-->

رواية جديدة لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 9

 

قراءة رواية لأنني أحببت

الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر

رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة بسمة بدران 


الفصل التاسع

شعور غريب



 لأول مرة يشعر بالعجز. نعم العجب من كل شيء حوله فما استمع إليه من ذلك الشاب جعل عقله يتوقف كيف يفعل عمار فعلا كهذا كيف يرخص ابنة عمته بتلك الطريقة المهينة. 

صك على أسنانه بغضب حارق فالسبب وراء كل شيء يحدث هذه الفترة أنها الأفعى الرطاء زينة. زينة التي وكأنها عادت لتنتقم تنتقم من الجميع لكن لماذا تنتقم منه وهي التي تركته سابقا وتخلت عن زوجها في أكثر وقت يحتاجها فيه

 لماذا تنتقم منه الآن  ولم يخطئ أبدا أحدا في حقها.


تردد قليلا في الذهاب إلى ابنه وقرر أن يعود أدراجه إلى شقته لكنه وجد نفسه يقرع جرس شقته وينتظر.

 وما هي إلا ثواني حتى انفتح الباب وطلت من خلفه تلك المجرمة ترمقه بابتسامة صفراء مغمغمة بمكر: يا أهلا يا أهلا بحماية العزيز أتفضل.


 رمقها باشمئزاز ممزوج بالغضب ثم ولجا دون أن يعرها أي انتباه. 

بصوت مسموع نادى على ابنه الذي هتف من غرفة المعيشة بعدما تعرف على صوت والده: تعالى يا حاج سعد أنا هنا.


 ذهب بخطوات رزينة حتى بات معه في نفس الغرفة وجلس بجواره هاتفا بعتاب مستتر: ليه يا عمار يا ابني ليه عملت كده في بنت عمتك؟


 قبضا على يديه بقوة حتى خدشت أظافره باطنها هاتفا باستحقار: عشان تتربى يا عمي صَبا زودتها قوي.


 صمت قليلا فهو لم يعرف بماذا يجيب لو دافع عن صَبا وأظهر كذبة زوجته ربما يؤثر ذلك بالسلب على حالته ولو وافق ستكون جريمة لأن صَبا متزوجة ماذا عساه أن يفعل في تلك المعضلة؟ 

وأثناء سكوته هتف عمار بإصرار عجيب: صَبا هتتجوز كامل يا بابا وده آخر كلام عندي ولو ومش بمزاجها هيبقى غصب عنها ما أنا مش هستنى لما تجيب لنا العار.


 كاد أن يصرخ من فرط ما يتفوه به ابنه والافتراء الذي زرعته تلك الحية في رأسه فهتف بتعقل: طيب ماشي يا عمار تتجوزه بس يا ابني نعمل على الأقل فترة خطبة الأول يتعرفوا على بعض وبعد كده يبقوا يتجوزوا ما فيش مشكلة عشان كمان لو صَبا قالت للمأذون إنها مش عايزة تتجوز مش هيجوزهم ولا إيه وخصوصا ان صَبا مش صغيرة.


 صمت قليلا يفكر في حديث والده الذي شعر بأن به الكثير من الصواب فهتف بجدية: موافق يا حاج سعد. موافق أنها تكون خطبة بس لكن أنا عايز الموضوع ده يتم بأسرع وقت ممكن.


 ظل يتبادلان أطراف الحديث وما سيحدث في الفترة التالية غافلين عن زوج من الأعين يتابعهما باهتمام شديد وابتسامة نصر تزين شفتيها فيبدو أن ما خططت له سيحدث بحذافيره خاصة بعد موافقة الطبيب على عدم عودة ذاكرة عمار مرة أخرى.


❈-❈-❈


عودة مرة أخرى إلى منزل رؤوف الذي كانت به الأجواء مشحونة للغاية.

 افسح الطريق لوالدته كي تلج مغمغما بترحاب زائد: أهلا أهلا يا أمي اتفضلي بيتك ومطرحك أنا بس ما تأخزنيش اتصدمت من الزيارة فكرت ان فيكي حاجة وجعاكي ولا حاجة.


 منحته ابتسامة هادئة سرعان ما تدثرت عندما أبصرت عبير تقف أمامها ترمقها باستغراب شديد فهتفت دون مقدمات: أسفة يا بنتي أني جيت لك في وقت مش مناسب بس أنا حييت أتكلم معاكي في موضوع.


 رمقتها باهتمام ولم تعقب.

 فأردفت بسلاسة غريبة: أنا جيت اعتذر لك على المعاملة الوحشة اللي كنت بعملها لك لما كنتي في بيتي بس صدقيني أنا ندمانة دلوقتي وعرفت ان كل أم ما بيهمهاش غير سعادة ابنها وما دام يا حبيبتي سعادة رؤوف معاكي فأنا حبيت أبارك جاوزتكم دي واعتذر لك مرة تانية حقك عليا يا بنتي. 


ما أن أنهت كلماتها حتى دنت منها بسرعة تجزبها إلى أحضـ انها ثم انخرطت في موجة من البكاء الكاذب.

 بينما عبير بسبب نيتها الصافية وقلبها الطيب قد صدقتها مرة أخرى فتشبثت بأحضانها وراحت تبكي على بكائها. 

لكن الغريب في ذلك أن رؤوف لم يصدق كل ما تفوهت به والدته فهو يعرفها عن ظهر قلب لم تعتذر لأحد قط حتى لو كانت هي المخطئة لذا عليه أن يروضها لكن بطريقة لا تؤذيها ولا تهينها خاصة وأنه الآن يعيش أسعد أيام مع زوجته التي لطالما حلم بها لكن عليه أن يتروى في كل فعل سيفعله فهو لا يريد إغضاب الله بسبب والدته.


❈-❈-❈


في صباح اليوم التالي

 بهمة ونشاط ذهبت إلى عملها كعادتها وهي تشعر بسعادة لا مثيل لها فلقد ظنت بأنها ستكون ضائعة هشة بعد تلك المحنة التي مرت بها لكن ليس من الضروري أننا نقع عندما نمر بأزمة بل بالعكس فربما الأزمات تصنع شخصية أفضل مما كنت عليها سابقا وهذا بالضبط ما حدث مع غزل.


 ألقت تحية الصباح على موظفين الاستقبال ثم استقلت المصعد كي تصل إلى مكتبها.

 وها هي ذي تجلس تتفحص الأوراق التي أمامها أو بالأحرى التي أجلت مراجعتها إلى اليوم فقد كانت مرهقة جدا بالأمس من كثرة العمل

 وأثناء اندماجها شعرت بصوت طرقات فوق باب المكتب يليه ولوج مديرها المدعو كريم. 

زفرت بقنوت كي تستعيد ثبات أجاشها أو بالأحرى كي لا تنفجر فيه 

فنظراته بالنسبة لها غير مريحة.

 جلس فوق المقعد المقابل لمكتبها وهو يلقي تحية الصباح والتي بدورها ردتها باقتضاب.

 ابتسم بداخله فهو حلل شخصيتها من قبل 

أنها امرأة تمتلك كل شيء ونقيضه على الأغلب أنها برج الجوزاء فهي هادئة وعصبية مهذبة وسليطة اللسان متكبرة ومتواضعة كما قلت كل شيء ونقيضه.


 وضعت الأوراق التي كانت تمسكها بين يديها وسألته باختصار: خير يا أستاذ كريم.


 أجابها وهو يضع ساق فوق أخرى ومن ثم راحا يشعل سيجارته الكوبية: خير طبعا يا مدام غزل هو أنا بيجي من ورايا غير الخير برده؟


 ابتسمت ابتسامة صفراء وهي تومئ بالايجاب.


 فاستطرد حديثه دون مقدمات: أنا جاي أتكلم معاكي في موضوع ومش عايز منك جواب دلوقتي بس كل اللي بطلبه منك أنك تفكري كويس آوي قبل ما تديني جواب. 


شعرت بان ناقوس الخطر يقترب منها لكنها تماسكت ثم سألته بقوة عكس ما تدمره في نفسها: موضوع إيه؟


 رد عليها بعد أن نفث دخان سيجارته: أنا عايز اتجوزك.


 فتحت فاهها لتعترض لكنه أسكتها بإشارة من يده مستطردا: خليني أكمل كلامي الأول وبعدين قلت لك مش عايز اسمع منك رد دلوقتي أنا راجل منفصل عن مراتي بس منفصل مش مطلق عشان ما تفهميش كلامي غلط أنا وهي مش متفقين وقاعدين في بيت واحد عشان خاطر ابني لكن أنا وهي منفصلين جـ سـ ديا فهمتيني؟


 فتابع حديثه: عشان كده أنا عايز اتجوزك شفت فيكي كل الحاجات اللي كنت عايز ألاقيها فيها وبدون الدخول في التفاصيل لأنها في الأول وفي الآخر أم ابني وما احبش أني أتكلم عنها بالوحش إلا أني مش مرتاح معاها ده اللي أقدر أقوله لك دلوقتي

 وعلى فكرة معندهاش مانع أني اتجوز لأنها هي كمان عايشة معايا عشان خاطر الولد ارجوكي فكري كويس قبل ما تديني جواب.

 أما بالنسبة لبناتك أوعدك أني هشيلهم في عينيا هعملهم زي ابني وأحسن.


 ألقى كلماته في وجهها دفعة واحدة ثم هب واقفا دالفا للخارج دون أن يستمع منها ردا

 تاركا إياها ترمقه بنظرات متعجبة ممزوجة بالحيرة.


❈-❈-❈


الكلام اللي بتقوله ده يا خالي مستحيل يحصل هو إيه عمار ده أتجن خلاص كلام زينة بقى مسلم بيه للدرجة دي لا يا خالي أنا مش هقبل أني اتجوز ولو هتجوز يبقى عمار يطلقني الأول كفاية بقى لحد كده كفاية. 


تلك الكلمة الأخيرة هتفتها بصراخ جعل خالها يشفق عليها أكثر من أن يغضب منها.

 فهب واقفا قبالتها هاتفا بتعقل: انتي عرفة كويس الظروف اللي عمار بيمر بيها يا بنتي وهو ما يعرفش حقيقة زينة عشان كده احنا مضطرين أننا نطاوعه احمدي ربنا أني خليت الموضوع خطوبة بس ده كان عايز جواز على طول الله اعلم الحرباية دي مفهماه إيه.


 صكت على أسنانها بقوة ثم هتفت وهي تركض للخارج: أنا بقى هعرف هي قالت له إيه. 


رغم شعور الحاج سعد بالقلق مما تفعله صَبا إلا أنه يعلم في قرارة نفسه أنها لم تؤذيه أبدا فالمحب لا يؤذي كما أنه لا يكذب ولا يخون لذا لم يذهب خلفها بل سيجلس ينتظرها حتى تعود ربما ستذهب وتتشاجر مع زينة أو ربما ستتحدث مع عمار نفسه كي تثنيه عن ذاك القرار الذي اتخذه بخصوصها.


 أما عن صَبا فقد صعدت الدرج على قدميها ولم تستقل المصعد من شدة غضبها وراحت تطرق الباب وترن الجرس بشكل هستيري أزعج من بالداخل وما هي إلا ثوان معدودة حتى انفتح الباب وطل من خلفه معذبها وحبيبها

 تجمدت قدميها في الأرض وراحت تتأمله بوله حتى إنها تناست ما كانت قادمة من أجله لكن صوته الحاد أعادها إلى أرض الواقع مردفا بفظاظة: عيزة إيه يا صَبا وطالعة هنا ليه؟


 دفعته برفق من صـ دره ثم ولجت وهي تصرخ بصوت مرتفع: جية أقول لك إنك ما لكش دعوة بيا يا عمار وخطوبة مش حتخطب وجواز مش حتجوز ودلوقتي بقى أنا عايزة اعرف الحرباية مراتك قالت عني إيه أو ليه اعرف منك أنت ما اعرف منها هي.

 يا زينة أنت يا زينة تعالي بقى اطلعي لي هنا ووريني نفسك.


 ظلت تنادي مرارا وتكرارا لكنها استدارت إليه فأردف ببرود وهو عاقد ساعديه أمام صـ دره بعد أن ترك عكازه وأسند بظهره فوق الحائط كي لا يقع: زينة مش هنا يا صَبا ريحي دماغك وخطوبة هتتخطبي أنا أديت للراجل كلمة وهو هيدي ميعاد لباباكي. 


دنت منه حتى باتت المسافة شبه معدومة بينهما هاتفة وهي تثبت عينيها في عينيه: مش هيحصل يا عمار مش هيحصل أو ما ينفعش أنه يحصل. 


نظر إلى ذهبيتيها فشعرا بشعور غريب شعور لا يعرف ماهيته شعر بأن هاتين العينين تخصه وحده وان ذلك الوجه الملائكي لا يليق به الخطأ

 أسكرته رائحتها الحلوة وشـ فتيها الكرزيتين اللتان تخرجا كلمات غاضبة والتي لم يستمع إليها من الأساس.

 أغمض عينيه وترك لمشاعره العنان تجرفه حيث تشاء

 وبالفعل دنا منها والتقط شفـ تيها لقبـ لة شغـ وفة مليئة بالرغبة والعنف معا.


 أما عنها فقد تركته يفعل ما يحلو له وسرعان ما اجتاحتها عاطفتها فلفت يديها حول عنقه وراحت تبادله قبـ لته بجنون وعشق خالص

ظلا هكذا لوقت لا يعرفان مداه حتى استفاقا عمار لنفسه فدفعها بقوة هاتفا بعنف: أنتي رخيصة يا صَبا ومصدق اللي زينة قالته عليكي كل الكلام اللي قالته صحيح. 


اتبع كلماته بصفعة قوية فوق وجهها جعلت وجهها يلتف إلى الجانب الآخر من قوته.

 رمقته بعتاب ممزوج بالألم ثم تركته مذهولا وركضت للخارج ودموعها تهطل دون توقف. 


بينما هو ظل مكانه يهز رأسه بعدم تصديق فكيف سمح لنفسه أن يقبلها بتلك الطريقة الحمـ يمية؟ ولماذا؟ ومنذ متى وصبا بتلك الوضاعة والحقارة؟


 غمغم بصوت خافت: صح القرار اللي أخدته صح صَبا لازم تتجوز.


❈-❈-❈


بعدما قص على والدته ما حدثا بينه وبين عمار وكذلك بينه وبين الحاج سعد

 ضربت والدته صـ درها بيدها هاتفة بعدم تصديق: نهار أسود عايز يجوزك مراته أزاي يعني!


 أردف بنفاذ صبر وهو يضرب كفا بالآخر: لا إله إلا الله يا اما عمار فاقد الذاكرة يعني مش فاكر أصلا ان صَبا مراته كل اللي فكره إن هو متجوز زينة وبس فهمتي يا اما؟


 أومأت له عدة مرات وهي تغمغم: أيوة أيوة لا حول ولا قوة إلا بالله طيب وازاي الحاج سعد طلب منك أنك تخطبها يعني أنا مش فاهمة حاجة.


 أخذ نفس عميق وظفره على مهل هاتفا بهدوء: بصي يا أما الحاج سعد طلب مني النهاردة الصبح أني أخطب صَبا اخطبها كده وكده يعني يا أمه عشان خاطر يسكت عمار فهماني لأن عمار مصر على أنه يجوز صَبا وأحنا مش عارفين ليه فالحج سعد خايف أن عمار يستعين بحد غيري وما تنسيش أن صَبا خطابها كتير عشان كده هو قال اللي يعرفه أحسن من اللي ما يعرفهوش فاهمة يعني يا أما؟


 أيوة أيوة فهمت خلاص طيب يا ابني إيه اللي يجبرك على كده وبعدين يعني أنت بتحب صَبا أزاي هتسكت وخصوصا بعد ما تتخطب لك أنت فهمني طبعا.


 غامت عينيه بحزن شديد هاتفا بهدوء ممزوج بالمرارة: اللي يحب حد يا اما يحب يشرفه سعيد وصبا بتحب عمار وأنا بحب صَبا عشان كده لو هي سعدتها مع غيري فأكيد أنا هتمنى لها السعادة ومن واجبي اني اقف جنبها في محنة زي دي وإلا ما اكنش بحبها عشان كده انا وافقت الحاج سعد اني اخطب صَبا كده وكده وربنا يصبرني بقى ويسبتني.


 تلك الكلمات الاخيرة هتف بها في نفسه كي لا تستمع اليه والدته التي على الرغم من كل ما قصه عليها كامل إلا انها لا تستوعب معظم الحديث تقريبا لكنها هتفت بعدم اقتناع: طيب طيب اللي تشوفه يا كامل يا ابني شوف عايزنا نروح لهم امتى وانا هاجي معاك.


❈-❈-❈


أمام والدتها تجلس وهي تفرك كلتا يديها في بعضهما.

 فلاحظت والدتها ارتباكها مما جعلتها تسألها باهتمام: عايزة تقولي إيه يا نور؟


 ازدردت ريقها بصعوبة ثم تنحنحت بإحراج وراحت تقص عليها ما حدث بينها وبين وليد في المقابلة الأخيرة وبعد أن انتهت سألتها والدتها مباشرة: بتحتية؟


 أطرقت رأسها في خجل ثم غمغمت بصوت خافت: أيوة بحبه قوي يا ماما من ساعة ما دافع عني في الحارة وضرب الولد اللي كان بيعاكسني وأنا مشاعري اتحركت ناحيته.


 صمدت والدتها قليلا مما جعل نور تشعر بالخوف إلا أنها سرعان ما ابتسمت وأشرق وجهها عندما هتفت والدتها بابتسامة: معنديش مانع أنك تشوفيه أنا قبل ما اثق فيه أنا واثقة في بنتي اللي ربتها على أيدي واللي طول عمرها رافعة راسي وعارفة أنها عمرها ما تغلط ولا توطي راسي قدام الناس أبدا.


 هبت نور واقفة وألقت بجـ سدها فوق جسـ د والدتها وراحت تمطرها بوابل من القبـ لات تحت ضحكات والدتها وكذلك ضحكاتها.


❈-❈-❈


بعد مرور أكثر من أربعة أشهر تغير فيهم الكثير والكثير. 


 تمت خطبة صَبا على كامل وعلى الرغم من رفضها الشديد وعنادها إلا أنها لم تستطع أمام إصرار عمار وإلحاح خالها وتوسلاته وافقت أخيرا لكنها ما زالت عاشقة لذلك الرجل الذي يوما بعد يوم يزداد ظلمه لها. 

كانت أحيانا تغضب منه وأحيانا تلتمس له الأعذار فهكذا هي القلوب المحبة تخلق مبررات للحبيب. تلتمس له العذر. تسامحه عند الخطأ. 


بينما عمار فكان كلما رأى صَبا برفقة كامل حتى لو وسط الجموع يشعر بشعور غريب لا يعرف ماهيته ربما الغيرة أو ربما الغضب منها لأنها تتجاهله تماما بعد ما حدث بينهما في شقته.

 والغريب أنه كان يكرس وقته لمراقبتها سواء من الشرفة أو يتردد لزيارة عمته وهذا الشيء جعله يستغرب من نفسه لكن كان يقنع نفسه بأنه يراقبها كي لا تقترف المزيد من الأخطاء وتجلب لهم الفضيحة في المنطقة بأسرها. 



 أما عن عزة فهي تنتظر مولودها الجديد والسعادة هي رفيقتها في تلك الآونة فأخيرا زرع الله المحبة في قلبها لزوجها.


 توطدت علاقة عبير ووالدة رؤوف إلى حد كبير فقد كانت عبير تزورها باستمرار وكذلك والدة رؤوف غافلة عن الشر التي تضمره لها تلك المرأة.

 لكن رؤوف كان لا يصدق ما يحدث من والدته لكنه لم يتفوه ببنت شفه حرصا على مشاعر والدته وشكلها أمام زوجته. 

لكنه أقسم بأنه سيكون لها بالمرصاد إذا افتعلت شيئا يؤدي زوجته فهو الآن يعيش أسعد أيام حياته برفقتها ولم يسمح لأحد أن ينغص عليهما عيشتهما.


 ازدادت مقابلات كل من وليد ونور كما ازداد تعلقهما ببعض إلى حد كبير لكن وليد يخشى الحب فهو عانى مرارته من قبل لكن هل يا ترى سيستمر وليد هكذا أم أن نور ستستطيع أن تخرجه من حالته تلك وتجعله عاشقا حتى النخاع؟

 هذا ما سنعرفه.


 أما زينة فقد كانت تقوم بعملها على أكمل وجه كانت تعطي عمار دواءه باستمرار وتحرص على أخذه في ميعاده كما أمرها الطبيب بل وكانت تفعل كل هذا بسعادة كبيرة.

 ففي اعتقادها هذا الدواء هو مصدر سعادتها للأبد لكن ما لا تعرفه زينة بان هناك خطة كبيرة تحاك ضدها.

 فكما قال الله- عز وجل- ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.


❈-❈-❈


ونذهب إلى غزل التي ظلت طوال هذه الفترة تمارس عملها بشكل طبيعي وكلما سألها كريم عن ردها أخبرته بأنها ستفكر.

 وبالفعل هي تفكر فهي ضائعة إلى حد كبير فحياتها التي تعيشها الآن أفضل من ذي قبل لكن هي أولا وآخر امرأة تحتاج إلى رجل في حياتها لكن هل هو كريم الرجل الذي تنتظره غزل أو بالأحرى الذي سيعوضها عن زوجها الخائن أم أنه سيكون أسوأ منه وأنها لا تعرف عنه شيئا.

 كل هذه الأسئلة كانت تدور في خلدها لكنها حتى الآن لم تحسم قرارها بعد.


 بالنسبة لحسام فقد قضى تلك الفترة في ذل وهوان فلم يستطع أن يفعل كل شيء بحرية كما كان في السابق هؤلاء الناس كانوا يعدون عليه أنفاسه وكأنه في أسر وليس في ڤيلته.

 لكن كل هذا لم يكون نقطة في بحر مما سيحدث على يد هؤلاء الناس فالقادم بالنسبة له أسوأ بكثير مما يحدث معه الآن.

 وكما يقال فما خفي كان أعظم.


❈-❈-❈


ليلا انتهت من إعطائه دوائه بحرص كما كانت تفعل في الأشهر المنصرمة ثم دثرته جيدا ودلفت للخارج تاركة إياه يرتاح قليلا. 


أما عنها فقد ذهبت إلى غرفة المعيشة وجلست أمام التلفاز فالنوم يجافيها الليلة ولا تعرف السبب وراء ذلك.


 وبعد سويعات قليلة فتح عينيه بإعياء وصداع شديد يهاجمه دون رحمة 

راحة يفتح عينيه ويغلقها مرارا وتكرارا وهو يضغط على رأسه بقوة

 استقام جالسا بهدوء ثم ألقى نظرة على التي تغط في ثبات عميق بجواره

 قطب حاجبيه بدهشة ثم تأملها طويلا بتفحص شديد وبعدها استقام واقفا دالفا للخارج وما زال ذلك الألم ينهش فيه بقوة. 


اتجه إلى الشرفة ووقف أمامها وأفكار كثيرة تعصف برأسه

 فاستدار عائدا للداخل باحثا عن هاتفه حتى وجده ملقيا بإهمال فوق الطاولة الصغيرة الموجودة في رضهة البيت

 التقطه بلهفة ثم بحث عن رقم صديقه ووضعه على أذنه بعد أن دلف للشرفة مرة أخرى منتظرا الرد.

 وما هي إلا ثواني معدودة حتى انفتح الخط واستمع إلى صوت صديقه على الطرف الآخر يقول بنعاس: يا عمار إيه يا أخي حد يكلم حد في وقت زي ده وبعدين يعني...


 قاطعه بلهفة كبيرة: رؤوف أنت فين يا صاحبي الحقني!

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة