-->

رواية جديدة عشق الرعد لسماء أحمد - الفصل 25

 

قراءة رواية عشق الرعد كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية عشق الرعد

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة سماء أحمد



الفصل الخامس وعشرون


جلست عشق على طرف سر..يرها تنساب دموعها بهدوء، فجأة تصاعد الغضب داخلها لتقبض على فرش السر..ير بأناملها، رفعت وجهها لأعلى تتنفس بعمق، طرق عمار على الباب ثم دخل 


عمار : فاضية ؟ 


عشق بهدوء : ايه اللي حصل ؟ 


عمار بحدة : يعني عارفة إنك غبية 


وقفت تدور في الغرفة كالمجنونة ثم صرخت بغضب : اة غبية ومجنونة ومريضة يا عمار، أنا مضغوطة وتعبانة يا عمار، أنا محتاجة حد يسمعني ويتحملني مش يبعد عني ويخاصمني 


وقف رعد يستمع لها بحزن دفين من نفسه، تحدث عمار بحدة : دا مش مبرر يا عشق لأن أنا غلطت اوي وزودتها، أدهم شافني قاعد في عربيتي ببـ ـوس أخته كمان كان هيضربني بالمسدس والطلقة جات في دراع جـ ـوزك، أنتِ وقفتي تسمعيه ما لا يرضيه، هو قال لأدهم إن ابنه وبيعيشني اللي ابوكي معيشهوش ليا 


عشق بصراخ : متحطش الحق على بابا أنتم اللي بعدتوا وسبتوه، أنا محدش يتقارن بأبويا ولو أنت جنبه كنت ... أساسًا أنت متستاهلش تبقى جنبه أنا بس اللي ... استاهل اروحله 


صمتت قليلاً وهي تجلس مكانها ثم قالت : صح هو اللي هيفهمني، هو مش هيخاصمني وقت زعله ولا هيسبني لدماغي، أنتم بتعملوا معايا كده حتى رعد 


دخل رعد ثم أشار لعمار الذي هز رأسه وخرج، وقفت عشق واتجهت تقف أمام رعد ثم قالت بهدوء : أنا أسفه يا رعد


رعد بهدوء : على ايه ؟ 


عشق : على اللي قولته ليك، أنا بجد أسفه وعارفة إني غبية بس والله أنا ... 


رعد بضيق : أنتِ ايه يا عشق ؟ 


عشق وهي تمسك يده : أنا محتاجاك 


رعد بحدة طفيفة : والمفروض اعملك ايه ؟ منا كنت محتاجك يا عشق وقولتها ليكي صريحة أنتِ عملتي ايه ؟ 


عشق : أنا كنت تعبانة مكنتش فايقة لنفسي ولا للي بعمله، حطلي عذر يا رعد بحق حبي ليك


سخر بنظرته وهو يبعد يده ثم قال : حبك ! 


التفت يتجه للخارج فاردفت : أنا بحبك يا رعد، والله العظيم بحبك 


رعد وهو يلتفت لها : وايه يعني ؟ اعمل ايه ؟ المفروض افرح بعد حوالي سنتين وطفلين، بعد اللي عملتيه يا عشق


انسابت دموعها بحزن سرعان ما تحولت لبكاء مرير، جلست على طرف السر..ير تبكي وتبكي، تمتم بحدة : غبي


سمعها تقول : متعودتش على الجرح منك يا رعد، دايمًا بيجي مني


اتجه ينحني أمامها فنظرت له تعاتبه بنظرتها، تنهد قائلاً : متعيطيش


سحبها داخل أحـ ـضانه يضـ ـمها بقوة، دقائق مرت عليها حتى بدأت تهدأ تدريجي، ابتعد يتجه إلى جناحه الخاص نظرت خلفه ثم انطلقت جريًا تناديه، دخلت جناحه تناديه سرعان ما توقفت تنظر حولها 


كما ارادت وتوقعت أن تكون غرفتها، صورها مع من تحبه على الحائط كذلك لوحات خاصة بها، سارت قليلاً تنظر للباب الآخر ثم دخلت فوجدتها غرفة كبيرة يتوسطها سر..ير دائري كبير وعدة أغراض آخرى 


عشق بانبهار : واااو ايه الأوضة دي، دي أحسن من خيالي بكتييير 


ظهر الحماس على ملامحها ثم تمددت على السر..ير تفتح ذراعيها، وجدت رعد يقف أمامها فنظرت له قائلة : أنت مجبتنيش هنا ليه ؟ 


رعد بهدوء : أنتِ اللي مجتيش هنا 


عشق : نايم على النعيم دا كله وسايبني في الأوضة المنيلة دي ولا كأني الدادة، الاسم عشق الوظيفة تجيب ولاد


رعد : أنتِ عايزة ايه يا عشق ؟ 


عشق وهي تعتدل جالسة : عايزاك يا رعد، عايزة نرجع لـ ... 


تنهدت مكملة : لقبل موت أهلي 


اعتدلت عشق جالسة ثم وقف أمام رعد الذي يتابعها بملامح جامدة، مسكت يده قائلة : ممكن نبدأ من أول خالص، ممكن تعدي ليا كل حاجة عشان خاطر ولادنا، عدي غبائي وعصبيتي وأنا


رعد بهدوء : ليكي دا يا عشق 


حاوطت خصـ ـره تضـ ـمه بقوة ثم همست : والله هتغير، أنا بحبك يا رعد


رعد بتنهيد : متقوليهاش تاني مش عايز اسمعها 


فرت دموعها من عيناها وهي تقول : اتحملني لو في يوم حبتني خليني أعدي دا كله، أنا والله مش طبيعية أنا مش كدة وأنت عارف، يا رعد أنا ... 


صمتت لأنه لم يكن من طبعها إظهار ضعفها وكفى اليوم، حاوطها بيـ ـديه ولم يتحدث لقد لجأ لطريقة آخرى يكفي حنيته عليها ويكفي خصامه، ابتعد يمسح دموعها ثم رفع الهاتف يتحدث مع الخادمة أن تحضر ملابس عشق لهنا 


جلست على طرف السر..ير تضـ ـم أرجلها لصـ ـدرها تتابعه، فتح أحد الأدراج يجلس على كرسي كبير في زاوية يقرأ، وقفت عشق تساعد الخادمة في وضع الملابس في غرفة الملابس ثم خرجت


اتجهت تجلس على ركبتيها أمامه قائلة : أنا حطيت كل هدومي جوه، كلهم مملين مش هتجبلي تاني ذي زمان


ظل يقرأ دون اعطائها اهتمام وقال : خدي لارا 


عشق : بس عشق عايزاك أنت 


تجاهل الرد وهو يكمل قراءة فاعتدلت واقفه تخرج، أحضرت ابنها أسد وجلست ترضعه، علامات التعب البادية على وجهها، الهالات التي ارتسمت حول عيناها، أظافرها التي تقضمها ويـ ـدها التي تهتز ببطء وتوتر، رفعت ابنها على ذراعها تربط على ظهرها من أسفل لأعلى ثم قبـ ـلته بحنية وبدأت تجعله ينام 


وقف آدم يستند على حافة الحائط الخشبية ثم صفق بسعادة حين وجد عشق، كاد يقع فاندفعت باتجاهه بلهفة تحمله قائلة : أنت مش هتبطل شقاوة وحركة 


فتح فمه واغلقه قائلاً : هم


ضحكت بخفة وهي تجلس ثم ضـ ـمته لحضـ ـنها ترضعه هو الآخر، كاد يغلق عيناه وينام لكنه فتحها بفزع مرة آخرى فقالت : بسم الله الرحمن الرحيم، خلاص نام


عاد يغلق عيناه ونام فوقفت ووضعته على سر..يرها قائلة : أنا هدخل أخد دش


لم يرد فأكملت : يا كسفتك يا عشقي مردش 


ضحكت وهي تتجه للحمام تأخذ شاور سريع ثم خرجت مرتدية البرنص تجلس على طرف كرسيه، حاوطت عنقه قائلة : أنا عارفة أنك لسه زعلان مني، يا رب كان لساني يتقطع قبل ما أقولك او اتغابى في كل مرة 


رعد : قومي البسي عشان متتعبيش كمان ارتاحي شوية، أنا خارج 


اغلق الكتاب واعتدل واقفًا يخرج من الجناح، نظرت خلفه وسندت رأسها على الكرسي بتعب، آتى الليل ولم يأتي رعد فرنت عليه، دخل الجناح وهو يلقي الهاتف ثم اتجه يخرج ملابس مريحة واتجه للحمام 


عاد بعد وقت يتمدد بجانب أسد قائلاً : الباب اللي بره على اليمين دا باب اوضة آدم، ينام فيها ميتعودش ينام هنا كمان أسد شوية ويتنقل اوضة آدم وآدم هيروح أوضه الأساسية


عشق : طيب بس أصل أنا كنت متعودة يناموا في حضني وأنا في اوضتي 


رعد : دي اوضتك ولا متتعوديش 


أخذت الوسادات ووضعتها مكانها بجانب ابنها ثم اتجهت تتمدد بحـ ـضنه شبه فوقه، دفنت وجهه في تجويف عنقه، حسنًا لقد رغب في دفعها عنه لكنه لم يستطيع فعل هذا


عشق : أنا عارفة إن مش طايقني بس معلش استحملني بكره تتعود 


أنهت حديثها بضحكة بسيطة ثم أكملت قائلة : والله ما مصبرني على الدنيا غيرك، وما مديني أمل في الحياة قدك


مست هذه الكلمات قلبه، انتظر ان تغفو ثم حاوط خـ ـصرها يقـ ـبل جبينها، دقائق وغرق في النوم هو الآخر 


❈-❈-❈


يوم اثنان ثلاثة وعادت الأيام تمر بقسوة عليها، لا مُحال أصبح الألم نصيبها الأبدي، تُرى لو عاد سوف تنسى خزلانه وتركه لها وتكمل المشوار، فرت دموعها وهي تضـ ـم صورته معها بقوة 


حورية بحزن : وبعدين يا سيلا، هتفضلي تعيطي عليه كدة كتير 


سيلا بنبرة مبحوحة آثر البكاء : دا يوسف يا حورية، أنا مش قاهرني طلاقه ليا قد ما قاهرني حبي ليه يا حورية، حبي ليه اللي يخليني اقول يرجع بس وهسامحه وهدوس على كرامتي عشانه، دوقتي القهر من نفسك ؟ 


حورية بدموع : لو يستاهل بس، دا كلب ولا يسوى يا ريتك تفوقي على نفسك


نظرت سيلا لها قائلة بدموع تنساب : لو فوقت هخسره وأنا مش عايزة اخسره، اللي إيـ ـده في النار مش ذي اللي إيـ ـده في مايه فاترة، سنتين وأنا بحلم ببصه منه بدعيله في صلاتي وبطلبه من ربنا، كان في حضـ ـني وبين إيـ ـدي وأنا والله ما عملت معاه حاجة غلط ولا زعلته مره، أنا كنت باجي على نفسي وراحتي عشانه 


أكملت ببكاء وقهر : هو قالي إنه لمس زينة قبل كدة بمزاجه واكتر من مرة، أنا اتقهرت والله اتقهرت عارفة يعني ايه اللي بتعشقيه يلمس واحدة تانيه، يشاركها حقك يا حورية بس حطيت جزمة في بوقي وسكتت عارفة ليه ؟ عشان بحبه بس وقهرتي وحزني ميجوش حاجة في بُعد يوسف يا حورية


صمتت قليلاً ثم قالت ببكاء مرير : أنا جوايا كتير اوي بس هدفنه لو رجع


زاد بكائها وهي تصرخ باسمه بينما التمعت أعين حورية بقسوة وهي تقول : معلش كل ما الدوا كان مر كل ما الشفا هيزيد. 


❈-❈-❈


وصل رعد إلى المنصورة مع ابنيه، عشقه، عمار والدادة، اتجه لأعلى وهو يحمل آدم الذي يقـ ـبله بطفولية مبالغة، فتح عمار باب الشقة يدخل وخلفه الجميع 


" بابا أحمودي، حبيبي يا بابا، عشقي قومي يا بابا الأكل، الخزنة عندك خدي اللي عايزاه، أجـ ـوزك ؟ دا أنا اتجنز قبلها ولا اتخلى عنك، أنتِ روح باباكي أزاي بس تزعلي مني "


فرت الدموع من عيناها سرعان ما مسحتها وهي تجلس على الآريكة، مسدت عليها بكفها قائلة : لو يرجع الزمن لحظة، احضنك فيها بس واحس بوجودك، الواحد مبيقدرش قيمة الحاجة فعلاً إلا لما بتروح 


أتاها نبرة رعد الباردة، أجل الباردة فهي خلت من الدفء الذي يبثه لها في نداء، فقال : يلا هنروح المقابر، قومي اغسلي وشك واتوضي تاني 


وقفت واتجهت له تضـ ـمه، لم يتعب نفسه ويرفع يـ ـده يحاوطها أجل فهو منذ شهر قرر استخدام بروده عليها، ذات يوم تزينت في هيئة بسيطة ولكنها جميلة تليق بها، ثم اتجهت له في المكتب 


عشق بمرح وهي تدخل رأسها : ممكن ادخل 


رعد بهدوء : ورايا شغل يا عشق، متعطلنيش


فتحت الباب ودخلت تغلقه خلفها قائلة : الشغل أهم من عشقك ؟ ركز معايا نصايه بس بعدين ارجع لشغلك 


دارت حول نفسها مكملة حديثها بمرح : ايه رأيك فيا ؟ أجنن صح ؟ 


لم ينظر لها فقد قال بهدوء : كويسه روحي بقى 


عشق بعبوس : كويسه ولا اجنن ؟ قولي تجنني يا عشقي


رعد بضيق : عشق مش فاضي للعب ده 


خرجت تغلق الباب بقوة وغضب، اتجهت لجناحها قائلة : أنا هاخد موقف ولو جيه يصالحني مش هصالحه بسهولة بس كدة


اعتدلت جالسة تنتظر قدومه لوقت طويل لكنه لم يأتي، مر ساعة ساعتان والوضع كما هو حتى غفت، استيقظت وجدت نفسها على سر..يرها فاعتدلت جالسة مقررة أخذ موقف قوي وخصامه 


يوم .. يومان .. ثلاثة وهو لا يعبء 

فرت الدموع من أعينها وهي تكتب في نوتة صغيرة " عشق تُحارب ذاتها " اغلقت النوتة وجلست تنتظره، دخل رعد دون الأهتمام للحديث معه فوقفت واتجهت خلفه، دفعت باب الحمام ودخلت تغلقه 


عشق : مين المفروض ياخد موقف ؟ 


رعد بهدوء : أنا مخدتش مواقف، أنتِ اللي زعلتي وخدتيه لوحدك


اكتفت بهز رأسها وهي تحاوط عنقه تضـ ـمه قائلة : أنا معاك لآخر لحظة وآخر أمل وآخري، بعدها متلومنيش 


رعد بهدوء : اخرجي عايز اخد دُش


زادت من ضـ ـمه قائلة بتنهيد : استمتع بالحضن ده جايز توصلني لمرحلة متلاقيهوش 


رعد بانفعال وهو يدفعها : متقدريش يا عشق، معتيش تقدري تعملي حاجة ولا تبعدي


انسحبت تدريجي تخرج من الغرفة ثم اتجهت تجلس على سر..يرها، عادت تخرج النوتة ثم كتب " اعتادت عشق على حنينه، لم تعتاد على قسوته " 


تنهدت وهي تقف أمام قبر والدها، يا ليت ويا ليت ... يا الله لو خيرتها بين العالم وأبويا سوف تختارهم، فقط قُم بتخيرها، دقيقة في حضـ ـنه فقط وحرف يخرج فيه صوته، ضحكة من القلب معها تبني عليها عالم، يا ليت أحدهم يحبها بقدر حبه لها او مثقال ذرة من حبه 


عشق وهي تربط على قبره : في يوم قولت أنا بكرم الدنيا عشان عشق، وقتها كنت عايزة أقولك والدنيا كلها بتكرمني عشان خاطرك يا نور عيني 


تنهدت وهي تنظر حولها فوجدت رعد يفعل كما يفعل مع أبويه، يوزع الصدقات على الفقراء والمصاحف الكريمة، عمار يقف بجانبها أمام قبر نور والدموع تفر رغمًا عنه، آتى يوسف مع زينة وكانت الصدمة بالنسبة لها مهلاً عاصم أيضًا 


ربط يوسف على ظهرها وهو يُقـ ـبل جبينها قائلاً : مقولتيش إنك جايه


عشق : رنيت وأنت مردتش كالعادة يعني بقالك شهر، يا زين ما وصيت يا بابا 


يوسف بتنهيد : مش فترتك خالص، على كل حال متزعليش يا ستي 


عشق : مش فاهمة حاجة 


يوسف : هقولك لما نروح، الوقت مش وقتك الوقتي 


هزت رأسها بتأكيد فاردف عاصم بإبتسامة : وحشتيني يا عشق


عشق باستنكار : متشوفش وحش، رايحة أشوف رعد


وقفت بجانبه وهو يخرج كافة الصدقات للمحتاجين، ابتسمت بعشق وهي تتأمله ثم حاوطت خصره بيـ ـده، رفع أحد حاجبيه باستنكار وهو يبعد يـ ـدها ثم أكمل ما بدأ 


❈-❈-❈


نزلت حورية من التاكسي متجهة إلى منزلها لكن قطع طريقها آدم، ابتسم بخفة وهو يمد يـ ـده بباقة ورد حمراء لها فضحكت ساخرة ثم التقطتها ترميها على الأرض 


حورية بانفعال : دا قيمتي 


آدم باستغراب : لا مقصدش، مالك مش طبيعية 


حورية بزفير : مليش يا آدم، أنت جاي ليه ؟ 


آدم بضيق : هو ايه اللي جاي ليه يا حورية ؟ أنا جاي عشانك وعشان أعرف مطلوب مني ايه عشان ترضي وترجعي 


فكرت قليلاً ثم قالت : أنت جبت الورق وأنا مستفدتش منه بحاجة وقطعته كله، الوقتي بقى أنا عايزة استفاد، عايزني ؟


آدم بهدوء : أنا بحبك 


حورية بتأكيد : تمام، مبدئيًا تطلق مر..اتك التانية وتجبلي ورقة الطلاق اشوفها قبل ما تروحلها، كمان تحطلي نص مليون جنيه في حسابي لأنك غدار وأبقى ضامنه حقي كمان .... عايزة 


صمتت قليلاً وهو يهز رأسه مشجعًا إياها أن تكمل، اكملت قائلة : عايزة تعملي ڤيلا منعزلة جديدة أنا أول حد يسكنها وهختار العزال فيها بنفسي والوانها، أنا اول حد يسكنها


همس بخفوت وعجز : ڤيلا جديدة ونص مليون 


حورية : لو مش عاجبك متورنيش وشك تاني يا آدم


اتجهت لمنزلها فانحنى يحمل الورود قائلاً : بتعجزيني يا حورية، مش هعجز وهتجـ ـوزك 


أجل فآدم منفصل انفصال تام عن أملاك والده، لم يقبل أي مساعدة من أباه منذ البداية، لقد كون ثروة كبيرة خاصة به لكن من غبائه وعشقه لحورية كتب لها معظم ما يملك كهدية، أراد أن يخبرها في يوم زو..اجهم لكنها هدمت شيء، والآن هو لا يمتلك شيء سوا شركته وبعض الأموال التي تكفي للمبلغ الذي طلبته ليس للڤيلا وما ترغب


نظر للورود ثم أكمل : أنا اللي عملته في نفسي، هي كانت في حضـ ـني ومر..اتي وبتحبني، أشرب يا آدم


ترك الورود مرة آخرى تقع على الأرض ثم ذهب، خرجت حورية تحمل الورود وتضـ ـمها لحضنها قائلة : بتعرفوا تجرحوا حلو اوي، أنت يا آدم أو يوسف وغيركم، بس عادي ما أحنا كمان بنعرف نجرح، بس الفرق إن أحنا جرحنا والقبر.


❈-❈-❈


جلست عشق تستمع لما يقول يوسف وعلامات الزهول تتصاعد على وجهها، هذا ما يسمى " بالغدر " أجل إنه الغدر الذي يلي غدر الموت، إنسان يكون لك الحياة وفي لحظة يأخذ منك الحياة هذه، وسلامًا على من أذوقنا من المر ما لم نشاء، لا سامحكم الله ولا عفا عنكم، واذاقكم مما اذقتونا بحق ما فعلتوه فينا 


عشق بزهول : أنت يا يوسف ؟ أنت تعمل كده ! وفي مين ؟ في سيلا 


يوسف بجمود : كدة أفضل، أنا غلطت من البداية لما دخلتها حياتنا 


عشق بنبرة يغلبها الألم : لأول مرة اكتشف أننا شبه بعض، والشبه دا يحزني يا يوسف، يوم سبوع أسد زينة قالت ليا كلام يشبه كلام عاصم وقتها أنا سمعت سيلا كلام أنا عمري ما اقبله على نفسي حتى لو واخدة واحد من عياله، وهي سكتت وبعدت، هي قدرت تبعد عني وأنا الوقتي نفسي في فرصة واحدة تخليني اكلم صاحبتي مرة تانية وسبحان الله هي مدياك كل الفرص بس أنت مضيعها


يوسف بزفير : ربنا يكفيكي شر القفلة من حد، هي صفحة واتقفلت والوقتي أنا فرحان مع زينة والحكاية خلصت


عشق بدموع تنساب : مخلصتش، مفيش حاجة بتخلص غير بالموت يا يوسف، أنا نفسي معتش عارفة اللي بيحصلي دا ذنب مين، ذنب بابا ولا ذنب نور ولا ذنب آدم ابني ولا ذنب سيلا ولا ذنب رعد، أنا معتش بنام يا يوسف، الراحة اللي بتبقى موجودة ساعة الأذى بتتحصر على ربعها لما بتعدي


يوسف وهو يقف : أنا مغلطتش يا عشق، هي اللي دخلت حياتي، يلا أنا طالع زمان زينة مستنياني


عشق بتنهيد : اطلع يا يوسف اطلع 


اتجه يوسف للخارج وصعد لأعلى، رنت عشق على حورية تعاتبها على إخفائها الأمر، ردت حورية قائلة ببرود : الو 


عشق : يا ندلة يعني وصلت يوسف يسيب سيلا ومترنيش وتقولي 


حورية بضيق : واقولك بتاع ايه ؟ كنتِ مين معلش عرفيني ؟


عشق بصدمة : نعم ! حورية أنا عشق 


حورية بانفعال : أيوة عشق مين ؟ تبقالنا ايه عشان تعرفي ؟ على كل حال وصلي لابن عمك إنه خير ما عمل خلصها من شبه راجل ذيه ... اة حاجة كمان ليكي وليه اعرفوها قوليله حورية بتقولك أنت وبنت عمك كلاب متسوش ولا تستاهلوا تتعاشروا اتفوا على معرفتكم كانت معرفة سودة .. عيلة بنت ستين كلب


اتسعت أعين عشق بزهول لتجد الهاتف يخرج صفير دلالة على إنهاء المكالمة، فرت الدموع من عيناها سرعان ما مسحتها وهي تجد رعد يدق الجرس، فتحت الباب تستقبله عقب صلاة المغرب في المسجد 


عشق : رعد كويس إنك جيت، تعالى أقولك اللي حصل 


" أقولك وتطيب خاطري بكلمة، أنا محتاجة ده " تنهدت وهي تكمل : مش يوسف طلق سيلا 


اكتفى بهز رأسه فاردفت بحزن : أنا اتفاجئت دا هي بتحبه اوي يا رعد


رعد ببرود : ميستاهلش الحب ده ودا المتوقع، آدم .. يا آدم 


خرجت الدادة بابنه فأخذه بين يـ ـديه مكملاً : أنا هنزل القاهرة بآدم وبكرة هنيجي 


عشق باستغراب : هتسافر ليه ؟ خليك مش مستاهله دا مسافة الليل 


رعد وهو يُقـ ـبل وجه ابنه : لا هننزل، تصبحي على خير 


اقتربت تمسك يـ ـده قائلة بلهفة وحزن : يا رعد خليك أنا محتاجاك اوي، حورية صاحبتي سمعتني كلام وحش كتير اوي، دي بتقولي أننا أنا ويوسف كلاب منسواش و ... شتمت عيلتي كمان، أنا بجد زعلانة اوي 


أجاب رعد وهو يسحب يده : ما الحلو اللي في العيلة مات خلاص


جملة قالها ولن ينساها أكثر منها، نظرتها له الحزينة التي كانت تنتظر جبر خاطرها وقابلها بكسرة، زفر وهو يسحب يـ ـده ثم قال : سلام عليكم


عشق بلهفة : يا رعد خليك ... رعد 


لم يرد عليها بل أخذ ابنه وذهب، جلست على طرف الأريكة تعاتب نفسها على ما فعلته من البداية، معاملتها مع أمها وغيرتها منها يليها والدها وحزنه الدائم منها وهنا تذكرت ما كان يقوله الجميع له بسبب حبه لها، فرت دموعها وهي تحرك رأسها بأسف، ودت لو تطلق صرخة من أعماقها 


عشق : يا رب أشوف بابا خمس دقايق بس قدامي، يا رب احـ ـضنه واحـ ـس بوجوده، أنت قادر على كل شيء يا رب وعارف إني معتش قادرة وتعبت من غيره، أنت خليته ليا الدنيا وما فيها 


اجهشت بالبكاء وهي تهمس : ونور ! نور حبيبتي اللي مش بفتكرها، نور اللي ملحقتش تتهنى بحاجة 


انفجرت باكية وهي تلطم خديها بخفة صارخة : أنا ليه حصلي دا يا رب، مكنتش تديني حاجة من الأول مكنتش عايزاهم في حياتي، كنت دوقني المر مكنتش عايزة الحلو دا كله وميكملش، أنت ادتني بابا وماما ورعد وخدتهم مني في لحظة


زاد بكائها وهي تعتدل واقفه ثم اتجهت لأسفل، سارت وهي لا تعي لشيء سوا حزنها وألمها الذي ازداد


بينما يقود رعد سيارته ولا يخلو تفكيره منها، شعر بتغيره نحوها وزيادة قسوته عليها وهي لا تستحق هذا، رن ندائها عليه في اذنه مرة آخرى؛ فادار السيارة سريعًا يعود لها 


رن هاتفه برقمها فأجاب قائلاً : أيوة 


عشق : رعد 


رعد : معاكي 


عشق بحزن : معايا ! معايا أزاي ؟ أنت مش معايا، أنا أصلاً محدش معايا، غلطت وكتير بعترف بس ... أنا أول مرة اقول ده بس أنا محصليش قليل، أنا حصلي اللي يجنني يا رعد، استنيت التقدير منك أنت لأنك معتش ليا حد في الدنيا غيرك بس أنت مفهمتنيش، أنا كنت محتاجة حضـ ـنك بس خصمك، كنت محتاجة تنسى مش تقسى، أنا ضيعت خلاص والله حاولت بس لقتني لوحدي


رعد وهو يزيد من سرعته : أنتِ فين ؟ 


عشق بتعب : مش عارفة، يا رعد 


استمع لصوت السيارات فاردف : عشق اطلعي فوق أنا راجع اهو 


عشق : اسمعني 


رعد بحدة : اسمعيني أنتِ يلا 


صعدت على الكوبري العالي قائلة : لو وصلت ليا ارجع عشاني، ولو اتأخرت اعرف إن ده طلبي من ربنا، واعرف إني والله بخاف منه بس .... 


صمتت وهي تسير بخطوات مبعثرة ثم صرخت وهي تقع على الطريق وفجأة وجدت سيارة مسرعة تأتي باتجاهها، عادت تصرخ قبل اصطدامها بها ثم اصطدمت بالأرض 


تعالى صوت الناس وهم يقولوا : لا حول ولا قوة إلا بالله، مين دي ؟ مش تحاسب يا عم حرام عليك، رنوا على الإسعاف دي غرقت في دمها، بينها ماتت ولا ايه ! 


همس بصدمة وخفوت : عشق. 


❈-❈-❈


" ثلاثة أيام من العمر "

جلست على حافة تمرر قدميها في المياة، انسابت دموعها بحزن وعبست ملامحها وهي تجد نفسها تجلس في هذا المكان وحيدة، رفعت وجهها تتنهد بصوت مسموع فأتاه صوت اشتاقت لا لم تشتاق فقط بل كادت تموت شوقًا لاستماعه 


عشق بلهفة : بابا 


جلس بجانبها قائلاً بضيق : ليه التنهيدة دي، دايمًا مستعجلة على رزقك 


هتفت مرة آخرى بعدم تصديق : بابا 


أحمد بإبتسامة : أيوة بابا وجيت مخصوص عشان أقولك المكان اللي أنتِ مش فيه وحش اوي يا عشق


اهتز جـ ـسدها ببكاء وهي تقول : أنت وحشتني اوي، الدنيا دي وحشه من غيرك، ارجع او خدني 


أحمد بتفكير : أممم معتش ينفع أرجع ممكن أخدك بس هنسيب رعد وآدم وأسد لمين ؟ 


عشق بتفكير : اة هسيبهم لمين ؟ رعد حبيبي ممكن يتجـ ـوز لو جيت ليك 


تعالت ضحكاته بينما تذمرت وهي تنظر له ثم قالت : متضحكش عليا، أنا بتكلم جد على فكرة، ينفع ناخدهم هنا معانا ؟


هز رأسه بالنفي ليردف : عندي فكرة حلوة 


عشق بلهفة وفضول : ايه هي ؟ 


رفع يـ ـده يمـ ـسك أسفل عيناها، عادت تنهمر دموعها وهي تشعر بلمـ ـسته كذلك ترى نظراته الحنونة، أغمضت عيناها لبرهة تستمتع باللحظة، تحدث بإبتسامة : تقعدي معايا هنا شوية بعدين ترجعي ليهم وتعيشي معاهم لحد ما يجي يومك وتجيلي برعدك ذي ما نوري جات بيا ونعيش كلنا سعداء بس بعد ما نطمن على الحلوين الصغيرين 


عشق بتساؤل : طيب أنا هقعد من غيرك سنين أزاي ؟ أنت نسيت أنت ليا ايه ؟ 


نظرته المشتاقة لها والتي تتوق لبقائها بجانبه تراها في عيناه، تحدث بحنية : تعرفي يا عشق أنا كنت بحب والدتي اوي اوي ولما ماتت زعلت جدًا بس عيشت كذلك هتعيشي من بعدي والعمر هيعدي وهيجي الليلة اللي هتنامي فيها وأنتِ جواكي لهفة ووجع وحزن على فراق ولادك بس هيبقى دا الحل الأنسب والرحمة من ربنا 


عشق ببكاء مكتوم : ممكن تحضني 


سحبها داخل أحضـ ـانه يضـ ـمها بقوة ثم سمعته يقول : عز عليا فراقك يا عشق، والله عز عليا أنا كمان 


تنهدت ودموعها لا تتوقف عن الإنهمار وهي تزيد من ضمه، في وقت كانت لا تعرف قيمة هذا الحضن، وفي وقت آخر تتوق شوقًا للحظة فيه والآن قد نالتها. 


مررت نور يـ ـدها على شعر عشق التي التفتت تنظر لها بلهفة قائلة : نور 


نور بإبتسامة : يا عيونها 


عشق ببكاء مرير : أنتِ اللي عيوني، كدة يا نور تسبيني بالسرعة دي، هونت عليكي ؟ لحقتي تشبعي من عشقك، كدة توجعي قلبي عليكي 


نور بلهفة : بجد يا عشق زعلتي عليا 


فتحت عشق فمها بصدمة يليها بكاء أكثر بصوت مرتفع وهي تضمها بقوة، بكاء عليها وعلى قسوة قلب عشق التي اوصلتها لهذا، بكاء على حياة أمها القصيرة 


" أة " على ألم ازداد بعودتهما لها، تنهدت وهي تستمع بحضن كلاهما لوقت طويل، تحدثت معهما كثيرًا وبدأت تقص عن أولادها ثم عمار وافعاله كذلك رعد وانهت حديثها بحزن من أفعال يوسف، بكت وضحكت وهي تتأكد من وجودهما، ما أعظمك يا رب العالمين ! رحمتك ولطفك بعبادك فاقت كل التوقعات 


غفت داخل أحضـ ـان والدها وهي تضـ ـم نور، استيقظت على وجههما وإبتسامتهما الدافئة فعادت تبكي قائلة : مش عايزة اسيبكم 


أحمد وهو يمسح دموعها : أنتِ معانا اهو يا عشقي 


صرخت ببكاء : معاكم لأمته يا بابا أنا هسيبكم، أنا مش عايزة اسيبكم يا نور 


أحمد وهو يمسح دموعها : طيب ورعد ؟ 


عشق باستغراب : رعد ! 


رعد يتمزق كل لحظة تمر عليه وهي غافية، رعد لأول مرة يخشى شيء، لأول مرة يكون لديه قلة يقين باستيقاظها، يفكر في قسوته التي قرر استخدامها معها حتى تتعلم الدرس لكن فالتذهب للهاوية قسوته ورغبته في تغيرها، يكفي وجودها فقط تستيقظ، استيقظي يا عشق فالرعد بدونك لا شيء 


ثلاثة أيام مروا عليها ثم خرجت من غيبوتها الرائعة، خرجت مما ارادت وحدث ليصلح بداخلها جروح كثيرة، فتحت عيناها تنظر للطبيب ثم الممرضة 


الممرضة : دكتور، يا دكتور المدام فاقت 


الطبيب : حمدلله على سلامتك، أنتِ سمعاني ؟


عشق بتعب : رعد فين ؟ 


الطبيب باستغراب : رعد ! جـ ـوز حضرتك صح ؟


عشق : أيوة 


أشار للممرضة التي خرجت وقال : حاسه بحاجة ؟ صداع دوخة ... 


هتفت بلهفة : رعد 


اتجه سريعًا لها يمـ ـسك يـ ـدها، ضغطت على يـ ـده ثم نظرت حولها، عادت تنظر له قائلة ببكاء : رعد أنا مش حاسه برجلي، يا رعد رجلي 


نظر رعد باتجاه الطبيب قائلاً : ابعتلي دكتورة حالاً 


حاوط خـ ـصرها يرفعها ثم اعتدلت نصف جالسة، اقترب يُقـ ـبل جبينها بتطويل ثم قال : أنتِ كويسه بعيد عن رجلك ؟


عشق بتأكيد : أيوة كويسه اوي، أنت متعرفش أنا كنت فين، أنا فرحانة


اغمض عيناه بقوة ثم انحنى يضـ ـمها دافنًا وجهه في عنقها، رفعت عيناها للطبيبة التي أتت وأشارت بيـ ـدها بمعنى قليلاً وتفحصها، تفهمت الطبيبة الوضع وخرجت 


عشق وهي تربط على ظهره : أنت زعلان مني أنا عارفة، أنا كنت غبية


ابتعد قليلاً ليردف : مش زعلان منك يا عشق، بالعكس، أنا بحبك يا عشق، اقدر اتحمل كل حاجة في الدنيا إلا إني اخسرك


عشق بإبتسامة : عرفت قيمتي 


مرر إبهامه على وجنتها ثم عاد يضـ ـمها قائلاً : اة عرفت، أنا أصلاً عارف من زمان


عشق : معتش تزعلني يا رعد لو سمحت، أنت الزعل منك وحش ومش معتاد 


رعد بإبتسامة : حاضر 


عشق بعبوس : أنا زعلانة منك، تصالحني لو سمحت 


ابتعد قليلاً يعود ويقول : حاضر 


عشق بإبتسامة : أنا بحبك 


رعد بتأكيد : عارف 


عشق بمرح وهي تحاوط عنقه بيـ ـدها اليمنى : طيب هات بو..سة بقى قبل ما الدكتورة تدخل 


نفى برأسه وهو يقرص أنفها، تساءلت بتفكير : أنت مسبتنيش ليه ذي ما سيبتك ؟


حرك رأسه كأنه يفكر في الإجابة ثم قال : جايز مثلاً عشان أنتِ قلبك أسود وأنا لا 


عشق بضيق : رعد 


ضحك بخفة ليردف : خلاص جايز عشان برضو أنتِ كنتِ مجنونة إنما أنا الوقتي في كامل قوايا العقلية 


عشق : أوووف طيب أنا نايمة من أمته ؟


طبع ثلاث قبـ ـلات على ثغرها وهو يقول : تلت أيام 


عشق بمرح : مكنوش يبقوا سبعة، طيب ما تقولي كام ساعة كدة ؟ 


تعالت ضحكاته قائلاً : لا دي حسبة أكبر محتاجة نروح بعدين اقولهالك 


دقت الطبيبة على الباب ثم دخلت، وقف رعد بجانب عشق بينما بدأت تفحصها، لم تهتم عشق بالأمر فهي حقًا سعيدة بعد أكثر من عام من البؤس والحزن، تنهدت الطبيبة قائلة : مش حاسه بأي حاجة يا مدام عشق 


عشق بتوتر : لا 


قامت الطبيبة بشك قدمها بإبرة، مـ ـسك رعد يـ ـدها يُقبـ ـلها ثم ربط على ظهرها قائلاً : متخافيش 


الطبيبة بقلق : محستيش برضو 


عشق : لا هو أنا كدة اتشليت صح ؟ 


الطبيبة : خير إن شاء الله متخافيش، أنا هنادي لدكتورة أعصاب كويسة وبإذن الله يكون الأمر سهل


عشق باستغراب : اومال حضرتك دكتورة ايه ؟ 


الطبيبة : عظام، هكون موجودة برضو، حمدلله على سلامتك شوية وراجعة


عشق وهي تحرك كتفها بلامبالة : الله يسلمك


جلس رعد بجانبها يمسك ذقنها قائلاً : متخافيش


عشق بضحك : متخافش أنت، كل دقيقة متخافيش متخافيش أنا مش خايفة أنا سعيدة جدًا أصلاً ومش شلل اللي يعكرلي مزاجي 


رعد بإبتسامة طفيفة : ساعات بحسك جاية من الفضاء، حاجات صغيرة تكبريها وكبيرة تصغريها، أنتِ مختلفة عبيطة وطيبة وأحيانًا شديدة وصعبة، المهم إني فهمتك 


عشق وهي تقـ ـبل وجنته : المهم إني بحـ ـبك، عايزة أشوف دومي وأسدي بقى وحشوني ولاد الجزمة، أنا منستهمش بس أبوهم أكل عقلي وتفكيري 


طرقات على الباب ودخل يوسف مع عمار الذي قال : مو معقول بوتجاز تسعة شعلة صحت 


عشق بحدة : out 


يوسف باستنكار : الله يرحم أيام الشوربة اللي كانت بتتشرب بخرطوم الغسالة، ولا البيبسي اللي بيتشرب في الأوله 


عشق بعدم فهم : فين ؟ 


يوسف : هي بتتقال مرة واحدة


عشق : عيال مش أنا اتشليت مش عارفة دعوة مين ابن ستين كلب اللي دعاها 


رفع يوسف يـ ـده قائلاً بمرح : أنا ... هو أنا ليه حاسس رعد مش طايقني 


نظرت عشق باتجاه رعد الذي تجاهل الرد، همست عشق له : سيلا 


اكتفى بهز رأسه ولم يعطي مجال لفتح الحديث فيما يخصها بينما هناك تحرك رأسها للأمام والخلف وهي تبكي دون توقف، حاولت الرن للمرة الألف لكنه مُغلق، لقد تخلى عن رقمه بسببها وبسبب كثرة رناتها 


أغمضت عيناها تضـ ـم ركبتيها لصـ ـدرها، تذكرت ذات يوم حين حملها على كتفه يجري بها كالمجنون وهي تضحك، كذلك يوم وقف خلفها كالطفل يرغب من الحلويات التي تفعلها، كيف أنه اغضبها ذات مرة فاتجهت للغرفة تنام، تسلل حينها لحضـ ـنها يضـ ـمها فبادلته وكأن شيء لم يكن 


فرت دمعة يتيمة على خده وهو ينظر للمكان التي كانت تنتظر فيه لتراه، هي تنتظره وهو ينتظر الخلاص من هذه الحياة، تخلى عنها لأنها سبب سوء بينه وبين عائلته، وبعدته عن عالمه الحقيقي، وجعلته كالهارب، و و و و يضع الكثير والكثير من الأوهام التي يده فيها قبل يدها 


حاوطت زينة خصـ ـره من الخلف تضـ ـمه، ابتسمت بخفة قائلة : اللي واخد عقلك، اكيد أنا معروفة 


يوسف بهدوء : أممم 


زينة وهي تقف أمامه : يا ريت عشق مرجعتش القاهرة، المفروض تروحلها صح ؟ 


يوسف بزفير : لا مش نازل القاهرة 


ارتسم الامتغاض على ملامحها كذلك الضيق مما يقول فهي تعلم أنه وإن لم يرغب في الذهاب فهو بسبب سيلا، أي ما زال لها تأثير قوي عليه 


دق جرس الباب فاتجهت تفتحه، دخلت والدة زينة قائلة بضيق : المحروس هنا 


زينة بتأكيد : أيوة في البلكونة 


أمنية وهي تجذب يـ ـدها للصالون : تعالي يا بت عشان ميسمعش، قوليلي عملتي الإختبار


زينة بضيق : ملوش لازمة يا ماما البريود لسه ماشيه من خمس أيام، يعني أنا مش حامل 


أمنية بحدة وغيظ : أزاي مش حامل، أنتِ بتستهبلي، يوم الجمعة هنروح نكشف عليكي 


زينة بزفير : حاضر يا ماما اللي تشوفيه 


أمنية بضيق : يلا أنا نازلة اعمل أكل، سلام 


اتجهت للخارج بينما اغلقت زينة الباب خلفها تستغفر بضيق، وقفت أمنية في المطبخ تطهو الطعام وتفكر في ابنتها، وقف عاصم بجانبها يتناول حبة فاكهة


عاصم : بخاف من سكوتك والله


أمنية بتفكير : واد يا عاصم


همهم لتكمل : يوسف جـ ـوز أختك اتجـ ـوز المحروسة اللي ما تكسب وقعد معاها شوية حلوين كمان متجـ ـوز أختك من فترة مش بطالة وبقاله شهر ونص معاها، أختك واللي ما تتسمى محملوش الاتنين 


توقف عاصم عن تناول الفاكهة قائلاً : تقصدي يوسف مبيخلفش


أمنية بانفعال : دي تبقى مصيبة ووقتها مش هسيب بنتي تقعد لحظة على ذمته 


عاصم وهو يقضم التفاح : اهو دا اللي ناقص. 


❈-❈-❈


في تركيا 

مررت ديرين أناملها على جبين طفلتها ذو الخصلات العسلية مثل عيناها، مسحت دمعة يتيمة سقطت على خدها وهي تتمنى لها الأفضل، ضمتها لحضـ ـنها شاكرة ربها على عودتها لوطنها وأنها تحت حماية " رعد الشافعي " ذاك الجزء الأفضل فيما رأته من أنانية عاصم ويوسف الذي اخبرها ان تعود لعاصم 


" لا تسلمي قلبك لمصري " 

هذا ما كتبته لابنتها في أول صفحة في مذكراتها، تنهدت وهي تكتب في الثانية 

" تعتقدي أنه يمكنه إعطائك الحب لكن الحقيقة أنه لا يعطيكي سوا الغدر " 


انسابت دموعها بحزن وهي ترسخ ما عاشته في هيئة كلمات لابنتها، معناة عاشتها مع عاصم بثته لصغيرتها التي لا تعي لشيء نهائي فهي ما زالت تسكن في قوقعة خاصة بها. 


❈-❈-❈


" ناس كتيرة ممكن تشوف إني خسرت القدرة على المشي، بس الحقيقة إني كسبت كتير اوي، لو جات على قد رجلي فالحمد لله، جوايا حاجات كتيرة كانت مكسورة ومتهشمة صلحها بابا وماما، واللي اتأذى عالجه رعد 

اكتشفت إن ربنا فعلاً بيحبني، بابا وماما ورعد وعمار وآدم وأسد، قد ايه ربنا عظيم، جايز خد مني حاجة متتعوضش بس أنا متأكدة إن في حاجات حلوة كتيرة مستنياني "


تنهدت بإبتسامة واسعة وهي تتلقي قُبـ ـلة على وجنتها من رعد، نظرت له قائلة : أنت هتفضل تعيش دور الأخوات دا كتير  


ضحك بخفة مؤكدًا : أيوة، أنا أصلاً بدور على عرو..سة 


عشق بعبوس : متقدرش أنا ربطاك بعيلين 


ضغط على وجنتها بين أنامله ثم قَـ ـبل قمة أنفها، أشارت على خدها يُقـ ـبله ثم قرب وجهها قائلاً : تيجي اخطفك 


عشق بضيق : وأنا كدة طيب استنى أما امشي 


رعد : لا وأنتِ كده عشان لما تعصبيني أعرف اعاقبك 


عشق بإبتسامة : اهون عليك ؟


رعد بإبتسامة : لا 


عشق بتنهيد : هعمل العملية امته بقى ؟


اعتدل جالسًا ليردف : سبب ننكد على الصبح، طيب يا ست عشق العملية هتبقى يوم الخميس وهنقعد فترة طويلة شويتين علاج طبيعي بعدين محدش هيعرف يوقفك


عشق بحدة : تمام لحد ما اقوم لو سمعت همسة بتقول إنك في فسفوسة بنت حواليك هنزل سوا 


رعد بضيق : أنتِ مجنونة 


ردت بنبرة تسلية : بيك يا حلو يا ابو العيون الخضرا أنت 


رفع حاجبه بمعنى " حقًا " ثم انزله يعتدل واقفًا، اتجه لغرفة الملابس يخرج ملابسه ثم عاد يتجه للحمام، اعتدلت جالسة تتابعه وهو يصلي ثم اتجه لها


رعد وهو يربط على شعرها : يلا أساعدك تاخدي دش وتفطري بعدين هروح شغلي 


عشق بهدوء : الدادة تساعدني مش عايزة اتعبك 


انحنى يحملها قائلاً : لما ازهق هخلي الدادة تيجي لوحدي، بس لحد ما ازهق أنتِ مسئولة مني في كل حاجة، بعدين الدادة عمرها ما تبقى ستر وغطا عليكي اكتر من جـ ـوزك، وفوق كل دا محبش حد يشوف حاجة تخص مر..اتي


عشق بإبتسامة : أنت بتحسسني أنك متجـ ـوز ملكة جمال العالم 


رعد بتأكيد : حقيقة أنا متجـ ـوز أحلى واحدة في الدنيا 


وضعها على طرف البانيو يجلس بجانبها وبدأ يساعدها دقائق وخرج بها تجلس تؤدي فرضها، رفعها على سر..يرها ثم احضر ابنيها بجانبها كذلك احضرت الدادة الفطار يتناولوه سويًا 


وقف آدم بجانب رعد يفتح فمه قائلاً : ببا ببا همم 


مـ ـسك رعد فكه يضع قطعة من الجبن في ثغره الصغير، هتفت عشق بضيق : عيل بارد، الدلع كله لآدم وجذر 


وضع رعد يـ ـده على فـ ـمه باستفزاز قائلا : هششش 


فعل آدم نفس حركة أباه قائلاً : هث 


عشق بصدمة : أنا 


ضحك رعد وهو يضـ ـم ابنه بقوة، ضحك الصغير مثل رعد لتردف بغيظ : بيقلدك، هيبقى نسخة منك الحمار ده 


رعد بإبتسامة : دول ولاد يا ماما مش بنات، بطلي غيرتك دي يلا انا رايح الشغل عايزة حاجة 


عشق مشيرة على ثغرها : سُكر عشق 


نظر لابنه ثم انحنى يُقـ ـبلها بسرعة وخرج، ابتسمت بخفة ومرت الأيام بسعادة عليها حتى آتى يوم العملية، دخلت عشق وبالفعل قامت بالعملية التي نجحت 


بدأت جلسات العلاج الطبيعي التي كان فيها رعد معها خطوة بخطوة، تنهدت بإبتسامة وهي تجده يتمدد وآدم فوقه يتحدث معه كأنه شاب ناضج يفهمه، أبناء رعد يتعلقوا به أكثر منها وما كان يضايقها في الأمر أنه ربما رعد ينشغل بأولاده وينساها، لم تكن تشعر بالغيرة من رعد فهي تعلم مدى قدرة سحره على الآخرين فكيف بأولاده 


لارا في نهاية حملها وقد تملك منها الإرهاق والتعب، دائمًا تجلس على إنتظار خطوة من أدهم تجعلها تقول انه يحبها لكن ما يفعله يثبت أنها لا تمتلك قيمة داخله 


جلس رعد في الحديقة يلعب مع ابنيه، ضحك أسد بطفولية كذلك آدم الذي بدأ يصفق وهو يدور حول نفسه، ارتمى الصغير فوق رعد الذي ضحك بخفة


لارا بإبتسامة : رعد اتغير اوي مع ولاده 


عشق بتأكيد : أيوة، هما كل أما بيتعلقوا بيه أكتر، بيفكرني ببابا اوي 


مسدت لارا على بطنها قائلة : بيتقال إن الأم العامل الأساسي في حياة الطفل بس الحقيقة أنه محتاج لباباه قدها


عشق بمرح : بالنسبة لرعد أكتر، شوفي يا لارا بيحبوه أزاي، أنا أصلاً بموت فيه جات على ولادنا 


فرت دمعة يتيمة على خد لارا، شهقت عشق بخفة قائلة : أنا اسفة يا لارا مقصدش 


لارا : مفيش حاجة يا عشق أنا اللي بقيت حساسة اوي آخر فترة، بقت تصعب عليا نفسي وقلبي واللي قدمته، يلا كله عن ربنا 


عشق بغيظ : دا حيوان أدهم ده 


لارا بدموع تنساب : عارفة تبقي بتقدمي كل حاجة، جنب الشخص في أي حاجة والمرة الوحيدة اللي تحتاجيه وتحتاجي الحلو اللي عملتيه يتردلك يقوم يخذلك، ربنا ما يكتب الشعور ده على حد ولا يوقع حد في شخص كده


ربطت عشق على يدها قائلة : اي كان اللي حصل المهم النتيجة حلوة وهو اللي في بطنك 


لارا بتنهيد : دا اللي مهون عليا الأيام والله 


اعتدل رعد جالسًا يجيب على آدم الذي قال : معلش يا رعد لو بزعجك في يوم أجازتك 


رعد باستنكار : أنت عبيط يا ابني ! 


آدم وهو يجذب الهاتف : ألووو 


رعد وهو يمـ ـسك يـ ـده : بس يا آدم عيب، معاك يا آدم 


آدم بضحك : ضروري يعني الاسم ده تسميه


رعد بمرح : قرار الوزارة ملناش تدخل فيه، المهم وصلت لفين في التشطيبات، عايزين نفرح بيك بقى


آدم : طالع روحي بمعنى الكلمة، يلا بقى كله يهون عشانها، أنا بجد بشكرك يا رعد لولاك مكنتش قدرت اعمل اللي هي عايزاه، هتفضل ونعم الصاحب


رعد بضيق : بطل عبط، شكر على ايه يا أهبل أنت


آدم بإبتسامة : بقولك كنت عايز أروح لوالدها اطلب إيدها من تاني وعايزك معايا 


رحب رعد بالفكرة قائلاً : اكيد معاك، حدد معاد وعرفني بس


آدم بامتنان : تمام أنا متشكر جدًا 


رعد بإبتسامة : اسكت يا آدم 


آدم بضحك : حاضر 


وضع الصغير إصبعه على فـ ـمه قائلاً : هث 


رعد بضحك وهو يلاعب شعره : مش أنت يا عبيط 


الصغير وهو يصفق : ببا هث ببا هث 


ابتسم رعد وهو يقف حاملاً أسد، جلس بجانب عشق التي قالت : خدني عند سيلا ممكن ؟ 


رعد بهدوء : تمام بليل 


سندت لارا بطنها وهي تغمض عيناها بألم، تحدثت عشق بقلق : أنتِ كويسه يا لارا ؟ 


أكدت برأسها قائلة : الظاهر الطلق الكاذب دا بدأ 


رعد بقلق : نقوم نروح المستشفى 


لارا بنفي : لا ملوش لزوم الوقتي، أنا هقوم اطلع ارتاح شوية 


ناد رعد على الدادة تساعدها على الدخول ثم اعطى الأخرى ابنه النائم والآخر، سندت عشق على كتفه قائلة : أدهم مكلمكش 


رعد بغموض : تؤ بس هيتكلم قريب، تيجي نطلع فوق 


عشق : اي حاجة 


وقف يحملها بين يـ ـديه ثم صعد لأعلى، أغلق الباب بقدمه ثم اتجه للغرفة يضعها على السر..ير قائلاً : أساعدك في حاجة 


عشق : لو مش هتعبك يعني 


بدأ يبدل ملابسه قائلاً باستفزاز : هتتعبيني 


قلبت شـ ـفاها السفلية قائلة بدلال : يعني عشان أنا مبقدرش امشي هتستقوى عليا وتزعلني


قلدها وهي تقول معه : اخس عليك يا رعد


تعالت ضحكاتها كذلك هو ثم جلس على طرف السر..ير بعدما القى ملابسه مكانها، مسكت كتفيه تجلس على ركبتيه ثم القت بوزنها فوقه قائلة : بتتريق عليا ماشي


رعد : غيري كلامك وأنا مش هتريق، حفظت خلاص 


عشق بهدوء : رعد هو أنت زعلان لسه مني ؟ 


رمقها بطرف عيناه قائلاً : اشمعنا 


تنهدت قائلة : أنت واخد بالك أنك مش بتقربلي نهائي، أنت قرفت مني وحاسس إني مفروضة عليك صح ؟


رعد بانبهار ساخر : معقولة! 


عاتبته بنظرتها فدار لها يجذبها لحـ ـضنه قائلاً : المفروض أنك مش صغيرة، اة بينا عشر سنين فرق بس برضو سنك مش صغير


قلبت عيناها بملل لتردف : أنت كبير اة بس لسه مش مستوعب إن دا اختلاف شخصيات ملوش دعوة بسن 


تنهد مستغفرًا ربه ثم قال : طيب اعمل ايه مع سيادتك عشان تعرفي إن في الدنيا دي معنديش أغلى منك


ضيقت عيناها متسائلة : وأسد وآدم ايه ؟ 


رعد بإبتسامة : ولا أسد ولا آدم ولا اي حد، أنا مقربتش منك لأني عايز كل حاجة في حياتنا تبقى متخطط ليها، مش حابب لحظة معاكي تعدي كده من غير ما تكون ذكرى حلوة يا عشق، أنا بحبك وحبك ليا عمره ما يجي واحد في المية من حبي، افهمي النقطة دي، أنا أيام بتعدي عليا ببقى مش مصدق إنك في حياتي ومخلفه مني ولدين، بحسك ذي النجمة العالية اوي وأنا موهوم إني وصلتلها، شوفتي حبي ليكي وصل لفين ومتسأليش بعبط بقى أزاي أنتِ لأن أنا مش عارف أحنا بنحبك على ايه، دبش وهبلة


ضربته على كتفه قائلة : أنت غلس اوي على فكرة، أنا قمر واتحب أصلاً 


قرب وجهها يسند جبينه على جبينها قائلاً : متأكد من حاجة ذي دي، يا مشعوذة 


عشق بعبوس : أنا مش مشعوذة ومش عايزة حاجة متخطط ليها، أنت جنبي واللحظة معاك فعلاً ذكرى


رعد بهمس في أذنها : ما تيجي نشوف الموضوع ده كده


ضحكت بدلال وقد انسدلت الستائر على كلاهما... 


❈-❈-❈


" عدتي قربت تخلص " 

هذا ما قالته سيلا وهي تنظر أمامها بشرود، مزقت الورقة من الكراسة وهي تكتب في الآخرى 

" أنا ادمرت لما عرفت إنك قربت منها، هي مر..اتك بس الحب ميعرفش ده، الحب يعرف إنك ليا لوحدي " 


عادت تمزق الورقة ثم كتبت في الآخرى ونوبة البكاء تزداد

" لو مفكر إني خدتك منها، فأنا والله ما عملت حاجة، أنا بس حبيتك من كل قلبي وربنا هو اللي بعتك ليا، ارجعلي يا يوسف " 

" ارجع وأنا مستعدة انسى، انسى بحق الحب اللي حبيته ليا واللي دمرني، هي عمرها ما هتحبك قدي " 


انفجرت باكية وهي تصرخ وتلطم خديها، يا ليتها ماتت ولم تعيش هذه الأيام، الأيام التي حفرت بداخلها ذكرى اسوأ بكثير من خطفها ووفاة والدها بسببه


أتى المساء عليها ورن جرس الباب فاتجهت سريعًا قائلة بلهفة : يوسف 


فتحت الباب لم تجد أحد نظرت لأسفل وجدت عشق تجلس على كرسي متحرك، همست بعدم تصديق : عشق!


عشق بدموع تتجمع في عيناها : ممكن تساعديني


أكدت برأسها وهي تساعدها على الدخول، جلست على ركبتيها أمام عشق قائلة ببكاء : ايه اللي حصلك ؟ 


مسحت عشق دموعها قائلة : ذنب ناس بقى، خلصه ربنا مني 


سيلا : متقوليش كدة، مكنتش أعرف والله أنا أسفة إني مش جنبك في وقت ذي ده 


عشق بحزن : مجيتش عشان كدة، عارفة إن أنا جيت متأخر بس أحسن من إني مجيش، أنا اكلمك على يوسف


دخلت في نوبة بكاء مريرة قائلة : هو سابني، مش عارفة ليه بس هو بعد عني، أنا روحتله المنصورة وطردني يا عشق كمان غير رقمه بسببي ومش عارفة اوصله ازاي، أنا مش عارفة أنا عملت ايه 


احتدت نظرات عشق وهي تقول : معملتيش يا سيلا، يوسف سابك لأنه صدق كلام عاصم إنك السبب في كل حاجة حصلت، هو ايه اللي حصل يا سيلا ؟ كل اللي حصل حصلك أنتِ، أنا مش هجامل أخويا عليكي، اللي اتخطف أنتِ واللي اضرب واللي اتهان واللي خسر والده واللي ضحى واتحمل لدرجة إني اتجـ ـوز عليكي أنتِ مش هو، أنتِ معملتيش حاجة غير إنك اديتي وأن الأوان تاخدي بقى اللي باقي منك وتكمليه بعيد، يوسف ميستاهلش ضافرك


سيلا بشهقات متتالية : أنا بحبه يا عشق


عشق : محروق قلبك تدوسيه بجزمتك ولا إني يقل منك لحظة، بتحبيه ؟ يولع الحب هو معملكيش حاجة، أحنا كنا بنقوي حورية والوقتي الدور عليكي اقوي ودوسيه، سيلا عمر الوحش ما خرج منك يبقى هو الخسران


حركت سيلا رأسها بالنفي ثم بدأت تجسد معاناتها في هيئة كلمات، تحدثت بحزن : أنا كنت بحب يوسف من زمان اوي، مكنش ياخد باله مني بس أنا مكنتش شايفه غيره، حبيته اوي ولما اتجـ ـوزنا حبيته اكتر، اة هو مقدمش حاجة بس جواه حاجات كتيرة، أنا اتهوست بيه لما اتجـ ـوزنا يا عشق، تعرفي انا كل ليلة البس حلو واظبط نفسي على امل يجي ولو جيه أنا هنسى، هنسى ذي ما نسيت انه راح لحـ ـضنها وأنا مش موجودة، أنا بحبه اوي فوق ما اي حد يتصور 


عشق بهدوء : فكري بعقلك، هو يستاهل ؟ بصي لنفسك ولوشك ولضحكتك اللي معدتش بتظهر وقوليلي يستاهل، سيلا يوسف ميستاهلش حتى تسامحيه، زينة ياما عملت فيه وهو رجع واتأسف على حاجات هو معملهاش في حين أنتِ عملتي كل حاجة وفي الآخر طلعتي السبب، سيلا فوقي قبل ما تخسري نفسك وصحتك 


عادت سيلا تبكي بحزن وهي تقول : مش سهل عليا 


عشق بتأكيد : سهل صدقيني سهل 


سيلا : هاتيلي رقمه الجديد لو سمحتي 


تنهدت عشق بضيق قائلة : أنتِ شايفة كدة 


أكدت برأسها فاخرجت عشق هاتفها تعطيها إياه وداخلها حزين على صديقتها، اخذته سيلا ثم ودعت عشق لترن على يوسف


رد يوسف قائلاً بحدة : وصلتيله ارحميني يا سيلا خلاص اللي بينا انتهى 


سيلا ببكاء : ارجع يا يوسف، أنا لسه باقيه عليك 


اغلق بوجهها بينما صعد رعد يحمل عشق وينزل، وضعها بالسيارة قائلاً : بتعيطي ليه ؟ 


عشق وهي تمسح دموعها : مفيش بس أنا كده خلصت ضميري وهي حرة 


رعد باستغراب : حرة! 


عشق ببكاء : مش حرة يا رعد مش هسيبها وهروح للحيوان ده، حسبي الله ونعم الوكيل فيه ابن الكلب ده


رعد بحدة طفيفة : عيب 


زفرت بحدة وهي تسب يوسف بصوت منخفض. 


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة سماء أحمد من رواية عشق الرعد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة