-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 5 ج1

      قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري


الفصل الخامس 

الجزء الأول

❈-❈-❈

ارتدى ملابسه وهو يبتسم في المرآة بزهو وخرج؛ فوجد والدته تجهز المائدة فسألته وهي لا تزال ترص الاطباق:

-أنت رايح فين ع الصبح كده؟ هو مش أنت نبطشية ليل؟

أومأ ولا تزال بسمته تتسع لأذنيه؛ فشعرت والدته بالحيرة واقتربت منه تسأله بتوجس:

-فيك ايه يا بني؟ حاجه حصلت؟

رد وهو يقبل جبينها:

-ابدا مفيش، صحي أنس خلينا نفطر.

ابتسمت بحب وردت وهي تتجه للمطبخ:

-أدخل أنت صحيه خليني أعلق ع الشاي.

وافقها بإيمائة طفيفة وطرق الباب فاستمع لصوته من الداخل:

-ادخل.

دلف فوجده جالسا على فراشه ممسكا بهاتفه يتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنه اعتدل فورأن وجد شقيقه يرتدي ملابسه:

-الله! انت رايح فين؟

أجابه بعدم اكتراث:

-القسم، هكون رايح فين؟

سأله مجددا:

-انت نبطشيتك اتغيرت؟

نفى برأسه وهو يوضح:

لأ، بس ورايا كام حاجه عايز اخلصها.

توجس أنس من تصرف أخيه فهو اعلم الناس بما يدور بخلده، وإلا لما كان له هذا التأثير عليه لاستطاعته قراءته بسهولة ككتاب مفتوح امامه فهتف محذرا:

-بلااااش.

رمقه مالك بنظره متحيرة فأصر الأول على تحذيره:

-بلاش يا مالك تعمل اللي في دماغك، اسمع الكلام وخلينا نبعد عن الشر ونغنيله

صر مالك على اسنانه وهو يرمقه بنظرات جامدة وصرخ دون وعي:

-مش قبل ما اشفي غليلي من اللي اسمه فارس الفهد ده، هو السبب في كل حاجه حصلت هو مراته، هم اللي لعبوا في دماغها ومش بعيد يكونوا السبب في الخطه الو**ة اللي عملتها نرمين عليا وعليك.

ارتبك أنس ونهض من فراشه مقتربا من شقيقه وهو يحاول اثناءه عما يدور بخلده:

-انا عارف انت موجوع أد ايه، ومش هتكون موجوع زيي لأن أنا موجوع وجعين، وجعك ووجعي، بس قولنا العيار اللي ميصبش يدوش والناس دي بجحه ومعندهومش مشكلة من الفضيحه، لكن احنا اللي لو حصل كده امك ممكن تروح فيها وأديك شوفت حصلها ايه وقتها.

جلس على طرف الفراش وهو يصر على اسنانه بغل ورد متجهما:

-مش قادر، عايز على الأقل اروح اوصي أي حد من زمايلي عليه وهو هناك يعملوله تشريفه محترمه تليق بيه.

ضحك أنس وهو يعقب على حديث أخيه:

-يا بني هو انت متخيل ان اللي زي فارس الفهد ده هيدخل التخشيبه ويتعمله تشريفه، ده مش بعيد يكون بايت في اوضة اللوا بذات نفسه.

وقف بإصرار وهو يؤكد:

-برده مش هفوت على نفسي فرصة اني اشوفه وهو في الوضع ده، أكيد هيتكلبش وهو رايح النيابه وفكره اشوفه مذلول بالشكل ده هيشفي غليلي

❈-❈-❈

بدل ملابسه بأخرى نظيفة وطوى ما كان يرتديه واضعا إياه بالحقيبة التي جلبتها زوجته، ولم تتركه يفعل كل هذا بمفرده بل كانت معه خطوة بخطوة تساعدة بربط رابطة عنقه وارتداء سترته وحذائه بعد أن ساعدته بتنظيف نفسه بالمحارم المعطرة والنظيفة.

انتهت من ربط رابطة عنقه؛ فانحنى مقبلا اياها قبله عميقة وابتعد يبتسم لها وهي تنظر له بتوجس وقلق وهمس:

-متقلقيش، هم خلاص هياخدوا اللي هم عايزينه ومفيش داعي لتلفيق القضية دي ليا.

أومأت له وفتحت الباب ليدخلوا جميعا؛ فتفاجئت بوجود نرمين وعمها الذي احتضنته وهي تتسائل:

-انتو جيتو امتى؟ أنا مش لسه سيباكم في البيت؟

رد محمود موضحا:

-توأمك مقدرتش تصبر يا ستي وصممت اجيبها.

لمحه فارس يقف بمقربة منهم مبتسم؛ فرفع حاجبه ناظرا له بجمود والآخر تتسع ابتسامته كلما اقترب من الجمع المحيط بفارس حتى أصبح امامهم، فاندهش الجميع لرؤيته واقفا امامهم هكذا والابتسامة تلعو ثغرة بتشفي واضح وتحدث بصوت عال وواضح:

-اخيرا شوفتك مزلول يا فارس بيه.

تعجب يزن من هذا الشخص الذي يبدو وكأنه يعرفهم جميعا حق المعرفة، ويبدو عليه التشفي بأبهى صوره فانحنى يسأل مازن:

-مين ده؟

وقبل ان يجيبه كان صوت فارس الحاد يهدر به:

-أمشي من هنا أحسنلك يا مالك متخلنيش افقد أعصابي عليك.

ضحك بسخرية فما كان إلا ان اقتربت نرمين منه ورمقته بنظرات متقززة وهي تهتف:

-انت ايه اللي جايبك؟ ما تبعد عني بقى.

أطرق بصره تجاهها وهو يخبرها من بين اسنانه المطبقة:

-أنا مش جاي مخصوص يا نرمين، بلاش تاخدي في نفسك قلم اوي كده.

صرخ محمود متسائلا:

-أومال ايه اللي جايبك هنا؟ تكونش اتنقلت واحنا منعرفش!

اقترب أكثر وأكثر من محمود الواقف بجوار ابنته وهمس له بصوت مسموع:

-لأ، بس جاي اشوفكم وانتوا قلقانين ع الباشا اللي كان السبب في خراب بيتي و...

قاطعته نرمين:

-فارس مش السبب يا مالك، دياثتك هي السبب....

وقبل ان تكمل حديثها كان هو يرفع يده عاليا مستعدا لصفعها، فما كان إلا أن منعه يزن بإمساكه لذراعه المرفوع وقبض عليه بقبضة قوية ورمقه بنظرة غاضبة وهو يحذره:

-إياك.

ضحك عاليا وهو ينفض يد يزن قائلا:

-وده مين ده كمان؟ صيده جديدة يا نرمين من عيلة الفهد؟

لم يستطع احد إسكاته وهو يكمل:

-مكفاكيش مازن وبعده انا، ده الصيد الجديد؟

حاولت أن تمنعه من الخوض بشرفها، ولكن كان كل من مازن وفارس سابقين بالانقضاض عليه مما دفع العساكر وأمناء الشرطة وحتى الضباط من التدخل لمنع ذلك الشجار خصوصا بعد أن وجدوا ذلك الرجل المعروف يتشاجر مع زميل لهم يعرفه البعض.

سحبه احد الضاط بعيدا وهو يسأله بحيرة:

-انت ايه اللي جابك هنا يا مالك؟

دفعه بعيدا ونظر له بغل هاتفا:

-سيبني يا عمرو خليني اربيه.

صرخ فارس وهو يصر على اسنانه:

-تربي مين يا حته برص متسواش...

أمسكته ياسمين توقفه عن سبه بداخل القسم وأمام الكثير من الشهود وهمست له:

-بلاش يا فارس تخليه يخرجك عن شعورك.

تحرك محفوظ صوب الضاببط وهو يتكلم بعمليه:

-يا فندم الاستاذ ده اتهجم على موكلي وعيلته، وانا عايز اعمل فيه محضر سب وقذف كمان.

صرخ مالك بشراسة:

-أنا ظابط يا شوية *** مش استاذ ولا بيه بتحامى في فلوسه، والله لهوريكم.

سبته كانت وقحة لدرجة جعلت من زميله يشعر انه قد تخطى الحد الاحمر فسحبه بعيدا وهو يحاول تهدأته:

-بطل جنان بقى وتعالى معايا.

ابتعد عنهم فهمس له صديقه:

-أنت جاي مخصوص عشان تعمل العمايل دي؟ لو سيادة اللوا عرف بتصرفك ده ممكن يبعت لرئيسك المباشر وسعاتها ملفك هيبقى فيه نقطه سودا وممكن جدا تتأخر ترقيتك، أعقل وبلاش جنان.

رد من بين اصطكاك اسنانه:

-انتوا مش كنتوا واقفين؟ يعني معايا شهود و..

قاطعه رفيقه:

-يا بني وجودك هنا في حد ذاته معناه انك جاي متعمد واغلبنا عارفين النسب اللي كان بينك وبين فارس الفهد ف...

قاطعه ممتعضا:

-انا مكانش فيه بيني وبينه نسب أناااا..

عاد عمرو لمقاطعته:

-بلاش غباء بقى، احنا حتى لو ظباط فمش أد الناس دي ولا أد نفوذهم، انت عايز تصحى الصبح تلاقي نفسك اتنقلت السلوم!

❈-❈-❈

بنفس الوقت انهارت نرمين باكية فما كان من ياسمين إلا ان احتضنتها تربت عليها وهي تتمتم:

-يا ريتك ما جيتي، مكنتيش هتشوفي قلة الادب دي.

مسحت على ظهرها تواسيها:

-معلش يا نرمو، ده إنسان واطي.

لم يفهم ذلك الواقف ما يدور، ولكنه أيقن بوجود خطب ما جمع بين ابن عمه كبير العائلة وبين هذا الحقير الذي وقف يتطاول عليهم بشكل لم يتقبله عقله.

اقترب احد العساكر بعد ان هدأت النوبة الغاضبة لذلك الفهد وتكلم بصوت عال:

-يا بيه، احنا لازم نتحرك للنيابة دلوقتي.

أومأ له وتحرك معه وتبعه الجميع بمن فيهم يزن الذي سحب عمه للخلف قليلا وتسائل بهمس:

-هو ايه اللي بيحصل ده؟ مين الحشرة ده؟

اجابه وهو يزفر بضيق:

-طليق نرمين.

لمعت عينه بالدهشة وتكلم بغير وعي:

-هي متجوزة؟

ضحك مراد وهو يعيد عليه حديثه:

-يا بني بقولك طليقها، يعني مطلقة مش متجوزة.

أومأ وهو يعقب موضحا:

-لأ انا بس اتفاجئت انها كانت متجوزة، اصل شكلها صغير اوي.

رد وهو يتبع فارس وجمع المحامين والعائلة:

-ما هي توأم شيرين مرات ساجد ابني، بس حظها مكانش حلو لانها اتسرعت بعد ما سابت مازن فراحت اختارت الحيوان ده.

فضوله قاده لسؤاله الغير مراع:

-وهي سابت مازن ليه من الاساس

وجد التعجب ظاهرا على وجه عمه فتدراك خطأه واكمل:

-ومن أمتى هو وجنى ببينهم حاجه؟ انا استغربت اوي لما لقيتهم اتجوزوا.

تنهد وهو يوضح:

-دي قصه طويلة اوي يا بني بس بالمختصر كده مازن طلع بيحب جنى من زمان وكان خايف من فرق السن ومن رفض فارس، ولما اتعرف اللي بينهم فارس هاج شويه وبعدها سكت.

ابتسم وهو يستمع لعمه يقص عليه احداث ربما لم يعاصرها قط وكم ود لو كان جزءا من تلك العائلة بكل مشاكلها الشائكة، لربما لم يكن يشعر بالوحدة التي دائما ما شعر بها وهو وشقيقه.

اكمل مراد حديثه:

-ونرمين اصلا كانت شيفاه لعبي وبتاع بنات وهي بنت جد اوي ومش شبه لا شيرين ولا حتى ياسمين ففعلا مكانوش هينفعوا لبعض، ده غير أنها طلعت عينه على ما وافقت عليه، جت بعدها وعرفت العط بتاعه فسابته.

عقب يزن مستحسنا تصرفها:

-والله جدعه، أصل اللعبي مبيتعدلش بعد الجواز وبيفضل...

قاطعه مراد ضاحكا:

-لا يا اخويا تعالى شوفه دلوقتي ماشي زي الالف.

ضحك يزن وهو يؤكد:

-ده بس عشان ناسب الفهد بتاعنا انما لو كان ناسبب اي عيلة تانية كانوا هيتعبوا معاه اوي، ده احنا كانت بتوصل لنا اخبار عطاته لحد اوروبا.

ضحكا سويا ومراد يعلم تماما ان حال بكريه كان حدث ولا حرج.

❈-❈-❈

جلس أمام رئيس النيابة واضعا قدمه على الأخرى غير مهتم بمكانة من حوله وجلس امامه محاميه الذي بدأ التحدث فور ان جلسا:

-محفوظ شوقي المحامي حاضر مع فارس باشا.

ابتسم رئيس النيابة بمودة وهو يأخذ منه الكارت الشخصي الخاص به:

-غني التعريف يا متر، انت محامي اشهر شخصية عامه في البلد.

شعر فارس وفورا باطراءه الواضح فعلم ان الأمور أصبحت قيد السيطرة كما اتفق مع محامي خصومه؛ فتنهد بارتياح منتظرا الدباجة المعلومة للتحقيق، وما إن تمت سأله الوكيل:

-قولي يا استاذ فارس، حضرتك قولت في التحقيقات انك كنت عندها بعد ما بلغوك انها توقفت عن الكلام لاكتر من 10 ايام مظبوط؟

اومأ مجيبا:

أيوه.

هز الوكيل رأسه ونظر للأوراق وعاد يسأله:

-بالنسبة للقلم اللي محطوط كأداة جريمة، حضرتك مش عارفه ان عندها ميول انتحاريه؟ ازاي تدخل عندها بآلة حادة بالشكل ده وانت عارف كويس انه خطر خصوصا بعد فحص كل محتويات اوضتها ولقينها ان كل مقتنياتها كانت من البلاستيك عشان متأذيش نفسها.

رد وهو يزفر بضيق:

-يمكن مجاش في بالي أنها تعرف تاخده من غير ما أحس، وكمان مين ممكن ييجي في دماغه انه يموت نفسه بسن قلم حبر؟

أجابه الوكيل:

-شخص عايز يوصل للنهاية بأي شكل فهيحاول بأي طريقه حتى لو مش منطقيه من وجة نظرك.

رد على الفور بحدة:

-ولما هو كده، انا متهم بإيه بالظبط؟

رد الوكيل دون مماطلة:

-والله تقرير الطبيب الشرعي ومعاه خبير الخطوط بتنفي اي تورط لحضرتك في عملية الانتحار، ومعاها كمان تفريغ الكاميرات بتاعة اوضتها واللي كان واضح جدا فيها وهي بتسرق القلم منك، بعد ما خرجت قعدت تكتب الجواب فكل ده بيبعد عن حضرتك اي تهمة يا فارس باشا.

ابتسم باقتضاب وانتظر المحامي يقول ما لديه:

-أظن مفيش ادني داعي للتحقيق مع موكلي؟

رد وهو يومئ برأسه:

-مجرد أقوال بسيطه هو وأغلب الناس اللي تعاملوا معاها عشان نقفل القضية على انها انتحار واضح جدا.

صمت فارس والوكيل يلتفت للكاتب ويهتف:

-يفرج عن المدعو فارس ماهر الفهد بدون ضمانات لعدم وجود ادلة جنائية.

انتهى النتحقيق وتم الافراج عنه؛ فخرج مبتسما فهرعت ياسمين نحوه تسأله بلهفة:

-ايه يا حبيبي؟

اجاب عنه محاميه:

-افراج لعدم وجود جريمة أصلا.

اتسعت بسمتها واحتضنته بقوة فانحنى هو بطوله حتى تصل لعنقه وربت على ظهرها وخرج برفقة عائلتة ولم يتفاجئ من الحشد الصحفي المحيط بالوابة، ولكنه لم يهتم لأي منهم واحتضن زوجته وتحرك وسط الأسئلة المنهالة على كليهما، وفور ان ساعده رجاله بالخروج من بين الحشد بعد ان فرقوهم قليلا التفوا جميعا حول مازن الذي رفع يده عاليا وقال بصوت عال:

-تمام يا جماعة بخصوص الاتهام وكل اللي حصل ده فأحنا هنعمل مؤتمر صحفي نوضح فيه كل ملابسات الموضوع بس ادونا فرصة نرتاح ونحضر عزا بنت عمتنا.

تركهم وتبع باقي العائلة؛ فوجد فارس وقد جلس بالمقعد الخلفي لسيارته وياسمين تحتضنه وتسند رأسها على صدره وهو يحيط جسدها بذراعه فابتسم وتوجه لسيارته وقادها صوب فيلا فارس

التفت زين لرب عمله وهتف بفرحة:

-حمد الله على سلامتك يا باشا.

ردد سائقه نفس الحديث فرد عليهما:

-الله يسلمكم يا رجاله.

وصلوا لفيلا فارس وكانت حنان الأسبق باستقباله وهي تهتف بفرحة حقيقة:

الف حمدالله على سلامتك يا بني.

انحنى مقبلا رأسها وهو يجيبها:

-الله يسلمك يا داده.

نظر امامه لوالدته التي تنظر له بتيه وشرود وحدقيتها تغطيها العبرات، واقتربت منه فجأة دون سابق انذار واضعة لراحيتها على لحيته تكوب وجهه وهي تسأله بصوت متحشرج:

-انت كويس؟

حاول المناص من لمساتها ولكن رقة اناملها على وجهه في سابقة لم تحدث له من قبل جعلته يتجمد مكانه ولم يتحدث سوى بايجابة موجزة:

-الحمد لله.

سلم على والدة يزن وآسر وضيفتهما التي ابتسمت له وهي تقول:

-الف الحمد الله ع سلامتك.

أجابها وهو يجلس بتعب على الأريكة:

-الله يسلمكم يا جماعة بجد متشكر على اهتمامكم.

صدح صوت زغرودة هدى العالية وهي تصرخ مهللة:

-الحدم لله انه فك سجنك ونصفك ع المزغودة عاليا دي.

التفت لها الجميع متفاجئين من اسلوبها المنفر والسوقي؛ فشعرت شيرين بالحرج على الفور واقتربت منها تمسك ذراعها وهي تهمس لها:

-يا ماما حرام عليكي.

ظل فارس يرمقها بنظرات حادة وهو يقضم أسفل شفتيه فشعر مازن بتوأم روحه فاقترب منه وتكلم مازحا:

-السجن للجدعان يا بوص، والحمد لله انه فك سجنك، بس بقولك ايه ما تطلع تاخدلك شاور كده بدل البراغيت بتاعة التخشيبة ما تغزو الفيلا.

ضحك فارس رغما عنه وهو يدفعه بصدره وشاطره الجميع الضحك فانحنت لاميتا تهمس بأذن آسر:

-كتير مهضوم مازن.

شعر بالغيرة تندلع بصدره فأكد عليها بحدة:

-آه بس ده متجوز.

رفعت حاجبها متعجبة وهي تسأله:

-وشو دخلني إذا متزوج، انا عم قول انه خفيف دم متلكم، متل كل المصريين.

ابتسم لها وهو يصر على اسنانه هامسا:

-متعرفيش عن الراجل المصري حاجه تانيه غير خفة الدم؟

قوست حاجبيها وهر تراه يكاد يشتعل حرفيا فعاد لهمسه:

-الراجل المصري غيووور جدا على اللي يخصه ومش بيسمح للبنت اللي بيحبها انها تمدح راجل غيره.

رددت حديثه بحيرة:

-البنت ياللي بيحبها! انت...

صمتت وهي تنظر له فرأت لمعة عينيه وهو يقول:

-هو مش واضح ولا ايه؟

خللت اصابعها بشعرها بحرج وهي تنظر للأرض؛ فاقترب منها يسألها بمشاكسه:

-هو انا محتاج اسمع ردك عن اللي قلته ولا السكوت علامة الرضا؟

اجتاحت حمرة الخجل وجهها فابتسم بسعادة وهو يؤكد:

-يبقى السكوت علامة الرضا، على بركة الله.

بنفس الوقت أومأ فارس بتعب وهو يرد على رفيق دربه:

-والله فعلا محتاج اتنقع في البانيو 3 ايام.

نظر للجميع وتكلم باعتذار:

-معلش يا جماعه مضطر اسيبكم شويه ونازل تاني هآخد شاور بس واغير هدومي، البيت بيتكم طبعا.

تحرك صاعدا لأعلى؛ ولكنه رمق زوجته بنظراته الوالهة فتبعته وقبل ان يختفي عن انظارهم التفت وسأل مازن بصوت مرتفع نسبيا:

-مازن، هم هيسلمونا عاليا امتى عشان الدفن؟

اجابه فورا:

-انهاردة، متشغلش بالك أنت انا هتصرف في كل حاجه و...

نزل درجتين حتى يكن في مقابلته وهتف بتأكيد:

-لو فارس الفهد اختفى عن مشهد دفن وعزا عاليا فساعتها قفل التحقيق مش هيكون كافي ابدا لبرائتي، انا لازم احضر كل حاجه بنفسي يا مازن، فاااهم؟

أومأ له دون تعقيب؛ فتركه وتوجه لاعلى برفقة زوجته التي همت بسرعة لدخول المرحاض وتجهيزه له وخرجت فوجدته لا يزال جالسا على الفراش كما هو مطرقا رأسه؛ فاقتربت منه وجلست على فخذية تداعب شعره وهي تسألة برقة:

-زعلان ليه؟ الحمد لله المشاكل اتحلت و...

قاطعها وهو يقول بأسى:

-انا عارف إن السيرة دي بتجيب بينا مشاكل، بس حقيقي مش قادر اتخطى موتها بالرغم من كل المصايب اللي هي عملتها.

تنهد بضيق سألها:

-تفتكري لو كنت اتصرفت معاها بشكل تاني من وقت المشكلة الأولانيه كانت اتغيرت للأحسن، لو كنت وقفت معاها زي ما وقفت مع جنى لما غلطت بدل ما اعمل اللي عملته...

قاطعته توضح:

-أنت اتصرفت صح، في الحالتين اتصرفت صح، وقت عاليا سترت عليها وجوزتها ومش معنى ان زين طلقها تاني يوم ان ده غلطك، هي كان ممكن تقوله خلينا مع بعض شويه ويمكن كان زمانهم لسه متجوزين زي مازن وجنى

تضايق من تفسيرها وهو يقول:

-غلط، كلامك مش مظبوط يا ياسمين، انا اتصرفت غلط في المرتين، وقت عاليا قسيت عليها جامد جدا وهي وقتها كانت أد جنى، يعني السن ده نفسه الغلط فيه وارد، بس انا مسامحتش وبعدها نفيتها لأمريكا عشان اخلص منها ومن مطاردتها ليا.

اطنب بحديثه وهو يشعر بالضيق يتغلغل بداخله:

-وغلطت وقت جنى عشان دلعت زياده عن اللزوم خوف من تكرار تجربة عاليا خصوصا بعد ما ابوها دخل السجن، والنتيجه كانت انها بقت حد تاني، انسانه متمردة ومتنمرة ومش عاجبها حد وانفاعلاتها بقت مش محسوبه واسلوبها...

قاطعته واضعة راحتها على فمه وهي تصحح له:

-لا طبعا، جنى جميلة وكيوت وروحها خفيفة ودلعك ليها هو العوض اللي نفسها فيه من اهمال مامتها لها، وده انا لاحظته حتى قبل ما مدحت بيه يدخل السجن، بس انت ناسي انها حامل وهرمونات الحمل ياما بتعمل وكويس انها جايه على اد كده ولا نسيت انا كنت بعمل فيك وفي اللي حواليا ايه وقت الحمل؟

ابتسم لذكرى حملها فقبلها قبلة رقيقة تعمقت هي بها حتى اخرجته من تحكمه بنفسه فاستدار بجسده ليعتليها بعد ان اراحها على الفراش وبدأ يعزز من لمساته على جسدها الذي يتوق له ولكنها اوقفته تهمس:

-أهلنا تحت وكده هنتاخر عليهم.

انحنى يقضم عرقها النابض فأخرجت اهة عفوية وهمس بدوره:

-يستنوا





يتبع..


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة أسماء المصري من رواية روضتني 2، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة