رواية جديدة مشاعر مهشمة 2 لشيماء مجدي - الفصل 30
قراءة رواية مشاعر مهشمة الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
الافتراق، ليس هينا بالمرة، يملأ الروح بالندوب، ويهشم المشاعر، ويفطر القلوب. ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك بداخلها، بل يزداد سوءً، كلما يخامرها إحساس الوحدة، وانقسام جزء من روحها عنها، فعند تخيل ابتعاد "عاصم" عن حياتها، تشعر بوخزات تعصف بقلبها، تهوى كالمطرقة فوق صدرها، حتى ينتابها شعور مميت، كأن روحها تُسلب منها. ظلت نظراتها مثبتة على وجهه، لا يسعها تصديق ما فاه به، هل بتلك العبارة، يخبرها باستغنائه -بدون عناء- عن دورها في حياته! حتى بعدما أصبحت أمًا لولدين منه، والثالث جنين ينمو في إحشائها! ازدردت ريقا غير موجود في حلقها، وعيناها تحرقانها بسحابة دموع كثيفة تكومت، وعلقت على طرفيها. كان مترائيا له تأثير عبارته الصادمة على وجهها الذي شحب، وبهت، وملأه الشجن، تنفس نفسا مطولا، وزفره قبل أن يضيف بهدوء مكرهًا:
-لو الأريح لينا إننا نبعد عن بعض، أنا موافق، بس بلاش نتطلق عشان ولادنا، وخصوصا اللي في بطنك.
تخلل لقلبها بعض الراحة من متابعته، وتنفست الصعداء وهي تتقدم منه لتجلس إلى جواره، وبعدما ابتلعت ريقها ثانيةً، حتى تتحكم في بكائها الوشيك الذي داهمها، علقت بنبرة بائسة:
-أنا فعلا أعصابي بقت تعبانة، وأنا..
ظن أن ما ستضيفه سيكون استحسانا منها على قراره، وقبولا كان غير متوقعا بالنسبة له، احترق صدره كمدا، وسارع كي يلفت نظرها إلى كونها -في جميع الأحوال- ستظل تختص به فقط، ولن تكون لغيره، قائلا بنزعة تملكية:
-احنا مش هنتطلق، يعني انتي في جميع الأحوال مش هتبقي لحد غيري.
بسمة خفية، بالكاد اهتزت بها شفتيها، رضاءً عن تمسكه بها، وغيرته الظاهرة من اقتراب طيف ذكوري منها، فقد راقها تلك المرة تحكمه، واختصاصها به وحده. لاذت بالصمت وهي تنظر له، مترقبة الباقي من حديثه، الذي استنبطت من تعبيراته أنه ما يزال له بقية، وبالطبع صدق حدسها حينما أضاف بعد أن استعادت نبرته هدوئها المزعوم، رغم الضيق المعتري ملامحه:
-عايزه تبقي لواحدك، مفيش عندي مانع، لكن إن راجل تاني يحاول يقرب منك مش هيحصل، ومتحاوليش تفكري فيها، لإني مش هطلق، ولو حصل وحسيت إنك بتفكري في راجل غيري هعتبرها خيانة ووقتها معرفش أنا ممكن اعمل إيه.
تجاهلت قصدا التهديد المبطن في كلماته، ولاحت محبتها الطاغية له فوق وجهها، ومن جلستها مدت يدها، ممسكة بكفه، معلقة بلهجة مستنكرة:
-انت متخيل إني ممكن ابقى مع حد غيرك، ولا انت أصلا فاكر إني هرتاح وانا بعيدة عنك.
منع عينيه من النظر إلى وجهها، لئلا ينساق خلف عواطفه التي تتملك بسهولة منه بلمسة حانية من يديها، وبكلمة ناعمة من بين شفتيها، ونظرة حالمة من خضراوتيها، وقال وهو محافظ على ثبات غير موجود داخله:
-أنا بقيت مصدر تعب ليكي، عايزه تبعدي فترة تريحي أعصابك انا مش ممانع.
اعترضت بصوت رقيق ممتلئ بوداعة محببة له:
-بس أنا مش عايزه ابعد، لا فترة ولا حتى دقيقة واحدة، أنا عايزاك بس تغير من نفسك معايا.
خفض عينيه بضيق من نفسه، مما تؤول إليه علاقتهما دائما بسببه، بينما تابعت هي بنفس النبرة المتريثة توضح مبررها تجاه ما أصبح يبدر منها مؤخرا:
-أنا أكيد مش فرحانة من شكل حياتنا، وان احنا الاتنين بقينا بنتعب في بعض، بس في نفس الوقت معادش حاجة في إيدي، لو فضلت على نفس طباعك، أنا كمان هفضل كده، لإني معدتش بقدر أفوت اللي بيحصل وبيعلم جوايا، وبيأثر على أفعالي وردود أفعالي، ومش بقدر بعد كده ابص في وشك من غير مافتكر كل اللي ضايقني منك، ولا بقدر اديلك حقوقك كزوجة.
كان متفهما لكل أسبابها في تحولها الجذري، ولكن تخوفه من احتمالية انتقاص حبها، جعله يردف بحزن شاع في نفسه قبل صوته:
-انتي معدتيش بتحبيني زي الأول.
لم تفهم أهذه جملة خبرية أم تساؤلية، ولكنها على كل راحت تنفيها مرددة بتلهف:
-مش حقيقي، انا بحبك زي الأول وأكتر.
على الرغم من استشعاره لرنة الصدق في تصريحها، إلا أنه اعترف لها ببؤس مضاعف:
-حتى لو حبك قل أو حتى كرهتيني، أنا استاهل كده.
لم تتحمل كل ذلك الشجن في صوته، لمست بيدها وجنته، حتى تدير وجهه ناحيتها، ويبصر بعينيه ملامحها الوالهة وهي تخبره في حب بالغ:
-محدش في الدنيا دي كلها يستاهل إني احبه غيرك، وانا فعلا لو معدتش بحبك مكانش زماني متمسكة بالبيبي اللي في بطني، وانهارت لما حسيت إني هخسره، أنا عايزاك وعايزه كل حاجة منك يا عاصم.
حدقتاه كانت تجول فوق وجهها الهادئ، الناعم، بنظرة اشتياق لتلك التعبيرات المشبعة بالحب الكائن بقلبها له، وعلى فور انتهائها، بتلقائية بحتة منه اجتذبها نحوه من ذراعها، وحاوط بكلتا ذراعيه ظهرها، وأخبرها بهمس مهتاجٍ بمشاعر ثائرة:
-وأنا مبقتش عارف اتخيل حياتي وانتي مش فيها، ولا متحمل بعدك عني بأي شكل من الأشكال.
اقشعر بدنها من اعترافه العذب، الذي طرب سمعها، وطيب في لحظته جراح قلبها، بينما هو شدد على ضمها بشوق عارم، وأكمل مستسرسلا ما يجيش به قلبه النابض بقوة:
-بتعصب وبتجنن لما بحس إنك بتبعدي عني، أو بتاخدي جنب وبترفضي قربي.
وهي مريحة رأسها فوق كتفه، بررت موقفها باستيضاح:
-بيبقى غصب عني، وقتها فعلا ببقى وصلت لأقصى درجة من التحمل، ومبقدرش اتحكم في أعصابي.
لم يكن بحاجة إلى سماع تبريرها، ولا سماع أي صوت يعكر عليه صفو شعوره بها داخل أحضانه، وطلب منها باحتياج شديد:
-متسيبنيش يا داليا، مش هقدر أعيش من غيرك، روحي بقت متعلقة بيكي.
أزادت في إلصاق جسدها به، وأغمضت عينيها، متنعمة بذلك القرب الحميمي المعبأ بالدفء، ومتمتعة بعذوبة صوته المليء بالوجد، وهتفت في استنكار لطلب الانفصال الغير عقلاني، مع ما يطالب به الآن بعاطفة قوية:
-يبقى ازاي عايزنا ننفصل عن بعض!
مسح فوق شعرها، وامتلأت نظرته الغير مرئية لها بالخوف، وأجابها بجدية:
-عشان لو كرهنا بعض هنبقى انا وانتي خسرنا كل حاجة، وانا مش عايزها توصل لكده.
حينئذ انسلت من حضنه، كأنما قد استشعرت خوفه، وقبضت بكلتا يديها علي كفيه، وطمأنته بنعومة صوتها:
-مفيش حد فينا هيكره التاني، انا وانت مربوطين ببعض، ومش هنفارق بعض ابدا، مش كده يا عاصم؟
تأكيده على كلماتها، سيكون -بالنسبة لها- بمثابة اعتراف غير منطوق بحبها، الذي باتت متأكدة من امتلاكه لقلبه، حتى وإن يتعثر عليه الاعتراف بذلك لها. انفرجت شفتيه بابتسامة محبة، وأومأ مؤكدا، وأتبع ذلك إعادته لها ثانية، موضعها بالقرب من تلك العضلة النابضة. فنبذها له، وإقصاء نفسها عنه، أشعره بخوف بالغ من إمكانية تركها له، وهو في أوج الحاجة لها هي باتحديد دونا عن غيرها. بقيا على ذلك الوضع الحميمي، حتى يعوضان نفسيهما ما فقداه، من مشاعر حسية عميقة، بسبب الجفاء الذي كان مخيما على سطح علاقتهما. شعر بغتةً بتصلب جسدها بين ذراعيه، وفتح عينيه اللتين كانتا منغلقتين من تأثير عناقهما الحميمي، حينما وجدها تهتف دون سابق إنذار:
-طب ومي؟
تعقدت ملامحه من إتيانها على ذكرها في تلك اللحظة الخاصة، وسألها بضيق:
-مالها؟
فرقت العناق، لتزداد تعبيرات الضيق فوق وجهه، وتساءلت بانزعاج مشوب بالغيرة:
-كانت عندك النهارده بتعمل إيه؟
رفع يده معيدا خصلاتها النافرة إلى الخلف، وأجابها بلهجة صادقة:
-مي مفيش بيني وبينها حاجة، هي بتحاول ترجعلي وانا رافض ومش عايزها.
لم تشكك فيما رأته عليه من صدق لا يشوبه شائبة، ولكن نيران الغيرة لم تخمد تجاه من تحاول سلب زوجها منها. هدأ تحفزها، ولانت قليلا ملامحها، عندما ملس بظهر كفه وجنتها، وما لبث أن أضاف ببسمة ساحرة، ورنة صوته العذب:
-أنا مش عايز غيرك.
أتبع قوله التقامه لشفتيها بفمه، تناولت تلك القبلة أحاسيسا ناعمة، بعيدة كل البعد عن الجموح، والرغبة الملحة، اللذين يدفعانه إلى استخدام القوة حتى يصل إلى وطره. فصل القبلة حينما تطرق أمرا هاما كان غافلا عنه إلى فكره، وهو معرفتها بشأن لقائه ب"مي" صباح اليوم بشركته، وبأنفاس لم تهدأ بعد، سألها مستفهما:
-بس انتي عرفتي منين انها كانت عندي النهارده في الشركة.
ظهر التوتر على محياها، فمؤكدا لن تخبره بأمر تعيينها أحدا لمراقبة خط سيره، توسعت عينيها بربكة، وعجزت عن النطق لعدة ثوانٍ، ما أنقذها من ذلك المأذق، هو تذكرها لرؤيتها لرسالة كانت مرسلة منها، حينما كان تاركا هاتفه فوق الكومود المجاور لفراشهما قبل مغادرته، وكان هو بداخل غرفة الثياب حينئذ يبدل ملابسه، وبلجلجة واضحة أجابته:
-وانت.. وانت بتلبس بعتتلك رسالة، وانت كنت سايب الفون على الكومودينو، قرأتها وعرفت منها إنها كانت عندك.
على نقيض ما توقعت، لم يزجرها على فعلتها المتجاوزة بالنسبة له، بل ظلت تعبيراته هادئة، وفاجأها بقوله الهادئ:
-لو عايزه تقرأي الكلام اللي باعتاه كله وردودي عليها، مفيش عندي مشكلة.
سعدت داخلها مما قاله، فإن يدل على شيء، فلن يدل على غير أنه يريد إثبات أن تلك المرأة لا تعنيه، وأنه لا يسايرها في رغبتها في استعادته، ولكنها بالفعل قد استرقت النظر -أثناء انشغاله في تبديل ثيابه- لبعض من الرسائل المتبادلة بينهما، ورأت كيف يرد عليها باقتضاب، وكثيرا من الأحيان لا يجيب على رسائلها، حينما كانت تأخذ منحدرا آخرا غير الاطمئنان على أحواله كما تزعم في معظم الرسائل المبعوثة، بل يكتفي برؤيتها فحسب، لذا اكتفت ببسمة ناعمة، أتبعها قولها برقة:
-لأ مش عايزه، أنا مصدقاك.
بسهولة استطاعت ملاحظة حركة عينيه الماسحة لكافة معالم جسدها، بنظرة تجمع ما بين الشوق والرغبة، ورغم تحذيرات الطبيب من ممارسة العلاقة الحميمية، لعلمه بميول "عاصم" السادية، إلا أن قلبها رق له، ولم تستطع صده، أو الامتناع عن تلبية نداء عينيه. رمقته بنظرة مسبلة، وهي تخبره بصوت خفيض:
-معنديش مانع، بس حاول.. تكون يعني..
تلعثمت، وصمتت، وهي غير قادرة على صوغ الكلمات، خيفة من فهمه الخاطئ في بعض الأحيان لما تقوله، بينما هو تفقه على الفور ما تقصده، فهي تناشده بتخفيف حدته، والتريث في ممارساته، وعلى الفور رد بانصياع:
-حاضر.
جال بنظره على صفحة وجهها البهي، وبينما يدنو منها لتلثيم ثغرها، سألته بلهاث خفيف:
-مش هنطلع فوق؟
شعرت بحر أنفاسه تصطدم ببشرة وجهها، وقبل أن يدمغ شفاههما معا، قال ببسمة ماكرة:
-ملهوش لزوم.
❈-❈-❈
عن طريق بعض الكلمات المعسولة، اللمسات المداعبة، الاحتواء المنشود، وتقليل العنف المعهود، رضخت هي، وظفر هو، فقد تركت نفسها طوعا له، وحظى هو بما ابتغى، وافتقد. وسَّد ساعده خلف رأسه، وهو متكئ على عارضة الفراش، في أعماقه كان يشعر بالرضا الكبير، كونها ما تزال تكن له الحب، الذي ظن أنه اندثر داخلها، مع صرامته الشديدة معها، وعنفه البالغ. حول رأسه نحوها، يناظرها بنظرات متأملة أثناء نومها على جانبها المواجه له، لتظل عينيها مبصرة وجهه، حتى يجافيها النوم، وبالطبع قد كان، ولكنه ظل هو متيقظا، يفكر في أمرها، في قلبها الحنون، وحضنها الدافئ، إلى الحين ما يزال كل ما بها له تأثيره الخاص على دواخله، بل كلما مر عليهما الوقت، يزداد تعلقه بكل قرب ودود يبدر منها معه، ليدرك في النهاية أنها فقط من يحتاج.
وللغرابة قد وُلدت تلك الحاجة من حاجتها هي له، منذ كانت طفلة، مرورا بمرحلة مراهقتها، التي تحركت مع بدايتها مشاعرها نحوه، وقضى هو على برائتها، ونقائها، فشيطان نفسه لم يرحمه من تخيلها معه، في أوضاع لم تكن تحل نهائيا له، ولم يكن ينبغي من الأساس أن يفكر بفتاة بمثل عمرها، بتلك الطريقة الدونية، والشهوانية، خاصة مع عمره الذي كان يقرب من الثمانية وعشرين عاما، وهي لم يكن لديها من العمر حينها غير أربعة عشر عاما. لقد شغفها حبه، وفرضت بكل الطرق وجودها في حياته، ولكنها ليس لديها أي علم، بأنه قبل أن تراه هي بمنظور آخر، غير ابن خالتها الذي يكبرها بأربعة عشر عاما، اجتذبت فكره بنعومتها، سلبت نظراته بضحكتها، وتحكمت برغبة جسده برقة عناقها.
لم تكن تتقصد وقتئذ أن تؤثر عليه بمقوماتها الأنثوية، التي كانت مغايرة تماما لفتاة بمثل ذلك العمر، ولكنه -رغم غطرسته، وعدم التفاته إلى كثير من السيدات، اللاتي يفوقن عمرها، ويتفجرن أنوثة، وحُسنا بشهادة من يراهن- لم يكن لأي واحدة تأثير على كينونته الذكورية غيرها. يتذكر جيدا بداية تحول شعوره نحوها، إلى آخر -منذ اللحظة الأولى- توقع إلى أين سيصل مداه بينهما. كانت الذكرى السنوية الثانية لوفاة والدتها، وظلت هي آنئذ طول اليوم حبيسة غرفتها، التي كانت مخصصة لها في بيتهم، منذ وفاة والدتها، غير راغبة في رؤية أحد. علم من والدته مصادفة بحالها، شعور في أعماقه دفعه للاطمئنان عليها قبل نومه.
دق على باب الغرفة مرتين، وبعدما انتظر لعدة لحظات، ولم يجد منها رد، فتح الباب ودلف، فقد علم مسبقا برغبتها المعدومة في الحديث، لذلك لم يتوقع أن تفتح فمها وتدعوه للدخول. حينما وطأ بقدمه الغرفة، وجدها جالسة على طرف السرير، سألها وهو يتقدم نحوها بهدوء:
-لسه منمتيش؟
ظلت منكسة رأسها، حتى جففت بيدها عبراتها، وردت عليه بصوت مبحوح قليلا:
-مش جايلي نوم لسه.
جلس بجوارها وهو يتفقد بعينيه ابتلال وجهها، وإحمرار عينيها، وسألها بلهجة لا تنتظر إجابة لتؤكد له ما لاحظه:
-كنتي بتعيطي؟
لم تجِبه بشفتيها، واغرورقت مجددا حدقتيها بالدموع، لتكون إجابة فعلية لسؤاله، ضم شفتيه للحظة، قبل أن يخبرها بنبرة صوته الجامدة، والخالية من درجة التعاطف الطبيعية:
-ماما مكان مامتك وانتي عارفة انها بتحبك.
حينئذ انهمرت دموعها على التوالي من طرفيها، وأردفت بانتحاب:
-بس انا بقيت لواحدي من غيرهم، ليه مامي وبابي سابوني ومشوا، وطالما مشوا ليه ماخدونيش معاهم؟
لم يكن جيدا في المواساة، ولم يجد من الكلمات ما يُقال في تلك الأثناء، ولكنه بعد صمت شعر أنه طال، أخبرها بما جاء في ذهنه بفتور:
-عشان انتي لسه ليكي عمر، وحياة لسه متعاشتش.
رمقته بخضراوتيها اللامعتين بالدموع، وأخبرته بحزن شديد:
-بس أنا مش عارفة اعيش من غيرهم.
آلمه قلبه لرؤية تلك الدموع، ولسماع تلك النبرة الممزقة شجنا، وبصوت بدا متعاطفا عن ذي قبل قال لها:
-هتعيشي يا داليا، والوجع هيخف مع الوقت، انتي لسه صغيرة، وبكرا تكبري وتتجوزي ويبقالك عيلة، وقتها هتحسي إنك مش لواحدك، وإنك عايشة عشان سبب.
في تلك اللحظة ناظرته بنظرة بائسة، واستطردت بتساؤل مباغت:
-وانت هتتجوز؟
انعقد ما بين حاجبية بغرابة، وأجابها بنبرة عادية برد محايد:
-أي واحد بيجيله وقت ويتجوز.
مرة أخرى فاجأته بطلبها المتوسل وهي تدنو منه:
-متتجوزش وتسيبني.
رمقها بنظرة مشدوهة من مطلبها، بينما هي أضافت باحتياج بالغ، وهي تدفع جسدها بحضنه:
-أنا محتاجاك معايا يا عاصم.
لم تترك له فرصة لاستيعاب فعلتها، وأضافت على نفس الشاكلة المتوسلة المشوبة بالاحتياج:
-متسيبنيش زيهم، خليك جنبي وخدني دايما في حضنك لما أبقى زعلانة، طمني إنك مش هتسيبني وهتفضل معايا علطول، أنا بخاف أبقى لواحدي.
خفق قلبه بصورة غريبة من شعوره بها بأحضانه، رغم أنها ليست أول مرة تقبل على عناقه، ولكن ما جعل جسده يستحضر شعورا شهوانيا، هو إتيانها على سيرة الزواج، ومع التحام جسديهما بذلك العناق، وتوسلها له تحديدا دون غيره بعدم الافتراق، شعر بدبيب الإثارة يسري في عروقه، ابتلع ريقه، وعلى الفور فرق عناقهما، أبعدها بهدوء يناقض الثورة التي اندلعت في وجدانه، ونهض وهو يخبرها بصوت بدا متحشرجا:
-نامي يلا، الإجازة خلصت وعندك مدرسة بكرا.
توقع منذ تلك اللحظة، أن ذلك الضعف الذي تحكم بجسده، سيأتي يوما ويكون له سلطان على قلبه، ولكن هذا ما رفض الاعتراف به باستماتة، حتى بعدما انغمس معها في تلك العلاقة المحرمة لشهور. وحينما لم يكن يجد راحته غير بين يديها، كان الابتعاد دائما ينبع من رفض قاطع للرضوخ لحبها، كأنما نزعة السيطرة، جعلته يرفض فرض هيمنة أحدٍ عليه، حتى وإن كانت هيمنة عشقها، أو ربما بُغضه لمشاعر الحب، الذي جرحه يوما، وأهان كبريائه، أرغمه على وأد كل شعور يُولد بقلبه تجاهها.
ولكن ما المانع حاليا من الاعتراف بتملكها لكل جزء به، وليس فقط قلبه. تقوست شفتيه ببسمة رائقة، ودنا منها مقبلا مقدمة رأسها، ثم ابتعد شارعا في ترك الفراش، أمسكت بيده عندما شعرت بحركته، وإزاحته للغطاء عنه، وسألته بنعاس، بصوت خافت:
-رايح فين؟
التفت لها برأسه حينما استمع لغمغمتها، وأجابها بهدوء:
-هقوم أشرب وجاي تاني، ارتاحي يا حبيبتي.
كان تركيزها معدوما بفعل تيه النوم، لم تنتبه إلى الأخير من عبارته، ولكنه لم يمرر تلفظه بتلك الكلمة بكل تلك الأريحية مثلها، فمنذ متى وهو يستطيع التعبير عما يجيش به نفسه! وبالأخص عندما يتعلق الأمر بالحب، حتى في تلك المرة التي صرح بحبه لابنه، كان بشكل تلقائي، نابعا من ندمه الشديد، ورفضه لأن يكون نسخة من والده، لكنه إذا أعاد التجربة ثانيةً، وحاول أن يخبر ابنيه بمحبته الأبوية الكائنة في قلبه، منذ يوم ولادتهما، لن يقدر على صوغ الكلمات، بل لن يكون في وسعه التفوه بكلمة عابرة، ولكن ما أغمض الطرف عنه، أنه في صغره كان دائما رفيق والدته، يهتف بحبها كلما شعر، ومتى أراد، وعندما يبحث في أعماقه، عن بداية تكوين شخصيته، يكون الطفل البريء، الحنون، أول من يعثر عليه.
❈-❈-❈
على غير المتوقع، عند ولوجه المطبخ، تفاجأ بوجود والدة أخيه في الداخل، ومن استيقاظها في تلك الساعة المبكرة، ولئلا يفجعها بوجوده بغتةً، تنحنح بخفة حتى يلفت انتباهها إليه، التفتت نحوه وكانت قد انتهت من جلي الصحن المتسخ لتوها، الذي كان به طعام حفيدها، حيث إنها أطعمته في غرفته وجبة العشاء الخفيفة، الموصى بها من قبل والده، وكونها غفيت بالغرفة عنده بعدما خلد إلى النوم، ظل الصحن متسخا، لذلك قررت أن تغسله بعد أدائها لفريضة الفجر. وضعته في المكان المخصص للأطباق النظيفة، رأت حينها توجه "عاصم" المباشر نحو الثلاجة، أخرج منها قنينة الماء، ووضع منها القليل في كوب التقطه من الرف المقابل له. حينئذ تذكرت "أمل" اسمتاعها مصادفة لصوت شجاره العالي مع زوجته، أرادت أن تنصحه نصيحة أمومية حول علاقته بزوجته، والتي تشعر أنها دائما مشحونة، وبعد تردد دام لعدة لحظات، كان قد انتهى هو من تناول المياه، وقام بغسل الكوب، وأعاده إلى موضعه، حسمت أمرها، وأخبرته ببحة صوتها الهادئة:
-بلاش تقسى على مراتك يا عاصم.
حالت عبارتها دون سيره، الذي كان قد شرع به، التفت نحوها، وناظرها باستغراب فهمته، ابتسمت له بوداعة حينما حصلت على كامل تركيزه، وأضافت بنفس النبرة:
-خدها نصيحة مني، مفيش حد بيلاقي الحب اللي بجد غير مرة واحدة في حياته، وداليا بتحبك، فبلاش تخسرها بعصبيتك.
ظن أن زوجته قد شكت لها سوء معاملته معها، ولكنه لكيلا ينساق خلف ظنونه، ومن المحتمل أن تكون مغلوطة، وبهذا يكون قد ظلمها، سألها بجمود:
-ليه بتقولي كده؟
سحبت نفسا، سريعا ما لفظته، وأجابته في استيضاح:
-سمعتكوا وانتوا بتتخانقوا، كنت بنيم يونس في أوضته، وراحت عليا نومة وانا عنده، وصوتكوا كان عالي وواصل لبرا.
نظر لها "عاصم" في صمت، لا يعرف ما التعليق المناسب في ذك الوقت، ولكنها رأت أن تعبيراته غير مقروأة، وخشيت لوهلة أن يفسر استماعها الغير مقصود، على أنه تنصت عن عمد، لذا سارعت في إخباره:
-أنا معرفش إيه اللي دار بينكو ولا حاولت أسمع، بس اللي ملحظاه إنك شديد معاها، والست بتكره إن جوزها يبقى قاسي معاها أو يستقوى عليها.
انزعج من الأخير من قولها، وراح يعلق في استنكار مشوب بالضيق:
-أنا مبستقواش على مراتي، بيحصل بينا شد وجذب عادي زي أي اتنين متجوزين.
سعدت من تفاعله معها في الحديث، حتى وإن كان رده به بعض الهجوم، وعقبت على ما قاله بتصحيح لمفهومه:
-أي اتنين متجوزين، المفروض يحلوا مشاكلهم بالتفاهم والود، مش بالعصبية والخناق يابني.
اشتدت عضلات وجهه، وهدر في استهجان:
-انتي هتعلميني الصح من الغلط؟
لم تنزعج من أسلوبه الصارم، فقد اعتادت لسنتين متواصلتين على التعامل مع شخصية والده المشابهة، بل كان يفوقه شدة، وعنفوانا، وبرد حكيم أردفت:
-أنا مش بعلمك حاجة، عشان انت راجل ناضج ومتعلم، وفاهم أكيد الصح من الغلط، بس ممكن تعتبرني أم بتنبه ابنها لحاجة غافل عنها.
لان وجهه، وشعر بتسرعه في هجومه، بينما هي عندما لمحت التغير الذي طرأ على ملامحه، ابتسمت له في حنوٍ، وتابعت على نفس النهج الناصح:
-ساعات واحنا جوا الموضوع مش بنشوفه زي اللي برا، اعتبرني زي مامتك ومتعندش واسمع مني هتكسب.
لاذ بالصمت، أمام ما رآه منها من أسلوب لين، بعيدا كل البعد عن الأمر، الذي يجبره على العند، والرفض، ربتت على كتفه حينئذ، وبدأت في السير نحو الخارج، ولكن قاطع سيرها، تساؤل "عاصم":
-بابا كان صعب معاكي؟
نظرت له بشيء من التعجب، من استفساره عن ذلك الأمر، ولكن تساؤله نبع من رغبته في فهم شخصيتها، ومعرفة ما إن كانت ضحية لوالده كوالدته، أم هي من أنهت زواجهما لزواجه من أخرى، أم هي تلك المرأة الذي علم -عن طريق الصدفة فيما مضى- أن والده لم يعشق في حياته سواها. حمحم بخفة، ثم أعاد سؤاله بصيغة أخرى:
-يعني هو كان مهددك بحاجة عشان كده فضلتي مخبية عز عننا؟
ردت عليه بملامح هادئة، رغم معالم الحزن المحفورة على قسمات وجهها:
-أنا معرفتش عز باللي كان بيني وبين كمال، حاجات بسيطة بس اللي قولتهاله، عشان ميفتكرش إني بعدته عن باباه بمزاجي، وفي حاجات هو شافها بنفسه، فمكنش محتاج يسأل عنها، لكن غير كده هو ميعرفش أي حاجة، وزي مانا ماحكتش حاجة لعز عن تفاصيل حياتي مع باباه، مش هحكيلك انت كمان، ولا هحكي لأي حد، أي حاجة حصلت بينا، هتفضل بينا.
انقشعت المسافة ما بين حاجبيه، وعلق باستخفاف:
-بس انتوا كنتوا اتطلقتوا، إيه المشكلة؟
وضحت له سببها الوجيه في حفظ أسرار زواجها، مرددة بحصافة:
-الطلاق مش مبرر لخروج أسرار البيت برا، اللي بيحصل بين المتجوزين لازم يفضل بينهم، حتى لو النصيب اتقطع، دي الأصول.
ضم شفتيه للحظة، ثم سألها بما جال في ذهنه:
-كنتي بتحبيه؟
ابتلعت ريقها، وقد زاغت عينيها التعيستين عنه، وهي ترد عليه بعد عدة ثوانٍ، بصوت امتلأ بالشجن:
-كنت بحبه، بس عشان القسوة بتعلم الجفا، الحب ده خرج من قلبي زي ماهو خرج من حياتي بعدها.
عاودت بعد ذلك النظر إليه، وأخبرته بنبرة ينبجس منها الأسى:
-عرفت ليه أنا مش عايزك تقسى على داليا؟
هز رأسه بخفة، كإيماءة متفهمة، شيعته بعد ذلك بنظرة طيبة قبل أن تتركه، غارقا في دوامة أفكاره التي تدور في رأسه، فعلى ما يبدو أن كل ما يحدث من حوله، يدفعه باستماتة إلى الحفاظ على مصدر الحنان الوحيد في حياته.
❈-❈-❈
سكون هادئ يعم غرفة السفرة من حولهم وهم يتناولون الفطار، يتخلله فقط أصوات خافتة لحركة الأيدي، الملاعق، والأكواب فوق السفرة، كانوا قد بدأوا تناول الطعام للتو، وقد فرغ المكان من وجود "عز الدين" و"زينة" وهذا لعدم نزولها من غرفتها، غير للضرورة القصوى الأونة الأخيرة، بينما كان متوقعا مجيء "عز الدين" في أي وقت، وبالطبع لم يمر سوى دقائق معدودات، وقطع ذلك الهدوء ولوجه الغرفة، ألقى عليهم تحية الصباح، ببسمة صافية، وهو يتقدم من الكرسي المقابل لوالدته:
-صباح الخير.
ردد ثلاثتهم التحية بأصوات متفاوتة في العلو، والنبرة:
-صباح النور.
وجه نظره نحو ابنه، الجالس جوار جدته، ألقى له قبلة معتادة منه في الهواء، وقتئذٍ رفع الصغير يديه كأنما يلتقطها، ضم قبضتيه ثم ألصق القبلة الوهمية بيديه في وجنته، تحت نظرات الجميع، الذين انشقت شفاههم ببسمة ضاحكة، على فعلة الصغير الشقية. بعد ذلك التفت "عز الدين" بوجهه نحو أخيه، الذي يتناول الطعام بصمت كعادته، وأخبره بوجه بشوش وهو محافظ على بسمته:
-الواحد بدأ يتعلم منك النشاط، صاحي الساعة ستة أهو عشان السفرة متتحطش مرتين، ونبقى خرقنا القواعد.
رفع عينيه نحوه، وعلق بهدوء على قوله، رغم استشعاره لبعض الهزو يختلط بكلماته:
-ولو إني حاسس إنك بتتريق على كلامي، بس كويس إنه جاب فايدة على الأقل.
ناظره بعينين تحملان لوما زائفا وهو يقول في نبرة مرحة:
-لا متقولش كده معقولة انا هتريق على كلام اخويا الكبير، وبعدين الواحد بيعرف غلطاته ومش بيكررها، ولا إيه؟
قصد بعبارته الأخيرة عدم تغاضي "عاصم" عن أفعاله المتجاوزة، سواء عن عمد أو بدون عمد، تقوست حينئذ شفتا "عاصم" ببسمة مغترة، وعقب بغطرسة:
-بتتعلم بسرعة، كويس.
لم تثير غطرسته ضيقه، فقد اعتاد على شخصيته المغرورة، بينما أضاف بعد ذلك بطيف انزعاح:
-هو الوحش في الموضوع إني هضطر أستنى ساعة بعد الفطار لحد ماخرج، بس مش مشكلة بقى، يونس بيبقى صاحي مع الديك وهو بيدن، أبقى أقعد ألعب معاه الحبة دول.
كانوا ينصتون لكلماته بغير ملل، فالاهتمام كان ظاهرا على محياهم، ونظراتهم المنصبة عليه وهم يتابعون تناول الطعام، فكل من "عاصم" و"داليا" باتا يران أن وجوده جعل للبيت روحا، أزالت كآبته. تذكر "يونس" -عندما انتبه إلى قوله والده- انقطاعه عن اللعب معه الآونة الأخير، زم فمه في تكشيرة طفولية، وأبعد وجهه للجهة الأخرى في تجاهل له، حينها أشار "عز الدين" نحو الصغير العابس بنظرات مذهولة، وتابع بنفس الأسلوب المرح:
-الواد بقى بيتقمص مني وبيلوي بوزه عليا، ده تقريبا هو اللي بيربيني مش أنا اللي بربيه.
صدرت ضحكة واضحة من "عاصم" مع قوله الأخير، ولوهلة تدارك كونه لم يزجره على ثرثرته المتزايدة أثناء تناولهم الطعام، وهذا دائما ما كان مرفوضا عنده، وليس من ضمن النظام الذي يسير عليه من سنوات، ولكن على ما يبدو أن أخيه استطاع بشخصيته المرحة، طباعه اللينة، وروحه الطيبة فرض نفسه عليه بسهولة ويُسر، وجعله يتقبل وجوده، وطبيعته المغايرة له. أكمل تناول طعامه بملامح مرتخية، ولكنه وجه بؤبؤا عينيه بنظرة متفقدة نحو زوجته، حينما انتبه إلى تركها الطعام، وسألها مستفهما:
-مش بتاكلي ليه؟
وجهت حدقتيها نحو، وناظرته بوجه معقود وهي تخبره بإعياء:
-مش قادرة خالص.
ضم حاجبيه بغير فهم لما انتابها بغتة، ولكنها حينذاك شعرت بتقلص ضرب عضلات معدتها، وأصابها الغثيان، انته "عاصم" للتغير الذي طرأ على تعبيراتها، وتساءل باهتمام قلق:
-في إيه؟
لم تستطع التحكم فيما انتابها من رغبة ملحة في الاستفراغ، وضعت يدها فوق فمها، ونهضت مسرعة متوجهة نحو المرحاض، قام "عاصم" وهرول خلفها، وكل ذلك تحت نظرات كل من "عز الدين" و"أمل" المستغربة، عندما خرجا من الغرفة، وجه "عز الدين" نظره نحو والدته وقال لها بعد تخمين سريع:
-شكلها كده تعبانة، والظاهر واخدة برد في معدتها.
لم تتفق والدته معه في الظن، فقد ساورها الشك -مما أصاب "داليا" بغتةً- حول احتمالية حملها، وقالت له بغير اقتناع ليس ملحوظا:
-باين كده.
أوصاها بعد ذلك بجدية ونبرة ودودة:
-طيب ابقي اتطمني عليها يا ماما بعد ماتفطري، ولو الموضوع متكرر معاها خليها تكشف، وانا هبقى اتطمن من عاصم برضه قبل مامشي.
قالت له بطيبة صوتها وهي تضع اللقمة في فم الصغير:
-من غير ماتقول يا حبيبي كنت هعمل كده.
تناول بعض اللقيمات القليلة بعد ذلك، ثم نهض أثناء -رؤيته من خلال الباب المفتوح- توجه الخادمة بصينية الطعام الخاصة بزوجته نحو الدرج، قاطع سيرها، هاتفا بصوت عالٍ نسبيا:
-استني يا ست سعاد.
التفتت له على فورها، وسألته باحترام:
-ايوه يابني.
توجه نحوها، ومد يديه آخذا منها الصينية، وهو يقول بهدوء:
-هطلع أنا الفطار لزينة.
أومأت له بالموافقة، وعادت أدراجها نحو المطبخ لمتابعة آداء عملها، بينما هو صعد الدرج نحو غرفته، ويعلو وجهه ابتسامة محبة، سريعا ما اختفت حينما دلف الغرفة، واستمع إلى صوت بكاء زوجته، بهت وجهه في لحظتها، وقام سريعا بوضع الصينية على الطاولة، ثم هرع نحوها، جلس على الفراش، ورفع وجهها الذي كان مدفونا في الوسادة، اعتراه الهلع من انهيارها، وسألها على الفور بارتياع واضح:
-مالك يا زينة بتعيطي ليه؟