-->

رواية جديدة لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 3

 

قراءة رواية لأنني أحببت

الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 


الفصل الثالث

 مكر


 بمنامتها الوردية القصيرة التي بالكاد تغطي فخـ ذيها تجلس فوق الأريكة الذهبية المتواجدة في ردهة القصر تهز سـ اقها التي وضعتها فوق الأخرة بإغـ واء شديد وهي تضع إصبعها السبابة في فمها بطريقة مغـ رية للعيان

 سلطت عينيها البنيتان عليه وهو يجلس فوق أحد المقاعد المقابلة لها يرمقها بشر

 ثم راحت بيدها الأخرى تنثر خصلاتها السوداء الغحمية التي تصل إلى أسفل ظهرها.

 ظلت هكذا لبضع ثواني حتى انتفضت من مكانها وأبعدت أصـبعها عن فمـها عندما أبصرته يتقدم منها وما زال عينيه عليها.

 فسألته بثبات عكس ما بداخلها: أنت عايز إيه بتبصر لي كده ليه؟

 وبعدين ما تقربش مني لو سمحت. 


لم يعرها أي اهتمام وكأنه لم يستمع إلى حديثها حتى بات قبالتها ثم وضع إحدى يديه في جيب بنطاله وسألها بجدية: أنت مين عشان باختصار كده الحوار اللي عملتيه أنتي وأهلك ده مش داخل عليا أنا يا شاطرة ما بغتـ صبش حد أنا باخد اللي أنا عايزه بمزاج الشخص اللي قدامي يعني حوار الاغتـ صاب وانك بنت  والكلام ده كله ما يدخلش ذمتي بمليم. 


 صمتت قليلا تستجمع شجاعتها ثم هبت واقفة  وأجابته بثبات ممزوج بالثقة: والله اللي بيبقى سكران ما بيدراش باللي بيعمله وأنت ببساطة تقدر تتأكد 

قدامك البواب بتاعك روح اسأله وهو أكيد مش هيكدب عليك علشاني يعني أنت ولي نعمته وبتدي له مرتبه.


 ابتسم ابتسامة غريبة ثم هتف بوعيد: اسمعي يا شاطرة...


 قاطعته بجدية: أولا أنا اسمي قمر وما تنساش أنك بقيت جوزي يعني تحترمني لو سمحت. ده غير بقى إن أنا اللي هيبقالي الكلمة الأولى والأخيرة هنا ما تنساش العصمة في أيدي يا بيبي

 ودلوقتي بعد أزنك بقى عشان اطلع آخد شاور أصل الجو بقى  حر قوي.

قالت تلك الكلمة الأخيرة باستفزاز شديد ثم ألقت له قبـ لة في الهواء ومرت بجانبه بخطوات رشيقة ممزوجة بالدلال


 تابعها بعينيه حتى اختفت عن مرمى بصره فغمغم بعدم اقتناع: برضو مش مصدق ماشي يا قمر أنتي إن ما خليتكيش ترمي عليا يمين الطلاق ما ابقاش أنا حسام هخليكي تتمني الموت وما تطوليهوش عشان مش أنا اللي يتعمل فيه كده. 


ألقى كلماته واندفع للخارج قاصدا ذلك الحارس كي يتأكد من حديث تلك الساقطة وبعدها لكل حادث حديث.


❈-❈-❈


صاح في وجهها كي تكف عن بكائها الذي مزق نياط قلبه: وبعدين معاكي يا صَبا هتفضلي تعيطي كده كتير احنا عايزينك قوية يا بنتي اللي بتعمليه ده مش هيقدم ولا هيأخر حاجة من اللي حصلت دلوقتي لازم نفكر احنا هنعمل إيه عشان الفترة الجاية تعدي على خير.


مسحت دموعها بكلتا يديها وهتفت بصوت مبحوح من أثر البكاء: في أيدي ايه اعمله يا خالي أنا قلبي بيوجعني قوي ومش قادرة أصدق اللي حصل ده كله والأصعب من ده ان زينة معاه في الشقة دلوقتي طب ازاي وهي ما تجزلهوش أصلا حط نفسك مكاني يا خالي أنا الغيرة هتموتني.


جلس بجوارها ثم ربط فوق رأسها في حنو مردفا بتعقل: اسمعيني كويس يا صَبا وحطي الكلام ده حلقة في ودنك أحيانا يا بنتي بنتحط في اختبارات صعبة جدا وبنقول أن أحنا طاقتنا مش هتستحمل ده لكن بعد كده بنكتشف أن أحنا عدينا الاختبار دوت بكل سلاسة سألت نفسك ليه؟ 


هزت رأسها نفيا فهي ليست في مزاج جيد كي تتحدث في موضوع كهذا

 فاستطرد حديثه: عشان باختصار ربنا ما بيديش حد فوق طاقته ولو أنت طاقتك ما تستحملش يا صَبا ما كنتيشة هتتحطي في اختبارات زي دي

 دلوقتي احنا لازم ننسى الدموع ونفكر بعقلنا شوية عارف أنك بتتوجعي وعارف أن اللي مريتي بيه فوق طاقة أي حد. بس أنتي قدها وقدود يا صَبا دموعك دي مش عايز أشوفها تاني غير في الفرح فهماني؟ 

ودلوقتي بقى يلا بينا نطلع لجورك المجنون عشان تدي له الإبرة ولا تحبي أجيب له ممرضة تانية وتعاكسه بقى والشغل ده ما انتي عارفة عمار ابني بسم الله ما شاء الله عليه حاجة كده شبه نجوم السليما. 


ابتسمت ابتسامة صغيرة لكنها تذكرت معاملته الجافة لها فهتفت برفض: سامحني يا خالي أنا مش هقدر اطلع معاك لعمار ده مش طايقني وغير كده محملني مسئولية كل اللي حصل معاه والغريب أن ما كنش ده رد فعله أول مرة بعد الحادثة.


 رفع حاجبيه بدهشة وسألها باهتمام: مش طابقك ازاي يعني وأيه الكلام ده أول مرة أسمعه منك. 


زفرت بقوة وراحت تقص عليه أول لقاء حدث بينهما في المشفى وترده لها فحزن والده بشدة وأردف بإصرار: برده أنك تبعدي عنه ده مش الحل يا صَبا بالعكس احنا عايزينك تقربي منه عايزه يفتكرك ويرجع يحبك من أول وجديد ولا عايزة زينة تلعب في الساحة لوحدها؟


 هزت رأسها نفيا بعنف.

 فضحك الحاج سعد ومد يده لها بعد أن استقام واقفا: يبقى نطلع فوق وما تقلقيش مش هيقدر يكلمك وحش وأنا معاكي. 


وضعت يدها المرتعشة في يد خالها وهبت واقفة وعلى الرغم من كل هذا الألم إلا أن فرحتها برؤيته كانت أكبر من كل شيء وكأن عشقها له أكبر من وجعها وأكبر من همومها وأكبر من حزنها

 يا الله كيف لامرأة أن تعشق رجلا بهذه الطريقة فلربما يقتلها العشق هذا يوما ما ألم يقال إن من العشق ما قتل.


❈-❈-❈


تائها شاردا حزينا.

 تلك الكلمات تختصر حياة رامي الآن الذي كان يقضي نهاره برفقة أولاد شقيقه حسن وليله وحدته تأنسه في منزله وعلى الرغم من حبه لأولاد شقيقه إلا أنه كان يفتقد بناته كثيرا يعلم أن زوجته السابقة لن تمنعه من رؤيتهما لكن هو ليس مستعدا لأي مواجهة الآن خاصة وهو في حالته السيئة تلك

 هتف بلوهاث وهو يبتعد عن الطفل الأكبر: كفاية كده يا حبيبي أنا تعبت قوي. 


كاد أن يتذمر الصغير لكن صوت والده الحازم أوقفه إذ أردف بجدية: مراد حبيبي سيب عمو رامي يرتاح

خد أخواتك وخشوا العبوا جوه. 


أومأ الصغير على مد وانصاعا لأوامر والده.

 بينما التفت حسن إلى شقيقه هاتفا بجدية سائلا إياه باهتمام: وبعدهالك يا رامي هتفضل كده لحد أمتي؟ 


أغمض رامي عينيه بحزن مغمغما بصوت يكسوه المرارة: مش عارف والله يا حسن أنا حساس أني عايش ميت آه والله التشبيه ده لايق عليا جدا.


 دنا منه شقيقه وجلس فوق الأريكة التي يجلس عليها هاتفا بجدية: طيب ما تحاول ترجع مراتك يا رامي متهيقلي أن مع المحاولات ممكن أنها تسامحك. 


هز رامي رأسه بعنف: استحالة تسامحني يا حسن أنت ما تعرفش غزل. غزل على قد ما هي طيبة ومسالمة وكانت بتحبني إلا أنها ما تقبلش أي حد ييجي على كرامتها أبدا. 


ربط فوق ساقه وقال: سبها على الله وكل حاجة هتتحل إن شاء الله بس دلوقتي عايزك تفوق لنفسك وترجع لشغلك تاني واذا كنت سبت البنك ده فأنت شاطر وألف مكان يتمناك 

 يلا بقا قم اغسل أيدك ووشك وتعال عشان نتعشى سوى. وبعد ما نتعشى حخلي نادية تعمل لنا كوبايتين شاي من أيديها الحلوين دول ونقعد أنا وأنت في البلكونة تشوف حل لمشكلتك دي ونحاول نلاقي طريقة نرجعك بيها لمراتك بإذن الله.


❈-❈-❈


بخجل شديد تقف أمام مرآتها تنظر إلى نفسها بعدم تصديق فقد قررت أن تمنح زوجها السعادة التي يستحقها 

فبعد أن تأكدت من عشقه لها قررت أن تكون له زوجة فعليه. 

وها هي ذي باتت جاهزة فقد أخذت حماما ساخنا وبعدها ارتدت منامة فيروزية قصيرة بالكاد تغطي فخـ ذيها تبرز مفاتنها بسخاء ونثرت عطرا مميزا وكذلك فعلت مع خصلاتها السوداء فباتت جذابة جدا كما أنها وضعت بعض مساحيق التجميل كي تبرز ملامح وجهها أكثر.

اتجهت نحو الباب وأخذت نفس عميق وزفرته على مهل ثم فتحته بهدوء مشطت الرضهة بعينيها بحثا عنه لكنها لن تجده فشعرت بخيبة الأمل وما أن أغمضت عينيها وفتحتها حتى أبصرته يدلف من المرحاض ينظر إليها بعدم تصديق.

خجلت من نظراته تلك حتى إنها كادت أن تعود أدراجها إلى الغرفة وتحمي نفسها من عينيه الجائعتان لكنها تجمدت مكانها عندما استمعت إلى صفيره يليه  صوته المميز الذي قال: إيه الجمال ده بس يا بيرو ده انا أمي دعيت لي النهاردة.


ابتسمت لا إراديا على كلماته تلك ولم تعقب.

فدنا منها حتى التصق بها ثم استطرد حديثه المعسول  بأنفاسه التي لفحت وجهها: أول مرة تلبسي كده من يوم ما اتجوزنا يا ترى اللي أنا فهمته ده صح ولا غلط؟


أخفضت عينيها أرضا ولم تعقب.

فرفع وجهها بسبابته وابهامه كي يتثنى له النظر إلى عينيها أكثر وغمغمة بحب: قوليها يا عبير قوليها عايز اسمعها منك عشان أتأكد أني في حقيقة مش بحلم.


 ازدردت ريقها بصعوبة وحاولت إخراج صوتها أيضا بصعوبة مغمغمة بهدوء: اللي أنت فهمته صح يا حبيبي أنا قررت أكون زوجة حقيقية لك مش بس على الورق أيوة يا رؤوف أنا بحبك قوي وعايزة أكون مراتك قولا وفعلا. 


رباه لولا خشيته من أن تتغير نظرتها له لقفز في مكانه وراح يصفق بقوة من شدة السعادة فها هي حبيبته الآن تطلب وصاله وهو الذي كان يحلم بتلك اللحظات منذ سنوات وسنوات. 

لم يتحمل ما يحدث له الآن فدنا منها أكثر واحتضنها بقوة وهو يتأوه ويغمغم من بين لهاثه: الحمد لله يا رب الحمد لله. 


تمسكت به كطوق نجاة وابتسامة كبيرة ترتسم فوق محياها فها هي قد نالت حظها من الدنيا أخيرا.

 وتمنت في تلك اللحظة أن يمن الله على ابنت عمتها صَبا ويمنحها السعادة التي تستحقها


❈-❈-❈


بخطوات هادئة تسير وهي شاردة في ذلك الرجل الوسيم الذي أرق تفكيرها في الآونة الأخيرة فقد كانت تراه باستمرار في حلمها وعلى الرغم من بغـ ضها له ولغـ روره المبالغ فيه إلا أنه كان يطاردها باستمرار في الأحلام. 

هزت رأسها بعنف كي تطرد صورته من رأسها فهتفت بحنق: ما تطلع بقى من دماغي ما أنت لو كنت جن ولا عفريت كنت رحت لشيخ قرا عليا ربع وطلعك دا أنت ارزل من العفريت يا راجل.


 انتفضت من مكانها عندما استمعت إلى صوت قهقهة رجولية بالقرب من أذنها فاستدارت باتجاه الصوت وصرخت بقوة مبالغ فيها: يخـ رب بيتك هو أنت ده أنا كنت لسه بشتم عليك دلوقتي. 


تعالت ضحكاته وازدادت حتى اهتز جسـ ده بالكامل فتلك الفتاة ستصيبه بجلطة من شدة صراحتها. 

تأملته بإعجاب لم تستطع إخفاؤه فضحكاته تلك أبرزت جماله وبياض أسنانه ناهيك عن الغمازتين اللتان ظهرتا بوضوح فغمغمت بصوت وصل إلى مسامعه: يا نهار أبيض يخـ رب بيت جمال امك هو فيه حلاوة كده يا أخي! 


رمقها بتعجب ألم تكن هذه التي كانت تسبه في سرها منذ قليل فهز رأسه بعدم تصديق مغمغما: ما هو أنتي يا إما مجنونة يا إما هبلة هو أنت يا بنتي مش كنتي لسة بتشتمي عليا دلوقتي واقفة قدامي وبتعاكسيني امال فين كسوف البنات اللي بيقولوا عليه؟ 

آه نسيت معلش ما هو أنتي مش من ضمنهم. 


رفعت كلا حاجبيها المنمقين بعد أن أطلقت شهقة من فمها صائحة في وجهه بطريقة سوقية أذهلته: نعم نعم نعم هي من دي اللي مش من ضمنهم يا جدع أنت ده أنا ستهم وربنا ايش فهمك أنت! 


كاد أن يضحك مرة أخرى لكن باقي كلامها جعله يكبتها إذ استطردت حديثها وهي تشهر سبابتها في وجهه: أنا بحذرك وعلى الله ألاقيك قدامي في أي حتة ولا حتى في الحلم أنا بقول لك أهو وإلا وربنا هاروح أبلغ عنك وأقول إنك بتراقبني فهمني يا أخينا أنت. 


ألقت كلماتها دفعة واحدة ومرت من أمامه كنسمة صيف باردة.

 تابعها بعينيه حتى اختفت عن مرمى بصره ثم أشرق وجهه بابتسامة كبيرة وهو يتذكر حديثها الأخير مغمغما بزهو مش عايزة تشوفني حتى في الحلم معنى كدة أنها بتحلم بيا طيب ماشي يا ست نورهان يا أنا يا أنت بقى وهتشوفي إن ما خليتك تلفي حوالين نفسك ما ابقاش أنا وليد يا مجنونة.


❈-❈-❈


دلفت إلى الخارج برفقة خالها وهي تحمد الله بداخلها لأن عمار لم يزعجها بالكلمات كعادته في الآونة الأخيرة لكن ما أحزنها كثيرا أنه حتى لم يتطلع في وجهها لكنها أقنعت ذاتها بأن لا تكون طماعة يكفيها أنه لم يوبخها اليوم.

 وأثناء سيرهما معا ظهرت زينة أمامهما وهي تحمل ابنتها لاتين ويتبعها الصغير ليث ملقية تحية المساء على الحاج سعد ومتجاهلة صَبا تماما. 

فعندما أبصرتها لاتين تركت والدتها وركضت تحتضنها هاتفة بطفولة: وحشتيني قوي يا صبا. 


ضمتها صَبا إلى صـ درها: وأنتي كمان وحشتيني قوي يا تينا عملتي إيه في الحضانة الفترة اللي فاتت دي؟ 


وقبل أن تجيبها الطفلة جذبتها زينة من يدها إليها هاتفة بغل: لاتين ما تتكلميش مع دي هي السبب في اللي حصل لبابا.


 نزلت كلمات زينة كالصاعقة على قلب صَبا المسكينة.

 فرمقها الصبي بكره ودنا من صَبا هاتفا موجها الحديث إلى والدته: بلاش نتكلم في اللي فات يا أمي علشان لو اتكلمنا ما حدش هيزعل إلا أنتي وبلاش تزعلي صَبا علشان هي الوحيدة اللي قربت مننا بعد ما رميتينا وروحتي اتجوزتي.


 ذهل الحاج سعد من كلام ذلك الصبي الذي لم يتعدى العاشرة من عمره. 

فتجاهلت زينة حديث الشاب الصغير واستطردت حديثها اللاذع: والله ده كلام أبوك مش كلامي وعموما يا حاج سعد أنا عايزة أتكلم معاك في موضوع مهم.


 رمقها الحاج سعد باشمئزاز

 فهتفت صَبا بصوت خافت: طيب أنا هسبقك يا خالي.


 أوقفتها زينة بإشارة من يدها: لا استني ما أنتي كمان لازم تسمعي الكلام اللي حقوله للحاج سعد

 من الآخر كده يا حاج أنا مش هينفع اقعد مع عمار في بيت واحد من غير جواز أظن ده ما يصحش وأنت راجل يعني حاجج بيت ربنا وما يرضيكش فعشان كده يعني أنا اتكلمت مع أخويا مصطفى وحكيت له وأحنا نكتب الكتاب إن شاء الله النهاردة بعد صلاة العشاء.


 انقبض قلب صَبا بين ضلوعها حتى كاد أن يتهشم من شدة الحزن ولم تتحمل المزيد فسارت بخطوات أشبه للركن هابطة الدرج وكالعادة دموعها تسبقها.

 بينما في الأعلى وزع الحاج سعد نظراته بين تلك الوقحة وبين أحفاده ثم هتف مخاطبا ليث بأمر: حبيبي خد أختك وادخلوا جوه وسبني أتكلم مع ماما شوية. 


إنصاع الطفل لأوامر جده.

 فوجه الحاج سعد حديثه إلى زينة التي تبتسم باتساع: وهتعمليها أزاي دي بقى يا زينة هتقولي لعمار إيه؟

 أنا اتطلقت واتجوزت واحد غيرك وبعدها...


 قاطعته بمكر: آه وماله يا حاج لو عايرني أقول له كده ما عنديش مانع بس استحمل بقى اللي يجري له

 بالعكس ده أنا هقول له إن هو اللي طلقني عشان كان يائس من الدنيا كلها 

أقول لك ما تشغلش دماغك أنا هقول له إيه المهم أنا عايزاك يعني تطلع تشهد على العقد ويا ريت تشوف واحد تاني أقول لك جيب رؤوف جوز بتك عبير أصلو يعني كان بيبص لي بقرف كده من فوق لتحت وأحنا في المستشفى فحبيت أخذ حقي منه بس بطريقتي بقى واكتر حاجة هتضايقة أنه يشهد على عقد جوازي أنا وعمار يلا يا حاج هستناك بعد العشا أنتى والمأذون وجوز بنتك المحروسة ويا ريت ما تتأخروش عشان كده مش في صالح حد.


 ألقت تهديدها في وجه الحاج سعد واتجهت بخطوات متمهلة إلى منزلها تاركة الآخر يشيعها بنظرات لو تقتل لسقطت قتيلة في الحال.


❈-❈-❈


 ولج إلى فلته وهو يشعر بالدهشة مما حدث معه كيف أنه لا يتذكر كل ما قد قصه الحارث عليه وهو لم يفعل تلك الجريمة قط نعم يفعل كل شيء محرم إلا أنه لم يجبر امرأة عليه فهذا في وجهة نظره إهانة لرجولته فهو اعتاد ان لا ترفضه امرأة فقد كان يغدقهن بكثير من الهدايا وهن يركعن تحت قدميه بملء إرادتهن.

 وأثناء شروده ظهرت أمامه تتمايل بجـ سدها الممشوق وثوبها الشبه عـ ار تسأله بصوتها الناعم: ها اتأكدت؟


 سلط بصره عليها وازدرد ريقه بصعوبة ولم يعقب فقد كانت تلك الفتاة رغم وجهها البريء جميلة بشكل يخطف الأنفاس ومثيرة حد الجنون

 دارت في رأسه أفكار منحـ رفة تجاهها دنا منها يجذبها إلى صـ دره وقبل أن يحتـ ضنها تجمدت أطرافه بأكملها عندما استمع إلى صوت يأتي من خلفه: بعد عنيها يا حيوان أنت.


 استدار مفزوعا فهو قد عرف هوية المتحدث قبل أن يراه لكنه فتح فاهه بدهشة عندما أبصرهم يلجون وكل منهم يحمل حقيبة كبيرة في يده.

 فوزع بصره بين الحقائب تارة وبين وجوههم التي لا تفسر تارة أخرى ولكن قبل أن يسأل أجابه أحدهم بثقة: احنا جينا نجعد حداكم كم يوم أكده نريح أعصابنا.


❈-❈-❈


بعد أن أنهت على مسامعه كذبتها التي حاكتها في منزل والدتها انخرطت في موجة من البكاء الكاذب كي لا تعطيه فرصة للتفكير.

 وهو بدوره لم يتحمل رؤيتها هاكذا بل كره ذاته لأنه أحزنها بتلك الطريقة فدنا منها ببطء يناسب حركته واحتضنها بقوة وراح يمسد فوق حجابها وهو يغمغم لها بكلمات مهدئة ثم ابتعد عنها هاتفا بامتنان حقيقي: أنا آسف يا زينة وبشكرك جدا على وقفتك جنبي رغم كل اللي حصل مني هو صحيح أنا مش فاكر أي حاجة من اللي أنت بتقوليها دي بس أنا زعلت قوي أني جرحتك بالشكل ده  وأكيد كان غصب عني للدرجة دي أنا كنت يائس بعد اللي حصل لي؟


 أومأت عدة مرات بتأكيد.

 فاطرق رأسه أرضا ولم يعقب

 فابتسمت بنصر فهي علمت الآن أنها نجحت في خطتها وعليها إكمال تلك الخطة بزواجها به مرة أخرى فدنت منه ترفع رأسه بيديها هاتفة بابتسامة: دلوقتي تعالى أساعدك عشان تغير هدومك عشان بابا الحاج سعد قال لي إنه هيجيب المأذون بعد صلاة العشا علطول.


 منحها ابتسامة صافية وأومأ لها بالموافقة. 


وبعد حوالي ساعتين التف الجميع حول المأذون الذي أنهى كتب الكتاب سريعا وأردف بجملته الشهيرة: بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير. 


عادت زينة إلى عمار مرة أخرى وعاد الألم أضعاف مضاعفة إلى قلب صبا.

أما عن عمار فقد شعر بالدهشة عندما أبصر الحزن يكسو أوجه الجميع وعلى الأخص وجه والده الذي لم يفسر

 فعلم أن هناك غضبا ما وقرر معرفته لكن عليه أن يفرح الآن بزواجه من حبيبته مرة ثانية وبعدها سيتحدث مع والده وصديقه فعليه أن يعرف ما الذي يخفيانه عليه.


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة