رواية جديدة متيم بكِ لعزة كمال - الفصل 1
رواية متيم بكِ
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة عزة كمال
الفصل الأول
في بداية يوم جديد، عالم مختلط من البشر، فمنهم من يحمل الشر ومنهم من ينشر الخير، نجد أحدى البيوت التي تغمرها الحب، إناس يعيشون يومهم دون أن يخططوا ماذا سوف يحمل لهم الغد في حياتهم؟
بيت من البيوت العريقة التي تعبر جدرانها على ملامح أهلها، يقطن في الدور الأول أسرة بسيطه، تتكون من إمرأة، ورجل، وطفلين، وفي الشقه المقابلة لهم، تقطن أسره تتكون من شاب وفتاة وطفلة صغيرة، فلقد حضر ذلك الشاب منذ أسبوع عندما إنتقل إلى العمل قريباً لتلك المنطقة؛ لذلك قام بأخذ شقه كي يكون قريباً من عمله.
تسمع صوت ضحكات الأطفال في كل مكان، فعندما حضر ذلك الشاب كان لا يعلم ولا يعرف أحد في تلك المنطقه، لكن تلك الأسرة المقابلة لشقته، هي التي وقفت بجانبه، وعلم منهم كل ما يريده معرفته عن تلك المكان، الذي يعيش به.
❈-❈-❈
كذلك قامت السيدة بأخذ تلك الفتاه الشابه معها، لكي تعلمها من أين تقوم بشراء احتياجات منزلها.
نجد ظل يظهر من خلف الفتاة، فكانت تلك الصغيرة تقف خلف والدتها، فهي لم تعتادوا على أحد معها، فكانت تنظر خلسة إلى ذلك الطفل الذي يقف في الشقه المقابله، وتنظر أيضاً إلي تلك الفتاة التي تقف بجانبه.
لاحظت ذلك السيده رباب فقالت:
- يا فتاه ما رأيك في الحضور، كي تلعبين معهم.
نظرة تلك الطفلة إلى والدتها، لتعرف منها هل توافق أم ترفضه؟ فهي لم تعتاد أن يتحدث معها أحد غير والدتها، لذلك قامت والدتها بهز رأسها، لكي تسمح لها للذهاب.
في بدء الأمر كانت الفتاة مترددة أتذهب أم تظل خلف والدتها؟ لكي تحتمي بها، لأنها تعلم أن والدتها حصن المنيع وسد قوي، فكانت لا تجلس مع والدها أثناء اليوم، نظراً لحضوره متأخراً من العمل، لكن نظراً لتشجيع والدتها بالذهاب فذهبت بالفعل.
كانت نظراتها حائرة فمن هؤلاء الأطفال الذين يقفون أمامها يبتسمون لها؟ قامت رباب بالأستئذان من أسماء، كي تهتم برعايه الأبناء مع طفلتها، ولكن عندما دخلت لاحظت أن الطفلة قامت بالجلوس في إحدى الأركان، فهي خائفه من التعامل مع أطفالها رغم أن أطفالها قاموا بجميع ألعابهم، كي تلعب معهم.
قالت رباب موجهه حديثها للطفلة، كي تخفف حده الخوف التي تبدو علي وجهها:
- ما أسمك؟
نظرت لها الطفلة بتردد وقالت لها:
- أدعى ياسمين.
فقالت رباب:
- يا له من أسم رائع مثل صاحبته، فإنك مثل زهرة الياسمين، تجذب الأنظار حولها، فلماذا لا تلعبين مع يوسف ووتين؟
نظرت لها ياسمين برهبه وقالت:
- أخاف أن أخذ شيء لا أملكه ولا أريد أن ألعب بشيء لا يخصني.
فقالت لها رباب:
- هنا جميع الألعاب ملك للجميع، لا يخص طفل عن الآخر، فلا تقلقي يا صغيرتي، فلتلعبي معهم، وقامت بجلب بعض الألعاب واعطائها إياها.
سمعت الصغيرة صراخ طفل، فنظرت لرباب برهبه وقالت لها:
- هل يوجد أحد غيرنا هنا؟ لقد سمعت صوت بكاء طفل.
كانت رباب بالفعل قد طرقت رضيعها بداخل الغرفة، فذهبت مصرعه إليه، كي تحمله وذهبت خلفها الطفلة، لقد جذبها صوت بكاء الطفل الصغير وجلست بجانب رباب، كي تنظر لذلك الطفل.
كانت سعيدة لأنها لأول مرة ترى طفل أمامها، وتجلس بجانبه دون خوف، ولاحظت رباب بأن الطفلة تريد أن تلاعب طفلها، فأشارت إليها بأن تجلس وانها سوف تضع طفلها على يديها، سعدت الطفلة لذلك، وقامت بسؤال رباب:
- ما أسمه؟
قالت لها رباب أنه يدعى يحيى، فقالت لها الطفلة:
- هل يأكل مثلنا.
نظرت لها رباب وأعلمتها بأنه لا يأكل بل إنه يشرب الحليب فقط.
بدأت الطفلة تتأقلم وأصبحت لا تشعر بالخوف التي كانت تشعر به من قبل، وخرجت كي تلعب مع الأطفال، لاحظت رباب بأن الطفلة انسجمت بالفعل مع أطفالها، فقامت كي تحضر الطعام لهما.
بينما كانت أسماء تنظف البيت، وتشعر بالخوف من حين لآخر على ابنتها، فهي تعلم ما مرت به طفلتها من قبله، فهي ذات الخمسه أعوام ولكن ما كان يحمله لها لا يتحمله طفلة، ولقد شعرت بالسعادة هي وزوجها بالفعل، عندما غادروا بلدتهم، وشعرهم بأن الله يريد لهم النجاة من عادات وتقاليد، ليس لها أصول بل جعلها البشر كي يطمعون في غيرهم.
قررت أسماء بأن تذهب إلى رباب، لترى ماذا تفعل طفلتها، وهل تشعر بالخوف أم ماذا؟ ولكن ما لا تتوقعه عندما وجدت طفلتها بالفعل تجلسوا مع الأطفال وتلعب معهما دون خوفها، طمئنتها رباب بأن طفلتها بخير.
❈-❈-❈
في مكان اخر لا يمسه البشرية بأي واقع وما تحمله القلوب، ما كانت إلا قلوب مليء بالحجارة القاسية، فإن لديهم الإناث ليس لهم مكان، فالكلمة الأولى والأخيرة للذكر، فجميع من يقطن في ذلك المكان طوعا لكلمه الذكور فقط، ولا يحق لأي من النساء التحدث في شيء، لأن ليس لهم قيمة ولا مكان.
نسمع تحدث أحدي الشباب قائلاً:
- يا أبي يكفي علام لتلك الفتاة وسوف نزوجها لأقرب شاب يتقدم لها، فماذا سوف تفعل بعلامها!فقال له أبيه:
- يا بني لا تعلم ماذا تحمل الأيام لأختك؟ فيجب أن تتعلم حتى يكن لها سلاح تحارب به وتواجه غيرها.
فقال له خالد:
- بل سوف تحاربنا نحن و تحارب عادتنا، مثل ما فعلت من قبل، فأول ما تم أخذه من علامها، هو تحدثها عن كيف لفتاة صغيرة أن تتزوج وهي لم تتعدى العاشره من عمرها؟
فقال له أبيه:
- ما تتحدث عنه أختك صحيح بالفعل، فكيف لفتاة لم تتخط العاشرة من عمرها؟ أن تفتح بيت، وتسأل عن أسرة، وتحافظ على أسرتها وزوجها، فهي مثل أقرانها، يلعبون ويلهون، فكثيراً منهم يا بني يتوفون أو يتركون منازلهم ويهجرون أزواجهم إلى حيث لا يعلم أحد بمكانهم، فأنا بجانبه أختك حتى تأتي لي وتخبرني بأنها لا تريد أن تكمل وتجلس بالمنزل.
صمت قليلاً وهو يعلم بأن هذا الحدث لم يأتي بالنفع مع ولده وأكمل قائلاً:
- غير ذلك لا يحق لك التحدث في ذلك الأمر ما دمت على قيد الحياة، نظر له خالد وقال بنبرة تهديد:
- إذا سوف أتحدث مع جدي، وهو صاحب القرار وكلمته الأمره الناهيه، نظر له والده وقال بغضب:
- أتهددني، لا تفعل ذلك فجدك لن يجعلها تكمل علامها، وأنت تعلم بأن ناصر إبن عمك يريدها منذ صغرها، فعندما تتحدث مع جدك، سوف تعطي فرصة من ذهب، كي يتقدم لها وأنت تعلم بأن خصاله غير محموده، ولن يجعل أختك تشعر بالسعادة، وسوف يكون ذنبها في رقبتك ليوم الدين.
نظر له خالد وقال:
- إذن تجلس كي لا أخبر جدي بأنك تساندها، كي تكمل علامها.
هنا لم يستطع الأخ الآخر الصمت، فكان يجب أن يتدخل فقال:
-يا خالد نعم أنت أخي الكبير ولكنك لا يهمك شيء غير مصلحتك، فأنا على علم بأن ناصر قد تحدث معك أمس في أمرها، وأنه من يريد أن يجعلها لا تكمل علامها وليس أنت، في مقابل الحصول على الأرض الشرقيه، التي تريدها منذ زمن بعيد، وانا اساند أبي وأختي حتى تكمل علامها.
نظر له برجاء وأكمل:
- أرجوك أن تتراجع عما يدور في رأسك، وعما تريده، فنحن لا نملك غير أختك سند لنا بعد وفاة والدتنا، فهي من قامت برعاية شئوننا، فأرجوا أن لا تجعل الخراب يدق بابنا، وأنت تعلم أن جدك ليس منصف للإناث، وتعلم أيضاً ماذا فعل مع أبنه عمك؟ عندما رفضت الزواج من أحدهما، وقررت أن تكمل علامها.
جال بمخيلة الجميع ما قد حدث بالفعل، فلقد نالت تلك الفتاة من جدها، أنه قام بقص شعرها،كي لا تشعر بأنها مثل أقرانها، بالإضافة إلي أنه قام بحرقها في جسدها، كي ترى ذلك الحرق في جسدها، تعلم ماذا فعلت؟ لذلك وافقت على ذلك العريس، الذي كان غير كفأ لها، فكان يعاملها كخادمة له، وكان من حين لأخرى يقوم بضربها، وعندما تلجأ إلى أبيها لا تجد من يساندها.
❈-❈-❈
كان الجميع مازالوا يتذكرون وانهمرت سعاد في البكاء لأنها بالفعل تذكرت نهاية تلك الزيجة وهي قيام أبنه عمها بإحراق جسدها وتوفيت دون أن يهتز لأحد شعره لوفاتها، كذلك أبنه عمها الأخره التي قامت بالزواج، كي لا تنال مثل ما نالت الأخرى من عقاب، فكيف كان حالها؟ حالاً لا يرسى له أصبحت مثل الورده التي تذبل.
كذلك عمها الآخر الذي سنحت له الفرصة بالسفر إلى بلد أخرى ومعه زوجته وطفلته، فلقد رحل قبل أن تلقي طفلته مثل ما يناله الأخريات، ويكفي ما نالت تلك الطفلة من قسوة وشدة من الجميع.
قطع كل تلك الأحداث هو عندما قال عز بحدة:
-أنا لم أترك أختك فريسة لك ولأطماعك، ولم أتركها لأحد يتحكم بها، فلتنظر إلى عمتك، كيف تحافظ على بناتها، فهي لم تجلب ولداً، ولكنها تملك ثلاثه إناث بوجودهم ملكت الكون، فلا تشعر بالخوف عليهم، فجميعهم يكملون علامهم، ولا يخافون شيئاً ولا يهابون.
فأكمل أبيه قائلاً:
- علي الرغم ما نالته عمتك،ولكنها وقفت أمام الجميع كي تتزوج من ذلك البندري، ولقد تغلبت على الظروف، وعلى العادات، وضعت الجميع أمام أمر واقع، وتزوجته ورحلت معه، وقطعت علاقتها مع جدك لأنه كان بالفعل ينتوي لها الشر هي وزوجها فقررت أن تنجو بذاتها.
أكمل عز قائلاً:
- كان زوجها ونعم الزوج، الذي كان ذات مركز مرموق، وأصبحت لأبنائها مكانه فهي تأتي كل عام تجلس معنا بعض ساعات، وترحل قبل أن يعلم أبيها بقدومها، فهل تريد أن تضع أختك في مصير يحتم عليها بالفشل والعذاب؟
فأجابه أبيه بنفاذ صبر يخبره، بأن أخيه لن يتراجع عما يدور في رأسه، وسوف يفعل ما يريده، ولكن هل يعلم عندما سوف يذهب الى جده؟ بأنه سوف يخسر وجوده في ذلك المنزل، بالإضافة إلى وقوفه أمام الجميع لكي ينجو بابنته.
فلقد وهبه الله إياها، فبعد وفاة والدتهم لم يشعر معهم غير بقسوة القلب، ولم يجد منها إلا حنان وطيبة، سوف يقف أمام الجميع لكي يحافظ عليها مهما كلفنه الامر، حتى لو حتم عليه قطع علاقتهمع أبيه، وسوف يأخذها ويرحل دون أن يعلم أحد بمكانه.
نظر له خالد وقال وهو يشعر بالغيظ:
- حسناً فلنترك هذا الأمر بضع أيام ثم سوف نعود للتحدث فيه مرة أخرى، ونظر إلى أخته نظره توحي بتهديد وقال:
- فلتتمهلي يا عزيزتي، فلك حرية الإختيار وسوف أسمع ردك بعد ثلاثة أيام من الآن.
❈-❈-❈
كان يعمل في مكان ليس بكبير، ولكنه ما يوجد بداخله جميعهم، يسعون إلى جلب ما يسد احتياجهم، فعلى الرغم من خوفه على زوجته، وابنته، وعلى قدومهم الى بلد لم يكن يعلموا عاداتهم، ولكنه كان يشعر بأنهما هربوا من تحكم والده، وظلمه الذي ليس له مثيل، وكان يشعر بالأمان مع تلك الاسرة التي تقطن أمامه.
فجميع من في البيت قد تحدث معهم جميعاً كي يشعر بالاطمئنان لترك زوجته وسطهم، كما تقطن فوقه تلك السيده العجوز، الذي لديها أبنه ترعي شؤونها، وما تقطن أمامها تلك السيدة التي معها أبنها وزوجته، فجميعهم يعتبر الحال مثل الحال لا أحد أفضل من غيره.
فكان يشعر بالخوف علي زوجته نظراً لترك أهلها ورحلت معه دون خوف، فهي كثير ما كانت تربطه معاً قصه حب منذ الصغر، فهي أبنه عمه ورفيقه طفولته، ولكن ما قام بتعقيد الأمور هي عندما علم الجميع، بأن ما تحمله بداخلها أنثى وليس ذكر، فهو يعلم عرف أبيه على عكس الآخرين.
فكثير من العائلات يأتي لهم الذكور والإناث، و يشعرون بالسعادة ولكنه يعلم بأن أبيه لا يعترف بالإناث، بالإضافة بتحدثه مع أخته التي غادرت وتركت تلك العادات، لكي تنقذ نفسها من تلك المصير الذي يحيط بلفظ أنثى.
قد انشغل بالفعل حينما ناداه إحداهما قائلاً:
- يا عمار فلتنتبه لقد سرحت، ولا يفيد السرحان في العمل، فانتبه كي لا يحدث كارثة، شكر صديقه على تنبيه وجاء وقت الراحه، كي يأخذ الجميع قسطاً من الراحة ثم يعودونه لمزاوله عملهم.
كان الجميع يتحدثون بينهما فيما يحدث من تطورات حولهم، فخبرهم عمار بأنه قد قدم من قريته كي بسد احتياجاته هو وأسرته، وعندما ينتهي من العمل سوف يبحث عن وظيفة أخرى، كي تسد حاجته، فما سوف يحصل عليه من تلك الوظيفة سوف يسد طعامهم ومشربهم فقط، لذلك يجب أن تكن له وظيفه أخرى كي يأتي لابنته بكل ما تتمناه ويعوضها عما رأته.
❈-❈-❈
بينما كانت رباب انتهت بالفعل من إعداد الطعام، فقامت بالذهاب لأسماء كي تجلبها، كي يجلسون معاً معا، فزوجها يعمل ويأتي في المساء، بينما كانوا يتحدثون خبرتها رباب بأنها عليها بإرسال ياسمين لأحدي الحضانات، كي تتأقلم مع غيرها من الأطفال، وخبرتها بأنها بالفعل تقم بإرسال أطفالها في الصباح لأحد الحضانات، كي لا يخافوا من أحد في سنهما.
إن أرادت أن تجعل ياسمين معهم فسوف يكن تطور في شخصيتها و أعلمتها بأنها تشعر بأن تلك الطفلة قد مرت بتجربة قاسية.
نظرت لها أسماء نظره توحي بأنها لا تقدر على التفوه بشيء، لكنها أعلمتها بأن لكل مكان عادات وتقاليد، تحكم على أهلها بأن يتبعونها، حتى لو كانت تلك العادات خاطئة، فهذا ما شابو عليه، وكانت لياسمين نصيباً من تلك العادات، قد أثرت علي تكوين شخصيتها، لذلك قد قرروا مغادرة قريتهم وأهلهم والقدوم إلي ذلك المكان.
علمت رباب بأن هناك سر تخفيه عنها أسماء يرتبط بعادتهم وتقاليدهم، وعلمت بأن ما ظنته في ما رأته تلك الطفلة سبب في جعل الخوف يتمكن منها، فقامت بجلب بعض الأشياء، كي يتناولوها معاً، وحتي لا تجعل أسماء تشعر بالحرج، وكانت الطفلة في ذلك الوقت تشعر بالنعاس، فلقد تعبت من كثرة اللعب، فقررت أسماء الاستئذان بالرحيل علي أن يلقي بعضهم في الغد.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة عزة كمال من رواية متيم بكِ، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية