-->

رواية جديدة في غيابت الجب لنعمة حسن - الفصل 2

 

 قراءة رواية في غيابت الجب كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى




رواية في غيابت الجب

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة نعمة حسن


 الفصل الثاني

 لوعة وشقاء 



نظرت دليلة من خلف زجاج السيارة إلى المبنى القديم الذي توقف السائق بسيارته أمامه وسألتهُ:

_ هو ده العنوان اللي في الورقة؟


أومأ مؤكدًا قبل أن يردف:

_ أيوة هو ده العنوان اللي في الورقه.


هزت رأسها، ثم شكرته وفتحت الباب وترجلت من السيارة وهي لا تزال تطالع المبنى الماثل أمامها بقلقٍ و وجل.


دخلت إلى الداخل وصعدت حتى الطابق الأخير حيث سطح المنزل، ثم طرقت باب الغرفة كما أخبرها حسين ووقفت تنتظر أن يُجيبها جمال.


عاودت تطرق الباب مرة أخرى ومع كل طرقةٍ تتضارب دقات قلبها المنكسر دون جدوى.


تشبّع فؤادها باليأس ولكنها أبت أن تستسلم؛ فعاودت طرق الباب بقوة أكبر وهي تقول بنبرة مرتجفة:

_ جمال، إفتح عشان خاطر ربنا، إفتح يا جمال إحنا لازم نتكلم.


لم يُجِبها أحد؛ فطفقت تبكي وهي تقول:

_ إفتح يا جمال في حاجه مهمة لازم تعرفها، جمــال… أنا عارفه إنك جوه ومش راضي تفتح لي.. مينفعش تتهرب مني يا جمال بعد ما علقتني بيك… جماال..


جففت دمعاتها وطالعت الباب بيأس، ثم عادت أدراجها ونزلت، تساقطت دمعاتها وتحطم ما بقى من قلبها وهي تعود كما أتت.. صفر اليدين !


❈-❈-❈


كان جمال قد أنهى عمله بعد يومٍ شاق، بدّل ملابسه وخرج عائدًا إلى مسكنه، دلف الشارع المؤدي إلى المبنى الذي يسكن به فرأى دليلة على مدد بصرهُ وهي تخرج من العمارة؛ فأسرع يتوارى عن الأنظار وعاد خطواتٍ سريعة إلى الخلف حتى لا تراه.


إختبأ خلف سيارة كانت تصطف بالشارع وظل يراقبها وهي تبتعد حتى إختفت من أمامه.


تحرك من مكانه على الفور وهو يلعن تحت أنفاسه ويقول:

_ يا إبن الـ*** يا حسين! بقا كده؟! أنا هوريك.


اتجه إلى أحد أكشاك البقالة الموجودة بآخر الشارع وطلب رقم هاتف منزل حسين، إنتظر لثوانٍ حتى أتاه الرد وقال حسين:

_ ألو؟


أطلق لجام لسانه سابًّا إياه بأقذع الألفاظ وتابع:

_ إنت إيه اللي يخليك تدلها على عنواني؟ أهي دلوقتي عرفت مطرحي ومش هتسيبني في حالي.


أجابه حسين بعصبية مماثلة وقال:

_ من غير غلط وطولة لسان يا جمال، اللي عملته ده هو الصح، دليلة كانت لازم تتكلم معاك وتبلغك باللي حصل عشان تشوفوا حل، الموضوع دلوقتي مبقاش مجرد علاقة أو نزوة زي ما إنت بتحسبها، لأ ده في طفـ…


هُنا قاطعهُ جمال عندما صاح بتشنج وعصبية بالغة وقال:

_ هو إنت هتديني محاضرة في الأخلاق؟ إسمع يا حسين أما أقوللك، موضوع دليلة ده صفحة واتقفلت، أنا عايز أشوف حياتي ومستقبلي ومش ناقص وجع دماغ، لو حصل وشوفتها تاني قدامي أنا مش عارف ممكن أعمل فيها إيه.


وتابع بتهديدٍ صارم وصريح:

_ ومن اللحظة دي يا حسين لو فضلت واقف في صفها إنسى إن ليك صاحب إسمه جمال.


❈-❈-❈


كانت قد وصلت للتو إلى منزلها، نال منها الإعياء وأخذ منها التعب كل مأخذٍ.


دفعت الباب الخشبي برفق فإنفرج وظهرت والدتها من خلفه فقالت:

_ دليلة؟


دلفت دليلة ولم تتحدث، ألقت بجسدها المنهك على الأريكة وهي تحاول كتم نشيجها كي لا تثير تساؤلات والدتها.


_ دليلـة، إنتي دخلتي يا بنتي؟


نهضت دليلة من مقعدها، ثم جلست أمام قدمي أمها ووضعت رأسها فوق ركبتيها، ثم إنفجرت باكية.


إنقبض قلب أمها وطفقت تمسح فوق رأسها بحنان وهي تقول:

_ يا لطيف يا رب، مالك يا بنتي بتبكي ليه؟ حد ضايقك؟


تركت دليلة لدمعاتها العنان وقالت:

_ أنا تعبانة أوي يا أمي، تعبانة وحاسة إني هموت.


_ لا بعد الشر، إسم الله على عمرك يا حبيبتي متقوليش كده، قوليلي بس مالك؟ أكيد إتخانقتي مع حد في المصنع! ما أنا قولتلك يا دليلة بطّلي مرواح المصنع ده وربك يدبرها مسمعتيش كلامي، وأنا مش مستغنية عنك عشان كل شوية يتحرق دمك بسبب شوية بنات سايبة مش لاقيين لهم كاسر.


كانت الأخرى تجهش في بكاءٍ مرير، تستعيد كل ما حدث خلال الأيام الماضية وتبكي لوعةً وحسرة، تُخفي مرارة ما تشعر به عن الجميع، وكيف ستفصح عما بداخلها وهي من ألقت بنفسها في بحور الهلاك!


هدهدتها والدتها كطفلةٍ في العاشرة من عمرها؛ فسكنت وهدأ روعها قليلًا، حينها مسحت دمعاتها ونهضت ثم دلفت إلى غرفتها وأغلقت الباب من خلفها، ثم إرتمت فوق فراشها وهي تلعن قلبها الأبله الذي أوقعها في براثن ذلك الوغد الذي لا تعرف الإنسانية إلى قلبه سبيل.


❈-❈-❈


في اليوم التالي.


إستيقظ جمال مبكرًا على غير عادته ونهض من فراشه مسرعًا، إستعد و لملمَ أغراضهُ على عجالة، ثم غادر الغرفة متجهًا نحو المطعم.


فور وصوله إلتقى بزميله " نادر" على الفور وبادر بالحديث فقال:

_ عايز أعرف أنهي شقة بتاعة حلمي بيه، عايز أتكلم معاه في حاجه.


فحصهُ الآخر بنظرات شاملة، ثم سألهُ متهكمًا:

_ عايز تتكلم معاه في إيه بقا؟


أجاب جمال بنفاذ صبر:

_ حاجة وخلاص، هتدلني على الشقة ولا أروح أسأل عوف؟


رمقهُ بلا مبالاة وأجاب بإقتضاب:

_ الشقة اللي في الدور الرابع.


أومأ جمال، ثم إنصرف على الفور صاعدًا إلى شقة حلمي، توقف أمام الباب، ثم هندم مظهره سريعًا وطرق الباب.


لحظات و انفرج الباب وظهرت مدبرة البيت وهي تقول:

_إتفضـل؟


_ حلمي بيه موجود؟


هزت رأسها بإيجاب وقالت:

_أيوة موجود، أقولله مين؟


_ جمال الجرسون.


أومأت، ثم إنصرفت لتخبر حلمي بقدوم جمال لزيارته، بينما وقف جمال على عتبة الباب يتفحص الشقة بأعين متعجبة.


كانت واسعة وفخمة للغاية، كل ركن بداخلها مصمم بعصرية تنُم عن ذوق أصحابها الراقي، ظل يتفحص المكان حتى ظهرت بغتةً أمامه فجعلتهُ يحملق بها مأخوذًا بجمالها.


غزالةً برية، أثارت في قلبه الضجيج وجعلتهُ ينبض بقوة محدثًا بصدره فوضى عارمة، أطلقت الرجفة في جميع أطرافه وجعلتهُ يتمايل يمينًا ويسارًا كمن تُحركه الرياح.


فتح عينيه إلى آخرهما، ثم رفرف بأهدابه كثيرًا وعاود النظر إليها فرآها تتقدم منه وعلى وجهها ترتسم الإبتسامة الحانية.


توقفت أمامهُ ثم قالت:

_ ليه واقف كده؟ إتفضل؟


تلعثم وتخبط فكيه ببعضهما و همّ بقول شيءٍ ما قبل أن يقاطعه قدوم حلمي الذي قال:

_ واقف ليه كده يا جمال؟ اتفضل ادخل.


_ لا مش ضروري يا حلمي بيه، مش حابب أعطلك، كنت عايز حضرتك في حاجه بس.


إبتسم حلمي قائلًا:

_ معقول هنتكلم عالباب؟ اتفضل ادخل، سيبينا لوحدنا يا بسمة.


أومأت بسمة وذهبت إلى غرفتها بينما إصطحبه حلمي إلى غرفة الاستقبال، جلس وأشار له بالجلوس ففعل، ثم بادر حلمي بالحديث فقال:

_ اتفضل يا جمال أنا سامعك.


أومأ جمال بقليل من التوتر، ثم إبتلع ريقه على عجالة وقال:

_ الحقيقة إني كنت جاي أأجر من حضرتك شقة صغيرة أو ملحق أقعد فيه، ولو في أوضه فوق السطوح مفيش مانع، أصل البيت اللي كنت ساكن فيه بعيد عن هنا ونص الماهية بتضيع في المواصلات.


أومأ حلمي مبتسمًا ثم قال:

_ ومالو، في الشقة الصغيرة اللي في الوش دي فاضية، ممكن تأجرها.


تهللت أسارير جمال وقال:

_ متشكر جدًا لحضرتك، حضرتك ذوق جدا.


إبتسم حلمي قبل أن يخبره:

_ ثواني وهجيبلك المفتاح وراجع.


~~~~~~~


تحركت بهدوء في فراشها وهي تشعر بالتعب يحفها من كل جانب؛ فمدت يدها تلقائيًا تدلك بطنها وهي شبه نائمة؛ فإذ بها تشعر بركلةٍ ناعمة جعلتها تجمد عن الحركة لثوانٍ وحبست أنفاسها كي تتحقق من صحة ما حدث لتتكرر تلك الركلة وتتحول إلى ركلات عنيفة متفرقة في أنحاء بطنها.


سالت دمعاتها وهي تتابع جنينها وهو يركلها لأول مرةٍ، وطفقت تمسح براحة كفها على بطنها البارز نسبيًا وكأنها تخبره بأنها قد شعرت به.


هدأت حركة الجنين؛ فهدأت هي قليلًا ونزحت الدموع من فوق خديها وهي تمرر أناملها طولًا فوق بطنها.


إرتفعت الطرقات فوق باب غرفتها وبرز صوت أمها وهي تقول:

_ دليلة، كل ده نوم يا بنتي!


تنحنحت بهدوء وأجابت:

_ صاحية ياما.


_ طيب يلا عشان نفطر..


نهضت دليلة من مرقدها و إلتقطت منشفتها من فوق المقعد، ثم تقدمت من والدتها وهي تقول:

_ حاضر ياما


توجهت دليلة نحو دورة المياه؛ فذهبت والدتها وجلست على مقعدها تنتظر خروجها، كان قد دق الباب وبرز صوت إحدى الجارات وهي تقول:

_ يا ام بلال، افتحي أنا سعدية.


عندما سمعت صوتها لم تنتظر، نهضت وسارت وهي تتحسس موضع الأثاث كي تدرك الطريق نحو الباب وفتحتهُ على عجالة وهي تقول بلهفة واضحة:

_ تعالي يا سعدية، في أخبار من بلال مش كده؟


أومأت الأخرى بابتسامة، ثم أمسكت بيدها وسارت برفقتها إلى الداخل وهي تقول:

_ تعالي بس اقعدي وأنا هقوللك.


ساعدتها كي تجلس على الكرسي، ثم جلست بجوارها وبدأت تقص عليها ما جاءت لأجله:

_ بكر إبني بعتلنا النهارده وقال إنه جاي هو وبلال بعد بكرة، كان بيكلمني وزعلان إن الشركة صفت الموظفين بتوعها، بس أنا قولتله تعالى وربك يكرم، وأهو يبقوا جمبنا بدل الغربة والبهدلة.


توسعت إبتسامتها وتهللت أساريرها فرحةً وقالت بوجهٍ مستبشر: 

_ ياما إنت كريم ياا رب.


ربتت الأخرى فوق كتفها وهي تقول:

_ فرحت وقلت اجي أبشرك معايا، وإزي دليلة بالحق؟


=كويسة والحمد لله، دي هتفرح أوي بخبر رجوع أخوها.


_ يرجع بالسلامه ان شاء الله، أستأذن أنا بقا يا خالتي أم بلال.


❈-❈-❈


بعد أن خرجت دليلة نادتها والدتها فذهبت لعندها فقالت:

_ مش هتصدقي يا دليلة، أم بكر كانت لسه هنا وبتقول إن بكر كلمها وبيقول راجع مصر بعد بكرة هو وبلال أخوكي.


تلبد وجهها، وكستهُ الغيوم فور أن إستمعت إلى ذلك الخبر وتمتمت بعدم إستيعاب:

_ بلال!!


أومأت والدتها وأردفت وهي تتحدث إلى حالها فقالت:

_ أخيرا هضمك لحضني يا ضنايا، بعد ما سنين الغربة خدت ضي عيني و ملت القلـب بالمرار.


وتابعت وهي توّجه حديثها نحو دليلة وتقول:

_ عايزين نوضب البيت يا دليلة، وكمان عايزاكي تشتري بطة كبيرة كده نطبخها يوم ما ييجي أخوكي بالسلامه، تلاقيه يا حبة عيني مبياكلش لقمة زي الناس.


إنتظرت أن يأتِها رد دليلة ولكنها كانت شاردةً فيما ينتظرها من هلاك؛ فكانت تتحدث إلى نفسها وهي تدلك بطنها وتقول:

_ بلال راجع! طب والعمل؟ أكيد هيلاحظ. 


_ دليلـة، إنتي سامعاني يا بنتي؟


أفاقت من شرودها إثر نداء والدتها فقالت:

_سامعاكي ياما، حاضر حاضر.


توجهت إلى غرفتها على الفور وهي تفكر فيما ستؤول إليه الأمور حال وصول أخيها!


مضى اليوم بأكمله وهي شاردةً، لم تتوقف دمعاتها ولم تعرف إلى الراحة سبيل. بمجرد عودة أخيها سينكشف أمرها ومن المؤكد أنها حينها أنها لن تتمكن من خداعه بأي شكل من الأشكال، كذلك لن تتمكن من مواجهته في الأساس!


دارت الأفكار وعصفت برأسها ولم تجد لمعضلتها تلك إلا حلًا واحدًا ستقدم عليه مرغمةً.. ستهرب!


ولكن بعد أن تهرب أين ستذهب؟ عليها أن تأمن مبلغًا كافيًا قبل أي شيء!


بدلت ملابسها وخرجت من الغرفة وتحدثت إلى والدتها فقالت:

_ إفتكرت مشوار ضروري لازم أعمله ياما.


_ مشوار إيه دلوقتي يا بنتي؟ الدنيا ليل!


= مشوار ضروري ياما، بعدين هقوللك، مع السلامه دلوقتي.


خرجت من المنزل على عجالة متوجهةً نحو المصنع، دلفت وصعدت إلى الطابق الثاني ومنهُ إلى مكتب صاحب المصنع .


طرقت الباب فأذن لها بالدخول؛ فدخلت وهي تحاول رسم الثبات واضحًا عليها ولكن دون جدوى، لقد كانت هشة كورقة شجر في مهب الريح.


طالعها عزيز متفحصًا بإعجاب وهي تدنو منه على إستحياء وقد أطرقت رأسها أرضًا وقال:

_ أهلا أهلا، دليلة هانم بذات نفسها عندي هنا.


إبتلعت ريقها بتوتر، ثم توقفت أمام مكتبه قبل أن يشير لها بالجلوس قائلًا:

_ جاية عشان تقفي ولا إيه؟ إتفضلي اقعدي.


جلست على المقعد المقابل له ورفعت رأسها تنظر له فرأته يحملق بها بشدة، عيناه مصوبتان نحوها وكأنهما ستخترقان جسدها؛ مما جعلها تشعر وكأن بها خللً ما؛ فراحت تعدل ثيابها وحجابها وهي تنظر له بتردد وقالت:

_ كنت محتاجة منك مساعدة.


صمتت تستشف رد فعلهُ فهز رأسه قائلًا بنبرةٍ خبيثة:

_ عنيا ليكي.


إزدردت ريقها ثانيةً بتوتر وأردفت:

_ محتاجة منك مبلغ صغير وأول ما ظروفي تسمح هردهولك.


مسح زاوية فمه بإبهامه وهو يشملها بنظراته المتفحصة وقال متسائلا:

_ إشمعنا؟


تخطت ضيقها وحرجها وأجابته بإيجاز قدر المستطاع:

_ أمي تعبانة ومحتاجة أجيبلها علاج.


نهض من مكانه ودار حول مقعدها، ثم جلس على المقعد المقابل لها وقال:

_ بس إنتي بطلتي تيجي الشغل، هترجعي الفلوس إزاي؟؛


وقبل أن تجيبه كان هو قد تابع بإبتسامة متهكمة:

_ هو جمال ساب المصنع ليه؟ مش صدفة غريبة شويه إن إنتي وهو تبطلوا شغل في المصنع في نفس التوقيت؟!


تنهدت بضيق وأجابت تقطع دابر ذلك الحديث العقيم:

_هتديني الفلوس ولا أمشي؟


كان قد أسند ظهرهُ على المقعد من خلفه وقال بلهجةٍ متلاعبة:

_ مفيش حاجه من غير مقابل..


إنزوى ما بين حاجبيها وتساءلت:

_ مقابـل إيه؟


نهض من مقعده، ثم دار حولها دورةً كاملة، ثم إنحنى فجأة ليتحدث بجوار أذنها وقال بهمس كفحيح الأفعى:

_ نفس اللي كان بيعمله جمال، أظن جمال مش أحسن مني ف حاجه، وبعدين ده أنا ليا الأولوية.. ده أنا هنا في المصنع من قبله وأنا كمان اللي معرفكوا على بعض.


ثارت كالبركان فجأة ونهضت من مكانها واقفةً بغضب وهي تتمتم بحنق وتقول:

_ تقصد إيه بالكلام ده يا ريس عزيز؟ أنا وجمال مفيش بيننا حاجة، ولو على إنه مشي من المصنع وأنا مشيت بعده فمش معنى كده إننا مرتبينها سوا أو أي حاجه من اللي تقصدها.


أومأ برأسه مرات متتالية وقال:

_ أيوة أيوة، هو إنتي مفكراني مختوم على قفايا ولا إيه؟ ده المصنع كله كان عارف حكايتك إنتي وهو، مكانش حد نايم على ودانه غيرك إنتي، جمال مسابش ست ولا راجل غير لما حكالهم على اللي بينكوا.


أفجعتها كلماتهُ؛ فراحت تحملق به بذهول وصدمة أثارت ضحكاته ثم إستطرد يقول:

_ بس بصراحة جمال ملوش حق..


وتابع وهو يتفحص جسدها بعينين شرهتين جائعتين، لا تكتفين ولا تشبعن من إختلاس النظر إلى أجساد النساء وقال:

_ بقا حد عاقل يسيب الرهـوان ده!


إحتدت نظراتها أكثر وطالعتهُ بغضب وقالت:

_ لولا إني مش قادرة كنت عرفتك مقامك وعرفتك تتكلم إزاي، عالعموم أنا غلطانة إني جيت أطلب مساعده من واحد دِني زيك، الله الغني عنك وعن فلوسك، مش عايزه منك حاجه.


تحركت للخارج على الفور وغادرت المصنع بأكمله، وعادت إلى المنزل كما أتت لم تفلح في شيء.


❈-❈-❈


كان حسين مستلقىً فوق سريره عندما طُرق الباب؛ فنهض مسرعًا وهو يخمن هوية القادم قبل أن يفتح الباب ويتفاجأ بإبن صاحب البيت وهو يبتسم إبتسامةٍ لزجة ويقول:

_ مساء الخير يا عمي حسين.


_ أهلًا يا كارم، إتفضل.


أجابه كارم وعيناه تجول بأنحاء المنزل:

_ شكرا، أبويا باعتني أقوللك تفضي الشقة آخر الأسبوع لأن أخويا كامل هيوضبها ويتجوز فيها.. معلش بقا.


حاول حسين تدارك الأمر سريعًا وإستيعاب تلك المفاجأة وقال:

_ حاضر يا كارم، بلغ أبوك إني هفضي الشقة حاضر..


_ بس ياريت بكره ضروري عشان في ناس جايين يشوفوا الشقة.. عن إذنك.


أغلق حسين الباب من خلفه وتنهد بضيق قائلًا:

_ وبعدين بقا في البهدلة دي! مكتوب عليا أفضل أتنطط من الشقة دي للشقة دي.


دلف إلى المطبخ و أعد قدحًا من القهوة إصطحبه إلى الشرفة وإنحنى بجزعه فوق السور وراح يتأمل المارة من أمامه والزحام الذي لا يهدأ؛ فقفزت هي إلى خياله على الفور فقال:

_طب و دليلة!! لو مشيت هتعرف عنواني إزاي؟!


إستدار وأسند ظهره على السور ، بينما أمسك قهوتهُ يرتشفها بهدوء وهو يفكر فيما هو آت.


~~~~~~~~~


لم تنَم ليلتها، لقد كان التفكير يعصف بها عصفًا، أُغلقت جميع الأبواب ولا تجد مخرجًا.


لطالما حاولت و سعت بكل جهدها أن تُجهض ذلك الجنين ولكن إرادة الله فوق كل شيء.


و الآن. وبعد أن كبر بأحشائها وشرع في الإكتمال، بعد أن زادت حركتهُ وكبر حجمه، بعد أن أصبح يركل ويضرب بأطرافه الناعمة بطنها وكأنهُ يعنفها في كل مرة يذهب خاطرها إلى فكرة التخلي عنه.


بعد أن أصبح جزءًا لا يتجزأ منها، ماذا ستفعل؟


كيف ستتصرف حال مجيء أخيها؟ بالطبع سيلاحظ بطنها المنتفخ مهما حاولت إخفاؤه.


لن تُجدي الملابس الفضفاضة نفعًا، ولن يفيد المشد الضاغط بشيء.


ليس لديها المتسع من الوقت، عليها أن تتصرف في أسرع وقت، ولكن ماذا ستفعل؟ من أيهم ستطلب المساعدة؟ أين ستذهب ومن أين ستجلب المال؟


_ حسيــن! .. دوى إسمه برأسها فجأةً وتنفست الصعداء وهي تحدث نفسها وتقول:

_ إزاي تاه عن بالي.. مفيش غير حسين اللي هيساعدني! أنا لازم أروح له الصبح!


❈-❈-❈


نامت ساعات قليلة من الليل، ثم نهضت باكرًا قبل أن تفيق والدتها وارتدت ملابسها وغادرت المنزل خفيةً.


وصلت أمام منزل حسين، إلتقطت أنفاسها المتبعثرة وحاولت تهدئة إنفعالاتها، ثم طرقت الباب بهدوء.


ثوانٍ طويلة ولم يفتح أحدهم فطرقت الباب بقوة أكبر ولكن أحدًا لم يُجِب أيضًا.


طرقت مرات ومرات وفي كل مرة كان قلبها يرتجف كجسدها الذي تملكته الرجفة فجأة، ولمّا يأِست من أن تستطيع ملاقاة حسين طرقت الباب المجاور لشقته ففتحت لها سيدة عجوز تبسمت فور رؤيتها ببشاشة وقالت:

_ إتفضلي.


_ لو سمحتي متعرفيش حسين اللي كان ساكن في الشقة دي راح فين؟


طالعتها السيدة متفحصةً وقالت:

_ إنتي دليلة؟


أومأت دليلة بموافقة وعيناها تشع باللهفة وقالت:

_أيوة أنا، هو حسين راح فين؟


_ حسين ساب البيت إمبارح..


طالعتها بصدمة شديدة وقالت:

_ ساب البيت؟!!!


_ للأسف، بس قبل ما يمشي سابلك جواب معايا.. لحظه أجيبه من جوه..


ثوانٍ وخرجت السيدة وهي تحمل ذلك المظروف وأعطتهُ لدليلة وقالت:

_ إتفضلي..


_ طيب هو ليه ساب البيات؟


_ صاحب البيت طلب منه يفضي الشقة عشان محتاجها، وحسين قاللي إنه مش عارف هيقعد فين لسه! لكن أكيد هيرجع لإن بقية حاجاته عندي هنا. 


تقوّس حاجبيها وكانت على وشك البكاء.. حتى ذلك الأمل الأخير الذي تشبثت به تحطم وإختفى! ماذا ستفعل وقد أغلقت الحياة أبوابها تمامًا! أين ستذهب وإلى من ستلجأ؟


_لو رِجع تحبي أبلغه بحاجه؟


نظرت إليها دليلة بيأس وقالت:

_ ينفع لو شوفتيه تاني تبلغيه إني محتاجه أشوفه ضروري؟ قوليله يسيب لك عنوانه الجديد وأنا هرجعلك تاني.


_ حاضر، طيب إتفضلي إدخلي..


_ متشكرة، عن إذنك.


إستدارت لتغادر المنزل وهي تبكي بلوعةٍ وشقاء وعادت إلى بيتها خاوية الوفـــاض!


❈-❈-❈


دخلت بيتها، وما إن دخلت حتى برز صوت والدتها وهي تقول بلهفة مخلوطة باللوم:

_ كنتي فين على الصبح كده يا دليلة؟ قمت أدور عليكي ملقيتكيش..


جلست دليلة بجوارها بعد أن قبلت رأسها كعادتها وقالت:

_ معلش ياما أصلي صحيت لقيت نفسي مخنوقه قلت أخرج أشم نفسي بره شويه.. حقك عليا.


_ مخنوقه من إيه يا بنتي لا سمح الله.. حد ضايقك تاني؟


_لا ياما متشغليش بالك.. أنا بقيت كويسة خلاص.


_ طيب كنت قولتي إنك خارجة كنتي تاخدي الفلوس وتجيبي الأكل اللي هنطبخه بكره إن شاء الله لأخوكي..


عند ذكر تلك السيرة وإنقبض قلبها من جديد، كل شيء ينذرها بالهلاك المحتم..


نهضت وهي تتحدث بصوتٍ متعب وقالت:

_ إن شاء الله ياما..


_ طيب خدي إيدي يا بنتي عاوزة أتوضا وأصلي..


نهضت دليلة وأمسكت بذراعي والدتها تساعدها كي تنهض، ثم سارت نحو غرفتها وفور دخولها أخرجت ذلك المظروف الذي تركه لها حسين وفضت غلافه بلهفة وطفقت تقرأ ما خطتهُ يداه.


" عزيزتي دليلة، قبل أي كلام بتمنى وإنتي بتقرأي رسالتي دي تكوني في أحسن حال. للأسف أنا إضطريت أسيب الشقه لأن صاحب البيت عاوزها، ومش عارف هستقر فين لسه.. أنا آسف إني مش هقدر أكون جمبك في الظروف اللي انتي فيها اليومين دول، لكن صدقيني الأمر خارج عن سيطرتي.. أول ما أستقر في مكان هرجع علشان أخد بقية حاجتي وأتمنى وقتها ألاقيكي سايبه لي عنوان أوصل لك عن طريقه علشان أقدر أطمن عليكي.. والسلام ختام "


طوت الورقة بعد أن إنتهت من قراءتها ومسحت دمعاتها المقهورات وتمتمت بأسى:

_ يااا رب.


إنقضى النهار كله وهي لا تزال جالسةً فوق سريرها تفكر، لم يتبقَ أمامها سوى حل وحيد.. ستلجأ إليه مرغمةً!

 

نهضت من الفراش وهي تسند يدها خلف ظهرها وسارت بوهن حاولت تجاوزه، ثم جمعت ملابسها ووضعتها بداخل حقيبة صغيرة، ثم خرجت من غرفتها وتقدمت نحو غرفة أمها وهي تسير ببطء على أطراف أصابعها وكأن والدتها ستراها.


دلفت الغرفة وفتحت الخزانة، ثم دست أصابعها بخفة أسفل ملابس أمها حيث تحتفظ بالنقود الذي يرسلها بلال كي تدخرها لحين عودته.


إستلت بعضها وأغلقت الخزانة ببطء، ثم نظرت إلى المبلغ فوجدت أنه لن يكفي ما تحتاجه فعادت وفتحت الخزانة من جديد وأخذت ما تبقى من مال وغادرت الغرفة.


دلفت غرفتها مجددًا وهي تحاول كبح جماح دمعاتها اللواتي تساقطن بغزارةٍ فوق وجنتيها، ثم إلتقطت عباءتها السوداء وإرتدتها على عجالة وحملت حقيبتها وخرجت من الغرفة، ثم حثت الخطى نحو غرفة والدتها الغارقة في نومها.


كتمت دليلة شهقاتها ونحيبها واقتربت من أمها أكثر حتى يتسنى لها رؤيتها عن قرب وظلت تنظر لها مليًا وكأنها تريد أن تحفر صورتها بذاكرتها لآخر مرة ستراها فيها.


وقفت أمامها وانحنت وطبعت قبلةً طويلة فوق جبينها، ثم طافت بعينيها فوق معالم وجهها البسّام وهي ترسم أدق تفاصيل وجهها بقلبها وعقلها..


كانت تود أن تعانقها العناق الأخير ولكنها خافت أن تستيقظ والدتها

فتراجعت للوراء، ثم خطت نحو الخارج وهي تحاول كتم نشيجها، ثم لاذت بالفرار.


❈-❈-❈


" يا لوعتي يا شقايا يا ضنى حالي

ضاع الامل من هوايا وانشغل بالي

جاد الزمن بالتلاقي من بعد طول البين

لقيت حبيبي رعاني والعين تناغي العين

بين الجناين قابلته وكنت حيران عليه

وحن قلبي طاوعته ورحت مايل اليه

وكان سلام التلاقي أصبح سلام الوداع

يا لوعتي يا شقايا ضاع الامل من هوايا


ردد جمال بتلك الكلمات متغنيًا وهو يعد كوبًا من الشاي وبجانبه شطيرتين إصطحبهما إلى الشرفة التي تطل على مدخل المبني الرئيسي.


أحضر مقعدًا عاليًا وجلس عليه وراح يحتسي الشاي وهو يراقب مدخل البيت على أمل أن يراها.


ظل جالسًا بمكانه قرابة الساعتين والنصف ينتظر أن يراها أو يلمح ظلها على الأقل.


لقد شغفتهُ حبًا وأصبح متيمًا بها بين ليلةٍ وضحاها.


وها هي قد ظهرت؛ فانتفض قلبهُ بين ضلوعه واهتز جسدها كاملًا وأحس بالرعشة تسري في أوصاله.


كانت رقيقة للغاية، سلبت عقله وأسرت قلبه وجعلتهُ صريعًا لهواها.


لم يتلاقا جفناه، ظل محدقًا بها حتى غابت عن ناظريه ومن بعدها زفر أنفاسه المحبوسة.


ولكنه لم يكتفِ بعد؛ أسرع وفتح باب شقتهُ ينتظر قدومها، و فور أن رآها تقدم للخارج خطوتين وقال بتلعثم:

_ مساء الخير.


نظرت إليه بعينيها المسحوبتين بثقة وقالت بصوتها الناعم:

_ مساء النور يا جمال.


مـات جمال!!


قتلتهُ سهام عينيها، صعقتهُ وسحقتهُ وفعلت به الأفاعيل.


_ مش إسمك جمال بردو؟!


تساءلت بتلك الكلمات عندما رأتهُ يحدق بها تحديق الموتـى، فقال هو متلعثمًا:

_ لأ، أه، أيوة أيوة أنا جمال.


إرتفعت ضحكاتها المفعمة بالأنوثة فازدادت لعثمته وتفاقم ارتباكه وشعر وكأنه قد فقد النطق. ولم يفق إلا عندما سألته:

_ كنت محتاج حاجة؟


إستعاد توازنه المزعوم وحاول أن يبرز صوته ثابتًا هادئًا فقال وهو يتحاشى النظر إلى عينيها:

_ معلش لو عندكوا….


صمت لثوان يفكر بما سيطلبه منها وأجاب مسرعًا:

_ زيت، كنت محتاج زيت.


قالت مبتسمه بهدوء:

_ هقول لزهور تناولك الزيت، تصبح على خير.


_ وإنتي من أهل الخير.

قالها وهو ينظر في أثرها إلى أن دخلت وأغلقت الباب من خلفها؛ فإطمئن قلبه بعد أن أشبع عينيه برؤيتها.


ظل واقفًا شاردًا بحاله وبما فعلت به فانتبه على صوت زهور مدبرة منزلها وهي تناوله شيئًا ما وتقول:

_ الزيت يا أستاذ جمال..


نظر إليها متعجبًا وهو يقول:

_ زيت إيه؟


_ الزيت اللي طلبته ..


_ أه.. متشكر يا زهور خلاص مش محتاجه.. تصبحي على خير.


إستدار ودخل شقته بينما تركها تنظر في أثره متعجبةً وهي تقول:

_ ده إيه أصله ده!


❈-❈-❈


إنقضى الليل كاملًا وهي تدور بالشوارع والطرقات؛ صالت وجالت كثيرًا ولكنها لم تجد مأوى، كان طلبها عسيرًا ولم تجد المكان الملائم لظروفها الخاصة.


بحثت عن مسكنٍ بعيد، منعزل قدر الإمكان، لا تود أن تختلط بأحد ولا أن يختلط أحد بها.


هذا بالإضافة إلى سعر المنزل والذي تحدده النقود التي تملكها.


ظلت تبحث ولم تيأس، ولكنها فقط إحتاجت إلى قسطًا من الراحة؛ فجلست على إحدى الإستراحات الموجودة بالشارع وأخرجت قنينة ماء تجرعتها كاملةً من شدة العطش؛ ليقع نظرها على إعلان مكتوب فوق المنزل المقابل لها ومكتوب به " المنزل للإيجار ".


نهضت على الفور وذهبت أمام ذلك المنزل وظلت تتلفت يمينًا ويسارًا فرآها حارس العقار فذهب لها قائلًا:

_ أؤمري يا ست هانم.


_ كنت عايزة أأجر أوضه.


تفحصها من الأعلى للأسفل عدة مرات وقال:

_ أوضه! بس البيت معروض للإيجار كله على بعضه، مش قطاعي.


زفرت بإحباط ثم قالت:

_ طب متعرفش مكان أوضه للإيجار، أنا زي ما إنت شايف لوحدي ومش محتاجة غير أوضة أقعد فيها.


حك ذقنه بتفكير، ثم قال:

_ ممم.. بس أنا ليا الحلاوة.


لوت شفتيها نزقًا وقالت:

_ بجملة الخساير، فين الأوضة؟


_ تعالي ورايا.


سارت خلفه كما أمرها فذهب إلى شارع مجاور وأشار لها على مدد بصرهما وهو يقول:

_ شايفة البيــر اللي هناك ده؟ البيت اللي جمبه لزم.


وتابع وهو يعدد مزايا تلك الغرفة الفريدة من نوعها حتى يحصل على أكثر ما يمكنه الحصول عليه وقال:

_ أوضة هواها بحري، وريحها حلو، والأحسن والأحسن بقا إن بابها مش من المدخل الرئيسي، يعني تطلعي وتدخلي براحتك محدش شايفك.


أومأت بموافقة واستلت من جزدانها بضع جنيهات أعطتها له وقالت:

_ ربنا يكرمك.


نظر إلى الجنيهات بين يديه برضا وقال مبتسمًا:

_ هبلغ صاحب البيت إن الأوضة إتسكنت عشان تتكلموا وتتفقوا على الإيجار والمسائل دي، ولو إحتاجتي أي حاجه أو عوزتيني أقضي لك أي مشوار عنيا ليكي، الظاهر إنك على وش ولادة ربنا يعينك.


حانت منها إلتفاتة نحو بطنها المنتفخ، ثم نظرت إليه وقالت:

_ تسلم، عن إذنك.


دلفت دليلة إلى الغرفة بخوف وتوجس، فكم تخاف الأماكن المغلقة، كما تكره الوحدة أيضًا، ولكنها اضطرت لخوض أمور كثيرة مرغمةً؛ فلم تَعُد تملك رفاهية الإختيار.


فكم من دروبٌ نسلكها مرغمين بعد أن ألقت بنا الحياة نحوها وأصبحنا لا نملك سوى المثول لرغبتها.


وضعت حقيبتها جانبًا، ثم شمرت عن ساعديها وهي تردد وتقول:

_ الظاهر إنك مكتوب عليكي الشقا يا دليلة، إستعنّا عالشقا بالله.


يُتبع..

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة نعمة حسن، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية