رواية جديدة لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 2
قراءة رواية لأنني أحببت
الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل الثاني
كذبة
حول نفسه يدور والأفكار تعصف برأسه فبعد ما صعد كل من عمار وزينة إلى شقتهما القديمة راح يتساءل عما سيحدث في الآونة القادمة لكن ما يشغله الآن هو كيف سيعيش عمار مع زينة وهي ليست زوجته هذا لا يقبله شرع ولا قانون واثناء العاصفة التي تدور بداخله رغما عنه تذكر ما حدث قبيل شهر من الآن.
فبعدما استفاق عمار فتح بندقيتاه بصعوبة واغلقها عدة مرات ثم فتحهما بعد أن اعتاد على ضوء الغرفة
راحا يمرر عينيه على الموجودين فابتسما تلقائيا عندما أبصر ابتسامتهم تملأ وجوههم لكنه قطب حاجبيه بدهشة عندما لم يجدها بينهم فهتف بتساؤل أذهل الجميع: هي فين زينة ليه مش وسطيكم.
اتسعت أعين الجميع في صدمة ودهشة معا فبعد ما تفوه عمار بتلك الكلمات راح الجميع يتبادل النظرات فيما بينهم وقبل أن يستوعب الجميع ما يحدث كرر عمار سؤاله مرة أخرى: مابتردوش ليه يا جماعة بقول لكم فين زينة؟ فين مراتي هي تعبانه ولا حاجة؟
تجمدت أطراف صَبا وتحجرت الدموع في عينيها وكل ما دارا في خلدها الآن أن عمار من المحتمل أن يكون فقد ذاكرته وهذا الشيء سيجعلها تبدأ معه من الصفر.
عودة إلى عمار الذي ينظر إليهم باستفهام ينتظر جوابهم. زظظظ
فتدارك والده الأمر ودنا منه يردف في حنو بالغ: عمار حبيبي حمد الله على سلامتك حساس بأيه دلوقتي؟
شعر عمار بان هناك خطب ما فأجاب والده بإرهاق: أنا حاسس بصداع جامد في راسي يا بابا بس مش أكتر ولا أقل.
منحه والده ابتسامة صافية وغمغمة وهو يوجه حديثه للجميع الذين ما زالوا في حالة صدمة: يلا طرقونا بقى خلوني اقعد مع ابني شوية.
فهم الجميع ما يرمي إليه الحاج سعد وبالفعل إنصاعوا لأوامره بينما صَبا فقد بقيت مكانها تنظر إليه تنتظر تفسيرا.
فطمأنها بعينيه وأشار لها كي تتبع البقية.
وبعد ما ذهب الجميع واغلقوا الباب من خلفهم وجه حديثه لابنه سائلا إياه باهتمام: قل لي يا عمار أنت فاكر ايه يعني إيه آخر حاجة فكرها؟
صمت قليلا يستجمع أفكاره ثم هتف باندفاع: آخر حاجة فأكرها أن حد كلمني في التليفون وقال لي إن صَبا بنت عمتي مخطوفة فطلعت أجري زي المجنون بالعربية وبعدها وقفت فجأة قدامي عربية بالعرض فحسيت ان عربيتي اتقلبت كزة مرة وبعدها ما حستش بنفسي غير وأنا هنا.
وعلى الرغم من الألم الذي فتك بقلب الحاج سعد إلا أنه أومأ له متفهما وهو يرسم بسمة مزيفة فوق شفتيه ثم دنا منه وطبع قبـ لة طويلة فوق جبينه ومن ثم طلب منه الراحة وهو سيذهب للتحدث مع طبيبه وبعدها سيعود ويكمل حديثه معه.
وبعد عدة دقائق وقف الطبيب خارج الغرفة يوضح للجميع ما حدث بالضبط مع عمار وهتف بعملية: جماعة عملية الباش مهندس عمار نجحت الحمد لله عملية الغضروف والعملية التنية اللي عملنهالو في الرقبة هي علشان خاطر الفقرات الغضروفية اللي حصلها انزلاق بس كان فيها جزء من المخ وللأسف حصل خلل في خلايا معينة من المخ وده طبيعي أنه يحصل ووارد أن يكون فيه آثار
جانبية زي ما قلنا قبل العملية وما تقلقوش فقدان الذاكرة ده هيكون مؤقت بس كل اللي مطلوب منكم أنكم ما تحاولوش تفكروه بحاجة دلوقتي سيبوه هو يفتكر على مهله وخصوصا الأخبار الوحشة فهمني يا حاج يعني أي حاجة يقول عليها تعملوها له حتى لو حاجة عكس إرادة الجميع طبعا كلكم فاهمني علشان بس نضمن ان مفيش اي انتكاسات تحصله ويكمل العلاج الطبيعي.
أومأ الجميع في حزن
استأذن الطبيب وانصرف. ألقت صَبا بجسدها فوق أقرب مقعد وراحت تنتحب بقوة فما قاله الطبيب الآن يعني أن عمار لن يتذكر زواجه منها كل ما يتذكره الآن زوجته الخائنة زينة
شعر الجميع بالحزن عليها ودنوا منها يواسوها بالكلمات فخاطبها الحاج سعد وهو يحتضن رأسها إلى صـ دره بعد أن جلس بجوارها: اسمعيني يا صَبا يا يا بنتي للمرة التانية بتدخلي في امتحان صعب وأنت نجحتي في الامتحان الأول أنا عارف أني بضغط عليكي وباجي عليك كتير بس عشان خاطري يا بنتي استحملي أديكي سمعة الدكتور قال أيه احنا ما قدمناش حل غير اننا نجيب له اللي ما تتسماش زينة عشان ما يحصلهوش انتكاسة فهماني يا صبا؟
رفعت عينيها الباكيتين وهي تومئ عدة مرات دليلا على موافقتها وغمغمت بصوت باك: اللهم أني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه.
❈-❈-❈
أمام المأذون يجلس منكس الرأس وحوله هؤلاء الاشخاص الذين لا يعرفهم ولم يراهم من قبل.
فراح يتسائل بداخله عما يحدث معه وهو على يقين بأن كل هذا ما هو إلا مكيدة قد حيكت له والأدهى من ذلك أنه لم يستطع الخلاص منها فلو هرب الآن لقتلوه هؤلاء الاوغاد فغمغم في نفسه: انا اتجوزها كم يوم كده وبعدين اطلقها اه هو ده الحل.
مدح زكاءه واستحسن الفكرة لكن سرعان ما تجهم وجهه وسقط قلبه بين قدميه عندما استمع الى صوت أحد الرجال يوجه حديثه للمأذون: العصمة عتبجى في ايد بتنا.
هبا واقفا وهو يصيح: نعم بتقول ايه يا راجل يا مجنون انت عصمة ايه اللي تبقى في ايد بنتكم!
هما الرجل الآخر بالحديث وهو يقف ويشهر سلاحه في وجه حسام: انت اتجنيت عتهين كبيرنا واحنا واجفين والله لا عشت ولا كنت يا خسيس.
ازدردا ريقه بصعوبة ورفع كلتا يديه باستسلام هاتفا بخزي: طيب نزل المسدس ده لسلاح يطول.
ثم وجه حديثه للمأذون: نفذ اللي قاله الحاج يا مولانا.
وبالفعل شرع المأذون في بدء عقد قاران المدعو حسام وتلك الفتاة الغريبة التي لا يعرفها ولم يراها إلا في صباح ذلك اليوم.
وعلى الرغم من دهشة المأذون مما يحدث حوله إلا أنه لم يتساءل عن اي شيء فقط شرع في اتمام عمله على أكمل وجه.
وها هو حسام يمسك بالقلم ويخط اسمه فوق طرفي الزواج وكأنه يوقع على حكم إعدامه وليست وثيقة زواجه
❈-❈-❈
ولج إلى شقته الجديدة وهو يحمل بيده أكياس ويهتف بصوت جهوري: بيرو انت فين يا قلبي؟
جبت لك كفتة وكباب وكمان بسبوسة يا بسبوسة.
قطب حاجبيه بدهشة عندما لم يستمع صوتها فوضع الأكياس فوق الطاولة الموجودة في منتصف الردهة وولج بخطوات سريعة إلى غرفتهما يبحث عنها.
ثواني وأبصرها تقبع فوق الفراش ودموعها تغرق وجنتيها.
دنا منها بلهفة يجذبها بين أحضـ انه ويسألها: مالك يا بيرو يا حبيبتي في حاجة بتوجعك؟
هزت رأسها نفيا.
فتحدث مردفا: طيب حد زعلك؟
للمرة الثانية تنفي حديثه بإيماءة من رأسها.
فأبعدها برفق وهو ينظر إلى عينيها: طيب أمال إيه اللي حصل؟
أجابته وهي تمسح دموعها بكلتا يديها: صعبانة عليا صعبة قوي يا رؤوف معقول تشوف جوزها قدام عينيها طالع بيتها مع طليقته والله ده حرام. وما يرديش ربنا.
زفر رؤوف بقوة فهو ايضا حزين من أجل صَبا لكن ليس باليد حيلة فهذه هي أوامر الطبيب.
يعلم أن صَبا تتألم لكن الجميع يتمنى شفاء عمار وإن علم بالحقيقة ربما ستحدث له مضاعفات كثيرة هو في غنى عنها فهتف بثبات: ان شاء الله خير يا حبيبتي وصبا عاقلة وبتحبه وهتستحمله هي استحملت كتير وان شاء الله ربنا هيعوض صبرها ده خير.
دلوقتي قومي بقى خلينا ناكل الكفتة قبل ما تبرد.
رمقته باستنكار مغمغمة بحنق: بزمتك انت عندك دم بقول لك صعبان عليا بنت عمتي وانت تقول لي الكفتة هتبرد.
ألقت كلماتها دفعة واحدة وتركته واندفعت للخارج قاصدة المرحاض تاركة إياه يشيعها بنظرات حادة ممزوجة بخيبة الأمل مغمغما وهو يهز رأسه: ما فيش فايدة خير تعمل شر تلقى والله انا غلطان اني سألت فيكي أصلا اما اروح اتغدى ستات تقصر العمر.
❈-❈-❈
يعني عمار رجع بيته خلاص.
أجابتها غزل على الطرف الآخر: أيوة يا ستي رجع من شوية.
صمتت عزة قليلا ثم هتفت بتذكر: طب صحيح اخبار صَبا ايه؟
ابتلعت غزل غصة مريرة في حلقها مغمغمة بحزن: صَبا مموتة نفسها من العياط من ساعة ما شافتهم مع بعض في المستشفى وهما طالعين ايديهم فايد بعض وهي هتموت والله ما عارفة صَبا دي بيحصل لها كده ليه!
زفرت مطولا ثم هتفت بجدية: فترة وهتعدي يا غزل صدقيني والحرباية زينة دي هتتكشف حقيقتها قريب جدا بس للأسف ما فيش في ايدينا حاجة نعملها دي أوامر الدكتور لازم نتبعها يلا هسيبك بقى علشان محمد رجع من الشغل. وانت خليكي جنب صَبا ما تسيبيهاش.
أردفت غزل بصدق نابع من جنبات قلبها: انتي بتوصيني على اختي يا عزة صَبا دي مش بس اختي الكبيرة ده انا بحسها امي كمان يلا روحي شوفي جوزك وانا هروح اشوف البنات.
اغلقت الهاتف واستدارت فابصرت زوجها يتطلع إليها بشوق شديد
منحته ابتسامة صافية ثم دنت منه وراحت تعاونه في خلع سطرته مخاطبة إياه بحنان حمد الله على السلامة يا محمد.
الله يسلمك يا حبيبتي حمد لله على سلامة عمار انا لسة مكلم عمي دلوقتي طمني عليه وقال لي ان الموضوع كله مسألة وقت وبالعلاج الطبيعي كل شيء هيبقى بخير ان شاء الله.
احتضنته بعد أن علقت سطرته على ظهر أحد المقاعد وضمت نفسها إليه بقوة وهي تحمد الله بداخلها لأنها باتت عاشقة لزوجها وان الله سبحانه وتعالى نور بصيرتها وجعلها تدرك خطئها في حقه.
أحيانا يعطينا الله عز وجل الكثير من الفرص فربما تفتعل خطأ كبيرا وبعدها تندم عليه أشد الندم وقتها ستشعر بأنك لا تستحق أي شيء جيد يحدث لك.
لكن على العكس فذلك الشعور يجعلك مفضلا عند الله عز وجل.
ألم يقل (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)
❈-❈-❈
جالسا فوق أحد المقاعد القريبة من شرفة منزله يستنشق الهواء بقوة وابتسامة كبيرة تزين ثغره فقد تركته زوجته واستأذنته للذهاب إلى والدتها كي تحضر أبنائها.
حمد الله مرارا وتكرارا فهو سيعود كسابق عهده وكما يقال الإرادة تصنع كل شيء هذا بالطبع بعد مشيئة الله -سبحانه وتعالى-.
أراحا ظهره فوق المقعد ورغما عنه لاحت في رأسه ذكرى حدث هام قد حدث له بعد إجراء الجراحة بحوالي ثلاثة أيام.
فقد كان يتجاذب أطراف الحديث مع رؤوف وفجأة ولج عليهما والده وابتسامة صغيرة ترتسم فوق محياه الحسن دنا منه بعد أن أغلق الباب هاتفا باهتمام: ها يا عمار عامل إيه دلوقتي؟
أجابه بابتسامة الحمد لله يا حاج كل لده بس بفضل دعواتك ليا ربنا ما يحرمني منك أبدا.
جذب الحاج سعد أحد المقاطع ووضعها بالقرب من الفراش ثم جلس وقال دون مقدمات بعد أن استأذن الطبيب: بص دلوقتي بقى في حاجة كده حصلت عايزك تعرفها تمام.
شعر عمار بجدية والده فراحة ينصت له باهتمام.
فاستطرد الحاج سعد: بص بقى بعد الحادثة المشؤومة دي أنت دخلت في غيبوبة كنت الحمد لله كويس جدا بس ما كناش نعرف سبب الغيبوبة إيه فما كانش قدامنا حاجة نعملها غير الدعاء لربنا -سبحانه وتعالى- بس حصلت حاجة مهمة أنا كنت ناوي اتجوز الست صباح بس بنتها نور كانت في مشكلة عمها كان عايز يجوزها لابنه بالعافية فلما عرضت الجواز على الست صباح وافقت علطول فاستغليت الفرصة قبل ما يحصل مشكلة مع عم نور واتجوزتها على طول ورؤوف طلب ايد عبير فكتبنا كتابهم طبعا أنا عارف أن الموضوع ده ما كنش ينفع وأنت في حالتك دي بس الظروف يا ابني كانت أقوى مننا.
صمت عمار فظن الحاج سعد بأنه غضب من حديثه فتنحنح بحرج وفتح فاهه ليتحدث لكن سبقه عمار وهو ينظر إلى صديقه بشر ثم التقط ملعقة كانت فوق المنضدة المجاورة للفراش وقذفه بها هاتفا: كده يا زبـ الة تتجوز أختي من ورايا مش كنت تستناني لما أفوق عشان اشهد على العقد.
قهقه رؤوف ثم أجابه بصدق: ما صدقت بقى يا أخي انها وفقت وكتبت الكتاب مع الحاج سعد بس والله...
قاطعه عمار بمحبة: من غير ما تحلف يا صاحبي أنا كنت عارف مشاعرك دي من زمان وما دام الحاج سعد هو اللي سلمها لك بنفسه فأنا مبارك الجوازة ألف مبرك يا صاحبي.
دنا منه رؤوف عانقه بقوة وكذلك فعل الحاج سعد وهو يشكر الله
❈-❈-❈
فوق الأريكة المتواجدة في ردهه المنزل تجلس بين أحضـ ان والدتها ودموعها تنهمر كالشلال أي أنها تبكي بطريقة تمزق نياط القلوب وتتمتم من بين دموعها بكلمات متقطعة: مقهورة يا ماما كل ما بفتكر منظرهم وهما مع بعض وضحكه ونظرات زينة الشمتانة قلبي يوجعني قوي.
قالت تلك الكلمات وانخرطت في موجة من البكاء أقوى من سابقتها وكل ما كانت تفعله والدتها هو أنها كانت تبكي على بكائها وتمسد فوق ظهرها ورأسها صعودا وهبوطا علها تهدهدها لكن هيهات فصَبا عقلها وقلبها كانا يشتعلان وعلى الرغم من كل هذا الألم الذي سببه لها ذلك الحب الذي لم يجلب لها سوى المصائب والوجع إلا أنها ما زالت تعشقه وكأن ذلك العشق وشم على قلبها منذ ولادتها ناهيك عن الغيرة التي تكاد أن تفتك بها.
وفجأة توقفت عن البكاء ومر بذاكرتها أول لقاء حدث بينهما بعد إجراء تلك الجراحة.
وقفت أمام باب الغرفة تنظم أنفاسها الثائرة ومن ثم طرقت طرقات خفيفة وولجت بعد أن سمحت لها تلك العقربة بالدخول.
فتحت الباب وأغلقته على مهل ثم استدارت تنظر لهما لكن فتحت فمها بقوة عندما أبصرت تلك الحية تلتصق به وتمسد فوق صـ دره بطريقة حميـ مية شعرت بالاشمئزاز منها فهي لا تجوز له لقد انفصلت عنه وتزوجت بغيره.
حاولت التغاضي عن غيرتها ودنت منهما تهتف موجهة الحديث له: أزيك يا عمار عامل إيه؟
قطبت حاجبيها بدهشة عندما تجهم وجهه وأجابها بغظاظة: كويس.
انقسم قلبها إلى شطرين من رده المباغت وسألته باهتمام ممزوج بخيبة أمل: عمار أنت بتكلمي كده ليه هو أنا عملت لك حاجة زعلتك؟
ضحك بسخرية مجيبا إياها بحدة: يعني أنتي مش عارفة يا صَبا إن اللي حصل لي ده كان بسببك أنتي الحادثة اللي حصلت لي دي حصلت بعد ما جالي تليفون أنك اتخطفتي وقتها جريت زي المجنون عشان ألحقك يعني باختصار أنتي السبب في اللي أنا فيه ده كله.
ربي على ذاك الشعور الذي تشعر به الآن فلو كانت بمفردها لكانت صرخت بكل ما واتت من قوة
ألا يكفيه ما يفعله بها والآن يتهمها بأنها السبب في ما جرى له كم هو قاسي ذلك العمار.
ابتلعت غصتها في حلقها ثم غمغمت بصوت خالي من الحياة: أنا آسفة.
ألقت كلماتها وانطلقت للخارج ودموعها تسبقها كالعادة منذ أن عشقت هذا الرجل.
❈-❈-❈
اغتاظت من نظرات الصبي لها فسألته بفظاظة: انت بتبص لي كده ليه يا ليث بدل ما تاخدني بالحـ ضن بقالي كتير ما شفتكش.
صكا الصبي على اسنانه واجابها بحنق: واخدك بالحـ ضن ليه وانت ببساطة ما وحشتنيش.
وزعت نظراتها بين الصبي الذي يحتقرها وبين والدتها التي تتابع ما يحدث في صمت.
ثم هتفت موبخة اياه: انت اتجننت انت نسيت اني انا أمك و...
قاطعها بصراخ: انت مش أمي قلت لك ميت مرة انت مش أمي ولو كنت وافقت اني أناديكي بالأسم ده فعشان خاطر اللي حصل لبابا جدو سعد فهمني على كل حاجة وانا مضطرة اسكت لحد ما بابا يقوم بالسلامة وهو اللي هيكتشف اللي انت عملتيه بنفسه لكن والله لو كان الموضوع في ايدي كنت حكيت له على كل حاجة.
ألقى كلماته كالقنبلة الموقوتة في وجهها وانطلقا إلى الغرفة التي يقبع بها مع أخته في ذلك المنزل الذي بات يبغضه كثيرا.
تابعته بدهشة حتى اختفى عن مرمى عينيها ثم وجهت بصرها لوالدتها تخاطبها بدهشة ممزوجة بالغضب: شفتي الولة بيكلمني ازاي يا امه!
ربطت والدتها على ساقها بعد أن جلست بجوارها وأردفت بلهفة: سيبك منه وقولي لي قررتي ايه يا زينة والله ما طلعتيش سهلة يا بت وعملتي كل اللي انت خططتي له بس المصيبة يا فالحة لو المحروس جوزك رجعتله ذاكرته هتعملي إيه؟
ضحكت بشر ثم غمغمت بنبرة تشبه فحيح الأفعى: ومين قال لك أني هسمح له أن ترجعله ذاكرته اصلا يا أما.
رمقتها والدتها بنظرات زات مغزى وسألتها باهتمام: هتعملي إيه يعني؟
اجابتها مغيرة الموضوع: مش وقته الكلام ده المهم انا كنت عايزاكي في حاجة كده فين مصطفى اخويا؟
أجابت والدتها على سؤالها بسؤال: وعيزاه في إيه بقى مصطفى؟
ردت باختصار عيزاه يشهد على كتب كتابي قعدتي مع عمار كده ما تنفعش اه انا واحدة شريفة وبخاف على سمعتي ولازم حمايا العزيز يعرف ده.
مدحت والدتها ذكائها وابتسمت باتساع هاتفة بفخر: أهو كده تعجبيني يا بت يا زينة بس هتفهمي الموضوع ده ازاي لعمار؟
أجابتها بانطلاق وكأنها قد رتبت لكل شيء مسبقا: بسيطة هقول له انه من بعد ما فاق من الحادثة بقى شخص عصبي جدا كان فاقد الأمل في كل حاجة حواليه حتى إنه ما كنش طايقني ولا طايق حد كان دايما يقول سيبوني لوحدي سيبوني لوحدي لما كنت باروح أزوره كان بيطردني وفي مرة ما رضيتش أمشي فرمى عليا يمين الطلاق وبعدها دخل في غيبوبة وعدت التلات شهور وطبعا ما ردنيش فكده لازم نتجوز من اول وجديد.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية