًا:
-بصراحة ملقتش مناسبة احسن من كده علشان اتشفى فيك واقولك انك طلعت مغفل كبير
صرخ "سلطان" متوعدًا:
-اخرس بقولك إلا وربنا زي ما
طـ يرت عينك هاخد رو حك
بإيد ي
بسمة مسمومة ظهرت على وجه الآخر مليئة بالحقد قبل أن يعدل نظارته القاتمة على عينه المعطوبة قائلًا:
-ده جزاتي أني جاي انورك
تهكم "سلطان" وهو يدفع "جلال" عنه:
-بلاش لف ودوران زي الحريم اتكلم
-اعرف مكان العروسة
ابتلع رمقه وتسأل متلهفًا:
-هي فين انطق
نطق "الغجري" بخبث مقيت قاصد السخرية منه:
-عند الظابط اللي كانت عايشة في بيته وانت في السجن ومستغفلاك ومقضياها معاه
تقهقر "جلال "للخلف وزاغت نظراته بعد تصريح" الغجري" بينما "سلطان" نفى برأسه وكأنه فقد عقله مستنكرًا وقد حاول الانقضاض عليه لولا منع رجال الأخر له:
-كداب اخرس قطع لسانك "شمس" اشرف من الشرف
-مش كداب وعندك اخوها اسأله ما هو بنفسه راح جابها من عنده اخر مرة
سكن الجحيم عين "سلطان" ونطق متوعدًا بجنون:
-عارف لو كنت بتشتغلني
هقـ تلك يا غجري هقـ تلك
-بلاش توسع منك واعرف حجمك كويس وبدل ما انت عامل فيها كذا راجل في بعض كنت اتشطر على اللي غفلتك
قالها ببسمة مُتشفية تقطر بالحقد يستخف به قبل أن يصعد من جديد هو ورجاله ويغادرون تاركين "سلطان" عينه دا مية
تـ قدح بالشر وكل خلية به متصلبة بشدة من شدة الغضب وهو يقسم بداخله إن كان ما تفوه به ذلك اللعين صادقًا لن
ير حم أحد ساهم في خداعه فسوف يقيم قيامة الجميع وأولهم من فرطت من أجله و فَضَلتهِ عليه وخذلت معه أحقيته في امتلاكها.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ميرا كريم من رواية ذنبي عشقك، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية