رواية جديدة رزان والمجهول لمايسة الألفي - الفصل 17
قراءة رواية رزان والمجهوول كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية رزان والمجهول
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة مايسة الألفي
الفصل السابع عشر
في البحر في اليوم التالي، حيث إن رزان تنظم بيتها وتحاول أن تغني بصوتها العذب الجميل، وجدت بعض الأسماك الصغيرة تلهو بالقرب من بيتها، فراحت تداعبهم في مرح وسرور.
حتى ظهر لها روني قريبًا منها يداعب معها بعض الأشياء الهائمة بالقرب من بيتها، لهذا اقترب منها وراح يقول في مرح وبهجة:
-صباح الخير يا عزيزتي رزان الطيبة، إني قد عرفت أنك قد كنت تنظمين بيتك فحاولت أن أحضر في هذا الوقت الذي تفضلينه من أوقات يومك، لأني أعلم أن تنظيمك للبيت من الأمور المحببة إلى قلبك.
لهذا أحسست أنك في قمة السعادة، وإني أقدر وقت مزاجك الطيب، وأود أن أحاورك في هذا الوقت الطيب حتى أحصل على متعة الحديث معك.
فأخبريني ماذا قررتِ في أمر الوزارة التي كنتِ تخططين لنيلها قريبًا؟
نظرت له رزان محاولة أن تجد شيئًا ما كانت تبحث عنه في بيتها، فأقبلت عليه تحاوره في مرح وبهجة ثم قالت بصوت هاديء متزن:
-تعلم يا صديقي الغالي روني أنني أود أن أعرف مدى قبولك لفكرة أن أكون وزيرة.
حتى أحدد خطتي في هذا الأمر، هل تراني أفضل وزيرة من الوزراء، أم تود أن أظل على حالي عروسة البحر الجميلة التي تساعد كل من يحتاجها من مخلوقات البحر.
أريدك أن تخبرني رأيك بكل صراحة، وإلا لا يهمني أن أستمع إلى إجابة ليست صريحة، لأني لا أريد أن أظل هكذا دون أمر صريح يعنيني على حالي وحياتي التي أطمح في أن تكون ذات أهمية.
نظر لها روني بحب وراح يقول في اهتمام، وسعادة:
-عزيزتي رزان عرو سة البحر الجميلة، أنا منذ مدة ليست بعيدة، أحاول أن أحدثك في كل أمورك بشيء من الصراحة واليسر، لهذا فأنا لن أغير عادتي معك هذه المرة.
لأني أحب أن أكون صريحًا معك دومًا كما تطمحين أنت لهذا الأمر، وإني بخصوص حبك لأن تكوني وزيرة، رافض تمامًا هذه الفكرة؛ لأني لا أدري أمر الوزراء واحتياجاتهم المختلفة، فأنا لم أعاشر في حياتي وزيرًا مطلقًا.
وأود أن أخبرك أني أراك أكثر في زي البسطاء أمثالنا، مخلوق طيب جميل، يساعد كل من يحتاجه دون تردد.
فهل ستتركين كل هذا، وتظلي في حيرتك هذه، لأمر الوزارة، إني أريد أن أفهم، من الذي دلك على هذه الفكرة التي أرقت تفكيرك وجعلتك حائرة لهذه الدرجة؟
ابتسمت رزان وبدأت تفكر في كلام روني الدولفي الطيب، ثم قالت باهتمام:
-لعلي لم أسألك يومًا، هل تريد أن تصبح وزيرًا ذات يوم؟ إني أريدك أن تفكر في أمر ترقيك للوزارة فماذا كنت ستود وأي وزارة كنت تتمنى أن تشغلها.
إن تخصصات الوزارة كثيرة، وأغلبها متعب وهام، لهذا كنت أريدك أن تختار لي تخصصًا يليق بعروس البحر الجميلة، لأني أود أن أختبر نفسي لهذا الأمر.
وأريد أن أحدد وجهتي قبل التقدم للوزارة وأعلم أنك تود أن تراني في مكان خير أساعد فيه المخلوقات دون أن أتخلى عن رتبتي كفاعلة خير ومسؤلة عن العمل الخيري.
وإني والله لفخورة بهذا العمل الخيري، لكني أود أن أجرب أمر الوزارة ولو لمدة يومٍ واحد.
ابتسم روني وأكد على ضرورة أن تكون رزان راضية عن نفسها أولًا، وقبل أي شيء لأن مسألة الرضا أهم من تقلد أي وزارة، لأنها ستمنحها سعادة بالغة.
لهذا بدأ يستفسر عن شيء هام:
-عزيزتي رزان عرو سة البحر الجميلة، إني أرى أنكِ غير راضية عن حالك كفاعلة خير، تساعدين المخلوقات البحرية الطيبة، لهذا تطمحين في تقلد الوزارة.
لهذا فأنا أريدك أن تعلمي أني أراك أكثر في وزارة الشباب، لأنك شابة يافعة، وقد مررتِ بأمور عدة في مشاكل وتحديات، لهذا فأنت جديرة بترقي وزارة الشباب.
أما إذا كنتِ تودين أن تسعدي بحياتك فإني أحبذ لكِ أن تتقلدي وزارة التغذية، لأن عملك الطويل كفاعلة خير في العمل الخيري، قد أكسبك ثقافة كبيرة بأمر الغذاء وما يحتاجه المخلوقات البحرية المختلفة.
لهذا أود أن تجربيها، وساعتها ستحددين عمق الأمر، لكن أخبريني، هل ستتركين العمل الخيري تمامًا؟
حاولت رزان بذكاءها أن تفتح موضوع عملها الخيري، وتقلد روني لهذا الأمر بالنيابة عنها، لهذا راحت تقول له:
-عزيزي روني الدولفي الطيب، إني أود أن أسألك سؤال هام، هل ترغب في أمر تقلد العمل الخيري، وتحب أن تساعد مخلوقات البحر الطيبة، إنكَ لو كنتَ ترغب بهذا الأمر.
فإني أشجعك على هذا الأمر بالنيابة عني، فإني أراك أنسب مخلوق قادر على شغل هذا العمل الذي أراه أكثر حيوية.
لهذا أريدك أن تفكر في الأمر قليلًا قبل أن تتكلم، لأن العمل الخيري، عمل هام، يريح النفس ويساعد على تحدي الجميع في تنفيذ ما يطلبونه.
تفهم روني أمر رزان من عرضها لأمر تعهده بالعمل الخيري داخل البحر نيابة عنها، لهذا أحس أن رزان تضعه في اختبار هام، بأمر تقلده لهذا العمل الحيوي الهام ثم حاول أن يقول:
-عزيزتي رزان عروسة البحر الجميلة، أريدك أن تفهمي شيئًا واحدًا أني أحب أن أعمل في الخير، لكن ليس أخذ مكانك، فمن الممكن أن أساعدك، وأعاونك على تنفيذ الخير، لكني لا أريد أن أنفذ هذا وحدي.
ابتسمت رزان وبدأت تتفهم أمر روني، لهذا تركت الحديث معه وذهبت لتخضر شيئًا تأكله معه في حب وسعادة.
على صعيد آخر وقف سفر أخو روني الدولفي الطيب أمام بيتهم يفكر في أمر اختيار مكان آخر لكي يتخذه بيتًا خاصًا لع وحده.
لهذا راح يفكر ويحدث نفسه"أعلم جيدًا أن أخي روني يحبني جدًا ويتمنى لي الخير الكثير، ويود أن أظل معه في هذا البيت الجميل، لكني كنت أود أن أستشعر إحساس جديد.
ألا وهو أن تكون لي حياتي المستقلة التي أحاول أن أظهر فيها وحيدًا معتمدًا على نفسي، إنني قد كبرت وأصبحت أشعر أن أمر وجودي وحدي في بيت مستقل.
أمر يتطلبه الكثير من الاهتمام، لأني في عهد قريب جدًا سأختار شريكة حياة لي وأتزوجها، فهل سأظل بعد الزواج أعيش مع روني، أعلم أن روني يتمتى ذلك كثيرًا لكني لست متأكد من راحتي معه في هذا الأمر.
إن الزو اج أمر حتمي، ولا بد أن يحدث، وإني أريد أن يفكر روني نفسه في أمر زواجه، لأنه قد كبر ولابد له من العمل على تحقيق هذا الهدف لأني أريد أن أراه سعيدًا دومًا في بيته.
لهذا فإن مسألة وجودي معه في نفس البيت مسألة تؤرق مضجعي، إني لا أريد أن أعيش معه بعد الزو اج، أعلم أن روني يخطط من أجل أن نتزوج أنا وهو في بيت واحد.
كما أنه يريد مستقبلًا أن أترك له أولادي كي يتكفل هو بتربيتهم وتعليمهم، لأنه يحب أن يصبح كبير العائلة، لكني لا أرغب في أن أحقق له هذه الرغبة الملحة.
التي يخطط لها روني منذ زمن، وإني لا بد أن أفكر في أمر تحرري وعيشي بعيدًا عنه، كي أشعر بالاستقلال والسعادة، يا لتني كنت أنا الأخ الأكبر لكانت الأمور كلها قد تغيرت الآن.
لكنني أنا الصغير الذي يحتاج للمساعدة في نظر أخي روني، لكني لست محتاج لشيء، وأستطيع أن اعتمد على نفسي كل الاعتماد، إن روني يرى المحتاج للمساعدة دومًا.
وهذا يؤرقني جدًا فأنا لست صغير في العقل ولا في أي شيء إنها مسألة وقت وتزيد الدنيا تعب في وجههي."
أنهى سفر حواره لنفسه ونظر بجانبه فوجد الدولفي شهير صديقه قد أتى فراح يرحب به قائلًا:
-أهلًا بك يا شهير، إني كنت في أفكر في حالي، وكيف آلت الأمور بي، وأني أريد منك أن تتعاون معي لتذكرني دومًا أنني قد أصبحت كبيرًا، ولن أحتاج للمساعدة من أحد.
خاصةً أخي روني، تخيل يا صديقي الغالي أنه يعتبرني غير مؤهل لخوض تجربة العيش وحدي في بيتٍ خاص، وأرى أنه قد أخطأ في تصوره هذا، ألا ترى أنني لست صغيرًا؟
وأنني كبير بما يكفي لكي أخطط للعيش وحدي وأختار شريكة حياتي، إني لست قاصرًا ولست تابعًا كي يتحكم في أخي روني، ألا ترى أنني مؤهل لخوض هذه التجربة الجميلة، إني والله مخلوقًا مثاليًا.
فأنا قد تعودت في الأسر على خوض تجربة الحياة وحدي، تأكد يا شهير أنني قد سئمت من تدخله في حياتي، وتضخيمه لجميع ما يخصني من أمور، أريده أن يفهم أنني مخلوقٌ ذكيٌ يُعتمد عليه.
حاول شهير صديقه أن يوضح له الأمر، فتفكر قليلًا ثم قال في اهتمام وحذر:
-تعلم يا سفر أننا الدلافين كائنات ذكية، ودودة، تستطيع أن تعيش وحدها تحت أي ظرف مهما كان قاسيًا، لكن دعني أفكر فيما يوده أخيك روني، إن روني مخلوق ذكيٌ ودود، يحب لك الخير دومًا.
وأراه أيضًا يتمنى لك السعادة المطلقة البعيدة عن التخيلات السيئة التي ممكن أن تحدث، وعن المشاكل التي من الممكن أن تثار، إني أراه مخلوق مميز يريد لك الحياة الأفضل على الدوام.
وإني أخمن أن روني خائف من شيء ما لم يوضحه لك، ربما وصية أمه له بأن يهتم بك ويساعدك دومًا قد جعلته لا يفكر في شيء سوى راحتك، لهذا فهو دومًا يحاول أن يقترح عليك العيش معه في بيتٍ واحد.
لأن مسألة عيشكما سويًا ستجعل منك مخلوق قويٌ لا يستطيع أحد أن يؤثر عليه في مسألة ما، تخص قرابتك لروني، لأنه بهذا يحاول أن يقوي العلاقات بينكما، لذلك فلا تقلق منه، إنه في كل الأحوال أخيك الذي ولدته لك أمك.
تبسم سفر وأحس أن شهير قد أجاب له عن حيرته في أمر أخيه روني، لهذا راح يقول في سعادة:
-إنني الآن قد عرفت سر تدخل أخي روني في حياتي دومًا، لقد ساعدتني بتوضيحك للأمور، على فهم ما يود هو أن يوصله لي.
لهذا سأكون حذرًا في مسألة طرح هذه الفكرة عليه، كي لا أخسره، إنه حتمًا أخي الطيب، ومثل أبي الذي مات منذ زمن.
❈-❈-❈
في بيت باهر حيث يجلس مع أمه في غرفة المعيشة يحاول أن يحاورها في أمر شركة ما قد قدم فيها ليعمل مهندسًا، لهذا فهو قرر أن يخوض تجربة العمل.
كي يستطيع أن يحصل على المال الذي سيساعده على تجهيز نفسه لأمر الزواج، لأنه دومًا يفكر في أمه وإرضائها بكل وسيلة ممكنة، إن أمر وفاة أبيه قد ترك في قلبها شرخًا وجرحًا عميقًا لهذا فهي قد أحست أنها المسؤلة الوحيدة عنه.
ولأجل تحقيق ما كان يتمنى أبيه تحقيقه تسعى هي لكي تنفذ وصية زوجها، لكنها بين الحين والحين تفكر في أمر عمل ابنها، لأنها تود أن يعمل عملًا مرموقًا.
حتى تشعر أنها قد أدت واجبها نحوه في هذه المسألة، لهذا فهي تسعى دومًا لكي تحقق ما قد أوصى به زوجها الراحل، ولكي تحقق ذلك، فهي دومًا في حالة تفكر وتدبر للأمر.
ولا يخفى عليها أنها قد رأته أكثر من مرة يذهب لاحدى الشركات مطمئنًا لها، راضيًا بأمرها ونظامها، ثم يكتشف بعد ذلك بعض العواقب التي قد تؤثر على راحته داخل هذه الشركة.
ولأجل هذا فهي حذرة هذه المرة، تحاول أن تشجعه على تقلد وظيفة خالية من المشاكل، لذلك نظرت له لتقول في اهتمام وحذر:
-أرجوك يا باهر، لا تتسرع في أمر قبول العمل في هذه الشركة، فأنت لا تعلم خفايا العمل داخلها، وتأكد أنه ليس بالراتب المرتفع تكون قد حققت مرادك، فربما يظهر داخلها مدير صارم لا تقدر على التعامل معه.
لهذا يا ولدي، توخى الحذر، وفكر في الأمر من جميع الزوايا، ولا تحدد لنفسك شيء قبل أن تتأكد من أمر هذه الشركة، فإنني رغم تميز راتبها وإرتفاعه إلا أنني أرى أنها بعيدة جدًا عن قريتنا التي نعيش فيها.
وإني أراك ستصرف مبلغًا كبيرًا على المواصلات التي ستسخدمها لهذه الشركة، من أجل ذلك فكر كثيرًا قبل أن تقرر قرارًا تندم عليه فيما بعد.
نظر لها باهر بحب وراح يقبل يدها اعترافًا بحبه لها، وتحديد ما يريده بناءً على رأيها، والاهتمام بما تقول، فهو يعلم خبرتها بهذا لأن أبيه كان أيضًا يعمل في نفس عمله.
وهي قد اكتسبت بعض الخبرات التي قد تؤدي إلى فهم طبيعة هذا العمل أو غيره، لهذا قال لها بحب:
-إنني أعلم يا أمي أنني كنت في السابق متعجل، وأريد أن أحصل على راتب كبير كي أستطيع أن أجهز نفسي لأمر الزواج، وأريد أن أُؤكد لك أني قد تعلمت الدرس جيدًا.
وسوف أخذ حذري هذه المرة، لكني يا أمي في حاجة إلى الراتب الكبير، وفي حاجة إلى ما قد تعطيه هذه الوظيفة لي، وأرى أنكِ قد أثرتِ أمر هام.
بحديثك عن بعد الشركة عن قريتنا، لهذا أفكر في الأمر جيدًا، لأني حقًا أريد أن أحصل على ما توفره لي الوظيفة من مال كي أسس بيتي الجديد.
لكني بهذه الطريقة سيضيع مني نصف الراتب على المواصلات المختلفة، لهذا أفكر جديًا في ترك هذه الوظيفة، لأنها ستفرض علي مصاريف باهظة.
لكني يا أمي كنت أريد منك حل هذه المشكلة عن طريق شراء سيارة صغيرة تساعدني على الوصول لعملي دون أن أصرف كثيرًا.
وإني أعلم أن لنا قطعة أرض قد ورثناها عن أبي، لذلك كنت أريد بيعها وشراء سيارة خاصة صغيرة تعينني على الوصول للعمل بأقل التكاليف، فما رأيك يا حبيبتي؟
ابتسمت الأم وعلى وجهها علامات السعادة، لهذا راحت تقول في جدية تامة:
-تعلم يا بني أن أبيكَ لم يترك شيء سوى المعاش الذي تركه لنا، ونحن بالكاد نعيش به، أما بالنسبة لقطعة الأرض فهي كنت أخصصها لأمر زواجك، فإني أعلم أن تكاليف الزواج باهظة الثمن جدًا.
لهذا كنت أود أن أخبرك بهذا الأمر لعلك تتفهم أمر هذه الأرض، كما أنني يا ولدي أخشى الزمن جدًا وأريد أن أخبرك أني قد تعرضت لأزمات كثيرة وأنت صغير.
لحظتها كان أبيك معي، واستطعت أن أتخطاها معه، لأنه كان موجود معي، ويتحمل كثير من العقبات معي، لكن الآن هو ليس معي، وبالتأكيد سنتعرض لأمر صعب في غيابه.
لهذا يا ولدي اترك أمر هذه الأرض جانبًا وفكر في شيء آخر، لعلك به تحصل على حياة أفضل.
فهم باهر ما أرادته أمه من أمر، لهذا راح يقول لها في حب:
-إني أعلم يا أمي أنكِ تعبت كثيرًا حتى ربيتني وجعلت مني رجل ومهندسًا مثاليًا، لكن يا أمي هل سأنتظر هكذا كثيرًا، إني أعلم أنكِ خائفة من الزمن وتوابعه في أمر الظروف الصعبة التي من الممكن أن تحدث.
لذلك كنت أود أن أخبرك، أني عندما أعمل سأخذ راتبًا كبيرًا أستطيع معه أن أوفر مبلغًا ندخره تحسبًا للظروف.
لهذا كنت أود أن تغيري رأيك بخصوص قطعة الأرض المخصصة التي تدخيريها للزمن وما يحدث فيه من أزمات، فما رأيك؟
ابتسمت الأم وحاولت أن تكون هادئة حتى لا تضايق ابنها، أو تحرمه من التفكر في الأمر، والحصول على هذه الأرض التي كانت تدخرها خوفًا من المستقبل.
لهذا قررت أن تعطي نفسها بعض الوقت لتفكر في الأمر، دون أن تجعل ابنها في حيرة القبول أو الرفض لهذه الوظيفة، لهذا طلبت منه مهلة يومان لكي تدبر أمرها.
لتحاول أن تساعده دون أن تشعره بثقل هذه المسؤلية عليه، فهي مهما كان أمه التي لا تريد له التعب في هذه الحياة المليئة بالمتاعب، فابتسم لها ونهض ليعد لهما كوبين من الشاي.
❈-❈-❈
في البحر حيث يجلس الملك سنار ملك البحور العظيم، متأهبًا لسماع ما أتى به وزيره الخاص، لأنه قد قرر أن يشرف بنفسه على كل ما يدور داخل المملكة.
ولا يجعل الأمر كله في يد الوزراء، فهو ملك ذكيٌ يفحص الأمر دومًا دون أن يخسر شيئًا يندم عليه، لهذا نظر إلى وزيره الخاص بتمعن وراح يسأله ما حدث في وزارة التغذية قائلًا:
-مرحبًا بكَ يا وزيري الهمام، إني قد أشرفت بنفسي على أمر قضايا المملكة، وأعتقد أننا قد اتخذنا شوطًا كبيرًا نحو حياة أقل مشاكلًا وتعبًا.
لهذا أريد أن أعرف واتفحص أمر وزارة التغذية، لهذا أخبرني أمرها كي أتفحص الأمر مليًا وأدلي برأيي فيه.
نظر له الوزير باهتمام وراح يقول:
-مولاي الملك إن وزارة التغذية تسجل أعلى تكاليف في المملكة، لأننا بدورنا نوفر غذاء كل من يحتاج إليه.
لهذا يا مولاي كنت أود أن أخبرك أننا لا بد من فرض ضرائب على من يأخذ الغذاء، لكي نوفر بعض التكاليف التي تثقل علينا الأمور، فهل ترى معي أن ذلك أفضل؟ أم تريد أمر آخر؟
نظر له الملك باهتمام، وراح يحرك ذيله يمينًا ويسارًا، ثم قال:
-نحن يا وزير في غنى عن أخذ المال ممن يأخذ الطعام منا، لأنه لو كان يقدر أن يحصل على الغذاء من نفسه لما قرر أن يتوجه لنا لكي نعطيه، فهو يريد أن يشعر بالأمان.
ولن يحدث هذا دون أن نحققه له، وخصوصًا الطعام، لأنه شيء أساسي بالنسبة له، فهو ليس أمر ترفيهي، كي يستغنى عنه، لهذا أرى أننا لا بد ألا نفرض ضريبة تثقل عليه وتجعله يسخط من حياته.
لذلك أريد أن أحرره من هذا الأمر، وأتمنى أن نجد طريقًا آخر للحصول على المال، فنحن لدينا الكثير من المصادر التي من الممكن أن تجلب إلينا أموالًا.
لهذا أدعوك لترك هذا الأمر، والتفكر في أمور أخرى تساعد على تطور المملكة والبعد عما يجعلنا نتأخر عن ركب التطور والتقدم،
نظر له الوزير بتمعن وأحس أنه قد فهم مقصد الملك، وراح يؤكد له أن المملكة في ظل حكمه تعيش أزهى عصور التقدم والتطور، لهذا لابد أن يبتعدوا عن نظام فرض الضرائب.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة مايسة الألفي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية