رواية جديدة لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 5
قراءة رواية لأنني أحببت
الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل الخامس
افتراء
صمت رهيب خيم على المكان منذ قدومه حتى قطعته هي بنفاذ صبر بعد أن ظفرت بقوة: وبعدين بقى يا أستاذ رامي انت جاي هنا عشان تسمعني سكوتك ولا ايه انا مش فاضية وعندي شغل كتير.
منحها ابتسامة غريبة ثم هتف بهدوء مستفز: اتغيرت كتير يا غزل بقيتي أهدى وأعقل
كمان بقيتي جدية جدا!
أجابته بسخرية لازعة: البركة فيك بقى ما انت السبب عموما انا لازم اشكرك لأنك خلتني اكتشف جوانب كتير في نفسي ما كنتش عارفاها كنت مفتقداها ما بين البيت والترويق والأكل والشرب بس انا دلوقتي لقيت نفسي
حقيقي شكرا يا رامي.
رمقها مطولا مردفا باستغراب: شكرا. شكرا على اني يعني أقصد...
قاطعته بحدة: انت مكسوف تقول شكرا انك خنتني يعني آه شكرا انك خنتني ما هو لو ما كانش حصل كل ده كان زماني لسه قاعدة في البيت من المطبخ لأوضة النوم ومن أوضة النوم للصالة كده يعني بس دلوقتي بقيت واحدة عندي شخصية وعندي كيان فهمني يا رامي؟
أطرق رأسه في خزي ولم يعقب.
فاستطردت هي حديثها اللاذع: عموما ما لوش لازمة الكلام ده دلوقتي انا دلوقتي بقيت حرة وانت كمان بقى لك حياتك يا ترى بقى مدام رغد عارفة انك عندي دلوقتي؟
رفع رأسه بانكسار ثم هز رأسه نفيا: انا ورغد انفصلنا يا غزل.
قهقهت بلا مرح ثم هتفت: والله تصدق زعلتني يعني جاي دلوقتي عشان تقول لي ان رغد ادتك صابونة زحلقتك يعني فراجع لغزل الغلبانة علشان ترجع لعصمتك تاني تصدق انت صعبان عليا قوي يا رامي عشان اللي بيعوز كل حاجة بيخسر كل حاجة وده اللي حصل لك بالظبط.
فتح فاهه ليوضح لها لكنه اغلقه على الفور عندما أردفت هي بإصرار ممزوج بالقوة: من الآخر كده يا رامي انا وانت ما بقينا ننفع لبعض خالص انت من طريق وانا من طريق وطريقك انت اللي اخترته بنفسك وانا طريقي اخترته لنفسي وان كان على بناتك يا ابن الناس في أي وقت تقدر تشوفهم انا ما منعتكش منهم انا عايزاك تنسى خالص انك عرفت واحدة اسمها غزل
ودلوقتي يا ريت تتفضل من غير مترود عشان عندي شغل كتير.
بينما في الخارج وقف يستمع إلى حديثهما وصوتهما المرتفع فابتسم باتساع عندما وصله مخزى حديثهما فيبدو أن سبب انفصال تلك العنيدة التي تقبع بالداخل هو الخيانة الخيانة فحسب.
❈-❈-❈
بعدم تصديق تساءل وهو جاحظ العينين: بتقولي ايه يا مدام زينة يعني ايه مش عايزة الذاكرة ترجع للباشمهندس عمار!
انت عارفة معنى اللي انت بتقوليه ده إيه؟
أجابته بثبات ممزوج بالثقة: انا عارفة كويس قوي معنى كلامي إيه يا دكتور احنا بنحافظ على حياة عمار ولو رجعت له الذاكرة هيفتكر كل حاجة وحشة حصلت معاه ومش بعيد يكرر انتحاره.
فتح فاهه من هول ما يستمع إليه من تلك الحية مكررا آخر كلمة تفوهت بها: يكرر انتحاره!
اومأت له عدة مرات واستطردت: أمال انت فاكر إنها مجرد حادثة عادية يعني يا دكتور لأ طبعا ده الكلام اللي كله بيقوله انا الوحيدة اللي عارفة عمار كويس.
لكن قبل أن تستكمل كذبها وافترائها المزعوم باغتها الطبيب بسؤال أربكها في مكانها إذ هتف باهتمام: طيب وايه دور حضرتك بخصوص عمار وليه اتجوز أصلا بنت عمته دي لما انتي مراته؟
ازدردت ريقها بصعوبة بعد أن جف حلقها بسبب ذلك السؤال.
صمتت قليلا تفكر في حل يخرجها من تلك الورطة وسرعان ما آتاها فهتفت بحزن بالغ: ما هية لفت عليه وخدته مني وخلته طلقني.
ابتلعت غصة مصطنعة كي تقنع ذلك الذي يقبع أمامها يستمع إليها وعلامات التأثر مرسومة فوق قسمات وجهه البشوش فأومأ لها متفهما ثم أشار لها بيده كي تتوقف عن الحديث الذي يبدو انه آلمه كثيرا ثم غمغمة: طيب يا مدام زينة انا هستشير الدكتور الألماني اللي عمل له العملية وهرد عليكي.
تنهدت بابتهاج ثم منحته ابتسامة صغيرة وهتفت بامتنان حقيقي: شكرا شكرا قوي يا دكتور بس انا ليا رجاء عند حضرتك يا ريت ما حدش من العيلة يعرف ان انا جيت لك هنا ويا ريت ما حدش يعرف الكلام اللي دار ما بينا ده لأن كلهم مش هيسامحوني علشان طلعت السر الكبير ده برة العيلة أرجوك أفهمني.
اومأ لها للمرة الثانية ذلك الرجل الطيب الذي صدق كذبتها ثم غمغم بتأكيد: ما تقلقيش يا مدام كلامك ده هيبقى بيني وبينك بس ودلوقتي بقى بعد أزنك عشان عندي عملية كمان نص ساعة فلازم أكون جاهز لها.
اومأت له عدة مرات وقلبها يتراقص بداخل قفصها الصـ دري فمهمتها الأصعب انتهت الآن وعليها أن تكمل ما خططت له من أجل العودة مرة أخرى إلى زوجها وبالتحديد قلبه وخطتها التالية حتما ستكون صَبا عليها أن تشوه صورتها أمام عمار كي تتخلص منها للأبد.
❈-❈-❈
بكفه الكبير راحا يتحسس مكانها كي يحتضنها لكنه لم يجدها ففتح عينيه بتكاسل ثم استقام جالسا وهو يتمطا بذراعيه يمينا ويسارا كي يستعيد نشاطه تلقائيا ارتسمت فوق شفتيه ابتسامة رضا فأخيرا قد عوض الله صبره خيرا ورزقه المرأة التي لطالما حلم بها فحمد الله كثيرا ثم هب واقفا عازما على البحث عنها ومشاكستها كي يرى خجلها الذي يعشقه كثيرا مذ كانت طفلة صغيرة.
بحث عنها في أرجاء الشقة بأكملها حتى اتجه إلى المرحاض فاستمع صوت خرير المياه بالداخل فأيقن أنها تتحمم
كتفى ساعديه أمام صـ دره وانتظرها ريثما تخرج.
وما هي إلا دقائق قليلة حتى استمع إلى صوت فتح الباب يليه دلوفها وهي ترتدي ثوب الاستحمام تأملها بافتتان بدءا من خصلاتها السوداء الطويلة التي تقطر ماء وجـ سدها النحيل الذي تخفيه تحت ذلك الرداء فمر لسانه فوق شفتيه السفلى بإغواء إلتقطته هي فأشاحت بعينيها بعيدا عنه ثم فرت من أمامه إلى غرفة نومهما قبل أن يمسك بها
فحاول مسايرتها لكنها سرعان ما أغلقت الباب عليها من الداخل واستندت عليه بظهرها هاتفة بمشاكسة: خش خد دش يا رؤوف وبطل قلة أدب على الصبح.
استمعت إلى صوت قهقهاته من الخارج يليه صوته الرجولي: يعني انتي هتفضلي عندك طول النهار عموما انا هروح آخد دش بس ما فيهاش حاجة يعني لما آخد دش تاني خليكي فاكرة كلامي ده يا بيرو ما هو أصل انتي هتطلعي هتطلعي.
ألقى كلماته ثم اتجه إلى المرحاض عازما على أخذ حماما باردا.
بينما هي وضعت يدها على قلبها وهي تبتسم بعذوبة وتدعو الله بداخلها أن يديم عليها تلك السعادة وتشكره لأنه رزقها زوجا مثل رؤوف يحبها كثيرا ويدللها كما أنه يتقي الله فيها.
❈-❈-❈
وثب من فراشه مفزوعا عندما شعر بقطرات من الماء تسكب فوق رأسه فهتف بصراخ: بغرااق بغرق.
تجهم وجهه عندما أبصر ذلك الرجل يقف أمامه يرمقه باستفزاز شديد هاتفا بحدة: انت لسة نايم لحد دلوكيت مش تقوم يا جفل انت تشوف مصالحك!
صك على أسنانه بغضب حارق فزلك الرجل سيجلطه يوما ما فكلما رآه يشعر بالاشمئزاز من هيئته بدءا من شاربه الكبير ولحيته الكبير أيضا التي تصل إلى منتصف صـ دره ومجعدة بشكل يثير الاشمئزاز حقا فهتف بحدة طفيفة: مصالح ايه يا راجل انت انا ما بشتغلش أصلا فيه ناس بتشوف لي شغلي وانا قاعد في البيت.
قاطعه باستحقار: واه واه واه قاعد في البيت كيف الحريم يعني وسايب غيرك يشوف شغلك والله خسارة الرجالة يا ولاد احنا عندنا الحريم بس هي اللي عتقعد في البيت والرجالة هي اللي عتشتغل.
انزعج من حديثه المهين ذاك وغمغمة وهو يشير إلى الباب: من فضلك خد بعضك واطلع عشان عايز آخد دش واغير هدومي وانت معطلني.
رمقه ذلك الرجل بغضب ثم تركه وانصرف. مغلقا الباب من خلفه.
تاركا الآخر يشيعه بنظرات خانقة ويغنغم في نفسه: وبعدين بقى في المصيبة اللي حطت على دماغي دي انا لازم الاقي حل وبسرعة عشان اخلص الناس دي لو فضلت أكتر من كده هتجيب لي سكتة قلبية.
"
صباح الخير يا بابا صباح الخير يا ماما.
تلك الكلمات هتفت بها صَبا التي ولجت غرفة المعيشة للتو.
تأملتها والدتها باهتمام ثم سألتها: لابسة كده ورايحة على فين يا صَبا ؟
تبسم والدها فهو أدرك ما انتوته ابنته فاجاب نيابة عنها: صَبا قررت ترجع شغلها يا سوسو مش كده يا صبا؟
أومأت عدة مرات بالموافقة ثم رسمت ابتسامة مهزوزة على شفتيها الكرزيتين مغمغمة بصوت حزين: القعدة في البيت هتموتني يا ماما ما وراييش حاجة غير التفكير فقررت اني اشغل نفسي بحاجة تانية هرجع المستشفى القديمة اللي كنت بشتغل فيها ولو ما قبلوش رجوعي هشوف مكان تاني لحد ما أشوف ايه اللي هيحصل معايا واللي فيه خير يقدمه ربنا بقى.
تحدث والدها بفخر: برافو عليك يا صَبا والله اختيار في محله فعلا. القعدة من غير لا شغلة ولا مشغلة دي وحشة يا ريت كل الناس اللي قاعدة ما بتعملش حاجة في حياتها تفكر زيك كده يا يشتغلوا يا ياخدوا كورسات يا يتعلموا لغة احسن من ما الواحد دماغه تفضل تودي وتجيب كده.
هتفت والدتها بهدوء: ربنا يوفقك يا حبيبتي وإن شاء الله المستشفى اللي انت كنت فيها هيوافقوا على رجوعك هما هيلاقوا ممرضة شاطرة زيك فين يعني لا ومش بس كده زي القمر ده انت يا بت اللي يبص في وشك يرد له الروح تاني.
رغما عنها ابتسمت باتساع على كلمة والدتها فدنت وطبعت قبلة على جبين كل منهما على حدة مغمغمة بصدق نابع من جنبات قلبها: ربنا يخليكم ليا وما يحرمني منكم أبدا ولا من دعواتكم.
❈-❈-❈
وعلى الجانب الآخر في طريق عودتهما إلى المنزل كان الصمت هو سيد الموقف حتى قطعته زينة بخبث شديد وهي توجه بصرها إلى زوجها الذي كان مسندا بظهره فوق المقعد مغمض العينين: ألا بقول لك ايه يا عمار؟
فتح عينيه بإرهاق مانحا إياها ابتسامة صغيرة: نعم يا عيون عمار قولي.
رسمت الحزن جليا فوق قسمات وجهها وهتفت: وبعدين في صَبا بنت عمتك دي هتفضل كده لحد أمى؟
اعتدلا في جلسته يسألها باهتمام: كده يعني ايه مالها صَبا ؟
أجابته بتلعثم مصطنع: قصدي يعني حركاتها اللي ولا خليني ساكتة بقى.
شعر بخطورة ما تتفوه به زوجته فسألها باهتمام ممزوج بالحدة: اتكلمي يا زينة مالها صَبا ؟
صمتت قليلا ثم أجابته باندفاع مقصود: أقصد يعني اللي بتعمله عشان تلفت نظر رجالة الحارة لها.
قبض على يديه بقوة حتى ابيضت مفاصله وهتف من بين أسنانه: صَبا بتعمل كده! انتي بتقولي إيه يا زينة أكيد انت غلطانة صَبا دي الكل بيشهد بأخلاقها واحترامها أكيد طبعا هي ما تقصدش مش زنبها يعني انها حلوة وكل الناس عايزة تتجوزها.
مصمصت شفتيها بعدم رضا وشعرت بأن الغيرة تنهش قلبها بدون رحمة لكنها استمرت على افترائها المزعوم وغمغمت: الظاهر يعني انها كانت بتعمل كده عشان انت كنت موجود لكن لما حصلت لك الحادثة ما بقاش حد قادر عليها لدرجة انها ما بقتش بتكبر لحد حتى والدك حاول يتكلم معاها كتير لكن هي ما كانتش بتسمع وبتنفز اللي في دماغها بس وماشية تبص لده وتبص لده جننت رجالة الحتة كلهم حتى اسأل والدك كده.
قالت كلمتها الأخيرة بخبث شديد فايقن الآخر أن زوجته لا تفعل ذلك من جل الغيرة كما كانت تفعل سابقا بل كل حديثها صواب فإن كانت كاذبة لما كانت أخبرته بأن يسأل والده.
فاحمرت عينيه من الغضب وهتف بفحيح من بين أسنانه: سيبي لي بقى أنا الموضوع ده يا زينة وان كانت صَبا فقدت عقلها ومحتاجة تتربى من أول وجديد فانا اللي هربيها.
ابتسمت بداخلها فخطتها التالية تسير أيضا على أكمل وجه وكل ما أرادته يتحقق بدون أدنى مجهود منها وكأن القدر يسير حسب إرادتها.
❈-❈-❈
برفقة زوجة أخيها تجلس تحتسي القهوة وهي تتآكل من الغضب والغيظ معا فسألتها زوجة أخيها باهتمام: وبعدها لك يا ام رؤوف هتفضلي تاكلي في نفسك كده لحد امتى؟
وضعت فنجان القهوة الذي أنهته جانبا وضربت فخذيها بكلتا يديها هاتفة بغل: حموت ياختي البت خدت الواد ومش بس كده ده كمان شيلته مني ابني الوحيد بقى ييجي يزورني كده بار وعتب.حتى النظرة الحلوة اللي كنت بشوفها في عينه ليا ما بقتش موجودة إنطفت بس وديني ما هكون سايباها بت سعد هنداوي دي.
هزت رأسها بعدم تصديق هاتفة باندهاش حقيقي: انت بتقولي إيه يا اختي كل واحدة بتتمنى السعادة لابنها إلا انتي ما تسيبيه يا ستي يعيش مبسوط مع اللي اختارها مش هو مرتاح؟
أجابتها من بين أسنانها: مرتاح!
انا من الأول ما كنتش موافقة على الجوازة دي ووافقت عشانه بس الظاهر ان البت دي ما طلعتش سهلة وقدرت تخليه يسبني ويسيب بيته بس وديني ما هعديهلها وهرجعها بيت أبوها مطلقة تاني آه ما هو انا ما أربيش واكبر واتعب واسهر وهي تيجي تاخده على الجاهز.
قاطعتها زوجة أخيها بعدم رضا: ما فيش فايدة فيكي يا ام رؤوف مش هتسكتي يا اختي غير لما تخربي على ابنك أما أقوم أروح عشان الحق أعمل الغدا لاخوكي قبل ما يرجع من الشغل وانتي بقى ربنا يهديكي.
ألقط كلماتها واندفعت للخارج تاركة الأخرى تستشيط غضبا وتتوعد لتلك المسكينة التي لم تفعل شيئا سوى أنها قررت أن تعيش في سلام وأمان.
❈-❈-❈
في شرفة منزلهم الكبير يقف وهو ينفث سجارته ويتابعها وهي تسير كالفراشة الذابلة
أخذ نفس عميق من سيجارته وظفره على مهل فشعر باحدهم يضع يده فوق منكبه استدار فوجدها أمه تمنحه ابتسامة هادئة ثم ألقت نظرة على التي تسير على استحياء وكأنها تخشى أن تكسر الأرض بخطواتها الهادئة.
فسألته بدون مقدمات: بتحبها يا كامل؟
أومأ لها بالموافقة ثم هتف بخيبة أمل: بحبها من وهي لسة عيلة صغيرة يا اما ولما لقيت أبويا عينه منها الله يرحمه بقى بعدت ما حبتش يبقى فيه مشاكل بينا احنا الاتنين ونتفضح قدام الخلق.
قاطعته بابتسامة حزينة: عشان كده كنت رافض تتجوز؟
اومأ لها بالموافقة.
فاستطردت بثقة: انا سمعت ان عمار رجع لمراته الأولانية يعني في فرصة قدامك يا ابني.
تنهد بحرارة ثم أردف بحزن: بس هي على زمته يعني برضو صَبا لسة مراته وبعدين ما انت عارفة ان كل اللي حصل ان عمار فاقد زاكرته لوقت معين بعد كده هترجع له.
ربطت والدته على منكبه هاتفة بتعقل: يا ابني عمار الزاكرة لما هترجع له أكيد يعني هيفضل يعيش مع مراته أم عياله وبعدين يعني هي ما عملتش حاجة غلط هي اتجوزت في الحلال.
قطب حاجبيه بدهشة هاتفا بعدم تصديق: بتقولي ايه يا اما بتسمي قلة الأصل والندالة مش عيب ولا حرام ده لو انا مكان عمار ما أبصش في وشها أصلا.
المهم انا دلوقتي قررت اني أخلي كل أملاك أبويا زي ما هي وعليها إسمه والأرباح اللي هتطلع تتقسم بيني وبين أخواتي بما يرضي الله إيه رأيك؟
ابتسمت والدته بفخر مغمغمة في حنو بالغ: ربنا يكملك بعقلك يا كامل يا ابني ويريح بالك يا ابن بطني.
دلوقتي بقى يللا اطفي السيجارة دي وتعال لي نفطر سوا انا وانت وبعدين انزل على شغلك ربنا يفتحها في وشك يا رب.
أمن خلفها ثم تبعها للخارج وهو يمني النفس بأن تتحقق دعوات والدته له.
❈-❈-❈
صباح الفل يا شحرورة الجمالية يا قمر انت.
تلك الكلمات هتفت بها نور التي ولجت على والدتها للتو وهي تجلي الأواني في المطبخ.
منحتها والدتها ابتسامة هادئة مغمغمة: صباح الفل يا ست نور ناموسيتك كحلي يا اختي كنا عايزين نصحيكي على الفطار بس أبوكي قال لي سيبيها نايمة ما تقلقيهاش أكيد كانت بتقضي طول الليل في المزاكرة.
غمغمت بصوت لم يصل إلى والدتها: لا وانت الصادقة كنت مقضية طول الليل في كابوس.
سألتها والدتها باهتمام: بتقولي حاجة يا نور؟
دنت منها وهي ترسم ابتسامة مصطنعة على شفتيها هاتفة مغيرة الموضوع: بقول لك ايه يا شحرورة في واحدة صاحبتي حلمت حلم كده غريب وعايزاكي تفسريه ليها بما أنك يعني ليكي في الموضوع ده وكدة.
منحتها والدتها تركيزا كبيرا وسألتها بلهفة: حلم ايه ده قولي انتي عارفة ان انا بحب الحاجات دي قوي.
فمضت نور تتزكر حلمها بالتفصيل ثم هتفت بدون مقدمات: حلمت يا ماما انها كانت واقفة في مكان وكان فيه شخص هي عرفاه كويس والشخص ده كان واقف في حتة ضلمة ومحتار يطلع ولا يفضل يطلع ولا يفضل مكانه والآخر شافها قدامه وهي واقفة في النور وبعدين مد لها إيده فهي قربت منه ببطء وبعدين مسكته وشدته في الاتجاه اللي هي واقفة فيه بس وصحيت من النوم على كده.
صمتت الحاجة صباح تفكر ماليا ثم أردفت بجدية: الحلم شارح نفسه يا نور مش محتاجة تفسير معناه ان في واحد عايش في ضلمة وفي حزنه وقافل على نفسه لحد ما هتيجي البنت دي وتمد له إيديها عشان تسحبه في طريق النور اللي هو سايبه من فترة.
فتنهدت نور بحالمية مغمغمة بصوت وصل إلى مسامع والدتها: هي بقى يعني أنا بقعة النور اللي هتنور لوليد حياته يا نهار اسود ده انا قمر وهو قمرين. أكيد الطفل بتاعنا هيكون أجنبي أجنبي ما فيش كلام.
وأثناء حديثها مع نفسها الذي استمعته هي بالكامل شعرت بخف والدتها يضرب في وجهها.
فصرخت بقوة ثم ركضت من أمامها وهي تغمغم بكلمات غير مفهومة.
ومن ثم هتفت بصوت مرتفع: أنا هرمي كل الشباشب في الزبالة عشان ما تلاقيش حاجة تضربيني بيها يا شحرورة الجمالية هو انا يعني كنت عملت ايه ولا عملت ايه يعني!
استمعت إلى صوت والدتها بالداخل يقول: عملت ايه يا بت الجزمة مين وليد ده يا بت اللي انتي عايزة تخلفي منه وتحسني النسل وديني يا نور لاكون مربياكي من أول وجديد.
صكت نور على صـ درها بيدها مغمغمة بعدم تصديق: يا نهار اسود! هو انا ما كنتش بتكلم في سري أمي سمعت كل الكلام اللي انا قلته يلا هبقى اضحك عليها بكلمتين لكن لو صحيح تفسير ماما ده حقيقي يبقى معقولة؟
ومش معقول ليه يعني يا نور ما تنكريش ان انتي معجبة بيه صح أيوة انا معجبة بيه خصوصا من ساعة ما دافع عني لما الولا اللي كان في الحارة عاكسني لكن ازاي أخلي لوح التلج ده يمد لي إيده قصدي يعترف إن هو بيحبني أكيد الحلم ده مش صدفة وانا لازم اتأكد.
أما أفتح النت واشوف ابن سيرين بيقول إيه وبعدها ابقى أفكر هاعمل ايه وبناء على تفسير الحلم ده هكمل حياتي.
أحيانا تكون الأحلام إشارة أو رمز لشيء معين نريد تحقيقه.
فهناك من يقول أنه العقل الباطن أو أنها مجرد أضغاث أحلام أو ربما تكون أحلام يقظة لكن هناك الكثير من الأحلام تكون إشارة لشيء ما سيحدث في حياتك إما أن يكون جيدا أو سيئا لكن هل يا ترى ما حلمت به نور سيكون شيئا إيجابيا في حياتها أم سلبيا؟
هذا ما سنعرفه في الأجزاء القادمة.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية