-->

رواية جديدة رزان والمجهول لمايسة الألفي - الفصل 8

 

قراءة رواية رزان والمجهوول كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية رزان والمجهول

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة مايسة الألفي


الفصل الثامن


أثناء نهوض عبد الله لجلب حبة الصداع، سمع دق جرس الباب بشدة فقالت زو جته نعمات:

-من يا تُرىَ أتى إلينا؟ هل تنتظر أحدًا يا زوجي الهمام؟


اتجه عبد الله إلى الباب ليفتح، فوجد الحج شرف قد أتى كما إتفق معه، فرحب به، وسلم عليه سلامًا، وأذن له بالدخول وقال مبتسمًا لزو جته:

-لا تقلقي يا نعمات إنه الحج شرف شريكي في المحل.


 قد جاء ليزورنا، مالكَ يا حج شرف؟ لم تأتينا منذ فترة طويلة، ألم تفتقدنا يا رجل؟ لقد ظننت أنكَ قد نسيت مكان بيتنا، لكن مرحبًا بكَ أيها الغالي الطيب، ادخل لتجلس معنا، لقد كنا نتحاور في أمر اختفاء ابنتي رزان الجميلة.


تعجبت نعمات من زيارة الحج شرف لهما، وبدا عليها التساؤل والحيرة، فراحت ترحب به قائلة:

-مرحبًا بكَ أيها الرجل الهمام، هل هناك شيء ما قد حدث للمحل جعلك تفكر في زيارتنا؟ أم أنها زيارة عادية، تفضل واجلس إن البيت بيتك.


نظر لها الحج شرف باهتمام بالغ وراح يفسر ما بدر على وجهها من حيرة، لكنه سرعان ما رحب بها لكي يليها عن فهم مقصده الحقيقي من الزيارة، لهذا حاول أن يكون حذرًا في كلامه معها، إنه قد أتى خصيصًا من أجلها، لهذا رد عليها بحرارة بالغة وقال:


-مرحبًا بكِ أيتها السيدة الطيبة، لقد كنت أفكر في حالكما بعدما اختفت ابنة عبد الله الغالية، لهذا فكرت في أمر سيحل المشكلة تمامًا، فلا تقلقوا مطلقًا إننا إخوة قد خلقنا من أجل التعاون، لهذا جئتُ لأعرض عليكما أمر ما.


حاولت نعمات أن تفهم مقصد الحج شرف من الزيارة، لكنها لم تفهم شيئًا مما قاله، إنه كلام عام ليس فيه توضيح مطلقًا، لهذا حاولت أن تجعل الحج شرف يتعجل في الإفصاح عن نواياه.


 إنها رغم ما ظهر عليها من أمارات الترحيب به، إلا أنها تخفي داخلها خبثًا كبيرًا، وتكن لهم شرًا أليمًا، لهذا قالت في هدوء مصطنع:


-ماذا تُريد أن تقول يا حج شرف؟ هل هناك أمر ما تخفيه علينا؟ أم أنكَ جئت لأمر العمل، تكلم حتى تطمئني على سير العمل في المحل، إنكَ قد أقلقتني كثيرًا، ماذا تقصد بأننا إخوة.


 ويجب علينا التعاون؟ هل تعرض المحل لخسارة ما، وتود أن تساعدنا فيه؟ أم هناك شيء آخر؟


ابتسم الحج شرف وراح يطمئنها ببعض الكلمات لأنه أحس بقلقها الذي تخفيه خلف هذا الهدوء المصطنع، إنه لا ينسى أبدًا ح بها للمال، لقد رآها أكثر من مرة تأتي للمحل، وتحاول أن تسطو على ما حققه المحل من إيرادات.


لكنه كان دومًا، يقف في وجهها ويؤكد لها أن المال الموجود مخصص لشراء بضاعة جديدة للمحل، فتضطر المرأة الخبيثة إلى التشاجر مع زو جها الضعيف من أجل أخذ المال، لهذا حاول أن يقول لها قبل أن تحدث زوبعة في المكان:


-طمئني نفسك تمامًا ولا تفكري في أمر سيء، إنني أقصد أمر اختفاء الجميلة رزان، وأريد أن أتعاون مع عبد الله من أجل البحث عنها بأي وسيلة ممكنة، وإني قد اتفقت مع احدى الصحف في أمر إعلان مكافأة خمسون ألف جنيه.


من أجل من يدلنا عليها، لأني أحسست بعذاب عبد الله، منذ اختفاء رزان وهو لا ينتبه لأي شيء مطلقًا، وأحيانًا يبكي بحرقة.


ولقد لاحظت هذا كثيرًا عليه، فأردت أن أصنع له شيئًا يحل المشكلة ويخفف من شدة حزنه على ابنته، لأني يعلم الله أنني كم أحببته، واتخذته أخًا لي.


ذُهلت نعمات من الخبر، وراحت تفكر في أمر هذا المبلغ الكبير الذي سيعرضه مكافأة لمن يدلهم على رزان، وأحست أن الحج شرف قد ورط زو جها في دفع مبلغ كبير كهذا، وهي تخطط لأمورها الخاصة في أخذ ما معه لها وحدها.


 فراحت تفكر في أمر عشيقها وما تخططه معه من خططٍ كي تحصل على كل مال زوجها، وأنه بهذا، قد ضيع عليها الفرصة تمامًا، وأحبط كل خططتها، فحاولت أن تتماسك لكي تقنعهم بالعدول عن هذا الأمر المكلف.


 فحاولت أن تظهر الهدوء في كلامها وراحت تقول في خبث بالغ:


-إنكَ يا حج شرف قد فاجئتنا بهذا الأمر، وتعلم أننا لسنا لدينا كل هذا المبلغ الذي ستخصصه مكافأة لمن يدلنا على مكان ابنته، وإني والله مستعدة أن أبيع كل ما لدي من ذهب، كي أساعدكم.


لكن ما معي من ذهب لن يكفي كل هذا المبلغ الذي حددته في الإعلان، فما رأيكَ أن نقلع عن فكرة المكافأة، ويكفي أن نعلن مجرد إعلان فقط، ويكفينا أن ثمن الإعلان سنقدر على دفعه.


أما المكافأة فلستـ أشجعك عليها، ليس لدينا مال يكفي هذه المكافأة التي أعلنتها، أرجوك أن تتراجع عن هذه الفكرة، لقد كان يجب أن تلجأ إلينا وتستشيرنا قبل تحديد كل هذا المبلغ.


وإني أراكَ قد تسرعت يا سيدي الطيب، إنني أعلم والله حسن نواياك لكن ليس باليد حيلة.


قرأ الحج شرف الخبث والقلق في كلام نعمات، فأسرع كي يفهمها أنه من سيدفع المبلغ وليس عبد الله، فقال في عجالة:


-مهلًا أيتها السيدة الطيبة، إني أعرف مدى حبك لرزان وحرصك على مصلحتها، رغم ما يظهر أمامنا من قسوة وغلظة، لكننا جميعا نعلم أنك تفعلين هذا من أجل مصلحتها، لهذا فأنا مطمئن مما في قلبك تجاهها.


 كما أعلم أن عبد الله ليس معه كل هذا المبلغ، فإني شريكه، وأعلم الناس بحاله، لكني قد دبرت مبلغًا، من بيع قطعة أرض لي، وسوف أدفع المكافأة من مالي الخاص، فلا تقلقي من شيء أبدًا إني أعلم أنكم لا تملكون إلا قوت يومكم.


ابتسمت نعمات في خبث، وراحت تفكر، هل سيدفع الحج شرف المبلغ، هبة وصدقة منه، أم أنه سيكون دين عليهم، لهذا راحت تفكر وتقلب الأمر وتقول في لؤمٍ شديدٍ:


-أعلم يا حج شرف أنكَ رجل كريم، ودائمًا ما تفعل الخير، لكني أحب أن أعلمك أننا لن نقدر على سد هذا الدين مستقبلًا، إننا كما تعلم، لا نملك ما يجعلنا نقدر على سد هذا المبلغ لك في يومٍ ما، حقًا إنك رجل شهم.


 ويجب سد هذا الدين لك، يكفي أنك قد بادرت وأعلنت عنه من مالك الخاص، وإنه يجب أن نسدده لك، لكن من أين؟ وأنت خير العالمين بالحالة التي نعيشها، ولا تنظر للذهب الذي في يدي.


فإنه لا يسد هذا المبلغ مطلقًا، لهذا يا أيها الرجل الطيب لا تنتظر منا سد هذا المبلغ لك في يومٍ ما، فنحن كما ترى، قد أكل علينا الزمان وشرب وما باليد حيلة.


 آه لقد نسيت في غمرة كلامنا أن أعد لك كوبا من الشاي واجب الضيافة، لهذا فأنا أعلنه لك قبل أن أدخل لأعد الشاي، إننا لن نقدر على سد هذا المبلغ لا الآن ولا مستقبلًا.


فهم الحج شرف مقصد هذه السيدة اللئيمة الخبيثة، وأسرع ليخبرها بالأمر قائلًا في حكمة بالغة:


-انتظري أيتها السيدة الطيبة، إني أُريد أن أعلمك شيئًا قبل أن تدخلي وتعدي الشاي، إن هذا المبلغ سيكون هدية مني لعبد الله، إنه أخي الطيب، الذي أشعر معه دومًا بالسعادة والطيبة.


 لهذا، سأعتبر أن هذا المبلغ لم يكن موجودًا عندي من الأساس، ولن أطلب منكم سد هذا الدين، إنها هدية مني، إن رزان في مقام ابنتي، ولن أفرط في حق ابنتي أبدًا، لهذا سأدفع المبلغ وأنا راض تمامًا، ولا تحملا هم شيئًا مطلقًا بعد اليوم.


سمعت نعمات كلام الرجل، فحقدت على المسكينة رزان التي سيدفع لها هذا المبلغ، وتمنت في نفسها أن تأخذه لها، لتعطيه لعشيقها الذي اتفقت معه، على جلب المال من زو جها الضعيف.


 لكنها بخب ثها الشديد، أحست أنها لابد أن تظهر جانب السعادة، حتى لا يشك فيها عبد الله ويعطيها ما معه، كما وعدها لهذا ابتسمت وقالت بخبث:


-أعلم أنك كريم يا حج شرف، وأعلم أننا مقصرين في تعاملنا معك، لهذا سأنهض وأعد لك أحلى كوب شاي، ومعه طبق كيكة البرتقال الذي صنعتها اليوم، إنك بهذا الصنع الطيل أصبحت واحدًا من البيت، وحقًا إننا مشتاقون لرؤية رزان الحبيبة.


 لقد أفتقد عندها وشجارها معي، آه يا رزان الغالية، أين أنتِ الآن يا ابنتي؟ لقد أتعبتينا معك موجودة وغائبة، لكن ما باليد حيلة.


 لهذا لابد أن أنهض وأُكافئك أنا على مساعدتك لرزان الغالية، إنك بهذا أثبت أنكَ نعم الصديق والشريك، ولقد سعدت بفعلك هذا، ولن أنساها أبدًا ما حييت.


قالت نعمات قولها هذا، ودخلت لتعد الشاي، فانتهز عبد الله الموقف، وراح يشكره على صنيعه وذكاءه في الحديث مع نعمات، الحق أن الحج شرف يتمنى أن يوبخ نعمات ويطردها من البيت حالًا لأنه متأكد من الشر الذي تخفيه وراء كلامها المعسول هذا.


 لكنه راعى خاطر صديقه عبد الله الذي ظهر ضعفه وحبه لهذه المرأة الخبيثة، إنه دومًا يحبه ويساعده، ولا يحب أن يراه ضعيفًا أمامها مطلقًا، لكن ماذا سيصنع له.


 لقد جاراه في الكلام، حتى لا يضايقه، فشعر عبد الله بالراحة عندما حاولت نعمات أن تشكره وتمتدح أخلاقه وتصرفه، وأحس أنها قد ابتلعت الطعم.

❈-❈-❈


في البحر في ظهيرة اليوم التالي، ظهرت رزان تحاول أن تبحث عن مكان جديد تتخذه بيتًا لها، نظرت إلى روني الدولفي الطيب وراحت تفكر، أي مكان ستتخذه بيتًا لها، ابتسمت وقالت لروني في حماس شديد:


-روني صديقي الوفي إننا الآن في حيرة من أمرنا، خاصة بعد ارتداءنا لتاج الملك سنار، ألا ترى أني لابد أن أتخذ بيتًا جديدًا، بعدما هدم الحوت بيتي القديم، وإني قد قضيت الليل معكما أنت وسفر في بيتكما.


 لكن ماذا سأصنع اليوم، حقًا أني كنت سعيدة بمكوثي معكما في بيتكما اللطيف الجميل، لكن لن يستمر الأمر طويلًا، لأن بيتكما بالكاد يكفيكما وليس هناك فيه أي متسع لي، لهذا هيا بنا لنبحث عن مكان آخر.


يكون بعيدًا ولا تستطيع الحينان الإقتراب منه، إن بيتي القديم كان سهل الوصول إليه من قبل الحيتان المفترسة، تعلم يا روني، لقد كنت على وشك أن أطلب من الملك سنار الطيب أن يبني لي بيتًا بجواره.


وحاولت أن أتكلم بهذا الكلام أثناء وجودنا وزيارتنا له، لكني خجلت جدًا، وانعقد لساني، لقد كنت وقتها مشغولة في عرض قصتي وحالي عليه، كي يميزني على باقي المخلوقات البحرية الأخرى.


 كي أستطيع العيش في البحر بقوة، وتميز بين باقي المخلوقات، لهذا لم أُحاول أن أُعكر صفو الملك بحديث آخر، لأني أحسست أنه مندمج في قصتي جدًا.


حاول روني أن يقنع رزان عر وس البحور أن تعيش معه في البيت هو وأخيه سفر، فراح يحاول أن يقنعها قائلًا في ود وحب:


-صديقتي رزان، إني أعرف أنكِ كائن متواضع، وتحبين كل المخلوقات، وتستطيعين بذكاءك أن تتأقلمين مع أي أحد، حتى لو كان مغرورًا فلماذا إذًا لا تفكرين في العيش معي، سنحاول أنا وسفر وأنت أن نقوم بتوسيع البيت ليسعنا جميعًا.


 وأعتقد أنكِ لابد أن تعيشين معنا، لأننا أصدقاء ويجب أن نكون قريبين من بعضنا حتى إذا حدث خطر ما نستطيع أن نواجهه سويًا، فلماذا لا تفكرين في الأمر، إننا أنا وسفر نحتاج إلى واحدة مثلك تنظم لنا المكان وتجعله جميلًا.


 لهذا أحب أن تكوني معنا لكي تسعدينا ببعض ما تعرفين من صنع أطعمة مختلفة وطيبة تسد شهيتنا المفتوحة دومًا، أستطيع أن أجد لك ألف سبب للعيش معنا، فنحن إذا عشنا سويًا لن نحتاج إلى الخروج يوميًا لكي نرى بعضنا البعض.


 وإذا عشنا سويًا سنستطيع أن نخبر بعضنا بكل ما هو جديد بسهولة ويسر، ونستطيع أن نكوّن حلفًا وسدًا منيعًا ضد أي عدٍ يفكر في صيد أحدنا، نستطيع أن نقوم بتنظيم أنفسنا يوميًا بمن سيقوم بتنظيف البيت.


 وبهذا ستسهل الحياة لأننا معًا، فكري جيدًا في الأمر قبل أن تنفذيه، إننا أصدقاء مخلصين لبعدنا، ولابد أن نفعل شيئًا يقربنا من بعضنا البعض.


ابتسمت رزان وحاولت أن تتفهم وجهة نظر روني الطيب الذي ذكر لها كل مميزات العيش سويًا، إلا أنها تفكر في الأمر على مستوى أبعد، إنها تود أن تصنع بيتًا خاصًا على ذوقها المميز، إنها عندما قررت أن تتحول من إنسية إلى عر وس بحر.


 كانت تتمنى أن تشعر بحريتها وتميزها، لقد عانت من تحكم زو جة أبيها، لقد كانت تعيش قبل ذلك في بيت مشترك، وكان هذا البيت المشترك يجلب عليها العار والويل والشجار، حقًا إنها قد عانت كثيرًا، لقد كانت لا تستطيع أن تأخذ راحتها في بيت أبيها.


 لقد كانت زو جة أبيها تقتحم غرفتها دون إذن، وقد كان هذا يشعرها بالد ونية الشديدة، لهذا حاولت أن تصنع لها بيتًا خاصًا بعدما تحولت لعروس بحور، كانت قد زينته بكل ما تحب، لم تترك شيئًا تمنته في بيت أبيها إلا وقد عملته.


لهذا حاولت أن تكون على راحتها في بيتها القديم الذي هدمه الحوت، لكن الآن روني يترجاها كي تعيش معه، وهي لا تعرف كيف تقنعه بأنها لا تحب البيوت المشتركة، وأنها ملت من تحكم الآخرين في حياتها.


 لهذا حاولت أن تفهم روني بهدوء فقالت له في حكمة بالغة:


-إنني يا روني أقدرك كثيرًا أنت وأخيك سفر، بل وأشعر أنكما إخوة لي، لكني قد عانيت كثيرًا في بيت أبي الذي كان بيتًا مشتركًا، وكان لي فيه حجرة خاصة، ورغم ذلك لم أستطع أن أعيش فيه على راحتي مطلقًا.


 لقد كانت زو جة أبي تقتحم علي الغرفة وأنا أرتدي ملابسي، فكانت تراني عر يانة دون ساتر، ولقد كان هذا يؤلمني كثيرًا، لأني فتاة خجولة لا أستطيع أن أكون عر يانة أمام أحد، وكنت أصرخ فيها وأنهرها على قلة ذوقها وجرأتها الفجة.


كانت ترد علي في حدة وتؤكد لي أن البيت بيتها، وأننا جميعًا طوع أمرها، حتى أبي كان لا يقدر على الوقوف أمامها وسدها عن إيذائي، لقد كان حبه لها يعميه عن شرها البين الواضح للجميع.


 حتى عمي شرف صديقه حدثه مرة في الأمر عندما رآني منهارة من قسوتها معي، ومن تجرأها عليَّ، لكنه كان لا يستطيع أن يقنعه بشيء مطلقًا، لقد كان أبي يتضايق من عمي شرف إذا حاول أن يوضح له شر هذه المرأة التي اقتحمت خلوتنا جميعًا.


حاول روني أن يواسي رزان ويهدأها، لأنه رأى دمعة في عينيها، لهذا ربت على يدها وراح يقول في رقة:


-إن زو جة أبيك ملعونة جدًا، وأرى أن أبيك قد سُحر وأُفتتن بغرامها القاسي، لقد كان كالخاتم في إصبعها، وإني من كثرة كلامك عن ضعفه كرهته جدًا، فأنا رغم أنني لم أنجب بعد إلا أنني أعرف قيمة الأبناء.


 وأعرف أنني لابد أن أدافع عن ابني مهما حدث منه، حتى لو اضطررت لقتل من يتهجم عليه، إن الأبناء نعمة كبيرة، لابد أن تصان، فكيف كان أبيك يتركك هكذا دون دفاع عنكِ.


حاولت رزان أن تجفف دموعها بي دها، وراحت تقول لروني في رقة وطيبة:


-هل تعلم يا روني أن لي ورثٌ قد ورثته عن أُمي، وأني كنت أخاف أن والدي ينساق وراء كلامها السيء عني ويحاول أن يجعلني أبيع ورثي كي يعطيه لها، لقد كنت خائفة جدًا، لأنه كان دومًا يراني مقصرة وخاطئة.


لم يحاول ولو لمرة أن يقف في صفي ويدافع عن حقي، لقد كانت نعمات ملعونة، تهينه وتذله، ولكنه لا يرى شيئًا سوى حبه لها الذي جعله أضحوكة للناس، إنني لم أرَ في حياتي أب ضعيف مثل أبي، لقد كانت تصنع به الشر أمامه.


 لكنه مغيب عن فهم حقيقة الشر الذي تكنه داخلها، لقد جعلني أكره نفسي وأتمنى أن أموت، أو أُنهي حياتي بيدي وأموت كافرة، لقد كنت أُعاني كثيرًا من ضعفه وقلة حيلته على الدوام.


تفكر روني وحاول أن يستفهم من أمر ظن أنه حدث لا محالة وهو أنها قد كرهت أباها بسبب ضعفه وهل تتمنى موته؟ فقال في حزن بالغ:

-أعتقد أن ضعف أبيك هذا قد جعلك تكرهينه وتتمنين له الموت.


 فهل فكرتِ يومًا أن تتخلصي منهما الإثنان، إن أبيك لم يظهر أي دفاع عنكِ رغم رؤيته لما تصنعه بك هذه السيدة الشريرة، ألم تفكري في قتله يا رزان؟ أخبريني بصدق؟


حاولت رزان أن تهدأ من كثرة ضغط ما ذكرته من مآسي وذكريات سيئة قد مرت بها، لهذا زفرت بعمق حار وشديد ثم قالت في حسرة:


-إنكَ محق فيما تظن يا روني، إن ما فعله أبي يجعل الجميع يتمنى موته، وأولهم نعمات زو جة أبي الذي تخونه مع عش يق تقابله سرًا، وإني أعلم أنها تخطط لكي تسرق ماله.


 لقد رضت به وتزو جته لأنه رجل لديه محل يكسب مالًا كثيرًا، ولقد كانت دومًا تأخذ ماله أمامي، أعتقد إن ما أخذته منه يبني بيتًا كبيرًا، إن أبي يكسب كثيرًا لكنه لا يستطيع أن يدخر مالًا بسببها.


 ولقد فكرت كثيرًا في قتل هذه الشريرة القاسية، لكني كنت أتراجع عن فكرتي هذه، حتى لا أضيع مستقبلي من أجل إمرأة لا تساوي شيئًا، لكني لم ولن أكره أبي مطلقًا رغم ضعفه وعدم دفاعه عني.


 إلا أني كنت دومًا ألتمس له العذر، لأن أمي قد ماتت مبكر جدًا وقاسى أبي الوحدة والوحشة، لهذا كنت ألتمس له كل الأعذار.


ابتسم روني وأحس أن رزان فتاة بارة بأبيها فزاده هذا حبًا لها، وأحس أنه كصديق لابد أن يعوضها عما قاسته في حياتها السابقة، وأصر أن يساعدها في إيجاد وصنع بيت جديد.


لتنعم وتعيش فيه سعيدة بحريتها وتمام راحتها، لكي يسعدها كما أسعدته، إنها صديقته المخلصة، فكر في مكان ما أحس أنه آمن ومن الممكن أن تتخذه بيتًا.


لهذا هم أن يقول لها لكنه قبل أن ينطق سمع أخيه سفر يصرخ ويستغيث وينادي عليه بقوة.


يتبع


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة مايسة الألفي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة