-->

رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني - هدير دودو - الفصل 15

 

قراءة أنين وابتهاج الجزء الثاني كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني 

بقلم الكاتبة هدير دودو


الفصل الخامس عشر


ترى العشق والقسوة في القلوب، لكن ستظل قلوب مَن تحب يملأها العشق


❈-❈-❈

صوت صرخات آلاء المرتفعة دوت تشق سكون الليل في الغرفة بعد حلمها المريب.. لا هو ليس حلم بل كابوسًا..



أسرع عمر يهرول نحوها بقلق يساعدها على النهوض بقلق شديد، يراها في حالة سيئة جسدها متشنج، ملامح وجهها شاحبة بشدة، ترتعش برعب، وشفتيها الورديتان قد تحول لونهما إلى اللون الأزرق، وكأن الدماء فرت هاربة منها..


تلتقط أنفاسها بصعوبة بالغة كأنها تحارب من أجل الحصول على الهواء، ظل يربت فوق شعرها بحنان شديد وهو يشعر أن قلبه يهوى بداخله، لكن محاولته في تهدئتها فشلت، فجسدها مازال يرتعش أسفل ذراعيه، فازداد خوفه عليها، أردف متحدثًا بقلق 


:- آلاء اهدي وخدي نفسك براحة، اهدي أهم حاجة. 


شعر بقبضة قوية حادة تعتصر قلبه المتيم بعشقها؛ لذلك رفع رأسها إلى أعلى حتى يجعلها تنظر داخل عينيه لعلها تهدأ، ولازال يكرر عليها كلمة "اهدي..اهدي" جنى يجعلها تطمئن أنها بجانبه.


بالفعل وجدها هدأت قليلًا عما كانت في البداية، فأردف يسألها باهتمام شديد في قلق يجتاح قلبه يشعر أن روحه هو الآخر تنسحب منه


:- اطلب الدكتور يجي يشوفك؟! 


حركت رأسها نافية ولازالت لم تقوى على الحديث والرد عليه، وكأن لسانها يعجز عن التفوه ولو بحرف واحد، كل ما تريده الآن هو وجوده بجانبها، وجوده بالنسبة إليها أهم شئ هو اكثر شي تحتاجه، هو فقط.. 


استرد حديثه مجددًا بنبرة حانية، وهو يزداد من ضمه عليها كأنه يريد أن يخبئها بداخله بين ضلوعه في داخل قلبه بالتحديد


:- طب اهدي يا لولي، اهدي يا حبيبتي وخدي نفسك بالراحة متقلقيش أنا جانبك خدي اشربي مياة أهي. 


التقط كوب المياة الذي كان يوجد فوق المنضدة واعطاها إياها بحرص واهتمام شديد. 


اومأت برأسها امامًا، وبدأت ترتشف المياة تتناولها بهدوء، منفذة ما قاله لها ملتقطة انفاسها بهدوء، لم تتخيل بأن ما رأته في نومها كان حلم لا ليس حلم لم تنعته بالحلم اطلاقا بل هو كابوس، كابوس مفزع بالنسبة لها، فهي كانت دائما منذ وفاة والديها تهاجمها بعض الكوابيس المظلمة التي تجعلها تصرخ بالخوف لكنها لأول مرة تجد مَن يكون بجانبها و يربت عليها حتى تهدأ، طالعته بتمعن وعشق جارف تحفر ملامحه بداخل عينيها المتلألأتين ببريق خاص به، بريق لا يظهر في عينيها سوى عند رؤيته هو فقط.. 


هو بالطبع لن يفعل بها شئ مثل هذا، لم يستطع قلبه على فعله بها، ماكان معها في كابوسها ليس عمر بالطبع شخص ما يشبهه في ملامحه وجسده فقط. 


ظل بجانبها حتى هدأت تمامًا واستكانت بين ذراعيه وأحضانه، يشعر أن جميع غضبه منها قد تبخر واختفى تمامًا، الغضب الذي كان يشعر به تجاهها بسبب أفعالها الغير مفسرة له قد اختفى تمامًا، رؤيته لها وهي بتلك الهيئة أرعبته، جعلته يشعر معها هي بالتحديد أنه كالطفل الصغير الذي يخشى ان يفقد اغلى شئ في حياته وسيظل يخاف عليها مهما حدث بينهما، غمغم متسائلًا بقلق الذي يغمر قلبه 


:- ها يا آلاء حاسة نفسك بقيتي أحسن ولا لسة تعبانة...اطلب الدكتور!؟ 


اومات له برأسها أمامًا، ثم تمتمت تجيبه بخفوت ونبرة مهزوزة ضعيفة، مبتلعة ريقها الجاف بقلق 


:- لـ.. لا يا عمر أنا كويسة مفيش داعي للدكتور خليك بس جانبي أنتَ بس، شوفت كابوس وحش أوي أوي يا عمر. 


ظل يمرر يده فوق جسدها بحنان شديد ورد عليها بعشق وصوت اجش يتخلله العديد من المشاعر الفياضة الدافئة 


:- متقلفيش يا روح قلب وحياة ودنية عمر كلها، أنا جانبك ومعاكي وهفضل معاكي على طول نامي أنتِ يلا واسترخي، انسي أي حاجة حصلت انهاردة أو الكم يوم دول خالص دلوقتي. 


طالعته بتردد وقلق، ثم همست بنبرة مترجية خافتة 


:- عـ... عمر هو ممكن تريحني انهاردة بس وتعالى نبات في اوضتي القديمة. 


قبل أن يتحدث ليرد عليها، استكملت حديثها برجاء 


:- عمر عشان خاطري هبقى مرتاحة أكتر والله... تعالى يلا ساعدني نروح هناك.


وافقها على مضص لتلك الفكرة عنوة عنه وبدأ يساعدها على الذهاب إلى غرفتها، طالعها بعدهت متسائلًا بضيق 


:- مرتاحة كدة؟! عملتي اللي عاوزاه اهو وجيتي هنا.. 


تشبتت في قميصه بقوة، وردت عليه بارتياح 


:- أوي أوي، مرتاحة أوي بجد.. 


لم يعقب بل ساعدها لتتمدد فوق الفراش وتمدد بحانبها هو الآخر جاذب إياها داخل حضنه وظل يربت فوق ظهرها بحنو مقتربًا منها بشدة، حيث اختلطت أنفاسهما سويًا، بينما انفاسه الحارة تلفح عنقها مما جعلها تغمض عينيها باستمتاع، شاعرة بلوعة اشتياقها له تحرق قلبها.. 


اندهش من اقترابها منه لما لم تبعده تلك المرة كما تفعل دومًا معه في الفترة الأخيرة؟! اقترب بشفتيه لخاصتها يلتقطهما في قبلة مشتاقة عاشقة، لعلها تطفئ من نيران الأشتياق المشتعلة في قلبه.. 


بادلته قبلته بحنان واحتياج، لم تكن هي الأخرى أقل منه اشتياقًا بل هي تريده اكثر مما يريدها كثيرًا، تشتاق إليه وإلى اقترابه منها بجنون...تستمع بكل لحظة تمر عليها وهي معه وبجانبها.. 


❈-❈-❈


في الصباح 


فتحت فريدة عينيها على صوت رنين هاتف تامر الذي صدح في الغرفة، شعرت بقبضة قوية حادة تعتصر قلبها كادت تفتك بها ساحقة روحها تمامًا، عادت بذاكرتها متذكرة محتوى المكالمة التي دارت بينه هو وبسملة في المساء عندما ظنّ أنها نائمة


❈-❈-❈


استيقظت فريدة ليلًا على صوت رنين هاتف تامر الذي دوى في الغرفة واستيقظا هما الاثنان بسببه ولكن قبل أن تستكمل نومها مرة أخرى تفاجأت به وهو يتطلع عليها ليتأكد أنها لازالت نائمة، مما جعل الشك يتسرب إلى قلبها بسبب تصرفه الغير طبيعي.


جاهدت بصعوبة شديدة لتخفي ملامحها وتحاول ادعاء النوم حتى نجحت بالفعل وجدته يدلف المرحاض ويغلق الباب خلفه بإحكام مما جعل القلق والشك يجتاح قلبها أكثر. 


تمتمت بين وبين ذاتها بضعف وقلق 


:- لـ... لأ لأ أكيد تامر مش بيعمل حاجة، هو بقى بيحبني وكويس مش زي الأول. 


نهضت هي الأخرى ووقفت خلف الباب تستمع إلى الحديث الذي دار بينه وبين بسملة تلك الليلة، تجمعت الدموع داخل مقلتيها، فباردت تضع يدها فوق فمها مسرعة تمنع صوت شهقاتها المرتفع حتى لا يعلم أنها استمعت إليه.


لا تصدق أنه مازال على علاقة ببسملة، هل استطاع أن يخونها ويخدعها بكل سهولة!؟ هل نسيٰ جميع مخططاتهم عن حياتهم القادمة هما وطفلتهما القادمة. 


آه قلبها يصرخ وجعًا وقهرًا، تشعر أنه قد تحطم تماما وتحول إلى اشلاء، وقفت مكانها متجمدة لا تقوى قدميها على التحرك ولو بخطوة واحدة، شاعرة بحماقتها لإعطاءه فرصة جديدة وتصديقه.


بنت معه حياة جديدة سعيدة، كانت تنتظر مولد ابنتها حتى تزداد سعادتها لكنها فاقت من حلمها على القشة التي قسمت البعير، عادت مجددًا نحو الفراش عندما علمت أنه انهى مكالمته، لكنها تشعر أن روحها قد تركتها، جاهدت بشدة كبت دموعها وأغمضت عينيها بثقل شديد في محاولة منها لإدعاء النوم، وجدته عاد و تمدد بجانبها فوق الفراش هو الآخر.. 

❈-❈-❈


فاقت من شرودها ودموعها تسيل فوق وجنتيها بقهر، لكنها أسرعت تخفيها عندما وجدت تامر يخرج من المرحاض مبتسمًا في وجهها، وأردف متسائلًا باهتمام 


:- إيه يا ديدا أنتِ كويسة يا قلبي؟ أنا هنزل بدري عشان ورايا ضغط شغل انهاردة، متنسيش تاخدي علاجك بعد ما تفطري. 


طالعته بذهول تام مستنكرة طريقته كيف له ان يعاملها بذلك الاهتمام، وهو في الحقيقة يحب واحدة أخرى؟! كيف يستطيع أن يخونها بكل سهولة!؟ 


ابتلعت الغصة المريرة التي تشكلت داخل حلقها، واومأت له برأسها امامًا، ثم أردفت عنوة عنها تجيبه بخفوت شديد شاعرة بصعوبة بالغة في الرد عليه


:- الحمدلله كويسة... 


أنهت جملتها ثم اغمضت عينيها بألم شديد تجاهد لتخفي دموعها التي على وشك النزول من عينيها بحسرة وألم عما يحدث لها.


تتمنى أن تجد مَن يقف بحانبها ويربت على قلبها بحنانه، لكنها لم تجد احد تشعر أنها وحيدة، تواجه براثن الحياة القاسية بمفردها من دون أن تتلقى دعم. 


ابتسمت ابتسامة مريرة ساخرة على حالها، يملأها الحزن وهي تذكر ظنونها التي ظنتها، واحلامها التي بنتها، ظنت أن حياتها ستصبح افضل واحسن بعد وجود تامر بجانبها وطفلتهما القادمة لكن هيهات ليت ما ظنته صحيح، فقد صُعِقت بصدمة أخرى منه هل كان يضحك عليها ويتلاعب بمشاعرها ببرود!؟ 


_بالطبع نعم فإذا كان يحبها بالفعل لماذا لم يقطع علاقته مع بسملة؟!..وضعت يدها فوق صدعيها بتعب شديد تشعر أن عقلها سينفجر من فرط الافكار التي تجتاح عقلها، عقلها أصبح يطلب منها الرحمة ولو لدقائق معدودة لعله يهدأ، ويرتاح، لكن كيف تفعل ذلك وكلما حاولت أن تهدأ يأتي في عقلها جميع الذكريات التي عاشتها معه وهي حمقاء تظن انه يحبها واصبح يعشقها كما تعشقه هي. 


عقلها يخيل لها بعض الاحيان هيئته مع بسملة حتى وإن لم تكن تراه معها من قبل، لكنها تعلم انه سيكون سعيد أكثر بمراحل عندما يجلس معها، لا تعلم كيف ومتى ذهب من الغرفة لكنها ظلت على وضعها كما هي لا تفعل شئ سوى أنها تفكر، حيث أنها اخبرت الخادمة التي أرسلتها لها سناء لتجعلها تنزل حتى تتناول فطورها أنها ستنام قليلا فهي ليس لديها طاقة لتتحدث مع أحد او رؤية أحد الآن.. 


هل شعرتِ يوما عزيزتي أن الشخص الذي احببتيه يقوم بخداعك وخيانتك من دون النظر لمشاعرك، يطعنك في منتصف صدرك بقوة كادت تصل بك للنهاية؟! 


استمعت الى صوت دق فوق الباب، فهمهت بخقوت تسمح للطارق أن يدلف ماسحة دموعها التي كانت تسيل فوق وجنتيها مسرعة، وجدت سناء تدلف الغرفة جلست بحانبها، وأردفت متسائلة بحنان واهتمام 


:- إيه يا حبيبتي، قالولي انك مش هتاكلي عشان تعبانة شوية مالك؟ 


ابتسمت في وجهها ابتسامة باهتة خالية من أي مشاعر، وأجابتها بخفوت بعدما تنهدت تنهيدة حارة في محاولة منها لإكتساب بعض الطاقة للتحدث معه


:- مفيش يا طنط، دة أنا حاسة بدوخة بسيطة بس متقلقيش كويسة. 


جذبتها سناء تحتضنها بحنان يغمرها، بينما الأخرى شعرت بدفء كبير داخل حضنها كم كانت تتمنى أن يعانقها احد بحب فقط، تتمنى بعض الحب والحنان في حياتها القاسية الجافة، أردفت سناء متحدثة مجددا، ممسكة ذراعها وتساعدها على النهوض


:- قومي يلا يا حييبتي ننزل نفطر عشان تاخدي علاجك ومتتعبيش عن كدة. 


لم تستطع الرفض بعدما طلبت منها، فسارت معها متجهة إلى أسفل بملامح باهتة ووجه شاحب بشدة خالي من أي مشاعر للحياة... وكأنه قد سحق روحها تمامًا.. 


❈-❈-❈


في الغرفة الخاصة بآلاء وعمر 


أصر عمر على الجلوس معها وهي تتناول فطورها بعدما طلب من والدته أن ترسل لهما الطعام في الغرفة حتى يجعلها ترتاح بعدما حدث لها ليلة أمس.


ابتسمت آلاء بهدوء شاعرة بسعادة شديدة فهو دومًا يهتم بها وبأدق تفاصيلها حتى وإن كان منزعج منها لكنها دائما تجده بحانبها من دون أن تطلب، غمغم بهدوء وهو ينهض غالقًا زر بدلته الأمامي 


:- أنا رايح الشركة دلوقتي لما أرجع هنتكلم ضروري، ماشي يا الاء.


شدد على جملته الأخيرة بالتحديد، فاومأت له برأسها أمامًا ثم التقط هاتفه من فوق المنضدة وسار متجه نحو خارج، لكن استوقفه صوت رنين هاتفها الذي صدح ووجد معالم وجهها قد تبدلت تمامًا من الهدوء إلى القلق والتوتر، الخوف والرهبة.. 


قبل أن تغلق الهاتف أسرع جاذبًا إياه بعصبية حادة وقام هو بالرد على الرقم الذي يتصل دومًا، تحدث متسائلًا بخشونة صارمة


:- ألو... مين معايا؟!


شعرت آلاء وقتها بقلبها يتوقف، متمنية عدم علم عمر بشئ مما يحدث، لكنها انتفضت بذعر وخوف عندما وجدته يرفع صوته بعصبية حادة يكرر سؤاله 


:- مين معايا بقول؟! ما ترد يا * ولا خايف؟ 


لم يجد أي استجابة فأسرع يغلق الهاتف وألقاه فوق الفراش بعصبية شديدة  تخطت كل شئ بداخله، يطالعها بأعين حادة تشعر أنها كالجمر المشتعل الذي سيحرقها على الفور..


هبت واقفة أمامه متحدثة برعب لم تنجح في إخفاءه فخرج صوتها مهزوزًا 


:- عـ.... عمر... أنتَ إيه اللي بتعمله دة، عاوز إيه؟ 


باغتها بضغطه فوق ذراعها بقوة ضارية ألمتها وجعلتها تصرخ متألمة 


:- آه آه عمر... أوعى أيدي أنتَ بتوجعني. 


لم يعط لحديثها أي اهتمام بل تحدث ببركان الغضب الذي بداخله متسائلًا بغضب شديد ولهجة مشددة صارمة 


:- مين الرقم دة يا آلاء؟!  مين دة اللي كل ما يتصل تتخضي كدة وكأن الدنيا اتقلبت ولا دة عشان أنا موجود بس، غير كدة عادي؟! 


تطلعت داخل عينيه بحزن شديد من حديثه وتفكيره بها، ثم ردت متمتمة بقوة غاضبة


:-اوعى سيبني، أيه اللي بتقوله دة، أوعى اللي بتقوله دة جنان، أنا فاهماك وفاهمة اللي تقصده كويس أوي،  أوعى إيدك سيبني... ابعد عني.


ضغط فوق ذراعها بقوة أكثر، غير مبالي لحديثها وقد أعماه الغضب بالفعل، كرر سؤاله مرة أخرى عليها بصوت حاد مرتفع 


:- ردي عليا الأول... رقم مين دة يا آلاء اللي بتتوتري لما يتصل وأنا موجود!؟ 


ردت عليه بعناد وتحدي، تعمل الحمقاء على زيادة غضبه من ثرثرتها الغير مفيدة بالنسبة له 


:- ماشي يا عمر، خليك فاكر زي ما أنتَ عاوز تفكر وملكش دعوة بيا بقى، ابعد عني.. 


ضرب بيده الأخرى الفراش بعصبية جعلتها تنتفض، يحاول أن يمسك ذاته ولا يتهور معها، فتحدث من بين أسنانه بعصبية ضاغطًا فوق كل حرف يتفوهه 


:- عاوزة إيه يا آلاء، ردي على سؤالي وأخلصي أحسنلك المرة دي غير، مش هسكت أنا.. 


اهتز جسدها بعنف بين يديه وكأنها على وشك الإنهيار باكية في دوامة مريرة، تحدثت بضعف والدموع داخل مقلتيها 


:- عـ... عمر أنت بتوجعني بجد، ابعد عني كفاية.


تركها بعصبية فوق الفراش، موزع نظراته عليها بعصبية من أعلاها إلى أدناها بغضب عارم، وتحدث بوعيد وغضب 


:- ماشي يا آلاء ماشي، وغلاوتك عندي ما هسكت المرة دي.. 


رمقها بحدة اخترقتها نظراته كالسهام المصوبة نحوها، شاعرة بحزن كبير في داخلها كاد يدمرها ويدمر كل ما بها.. 


ظلت جالسة تبكي ولا تعلم ماذا تفعل وكأن عقلها قد توقف تمامًا وقلبها يدق بعنف على وشك التوقف هو الآخر، شاعرة أن العالم بأكمله تحالف ضدها في وقت واحد، لا تعلم آين تذهب؟! وماذا تفعل؟! لم تجد سوى البكاء على ما بها..


تبكي....وتبكي بغزارة تقطع أنياط القلب، كادت تموت تمامًا من بكاءها، عيناها قد تورما وانتفخا من فرط بكاءها الذي لم يتوقف.. 


❈-❈-❈


كانت نغم تتحدث مع عدي في غرفتها غالقة الباب خلفها بحرص شديد.. 


تحدثت متسائلة بعدم فهم وغضب 


:- عدي أنتَ عملت إيه بالظبط دلوقتي، احنا قولنا ملكش دعوة بـ عمر.. 


ضحك بصخب ضحكات ماكرة تشبهه، ثم أردف متحدثًا بخبث 


:- أنا معملتش حاجة لـ عمر يا نغم وعلى اتفاقنا زي ما قولنا. 


ردت عليه بتهكم وعدم رضا 


:- لأ عملت، عمر كان خارج متعصب ومش طايق نفسه وبيزعق، دة أنتَ بحركتك دي خليته يشك في آلاء، أنا مش عاوزة عمر يدخل في أي حاجة يا عدي. 


ضيق عينيه مستمعًا لحديثها جيدًا فهي قد ألقت له قنبلة من دون أن تشعر، سيفجرها هو كما يريد، غمغم متسائلًا بمكر 


:- أنا مكنش قصدي ولا عاوز أدخل عمر في الحوار، قولتلك من الأول أن هدفي آلاء أصلا، أنتِ بقى قولتي أنه بقى بيشك فيها؟


أردفت الحمقاء تؤكد على حديثه بلا إدراك لما يريده ذلك الماكر 


:- أيوة شاكك فيها وكان شكله متعصب جامد ومتضايق، وياريت آلاء اللي هي هدفك دي تبقى بعيد عن عمر وخلصنا منها بسرعة.. 


ابتسامة خبيثة ماكرة زينت محياه وتحدث مغمغمًا بخبث والشر يلمع داخل عينيه 


:- لأ دة حلو أوي، حلو أوي أوي يعني... بعدين كنت هخلصك منها أسرع لو كنتي رضيتي تركبي الكاميرا في الأوضة كان زمـ... 


قطعته برفض تام نافية تلك الفكرة تمامًا 


:- لأ يا عدي قولت، الكاميرا تركب لأ، أنا اديتك اللي عاوز تعرفه كمان وقولتلك عمر قالها إيه وقتها، هي عن نفسها مصدقة أن في كاميرا في الأوضة لكن أركبها لأ، دة أخويا ودي بنت خالي هو آه مش بحبها بس عمري ما أعمل حاجة زي دي.. 


ضحك بسخرية على حديثها، ورد عليها بتهكم ساخرًا 


:- آه اخوكي وبنت خالك ماشي يا نغم براحتك اقفلي بقى دلوقتي عشان مش فاضي.. 


أغلقت معه بالفعل بينما هو فقد التمعت عينيه بشر وخبث، مقررًا أن يفجر تلك القنبلة التي القتها له تلك الحمقاء.. اعتلت ضحكاته الماكرة شاعرًا بلذة الإنتصار لما سيفعله.. 


❈-❈-❈


كانت آلاء جالسة في غرفتها لا تعلم كيف ستسير حياتها مع عمر؛ بسبب ما يحدث بينهما تلك الفترة، دموعها لازالت تسيل فوق وجنتيها بلا توقف، تسيل من دون أن تجف...تنهدت بصوت مسموع مقررة أن تخبره بكل ما يحدث من البداية. 


طاقة تحملها قد نفذت، ووجعها أصبح لا يطاق ولا يُحتمل، الدموع أصبحت تلازمها كظلها، لا تريد خسارته والإبتعاد عنه تريده بجانبها، تريد حنانه عليها وحبه لها...هي تريده فقط ولا تريد أي شئ آخر... 


قُطع فكرها وشرودها مع ذاتها عندما وجدت رقم عدي يهاتفها، ردت على مضض عنوة عنها متحدثة بضعف وتوتر 


:-ا.. ألو يا عدي نعم عاوز إيه مني؟ 


ضحك ساخرًا متلذذًا ببكاءها الذي ينعكس بوضوح من نبرة صوتها، رد عليها ببرود 


:- اتكلمي عدل أنتِ عارفة أنا اقدر أعمل إيه كويس،  الشغل اللي كنتِ فيه خلاص خلص. 


تنهدت بارتجاف وقلق وتمتمت متسائلة بخوف ومشاعر مضطربة 


:- عـ... عاوز إيه يا عدي متصل ليه؟ أنا أقدر اقول 

لـ عمر على فكرة ومصدقتش اللي قولته أنا واثقة في عمر، عمر عمره ما يبقى متفق مع واحد زيك. 


رد عليها ببرود وهو لازال مستمر في ضحكاته الشامتة بها ولحالتها 


:- حلو قوليله... قوليله يا آلاء بس تفتكري رد فعله هيبقى إيه لما يعرف أني اتفرجت على البطل بتاعته مراته ياحرام، مش بعيد يتقهر فيها ولا إيه رأيك، ولا لما أنزل الفيديو والكل يتفرج، تصدقي حلوة الفكرة قوليـ.. 


قطعته بتهكم وضيق شاعرة بروحها تنسحب من جسدها تمامًا، وكأن الهواء حولها ينفذ 


:- عـ... عاوز ايه دلوقتي أنت


رد عليها بمكر والسعادة تبدو فوق وجهه 


:- هبعتلك عنوان تيجي عليه دلوقتي حالًا... لو مجيتيش اعتبري الفيديو بتاعك يا بطل اتنشر والكل بيتفرج عليه دلوقتي.. 


أغلق الهاتف من دون أن ينتظر ردها عالمًا أنها ستأتي عنوة منها، ليس لها الحق في الرفض ولم تجرؤ على رفضها، بدأ يدندن بسعادة ومرح.. 


بالفعل كما توقع هو أسرعت آلاء تعد ذاتها للذهاب وسارت إلى أسفل بجنون والرعب يمتلك من قلبها، حيث أنها لم تلتف لنداء سناء وفريدة عليها، بل تريد الذهاب مسرعة حتى تعود قبل عودة عمر.. 


وقفت سيارتها بعد وصولها إلى المكان الذي أُرسل إليها ترجلت من السيارة بخوف في ذلك المكان المقطع حولها وبدأت تصيح بصوت مرتفع 


:- عدي...عدي. 


تفاجأت بذلك الذي يظهر لها من الخلف لكنها شهقت بخضة ورعب، بعدما رأت أنه شخص آخر ليس عدي.. 


تمتمت متسائلة برعب والخوف يملأ قلبها 


:- ا...ا...أنتَ مين؟! وعاوز إيه مني؟! فين عدي؟! 


رد عليها ذلك الشخص المجهول يعرفها على ذاته 


:- أنا راشد تبع عدي بيه باعتني عشان ابلغك باللي هو عاوزه.. 


تأفأفت بضيق، ثم أردفت متسائلة بنبرة غاضبة حادة 


:- وعدي بقى عاوز إيه مني عشان باعتك تبلغهوني؟ 


باغتها باقترابه منها واضعًا يده فوق خصرها بإحكام ضاغطًا فوقه بقوة ثم جذبها نحوه يقربها منه، وبدأ يقبلها بقسوة ألمتها يضغط فوق شفتيها بقوة وغل وهو لازال محكم من قبضته عليها ويده تسير فوق جسدها بطريقة مقززة جعلتها تبكي.. 


حاولت أن تبعده بقوة معترضة، تضربه فوق صدره بقوة حتى يستجيب ويبتعد عنها حتى شعر بطعم الدماء في شفتيه فدفعها نحو الخلف  بقوو يبعدها عنه. 


تمتمت من بين دموعها وهو تقترب منه وتضربه بقوة في كتفه 


:- أنتَ زبالة وحقير... زبالة أنت وهو.


لم يرد عليها بل تحدث بجدية شديدة 


:- عدي بيقولك كمان أنه محتاج ورق تاني مقابل مسح الفيديو، هيبعتلك تفاصيله.. 


سارت من أمامه تركب سيارتها من دون أن تتحدث ولو بحرف واحد، هي فقط تبكي، تبكي بحزن على حالتها، ومما حدث لها الآن على يد ذلك الحقير، ظلت تمسح شفتيها بعنف وغضب ودموعها تسيل كالشلال فوق وجنتها كلما تتذكر كيف اقترب منها وبدأ يلمسها ويقبلها عنوة عنها، لا تطيق ذاتها بعدما حدث، تتمنى الموت لعدي حتى ترتاح مما يحدث لها بسببه.. 


اتصل ذلك الشخص بعدي وتحدث بثقة وعملية 


:- كله تمام يا باشا وزي ما طلبت هبعتلك الصور وتبعتلي باقي فلوسي.


ابتسم بانتصار لنجاح مخططه وفعل ما يريده ورد عليه بسعادة 


:- هبعتلك فلوسك وزيادة بعد ما اتأكد من الصور واشوف زي ما أنا عاوز ولا لأ، بس أهم حاجة تختفي أنتَ لازم تختفي ومتظهرش وأنا مش هبعت الحاجة غير ما بعد اتطمن أنك اختفيت.


اجابه الآخر بثقة وسعادة لما سيناله من تلك الفعلة


:- عيب عليك يا باشا، هي حتى متعرفش اسمي تبقى تدور على راشد بقى يرشدها عليا. 


ضحك بصخب منتصرًا قبل أن يغلق معه شاعرًا بسعادة تفوق وصفها لما سيفعله.. 


❈-❈-❈


في المساء... 


وجد عمر رقم غير معلوم لديه يرسل له بعض الصور الخاصة بآلاء وهي مع ذلك الشخص في تلك الأوضاع التي تدفعه لقتلها، ويوجد أسفلها رسالة أخرى ساخرة


" ما تلم المدام يا باشا أو قولها تستنضف في اختياراتها، ولا بتشارك بيها الكل"


اتسعت حدقتاه مصدومًا مما يراه وانتفخت اوداجه غضبًا بعنف، وتشنجت عضلات جسده، هو الآن في حالة لا يحسد عليها، ليس حالته الطبيعية بل تحول إلى قنبلة من الغضب يريد قتلها حقًا..


يُتبع

إلى حين نشر فصل جديد من رواية أنين وابتهاج الجزء الثاني للكاتبة هدير دودو، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة