رواية جديدة لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 7
قراءة رواية لأنني أحببت
الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل السابع
خطبة
فوق فراشها تجلس وهي تحتضن وسادتها وتبتسم من وقت إلى آخر من يراها يظنها جنت بالفعل ثواني ودار في ذاكرتها ما حدث معها في الصباح مع الوسيم الذي عشقته منذ الوهلة الأولى أسندت بظهرها فوق الفراش وما زالت ابتسامتها ترتسم فوق محياها
بعد أن استقرت في مكتبه وطلب لها كوبا من القهوة والتي أصرت أن تكون سادة راحة يتأملها بتفحص ودقة وكأنه يحفر ملامحها في ذاكرته كي لا ينساها أبدا حتى لاحظت هي تحديقه بها فتنحنحت بخجل شديد مما جعله يرتبك ويبتسم ببلاهة هاتفا بحنق: تشربي ايه؟
ضحكت بقوة مغمغمة وهي تضرب كفا بالآخر: منا قلت هشرب قهوة وزمنها جاية دلوقتي.
وبالفعل انفتح الباب وولج أحد الرجال وهو يحمل صينية مستديرة الحجم عليها كوبين من القهوة ومثلهما ماء تقدم بخطوات رزينة ووضع الصينية فوق المكتب ثم انصرف مغلقا الباب من خلفه.
مدت يدها ملتقطة كوب القهوة وراهت ترتشف منه في بطئ مثير للأعصاب فهي تكره القهوة كثيرا لكنها فعلت ذلك كي لا يسخر منها كما فعل منذ قليل.
ارتشفت رشفة صغيرة كادت أن تبكي من فرط مرارة تلك القهوة لكنها ضغطت على نفسها وراحت ترتشف رشفات صغيرة والآخر يتابعها وابتسامة كبيرة تزين وجهه الوسيم فهو لاحظ منذ أن أمسكت بالكوب أنها لا تطيق القهوة
رغما عنه انفلت ضحكة كبيرة ثم هتف وهو يمد يده ويلتقط الكوب من بين يديها هاتفة في حنو بالغ أعجبها بشكل كثيرا: وليه تشربي حاجة انت ما بتحبيهاش ثواني وهطلب لك نسكافيه اكيد بقى بتحبي النسكافيه صح؟
هتفت باندفاع: بحبه قوي قوي بس يا ريت يكون بلاك وبلبن.
منحها ابتسامة كبيرة ثم أمسك بالهاتف وطلب لها كوب من النسكافيه ثم وضع السماعة وراح يتأملها مرة أخرى لكن تلك المرة سألها باهتمام: قولي لي بقى يا ست نور بتدرسي ايه؟
أجابته بهدوء: بدرس طب ما انا قلت لك قبل كده أني دكتورة.
شبك أصابعه في بعضها البعض ثم أسند بذقنه عليهم هاتفا: يا سلام هو انت عشان دخلت كلية الطب خلاص بقيتي دكتورة يا ماما انت لسه قدامك سنين كتير جدا.
تنهدت بقوة ثم غمغمت بثقة أعجبته كثيرا: هبقى دكتورة إن شاء الله ومش بس كده هطلع الأولى على الدفعة كل سنة وهحقق حلم أمي اللي عملت كل حاجة عشان تخليني أدخل الكلية دي وانا مستحيل أخزلها أبدا.
أعجبه إصرارها وحديثها عن والدتها بكل ذاك الفخر فلمعت عينيه بابتسامة مشرقة هاتفا بجدية: وانا متأكد انك هتبقي أشطر دكتورة في البلد انت عارفة يا نور برغم طولة لسانك دي وصوتك العالي وصفاتك اللي يعني زي الزفت إلا أني عارف إن من جواكي حد نضيف جدا.
رمقته بغضب ممزوج بحدة: بغض النظر عن كلمة الصفات اللي زي الزفت دي إلا إن كلامك عجبني أنا فعلا لساني طويل قوي بيقولو لي كده بس مش مشكلة ما هو ما فيش حد كامل بقى يعني انت مثلا شاب زي القمر وغني وابن ناس بس دمك تقيل وبارد ما تزعلش يعني أصل انا صريحة زيادة عن اللزوم.
قطب حاجبيه بدهشة ثم غمغمة بعدم رضا: دي مش صراحة دي وقاحة ما علينا.
وقبل أن يستطرض حديثه إنفتح الباب مرة ثانية وولج نفس الرجل وهو يحمل كوب النسكافيه أمامها ثم انصرف مرة أخرى.
التقطت الكوب بلهفة وراحت ترتشف منه باستمتاع شديد غافلة عن الذي يتابعها بنظرات ولهة
ران الصمت بينهما قليلا حتى قطعته هي: ألا قل لي يا أستاذ وليد انت خريج كلية ولا يعني ابن ناس؟
قطب حاجبيه بدهشة متسائلا: ابن ناس يعني ايه دي؟
أجابته وهي تضع كوب النسكافيه فوق المكتب: قصدي يعني انك اتولدت لقيت باباك ومامتك أغنيا يعني وكده وعملوا لك بقى المحلات بتاعة الشاورما المشهورة دي وبقيت يعني رجل أعمال وكده.
قهقهة بسخب مردفا من بين ضحكاته: أنا معايا دكتوراه وكمان ابن ناس.
وضعت ساقا فوق الأخرى وفردت ضهرها فوق الكرسي هاتفة بعنجهية: وأنا برضو بنت ناس ودكتورة يعني انا وانت بقينا زي بعض.
شهقت بقوة عندما نظرت إلى هاتفها الذي أضاء بإسم صديقة لها وهبت واقفة وهي تلتقت حقيبتها: ينهار أسود اتأخرت على الكلية عندي عملي النهاردة منك لله يا دكتور وليد يا ابن الناس.
هربت من أمامه قبل أن تستمع إلى أي رد منه تاركة إياه يشيعها بنظرات مندهشة ممزوجة بالإعجاب الشديد فتلك الفتاة مختلفة من نوعها مجنونة وهادئة. مرحة ومشاكسة.
استفاقت من شرودها على صوت والدتها الذي يصدح من الخارج هاتفة بصوت مرتفع بت يا نور تعالي سعديني في تحضير العشا.
❈-❈-❈
فتح الباب بمفتاحه الخاص ثم ولج مغلقا إياه من خلفه استمع صوتا يأتي من غرفة المعيشة فابتسم عندما وصله صوت طفلته تضحك بصخب فاتجه بخطوات متعسرة وهو يستند على عكازه حتى وصل إلى غرفة المعيشة ألقى تحية المساء فردها الصبي بصوته الحزين بينما الفتاة ركضت باتجاهه وعانقت ساقيه بذراعها وهي تهتف بسعادة: بابا وحشتنا قوي يا بابا.
انحنى بصعوبة طابعا قبلة عميقة فوق فروة شعرها ثم استقام موجها حديثه للصبي سائلا إياه باهتمام: ليث حبيبي عامل ايه وأخبار دراستك ايه؟
أجابه باختصار: الحمد لله يا بابا تمام.
دنا منه وجلس بجواره معانقا منكبه بذراعه مستطردا حديثه: مالك يا ليث مش طبيعي ليه يا ابني حسك انك فيك حاجة متغيرة؟
رمقه الطفل بأسف مغمغما بحزن شديد: ما فيش حاجة يا بابا انا بس زعلان على اللي حصل لحضرتك وبيحصل لك.
قطب عمار حاجبيه بدهشة متسائلا: بيحصل لي طب اللي حصل لي ده وفهمته ايه بقى اللي بيحصل لي دلوقتي؟
زفر الصبي بقوة ثم هب واقفا بعد أن ازاح ذراع والده بهدوء مغمغما في عجالة: بعدين حضرتك هتفهم يا بابا بعد ازنك بقى عشان كبس عليا النوم.
ألقى كلماته دفعة واحدة وانطلق تاركا إباه يقلب في رأسه ويتساءل بداخله عن مقصد ذلك الطفل الذي كبر قبل أوانه.
❈-❈-❈
وعلى الجانب الآخر تجلس برفقة والدتها تتحدثان فيما يحدث معها في تلك الفترة العصيبة فسألتها والدتها بلهفة: والدكتور وافقك يا زينة؟
أومأت لها بالإيجاب مغمغمة بثقة: وما يوافقش ليه يا اما وانا حبكتها عليه مظبوط والراجل يا عيني صدقني ده كانت الدمعة هتفر من عينه.
قهقهت والدتها مادحة ذكائها: والله برافو عليكي يا بت يا زينة أهو كده تعجبيني خليكي تكيدي الأعادي.
صكت على أسنانها بغضب حارق هاتفة بغل: مش هرتاح يا اما غير لما أخلص من البت دي وما تقلقيش انا بقى عندي الحل خصوصا بعد الكلام اللي قلته لعمار عنها النهاردة وهو برضو صدقني كالعادة يعني.
سألتها والدتها بإهتمام: كلام ايه يا بت؟
إعتدلت في جلستها وراحت تقص على والدتها ما حدث بينها وبين زوجها في السيارة في طريق عودتهما إلى المنزل
والأخرى تستمع إليها بإهتمام وتركيز وكلما توغلت في الحديث شعرت بأن التي تقبع أمامها ليست امرأة عادية وإنما حية تبخ ثمها غير عابئة بما يحدث معها فقاطعتها بخوف: الطريق اللي انتي ماشية فيه ده خطر قوي يا زينة.
أجابتها وهي تهم بالذهاب ما تخافيش عليا يا امه كل حاجة مترتبة هنا.
قالتها وهي تشير بسبابتها على رأسها ثم انصرفت وهي تهتف بصوت وصل إلى مسامع والدتها: يلا فوتك بعافية بقى عشان انا اتأخرت وزمان عمار رجع البيت من بدري.
❈-❈-❈
أثناء تناولهم لوجبة العشاء استمعوا إلى صوت قرع جرس الباب فهبت نور واقفة كي ترى من الطارق و
ما هي إلا ثواني حتى أبصرت صَبا أمامها وعلى وجهها أثر بكائها سألتها بلهفة وهي تفسح لها الطريق كي تلج: صَبا مالك ووشك عامل كده ليه؟
أجابت على سؤالها بسؤال: خالي جوة يا نور؟
أومأت لها بالموافقة.
فتركتها وولدت وهي تنادي عليه بصوتها المبحوح من أثر بكائها بينما الأخرى أغلقت الباب وتبعتها للداخل.
ألقت تحية المساء بصوت متعب ثم هتف الحاج سعد وهو يشير فوق أحد المقاعد المجاورة له: تعالي الأول اتعشي معانا وبعدين قولي اللي انت جاية عشان تقوليهولي.
هزت رأسها نفيا مغمغمة بحدة طفيفة: انا مش جاية عشان آكل يا خالي انا جاية علشان أقول لك اني تعبت تعبت من كل اللي بيحصل معايا.
ترك الحاج سعد الطعام من يده ثم هب واقفا وجذبها من يدها وأجلسها فوق الأريكة وجلس بجوارها وهو يسألها باهتمام: ايه اللي حصل معاكي يا صَبا ووصلك للحالة دي؟
سقطت دموعها واحدة تلو الأخرى وراحت تقص عليه ما حدث من زوجها منذ قليل.
والآخر يستمع لها وأمارات الحزن ترتسم جليا فوق قسمات وجهه
فمد يده ومسح دموعها بأصابعه وغمغم بجدية: حقك عليا يا بنتي أنا السبب في كل اللي بيحصل لك ده أنا اللي جيت لك في الأول وطلبت منك انك تتجوزيه ودلوقتي أنا اللي جيت عليكي برضه وجوزته زينة لو كان حد لازم يتلام في اللي حصل لك ده فهو أنا مش عمار صدقيني يا بنتي عمار عامل شبه الطفل الصغير دلوقتي وبيصدق كل كلمة تتقال له خصوصا من العقربة اللي اسمها زينة بس أوعدك اني بكرة هروح للدكتور بنفسي وهحاول أشوف حل لمشكلتك دي انا مش هسيبك تنهاري قدام عيني واقف أتفرج عمار ابني صحيح بس انت كمان بنتي ونور عيوني يا صبا.
تعالت شهقاتها وارتمت بين أحضـ ان خالها ودموعها تأبى التوقف.
بينما نور ووالدتها ظلتا تنظران لبعضهما وأمارات الحزن ترتسم على وجهيهما
فتلك المسكينة عانت الأمرين مرارة فقدها لحبيبها ومرارة رؤيته مع امرأة أخرى.
❈-❈-❈
عند منتصف الليل ولجا وهو يترنح من كثرة المشروب الذي احتساه والآخر يتبعه وابتسامة كبيرة تزين وجهه فالآن سينفذ ما خطط له منذ وقت.
نادى على شقيقته بصوت جهور: قمر أنتي يا قمر.
هبطت الدرج ودنت منه تسأله بنعاس: إيه اللي مصحيك كده وبعدين ما بتتكلمش صعيدي ليه؟
أجابها وهو يشير على حسام الذي ألقى بجسده فوق الأريكة الذهبية: ما هو زي ما أنتي شايفاه أهو سكران طينة ودلوقتي بقى نتمم مهمتنا اللي جينا عشنها.
سألته بابتسامة: بجد.
أومأ لها عدة مرات ثم أردف: دلوقتي بقى تعالي ساعديني عشان ندخله مكتبه ونخليه يمضي من غير ما يحس بأي حاجة خالص وبعد كده نبقى تشوف هنعمل إيه بس لما التوكيل الرسمي يكون في جيبي عشان أقدر أبيع لنفسي كل حاجة وبعدها نرميه رمية الكلاب في الشارع عشان نبقى انتقمنا لأختنا وكمان انتقمنا لعمار هنداوي المسكين.
ضحكت الفتاة بقوة وهي تشعر بالنصر فالآن ستنتقم لشقيقتها وتنتقم لكل شخص ظلمه ذلك الجبار الذي لم يترك شيئا حراما إلا وفعله.
❈-❈-❈
في اليوم التالي ذهب الحاج سعد إلى ذلك الطبيب الذي أجرى لعمار الجراحة كي ينفذ وعده لصَبا.
وها هو ذا يجلس قبالته فوق مكتبه يساله باهتمام: إيه الأخبار يا ابني عمار هترجع له ذاكرته أمتى؟
تردد الطبيب قليلا ثم أجاب على سؤاله بسؤال: هو أنت يا حاج مش خايف أنه ترجع له ذاكرته؟
قطب الحاج سعد حاجبيه هاتفا بدهشة: أخاف أن ابني يتعافى وترجع له ذاكرته إيه الكلام اللي أنت بتقوله كده يا دكتور؟
ده أنا بتمني ترجع له ذاكرته النهردة قبل بكرة عشان الكدية اللي احنا معيشينه فيها.
تساءل الطبيب باهتمام: كدبة كدبة إيه؟
أجابه الحاج سعد باختصار: كدبة مراته اللي هي مش مراته.
تقصد مدام زينة يعني يا حاج؟
أومأ له عدة مرات بالموافقة.
فهنا أيقن الطبيب أن هناك خطأ ما وان حديث المدعوة زينة بخصوص ما قصته على مسامعه بخصوص عمار غير صحيح فتنهد بحرارة وراح يقص على الحاج سعد ما حدث بينه وبين هذه المرأة
والآخر كلما استمع إلى
حديثه غلا الدم في عروقه وتمنى أن تكون زينة أمامه الآن ليهشم رأسها ويقطع لسانها عما اقترفته في حق ابنة أخته المسكينة.
فبعد ما انتهى الطبيب هتف الحاج سعد بغل: بنت ال... بقى تفتري على صَبا الغلبانة وكمان تفهمك ان عمار هو اللي انتحر عشان خاطر ما ترجعلهوش الذاكرة ماشي وديني لمفرجها ودلوقتي بقى يا دكتور أنا عايزك تسمع اللي هقوله لك دوت وتنفذهولي بالحرف الواحد وأكون شاكر لو ما حدش يعرف اللي حصل بينا ده أو بالأحرى ما حدش يعرف أن أنا جيت لك هنا أصلا.
أومأ له الطبيب بالموافقة وراحا ينصت له بتركيز شديد.
❈-❈-❈
شعور بالدهشة اجتاحها عندما لم تجدها مستيقظة كعادتها اليومية فسارت بخطوات أشبه بالركض كي ترى ماذا بها فلربما كانت مريضة
صدق حدسها عندما أبصرتها ممددة فوق الفراش مغمضة العينين.
دنت منها تهزها برفق: صَبا صبا مالك يا حبيبتي؟
قطبت حاجبيها بدهش عندما لم تجد ردا فلطالما كان نومها خفيف.
عادت الكرة مرارا وتكرارا فسقط قلبها بين قدميها فلربما فعلت بنفسها شيء فهي في الآونة الأخيرة غير متزنة نفسيا.
دنت منها أكثر وراحت تتحسس جبينها فشهقت بقوة عندما وجدت حرارتها مرتفعة
هرولت للخارج وهي تنادي على زوجها بصوت أشبه للصراخ: يا كامل يا كامل تعال الحقني البت صَبا سخنة نار وما بتردش عليا.
شعر والدها بالقلق الشديد واتجه للداخل وهو يدعو الله أن تكون ابنته بخير صاح بقوة: أنت واقفة عندك بتعملي إيه يا سعاد ما تطلبي الدكتور خلية يشوف مالها مش معقول شوية سخونية يعملوا فيها كده.
انعقد لسان الحاجة سعاد فساورتها الشكوك التي ترجمتها إلى كلمات مردفه بخوف شديد: تفتكر البت عملت في نفسها حاجة؟
صاحا بقوة: إيه اللي أنتي بتقولبه ده بنتك صَبا عارفة ربنا كويس هي السخونية لما بتكون عالية بتعمل أكتر من كده أنتي إيه هتفضلي ترغي كده كثير وتسيبي البت أقول لك أوعي أوعي من وشيء خليني أروح اطلب الدكتور عشان نطمن عليها.
افسحت له الطريق ليمر بينما هي ذهبت إلى الفراش وراحت تحاول إيقاظها لكن دون جدوى فقررت أن تذهب إلى المطبخ وتعد إناء من الماء وقماشة نظيفة كي تضعها فوق جبينها من أجل تخفيض الحرارة.
❈-❈-❈
بعد أن تناول إفطاره جلس في الشرفة ونيران الغضب تتأجج من قلبه فهو لم يتوقع يوما أن تكون ابنة عمته بهذه الأخلاق لطالما رآها قديسة لا تخطئ أبدا كان يتمنى مذ كانو صغارا بأن يتحلى كل عائلة هنداوي أو بالأحرى كل فتياتها بتلك الأخلاق التي عليها صَبا لكن يبدو وأنه كان قناعا ترتديه فحسب.
استدار عندما شعر بزوجته تجلس فوق المقعد المجاور له وهي تضع كوبا من الشاي فوق المندضة المتوسطة الصغيرة التي أمامه وهي تهتف بخبث شديد: مالك سرحان كده ليه يا حبيبي فيه حاجة مزعلاك؟
منحها ابتسامة مهزوزة ثم هز رأسه نفيا.
فاستطردت حديثها المسموم: لا انا عارفة انت ايه اللي مزعلك أكيد موضوع صَبا طبعا انا عارفة قد إيه انت بتعزها زي أختك وما تقبلش ان حد يتكلم بالوحش عليها لكن في حل يخلصكم من الموضوع ده كله.
رمقها باهتمام جارف وسألها بلهفة: حل حل إيه يا زينة؟
صمطت قليلا ثم هتفت بمكر شديد: إن صَبا تتخطب: لوقت قصير كده وبعدين تتجوزه مش انت بتقول إن كان في ناس كتير عايزة تتجوزها؟
أومأ لها بالموافقة.
فتابعت: يبقى تشوف أكتر واحد مناسب لها واتجوزها له واعتقد يعني إن ما حدش هيعترض خصوصا إنها يعني بقت سمعتها...
قاطعها بحدة: خلاص يا زينة سيبيني لوحدي دلوقتي.
رمقته في غضب مستتر ثم هبت واقفة وسارت للداخل وهي تبتسم بداخلها فهي تعرف زوجها عن ظهر قلب وتعرف أنه سيأخذ حديثها بعين الاعتبار.
وبالفعل هتف عمار: أيوة هو ده ما فيش غيره أحسن واحد مناسب لها.
التقط هاتفه الموضوع أمامه فوق المنضدة وبحث عن رقم هاتفه ثم وضعه فوق أذنه وانتظر الرد فاستمع إلى صوته على الطرف الآخر يقول: اهلا اهلا يا باشمهندس عمار.
تنهد بقوة ثم هتف دون مقدمات: كامل أنا كنت عايز أتكلم معاك في موضوع مهم فاضي تيجي لي شوية؟
صمت يستمع صوته على الطرف الآخر: عيوني خمس دقايق بالظبط وهكون عندك.
أغلق الهاتف وهو يرتب الكلمات التي سيستخدمها للتحدث مع ذلك الخطيب القديم وبالفعل بعد دقائق قليلة وصل كامل وألقى تحية السلام ثم جلس قبالته ينتظر حديثه والذي كان بمثابة صدمة بالنسبة لكامل إذ هتف عمار بدون مقدمات: انت مش كنت عايز تخطب صَبا بنت خالي من فترة كبيرة وانا رفضت دلوقتي انا ما عنديش مانع تقدر تحدد يوم وتيجي تطلبها والمرة دي صدقني ما حدش هيرفض ابدا.
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية