-->

رواية جديدة مواسم الفرح (ست الحسن) لأمل نصر الفصل 27


قراءة رواية مواسم الفرح (ست الحسن) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية مواسم الفرح 

من روايات وقصص 

الكاتبة أمل نصر


(ست الحسن)

الفصل السابع والعشرون


على جانب الطريق الزراعي، كانت السيارات المرتصة بانتظام وهي تحمل ياسين واولاده، وبعض من شباب العائلة الثقة، في انتظار إشارة واحدة من بلال اذا استدعى الامر التدخل حتى يهجموا بالسلاح، وليحدث ما يحدث، من أجل إعادة الفتيات وتأمين عودتهم. 

- عوجوا جوى يا بوى.

قالها راجح بقلق يتزايد مع مرور الوقت بخوفه، ورد سالم مهونُا:

- هانت يا خوى، ولدى توى باعت رسالة بيطمنى ع البنات، عيال عمهم وصلولهم، فاضل بس أنهم يطلعوا من الجصر الفقر ده، ادعي بس وجول يارب .

- يارب يارب. 

تمتم بها راجح بصوت عالي وتدخل عبد الحميد أيضًا:

- ربنا ان شاء الله هايسترها معانا، احنا دايمًا ماشين بما يرضي الله عمرنا ما اذينا حد.

صدر صوت حربي الساخط بجوارهم بغيظ:

- بس لو كنتوا جولتولى من الاول وريحتونى، اكيد كنا هنلاجي صرفة انا ورائف، نربي بيها العمدة ابن الكلب بولده.

تكلم ياسين بحنق يرد عليه بعد ان كان ملتزم الصمت:

- ايوه يا خوي، عايزنا نجولك عشان تخلص على معتصم مش عارفك انا ياك؟ ولا عارف جنانك إنت والمخفي التاني واد عمك؟

عقب سالم بغيظ قائلًا:

-هو بس اللى مجنون؟ طب واللى جاعد فى العربية دلوك ده وسايب فرشته، هو اللي عاجل يعنى!!


❈-❈-❈


انفتح اَخيرًا القفل الصديء بعد محاولات مضنية من عبد الرحيم، وبلال الذي هلل بفرح:

- الحمد لله اَخيرًا، يا للا يا بنات اتحركوا ياللا. 

تقدم مدحت ليسبقهم، ومن بعده الفتيات ثم بلال، لكنهم تفاجأو بمن يقف أمامهم بتحفز يصوب نحوهم السلاح يقول بتهكم:

- على فين يا وحش انت وهو وواخدين الحلوين معاكم .

اشتعلت الدماء برأس مدحت، ولكنه تمالك ليجيبه على مضض متجنبًا الهجوم عليه:

- بعد عنينا احسنلك، احنا مش عايزين نأذيك .

تبسم عبد الناصر يرد باستخفاف:

- لا انا عايز اتأذى، نزل سلاحك انت وهو، بدل ما اخلص عليكم.

قالها بصيحة جعلت بلال يرد هو الاَخر:

- بعد ياد انت احنا مش ناجصينك، ولا ناجصين وجف حال.

رد عبد الناصر:

- ابعد كدة بالساهل! هو انتو فاكرينا هبل يا حبيبي انت وهو، مكنش عمدتكم اختارنا مخصوص وجابنا من بلادنا وامنا على الجصر دا واللى فيه .

- بعد عنيهم بدل ما اخلصلك عليه.

صدرت من عبد الرحيم الذي تباطأ في خطوته فور ان لمح هذا المعتوه، ليرتد للداخل، ويعثر على متولي بالصدفة والذي نزل يطمئن على مخازن العمدة وقتها، ليجهز عليه سريعًا وياخذه رهينة. 

تطلع عبد الناصر إليهما وإلى متولي الذي كان يناشده بعيناه قبل أن يباغته مفاجئًا الجميع، بأن أطلق رصاصة من بندقيته على قدم الاَخر يقول بعدم اكتراث مخاطبًا عبد الرحيم:

- طب أها، تحب اجيبها فى جلبه كمان؟

سقط متولي على الارض صارخًا وهو يمسك قدمه

- أه، الله يخرب بيت ابوك، بتضرب كدة وبجلب ميت إنت ما عندكش عزيز واصل؟ ولا حتى عندك تجدير للعيش والملح؟

تقبل عبد الناصر بابتسامة مستخفة لا تعنيه الكلمات ولا التوبيخ، لينقل بأنظاره نحو بلال وعبد الرحيم الذي تسمر من هول المفاجأة مع مدحت الذي دخل الرعب قلبه بالفعل، فهذا الغبي يستطيع إيقاف كل شيء وفساد خطة هروبهم بغشم فعله الذي يجبرهم على المواجهة الدامية وهذا اكثر السيناريوهات خطورة، فالخسائر وقتها تصبح من الجانبين وهذا ما يخشاه بالفعل بوجود الفتيات 

- استاذ عبده ممكن تسيبنا نروح؟

قالتها بدور بحركة جريئة منها تجفله، تلقفها عبد الناصر بضحكة بلهاء مرددًا خلفها:

- استاذ! و" عبده" كمان! ايه الحكاي........

لم يكملها فقد بوغت بتقيده من الخلف من قبل منعم وسعد اصدقاء بلال الذين كان ينتظران خروجهم في ناحية اخرى لم ينتبه لها عبد الناصر والذي كان يقاوم بشراسة تطويق أحدهم له بقوة، والاخر سحب منه البندقية، ثم احكم القيد مع صديقه، ليصيح بهم بلال بعد ان اثنى على فعلهم


- اوعو تخلوه يفلت منكم وانت يا مدحت إجرى ع الطريج دا طوالى، انت والبنات بسرعة، جبل ميجى صاحبهم التالت، تلاجيه بيلف حوالين الجصر كمان ويدور علينا ، ولا يجى حد من الحرس بسلاحهم، وانا هتصل بابويا يتلجاكم على اول الطربج .

قالها بلال ليمسك الهاتف ويتصل بالفعل وانضم عبد الرحيم في الهجوم مع الرجال حتى يسيطروا على هذا المدعو عبد الناصر


❈-❈-❈


بعد قليل كانت نهال تسحب شقيقتها ويركضن في الطريق الموصوف، خلفهم كان مدحت بسلاحه يأمن يمينًا ويسارًا وفي كل الإنحاء، حتى يحميهن من وحوش،الصحراء، سواء كانوا بشر او حيوانات مفترسة، حينما قطعوا نصف المسافة، وجدو حربي يقطع عليهم الطريق ليلتقطهم، بعد الاتصال الذي ورده من بلال، تحرك على الفور، وكانت المفاجأة من نصيب بدور التي ما ان همت تصعد للسيارة حتى وجدته أمامها في الداخل ينتظرها.

- عاصم!

صاحت بها بعدم تصديق 

تبسم لها يجيب بسخرية:

- لا خياله! اركبي يا مجنونة، انتي لسة هتستوعبي!

بضحك هستيري دلفت للسيارة لتتمتم له:

- الله يسامحك، ع العموم حمد لله ع السلامة؟ 

من خلفها نهال ايضًا خاطبته:

- حمد ع السلامة يا عم عاصم.

رد عاصم بابتسامة مشرقة يتابع انضمام مدحت في السيارة معهم:

- حمد لله على سلامتكم انتم، وسلامة البطل اللي وصل بيكم لهنا .

بادله مدحت الابتسام ولكن بسخرية يقول:

- بطل مين يا عم؟ هو احنا لولا بلال كنا عرفنا اساسًا ندخل هناك ولا نطلع، حمد لله انها جات على كدة.

سمع حربي ليتدخل معهم في الحديث وهو يقود:

- صدجت يا واد عمي، انا عن نفسي لو كنت شميت خبر من وجتها لكنت خلصت على معتصم، بس معلش وجت الحساب جرب خلاص 


وصلت السيارة بالشباب والفتيات وانطلفت الأعيرة النارية في الهواء ابتهاجًا بعودة نهال وشقيقتها وقد كانت على أتم التجهيز استعدادًا لأي فشل في خطة بلال، فقد كان الأمر محسومًا ولا رجعة فيه 


احتضن راجح ابنتيه، فسقطت دموع الفرح من عينيه على غير ارداته، ليعقب ياسين:

- ولزمتها ايه بس الدموع دى دلوك؟ 

تدخل عبد الحميد يقول بتأثر لحال شقيقه، وقد كان شاهدًا على حاله الساعات الماضية:

- سيبه يا بوى دى دموع الفرح، ربنا ما يجيب حزن ولا أي حاجة عفشة تانى، يارب فرح وبس 

التقط مدحت ليأخذ الحديث لمصلحته:

- ايوه يا بوى احنا عايزين فرح، نفسنا نفرح بجى

ولا ايه يا عمي؟ مش نفسك انت كمان معانا ؟

فهمت نهال ما يرمي إليه مدحت لتخبئ وجهها بخجل في حضن أبيها الذي رد يجيب:

- وه يا دكتور؟ وهو في حد يكره الفرح، ربنا يسهل ان شاء الله، جول يارب. 

قالها راجح ليتمتم الاخر خلفه بتمني ومعه كانت بدور التي انتقلت بانظارها نحو عاصم الجالس بداخل السيارة يتكئ على عصاه فغمز لها بطرف عينه، وانتبه على فعله ياسين الذي يراقب كل شاردة وواردة حوله، فعقب ساخرًا

- عال عال يا ولاد الفرطوس .


❈-❈-❈


وعودة إلى بلال الذي سيطر مع اصدقاءه على عبد الناصر، حتى قيدوه بحبل من المخزن، كما كتموا على فمه بقطعة من القماش حتى لا يصدر صوتًا فيفتضح أمرهم مع باقي رجال الحراسة، ليظل متولي على حاله بجلسته على الأرض ممسكًا بقدمه المصابة، بحالة استسلام لما وصل إليه، لا يشاغب ولا يعترض على ما يفعله بلال واصدقاءه والذي خاطبه:

- عاجبك منظرك كدة وانت كان ممكن تروح فيها وتدفن هنا فى الجبل من غير تمن، هينفعك ساعتها العمدة ولا فلوسه؟

سمع منه ولم يتحمل التوبيخ، فقال متهربًا:

- حن عليك يا بلال يا ولدى، خدني وودينى ع المستشفى او الوحدو حتى، رجلى هتروح منى يا ناس .

بشبه ابتسامة قال بلال وقد فهم فعله 

- معلش يا عم متولي سامحنى بجى، لانك مضطر تستنى نصيبك .

بعدم فهم سأله عبد الرحيم:

- طب واحنا هنستنى ايه تانى كمان ؟! .

ألقى بلال بنظره نحو الطريق الذي أمامه، ليقول بشرود:

- مش هنستنى كتير، عشان خلاص جه وجت الحساب .

تدخل منعم بفضول هو الاخر سائلًا:

- حساب إيه ؟!


❈-❈-❈


في اليوم التالي

قبل أذان الفجر، قرع جرس المنزل باستمرار ودون انقطاع طرق قوي على الباب بهسترية جعلت هاشم ينتفض من نومته مفزوعًا، لينهض مضطرًا ليرى من الطارق يغمغم بالسباب ويردد:

- يا ساتر يارب يا ساتر، دا مين ده اللى هيجينا كده جبل الفجر، خلاص الدنيا طارت مش جادرين يصبروا على ما النهار يطلع ..

نهضت من خلفه انتصار تتمتم بنزق:

- تلاجى فيه نصيبة حصلت .. فى البلد الفجريه دى  .

تغضن وجه هاشم يرمقها بضيق وهو يفتح باب الغرفة ليخرج منها قائلًا:

- نصيبه! كدة فى وش الفجر، الملافظ سعد يا ست انتصار.

رددت من خلفه وهي تلحق به:

-   سعد ولا حسين، انا جايه معاك، اشوف مين ؟!


-معتصم !!

صاح بها هاشم بدهشة فور خروجه ورؤية ابنه وهو يدلف لداخل المنزل راكضًا، فور ان فتحت له فوقية الخادمة الباب 

صرخت انتصار وهي تركض أيضًا تتلقف ابنها بالاحضان والقبلات

-  ولدى! يا حبيب امك يا غالى أنت .

- تعبت جوى ياما تعبت جوى، انتوا ما كنتوش بدوروا عليا ولا ايه ؟

كان يردد بالكلمات معتصم بحضن والدته وهي تقبله بلهفة وشوق تردف العديد من الأسئلة:

- عملوا فيك ايه يا حبيبى؟ حد فيهم جربلك ولا مد يده عليك؟ كانو بيأكلوك ولا سايبنك بالجوع؟.. جولى يا غالى وانا همررلك عيشتهم.

رفع رأسه إليها يقول بنواح:

-' بهدلونى ياما، يومين مربوط زى البهيمة في عمود خرساني وسط الخنافس والزواحف، انا كنت هموت ياما، هو انتو ليه اتأخرتوا عليا؟ ولا كنتوا عارفين وسيبتونى ليهم؟ 

صاح الاخيرة بصيحة اجفلت انتصار واربكتها عن الرد لتنقل بنظرة لائمة نحو زو جها المتسبب قي ذلك، والذي كان متسمرًا منذ لحظات بعدم استيعاب، يقلب الأمر براسه، فجاء رد بسؤال:

- انت جيت كيف؟ هربت يعنى ولا ايه؟! .

رد معتصم بانفعال:

- هما اللي سابوني بعد ما استكفوا مني، هو انا كنت جادر افك نفسي عشان اهرب لوحدي؟ دا الواد حربى هو اللى دخل عليا دلوك، فكنى وجالى غور روح عند ابوك وامك !

- حربي!

هتف بها هاشم بصدمة، عقبت على اثرها انتصار بدهشة:

- هو ياسين عجل وخلاص وافج على الجواز  ولا ايه بالظبط؟ انا مش فاهمة!

ازداد الشك بقلب هاشم ليتحرك على الفور يتناول هاتفه متجاهلًا الرد على زو جته، واتصل على الرقم المقصود ، وجاءه الرد على الفور من الجهة الأخرى وكأنه كان في انتظاره:

- الوو، اهلا يا هاشم وحشتنى يا غالى .

بتوجس ازداد اضعاف رد هاشم:

- هو انت مالك يا حج ياسين ؟! .

رد ياسين بتسلية وصلت إلى الاَخر:

- وه، كيف انا مالى يا راجل ؟! هو انا لما ارجعلك ولدك حبيبك ابجى اجنيت يعنى ؟! .

بعدم تصديق قال هاشم:

- طب يعنى على كدة انت وافجت بجوازة الواد والبت !!

اطلق ياسين ضحكة مجلجلة ليقول:

- ايوه امال ايه؟ دا انا حته باعتلك زيارة دلوك .. مجدم للنسب الغالى يا غالى .

قطب هاشم يسأله بارتياب:

- زيارة ايه يا ياسين؟ مش لما نكتب الكتاب الأول ولا....

قطع جملته على قول الخادمة له:

- يا حضرة العمدة، يا حضرة العمدة

صاح بها يرد بعصبية 

-  مالك يا بت انتي عايزه إيه؟! .

بلهاث ورعب قالت فوقية:

- فى ضيوف وعايزينك ضرورى .

- ضيوف مين كمان على وش الفجر؟

قالها هاشم ليفاجأ بمن يردف له 

- احنا يا عمدة

التف هاشم نحو الضابط ياسر الذي دلف بدون استئذان، وخلفه مجموعة من رجال الأمن، ليخاطبه بعدم استيعاب:

- اهلا بسعادتك يا باشا، بس يعنى انت داخل بالعساكر فى جلب بيتى ! مش كنت تستنى لما ادخلكم المندره الاول ! .

بتجهم شديد رد ياسر:

-  تدخلنا فين يا عمده؟ احنا مش جاين نضايف، احنا جايلك انت عشان كمية القضايا اللى مستنياك من تهريب اثار وزراعة بانــ جو وحشــ يش، وخطف للبنات، لستة الجرايم بتاعتك كبيرة اوى يا عمده .

إلى هنا وبدأ هاشم يجمع الخيوط ببعضها ليغمغم بحقد وغليل:

- بجى هى دى الزيارة اللى جال عليها ياسين؟ ماشي ياسين .

توقف ليوجه خطابه نحو ياسر:

- ده كلام كدب يا سعادة الظابط، ياسين وعيال ولده بيتبلوا عليا، انا راجل الحكومة وشريف .

- يا عمدة بقى خلص يا للا، رجالتك قبضنا عليهم واعترفوا بكل حاجة، خلى كلامك دا بقى  للمحامين .. اللى ها يترافعوا عنك....

قالها ياسر بضيق شديد وإجهاد ليلة كاملة من العمل في القيام بالإجراءات القانونية والقبض على الرجال المجرمين وتطويق المنطقة المحظورة بفضل مساعدة بلال ورجاله، ليكمل وانظاره للجهة الأخرى:

- إنت وابنك!

سمعت انتصار لتضرب بكفها على صــ درها مترافقة لصرخة معتصم:

- اييييه ؟! وانا مالى كمان باللى عملوا ابويا ؟! انا كنت مخطوف، هو انت محدش بلغك بالكلام ده؟ ما تجولوا يا بوي، ما تجولي ياما...

قاطعه ياسر يزفر بنزق:

- بقولك ايه انت كمان، البلطجية اللى شاركوا معاك فى ضرب معتصم قبضنا عليهم وساعتك كمان لقيناها ضمن الادلة، يعني جريمتك كاملة متكاملة، ما تخلصونا بقى، انا هافضل اشرحلكوا كده كتير، يا للا يا عسكرى انت وهو هاتوا التاس دي ورايا ع ع البوكس .

اصدر امره وتحرك الرجال على الفور يسحبا الإثنان، وانتصار تصرخ بأعلى صوتها وهي ترى زو جها وابنها يقادون بيــ دي العساكر وكأنهم مجرمين، والعمدة يسب ويلعن بكل الصفات على ياسين وأحفاده، أما معتصم فكان يردد بهذيان:

- دا انا ملحجتش اريح جسمى ولا اسبح حتى، يا بوى  ..  ياماااا.... ياماااااا.


❈-❈-❈


اغلق ياسين بعد ما استمع لكل ما حدث ورده العمدة هاشم قبل ان يتمكن رجال الامن من الخروج به من المنزل، بصحبة ابنه الذي كان يصله صوت صراخه المزعج عبر الهاتف بشكل يؤذي الاذن، فلم يتبقى سوى صوت انتصار ونواحها وهو في غنى عنه، أنهى ليسحب نفس طويل وعميق، يعبر عن مدى ارتياحه مغمغمًا:

- الحمد لله .

- خلاص، هم كدة جبضوا عليه يا بوى؟

سأل بها سالم ورد الاَخر:

- الاتنين، هو وولده والبركة فى الشباب، ربنا يحفظهم ويبارك فيهم .

قالها ياسين موزعًا انظاره على أحفاده الشباب ، ليضيف عليه عبد الحميد 

- احسن حاجة انكم خلصتوا كل حاجة ع السريع .. عشان ما يجملوش جومة تانية، واد الفرطوس ده.

تدخل محسن بقوله:

- بس الصراحة وجود بلال عمل فرق كبير معانا، هو اصحابه الجدعان عبد الرحيم ومنعم، ومعروف اللي كان هيروح فيها وياكله الديب، بس ربنا لطف ورسيت في الاَخر على كسر دراعه.

تمتم بالحمد مرددًا:

- ايوة يا عمي هما كان رجالة صح، بس كمان متنكرش ان معرفتي السابجة بالجصر، هى اللى سهلت عليا الدخول والطلوع منه،   على رأى المثل، البيت اللى ما فيهوش صايع حجه ضايع.

عقب محسن ضاحكًا:

- ايوه يا خوى دا انت كنت عفريت وانت صغير، وسبحان من خلاك عجلت .

- وحتى لو مفيش بلال، برضوا كنا هنلاجيلها صرفة، عشان احنا ربنا واجف معانا وعالم بحالنا .

قالها سالم، ليؤكد عليها راجح:

- اه والله، دا انا روحى اتردتلى لما رجعوا البنته لحضنى، ربنا ما يحرج جلب حد على ضناه يارب .

علق سالم وانظاره نحو الأحفاد الاَخرين:

- مالكم ساكتين! ما حدش سامعلكم حس يعنى ؟!.

رد رائف بجدية لا تصدر منه سوى نادرًا:

- هنجول ايه بس يا جدى؟ الحمد لله اننا جدرنا نجيب حج عاصم من غير اذية ولا دم.

قال عاصم الجالس بجوارهم مستندا على عكازه:

-  بس انا كنت عايز اجيب حجى بيــ دى.

رد والده بسأم وضيق: 

- وه يا عاصم، هو احنا لما نسلم المجرمين اللى ضربوك للحكومة، دا ينجص منك؟

التوى ثغر عاصم بعدم رضا صامتًا، وقال حربي :

- لا وإيه؟  الجريمة ثابتة ثابتة على معتصم بشهادة عاصم والساعة دليل عليه، واعتراف البلطجية، لابساه لابساه يعنى .

تمتم ياسين بالحمد وهو ينهض عن مقعده واقفًا يقول:

- يا للا بجى، عايزين نرتاح شوية، كانت ليلة طويلة والواحد ما هيصدج يطول الفرشة وينام...

قاطعه مدحت الذي كان صامتًا من اول الجلسة بشرود قائلًا:

- لا يا جدى استنى، جبل ما نجوم. عايزك تفتح موضوعى انا و.... ....

- بعدين يا مدحت، محدش فيه حيل للكلام دلوك .. خلينا نريح ولو ساعتين يا ولدى.

قالها ياسين يقاطعه هو الاخر بحزم جعل الاخر يتقبل على مضض ينهض قائلًا:

- ماشى يا جدى، طب انا جايم مروح بيتنا بس ميعادنا بكرة ان شاءالله، يا للا يا رائف يا للا يا بوى .

رد ياسين :

- وتروحوا ليه بس؟ ما تخليكم بيتوا مكانكم ع الكنب الكتير ده، وجضوا اليوم كله هنا، وانا هانبه على صباح تتصرف لبيات البنتة والحريم برضك .

قال بموافقة فورية:

- والله عندك حج يا جدى، دا انا مافياش حيل ارفع  رجلى حتى .

سمع ياسين ليخاطبه بلهفة وحنو:

- نام يا ولدى، عشان كمان تجيبلى صحابك وعبد الرحيم بكرة، عايز اشكرهم بنفسى على تعبهم معاك واعملهم عشا يليج بيهم .

رد بلال:

-  حاضر يا جدى اجيبهم، هما يستاهلوا كل خير، كفاية انهم عرضوا نفسهم للخطر، دا احنا لولا الظابط ياسر جانا على اخر لحظة لكنا دلوكتى مدفونين من رجالة العمده والواد النصيبة اللى اسمه عيسى .


-❈-❈-❈


على صوت العصافير التي كانت تعزف بمقطوعة موسيقية على اغصان شجرة الجميز الكبيرة الاي تفرد فروعها على المندرة في الخارج، كان يتقلب على فراشه فوق الكنبة الخشبية، وقد استيقظ من نومه من وقت أن بدأو، حتى لم بكمل الساعتين، وقعت عينيه على من كان يجاوره على الكنبة المقابلة ليجد عاصم يراقبه ضاحكًا، ف اعتدل بجذعه يرتدي نظارته ويخاطبه:

- بتضحك عليا صح ؟!

اجابه الاخر وهو يعتدل ايضًا:

- أصل انا وانت بس اللى صاحين من بدري والعالم كلها حولينا فى سابع نومة، دا غير الاصوات الى طالعه منهم .

ضحك مدحت وعيناه تلتف نحو النائمين يتمتم:

- عندك حج، بس انا بصراحة من زمان ما نمت عالكنبه  الناشفه دى، والعصافير عامله جلبان كمان فى راسى.

رد عاصم متنهدًا:

- انا بجى يا سيدى تعبان من كتر النوم، ونفسى اجوم بجى، واجرى بالحصان العالى والف البلد كلها .

بابتسامة مشجعة قال مدحت:

- هتجوم يا واد عمى، وهتجرى بحصانك كمان، هى بس مسألة وجت .

ردد عاصم خلفه بتمني:

- ربنا يعجل بالشفا بجى يارب، بجولك ايه؟ ما تيجى معايا نشوف الحصان العالى ولا المهر الصغير.

سمع مدحت العرض لينتفض بحماس مواققًا:

- ياريت على طول بجى، احسن انا ودانى صدعت من الاصوات اللى بتزيد هنا  دى .


❈-❈-❈


خرج عاصم وهو يستند على عكازه بصحبة مدحت في هذا الوقت من الصبح ونسائم الهواء النقي، تداعب الوجوه، فتعيد للروح صفائها ونقائها، فقال مدحت:

- الواحد حاسس نفسه رجع عيل صغير، بجو اللي يسحر ده لما كنت ازوغ من ابويا وانام هنا في حما ستي نحمدو وجدي ياسين، كنت دايما اصحي الصبح بدري برضوا، كله من الجميزة دي والعصافير اللي احتلتها. 

ضحك عاصم ليخطف نحو ما يقصد الاَخر، ثم عاد اليه قائلًا:

- دي عمرها من البيت، يعني اكبر من ابويا وابوك، والعصافير كمان معتبريناها بيتهم وأمانهم، يعني حجهم يحتلوها. 

- اه يا عم يحتلوها. 

قالها مدحت قبل أن يتابع سائلًا:

ها سيدى هنجعد فين ؟! 

سمع عاصم ليشير بذقنه للإمام بانتباه نحو من احتلت الاريكة تحت عرش الكرم الخاص لياسين والمكان المفضل له

-  مش دى بدور اللى جاعده هناك دى .

تطلع مدحت نحو ما يشير ليقول 

- ايوه صح، ودى ايه اللى صحاها الصبح بدرى كده ؟! . . تعالى بينا نروح نشوفها .


رأتهم من بعيد وهو يقتربون نحوها فانتفضت مستقيمة تنتظرهم، حتى إذا وصلا عندها بغيرها عاصم بالتحية:

- صباح الخير 

بوجه مشرق بفرحة الرجوع ورؤية ابتسامة اعتادت عليها منه، ردت بخجل:

- صباح النور. انتو ايه اللى صحاكوا بدرى ؟!.

رد مدحت ضاحكًا:

- انتي اللي بتسألي! دا احنا اللى جايين نسألك عليها دي:

ردت تبادله الضحك:

- انتوا كمااان! لا يا سيدي انا صحيت بدرى مع نهال . حكينا شوية وبعدين هى  سابتنى تشوف المهر الجديد ، وانا جولت اجعد هنا استناها فى الجو الحلو ده .

سمع منها ليرد سائلًا خلفها بلهفة:

- بعني نهال فى الاسطبل دلوك ؟!

- ايوة

تفوهت بها بدور ليتحرك الاخر على الفور بعملية يُجلس عاصم قائلًا:

- طب اجعد انت هنا مع بدور، وتبجى  تشوف الحصان العالى بعدين بجى. سلام .

قالها وذهب على الفور امام نظرات الاستغرب اممتزجة بالابتسام، ليعقب عاصم من خلفه

- الواد باعنى فى ثانية، ولا اكنى كنت  بتحدت معاه توى .

عقبت بدورها عليه:

- معلش بجى اعذره، ما هو واد عمك وانت عارفه.

رد عاصم بمشاكسة:

- لا مش عارفه، تعرفيه انتى ؟! .

- هاااا، كيف يعنى ؟!.

قالتها بارتباك ليزيد عليها

- ايه اللى ها؟ هو انتى ما شيفاش واد عمك الدكتور الراسى اللى ضحكته كانت بحساب وكلامه نفسه كان بحساب، بجى كيف دلوكتى ؟

سألته ضاحكة:

- بردك كيف؟ مش فاهمة

ضحك عاصم ليقول:

- كبرتى يا بدور وبجيتى ترديلى، ايه ما عدتيش تخافى منى .

نفت برأسها تجيبه:

- لا ماعدتش اخاف منك خالص .

بدراما مصطنعة ردد خلفها:

- خالص كمان! ياخساره يا عاصم، هيبتك راحت يازعيم .

اكملت بضحكها ليتابع هذه المرة بسؤال:

-  الا جوليلى صح يا لدور، هو انتي إيه اللى كرهك فى معتصم ؟! ليه فجأه جولتى مش طايجاه ؟! .

التوى ثغرها حانقة لمجرد سماعها للأسم، فردت:

- كان دمه يلطش، وعاملى فيها دور الحبيب وعايزنى كمان اموت فى هواه واجولوا بحبك وكلام تانى كتير .

بعصبية اعتلت ملامحه سألها:

- وانتى جولتيلوا ولا جاوبتيه ؟! .

نفت برأسها على الفور قائلة:

- عمري، ولا مره جولتهالوا، أصل بصراحة كانت تجيله جوى على لسانى وانا مش حساها .

ارتخى بعض الشيء ليقول بارتياح:

- صح يا بدور، مش بجولك كبرتى، الحاجات دى مش بالكلام .. دى بتبان فى عنين الواحد ولا ايه؟

بابتسامة ترغب بالمزيد منه رددت خلفه:

- إيه؟!


 يتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أمل نصر من رواية مواسم الفرح (ست الحسن)، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة