رواية جديدة البحث عن هوية لهالة محمد الجمسي - الفصل 14
رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة
هالة محمد الجمسي
رواية البحث عن هوية
رواية جديدة
تنشر حصريًا
على مدونة رواية وحكاية
قبل أي منصة أخرى
الفصل الرابع عشر
تأمل حاتم وجه غادة الغافي جسدها ينتفض بين كل لحظة وأخرى مما يخبره أنها لا تنعم بنوم هادئ، أنها تحظى بكوابيس متعددة شعر بالحزن من أجلها، وتدفق داخله شعور بالمسئولية تجاه الفتاة، تعجب من أمره وأمر قلبه يلتقى بها في ظروف غريبة هي تبحث عن ذاتها عائلتها وهو الذي بلا عائلة ويعاني من ويلات الفقد المتتالية التي تركت جرح غائر في أعماقه يتشبث بها ويتخذ ها عائلة له
الحب لا ينتمي إلى منطق، لا يخضع تحت أي قوانين، يزهر في الشتاء في الصقيع ويزدهر أيضاً في الجحيم، لا يوقفه نزاع ولا يعترف بالاختلاف وفي كامل نضجنا نسير خلفه مغمضى العين، وفي أوج جنونا نتخذه صواب،
تحرك القط شوجر تململ بين قدم حاتم
أطلق مواء مهزوم يشكو حالة التجاهل الذي يحظى بها
نظر له حاتم وكأنه انتبه فجأة أن القط يقف إلى جواره منذ ستون دقيقة كاملة حمله في هدوء بين ذراعيه ثم اتجه إلى المطبخ ووضع الكثير من اللبن في الإناء
ثم قال وهو يتجه إلى الصالة مرة ثانية بعد أن أنزل القط عن ذراعية:
_يمكنك شرب اللبن هنا
جلس في هدوء وهو حريص على عدم احداث ضجة على المقعد الهزاز، لم تمض سوى ثلاث دقائق، حتى خرج القط من المطبخ وثب فوق حاتم وهو يلعق لسانه الذي تحول الى اللون الأبيض،مرغ القط جسده في صدر حاتم الذي قال في صوت متساءل:
_أين كنت طوال تلك السنوات التي مضت؟ لم تريد ترك المكان كنت تأمل في عودتنا
لقد كنت تقتات على الأمل ويقين داخلك لا يتزحزح أن أحد ما سوف يعود إلى هنا،
أنت مثابر وقوي يا صديقي، لقد قاتلت في الحياة ورضخت إلى ظروف أخرى حتى تعيش أيام ماضية لا أعرف كيف مضت بك الحياة في الأيام السابقة؟ وقد كنت مدلل لا تبذل مجهود في البحث عن الطعام، ولكنك ظللت تدافع عن بقاء حي في هذا المكان إلى حين عودة اصحابك أو ما تبقى من أصحابك
ثم نظر إلى وجه غادة وقال:
_الأمر قاسي ومؤلم أن تقتص كل جذورك دفعة واحدة، ليس سهل أن تكون غصن تتقاذفه الريح في قسوة وتتلاعب به الزوابع في سخرية وشماتة أيضاً وكأنها تجد في ضعفه وإذلاله مسرات له،
الأمر مبكي أن ترحل قافلتك دونك، أن تكون ضال بعد أن فقدت مرشدك
مرر حاتم يده على ظهر القط ثم تابع:
أنا وهي وجهان لعملة واحدة
أغمض حاتم عينيه وهو يفكر في كلمات غادة، ما تذكره عن شخص شرير يظهر في وضوح أن هذا الشخص هو السبب الرئيسي الذي يمنع غادة عن استعادة ذاكرتها، ألقى حاتم نظرة على القط شوجر الذي غرق في النوم ثم أغمض عينيه وهو يشعر بالإرهاق والتعب
❈-❈-❈
صوت غادة وهي تهتف في لهفة تنادي بأسم الطبيب في استجداء جعل حاتم ينتفض في جلسته وأفزع القط الذي قفز في حدة ولكن غادة لم تنتبه إلى هذا كله لقد هتفت في سرعة:
_ريناد اسمي ريناد
اتجه حاتم مباشرة إلى الفتاة ثم امسك يدها في حنان وقال وهو يشاهد وجهها المضطرب:
_عليك الهدوء، من الأفضل أن تجلسي
يمكنك التقاط شهيق وزفير متتالي
نفذت غادة الأمر ثم قالت بعد عدة دقائق:
_أسمي هو ريناد، ريناد صالح
هز حاتم رأسه علامة الموافقة ثم قال:
_هل تذكرت الآن كل شيء عن ذاتك؟
تنهدت الفتاة ثم قالت:
_لقد شاهدت عدة أمور في الحلم، أقصد بعض اشياء::::
توقفت غادة عن الكلام فجأة مما دفع حاتم أن يهتف وهو يحثها على الكلام:
_أنا أستمع لك
تنهدت غادة ثم قالت:
_لقد شاهدت طفلي أيضاً في الحلم
ردد حاتم في حيرة:
_طفلك؟!
مررت غادة يدها على شعرها وقالت وهي تشعر بالخجل من حاتم:
_أجل لقد طلب مني كريم العودة إلى المنزل
تأمل حاتم وجهها، شرعت في البكاء مما جعل حاتم يقول في صوت منخفض بعض الشيء:
_لا بأس
شهقت غادة وهي تقول في حزن:
_أنا آسفة حقاً يا حاتم
نظر لها حاتم في عمق ثم قال:
_لماذا عليك الأسف؟
ألقت غادة نظرة على وجه حاتم كانت ملامحه غامضة ساكنة لا توحي بأي شئ، قالت في تلعثم:
_ربما يمكنك التخلي عني الآن، سوف أواصل أنا رحلة البحث عن المنزل وطفلي أيضاً
قال حاتم وهو ينظر لها في هدوء بدا غريباً إلى غادة وغير منطقي أيضاً:
_ماذا عن الشخص الشرير؟ ماذا عن تلك الأشياء التي تحدثت عنها قبل أن يذهب عقلك إلى صراعات ما؟ لقد تحدثت عن شخص يحمل مسدس لقد كان هناك شخص آخر أيضاً هل تذكرين هذا؟
نهضت غادة من مكانها سارت عدة خطوات ثم وقفت في منتصف الصالة وقالت:
_أجل اذكر كل هذا
تابع حاتم وهو يسند ظهره على الأريكة:
_هل زال الخوف من داخلك من هذا الشخص؟
نظرت له غادة في حيرة ثم قالت:
_لا، ولكن الطفل يجب أن أعود من أجل الطفل
نظر لها حاتم في عمق ثم قال:
_هل مكان منزلك معلوم لديك؟
نظرت له غادة في حزن ثم قالت:
_أسمي ريناد صالح متزوجة ولدي طفل
ردد حاتم في هدوء:
_ريناد صالح يبدو الأسم مألوف
حركت غادة رأسها ثم قالت:
_هل هذا صحيح؟ الأسم يبدو لك مألوف
تابع حاتم وهو يلقى نظرة على القط:
_أجل الأسم على وقع الاذن ليس غريب استمعت له من قبل ولكن احتاج الى تنشيط الذاكرة
قالت غادة وهي تنظر له في حيرة:
_أنت لست سعيد من أجل هذا أليس كذلك؟
نظر لها حاتم في هدوء ثم قال:
_سوف اكون اكثر سعادة حين تستعدين ذاكرتك؟
قالت غادة في عناد:
_لقد استعدت جزء منها وهذا أمر جيد يمكنني الوصول إلى كافة الأمور بعدها
قال حاتم وهو ينظر لها في شك:
_نحن لم نحصل سوى على خيوط متشابكة فقط
تمتمت غادة في خفوت:
_خيوط متشابكة
لم يجب حاتم مما دفع غادة أن تقول:
_خيوط يمكنها أن تصل بنا إلى الحقيقة
أنا عرفت جزء كبير من هويتي الحقيقة
ثم نظرت له في حزن وقالت:
_لقد كنت أخشى هذا كثيراً، أخشى أن أتعرف إلى ذاتي، لقد أخبرتك أن ربما الماضي :::::
نظر لها حاتم في عمق ثم قال:
_لا، لا ينبغي عليك التفكير بهذة الطريقة مشاعرك ومشاعري كانت متدفقة و بريئة عفوية وصادقة أيضاً،
إذا كنت تملكين عائلة وبيت وزوج وطفل، سوف يقوم كل منا على محو تلك الأيام من ذاكرته حتى يو اصل كل منا طريقه، لقد أخبرتك من قبل أن على استعداد تام أن اغفر الماضي إذا كان به ما يسيء، ولكن لن أقف أمام حياتك الماضية إذا كانت سعيدة، ينبغي عليك السعادة إذا تم الوصول إلى طفلك وعائلتك، سوف أظل معك الى النهاية حتى اصل لهم
شعور جارف بالذنب تملك غادة جلست في ضعف على الأريكة لم تعد قدماها تقوى على حملها، لا يمكنه أن تتجاهل هذا أنها تعشق حاتم، قلبها معلق به إلى حد كبير، كيف يولد الحب بين الساعات ويقوي بهذا القدر؟ وكيف يمكنها أن تفلت يدها منه إذا كان قلبها يرفض أن يتقبل الفكرة الآن؟ هل ما مر مجرد خداع مشاعر وقعت به من جراء كثرة التخبط الذي حظيت به؟ هل انساق قلبها وراء فكرة التعلق به كرد فعل خائف ان لا تجد شخص تعتمد عليه في الأيام المقبلة؟ أو هو تعلق المريض بطبيبه؟
حاولت أن تخفي وجهها وما يدور في عقلها واضطراب جسدها عنه
جذبها صوت حاتم من أفكارها
ولكن هناك أمور مبهمة هنا أجد عقلي عاجز عن إيجاد تفسير لها
هتفت غادة في حيرة:
_أمور مبهمة!؟
هز حاتم رأسه علامة الموافقة ثم جلس إلى جوارها قائلاً:
_لديك عائلة أجل هذا أمر يقر به العقل، الجميع يمتلك عائلة اين هي؟ لماذا لم يبحث عنك أي فرد منهم خلال فترة الحادثه وبعد الحادثة أيضاً؟ لديك طفل أمر جميل ولطيف ولديك زوج أيضاً
نظرت له غادة في صمت، دون أن يطلب منها رفع يدها الى أعلى كانت في مواجهه عيناها مباشرة قال في صوت حازم ومرتفع:
_أين محبس زواجك؟ ريناد صالح
ارتعشت يد غادة وقالت هي تحاول أن تسحب يدها من يد حاتم:
_ماذا تقصد بهذا؟ هل عدم وجود محبس زواج في يدي يفي بأمر أن لست متزوجة
هل هذا هو دليل على كذب ما اقول؟
هز حاتم رأسه علامة النفي ثم تابع:
_لا، لا اقصد هذا ولكن ربما كان الشخص الشرير الذي تذكره عقلك هو الزوج، ربما لم يعد هو زوج
قالت غادة وهي تحاول أن تمنع دموعها من الفرار من مقلتي عيونها:
_ماذا عن الطفل؟ أريد أستعادة الطفل
نظر لها حاتم في هدوء ثم قال:
_عزيزتي أخبرتك من قبل أن أسم ريناد صالح مألوف لدي أنا على يقين تام أنك لست هي، يعاني عقلك من تشويش ما
ه
هزت غادة رأسها علامة النفي ثم أمسكت ذراع حاتم وهو تقول في لهجة توسل:
_لا لا أنا ريناد صالح متزوجة ولدي طفل
أغرقت الدموع وجه غادة، نظرت إلى حاتم في استجداء قال حاتم وهو ينظر لها مباشرة:
_لا، أنت لست هي ولا يمكن أن تكون أنت ريناد صالح، لقد قرأت هذا الاسم في قائمة الوفيات في الحادث عزيزتي، محال أن تكون أنت ريناد، لأن من تتحدثين عنها ماتت منذ أيام،
لقد رحلت الفتاة عن الحياة يوم الحادث
نهضت غادة من مكانها سارت عدة خطوات في الصالة ثم قالت:
_لا، لا، هذا أمر مستحيل، أنا ريناد
هتف حاتم في هدوء وبلهجة حاسمة:
_ لا، لست ريناد، هذا أمر محال أن يكون لقد تم تسليم جثمان ريناد إلى الزوج، لم تكن ملامح الشابة مشوهة أو بها أي حرق من أي نوع، تم التعرف على هويتها من خلال البطاقة الخاصة بها، كانت في سيارتها وقت الحادث، تعرف عليها زوجها
سادت صمت ثقيل بين حاتم وغادة في حين اتخذ شىوجر القط إحدى الزوايا وهو ينظر إلى كل منهم في صمت تام وكأنه شعر بأهمية من يحدث فأوقف الشغب والضجيج والتزم السكون، قالت غادة وهي تقترب من حاتم:
_سوف أذهب الى زوجي يجب أن أذهب
قال حاتم في لهجة تحذير ية وهو يرفع أصبح يده في وجه غادة:
_زوج ريناد هل تقصدين هذا؟
هزت غادة رأسها ثم قالت في إصرار:
_يجب أن أذهب إلى هناك
قال حاتم وهو ينظر إلى ساعة الحائط ويشير لها:
_الثانية بعد منتصف الليل لا يعد زيارة أنه اقتحام للمنزل الرجل ليس شخص عادي
تمتمت غادة في صوت به من الدهشة والحزن الكثير:
_ليس شخص عادي!؟ ماذا يعمل زوجها؟ من يكون؟
قال حازم وهو يقترب منها:
_هل يمكنك البحث عن هذا في ذاكرتك؟
الزوج رجل سياسي معروف يا عزيزتي
هتفت غادة في حيرة:
_ربما كنت::::
هز حاتم رأسه علامة النفي وقال في إصرار:
_لا، لا ما يدور في ذهنك ليس صحيح، أنت لست ريناد صالح هذا أمر أنا على ثقة به،
الرجل ليس طليقك أيضاً
هتفت غادة في صوت به من اليأس الكثير:
_إذن كيف تفسر معرفتي بها؟ كيف؟
أعقب حاتم في هدوء:
_لقد كنت بعد الحادث في حالة انعزال تام عن ما يحدث في الخارج أمر استلام الجثث وأمر المفقودين، كنت فاقدة القدرة على الحركة أيضاً من الصدمة، هذا الأمر يبعد فكرة استماع أذنك إلى الأسم ودسه بين الذاكرة واستعادته في الوقت الحالي
سار حاتم إلى حيث تقف غادة ثم قال في هدوء:
_السؤال الذي يجب أن يجاب عنه هو ما علاقتك بها؟ وعلاقتك بالطفل؟ ريناد صالح من قاطني الإسكندرية كانت في زيارة إلى أسرتها في القاهرة
ولم تصل لهم لأن الحادث تم قبل الوصول لهم مما أدى إلى وفاتها، لم يكن هناك أي شخص آخر في سيارتها سواها،
كيف تعرفين ريناد صالح القادمة من الإسكندرية في زيارة بضع ساعات؟ هذا ما يجب أن نجد له إجابة، لا ريب أن هناك خيط يجمع بين كل منكم والآخرى
همست غادة وهي تغمض عينيها في قوة:
_لقد أصبحت أكثر خوف من ذي قبل،
أنا خائفة إلى حد كبير الأمر أشبه بالسقوط في بئر اسود عميق، ماذا إذا عدنا إلى نقطة الصفر،
الأمر أشبه بمتاهة كبيرة لن تنتهى
وضعت يدها على كتفها وهي تحاول أن توقف تلك الرعشة التي غمرت كيانها:
_هل أركض خلف سراب؟ الأمر يزداد تعقيد
نظر لها حاتم في حنان ثم قال:
_سوف اطلب لقاء مع السياسي في الغد، سوف نعثر على إجابات كثيرة هناك
قالت غادة وهي تنظر له في حيرة:
_هل سوف يوافق على لقائك؟ تبدو فكرة صعبة المنال
أعقب حاتم في هدوء:
_الرجل يسعي إلى نيل عضوية مجلس النواب، سوف يوافق لأن من يطلب مقابلته هو شخص عادي يطلب عون سوف أحظى معه بلقاء معه، الرجل لا يغلق بابه في وجه أحد، تعرفين المرشحين قبل حسم الأمر لا يغلقون الأبواب ولا يكفون عن مد يد المساعدة
قالت غادة في تردد :
_مجلس النواب!
قال حاتم وهو يوضح لها:
_لقد تقدم بهذا الطلب منذ أشهر وليس منذ أيام قبل وفاة الزوجة بشهور
قالت غادة في يأس:
_لا يزال في مرحلة الحداد والحزن إذن ، لم ينتهى من أثر صدمته بفقدانها، هذا يضع فكرة لقاءه أمر صعب ربما لن تحظى بلقاء معه
أعقب حاتم في هدوء:
_هذا صحيح، تفكير منطقي وبه من رجاحة العقل الكثير ربما امتنع الرجل عن مقابلتنا بسبب فترة حزنه، ولكن لا يجب أن نستبق الأحداث ،هي بضع ساعات فقط خمس ساعات ويأتي النهار ونعلم هل يوافق على اللقاء أو لا؟
تمتمت غادة في حيرة:
_وإذا رفض؟! ماذا سوف يحدث؟
هتف حاتم في سرعة:
_سوف نحصل على إجابات لكل الاسئلة بطريقة أخرى أعدك بهذا
شردت غادة دقائق وهي تفكر في الأمر، تمتمت في صوت خافت:
_من هي؟ ومن أنا ؟
يُتبع..
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة هالة الجمسي من رواية البحث عن هوية لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية