رواية جديدة البحث عن هوية لهالة محمد الجمسي - الفصل 2
رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية البحث عن هوية
رواية جديدة
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل الثاني
من أنا؟؟!!
لم يستطع حاتم أن ينال قسط من النوم الكاف إلى جسده المنهك،كان نومه مليء بالكوابيس المتقطعة المتعددةالتي شاهدها مثل بريق يلمع في الذاكرة فجأة ثم يختفي، موتى يطلبون منه أن يقوم بإجراء عمليات سريعه لهم، والفتاة الصامتة في المستشفى تشير له عن بعد فيشاهد والديه، أو يشاهد شقيقه التوأم يخبره أنه لا يزال مريض، استغرقت الكوابيس المتكررة فترة مئة وثمانون دقيقة جعلت حاتم ينهض من فراشة ثم يضع جسده المتعب أسفل الماء الفاتر وهو يمني ذاته ببعض النشاط له، أعد إلى ذاته كوب من القهوة السوداء ثم جلس في شرفة شقته يطلع على أحدى المجلات الطبية العالمية، مضت ستون دقيقة كاملة قبل أن يعود إلى غرفته مرة ثانية وقام على تعتيم الغرفة تماماً بوضع ستارة سوداء على النوافذ ثم خلد إلى النوم وهو يشعر بطاقته تكاد تخور منه بسبب كثرت الكوابيس المزعجة فى هذا الصباح
استيقظ حاتم على صوت رامي وهو يقوم بالنداء عليه:
_يا دكتور حاتم في مفاجأة ليك
استيقظ حاتم في اعتراض كان رامي يقوم على إزاحة الستارة السوداء من النافذة نظر إلى ساعة الحائط كانت تشير إلى الخامسة مساء قال في لهجة تحمل نفاذ صبر:
_أنت متأكد انك دكتور يا رامي؟
ارتفعت ضحكة رامي وتابع:
_أنا واثق اني دكتور، شهادتي تشهد لي
زفر حاتم ثم اعتدل في الفراش قائلاً:
_أنا سمحت لك تاخد نسخة من مفتاح الشقة علشان لو اي ظرف حصل، مش علشان تقتحم الشقه بالطريقة دي
قال رامي وهو يجلس إلى جوار حاتم:
_يعني انت عايز تقنع صديقك الوحيد أن ليك خصوصيات! أولاً أنا متأكد وواثق أن لو سبتك نايم مش هتقوم إلا بكرة بيليل، ثانياً أنا متأكد أن مافيش غيرك في الشقة، ثالثاً ودا أهم بند أنا جهزت ليا وليك وجبة لاني مش هنتظرك علشان ندخل المستشفى سوا النهاردة أنا هروح بدري النهاردة
قال حاتم في ضحكة ساخرة وهو ينظر إلى رامي:
_في الحقيقة لازم اشكر ربنا على نعمت وجودك جانبي
قال رامي وهو يستعد للخروج:
_أنا لازم أروح اشوف الحالة الغريبة بتاعت امبارح
قال حاتم في حيرة:
_حالة اي؟
أعقب رامي وهو ينظر إلى حاتم في عدم تصديق:
_البنت اللي فاقدة النطق ومش مستوعبة الصدمة
هز حاتم رأسه وهو ينهض واقفا يتجه إلى الحمام في حين قال رامي وهو يتجه إلى الصالة:
_تعرف يا حاتم البت دي فضلت في الحلم معاي
هتف حاتم في لهجة أستهجان وأستنكار:
_للدرجة دي؟
أبتسم رامي وتابع:
_حالة الحزن اللي هي فيها دي عاملة لي انجذاب ليها انا نفسي مش فاهم اي سر تعلقي بيها للدرجة دي
قال حاتم في لهجة تحذيرية:
_أنت لسه متعرفش عنها حاجة؟ وممكن تكون مشفق عليها والمفروض انك دكتور والحالة اللي قدامك تستدعى انتباهك صحياً بس باقي الأمور التانية مش اختصاصك
قال رامي وهو يهز رأسه علامة الموافقة:
_أيوا أنا فاهم أوي اي هو المفروض والواجب عليا، بس زي ما قلت لك يا دكتور دماغي مش مبطلة تفكير فيها مش فاهم اي السبب؟ ومش عارف أوقف تفكير ازاي؟
قال حاتم وهو يجذب يد رامي إلى حيث الطاولة:
_انت محتاج كوباية قهوة علشان تفوق، أو حالة جراحة عظام فيها نسبة خطورة علشان تعرف أن حياة الشخص اللي هيعملها متوقفة على شدة تركيزك ليه، يا دكتور أنت مش مراهق علشان الكلام دا
هتف رامي وهو ينظر في عين حاتم:
_الحب محرم على الدكاترة ولا اي؟
ارتفعت ضحكة حاتم وقال وهو يحك يده بذقنه:
_حب أنت كمان وقعت فيها من غير ما تعرف هي مين؟ أنت غريب اوي يا رامي أنت هزلي بطريقة محدش يصدقها
قال رامي وهو يتنهد:
_تعرف يا حاتم أنت المفروض تتجوز الدكتورة شمس، بجد هو دا اللي هيخلي مستقبلك العلمي في ثبات، دكتورة ليل نهار تمجد فيك وقبل اي خطوة تسألك عن الخطوة الطبية المفروض تتعمل اي؟
والبيت مش يبقى فارق عن المستشفى ومراتك مش فارقة عن زميلتك أنت مش هتخرج برا الحياة الطبية العملية
قال حاتم وهو ينظر إلى وجبة الطعام التي أحضرها رامي:
_سمك مشوي!
قال رامي في عجالة:
_أيوا طلبت لينا غدا، لأني عارف ومتأكد انك ماكلتش من امبارح
قال حاتم في لهجة أمتنان و اعتراف بالجميل:
_أنا متشكرة اوي يا رامي
قال رامي وهو ينظر له في هدوء:
_اللمسات البسيطة اللي اي شخص بيعملها وأنت تحس فيها بالود الصافي الصادق هو دا اللي بيخلي الحياة فيها مرونة ويبخلي ليها طعم، يا دكتور حاتم أنت محتاج لمسة جمالية في حياتك لمسة حب علشان الروتين الطبي اللي أنت فيه دا ممكن يدخلك في قالب صعب تسيبه
قال حاتم وهو يتناول قطعة من السمك:
_أنا أفضل الحياة الطبية
أعترض رامي وهو يتجه صوب الباب:
_أنت حر، أنا لازم اروح اشوف الحالة بتاعت أوضة سبعة يا سلام اشوفك في المستشفى
❈-❈-❈
كان رامي يقف مع الطبيبة شمس عند وصول حاتم أمام غرفته، مما استدعى أهتمام حاتم فقال في إهتمام وهو ينظر في كل إتجاه:
_هل هناك أي إصابات خطيرة تم نقلها إلى المستشفى؟
هتفت شمس في رقة وهي تقف في مواجهته:
_لا يا دكتور حاتم، اليوم كان هادي جداً النهاردة، بس في شوية ملاحظات دكتور بهاء طلب مني أبلغها لك لأنه اضطر يمشي بدري
فتح حاتم الغرفة ثم قال وهو يلتقط البالطو الأبيض:
_أكيد جرعات العلاج والمسكنات الخاصة بالمرضى اللي عملوا العمليات الجراحية
قال شمس وهي تنظر إلى حاتم في أعجاب:
_فعلاً هو دا اللي في التقارير الطبية اللي كتبها دكتور بهاء
هز حاتم كتفيه وتابع في مرونة:
_دكتور بهاء كاتب التقرير الطبي من واقع الموجود في مخزن الأدوية وأنا لازم أصرف بالجرعات اللي يحتاجها المريض
ارتبكت شمس وقالت في تلعثم:
_أيوا يا دكتور بس:::
أعقب حاتم وهو يتجه إلى الخارج ويشير إلى رامي:
_قبل ما نمر على المرضى انا ورامي هندخل على إدارة المستشفى أنا ليا كلام مع مختار المسئول عن توريد الأدوية لينا، في تأخر يومين في ميعاد استلام الأدوية المقرة شهرياً، ومش هتردد أن أكتب جواب الجزا بأيدي لو التعطيل كان من مختار
تراجعت شمس خطوة إلى الخلف في حين قال رامي وهو يسير إلى جوار حاتم:
_برافو يا دكتور حاتم
نظر له حاتم في هدوء ثم تابع:
_الدكتور بهاء نسي أن دا شهر مارس وأن النهاردة هو اليوم التاني منه
قال رامي وهو يضحك:
_يا دكتور حاتم كفاية انك فاكر كل حاجة، يا بخت المرضى بيك، يا بخت المستشفى كلها بيك يا دكتور حاتم، أنت رغم شدتك و عصبيتك بس الكل ميعرفش ينكر أن كفة الميزان بتتعدل بأيدك أنت،
اكيد مختار فاكر نفسه لسة في فبراير أبو تمانية وعشرين يوم
قال حاتم وهو يشير إلى مختار الذي يستعد للخروج من المستشفى:
_المسئولية أمانة يا دكتور رامي، والدكتور بهاء دكتور مشاغله كتير اوي وعدم التركيز في تواريخ الأيام دي حاجة مش بأرادته علشان كدا لازم اللي غلط هو اللي يتحاسب
فور أن شاهد مختار كل من حاتم ورامي على بعد خطوات منه حتى انطلق نحوهما وهو يصيح في صوت به من التوسل والأستجداء الكتير:
_يا دكتور والله التأخير دا من الوزراة نفسها مش مني أنا، ذنبي اي مافيش حاجة اتوردت ليا
نظر له حاتم في نظرة تهديد وقال:
_يعني أنت عارف أن في ناس تعبانة وناس منتظرة علاج يتصرف ليها وعارف كمان أن الشهر خلاص خلص، ليه مش كتبت لي تقرير أن تذكرة الأدوية الشهرية مجتش؟ ليه مجتش ليا وطلبت اتصال بالوزارة؟ أنت مش هتفلت من العقاب
قال مختار في اعتراض:
_يعني أجيب التذكرة الشهرية على حسابي يا دكتور؟ أدفع حق عربيتين من ماهيتي
قال حاتم وهو ينظر له في حدة:
_هات التذكرة الشهرية وأدفع حق العربيتين وتعال حاسبني أو أطلب خط سير مدفوع الأجر دا أمر وهتنفذه، وقبل ما تنفذ في لفت نظر ليك وإنذار لو اتكرر هطلب نقلك من هنا، حياة المرضى اللي هنا مسئولية كل فرد هنا
نكس مختار رأسه في الأرض وهو يشعر بالخجل في حين قال رامي وهو ينظر إلى مختار:
_يا رب تتعلم
❈-❈-❈
العقل الفارغ من كل شيء هو عقل به من المتاهات وكثرة الأسئلة ما يفوق العقل المتكدس بالذكريات، مؤلم أن لا يكون لك ماضي تبحر فيه في أي وقت تشاء، ومؤلم أيضاً أن لا تمتلك وجوه مألوفة في عالمك، ومخيف أن لا تمتلك اسم مخيف أن تظل في هذا العالم بلا هوية تحدد لك من أنت؟ في أي اتجاه سوف تسير؟ ومع أي فئة انت؟ أين هي الجموع التي كانت تحيط بك؟ الأمر مثل كرات من نار تحوم حولك تجذبك نحوها إلى الهاوية،وأنت ظل بلا ثقل يحميك ظل فارغ من كل شيء
فارغ من عضد يسندك، فارغ من ذكرى تفر لها، فارغ من حدث تنتظره في اليوم أو الغد، أنت مجرد دخيل على مجتمع كامل، دخيل لا يعرف كيف جاء إلى هذا المجتمع، الأكثر ألم والأشد وجع حقاً أن كل ما يدور حولك كل ما يحيط بك يكاد يلفظك، وأنت أنت بلا مقاومة سوف تبحر
ليس هناك خيار آخر،
لأنك مجهول غير معترف به، الأشياء المعرفة تبقى في الذاكرة وفي الحياة لأن لها ثقل وكيان
وماذا عنك؟ من أنت؟ كم عمرك؟ قبل ساعات أين كنت؟
الأسئلة التي بلا إجابة هي جحيم الواقع جحيم ليتك تجد إلى ذاتك منه مخرج
حين دلف كل من حاتم ورامي إلى الغرفة رقم سبعة كانت أشجان تتحدث الى الفتاة في هدوء مما دفع حاتم أن يقف إلى جوار النافذة يراقب الحدث في حين اتخذ رامي مقعد إلى جوار الفتاة:
_يعني أنت مش فاكرة أي حاجة خالص؟
هزت الفتاة رأسها علامة النفي في حين تابعت أشجان:
_طيب حاولي تفتكري كنت رايحة فين؟ الطريق اللي حصلت فيه الحادثة فيه أربع مفارق ممكن تكوني مع حد قريب منك حاولي تفتكري
شردت الفتاة لحظات ثم رفعت بصرها لهم وهزت رأسها في علامة يأس، مما دفع أشجان أن تكمل:
_حاجة غريبة فعلاً كل اللي خرجوا من الحادثة دي محدش سأل عنك،مافيش حد قال إن في واحدة مفقودة أو سأل عن مصابين الناس اللي ماتت أهليهم خدوهم وأنت بس اللي فاضلة هنا في المستشفى ودي حاجة أعجب من الخيال، مش معقول يعني مافيش فرد واحد في عيلتك سمع عن الحادثة دي وجه يسأل هنا
هتف رامي في صوت هادئ وهو يحاول أن يطمئن الفتاة:
_أنا عايزك تهدي الحادثة خلاص انتهت وفترة الخطر والرعب خلصت، عقلك محتاج يحس أن كل شيء سليم وصحيح وفي الوقت دا هتفتكري كل حاجة
هزت الفتاة رأسها في أستسلام في حين قال حاتم وهو لا يزال يقف في مكانه:
_أنت سمعانا كويس، دا معناه أنك بتتكلمي، لو أنت صم وبكم كنت هتطلبي لغة إشارة، بس واضح أنك فاهمة الكلام اللي بيتقال لك من غير كمان ما تركزي في حركة الشفايف دا بيدل على أن كل حواسك سليمة
رفعت الفتاة بصرها له في هدوء نظرت له لحظات ثم نظرت إلى الممرضة في خوف، مما دفعها أن تقول:
_أنت اكيد كان معاك شخص ومات الرعب دا مش طبيعي
قال حاتم وهو يقترب منها:
_أنت تعرفي أسمك اي ولا لا؟
انهمرت الدموع من عين الفتاة، مما دفع خاتم أن يكرر:
_أسمك اي؟
قال رامي وهو ينظر إلى وجه الفتاة:
_الكل هنا علشان يساعدك وعلشان تخرجي بسرعة من المستشفى
قال حاتم وهو ينظر إلى وجه الفتاة في عمق:
_سألت سؤال مرتين مافيش إجابة؟ أسمك اي
هتفت الفتاة في صوت مبحوح:
_مش فاكرة
تبادل كل من رامي واشجان نظرات إعجاب وفرحة في حين تابع رامي:
_صوتك حلو اوي، نغمة الصوت مافيهاش نشاز، طيب خايفة تتكلمي ليه؟
تابعت أشجان وهي تنظر إلى حاتم:
_مافيش مستحيل مع دكتور حاتم
لم يكترث حاتم كثيراً بكلمات أشجان بل تابع في صوت هاديء وعميق:
_طيب كنت راكبة اي؟ الحادثة فيها عربيتين ملاكي وأتوبيس كنت راكبة اي مواصلة فيهم؟
وضعت الفتاة يدها على رأسها من الإجهاد ثم قالت في صوت منخفض بعض الشيء:
_مش فاكرة حقيقي مش فاكرة حاجة
أقترب حاتم من الفتاة ثم وضع قياس الضغط في معصم يدها وقال بعد لحظات:
_الضغط مرتفع
نظر إلى اشجان وتابع:
_ أديها نص قرص بس يا أشجان لأنها مش مريضة ضغط، واضح أن حادثة فقد الذاكرة دا مؤقت العقل حاطط ستارة سوداء على كل حاجة حصلت قبل الحادث دي حالة نفسية كمان
هتفت اشجان وهي تختلس النظر لها:
_مسكينة أكيد إنسان قريب منها مات وهو دا السبب
نظر لها حاتم في شك ثم تابع:
_أنا هاكتب لها نوع من الفيتامين مع الوجبة اللي انصرفت ليها وتتعرض الصبح لأشعة الشمس وتقعد في جنينة المستشفى
لازم تشوف الناس اللي خارجة وداخله، بلاش القعدة هنا في الأوضة أربعة وعشرين ساعة كدا أحنا بنعزز فكرة فقدان الذاكرة عندها،
لازم تدرب عقلها أن في حياة كاملة برا الاوضة دي، دا هيجيب نتيجة سريعة معاها
ثم نظر لها في عمق وتابع في لهجة تحذير:
_فترة وجودك في المستشفى مش هتزيد عن يوم كمان لأن إصابتك خفيفة جداً، حاولي تفتكري اي حاجة عن نفسك، عنوانك اللي مفروض تروحي فيه بعد ما يكتب لك على خروج
دا أهم حاجة لازم تفتكريها
اتخذ حاتم خطوات إلى خارج الغرفة، في حين قال رامي وهو ينظر لها في حزن:
_لو افتكرت اي حاجة عن نفسك ممكن احنا نتصل على أهلك ونوصل لك ليهم، أنا دكتور رامي وهفضل موجود فترة الليل كاملة لو احتجت اي حاجة أو أفتكرت اي حاجة
رفعت الفتاة بصرها له دون أن تتحدث مما جعله يتابع:
_مافيش داعي للقلق، ممكن نلجأ لتدريبات الذاكرة وتمارين معينة علشان نحاول نعرف اي حاجة عنك، بس أفضل بعد أربعة وعشرين ساعة، أنا قريت عن التمارين دي في مجلات طبية أجنبية وممكن تجيب نتيجة معانا
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي من رواية البحث عن هوية لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية