-->

رواية جديدة رزان والمجهول لمايسة الألفي - الفصل 6

 

قراءة رواية رزان والمجهوول كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية رزان والمجهول

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة مايسة الألفي


الفصل السادس



عندما سمع الأصدقاء الثلاثة صوت الانفجار واهتزاز البحر بهم خرجوا جميعًا لمعرفة الأمر، كي يهربوا راحت رزان عروسة البحر الجميلة تنبهم أنه لابد من ترك المكان. 


قد كان هناك بعض الوحوش البحرية تتشاجر، وتهز بهم الصخور، لابد أن أحدهم هجم على الآخر، بالقرب منهم.


لهذا ارتعبوا وخرجوا متجهين ناحية قصر الملك سنار كما كانوا متفقين سويًا منذ ساعة، لهذا قالت رزان لروني الذي سيوصلهم لأنه الوحيد الذي يعرف مكان قصر الملك سنار:


-لابد أنكَ قد حفظت الطريق جيدًا أيها الصديق الوفي المخلص روني، هيا بنا كي تؤمنا في الطريق، سر أمامنا واسبح في الماء كما أنكَ قائدنا الهمام، لقد أتى الوقت لنعرف قيمتك أيها الروني الجميل.


 هيا اذهب أمامنا ونحن سنسير خلفك، فلا تقلق علينا، سوف نتتبع سيرك أمامنا، لماذا لم نأت بهدية جميلة للملك.


 فهذه أول زيارة لنا له، فكر معنا يا روني في هدية تعجب الملك كي نكسب وده لابد أنه ملك همام.


لا يهاب أحدًا، ولابد لنا من هدية قيمة تجعله يضعنا في مكانة خاصة لديه، أرجوكم يا رفاق فكروا معي، تكلم يا روني.


فأنت الوحيد من رأى وعامل الملك سنار ملك البحور، وبالتأكيد تعرف ذوقه وبغيته، فكر معنا في هدية ثمينة تنفعه.


وقف روني ناظرًا لرزان عروسة البحور الجميلة، وحاول أن يفكر قليلًا في أمر الهدية القيمة، لكنه تذكر شيئًا هامًا، وراح يقول في بهجة وود بالغ:


-عزيزتي رزان الجميلة، إن الملك سنار ملك البحور في غنى عن أي هدية سوف نفكر أن نقدمها له، إن البحور كلها ملكه ولديه حراس وخدم كثيرين.


من الممكن أن يجلبوا له أي شيء مهما كان، إنه إذا أراد شيئًا، قام بتكليف أحد الخدم لكي يأتي له به، ونحن لسنا ملوك في مقام ملكه، بل نحن مجرد رعية تحت حكمة.


وبالتالي لن ينتظر منا أي هدية، بل أهم شيء لابد أن نظهره له هو الولاء والطاعة، إن أي ملك مهما ملك من قوة وجاه لابد من أن يود أن يش عر بقيمته كملك بولاءنا وطاعتنا له.


ابتسمت رزان وحاولت أن تتفهم ما قاله لها روني الدولفي الطيب، وبعد دقيقة من التفكير، خطر على ذهنها شيء، فقالت في بهجة وود بالغ:


-إنني أعلم أن الملك سنار، في غنى عن أي هدية، وأنه بملكه يستطيع أن يصل لأي شيء، لكن يا روني الطيب، أحب أن نكون مختلفين، ولنا طلة مختلفة عليه.


 لهذا فكرت في جلب هدية ليست غالية لكنها ستكون له تذكار، ما رأيكم في هذه المحارة الزاهية البديعة، إنها ليست ذات قيمة عالية، لكنها ستكون مجرد تذكار منا له.


 وسيظل كلما رآها بعينه بجانبه تلمع بشكلها الزاهي، يتذكر كل شيء عنا، ويحاول لحظتها أن يعطينا قدرًا من الاحترام، فيجدر بنا أن نقدره ولو بشيء قليل، وبهذا سيعرف أننا نقدره حق قدره.


نظر لها سفر الدولفي الصغير، وتفكر فيما تقول، فأحس بشيء من السعادة، لهذا حاول أن ينقل احساسه لها فقال في بهجة وحب بالغ:


-إنني قد فهمت مقصدك من هذه الهدية، وأجد أنكِ قد وصلتِ بفكرك الذكي لمنطقة أخرى بعيدة عن تفكيرنا جميعًا، حقًا، إن عقلك به جزء كبير من عقل البشر.


 لهذا فكرتي في هذه الهدية، فإن البشر وحدهم هم من يقدرون قيمة الهدايا، لهذا ستكون فكرتك في هذه الهدية الجميلة فكرة مختلفة، ستحققين بها ما نود أن نقوله للملك سنار، فعندما سيرى الهدية أمامه.


 سيش عر أننا نقدره جدًا ونحاول أن نثبت له أننا جديرين بصحبته كملك للبحور، إنك حقًا ذكية جدًا.


وسوف تكون هديتنا شيئًا مختلفًا تمامًا عن أي شيء آخر، لهذا أحيكِ على هذا الفكر والذكاء العالي، إنكِ حقًا، عر وسة البحور الجميلة الوفية.


هنا تفهم روني وراح يبتسم ويقول في ود بالغ:

-أخيرًا قد فهمت نواياكِ يا عزيزتي رزان، إن أخي سفر الدولفي الصغير أصبح ذكيًا بعدما مكث مع البشر مدة زمنية طويلة.


 لهذا فهم طبعهم وبالتالي عرف أنكِ بكِ شيئًا من ذكائهم، كيف اختفت علي هذه الميزة؟ إنني رغم صحبتي لكِ كل هذه المدة من الزمن لم أفطن إلى هذا الأمر، لقد أثبت لي سفر أنه أذكى مني بمراحل.


رغم صغر سنه بالنسبة لي، هيا يا عزيزتي روني لقد اقتربنا من القصر، أترين هذا الواقف عند صخرة كبيرة، إنه حارس من حراس الملك سنار، يقف ليراقب الآتي من بعيد، حتى يطمئن أن الآتي ليس عدو.


أما إذا أح س بخطر القادم، يذهب إلى الداخل ليخبر كل الحراس بالأمر، فإنه الآن يحاول أن ينظر لنا بعين الاستكشاف.


كي يحدد موقفه منا، حاولا أن تظهرا الولاء بإماءة من رأسكما انظرا إلي وافعلا مثلما أفعل حتى يطمئن لنا الحارس ويجعلنا نمر في سلام ويسر.


أود أن أخبركم بشيء، إن الملك سنار ملك سريع الملل لهذا لا تحاولا أن تضايقاه بشيءٍ من كثرة الحديث في موضوعٍ واحد حاولا أن تكونا لطيفين معه، حتى يطمئن لصحبتنا، هيا لندخل من الباب الذي أمامنا، أسرعا يا رفاقي ولا تكونا كسالى.

❈-❈-❈


عند باب القصر وجد الرفاق الحارس، فحاولوا أن يظهروا له الولاء كي يسمح لهم أن يدخلوا لمقابلة الملك الطيب سنار ملك البحور، حاول الحارس أن يفتش ما في أيدي الرفاق ويتأكد أنهما زوار مسالمين.


ليس غرضهم إيذاء الملك، لهذا أوقفهم عند الباب ونادى على الحارسان الآخران كي يستكشفا نوايا الرفاق ويتأكدا من سلامة مقصدهم، أخذوهم إلى ركنٍ بجانب الباب وراحا يسألوهم عما يريدون.


 والسبب وراء الزيارة، لهذا حاولت رزان بذكاءها أن تكسب ود الحارسان، وأخبرتهما أنها تود زيارة الملك لتعرف عليه، فهي لم تراه مطلقًا قبل ذلك، حاولت أن تظهر للحارسين مدى سعادتها بأمر زيارة الملك سنار ملك البحور.


 وعندما تفهما أمر وسبب الزيارة، واطمئنا أنهم آتين لخير، وليس وراءهم شر أبدًا، ابتسما لهم، أعطوهم بعض الأمان كي يدخلوا فرحين.


أوقفهم حارس أخر، وراح يسألهم عن المدة الزمنية التي سيمكوثونها بالداخل، فقال الحارس بحذر وترقب شديد:


-أعزائي الزوار، لقد علمنا أنكم زوار مميزين وتودون أن تتعرفوا على ملكنا العظيم، لكني مسؤل عن معرفة المدة الزمنية التي ستمكوثونها بالداخل بحيث إذا زاد الموضوع عن حده، ولم تلتزموا بهذه المدة.


سأضطر إلى الدخول وإخراجكم فورًا، كي أحافظ على نظام ووقت ملكنا العظيم سنار، الذي يقلق كثيرًا من اهدار وقته في أمورٍ غير مهمة، لهذا قد عينني الملك لهذه المهمة الثمينة.


كي أكون عند حسن ظنه بي، لابد من إخلاصي ودقتي في العمل، لهذا لابد أن أظهر لكم بعض من الاختيارات.


مثلًا إذا كنتم ستمكثون نصف ساعة سأضع لكم عشر دقائق زيادة كي تحاولوا أن تقولوا ما تودون قبل أن تخرجوا من عند الملك.


وبهذا لن تكون زيارتكم ليست ذات قيمة أبدًا، طالما قد حددتم ما تريدون قوله، أما إذا كنتم ستمكثون ساعة سأضع لكم خمسة عشر دقيقة.


 كي تشرحوا فيهم مرادكم الأخير من الزيارة، هيا أخبروني ما الوقت الذي ستمكسونه بالداخل؟


نظر الجميع لبعضهما وحاولوا أن يتخيروا الأمر، لهذا حاول روني أن يتكلم بسرعة فقال في عجلة من أمره:


-إننا عزيزي الحارس سنمكث بالداخل نصف ساعة فقط، فنحن نود أن نتعرف على الملك ولا نود أن نضيع وقت الملك العظيم، فنحن لسنا على معرفة بما يدور في القصر.


لهذا هذه هي المرة الأولى لنا هنا، ونود أن نترك سيرة حسنة عنا تنبيء الملك بكل شيءٍ عنا، دون أن نضيع أي شيء، فأنا أعلم أن ملكنا الملك العظيم سنار ملك البحور ليس عادي كما باقي مخلوقات البحور.


فإن وقته ثمين جدًا، لهذا لا أود أن أضيعه أبدًا، إننا كائنات لطيفة غير مملة، كما سترون منا، وأنا أعدك ألا نضايقه مطلقًا، ونحن عنده بالداخل، فما رأيكم يا رفاقي الأعزاء فيما قولت؟


نظرت له رزان بعين الحكمة، ورأت أنه قد أخفق في أمر ما فراحت تحاول أن تتلافى خطأ وتقدير روني الدولفي الطيب، رأت أنه قد أخطأ في أمر تحديد الوقت فقالت في حذر وحكمة بالغة:


-أعلم أنكَ فطن وتريد مصلحة الجميع، وإني أراك قد تسرعت في الأمر قليلًا، وأعلم أنكَ لم تقصد الخطأ، لكني أود أن أحدد الوقت أكثر دقة من ذلك، إننا حديثي العهد بالتعرف على الملك سنار ملك البحور.


 وإني لابد أن أحدد وقتًا، يتناسب مع أول لقاء بيننا، فهو لا يعرفنا جيدًا، وتقريبًا هذه أول مرة لنا معه، وسوف يستغرق أمر الترحيب وقتًا لنقل ربع ساعة.


ووقت التعرف أيضًا لنقل نصف ساعة وبهذا نكون قد تجاوزنا النصف ساعة، لهذا أود أن أحدد ساعة للقاء، لأننا نود أن نتعرف على الملك أكثر، ونود أن يتعرف علينا الملك أكثر، كما أنني أود أن أسأله عن أمورٍ خاصة تخصني.


 أود أن يساعدني الملك في التعرف على ما في هذا البحر من خصائص لأني يوميًا أجد مفاجآت تزعجني، وأود أن أعرف الملك بقصتي وقصة زوجة أبي التي كرهتني في حياة البشر.


فما رأيكم يا أعزائي في هذا كله، إني أرى أن ساعة ليست كافيًة وأني لابد أن أقتصد في القول والكلام الذي أريده من الملك سنار ملك البحور العظيم.


نظر الإثنان لها وأحسا أنها على حقٍ لهذا حاولا أن يبديا الموافقة على رأيها فقال روني بخذر وحكمة:


-نعم نحن موافقين على رأي رزان عر وسة البحور الجميلة، ولابد أن يكون كل شيء هي من تقرره، لأنها وحدها أذكى منا، وتفطن لحقيقة الأمور.


 التي نود أن نقولها ونحن في أمس الحاجة لشخصية جذابة وذكية مثلها، فنحن رغم تميز ما بنا من خصائص بحرية، إلا أننا نفتقر إلى رأي ذكي كرأي رزان عروسة البحور الجميلة.


وافق الحارس على تحديد ساعة من الوقت لكي يقابلا فيها الملك سنار، فأدخلهم في عجلة كي لا يضيع الوقت في الثرثرة والمكوث أمام القصر، دخل الجميع فوجدوا الملك جالس على عرشه.


 وجانبه حارسان عن يمينه ويساره، متخصصين في تلبية أمره وما يريده من الخارج، لهذا اقترب الجميع منه في حذر، فنظرت له رزان بعين الاعجاب فعين الملك جميلة وجذابة جدًا تستطيع أن ترى بداخلهم ألوان متعددة.


أما ذيله فهو مثل ذيل الحوت طويل وقوي، ويهتز يمينا ويسارًا، لهذا أبدت رزان اعجابها بالملك وراحت تقول له في دلال وإعجاب كأنها مسحورة بجماله ومفاونة بطلته البهية الآخاذة، ازدردت ر يقها وقالت بحب:


-ما أبهى طلتك أيها الملك العظيم، إنكَ أجمل مخلوق بحري رأيته في حياتي، يالك من مخلوق رقيق عذب، إني في البحر منذ شهر وتجولت فيه كثيرًا لكني لم أرى جمالك من قبل.


إنكَ يا سيدي قد أذهلتني بطلتك البهية الطيبة، وإني لمرحبة بك وبكل قصرك وحراسك العظام، وأشكرك كثيرًا على هذه المقابلة الطيبة، فلولا أن روني حكا لي عنك وعن عظمتك لما فكرت في أن أزورك مطلقًا.


 إن الحياة في البحر هنا لاهية، وتضيع في البحث عن طعامنا، وحروبنا وهروبنا من الحيوانات البحرية المفترسة.


وإن أجمل ما في البحر هنا هو قصرك يا مولاي، فهو مزين بقشور ومحار ولآليء ملونة بالأحمر والأزرق والأصفر، إنها عبارة عن سيمفونية معزوفة من أجمل الألحان.


تعجب الملك سنار من حكمة رزان عروسة البحور وراح ينظر لها بعين الإعجاب، وإلى جمالها الآخاذ، حاول أن يرحب بها وبجمالها، وأراد أن يتعرف عليها أكثر، فما قالته من أعذب ما سمع.


إنه رغم مكوثه على العرش منذ زمن إلا أن فترة حكمه لم تظهر له كائن عجيب جميل كرزان عروسة البحور، وأنه رغم كل آيات العظمة التي يحياها لم يسمع بمدح يؤثر القلوب كمدح رزان.


 إنها قد أسرت قلبه وتربعت على عرشه، كأنما لأول مرة يسمع مدح من أحد، رغم أنه قد سمع الكثير من المدح فيما مضى إلا أن مدح رزان مختلف جدًا لدى أُذنه الرقيقة، فحاول أن يرحب بها ويعرفها أكثر فقال في حب وترحيب بالغ:



-أهلًا بكم جميعًا، أود أن أعرف عنكم أكثر، خاصة أنت أيتها الذكية الجميلة، لقد خطفتي قلبي بإسلوبك العذب هذا، وإني أود أن أعرف عنك أكثر، هيا تكلموا ولا تطيلوا في الحديث فإني منشغل جدًا هذه الأيام.


 فإني رغم أني عندي الكثير من الوزراء الذين يعملون ليل نهار لخدمة المملكة، لا أطمئن لهم وحدهم ولعملهم الخاص أهمية كبرى لكنها ليست كأهمية وجودي ورأيي في كل شيء.


 فهم رغم تمكنهم من عملهم، لابد من أن أُشرف بنفسي على تحقيق كل الإنجازات، إن كل كبيرة وصغيرة لا تمر إلا بأمري وحدي.


نظر له روني بعين الحب وقال مرحبا بالملك الطيب، في حب وود:


-أهلًا بكَ يا ملكنا الطيب الجميل أنا روني، دولفي وفي لصديقتي رزان، أنا كما تعرف صديق الإنسان، وإني كما رأيت تعرفت على رزان التي ستحكي لك عن نفسها، ولقد آثرت أن أتحدث أولًا كي تأخذ رزان وقتها من الشرح.


فإننا كما تعرف من كلامها لسنا في ذكاءها وذوقها الطيب، لقد تعلمت منها الكثير والكثير منذ أن رأيتها، وهذا سفر أخي الصغير.


كان قد خطف منا، وحاولت رزان بذكاءها انقاذه معي، لقد كانت صديقة خدومة وطيبة معي تصنع لي الخير دومًا، وقد أنقذت أخي من الأسر بكل مهارة وذكاء.


ابتسم الملك له وحياه ونظر لرزان وأماء لها برأسه كي تتكلم وتحكي له عما تريد في حكمة وذكاء كما لاحظ عليها، فإنه بذكاءه كملك علم أنها ذكية وحكيمة، وأراد أن يؤخرها في الكلام.


كي تحكي له بالتفصيل عن نفسها، لأن ما سمعه منها من قوة وذكاء وذوق قد أذهله، وعرف من خلاله مدى أهميتها بين رفاقها الإثنان، لهذا اقتربت منه رزان وقدمت له الهدية التي قد جلبتها معها.


 وراحت تمسحها بي دها وتظهر مدى جمالها، كي يشعر الملك بأهمية الهدية، إنها رغم أنها هدية بسيطة لكنها جميلة المظهر بهية الطلة.


تظهر عليها أنها كتذكار هام يحيي في النفس كل جميل من الإحساس، وراحت تقول في ود وحب بالغ:


-ملكنا العظيم سنار، إنكَ كما رأيت ذكي جدًا، وإن هذه الهدية ليست في قيمة حضرتكم الموقرة، لكني رأيت أنها رغم بساطتها ستعلن لكم عن مدى حبي وإعزازي لكم.


 وإني أراها قد حققت ما أريد من معاني، وقد أحدثت أيها الملك في نفسي سعادة بالغة حقًا، فهل تقبل هذه الهدية المتواضعة مني؟


نظر الملك لها بسعادة، وأمر الحارس أن يأخذ الهدية ويضعها في موضع ثمين وقيم كي تظهر أمامه دائمًا كي تسعده وتذكره بما قالته هذه العروس البحرية المميزة.


والذي أسر قلبه الطيب ناحيتها، وراح يوميء لها بأن تكلمه عن نفسها فجلست على صخرة أمامه، وراحت تقول في حكمة وود بالغ:


-إني أيها الملك الطيب سنار، ضيفة على بحركم العظيم، فأنا في الأساس لم أكن من ساكني البحور، لكني كنت إنسية ابنة آدم، خلقت ابنة لأب ضعيف الشخصية.


وكنت ابنته الوحيدة، لهذا بعد أن توفت أمي قرر أبي الطيب أن يتزوج بأُخرى، ورغم أنه أكد لي قبل أن يتز وج أنني سأكون أقرب إليه منها إلا أنها استحوذت عليه.


وأسرت قلبه، وجعلته كالخاتم في اصبعها، راحت هذه المرأة الشريرة القاسية الغليظة الطبع، تريني كل ألوان العذاب، فكانت تأمرني أن أنظف البيت يوميا مرتين مرة صباحا ومرة أخرى مساءً.


 وكنت أصنع لها الطعام بيدي، ورغم أنني أخدمها وأخدم أبي، كانت لا تجعلني أستريح أو أتناول طعامي كما يجب، فباتت صحتي في الاعتلال ظاهرة.


تعجب الملك سنار من كلامها وراح يقول في رقة وحنان:


-لكن كيف لأبيك أن يتركك تعانين كل هذا العذاب دون أن يتدخل لينقذك، ألم يكن يرى ما تصنعه هذه المرأة بكِ، ألم يكن له قلب يتحرك ناحيتك، أم أنه مثلها شرير وقاسي الطبع؟ إني محتار في أمره.


خرجت من عين رزان دمعة تتوارى خلف خديها حسرة على ما عانته في حياتها، وراحت تتنفس بعمق مخرجة زفرة مليئة بالحسرة والحزن على ما رأته مع هذه المرأة وراحت ترد على الملك قائلة:


-أبي لا لم يكن شرير قاسي، لكنه كان أسير هواها، يصدق كل ما تقوله عني، ولو حاولت أن أخبره بأمر يكشف خداع هذه المرأة كان يظن أنني أغار من حبه لها، وأدعي عليها الإدعاءات المختلفة.


 تصور يا سيدي أني سمعتها بنفسي تحادث عشيقها بهمس تحت نافذة حجرتي، لقد سمعتها بأذني تتآمر على أبي الضعيف الطيب الذي أُسِرَ بحبها، وأصبح كاللعبة في يدها.


 حلفت له بأغلظ الأيمان أني صادقة جدًا، لكنه لم يصدقني مطلقًا، وظن أني أُخطط لتطليقها منه حتى يخلو لي الجو وأصبح سيدة البيت وحدي.


 لكن ماذا يفعل الصادق مع شخص مسحور مولع بحب إمرأةٍ تكيل له الشر، وتخطط له بكل ما أُتيت من حيل.


ذُهِلَ الملك سنار مما تقول رزان وراح يسألها بحزن بالغ كي يفهم كيف تحولت إلى عروسة البحور وكيف أتت إلى العيش في هذا البحر معهم، فقال متعجبًا:


-إني محتار في أمرك يا رزان، وأتعجب من أمر فعل هذا الح ب بأبيكِ المخدوع الساذج، إنه جد ضعيف، ولا يقدر حتى على انقاذ نفسه من شرها، إنها داهية كبيرة.


 ولقد خططت خططتها بذكاء شديد، وراحت تلعب معه لعبة خبيثة، ظهرت في أفعالها المختلفة، لكن قوليلي كيف أتيتِ إلى عالمنا عالم البحور، وكيف تحولت إلى عروس بهذا المنظر؟


ابتسمت رزان وراحت تقول بحب وحسرة وأثناء كلامها سُمع صوت من الخارج يصرخ ويقول في حذر شديد.


أيها الملك سنار إننا في وورطة لقد حدث شيء مفزع، ويجب أن نتحرك بسرعة لسد هذا الأمر يا مولاي.


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة مايسة الألفي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة