قراءة رواية رزان والمجهوول كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية رزان والمجهول

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة مايسة الألفي

الفصل العاشر

عندما سمع باهر وأمه صوت أحد يستغيث، هرول إلى الخارج مسرعًا، لكي يغيث الملهوف، فوجد إناس كُثر جانب الشاطئ يصرخون.

 اتجهه ناحيتهم فوجد طفل صغير يغر ق، فخلع ملابسه وقفز وراءه كي ينقذه.

 إنا باهر رجل شهم يجيد السباحة، وأكثر من مرة أنقذ غريق في هذا البحر، سبح في اتجاهه والتقطه بسرعة، أخذه بين يديه واتجه إلى الشاطيء، ووضعه على الرمل يكمل عمليه افاقته، وانقاذه.

حتى فاق وأصبح بخير، اتجهت أمه ناحيته تحتضنه وتضمه إلى صدرها، وراحت تشكر باهر على صنيعه الطيب، لهذا فرح باهر بإنقاذ الطفل ثم شكره الجميع على شهامته.

 ثم اتجه إلى أمه مسرعًا كي يطمئنها فوجدها واقفه على باب البيت تنتظره، اتجهت إليه عندما رأته وقبلته على جبينه، وقبل هو رأسها، واتجها إلى الداخل ليجلسا سويًا، حيث قالت أمه في حب:

-كم أنا فخورة بك يا ولدي وسعيدة جدًا أنكَ تجيد السباحة، لولاك لكان الولد قد غرق ومات، وأصبحت أمه حزينه، ليت الأمهات تنتبه على أولادها بدلًا من كل هذا الرعب الذي حدث لنا.

 كم تمنيت أن يكون هناك حاجز على البحر كي يمنع غرق الأطفال، أو يمنعهم من السباحة وحدهم دون رقيب.

لهذا أتمنى أن تهتم الشرطة بحراسة الشاطيء كي لا يغرق أحدٌ آخر، أود أن أصنع لهذه القرية بعض التطورات، كي نعيش حياة هادئة بعيدة عن الاضطرابات والمشاكل.

ابتسم لها باهر وحاول أن يطمئنها قائلًا:

-نعم يا أمي، إن القرية بحاجة إلى التطور، ولن يحدث هذا إلا بالتكاتف ومساعدة بعضنا البعض، هل تعرفين يا أمي أنني أحلم أن أترشح في انتخابات مجلس الشعب كي أكون مندوبًا عن دائرتنا وأطالب ببعض التطورات للقرية.

 إن معظم القرى تعيش في ظلام وندرة في التطور، على الرغم من أن القرى مليئة بالمتعلمين والمثقفين، لكن كل إنسان لا يفكر إلا في مصلحته الخاصة، لهذا تظل القرية عديمة التطور.

ويظل الناس محتاجين للكثير والكثير من التطور، أود أن أساعد قريتي بكل ما وصلت إليه من علم، حتى أشعر بقيمة ما تعلمته.

ابتهجت الأم بكلام ابنها، وراحت توافقه على كلامه، وتؤكد على ما قال قائلة:

-نعم يا بني إننا بحاجة إلى إناس تشعر بالمصلحة العامة، إنهم لا يدركون أنهم بتأدية المصلحة العامة ستحقق المصلحة الخاصة.

 لكن إنهم قاصرين عن استيعاب هذه الحقيقة الواضحة، لكني أرى أن القرية بأمثالك ستطور، وتكون في قمة نضجها.

 هل تعلم أن أبيك كان يحلم بنفس الحلم؟ كان يتمنى أن يساعد في تطور القرية، لهذا علمك وأصر أن تكون مهندسًا، ليأتي اليوم الذي تفكر فيه بهذا الأمر وتفكر في مساعدة الآخرين.

 أعتقد أنك أفضل شخص يستطيع أن يقوم بهذه المهمة، وسوف تحقق مرادك قريبًا، لكن دعني الآن أحضر الغداء وسوف آتي إليك لأكمل حوارنا.

❈-❈-❈

في مساء نفس اليوم اتجهت رزان هي وروني وسفر أصدقائها وراحت تبحث عن مكان تتخذه بيتًا لها، استمروا في البحث والتنقيب عن الكثير والكثير من الأماكن لكن كلما وجدوا مكانًا حاولت رزان أن تراه مناسبًا لكنها في النهاية.

تقرر أنه غير مناسب، لهذا قرروا بعض التعب من البحث الاستراحة جانبًا، لكي يفكروا في مكان آخر للبحث عنه ويتخذوه بيتًا لها، وقف روني محتارًا من عدم موافقة رزان عروسة البحور على أي مكان، لهذا راح يقول لها:

-لقد تعبت يا رزان من البحث، وإني أريد لكِ أن ترضي بأي شيء جميل، لقد صادفنا الكثير والكثير من الأماكن المناسبة، لكن لا شيء منهم قد أعجبك، أود أن أقول لكِ أنه لابد أن تتواضعي فيما تطلبين، كي تؤسسي البيت.

وترتاحي من عناء البحث عن بيت، أريد أن أقوم بنصحك إن البيوت مهما عظمت وكانت قوية، ومزينة لابد لها من نهاية، فلا شيء يدوم، أرجوكِ يا صديقتي الوفية أن تتواضعي فيما تطلبين.

 لأننا مهما بحثنا عن مكان يكون فيه كل المواصفات، فلن نجده إلا في الأحلام، إن ما تطمحين إليه لا يوجد إلا في البر على الأرض.

 إني أراك تحلمين بتأسيس بيت يشبه بيتك عندما كنتِ تعيشين فيه مع أبيك وإن تحقيق هذا الأمر مستحيل لأننا في البحر وللبحر حسابات أخرى، أفهمتِ ما أقصده يا صديقتي الوفية؟

فهمت رزان ما يقصده روني فهو صديقها الطيب الوفي، وتشعر دومًا أنها بخير وهي معه، لهذا حاولت أن تشرح له وجهة نظرها بشيء من البساطة حيث راحت تقول له:

-صديقي روني الدولفي الطيب أعلم أنك تريد لي الخير، ولقد فهمت مقصدك، إنني حقًا حين كنت أبحث كنت أبحث عن شيء يشبه بيتي على الأرض، فأنت تعلم أنني مفتقدة لبيتي جدًا، وأريد أن أصنع على الأقل بيت آمن مثله.

لهذا أبحث بعناية ولا يعجبني شيء مطلقًا، أود أن أخبرك أني أبحث عن الأمان، والبحث عن الأمان في هذا الزمان يعتبر شيء من المستحيلات.

 لأن الدنيا أصبحت قاسية جدًا، لا تعطينا ما نريد، أود أن أجد بيتًا يسعدني العيش فيه، أهذا كثير يا صديقي؟ إنني قد تعبت لكنني لم أيأس.

شعر روني بأن رزان متعبة من الداخل، وأنها تعاني فقد بيتها وحياتها على الأرض، لهذا راح يطمئنها ببعض الكلمات قائلًا:

-صديقتي رزان، لا تخشين شيئًا ونحن معك، أعلم أنك تعانين فراق أبيك وبيتك، لهذا أريد أن أطمئنك وأقول أننا أنا وسفر اخوتك، حقًا إننا لسنا كأبيك.

لكن يكفي أننا نحبك ونرجوا لكي الخير، أريدك أن تعلمين أن الحياة في البحر مختلفة تمامًا عن الحياة على الأرض، فليس هناك تشابه اطلاقًا.

 لهذا أريدك أن تعلمين أنك عندما كنت مع زوجة أبيك كنت تعانين أيضًا ولم يتحقق لك فيه هذا الأمان الذي تظننينه كان موجودًا، كيف كان الأمان موجودًا، وأنت تقاسين عناء ضرب زوجة أبيك؟

 كيف كان الأمان موجودًا وأنت عندما كنت تستغثين بأبيك ولم ينقذك من يدها، أفيقي يا صديقتي، إنكِ هنا في أمان أكثر من بيت أبيك، وإني أدعوك إلى الرضا بأي مكان مناسب، كي تصنعي بيتك.

 وأقترح عليكِ أن تصنعيه قريبًا منا، كي تشعرين بالأمان، وسأكون في خدمتك في أي وقت تطلبين، لهذ أنصحك بذاك المكان قرب بيتي أنا وسفر إنه حقًا سيكون آمن ومريح، وسوف نزينه معك بالطريقة التي تحبينها.

ابتسمت رزان وأحست أن روني معه حق، فهي تبحث عن سراب، لابد أن تتواضع وتختار أي بيت طالما يتوفر فيه شروط البيت المريح، وإن الأمان سوف يحدث تلقائيًا بقربها من بيت روني وسفر، لهذا حاولت أن تبدي موافقتها وقالت:

-روني العزيز، أعلم أنك تحبني كثيرًا وتريد لي الخير، وكم أنا سعيدة بوجودي بين إخوة عظام مثلك أنت وسفر، وأريد أن أخبرك، أني موافقة على البيت الذي حددته.

 وأني سوف أزينه بكل ما أريد من جمال، إنني حقًا وسط محبيني وأصدقائي الطيبين، إني أشكر الله أنه أعطاني، اثنين مثلكما في طيبة قلبكما، وروحكما الجميلة، لهذا أطلب منك أنت وسفر أن تأتيا معي لنزين البيت ونؤسسه معًا.

قالت رزان هذا الكلام ونهضت هي وروني وسفر ليذهبوا إلى الموقع القريب من من بيت روني لتؤسسه بيتًا، راحت تخرج منه كل العوالق التي تجعله غير نظيف.

 ووضع سفر بعض الصخور الصغيرة وصنع لها مقاعد، كما تحب أن تجعله، وراحت رزان تزينه بكل طريقة وممكنه، فراحت تعلق فيه بعض الأشياء الملونة التي جلبتها من قاع البحر، كما صنعت فراشًا كبيرًا لتنام عليه.

 وهكذا أصبح المكان غاية في الروعة، وهكذا أصبح البيت كما تخيلته، فابتسمت حينما رأته بهذا القدر من الجمال، راحت تشكرهم وتربت على كتف روني وتحييه هو وسفر، وراحت تعد لهما بعض الطعام ليأكلوا سويًا.

❈-❈-❈

في بيت عبد الله ونعمات، يحاول أن يعد لها العشاء، فهو أصبح مهوس بتحضير الطعام لها، لهذا وقف في المطبخ يقطع اللحم كي يشويه، وراح يشرد بذهنه ويفكر في حال ابنته ويقول في حيرة"تُرى أين أنت يا ابنتي الغالية؟ 

أجوعانة أنت أم بردانة، إن قلبي ينفطر حزنًا عليك، عودي يا ابنتي وإني سوف أحقق لك، ما تطلبينه مني، إني أراك على البعد، تنادين علي كي أنقذك من الشر الذي أنت فيه، يعلم الله أني حزين جدًا على بعدك.

وأطلب منه أن يرجعك لي، أعدك يا حبيبتي أنني سوف أحقق لكِ ما تطلبينه مني، لابد أن أعوضك عن كل التعب الذي قاسيتيه، يا الله، لا تعاقبني في ابنتي، أعلم أنني مقصر في حياتي وقربي لك، لهذا أدعوك ألا تبتليني في ابنتي.

 أعلم أني كنت ظالم لابنتي كثيرا، لكني كنت أظن أن هذا هو الصواب، لا أدري لما أنا متعلق بنعمات هكذا، رغم قسوتها علي أنا وابنتي، أرى أنها جذابة وساحرة سحرتني بإسلوبها، لكن لا بأس فقد تغيرت.

وأصبحت لا تقسو علي كما السابق، بل أصبحت لينة بعض الشيء، تُرى ماذا غيرها بهذه السرعة؟ أيكون غياب رزان قد أحسسها بالذنب، حقًا إنه كذلك، إن غياب ابنتي رغم أنه مؤلم لي، إلا أن قد حقق لي المستحيل وأصبحت نعمات القاسية رحيمة طيبة.

 أرجو من الله أن تظل هكذا دومًا، ولا تفكر في العودة لطبعها السيء القديم، هيا لأسرع في تجهيز العشاء حتى لا تنهرني، وأنا قد فرحت بتغيرها، وأريد أن تستمر على هذا، أريد أن أجعلها كالخاتم في اصبعي.

لكن كيف وهي لا تتغير بسهولة؟ أرى أن الله كفيل بتغيرها، كما غيرها في السابق، أرى أنني قد علمت سر تغيرها، ولابد أنها ستحاول أن تتغير أكثر لكي أعطيها المال.

لكن من أين؟ وأنا قد وضعت كل ما أملك مكافأة لمن يجد ابنتي الغالية، حتمًا سيجعل هذا المبلغ أي أحد يراها أن يرشدني إليها كي يحصل على المال، إنها حقًا فكرة عظيمة.

 أود أن أكون جاهز بالعشاء، حتى لا أثير غضبها، هيا لأضع الأطباق على الصينية وأذهب إليها في حذر، حتى لا أثيرها."

أعد عبد الله صينية العشاء وخرج قبل أن تناديه نعمات، راح يتجه إلى المنضدة في حذر، ويضع الأطباق أمامها في هدوء حتى تأكل وتسعد، وتسمعه بعض الكلمات اللطيفة.

فهو في حاجة لمن يواسيه، وإنه يدعو الله أن تلين له بعض الشيء، راحت نعمات تنظر إلى العشاء مبتسمة، لأنه قد أعد ما تطلبه منه، دون أن تقول شيئًا.

 لكن خبثها راح يسبقها، وبدا عليها بعض المكر، فهذا طبعها رغم تغير اسلوبها الظاهر، وراحت تقول في هدوء خبيث:

-إني أرى أن الحج شرف قد تسرع في تقديم هذا المبلغ الكبير للإعلان، وإنه من الأولى أن يعطينا هذا المبلغ؛ لأننا في حاجة إليه، وكان يكفيه أن يعلن عن اختفائها دون مكافأة، فنحن في أمس الحاجة إلى المال.

 ألا ترى أنه، قد تسرع في هذا الأمر، ما رأيك لو نجعله يتراجع عن المكافأة ويقدمها لنا فنحن في أحوج الاحتياج لهذا المبلغ، وأرى أنه لابد من أن يعطيه لنا كهدية ومساعدة.

 حتى نتمكن من شراء السيارة، ألا ترى معي أننا أحق من الغريب بهذا المبلغ، أقترح عليك أن ندعوه على العشاء ونكرمه، ونطلب منه هذا المبلغ على الفور، وبهذا سنضرب عصفورين بحجر واحد، نكون قد أعلنا عن ابنتك.

وحتما ستعود لا تقلق، ونحصل على المال أيضًا، ألا ترى معي أنني على حق؟ ألا ترى أنني ذكية وماهرة في اقتناص الفرص المهمة، لابد أن نتحرك قبل أن يؤثر الإعلان فيجدوا ابنتك وتروح علينا فرصة أخذ المال.

 هيا اتصل به من هاتفك، واطلب منه أن يأتي لنتعشى سويًا، هيا يا رجل، لماذا أنت صامت هكذا كأنك أخرس، تكلم وطمئني بما يدور في رأسك.

أحس عبد الله بالغيظ وشعر أن نعمات تنوي على شيء ما، لكنه من حبه فيها وخوفه منها، وافق مبدئيًا على هذا الأمر، لكنه سينفذه دون علمها حتى يوفر المال، لكنه سرعان ما حزن وسالت دمعة منه.

وراح يحدث نفسه قائلًا: "ألهذا الحد أصبحت جحود بحب ابنتي، ماذا يحدث لي، لابد أن نعمات قد سحرتني بإسلوبها وفكرها، وجعلتني أفكر بهذه الطريقة الغريبة، من العادي والطبيعي أن تكره نعمات ابنتي وترى أنها أولى بالمال منها.

 لكن ماذا عني، أليست ابنتي وفلذة كبدي، ألم أكن أبكي عليها منذ لحظات؟ أين ضاع قلبي وحبي لها، لابد أن أجاريها في الكلام، وسأجعل الحج شرف يرفض رأيها، ويخبرها أنه قد انتهى الأمر وحدث الصحف.

وأنه لن يستطيع أن يعود في وعده للصحف وإلا يصبح نصاب في نظرهم، لهذا سأقنعه غدًا وأنا في المحل، قبل أن تكلمه نعمات فيتأثر بكلامها، إنها ابنتي الوحيدة وأريد أن أجدها، وإن المبلغ سيحقق الغرض من البحث عنها"

نظرت نعمات له بتعجب، وراحت تهزه وتطلب منه الأمر مرة أخرى وتقول في خبث:

-مالك يا زوجي العزيز في ماذا تفكر كل هذا، أتخشى ألا يحقق الإعلان غرضه، لأنه بدون مكافأة، لا تقلق، إن الطيبين كثيرين، ويتمنون أن يساعدوا بدون مقابل.

 وحتمًا من يريد أن يدلك على ابنتك لن يتردد طالما رأى صورتها، فلا تخش هذا الأمر وهيا اتصل به الآن لن أأكل قبل أن يأتي وأقنعه، هيا يا رجل، لماذا أنت صامت هكذا؟

 أجننت أم ابتلعت القطة لسانك؟ هيا حتى نحقق حلمنا ونعيش حياة مرفهة، بعيدة عن كل البؤس الذي نعيشه، أرجوك يا زوجي العزيز اتصل به وادعوه الآن على العشاء، إنه لابد أنه في بيته.

حاول عبد الله أن يجاريها حتى يقابل الرجل ويقنعه برأيه قبل أن تخدعه نعمات بمعسول كلامها، إنه يريد أن يرى ابنته ويعوضها عما اقترفه في حقها، لقد عانى مرار بعدها، لهذا أسرع وقال لها في حذر:

-أعلم يا حبيبتي أنك تحبين لنا الخير، وإن فكرتك عظيمة جدًا، لكن دعينا اليوم، اتركي الأمر للغد، وسوف أدعوه على العشاء غدًا.

 ودعينا الآن نستمتع بالحب سويًا، إنني أريد أن أقضي اليوم في السمر معك، كي تنسيني عذاب بُعد ابنتي، لهذا اتركي الأمر لغدٍ.

شعرت نعمات بالخجل من كلام عبد الله، ورأت أنه من الحكمة ألا تضغط عليه بالكلام، وأنه لابد أن تكون حذره في جعله يتراجع، حتى يرضى أن يعطيها المال كله.

وبهذا ستخطط للخلاص منه، ولهذا وافقت على كلامه، وراحت تداعبه وتدلله بمعسول كلامها، رغم أنها من داخلها تتمنى أن تهرب منه اليوم قبل غدٍ.

❈-❈-❈

في قصر سنار يفكر في قضايا البحر الذي يحكمه، يتفكر في أمر رعيته في سعادة بالغه، ومعه وزيره يتحاوران حول أمر الحكم.

فبدا على سنار بعض السعادة من نظرته لهدية رزان عروسة البحور، التي أهدته هذه الهدية، فراح يسأل وزيره عن أمر الرعية قائلًا بحكمة:

-أيها الوزير الهمام، أرى أنك عندك أخبار جديدة تريد أن تقولها لي، وإني أريد منك شيئًا هامًا أيها الوزير، لكن طمأني أولًا على حال الرعية، وكيف حالهم.

 هل من جديد اليوم تريد أن تخبرني به؟ إني أحب أن أكون ملك عادل يحقق العدل في حكمه، وأسعى إلى ذلك بكل الطرق الممكنة، لهذا أريد من كل رعيتي أن تعتمد على ملك شجاع، يحقق كل السعادة لرعيته.

واتمنى منك أن تبلغني بكل ما يدور في مملكتي الطيبة، وأود أن تكون عونًا لي تحقيق هذا الهدف، لهذا أريد منك أن تساعدني أيها الوزير الطيب، هيا تكلم، وأخبرني، حتى أعرف ما يدور، وأخطط لإسعاد رعيتي الطيبة.

نظر الوزير له بحب وحاول أن يطمئنه قائلًا:

-أيها الملك الطيب العادل سنار، أريد أن أخبرك بأمر تعرفه جيدًا، وهو أن مملكتنا دومًا بخير، وتحقق في ظل حكمك قمة الرخاء، لهذا أود أن أنبهك لأمر هام.

وهو أنه لابد من توفير الأمان لسكان البحر الذين يعيشون تحت حكمك، وإني أرى أنه لابد من أن نعين فريق حراس أكبر حول ربوع البحر، وكل أنحاءه، إننا في حاجة إلى تحقيق الأمان بين مخلوقات البحر.

وأنت تعلم أن أكثر مخلوقات مؤذية ومفترسة في كل البحور، هي الحيتان، وسمك القرش، إنهما أكبر خطر علينا جميعًا، ولولا أننا نحطاط للأمر ونحيط قصرنا بعازل سام لهما لأصبحنا جميعًا في قبضتهم المفترسة.

وأصبح ملكنا في خبر كان، أود يا مولاي أن تفكر في أمرهما جيدًا، حتى لا نغرق في خراب أفعالهم، وإبادتهم لكل المخلوقات الطيبة التي تحترم قوانيننا.

 وتقدر حكمك أيها الملك الطيب، لهذا أود منك التفكر في هذا الأمر لأننا في حاجة إلى الاستقرار التام، ولن يتحقق هذا إلا بتدخلك وفكرك السديد.

نظر الملك له بعين الحكمة وراح يفكر في الأمر ويقول:

-معك كل الحق أيها الوزير الهمام، إننا بحاجة إلى وجود حراس منتشرين في أنحاء البحر، لكي يحافظون على الأمن العام بين كائنتنا البحرية، وإني أريد منك أن تفكر معي في طريقة جديدة.

 لكسب جنود يتجندون في جيشنا الهمام، لهذا فأنا أفكر دومًا في أمر الحيتان والقروش، وكيفية صدهم عن جميع المخلوقات، ولو قليلًا، لكنني في حاجة إلى فكر وتدبر.

ولن يتحقق هذا إلا بفكرة خارجة من مفكر عبقري، تساعدنا في إيجاد الحل، والقضاء على هذا الرعب العام الذي يثيره هذه الكائنات المفترسة في قلوب الكائنات البحرية.

تفهم الوزير غرض الملك سنار، وأحس أن عليه مسؤلية كبيرة، لهذا راح يقول:

-مولاي الملك، أرى أنك قد أوضحت كل شيء وأصبحت الآن أعي طلبك وغرضك العام، وإننا في حاجة يا مولاي إلى فكر عبقري.

 وإن وزرائك جميعًا يتمتعون بهذا الفكر، ولن يخذلوك مطلقًا، أريد أن تعلم يا مولاي أنني دومًا في خدمتك.

ابتسم الملك وراح يفكر قليلًا في الأمر، وراح يقول في حكمة بالغة:

-إذًا أيها الوزير الهمام، ادعُ كل الوزراء لاجتماع غدًا هنا في القصر، وإني في انتظارهم، لكي نمحص الأمر سويًا، لكي نخرج بفكرة عبقرية تحمي الجميع من الخطر.

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة مايسة الألفي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة