-->

رواية جديدة رزان والمجهول لمايسة الألفي - الفصل 7

 

قراءة رواية رزان والمجهوول كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية رزان والمجهول

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة مايسة الألفي


الفصل السابع

عندما صرخ أحد الحراس مناديًا الملك سنار للاستغاثة، رد الملك سنار بحذر وقال في حكمة بالغة:


-ماذا حدث أيها الحارس الهمام، ما الذي جعلك تصرخ هكذا، إهدأ قليلًا، وقل لي ومهما حدث، لا تصرخ بهذه الطريقة، حتى لا يضطرب الجنود، ويحدث بلبلة، اهدأ وتكلم بهدوء.


تلعثم الحارس وراح يزدرد ريقه، ويقول للملك:

-مولاي، لقد لاحظ جنودنا وجود حوت يقترب من دائراتنا، وكان الحوت ضخمًا جدًا، ومن المتوقع أن يهجم هذا الحوت على القصر في غضون ساعة لا أكثر.


 فأرشدني يا مولاي ماذا أفعل في هذه الورطة، لقد حاول جنودنا فعل شيء، لكن المفاجأة قد ألجمت الجميع وراحوا يبتعدون في خوف.


دلنا يا مولاي ماذا سنصنع في هذه الورطة، من المتوقع أن يتهدم القصر، ونقع جميعنا فريسة لهذا الحوت، أرشدنا يا مولاي.


نظر الملك سنار إليه في حكمة وراح يقلب الأمر في رأسه لعله يجد حلًا، لكنه بعد لحظات نهض من مجلسه واتجه ناحية البلورة التي يراقب بها ما يدور خارج القصر، ثم ابتسم وقال:


-اهدأ أيها الحارس الطيب، اهدأوا أيها الجنود، لقد اتجه الحوت للناحية الشاطيء ولقد رأيته بعيني متجهًا، فلا تقلقوا، ألم أقل لكم أننا محاطون بسياج سامة للحيتان، عندما يقتربون من دائرتنا يشمون هذه الرائحة السامة.


 فينفروا منها متجهين بعيدًا، إني قد أعددت عددتي منذ هجوم سمكة القرش في العام الماضي، وأمرت الجنود أن يحيطونا بهذه السياج الهامة السامة، اهدأوا واذهبوا لعملكم إني الآن أود أن أستمع إلى باقي حكاية رزان عروسة البحور الجميلة.


التي شرفتنا بالزيارة، هيا اذهبوا واحضروا مشروبًا خاصًا لضيوفنا السعداء، وإني قد اضطربت قليلًا، عندما سمعتكم تصرخون أيها الحراس الساذجين، كونوا حذرين دومًا، ومهما يكن الخطر.


لا تنزعجوا أبدًا، لأن الإنزعاج يوتر الأمر، ويجعل الجميع في حالة توتر شديدة، وبهذا تضطرب الأمور، ويختل التوازن العام للجنود، ومهما كنا مستعدين لمواجهة أي خطر.


فإن هذا التوتر سيؤثر علينا بالسلب ويجعلنا ننسى الدفاع ونفكر في الهروب، وإذا نسينا الدفاع، وما أعددنا له.


فلسوف ننتهي جميعًا ونصبح في خبر كان، هيا يا رزان أخبريني كيف تحولتي لعروسة بحر، فإني مشتاق لمعرفة باقي الحكاية إنها حقًا حكاية مشوقة جدًا، اسردي الأمر على مهلٍ.


ابتسمت رزان التي قد اضطربت عند هجوم الحوت وصراخ الحارس، جعلها تخشى الموت، وتستعد للهروب.


هي ومن معها من الدلافين الأوفياء، لكن الملك سنار بحكمته قد هدأ الجميع، وراح ينبهم لأهمية الهدوء، نهضت رزان وقالت لتكمل حكاياتها:

-لقد كانت من عادتي يا مولاي.


 وخصوصًا في المساء، أن أضع المنوم في الشاي لأبي وزوجة أبي، حتى أستطيع أن أكل على راحتي، وأستمتع بالجلوس أمام التلفاز، ثم الخروج والجلوس أمام شاطيء البحر.


 لأني كنتُ محرومة من كل هذه المتع بأمر من زوجة أبي نعمات الشريرة القاسية الغليظة الطبع، وعندما ذهبت وجلست على الشاطيء أمسكت بقلمي ودفتري.


 وبدأت أكتب خواطري التي أعبر فيها عما يحزنني، لأن الخواطر تطهرني وتجعلني سعيدة، خصوصًا إذا كتبتها بصدق في دفتري المزين، الذي تركته على الشاطيء.


ثم بعدها رأيت بلورة مسحورة، خرجت منها امرأة عجوز، قد حررتها عندما لامست حروف التعويذة، طلبت مني هذه العجوز أن أطلب منها شيئًا تحققه لي.


 وبالفعل طلبت أن أتحول لعروسة بحر أعيش في الأعماق بعيدًا عن زو جة أبي اللعوب التي دومًا تعكر مزاجي بضربها لي وشجارها معي.


ومنذ أن تحولت أصبح روني الدولفي الطيب صديقي المخلص، وهكذا يا مولاي إلى أن قابلتك اليوم، وحكيت لك قصتي.


ابتسم الملك وفرح بهذه القصة، وراح يخصص لرزان رتبة من رتبه، وقال بحب بالغ:


-عزيزتي رزان، إن حكاياتك بديعة جدًا، ولقد استمتعت واتعظت وأشفقت عليكِ من هذه المرأة الشريرة، التي قد جعلت منك عروسة بحور جميلة، لكني أرى أني لابد أن أجعلك أميرة من أميرات مملكتي.


 وأضع التاج فوق رأسك، كي تعيشي في البحر آمنة، وتتجولي فيه بحرية تامة، ولن يقدر أي مخلوق على معاملتك باستهانة مرة أُخرى، لهذا ستتجولين في البحر بالتاج، ولن يؤذيكِ أحدًا بعد اليوم.


إلا الحوت فإننا لا نقدر على منعه من إيذاء أحدًا، لكن إذا أحسستي أنه قادم ليفترسك أنتِ وأصدقائك، اقتربوا من قصري، المحاط برائحة السم القاتلة للحيتان، وساعتها لن يؤذيكِ أو يؤذي أصدقائك مطلقًا.


وأُريد أن أخبرك بأننا تحت أمرك في أي شيء تريدينه من داخل البحور، فإني لا أملك إلا ما داخل البحور، أما خارجها فله حكم بعيد عني، ولن أستطيع أن أتحكم فيه، لهذا أخبركم بالأمر.


 حتى تحطاطوا له، وأنتما يا روني أنا وسفر، لقد أعطيتكما فص التاج لتعيشا في البحر مميزين، لن يستطيع أحد من المخلوقات البحرية الاستهانة بكما.


 اقتربا لكي أضع لكما فصا التاج لكي تعيشا في البحر مكرمين، دوم أن يستهين بكما أحد، ولقد أعجبت بحبكما لرزان، وصداقتكما لها، هيا اقتربي يا رزان لألبسك التاج فأنت أميرة البحور، ولن يستهين بكِ أحد.


اقترب الجميع كي يضع لهم الملك التاج، ويميزهم على جميع مخلوقات البحر، ابتسموا جميعًا، وراحوا يمدحون الملك سنار، ويرددون في ثناءه.


 ففرح الملك بهم جدًا و أحس أن يومه ومزاجه قد تحسن، بعدما كان قد مل من المكوث وحيدًا في قصره، راحت رزان تنظر في المرآة الموضوعة أمامها، فرأت نفسها جميلة ومزينة بالتاج.


ففرحت وقالت في حب ود لال بالغ ناظرة للملك سنار ملك البحور العظيم، وراحت تتمايل وترقص أمامه كأنها راقصة عالمية، فقد أحست أنها لابد أن تعبر عن فرحتها للملك ولم تخجل من شيء، وقالت:


-عزيزي الملك سنار، لقد أحييت في نفسي الأمل من جديد، ولقد أحسست عندما ألبستني التاج أنني قد نجوت من أمور كثيرة منغصة علي حياتي، فإني كنت أعاني عندما أسير في البحر أجد بعض الأسماك الكبيرة والقناديل.


تنظر إلي باستهانة، لكن بعد أن وضعت لي التاج أنا وأصدقائي، أعتقد أنهم سيحترموننا جيدًا، ولسوف نستطيع العيش وسطهم برأسٍ مرتفعةٍ، لا يستطيع أحد أن يضا يضاقنا بعد اليوم، لهذا أشكرك جدًا.


على صنيعك هذا، وأشكر روني الدولفي الطيب الذي أرشدني لمقابلتك، والأنس بالسمر بحديثي معك، لكن كنتُ أود أن أعرف هل من الممكن أن نأتي إلى جلالتك، إذا احتجنا شيء ما.


هل من الممكن أن نلجأ إليك؟ وهل من الممكن زيارة جلالتك إذا احتجنا أن نتسامر معك، لقد أحببت لقائك والأنس بحديثك أيها الملك العظيم السعيد، الذي أهدى لنا أغلى هدية في البحر.


ابتسم الملك سنار، وراح ينظر لها بحب، لقد أحسسته رزان عروسة البحور بالتميز، والقيمة العالية، حقًا إنه ملكٌ مهم، لكنه لم يشعر قبل ذلك بأن له يد على إنسية ذكية كرزان.


لهذا فضل أن يمتدح ذكائها وذوقها المميز، فقال في حب:


-عزيزتي رزان عروسة البحور الجميلة إنكِ تتمتعين بذكاءٍ وتميز في الذوق، لهذا أشكرك جدًا بل وأُوكد لكِ أنكِ تستطيعين أن تأتي في أي وقتٍ كان، وبل أُوكد عليكِ أن تأتي بحب، ودون خوف أو إذن.


 إنكِ تتمتعين بشخصية ملكية هامة، تتميز بالكثير من الصفات، ولابد أنكِ تنحدرين من أُسرة ملكية كبيرة، فهذه الصفات الجميلة لابد أنكِ قد ورثتيها عن جدودٍ عظماء عظيمي الشأن، ولهذا سأعطيك هدية تذكار مني.


 تحتفظين بها في بيتك أمامك دومًا، عندما تنظرين إليها تتذكريني على الفور، هذه اللؤلوة الطيبة الجميلة، لقد ورثتها عن جدتي، وقد كانت تضعها أمامها في قصرها الملكي، حتى إذا أرادت أن تمتع عينيها بها.


فكانت تنظر إليها في حب أثناء وجودها على العرش، وقد أوصتني أن أحتفظ بها لشخص غال، كي أستطيع أن أحافظ عليها، لهذا أطلب منكِ أن تحتفظي بها في مكان أمين.


 بحيث أن تنظرين إليها وتستمتعين بمنظرها الخلاب، ولقد وثقت فيكِ واعتبرتك أميرة في قصري، وعليكِ أن تتمتعين بأي شيء في هذا القصر الكبير العظيم.


ابتهجت رزان وفرحت بهذا الوعد، وهذه الهدية، وراحت تشكره عليها بحب وسعادة، ثم استأذنت وخرجت مع روني وسفر الدولفين المخلصين لها، وخرج سعداء يتمايلون في حبٍ وسعادة بالغة، وظهر على وجههم البشر والتميز.

❈-❈-❈


في منزل عبد الله ونعمات في مساء نفس اليوم، جلست نعمات على مائدة الطعام، تنظر إلى التلفاز أمامها وتضحك على مسرحية قديمة تعرض على احدى القنوات.


فجأة أحست أنها تش عر بصداعٍ متعبٍ، نظرت حولها تبحث عن عبد الله زو جها، ليعد لها كوبًا من الشاي حتى تتناول معه حبة الصداع الذي دومًا تتناولها حينما تش عر بالصداع، فلم تجد عبد الله جانبها، لهذا حاولت أن تنادي عليه قائلة:


-يا عبد الله أين أنت؟ لقد أتاني الصداع مرة أخرى، ولابد أنه قد أتى من قلة نومي هذه الأيام، كم من مرة قلت لكَ لا تقلقني من نومي أبدًا حتى لا أشعر بالصداع من قلة النوم، ولكنكَ دومًا تخلف وعدك لي وتوقظني لأمورٍ تافهة.


 مرة توقظني لأنكَ قلق على ابنتك وتتمنى أن تحتضنها، ومرة لأنك تبحث عن طريقة تبحث بها عن طريق تجدها به، وفي كل مرة، أنهرك وأوبخك، وأحذرك من إيقاظي لهذه الأمور التافهة.


لابد أن تفهم أني إمرأة مختلفة، أحب أن أعيش عيشة مختلفة، أرتاح فيها وأنام مليء جفوني، لأنني منذ أن هربت ابنتك العنيدة، أقوم بعمل كل ما يحتاجه البيت وحدي.


 أنظف وأطبخ، فهل ستفهم أني مختلفة أم أتعبك بكثرة صراخي وشجاري، لقد أعلمتك مرارًا بطبعي ومزاجي المتقلب، هل ستفهم أم ستتعبني بقية حياتي معك؟


خرج عبد الله من الغرفة الخاصة به، يحاول أن يحدثها بطريقة مهذبة؛ حتى لا تنهره وتوبخه كعادتها، لكنه لم يقدر على اظهار الابتسام أمامها كي يرضيها، فراح يقول له في حزن وقلة حيلة:


-زو جتي العزيزة نعمات أحب أن أخبرك أنني متعب من قلة النوم أنا أيضًا، وأوحاول أن أكون عند حسن ظنك دومًا، لكن لا تستكثري علي أمر حزني على ابنتي، فإني منشغل بها دومًا، وأريد أن أجد طريقة ما لكي أجدها،وأرتاح ويرتاح فكري المتعب.


يعلم الله أنني تعبت كثيرًا من التفكير فيها، وفي طريقة للبحث عنها، لكن ماذا أصنع في نفسي إنني مجبر على هذا العذاب، وأود أن أغير طبعي لكي أُرضيكِ لكن ما بالي د حيلة، ولقد حاولت أن أهديء نفسي وأنتِ نائمة.


حتى ترتاحين من عملك في البيت، لكن قلبي دومًا يحدثني بأمر مكروه عن ابنتي، دومًا أحلم أنها قد أصيبت في حادثة ما، أو قد ماتت في أحد الأماكن دون أن أعرف، لهذا أنا دومًا في حيرة من أمري، فماذا تريدين مني الآن، حتى أُلبيه لكِ لأرضيكِ.


فأنا دومًا أحبك واتمنى أن أُرضيكِ كي تسعدي، ويظهر هذا عليكِ في تعاملك معي، فلقد مللت من جفاء المعاملة، وإن غياب ابنتي يجعلني دومًا محتاج لكلمة حلوة تخفف من حدة الأمور، لهذا أطلب منك أن ترفقي بحالي.


وتساعديني على تجاوز الأزمة، لابد أن تكوني رحيمة بي، أنسيتِ وعدك لي بالأمسِ أنكِ ستحاولين أن تحسني إسلوبك معي ومع ابنتي؟ أنسيتِ أني أعرف أن داخلك إمرأة طيبة مهما ظهر لي من قسوة؟


 فلابد أن داخلك رحمة كثيرة وكبيرة لي ولابنتي الطيبة الجميلة، ولقد أحسست من وعدك بالأمسِ بالصدق، فلما عاودتي لطريقتك القاسية التي كنا أنا وابنتي نكرهها فيكِ؟


تذكرت نعمات ما خططته بالأمس من أمر تغيرها معه، لكي تحصل على ماله الذي يدخره لزو اج ابنته، إنها تعلم أنه يدخر مالًا وفيرًا لابنته كي يزوجها، لهذا حاولت أن تظهر له وجهها الطيب.


 كي يلين لها ويأتي بما يدخره، كي تعطيه لعش يقها الذي تقابله سرًا، لهذا حاولت أن تظهر الوجه الطيب هذا مرة أُخرى، وقالت في خبث وطيبة مصطنعة حتى لا يشعر زو جها عبد الله بشيء ما يغير ما ينويه:


-زو جي الطيب إني أعلم مدى حبكَ لي، وطاعتك وولاء لكل ما يخصني، لكني أش عر أن هناك حاجز بيني وبينك يمنع أن يصل حبي لك وحبك لي، ألا وهو ابنتك الغائبة العنيدة، إني أراك قد تحيزت لها أكثر من تحيزك لي.


 وأراك تدخر الأموال الكثيرة لكي تجهز بها ابنتك، لكن دع هذا الأمر جانبًا، وفكر في كزوجة طيبة تخدمك وتعيش معك في ح ب دومًا، هل أستطيع بكل ما فعلت من خدمة لك أن أحظى باهتمامك وأن تعطني نصف ما تدخره لابنتك هذه.


 إني أش عر أنكَ قد نسيتني تمامًا، ونسيت أنني امرأة يجب أن تظهر بمظهر لائق دومًا، انظر فليس معي ذهب كافي كباقي النساء، إنني أخجل من نفسي عندما أخرج لأتسوق وتراني النساء الأُخريات فلا يجدن معي ذهب يلمع كالذهب الذي في أيديهن.


ألن تش عر بي يومًا وتغير لي هذا الذهب القليل الذي في يدي، وتغرقني بآخر يلمع وينير جس دي البض، فلمن أرتديه يا رجل؟ أليست زينتي هذه من أجلك ومن أجل سعادتك أيها الزو ج الصالح الطيب؟ 


انظر إلي ولو لمرة كما تنظر لابنتك الهاربة العنيدة، إنكَ قد أفسدتها بدلاك لها، ألم أقل لك دومًا، اتركها كي يشتد عودها وتصبح قوية كباقي الفتيات اللائي في نفس عمرها، إن إبنتك ليست في قوة البنات اللائي أراهن دومًا.


إنني لو نظرت للفتيات الأُخريات أجدهن قد ظهر عليهن الطاعة والولاء لأسرتهن كي يحصلن على رضاء أسرتهن ويصبحن فتيات جميلات تتحدث عنهن الألسنة، وإني أرى أنكَ لابد أن تترك أمرها لي فأنا إمرأة مثلها وأفهم ما يدور داخل رأسها.


 لهذا سأجعلها تظهر بمظهر الفتاة القوية التي يفخر أهلها بها دومًا، أتركها لي وسوف أُعلمها كل شيء، فلن أدعها ضعيفة كما هي، سأصنع منها أميرة قوية تفخر بها أمام أي عريس يتمنى أن يتزو جها.


 لكن إذا تركتها هكذا لنفسها وفكرها المايع هذا، فلسوف تفضحك في يومٍ ما كما تفضحك الآن بأمر هروبها من البيت، ألا ترى أن هروبها هذا قد جعل الجميع يفكر في أمورٍ سيئةٍ.


يتحدثون عنها كفتاة ساقطة لا رادع لها، فإن دلالك لها جعلها تعشق أحدهم وتهرب معه لتجلب لنا العار دومًا، هل ستترك الأمر هكذا دون رادع أو حاكم؟ تكلم ولا تتركني أتكلم وأثرثر هكذا كالمذياع دون انقطاع، تكلم وقل لي قولًا يريحني.


حاول عبد الله أن يقول قولًا يريحها، لكنه يشعر بأمر سيء يجعله يقلق على ابنته فراح يفكر في نفسه ويحدثها في أمر اختفاء ابنته، راح يقلب ما قالته زوجته على كل الأوجه، ويقول" أين اختفت ابنتي يا عالم؟ 


إني لم ألحظ عليها أي تعلق بأحد من الشباب، بل كانت دومًا تظهر وحدها لا يظهر معها أحد مطلقًا، أيكون قد خدعها أحدٌ من الشباب؟ حقًا ولما لا، إنها فتاة طيبة ساذجة.


أيكون قد فعل معها شيئًا أشعرها بالعار، فهربت معه لكي تواري عارها معه، لكن كيف؟ وهي لا تخرج مطلقًا دون رقابة مني أو من نعمات، إنها دومًا تحت أعيننا، لكن لابد من إيجاد طريقة ما تظهرها وتظهر من أوقعها وجعلها تهرب معه، لابد أنه شخصٌ غريب لا نعرفه.


لابد أنها كانت تقابله دومًا ليلًا وحدها بعد أن ننام جميعًا، حتمًا هذا ما حدث، لأنها اختفت ليلًا آخر مرة، ولأننا في النهار تكون تحت أعيننا أنا ونعمات، التي لا تدع فرصة لها لكي تفعل شيئًا دون رقابة منها.


حقًا إن نعمات معها حق، لقد تركت لها الحبل، لتظهر لنا مياعتها وضعفها وتتركنا وتهرب، لكن ماذا سأصنع؟ وقد ركزت نعمات على ما أدخره لابنتي لأجهزها به أثناء زواجها؟ 


تُرى كيف عرفت أنني أدخر مالًا، إن ما أدخره لا يصل إلى المئة ألف جنيه، إنها خمسون ألف فقد، هي كل ما استطعت أن أدخره، إن نعمات تأخذ مني كل إيراد أخذه من المحل.


 لولاها لكنت ادخرت أكثر، إن الحياة أصبحت غالية جدًا ولن ينفع هذا المبلغ لتجهيز فتاة على وشك الزواج، لكن كيف ستتزوج وهي هاربة؟ وكيف سأجهزها وأنا سأدفع ما ادخرته من أجل الإعلان عن غيابها في الصحف وجعل هذا المبلغ مكافأة لمن يدلنا عليها.


المهم الآن أن تعود، وبعدها سنحل كل الأمور، حتى لو اضطررت للمجازفة وبيع نصيبها الذي ورثته عن أُمها لكي أُزو جها به، لقد كنت أخفي عن نعمات أمر ميراثها حتى الآن حتى لا تضطرنا إلى بيعه كي تأخذه مني وتجعلني فقير.


حقًا إنني أُحب نعمات، لكني حبي لابنتي يفوق كل شيء، وقد ظهر هذا بعدما اختفت، لو كان ظهر هذا الحب وهي موجودة معنا لكنتُ عوضتها عن كل ما فعلته نعمات معها.


لقد كنتُ مغيب أثناء تعامل نعمات معها بهذه القسوة، لقد كانت هذه المرأة الغليظة الطبع كأنها تسحرني بكلامها وقسوتها، لا أدري كيف كنتُ أُحب كل هذه القسوة علي وعلى ابنتي؟


 أعتقد أن أدم نت التعلق بها، وأدعو الله أن يشفيني من هذا التعلق، لقد كلفني هذا الأمر الكثير والكثير، سأحاول أن أُحايلها بكلامي المعسول حتى تنسى أمر ما أدخره من مال.


 وتحاول أن تساعدني في أمر بحث طريقة ما لكي أجد ابنتي، لابد أن اقنعها بأي وسيلة أن نبحث عن ابنتي.


سأنهض وآتي لها بالدواء كي يخف عنها هذا الصداع اللعين وتحاول أن تكون لطيفةٌ معي، إني متعب الأعصاب لأمر اختفاء ابنتي، إني أحبها جدًا، وأدعو الله أن أجدها" 


أنهى عبد الله حديثه لنفسه ونهض ليأتي بالدواء لزوجته، فرأته نعمات التي زاد غضبها من ألم الصداع وقالت في حدة بالغة:


-مالكَ يا رجل؟ ألم أقل لكَ اجلب لي حبة الصداع، ألهذا الحد تفكر في ابنتك؟ هيا أسرع وأحضر لي الحبة لقد بلغ مني الألم مبلغة، ولا تلوم إلا نفسك إذا قسوت عليك.


أثناء نهوض عبد الله لجلب حبة الصداع دُقَ جرس الباب بشدة.


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة مايسة الألفي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة