-->

رواية جديدة رزان والمجهول لمايسة الألفي - الفصل 13

 

قراءة رواية رزان والمجهوول كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية رزان والمجهول

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة مايسة الألفي

الفصل الثالث عشر



في اليوم التالي في البحر، وتحديد عند روني يتحدث مع أخيه سفر كي ينهض من نومه لأجل أن يعلمه بعض أمور البحر.


لأنه قد أحس بأنه لابد أن يستمع لنصيحة صديقته رزان في أنه يجب أن يعود أخيه على تعاليم البحر.


لكن سفر لا زال كسلان نائم يحاول أن ينهض لكنه لا يستطيع من شدة الكسل، لهذا صرخ فيه أخوه روني منبهًا إياه أنه لابد أن يتعلم كل أمور الحياة المختلفة داخل البحر.


كي يكون مخلوق ناضج يستطيع أن يعيش وحده دون مساعدة أحد، حاول روني أن يذكره بحديث أمهما عندما أوصته بأخيه سفر خيرًا، لهذا ألح عليه في الكلام حيث قال:


-أعتقد يا أخي العزيز سفر أنك قد كبرت ويجب أن تتعلم معي أمور الحياة في البحر، لأني لن أرافقك في كل أمور حياتك، فأنا سأنشغل بباقي حياتي المليئة بالأمور التي تجعلني مشغولًا عنك.


 لهذا أود أن أقل لك نصيحة مهمة، وهي أنه لا يجب عليك الاستيقاظ متأخرًا، فلابد أن تعود نفسك على الاستيقاظ مبكرًا كي تجد نفسك نشيطًا قادرًا على التجول داخل البحر.


 كي تجد طعامك المفضل دون عناء، ولكي تعرف أن تجد طعامك بسهولة يجب أن تتحين الفرص المهمة، فلا تضيع الوقت في التفكير في صيد طعام وكيفية الحصول عليه.


يجب أن تكون ذكيًا في تحديد وقت الانقضاض عليه والاستحواذ عليه، كي لا تندم على التأخر وتظل دومًا جائع.


حاول سفر أن يستوعب ما قاله له أخيه روني، فراح يتثائب وينفخ في الهواء وينظر للفقاقيع التي تهتز على أثر نفخه، ثم حاول أن يظهر أنه قد سمع كلام أخيه:


-عزيزي روني، أعتقد أنك غير مدرك أنني بالفعل أستطيع أن أكون قادرًا على تحين الفرص، وبالفعل أستطيع أن أجد طعامي بذكاء، فأنا قد عشت فترة من الزمن في الأسر.


وعندما كان الصياد يعاقبني بعدم وضع الطعام لي كنت أبحث عنه بنفسي، وحقًا كانت محاولاتي أحيانًا تبوء بالفشل لكنني استطعت كثيرًا أن أحصل على ما أريده من طعام، فلا تقلق من هذا الأمر، فأنا إلى حد كبير أستخدم ذكائي الفطري الذي ولدت به.


ابتسم روني، وأحس أن أخيه قد حاول أن يتهرب من الاستماع إلى النصيحة، لكنه أراد أن يوضح له شيئًا معينًا فأردف:


-عزيزي سفر، إنك بالفعل مخلوق ذكي، فأنا لا أنكر هذا الأمر، لكن الحياة داخل البحر، مليئة بالمفاجآت والكثير من القلق، فما قصدته، هو أن تتعود على أمورها المختلفة.


لأنك لو ظللت هكذا تستيقظ متأخرًا سيفوتك الكثير والكثير من أمور الحياة داخل البحر، فأنا لست قاصدًا أن أتهمك بقلة الذكاء.


 أنا فقط أطلب منك النهوض والبحث عن وسائل الحياة والأخذ بالأسباب، حتى تتعود على هذه الحياة المختلفة، أفهمت يا سفر ما قصدته؟


حاول سفر أن يقاوم كسله الذي ظهر جليًا عليه، لكنه قد تعود على الكسل وانتهى الأمر، لهذا حاول أن يقول لأخيه سفر شيئًا يجعله ينسى قضية الاستيقاظ مبكرًا هذه، فأردف:


-أعتقد يا أخي العزيز روني، أنني طالما ذكيٌّ، وأعرف أن أحصل على طعامي في أي وقت، فلا داعي لأن أستيقظ مبكرًا صدقني، فأنا عندما كنت في الأسر، كنت قد تعودت غصبًا على الاستيقاظ مبكرًا.


 لأن الصياد كان يعرض عروضه صباحًا على شاطيء البحر، لهذا كنت أستيقظ مبكرًا وأنا متأفف وكسلان، والآن أنا أصبحت حرًا في كل شيء فلماذا إذًا أرتبط نفسي بهذه العادة الغريبة.


 لابد أن تفهم يا روني، أن الذكاء يغنينا عن أمور كثيرة، لهذا أؤكد لك أني ماهر في جلب طعامي سواء حدث ذلك مبكرًا أم في وقت آخر، فلا تشغل بالك بأمر الاستيقاظ مبكرًا فهذه عادة قديمة ومملة.


أحس روني أن سفر قد تعود على الكسل، ومن العسير تغيير هذه العادة السيئة فيه، لهذا راح يحذره قائلًا:


-إنك يا سفر، لستُ متفهمًا لما أنا أنوي أن أعلمك إياه، فأنا أريدك أن تتعود واحدة واحدة على الاستيقاظ مبكرًا، وأعرف تمامًا أنك لن تستطيع أن تستيقظ مبكرًا من أول مرة.


 حاول أن تعود نفسك، مثلًا اليوم تستيقظ مبكرًا نصف ساعة، ثم غدًا تستيقظ مبكرًا ساعة، وهكذا حتى تتعود على الأمر، صدقتي يا عزيزي، إن الأمور لا تتحقق هكذا مرة واحدة، لكن بالتدرج والتعود تحدث كل الأمور بسهولة ويسر.


شعر سفر أن أخيه قد تعب في توضيح ما يريده منه، وهنا أحس أنه بالفعل على خطأ، ولابد أن يستمع إلى أخيه لعله يستطيع أن يتقدم في حياته، لهذا راح يقول في اهتمام:


-أعلم تمامًا يا روني أنك أخي الكريم، والذي يبحث عن مصلحتي، لهذا لا أريد أن أتعبك كثيرًا في قضية اقناعي بالاستيقاظ مبكرًا.


لهذا أؤكد لك أنني سوف أكون دولفي نشيط جدًا وسأعود نفسي على الاستيقاظ مبكرًا من الغد، لكني دعني الآن لأنام قليلًا وغدًا نكمل باقي النصائح.


ابتهج روني وأحس أنه قد أحدث تغيرًا حسنًا في أخيه لهذا تركه لكسله اليوم، وسوف يكمل نصائحه له في أي يوم آخر.

❈-❈-❈


في مساء نفس اليوم في قصر سنار ملك البحور، حيث يجلس على عرشه متأهبًا لسماع أخبار مملكته وما آلت إليه من أمور، حيث أتى وزيره الخاص كي يسرد له كل أخبار البحر المختلفة.


 جلس الملك ناظرًا إلى هدية رزان الجميلة فابتسم وراح يتذكرها ويتذكر قصتها، ثم حاول أن يتحاور مع وزيره قائلًا:


-أيها الوزير الطيب، اقترب واجلس، لكي أتحاور معك في أمور الرعية، فأنا في أشد الاحتياج إلى معرفة أخبار البحر، ومعرفة ما يدور فيه، لقد قررنا أن نجند بعض المخلوقات البحرية، فهل حدث شيء هام بخصوص هذا الأمر.


 أم هناك شيء آخر لابد أن نتخذه، تعلم يا وزير أني أريد أن تكون المملكة في غاية الأمان، لهذا أحاول أن أظهر الكثير والكثير من التقدم، كي، تتقدم حياتنا في البحور، لهذا أود أن أعرف ماذا حدث في هذا الأمر؟


حاول الوزير جمع أفكاره لكي يخبر الملك بما آلا إليه الأمور، لهذا راح يقول في اهتمام:


-مولاي الملك أود أن أخبرك بأنك ملك عظيم، قد استطعت بعقلك الذكي أن توفر التقدم لحياتنا المختلفة، فسيادتك قد أمرت بتحضير الجنود، ونحن بدورنا قد أعلنا الخبر منذ يومين، وفي انتظار من سيتقدم.


 فلن يكون هناك فرضٌ منا على أحد في أمر التجنيد، لأجل جعل الأمر يحدث برغبة المخلوق، حتى يُفدي الآخرين بكل ما يملك من قوة، لهذا قد تقدم عدد لا بأس به.


 وقد حاول وزرائنا وضع خطط الاختبار لهؤلاء المجندين؛ كي نتأكد من صدق نواياهم تجاهنا، فإن أهم شيء نريده من المجند هو الصدق، لهذا لا تقلق بشأنهم.


أحس الملك أن الأمور في تطور، لهذا راح يقول بجدية:


-أعتقد أنكم قد أتقنتم دوركم جيدًا، وقد تقدم للتجنيد عدد لا بأس به كما ذكرت، لكني أريد أن أوسع الأمر، حتى يشمل التجنيد كل سكان المملكة، فإن بحرنا عميق وكبير، ولا أريد أن نتسرع في أمر اختيار الجندي الصادق الأمين.


 لهذا أريد أن تكون الاختبارات في غاية الذكاء، حتى نستطيع أن نحصل على صفوة السكان في بحرنا، وأنت تعلم أن الحياة في البحر تتطلب بعض الحذر.


 لهذا أود أن أشرف بنفسي على اختبار من سيتقدم للاختبار في التجنيد، وأود أن نتوسع في الأمر، فأنا قلق جدًا بهذا الشأن، وأريد أن يُنفذ الأمر بجدية واهتمام.


أحس الوزير بأهمية ما قاله له الملك سنار، فراح يفسر له الأمر قائلًا:


-أعتقد يا مولاي أننا قد قطعنا شوطًا كبيرًا في اختبار الجنود، ولقد كان وزرائنا في غاية الدقة أثناء الاختبار، لهذا لا تقلق، فأنا أُؤكد لك أن الأمور تسير على ما يرام.


 لكن إذا أردت أن تشرف على الاختبار بنفسك، فلن نعترض، فأنت ملكنا العظيم، لكن هذا يا مولاي سيجعلنا نبدأ الاختبار من جديد، حتى تشرف على الأمر بنفسك.


 لهذا سوف نتأخر عن الموعد الذي حددته سيادتك للانتهاء من أمر التجنيد، وأريد من سيادتك أن تكون مستعدًا وتخبرني وقتما تريد البدء، حتى أبلغ باقي الوزراء بالأمر، لعلنا نجد ما تتمناه يا مولاي العظيم سنار.


أحس الملك أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت، فراح يقول:


-إن الأمر أكبر من أن نجند جنودًا للتحقيق الأمان، لهذا كنت أود صدق هؤلاء المتقدمين، عن طريق اختبارهم بنفسي، لهذا أصر على اختبارهم بنفسي، لأني أريد منهم الصدق والأمانة قبل أي شيء.


 لهذا أود أن تجهزوا لي عددًا منهم كي أختبره بنفسي، وإني سوف أخصص ساعة في اليوم لتنفيذ الاختبار، وأرجو منكم أن تكونوا مستعدين للأمر من غدٍ.


 لأني اليوم مشغولًا بأمور أُخرى تخص المملكة، لكن دعنا الآن من أمر الجنود، وقل لي ماذا عن أمر التغذية في المملكة، هل وجدتكم بها بعض التعثرات؟


تنبه الوزير لما يقوله الملك فاعتدل في جلسته، وبدأ يقول:


-في الحقيقة يا مولاي إن أمر التغذية كبير جدًا، ولقد خصصنا مؤنًا كثيرًا لمن لا يجدون طعامهم داخل بحرنا العظيم، وإن العمال الذين يجهزون التغذية لبعض سكاننا الضعفاء.


الذين لا يستطيعون أن يخدموا أنفسهم ككبار السن والأطفال، لهذا نحتاج لتعيين عمال أكثر في هذا المجال.


وأود أن أجد ردًا مناسبًا من سيادتكم حيال هذا الأمر، فنحن في حاجة إلى فكر مستنير كفكرك أيها الملك العظيم، لهذا أود أن أستمع لرأيك يا مولاي.


حاول الملك أن يؤكد على أهمية وفرة التغذية فأردف باهتمام:


-أيها الوزير إني قد خصصت جزءًا كبيرًا من اهتمامتي بأمر تغذية كبار السن والأطفال، لأنهم أكثر فئة تحتاج للمساعدة، وهم مسؤلية في عنقي، ولابد أن أعمل جاهدًا كي أحقق لهم هذه المساعدة.


 وإن نجاح أي ملك في حكمة، يعود بالضرورة على الاهتمام بهما، لذلك قد خططت كثيرًا لأمر إسعادهم، لهذا نبه على الجميع من الوزراء الاهتمام بتعيين عمال جدد لمجال التغذية.


 ولابد من الاهتمام بالأمر في أسرع وقتٍ؛ حتى أشعر بأني قد أنجزت مهمتي على أكمل وجهٍ، وأحب أن أقول أني أود السرعة في الأمر.


سعر الوزير أن الملك قد نبهه لأمر هام، وأنه لابد من التنسيق مع الوزراء من أجل تعيين عمال جدد، لهذا وافق الملك قائلًا:


-سمعًا وطاعةً يا مولاي الملك، إني قد فهمت الآن مهمتي الأساسية، وهي الأمر بتعيين عمال جدد، وتحضير الجنود الجدد من أجل اختبارهم من قِبل سيادتكم، لهذا سأعمل جاهدًا على تنفيذ الأوامر بكل دقة وحذر، فهل تريد مني شيئًا آخر؟


ابتهج الملك عند اتمام الأوامر واخبار الوزير بتنفيذها، لهذا توجه إلى وزيره الخاص وأمره أن ينصرف لينفذ ما أمره به.


❈-❈-❈


في صباح اليوم التالي، في بيت رزان عروسة البحور، حيث أن قد أتى لزيارتها روني الدولفي الطيب، فراحت ترحب به قائلة:


-أهلًا بكَ أيها الدولفي الطيب، لقد خصصت جزءًا كبيرًا من وقتي لممارسة الرياضة، فإنها تعمل على تنشيط الدورة الدموية، وتجهيز الجسد للعمل بنشاط بالغ.


لهذا أنصحك بتخصيص أول اليوم بالرياضة حتى تستعيد نشاطك، وإني حريصة على صحتك جدًا لهذا أوصيك بها، كما أنني أريد أن أعلم هل بدأت في نصح أخيك الدولفي سفر الصغير؟ أم أنك تركته على كسله المعهود؟


حيا روني رزان بحب، وجلس على أحد الصخور التي خصصتها رزان للجلوس، وراح يقول في بهجة واهتمام:


-أهلًا بكِ يا عزيزتي رزان الجميلة، حقًا إن موضوع الرياضة هذا شيء هام، ولقد سمعت من أمي أنها جزء أساسي في جعل الج سد يتمتع بصحة جيدة.


 لكن يا رزان هل أنت عندك من الوقت الكافي لكل هذه المهام في حياتك؟ إني أرى أنكِ قد خصصتي أوقاتًا لكل شيء في حياتك، فهناك وقت لترتيب وتنظيف البيت.


 وهناك وقت للبحث عن طعام، وهناك أيضًا مؤخرًا وقتًا للرياضة أخبريني بالله كيف أوجدتي كل هذا الوقت في يومك، إني أرى أن اليوم قصير جدًا ولا يتسع لكل هذه الأمور.


ابتسمت رزان وراحت تقول في دلال وبهجة، وهي تعدل من خصلات شعرها الفاحم الأسود، وقالت:


-عزيزي روني الدولفي الطيب، إني قد تعلمت في حياتي السابقة أن تنظيم الوقت شيء هام، لهذا قد تعودت أن أنظم وقتي بكل دقة، فهل تعلم أني أحدد وقتًا أيضًا للعب والمرح والحديث معك؟


ابتسم روني وأدرك أن رزان تأخذ الموضوع على محمل الجد، وبالفعل تنظم يومها ليشمل كل هذه الأشياء مجتمعة فأردف مبتسمًا:


-كم أحسدك يا رزان على ثراء عقلك وحيوته، إنك بارعة في كل شيء، تنظمين يومك لكل شيء هكذا دون أن يضيع منك شيء، أريد أن أتعلم كيف تقدرين على تنظيم وقتك بهذه الدقة.


إنني لو ركزت عقلي على تخصيص وقتٍ مثلًا للحديث معك، فلن أستطع أن أحدد نهاية لحديثنا، فأنا غير واثق في أني من الممكن أن أنهي حديثي معك بطريقة قد تضايقك مثلًا.


 فقد تكونين تريدي أن تقولي شيئًا هامًا، لهذا دومًا أترك الأمور على راحتها دون التدخل في انهائها، وبهذا المنطق عشت عمري الفائت.


قهقت رزان وراح رأسها يتمايل مع ضحكتها العذبة وظهر جمالها الفاتن جليًا وقالت في مرح:


-إنك يا روني لطيف جدًا، وتترك الأمور على طبيعتها حقًا، أتخجل أن تنهي الحديث معي؟ أو مع غيري؟ إذًا فأنت لن تنعم بحياتك، وستضيع حياتك في تحقيق أمور بسيطة معدودة.


أود أن أخبرك أن أعمارنا محدودة، لهذا لابد من تنظيم الوقت كي نسعد بحياتنا، ونشعر بعد نهاية العمر، أننا أضعناه في أشياء تافهة لا تستحق، لهذا أوصيك بأن تهتم بتنظيم وقتك، حتى لا يأتي يومًا وتشعر أن عمرك قد ضاع.


ابتسم روني وراح ينظر لها بإعجاب وحب، وقال:

-هل تعلمين أنني قد تعلمت منك أشياء جميلة جدا منذ أن عرفتك، لقد أنرتِ عقلي، وأصبحت أستمتع بحياتي حقًا.


لهذا فإني أخبرك أني قد بدأت في تعليم سفر أشياء جديدة، وبدأ يستجيب لي بعد عناء، إن سفر مخلوق كسول جدًا.


 ولقد أتعبني حتى أفهمته، لكن مع الوقت سيتعلم، وسوف أخصص له ساعة في اليوم لتعويده على أمور حياتية نافعة.


في ظهيرة نفس اليوم، جلس الحج شرف في المحل، يحاول أن يبيع المنتجات ببهجة، فهو يحب عمله جدًا ويحب أن يتقنه، لكنه راح يفكر في أمر عبد الله وحاله.


لقد تأخر اليوم على حضوره للعمل، لذلك راح يحدث نفسه قائلًا:


-"إني أتعجب جدًا من حال عبد الله، فهو شخص ضعيف جدًا، ولقد وجدت عندما زرته على العشاء لا يستطيع أن يحدث زوجته بحرية، بل يحدثها كأنها ملكة ويجب أن تطاع، إني قد سئمت ضعف هذا الرجل.


 ولولا أني أحبه، لتركت له الدنيا وتركته، إني اتمنى أن يعود لعقله، ويفكر في الأمر بجدية، فمن المفروض أن أمر اختفاء ابنته، قد أيقظ داخله حبه لابنته.


لهذا لابد أن يدرك بالبديهة أن زوجته نعمات أساس هروب ابنته من البيت، وأنها السبب في كل ما حدث له من حزن، ومع ذلك لا زال يعاملها كأنها أميرة يسمع ويطيع، كيف أحرك عقله ليترك هذه المرأة الملعونة؟ 


إني والله أبغضها جدًا، لأني أحب رزان الفتاة الطيبة، واتمنى حقًا أن يؤتي الإعلان ثماره، ونجد من يدلنا على مكانها، إني أرى أن الأمر قد أخذ طريقًا وعرًا.


 ولابد لي من إفاقة هذا الرجل؛ كي تعود ابنته لأحضانه، إنها قد حُرِمت من حضنه أثناء وجودها معه، لهذا هربت لأنها شعرت أن مكانها أصبح لا يصلح لها، بعدما تحكمت نعمات في كل شيء.


 أريد أن أتحدث معه عندما يأتي لعلي أجعله يفيق، لكني قد حدثته قبل ذلك ولا زال على عناده، لكن ما باليد حيلة، سأحاول ثانيةً."


أتى عبد الله وراح يسلم على الحج شرف الذي وجده مشغولًا يفكر، لهذا راح يحدثه:


-مرحبًا بك يا حج شرف، كيف حال ابنك وزوجته، إني والله أشتاق لزيارتكم، لكن موضوع ابنتي قد جعلني حزين دومًا، لا أفكر في الخروج من البيت.


 ولولا أني مرتبط بعملي هنا ما أتيت، لقد أكل من الحزن كل طاقتي، أصبحت لا أطلب شيء إلا النوم لأهرب من الفكر الذي ينهش رأسي.


 لقد عانيت جدًا في غيابها، وقد جفت دموعي بكاءًا عليها، أخبرني هل أتى الإعلان بنتيجة ما، ألم تتصل بك الصحف لتخبرك بأمر ابنتي؟


حاول الحج شرف أن يخفف عنه، ويؤنس قلبه ببعض الكلمات، وراح يقول في اهتمام:


-لا تقلق يا عبد الله، إني إتخذت كل الإجراءات اللازمة، وقد اتصلت أمس بالصحف، وسألت عن الإعلان، لكن ليس هناك جديد، فإني أرى أن نصبر قليلًا فلم يمر على الإعلان إلا يومان.


 وأعتقد أن الأمر مبشر، لأني قد توسعت ونشرت الإعلان على صفحات التواصل الاجتماعي، لعل أحدًا يكون قد رآها، ولن يمر الاسبوع قبل أن يأتي خبر يفرحنا تماسك يا رجل، وكن على قدر الابتلاء، فإن عطايا الله كلها جميلة.


حاول عبد الله أن يجفف دموعه، وراح ينظر للحج شرف بحب، وقال له:


-لا أعلم ماذا كنت سأفعل إذا لم تكن أنت في حياتي؟ كنت حتمًا سأجن، وأضيع في خبر كان، لابد أن أشكرك مرارًا على صنيعك معي، هل تعلم أن الله قد بعثك لي رسول من عنده لتخفف عني الحزن.


 ولولا وقوفك بجانبي وإعلانك عن اختفاء ابنتي، لكنت الآن هائمًا أدور في البلاد دون راحة، أود أن أقول لك لقد كنت جميلًا ومتقنًا للدور عندما طلبت منك نعمات أن تأخذ المكافأة كهدية.


 لا أعلم لما هي متلهفة على المال هذه المرة؟ حقًا إنها لا تُبقي في حافظة نقودي شيء، لكنها هذه المرة متلهفة تريد المال الآن، لا أدري ربما جن جنونها.


نظر له الحج شرف بتعجب وتراجع عن كلامه بأمر نعمان لأنه أحس أن الرجل حزين، ولا يقدر على تحمل المزيد من الضغط.


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة مايسة الألفي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة