-->

رواية جديدة لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 1


قراءة رواية لأنني أحببت

الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 

الفصل الأول

 معاناة



دعني اتنفس عشقك 

حتى يبلغ العشق منتهاه


خليني احيا بقربك

 بدون وجع او معاناة.


العشق كفيلا بان يجعلك

 كالطير تحلق في سماه. 


فما اجمل الحبيب الذي

 يذكرك بدعوة في كل صلاة.


بقلمي (بسمة بدران)


❈-❈-❈


 انقضى شهر كامل على الجميع شهر بمثابة ضهر.

 شهر عاشه عائلة هنداوي في معاناة كبيرة بالأخص صَبا التي لم تذق طعما للنوم أبدا فقط تقضي ليلها ونهارها في البكاء فقد ضاع كل شيء منها ببساطة تحطمت كل أحلامها أحلامها التي لم تكتمل بعد.

 كانت طوال ذلك الشهر المنصرم تذهب إلى المشفى تراقب زوجها وحبيبها من بعيد وتشاهد غريمتها وهي تتدلل عليه تطعمه بيدها وتسقيه جرعات من الحب الكاذب. 

وهو سعيد بكل ما تفعله له.

 رباه كم هي قاسية تلك الحياة تفعل كل شيء عكس ما نتمناه وكأنها تعاندنا. 


في الصباح ذهبت كعادتها إلى المشفى كي تطمئن عليه لكن في هذا اليوم كانت تشعر بوخزة قوية في قلبها

 وقفت أمام مرآتها تنظر إلى وجهها الذابل كوردة في فصل الخريف فبعدما كانت زهرة ندية تملأها الحيوية والنشاط باتت غير مقبلة على الحياة.

 فلو أتاها الموت ذلك الوقت ستستقبله برحابة صدر.


 انتهت من وضع حجابها ثم دلفت للخارج

 فأبصرت والديها يجلسان على مائدة الإفطار وملامح الحزن ترتسم جليا فوق قسمات وجههما

 فألقت تحية الصباح بصوت حزين ثم هتفت بهدوء: أنا هروح أطمن على عمار النهاردة حد حييجي معايا؟

 رمقتها والدتها بحزن بينما والدها هز رأسه نفيا مردفا بتعاطف: يا بنتي ما تتعبيش نفسك الدكتور قال كلها كم يوم وهيخرج وبعدين يعني...

 قاطعته باحترام: ما ينفعش يا بابا حضرتك ما تنساش أنه لسه جوزي مهما حصل ده غير أنه ما لهوش زنب في اللي بيحصل ده. 


هتفت والدتها بصخط: كله من العقربة اللي اسمها زينة.


 هتفت منهية الحديث: ما فيش داعي للكلام ده دلوقتي يلا بعد أزنكم أنا اتأخر كده.


 تبعاها بأعينهم حتى دلفت للخارج مغلقة الباب من خلفها. 

فهتف والدها بحزن: لا حول ولا قوة إلا بالله مسكينة يا صَبا وكأن الفرح حالف ما يدق بابك أبدا.


 أومأت والدتها ولوت شفتيها بعدم رضا: وده اللي خدته من الجوازة السودة دي يلا لله الأمر من قبل ومن بعد.


❈-❈-❈


بخطوات واثقة ولجت إلى مكتبها وابتسامة سعيدة تزين وجهها البريء فقد استطاعت خلال ذلك الشهر تعلم كل شيء يخص عملها الجديد وعلى الرغم من حزنها الشديد بما آلت إليه الأمور مع شقيقتها الكبرى إلا أنها لم تقصر في عملها قط بل أصبحت تحبه وتعطي له الكثير من وقتها وبالطبع لم تقصر مع ابنتيها بل بالعكس زادت تعلقا بهما

 فيبدو أن هذا العمل أعطاها ثقة كبيرة في نفسها كما أنه جدد إليها الحياة مرة أخرى جعلها تشعر بأنها أصبحت ذات أهمية في حياتها وحياة الآخرين كما أنها تعرفت على جانب جديد في شخصيتها لم تعتده أبدا فقد أصبحت نشيطة تملك شخصية جادة وحازمة في بعض الأوقات ناهيك عن الرزانة التي لم تكن فيها من قبل


 عكس رامي طليقها الذي أهمل عمله بشكل كبير أصبح كسولا كثير الشرود والبكاء في بعض الأحيان يجلس في منزله طوال الوقت حتى أنه لم يعرف هو في أي يوم أو شهر وكأنه غاب عن لذة الحياة بأكملها.

 شعر بالندم الشديد فبعد ترك رغد له شعر بالوحدة والانكسار ناهيك عن الندم الذي بات يؤنس وحدته في تلك الآونة

 وها هو ذا يجلس في شرفة المنزل يدخن بشراهة كبيرة وهذه العادة لم تكن فيه من قبل ثواني وشرد في شيء حدث له قبل شهر كامل. 


فقد ولج إلى منزل رغد أبصرها تحزم أمتعتها فدنا منها يتوسلها ببكاء مردفا بلهفة: رغد أبوس أيدك راجعي نفسك تاني ما تسيبينيش أنا بقيت لوحدي.


 أغلقت سحاب حقيبتها الكبيرة ثم استدارت له ترمقه بحزن مغمغمة بمرارة: هالشي مستحيل يا رامي هلأ أنا عرفت شو يعني الظلم صدقني البعد لنا أفضل أنا راح أسافر خسرانه كل شي لكن أنت لا قدامك فرصة روح لمرتك ورجعها ألك خبرها أنك كتير ندمان وغزل طيبة راح تسامحك.


 هز رأسه نفيا عدة مرات هاتفا برجاء خالص: غزل عمرها ما هترضى ترجع لي تاني أبوس أيدك يا رغد خليكي معايا أنتي لو سبتيني أنا هموت صدقيني هموت. 


دنت منه وأمسكت بكلتا يديه هاتفة بإصرار وتأكيد: ما راح تموت يا رامي ما راح تموت صدقني أنت ما حبتني أنت حبيت الشي اللي كنت عم أعطيك إياه لكن أنت بتحب غزل وبتحب بيتك وبناتك وهن يستحقوا الحب ويستحقوا المحاولات ارجع لعند غزل وأطلب العفو ومرة بعد مرة راح تسامح.


 منحته نظرة حزينة ثم استدارت ملتقطة حقيبة يدها الكبيرة هاتفة بصوت يقطر ألما: بشرفك على خير يا رامي. 


استفاق من شروده ثم نظر إلى الفراغ وبعدها تطلع إلى السماء هاتفا بتضرع: يا رب.


❈-❈-❈


إيه ده يا حاج سعد هو أنت لسة نايم!


 تلك الكلمات هتفت بها السيدة صباح التي ولجت غرفة نومهما للتو.

 فتح عينيه المثقلتين من أثر النعاس بصعوبة مغمغما بحنق: طيب طيب هو الدنيا هتطير يعني وعمار ده مش قادر يستنا المدة اللي الدكتور قايل عليها لما لقى نفسه بقى كويس عايز يطلع دلوقتي.


 دنت منه راسمة ابتسامة صغيرة فوق شفتيها وجلست بجواره فوق الفراش مردفه بهدوء: ما صدق يا حبيبي لقي نفسه كويس وماشي على رجله فرحان زي العيال الصغيرة ربنا يتم شفاه على خير والله أنا لما شفته امبارح ماشي على رجله كده حتى لو بالراحة قلبي انشرح بس خسارة يا فرحة ما تمت.


 احتقن وجه الحاج سعد من الغضب وهتف بحدة طفيفة: قصدك الزفـ تة اللي ما تتسماش عموما هانت قريب جدا كل حاجة هترجع لمسارها الطبيعي ما هو أنا مش هسمح لعمار انه يتخدع تاني ده غير صَبا اللي ما لهاش زنب في أي حاجة ولسه برضو مستحملة وبتحية. 


قاطعته بلهفة: والله يا حاج أنا كل يوم بشوفها بتدبل أكتر من اليوم اللي قبله كأن البت دي مش مكتوب لها تفرح أبدا. 


فتح فاهه ليتحدث لكن ولوج نور كالإعصار جعله يغلق فمه إذ هتفت بلهفة: إيه ده أنت لسة في السرير يا بابا أنا خلصت الفطار يلا بسرعة عشان عايزة اجي معاكم أشوف عمار وبعد كده أجري على الكلية عندي عملي النهاردة. 

برمت شفتيها بعدم رضا عندما لم تجد ردا فدنت من الفراش أكثر وهتفت بصوت مرتفع قليلا: هو أنتم واكلين سد الحنك على الصبح ولا إيه يلااا بقول لكم البيض هيبرد أنا حسبقكم وربنا لو ما حصلتوني ما هتلاقوا فطار أنا نيمة جمانة وما أدراكم بقى لما أنام جمانة.


 ألقت كلماتها دفعة واحدة ودلفت للخارج كما ولجت منذ قليل تاركة زوجين من الأعين يتابعانها باستغراب شديد

 ثواني وانطلقت ضحكاتهما على تلك المشاكسة الصغيرة.


❈-❈-❈


وعلى الجانب الآخر وبالتحديد في مطعم سلام

 يجلس شارد الذهن

 فمنذ أكثر من شهر وهو يتجنبها تماما يتجنب الالتقاء بها ورؤيتها فقد كان يأتي بعد ميعادها الصباحي ويذهب قبل المساء كي لا يلقاها وكأنه بتلك الطريقة يمنع مشاعره من التحرك نحوها

 لكن هل يا ترى الابتعاد حقا يتحكم في مصاير القلوب هذا ما سنعرفه مع وليد الذي هب مفزوعا عندما شعر بأحدهم يضع كفه فوق منكبه

 فاستدار ليرى هوية الفاعل وسرعان ما ابتسما عندما أبصر تسنيم تقف أمامه تهتف بلهفة فين ساندوتشات الشاورما بقول لك جعانة جعانة جعانة.


 ضحك بقوة مغمغما بحنق: خضتيني يا شيخة كل ده عشان ساندوتشات الشاورما ما تروحي تطلبيهم بنفسك وبعدين أنت مفكرة نفسك يعني عميلة بتتصلي بيا وبتقولي لي أجهزهم لك يا بنتي ده أنت شريكة في المحل.


 جلست بجواره واضعا ساقا فوق الأخرى هاتفة بغرور: طب يلا يا اسمك إيه قوم هات لي الشاورما علشان أنا مستعجلة.


 ضربها فوق رأسها بقوة متوسطة هاتفا بحدة: يلا يا شاطرة قومي من هنا علشان هنرش ميه ده محل أكل عيشي يلا قومي. 


سألته دون مقدمات: كنت سرحان في إيه يا ليدو قبل ما تتخض الخضة الوحشة دي؟


 أجابها بتلعثم: لا خالص أنا بس كنت هادي شوية.


 ابتسمت بسخرية: هادي شوية هادي شوية نشرب قهوة في حتة بعيدة تعزمني على نكتة جديدة وخلي حساب القهوة عليا. 


قاطعها بإشارة من يده: ظريفة قوي أقول لك أنا هروح أجيب لك الشاورمة أحسن.


 ألقى كلماته واندفع ينفذ ما قاله تاركا أخته تدعو له بتضرع: ربنا يريح قلبك يا وليد يا أخويا ويسعدك ويا رب تكون حالة السرحان اللي أنت فيها دي حب جديد.


❈-❈-❈


ولج إلى مكتبها بعد أن طرق طرقات خفيفة ملقيا تحية الصباح عليها ومن ثم جلس فوق الكرسي المقابل لمكتبها.

 رفعت عينيها من فوق الأوراق سائلة إياه بابتسامة خفيفة: أستاذ كريم في حاجة؟


 أجابها وهو يهز رأسه نفيا: لا خالص أنا بس حبيت اجي أشوفك. 


رفعت كلا حاجبيها بدهشة مغمغمة باستغراب: تشرفني!


 أجابها متلعثم: قصدي أشوف شغلك يعني.


 هزت رأسها بعدم اقتناع فباغتها بسؤال لم تحسب له حساب: هو أنت اتطلقتي ليه يا مدام غزل؟


 صكت على أسنانها بغضب وأجابته بفظاظة: أظن أحنا في مكان شغل يا أستاذ كريم وما يخصش حضرتك أنا اتطلقت ليه كل اللي يخصك بس شغلي وأظن أنا شغلي مش محتاج أن حضرتك تيجي تطمن عليه خصوصا انك بتراجع ورايا أول بأول

  ومش عشان حضرتك صاحب المكان يبقى تتفضل تيجي وتروح على كيفك كده أنا واحدة منفصلة وحضرتك عارف أن كلام الناس كتير خصوصا اللي في الأماكن المقفولة زي الشركات وغيرها

 عشان كده -من فضلك-  لو احتجت حاجة تطلبني بالتليفون وأنا هاجي لك بنفسي ودلوقتي بقى بما أن حضرتك مش عايز مني حاجة يا ريت تتفضل عشان ورايا شغل كتير.


 رانا الصمت بينهما بعد انفجارها كالقنبلة الموقوتة في وجهه فقد كانت تتوقع رد فعل غير الذي هو عليه الآن كانت تتوقع أن يصرخ في وجهها أو يطردها خارج العمل فهي تجاوزت كثيرا معه لكنها تشعر بأنها على حق ولا يحق لأحد التدخل في حياتها الخاصة.

 زفرت بقوة عندما أبصرته ما زال صامتا فقط يحدجها بنظرات غير مفهومة.

 كادت أن تتحدث مرة أخرى لكنه هب واقفا يرمقها بابتسامة غريبة هاتفا بهدوء مريب: شوفي شغلك. 


تابعته بنظرات متعجبة حتى دلف للخارج مغلقا الباب من خلفه بهدوء.

 هزت رأسها بعدم تصديق: أكيد الراجل ده عبيط يا إما عبيط ما هو حاجة من الاتنين.


❈-❈-❈


بعد أن انتعل حذائه وقفا أمام الباب ينتظرها ريثما تنتهي

 مرت بضع دقائق فشعر بالحنق فغمغم بصوت خافت: استغفر الله العظيم يا رب بتعمل إيه كل ده جوة هما الستات كده على طول متأخرين!


 انتفض من مكانه عندما استمع إلى صوتها القريب من وجهه تسأله بابتسامة سمجة: بتقول ايه يا رؤوف يا حبيبي؟


 أجابها بهدوء بعد أن رسم ابتسامة صفراء على محياه: بقول أنا مش عارف اتأخرتي كده ليه بس يا بيرو وأنتي اللي مصحياني من النجمة عشان نروح نطلعه من المستشفى وكأننا نطلعه من النيابة يعني ومحتاج ضامن

 ما يطلع يا ستي من المستشفى وبعدين نبقى نروح نزوره.


 أطرقت رأسها أرضا ولم تعقب

 فشعر بأنه أغضبها فدنى منها مطوقا منكبيها بذراعه هاتفا وهو يقرص وجنتها بيده الأخرى: أنت اتقمصتي زي العيال الصغيرة بهزر معاكي يا بيرو ما أنت عارفة أن الواد عمار ده مش بس صاحبي ده أخويا. 


رفعت رأسها تسأله بلهفة: بجد يعني أنت مش زعلان أني صحيتك بدري؟


 هز رأسه نفيا وهتف بنعومة أذابتها كليا: أنا ازعل منك برضو يا بيرو ده أنا ازعل من الدنيا كلها لكن أنتي لأ ده أنتي حياتي كلها.


 أشرق وجهها بابتسامة جميلة ودنت منه تعانقه بلهفة وتحمد الله بداخلها لأنه منحها زوج كرؤوف.

 فبعد أن استقرو في منزلهما الجديد راح رؤوف يغدقها بالكثير من المشاعر التي يكنها لها.

 وهي بدورها كانت تفعل كل شيء في وسعها لإسعاده.

 فبعدما تحدى والدته من أجلها شعرت بأنه لا يحبها فحسب بل يعشقها فقررت أن تمنحه فرصة للتقرب منها

 وهي ايضا فعلت هذا حتى تطورت علاقتهما كثيرا فقررت بالأمس أن تعطي أيضا علاقـ تهما الزو جية فرصة لكنها استحت أن تخبره بذلك فقررت أن تنتظر ريثما يستقر أخيها في منزله وبعدها ستبدأ حياة جديدة بكل ما تحمله الكلمة من معنى مع ذلك الرجل الشهم الذي تحدى كل الظروف والعادات والتقاليد من أجلها هي فقط. 


بينما هو فقد كان يحلق في السماء من فرط سعادته فكلما تقربت منه عبير خطوة يتقرب منها هو ألف لكن هل يا ترى ستظل حياتهما هكذا نقية لا يشوبها شائبة أم أن للقدر رأي آخر؟


❈-❈-❈


استيقظ مفزوعا من نومه على صوت صراخ مرتفع بجواره

 ففتح عينيه بلهفة وراح يمشط غرفته بحثا عن مصدر الصوت وسرعان ما ارتفعت حدقتاه في دهشة عندما أبصر فتاة صغيرة عا رية بالكامل بجواره.

 استقام بجزعه وهو يستدير يمينا ويسارا ويهز رأسه بعنف كي يتذكر ما حدث معه بالأمس ويتساءل لماذا تصرخ تلك الفتاة؟ 

وقبل أن يتذكر ما حدث معه استمع إلى صوتها الباكي بعدما جلست بجواره: يا فضـ يحتي أنا هاعمل إيه دلوقتي أهلي لو عرفوا هيموتوني ويموتوك.


 أجابها بصعوبة: طيب بطلي صوات وفهميني إيه اللي حصل هيموتوني ويموتوكي ليه؟ 

هو مش أنتي جيتي لي هنا برجلك؟ 


 اغتاظت من حديثه اللاذع ذاك وهتفت بصوت مرتفع: نعم نعم جيت لك برجلي لا يا حبيبي ده أنت اللي جبتني هنا غصب عني وعندي شهود على ده 

ده غير أنك هددتني بمسدس لو ما جيتش معاك هتقتلني وأنا الصراحة خفت على عمري آه ما هو العمر مش بعزقه ومش بس كده ده أنت اغتصـ بتني عارف يعني إيه اغتصـ بتني وأنا لسه بنت وشوف بقى يا حلو عقوبة الاغتصـ اب إيه يعني رقبتك الحلوة دي هتطير.


 شعرة بالتيه مما يحدث معه فهو لم يتذكر الهراء الذي تتفوه به تلك الفتاة الساقطة من وجهة نظره ففتح فاهه ليعترض لكنه اغلقه على الفور عندما استمع إلى صوت جلبة في الخارج يتبعها اقتحام الغرفة من رجال يرتدون جلابيب صعيدية فهتف أحدهم: نهار أبوكم أسود وكمان جاعدين لي في السـ رير من غير مدوم ده أنتم وجعتكم مربربة ومطينة بطين.


 انهمرت دموع الفتاة وهتفت بتوسل: أرجوك يابا اسمعني والله هو اللي جابني هنا غصب عني وبعدين أنتم أزاي جينوا من البلد بسرعة كده ومين اللي بلغكم. 


هتف آخر وهو: ده كل اللي فارق معاكي يا فاجـ رة وديني لاكون مفرغ طبنجتي فيكي وفي الكلب ده. 


جف حلق حسام من الخوف وهتف بتلعثم: استهدة بالله  يا حاج طبنجة إيه وكلام فاضي إيه أنا ما عملتش حاجة. 


قاطعته الفتاة بصراخ: نعم ما عملتش حاجة أنت هتلبسها لي لوحدي ولا إيه؟

 طب اسمع بقى يا أبويا الراجل ده چابني هنا بعد ما هددني بمسدسه واغتصـ بني غصب عني حتى اسأل البواب بتاع الڤيلا بتاعته.


 وجه الرجل حديثه لحسام الذي فتح فاهه من الدهشة والخوف معا: صح الكلام اللي بتجوله البت ده يعني أنت اغتصـ بتها يبجى اتشاهد على روحك عاد ولا شهادة إيه لخسيس زيك أنت ما عندكش فرصة أنك تتشاهد.


 وجه سلاحه في وجه حسام الذي هب واقفا متناسيا بأنه عار تماما ورفع يده باستسلام هادرا بعنف: لا لا لا ادوني فرصة اشرحلكم أقول لكم ادوني فرصة أفهمكم أقول لكم اهدوا بس وهعمل لكم اللي أنتم عايزينه.


 تبادلوا النظرات بينهم لعدة ثواني حتى هتف أحدهم يبقى تتچوزها عاد.


❈-❈-❈


على حافة الفراش تجلس بجواره تطعمه بيدها وابتسامة كبيرة تزين وجهها. 

امسك يدها وقبلها بعد أن وضعت بضع اللقيمات الصغيرة في فمه هاتفا بإرهاق: كفاية بقى يا زينة يا حبيبتي والله ما عدت قادر أنتي بتزغطيني كأني بطة.


 أمسكت بيده هي الأخرى وطبعت قبلة طويلة في باطنها مغمغمة بصدق: أنت تعبت قوي الفترة اللي فاتت يا عمار ولازم تتغذى عشان تعوض

 ده أنت حتى كنت خاسس النص.


 نظرا إلى عينيها هاتفا بعشق: ربنا ما يحرمني منك أبدا يا زوزو يا حبيبتي.


 وقبل أن تجيبه استمع إلى صوت طرقات فوق الباب يليها ولوج عائلة هنداوي بأكملها.

 منحهم عمار ابتسامة سعيدة وهتف بترحاب: يا أهلا يا أهلا بس ما كنش داعي أنكم تيجو ما أنا شوية وكنت هاجي لكم بنفسي.


 قاطعه والده بحدة طفيفة: وأنت يا ابني علطول دماغك ناشفة كده ما كنت تستنى شوية كمان لحد ما تخلص فترة العلاج الطبيعي بتاعتك. 


هتف بحزن: تعبت من المستشفى يا حاج سعد عايز ارجع بيتي بقى العيال كمان وحشوني قوي.


 أومأ والده في صمت فهتف الجميع بصوت هادئ: حمد الله على سلامتك يا عمار.


 دنا منه رؤوف واحتضن رأسه إلى صدره ثم طبع قبلة فوق شعره مغمغما: ألف حمد لله على سلامتك يا صاحبي.


 ابتعد عمار عنه مغمغما: الله يسلمك يا أخويا. 


هتفت نور بمزاح: ما خلاص بقى يا جماعة الدمعة هتفر من عيني جو العشق الحرام اللي أنتم فيه ده 

ده حتى لا يجوز. 


قهقه الجميع بصخب بينما والدتها رمقتها بتحذير فزمت شفتيها بعدم رضا واستطردت حديثها موجهة إياه إلى عمار الذي ما زال يبتسم على حديثها السابق: حمد الله على السلامة يا أبيه أنا قررت بقى أقول لك يا أبيه بما إنك يعني أخويا الكبير وطبعا ده شيء أكيد يشرفك أن يكون عندك أخت زي العسل زيي.


 أومأ لها عدة مرات متمتما: طبعا طبعا يا نور يشرفني يا حبيبتي.


 وأثناء كل هذا وقفت بعيد تتابع كل ما يحدث في صمت وقلبها يتمزق إلى أشلاء صغيرة وزينة ترمقها بين الفينة والأخرى بنظرات شامتة منتصرة. 

لم تتحمل كل هذا ودلفت للخارج ودموعها تسبقها حتى لا تلفت الأنظار لها.


 وما هي إلا دقائق حتى دلفت العائلة بالكامل وخلفهم عمار يتوكأ على عكازه وبجواره زينة تسانده وابتسامة كبيرة ترتسم فوق وجهها.

 توارت بجوار أحد الجدران تتابع ما يحدث ودموعها تغرق وجنتيها ثواني وأبصرت زينة تستدير باتجاهها وتبتسم لها باستفزاز وشماتة وكأنها تخبرها بأنها انتصرت عليها مجددا.

 تابعتهم بعينيها حتى اختفيا من أمامها واستدارت تجلس فوق الأرضية الصلبة مسندة ظهرها فوق الجدار ودموعها تهطل كالشلال فوق وجهها من يراها يظنها فقدت أحد عائلتها المقربين

 وبالفعل ثواني ودنت منها امرأة عجوز تربط فوق منكبها بهدوء 

رفعت لها صَبا عينيها الباكيتين فهتفت المرأة بحزن: ربنا يصبرك يا بنتي بس هو مين اللي مات بالظبط؟


 ابتلعت صَبا عصة بكائها وهتفت بصوت خالي من الحياة: قلبي. قلبي هو اللي مات يا خالة.


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة