-->

رواية جديدة نفق الجحيم 2 مكتملة لريناد يوسف - الفصل 33

 

قراءة رواية نفق الجحيم الجزء الثاني كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



قراءة رواية نفق الجحيم 

الجزء الثاني

من روايات وقصص 

الكاتبة ريناد يوسف


الفصل الثالث والثلاثون

ابو دراع حس ان الدنيا عتلف بيه وانفاسه عتديق، وخلاص روحه عتروح منه، وحط يده على قلبه بوجع، وكل اللي يشوف حالته يقرب منه ويسأله ماله، وهو مش قادر يرد على حد، وبعد كام دقيقه سكوت قام وقف علي حيله مره وحده وبعلوا حسه ابتدا ينادم عليها بإسمها:

ربيييعااااا.. يااااااربيعااااا وين رحتتتي.. ربيعععععااااا.

كانت يعيط ويلف كيف المجذوب يدورها في الوشوش، وحتى الحريم الرايحه وجايه كل اللي يشوفها من قفاها لابسه ملس ويشتبه فيها انها ربيعه يروح عليها ويلفها عليه بعنف، وفضل إكده لحد ماتعب وحسه قرب يروح من كتر العييط عليها، وبرغم إن التعب بلغ بيه مبلغه، الا انه ماستسلمش، وفضل برضك يلف وينادي، ولغاية اخر لحظه عنده أمل انها ترد عليه.. ولكن بعد مايقارب من ساعه من اللف والمنادايه والزعيق وسؤال الناس عليها، ابتدا اليأس يتسلل لقلبه فى أنه يلاقيها تاني، ولكن عقله رافض مجرد الفكره نهائياً، وكل اللي عيتردد فذهنه كيف اطلع من البيت بيها واعاود بلاها؟ كيف اضيعها فدنيا متعرفش فيها اي حاجه، كيف تروح من بين اديا كيف ماالميه عتتسرسب من بين الصوابع..


 واثناء تفكيره ديه شهق كيف مايكون واحد مغمى عليه وحد كب عليه جردل ميه متلج، وبعدها خد نفس عميق بإرتياح معرفلهوش مثيل فى عمره كله، وهو عيحس بحاجه اتخبطت في ضهره جامد، وبعدها ادين اتسللوا من تحت دراعاته عشان يطوقوه ويحضنوا وسطه!


فغمض عيونه وهو حاسس بنبضات قلبها اللي سمعت فى قلبه، وبس انتبه لحاله فك اديها بسرعه من حواليه، ولف عليها وبحركه سريعه مسك ودنها وشدها لتحت خلاها اتألمت جامد، وهي عتحاول تشيل ايده من ودنها، ومش عارفه ترد عليه لما سألها من بين سنانه بغضب:


غورتى وين من جارى ياكلبة البرك انتي، كيف ترمحى فدنية ربنا اللي معارفاشي فيها حاجه وتبعدى عنى من غير ماتقولي، خلصى انطقي وقولي كنتي فين؟ 

ردت عليه ربيعه بحس ماليه الالم من وجع ودنها اللي بين صوابعه و عيفرك فيها بغل:

آيي طب همل ودني واني اقولك.. طب استنى طيب..وكملت بسرعه عشان تخلص من الالم بعد مااتوكدت ان ابو دراع مهيسيبش ودنها غير بعد مايسمع جوابها علي سؤاله:

اااي.. رحت مع وحده شافتني عتفرج علي القماشات المطوه، وقالتلي انها حداها احسن منهم في البيت، وقالتلي اتمشى معاها خطوتين بس وبيتها قريب مش بعيد عشان انقى كل اللي يعجبني ونعاودوا قوام. 


ابو دراع وهو عيشد علي ودنها اكتر:

هااا وبعدين كملى؟ 

فواصلت ربيعه كلامها:

وخدتني وقالت يامشى، وكل مااسألها قربناش نوصلوا تقولي لسه، واني قلبي اتوغوش لما حسيت اننا بعدنا قوى وانها ضحكت عليا لما قالتلي ان بيتها قريب، وبعدها وصلنا للبيت وفتحته وقالتلي ادخلي، بس اني بصراحة ربنا خفت، وحسيت بحاجه فقلبي عتقولى متدخليش فيه حاجه عفشه مستنياكي جوه.. ولما مرضتش ادخل معاها قالتلي طب استنى هدخل اجيبلك القماشات، ودخلت البيت وغابت شويه كتار واني مستنياها وهي معتطلعش، وفى الاخر شفت واحد فى البيت شكله يخوف وهي قربتله وحكت معاه كلمتين وهما التنين بصولي ببصه قشعرت جسمي، فأنارجعت لورا خطوتين تلاته بخوف، وهي لما شافت خوفى جات عليا ووراها الراجل ديه وشكلهم ناووين عالشر.. جريت منهم بكل حيلي وهربت، وعرفت ارجع على إهنه تاني عشان كنت عحفظ الشوارع اللي مشتني فيها. 


وحده وحده خف ابو دراع مسكته لودنها، لغاية ماسابها خالص، وهي رفعت دماغها وفضلت تفرك فودنها بألم.. 


اما ابو دراع فبصلها بشفقه على حالها، لأنها مش عارفه تميز بين الصح والغلط، بين المفروض والمحظور في التعامل مع الناس، والعالم اللي بره الاسوار اللي عاشت طول عمرها وراها، عامله كيف العيله الصغيره اللي معارفاشى اللي يضرها من اللي ينفعها.. فشدها وقعدها عالارض وقعد جارها وقالها بحنيه ونبرة نصح:


بصي ياربيعه.. الناس اللي حواليكي داي ملامحها تبان عاديه وفيهم اللي تحسى طيبة الدنيا فوشه وكلامه، 

لكن اوعاكى تمشى ورا شوف عينك في الناس، البشر بالذات معيتعرفش معادنهم ونواياهم واصلهم غير بالعشره والافعال.. 


وطول مالنفر لا عاشرتيه ولا شفتي افعاله اياكي تصدقيه وتمشى وراه عالعمياني، دايماً حطي فبالك إنه ممكن يكون واحد مش زين ورايد بيكى الاذى.. فانتي تجتنبى اذاه، واللي تقدري تستغنى عنه منهم حتى وانتى محتاجاه، ولقيتي بديل ليه وبطريقه اسهل ومفيهاش خطر خدى البديل قوام.. 


يعني مثلا المره اللي خدتك تشوفي حداها فبيتها الخلجات، اتطلعى حواليكي وشوفي السوق مليان كيف بالقماشات اللي قلبك يحبها، بلاها من المدسوس واللي منعرفوهش وناخدو من المضمون. 


هزت ربيعه دماغها بتفهم وسكتت هبابه وبعدها رفعت عيونها عليه وبتلقائيه قالتله:

خفت وانى عجري واهروب من المره اني أعاود إهنه ملقاكش، خفت متلقانيش وترجع من غيري عالبلد واني اتوه ومعرفش اعاود تاني.

رد عليها ابو دراع بعد ماخد نفس جامد ونفخه مره وحده كيف مايكون عيطرد معاه كل الخوف الباقى جواه من فقدانها:


مكنتش هعاود البيت تاني لو مكنتش لقيتك، كنت ههيم في الشوارع ادور عليكي وياالاقيكي واعاود بيكي يأما اتوه في دنية ربنا زي ماانتي تايهه. 

ابتسمت ربيعه وبدون وعي ميلت على كتفه وحضنت دراعه، وهو بس عيملت إكده نشكها وبحزم قالها:

ربيعه اوعاكي مره تانيه تقربى مني إكده، عميلتيها مرتين ، مره لما حضنتيني وادي المره التانيه، البت لا تقرب من راجل ولا تخلي راجل يقرب منها ولا يلمسها غير لو من محارمها او جوزها، 

وطبعا انتي عارفه المحارم الاب والاخ والعم والخال والجد.. غير إكده له.. واني ولا واحد من دول يوبقى قربك منى ذنب ولمستك ليا معصيه ليكي وليا، واني عشت العمر كله من غير معاصي او ذنوب من النوع ديه فمتاجيش انتي على آخر الذمن وتركبيهاني.


سكتت ربيعه وهزتله دماغها بطاعه، وبعدها قام وهي قامت زيه، وراحوا جابو الحاجه بتاعتهم من مكان ماسابها ابو دراع وكملوا لف، وطول الوكت أبو دراع عينه على ربيعه حارساها ومقاوطاها وخايف حتي يرمش احسن يفتح ميلقهاش مره تانيه. 


وأخر ماخلصوا شر كلل حاجه هما عايزينها، وقف ابو دراع فى نص السوق يبص عالحاجه اللي بقت جرن كبير مكوم فوق بعضه، واتلفت حواليه بحيره وقرر إنه يجيب جرار بمقطوره يروح بيه الحاجه الكتيره داى، مع انه كان نفسه يفسح ربيعه اكتر ويجيبلها جلاطه يدوقهولها، عشان ياما اتمنى قبل سابق يجيبه و يدوقوهولها، لكن للاسف عبال مايوصل البلد هيكون ساح ومفضلش منه شي.. لكنه همس لروحه إن الايام جايه وهيجيبها كل يوم والتاني ويدوقها ويشتريلها كل اللي تشتهيه نفسها وهيوريها اللي عمرها ماشافته. 


اما ربيعه فمن كتر ماشافت غرايب وعجايب اليوم ديه وشافت الدنيا الواسعه والناس بمختلف اشكالها، وشافت اللي عمر عينها مانضرته، كانت حاسه انها مش عايزه ولا حاجه من الدنيا ولا اكل ولاشرب ولا حاسه باي جوع او عطش من بعد ماعينها اكلت وشربت وروحها ارتوت. 


لكن ابو دراع أبى الا انه يشبع جوعها من الوكل كمان، فأشترالها سميط وجبنه ودقه، وقعدها علي جنب وقعد معاها ياكلوا سوا،

 وكانت احلى أكله كلتها ربيعه فعمرها كله، حست فيها حلاوة الدنيا كلها، برغم انها أبسط شي، لكن الوكل عيحلا تبع حالة البنى آدم النفسيه. وربيعه كانت نفسيتها فى السما. 


خلصوا وكل، وربيعه طول الوكت كانت خجلانه وتاكل وهي مداريه وشها بطرحتها ظعشان الناس اللي مش متعوده على وجودها وسطهم، ولا متعوده تاكل قدام حد واصل،

 لكن تشجيع ابو دراع ليها خلاها كملت وكل لغاية ماشبعت، وشالت حته من السميط لأمها اللي كانت تحكيلها عليه وتوصفلها فحلاه، 

وابو دراع لما شافها علفلف فى السميطه وتربطها فطرحتها اتبسم وعرف انها واخداها لامها.. فنادى علي بتاع السميط واشترالها منيه ٣ كمان عشان لو حبت تاكل مع امها منه في البيت تاني..


 وسأل ابو دراع على جرار بمقطوره ملقيش، لكنه لقي عربيه نص نقل بتاعة اخو واحد من البياعين اللي سألهم، وحرسله فرشته وشيعه جابهاله، وحمل عليها الحاجه كلها وركب هو وربيعه ووصف للسواق الطريق اللي عيودي لبلدهم من ع الزراعي، ورجع بربيعه اللي كانت حاسه طول ماهي ماشيه نفس إنها فحلم وخايفه تصحى منيه متلاقيش منه شى. 

❈-❈-❈


وأخيراً وصلوا البيت، وابو دراع ساعد ربيعه تنزل، وهي بمجرد مانزلت من العربيه جريت عالبيت بفرحه عشان تحكي لامها كل اللي شافته النهارده واللي جرا معاها، وبمجرد مادخلت من البوابه لقت امها مستنياها على المصطبه قدام بيت ابو دراع،

 وأول ماشافتها قامت على حيلها وفتحتلها اديها، والتانيه دخلت في حضنها بلهفه وشوق والتنين ضموا بعض بلهفه وشوق كيف مايكون بقالهم سنين غايبين عن بعض، وديه راجع لأنهم اول مره يفترقوا عن بعض من ساعة مااتولدت ربيعه، وطول العمر كانوا مع بعض وحوالين بعض فنفس المكان. 


وبعد دقايق من الحضن بعدت ربيعه عن حضن امها وبصتلها وهي مبتسمه، وشام ضحكت وهي واعيه فعيون ربيعه كلام كتير قوي، كلام على كد الفرحه اللي واعياها عتشع من عيونها وباينه على تقاسيم وشها المنوره وعلى حركة عنيها السريعه. 

وبالفعل أول شي قالتهولها ربيعه وكانت متقصده انها تستهل بيه كلامها وعارفاه عيعني لأمها ايه:

شفت حبيبك يمه.. شفت ابو قلب حديد وبلغني السلام ليكي وبلغته سلامك وطمنته عليكي.. صرخ يمه من فرحته اول ماشافني كيف مايكون عرفني بتك ومن ريحتك. 

اتبسمت شام وحطت يدها على قلبها اللي دق لذكرياتها مع ابو قلب حديد، وذكرياته وصفارته والسطح وانتظارها ليه، وغمضت عيونها وهي عتروح بخيالها هناك وتقف في نفس المكان وتحس إنها رجعت عاشت الموقف من  تاني، وربيعه كل ديه ومستمره توصف فيه وفشكله وركابه وحركته، وشام واعيه كل اللي عتقوله ربيعه قدام عنيها بالملى. 


اما ابو دراع فأبتدى ينزل في الحاجه من فوق العربيه عشان يدخلها البيت، 

وبمجرد ماوصل عند ربيعه وشام اتنحنح وهو واعى شام رايحه فدنيا غير الدنيا بخيالها ومغمضه، وربيعه عماله تحكي وتتنطط قدامها، وبمجرد ماسمعو حسه التنين انتبهوا، ربيعه بطلت كلام وشام فتحت وبصتله، وهو قالهم بأمر:


خشوا فضولي طريق عشان ادخل الحاجه داى فأوضتكم. 

بصتله شام وبعد تفكير لثواني ردت عليه وقالتله:

له يابو دراع الحاجه داي خليها حداك فبيتك متوديهاش البيت حدانا، انت خابر إن عزت وصفوت معيطلعوش حريمهم ولا عيجيبولهم حاجه من البندر، وكل خلجاتهم من البلانه، والحاجات اللي علي كتفك داي تزغلل العين وتهفف النفس واني معاوزاشي وحده فيهم تبص وتتحسر علي حالها، 

وبعدين الحاجه عتتنفس والناس عتستكترها، خلي الحاجه حداك وخلينا مداريين علي شمعتنا من العيون. 


وحتى انتي ياربيعه اياكي تحكي قدامهم عن البندر ولا اي حاجه شفتيها فيه ولا تعملي كيف ما مرت ابوكي عتعمل وتقعدي تكايدي فيهم بطلعتك، دول غلابه ويدهم قصيره حرام. 


هزتلها ربيعه دماغها بفهم وطاعه، وابو دراع اتبسم ورد عليها وقالها:

والله ياام ربيعه إنك بت أصل وعينك ونفسك شبعانين، عشان مايتفاخر بالشي غير الجعان المحروم، او اللي بلا اصل وبلا اخلاق، واني اشهدلك بالاصل والاخلاق والشبع.. روحي ربنا يراضيكي ويرضى عنك. 

خلص كلامه وراح باللي علي كتفه علي بيته، ودخل الحاجه وحطها عالسرير، وربيعه خدت شام تفرجها عالحاجات، وابو دراع مستمر يحول ويجيب، وشام تتفرج بخشم مفتوح من جمال الهدوم والحاجه والفرش والبطاطين، وفرحانه كيف مايكون جهاز بتها اللي رايحه تتجوز بحق وحقيق،

 وخصوصي وهي واعيه ربيعه هتفر من فرحتها بالحاجه، واثناء الكلام والفرجه فتحت ربيعه طرف طرحتها المصرور وطلعت منيه السميط والدقه، ومدتهم لامها اللي ضحكت اول ماشافتهم ومدت يدها عليهم وخدت منهم وابتدت تاكل قوام، وهي عتفتكر لما كانت امها دهب تشتريلهم منيه لما كانت تاخدهم هي وبشاير وبسيمه للبندر، ويمشوا ياكلوا فيه في الطريق، وطعمه مع المشي والفرجه والناس واجواء البندر عيوبقي شي خرافي ولا اي اكله في الدنيا تضاهييه. 


❈-❈-❈



خلص ابو دراع حويل الحاجه وهملهم بعد إكده ياخدوا راحتهم، وطلع وفاتهم يتفرجوا على اقل من مهلهم، وكان قاصد الصايغ؛ عشان يجيب الدهب لربيعه اللي قال عليه لشام، 

وزياده عليه الدهب اللي خد حقه من كرار ابوها ويفرحهم، لكنه بمجرد ماوصل على اخر الشارع شاف واحد من عمال المعمل بتاع حكيم جاي عليه وبلهفه عيقوله:


فينك ياعم من الصبح، داني جيت ورحت عليك فوق العشر مرات وكل مره ملقاكش، كلم الشيخ حكيم عايزك على جناح السرعه، ومن الصبح متكدر وينفخ ويفش تعالا شوف فيه ايه وعامل ايه معاه ياقزين مخليه طايقش روحه! 


سمع ابو دراع الكلام واتنسم خشمه بالضحكه؛ لانه اتوكد إن خبر خطوبته لربيعه اكيد وصل لحكيم، وتبع الراجل على المعمل من غير ولا كلمه، ومد الخطاوي كمان عشان يرحم فضول وغضب حكيم اللي تلاقيهم قربوا يقضوا عليه. 

وبمجرد ماوصل المعمل وطل من بابه، قام حكيم اللي كان قاعد على المكتب وراح عليه بخطوات سريعه، وبمجرد ماوصل قباله رفع ابو دراع اديه قدامه بإستسلام وضحك وهو عيقول لحكيم:

السلام على اهل السلام، دخلت بالسلام واعزل من السلاح ودخيل عالشيخ حكيم وطالب حمايته. 


وقف حكيم قدامه ورد السلام وبعدها قاله:

لولا سلامك غلب كلامك لقرقشت عضامك. 

خش ياابو دراع وقدم حجتك وتفسيرك قوام، ولو لقيت الحجه باطله والتفسير مدخلش مخي، هفصلك واحقك وادينك ومن غير ماحد يشتكيك عندي ولا يطلب مني رد مظلمه. 

 هعتبرها قضيتي اني، ومظلمتي الخاصه واني هكون المجني عليه والحاكم والجلاد كمان. 

زاد ابو دراع في الضحك اللي ميتناسبش واصل مع موقف حكيم وغضبه وجديته في الكلام، 

وقعد قباله وحكاله الموقف من اوله والاسباب اللي ادت للنتيجه داي، ومع كل كلمه من ابو دراع كانت ملامح حكيم تلين شويه بشويه، وبعد ماعقله فهم بالكامل، رجعت ابتسامته البشوشه تنور وشه من تاني، وعيونه لمعت بالاحترام لابو دراع، وبعد موقفه ديه وصلت غلاوته فقلبه لعلى الدرجات وزاد تقديره ليه، وبندم قاله:


سامحني ياصاحبي علي ظني فيك السوء ولو لساعات معدوده، صوح يابوي إن بعض الظن إثم. 

رد عليه ابو دراع:

ولا يهمك ياشيخ معذور في ظنك ومسامحك من قلبي والله. 

وابتدا يحكيله عيمل ايه في السوق واشترى ايه وايه لربيعه بالمجمل مش بالتفصيل، 

وخده وراحوا عالصايغ بتاع البلد اشتروا الدهب لربيعه، وابو دراع استعان بحكيم فى اختيار الدهب؛ عشان ذوقه حلو فكل شي ومتمدن عنه ومتعلم، واكيد ذوقه هيعجب ربيعه وشام، وفعلا حكيم اختار من بين الدهب احلى وارقى حاجه، وذوقه عجب ابو دراع قوي، ووزنوا الدهب والفلوس اللي مع ابو دراع بتاعة ربيعه نقصت حاجه بسيطه كملهم ابو دراع من حداه، 

وقال مش خساره فربيعه وشام، وعاود بالدهب للبيت، ولما وصل كانوا ربيعه وشام رتبوا الحاجه ونزلوها من ع السرير وعاودوا للبيت الكبير.. 

فقرر ينامله هبابه قبل مايروح يوديلهم الدهبات، وخصوصى إن التعب نال منيه بعد اليوم المتعب ديه والهبطه اللي خدها علي ربيعه واللي خلت حيله باد وجسمه كل مايتفكر لحظة مااتلفت حواليه ملقيهاش يسيب بالعافيه يتلم عليه. 


❈-❈-❈


أما حدا بسيمه 

بسيمه قاعده عتشغل فى طواقى صوف لعيالها؛ عشان تحضرهم للشتويه الجايه، وكل هبابه ترفع عيونها تبص لهمام اللي شايل بته وعمال يلاعب فيها ويكلمها وهي تضحكله وتحضن فيه بمحبه، وهو يضمها عليه بمحبه اكبر.. 

وتتبسم لحنيته مع بته اللي مشافتش زيها منيه عالصبيان، مع انه حنين عليهم برضك.. لكن مش كيف حنيته على عاليا واصل. 

همام مع عاليا بته بسيمه عتحسه عيتحول لواحد تاني خالص، وكأن مخازن حنيه جواه ومحبه عتتفتح ابوابها بس ليها، 

وساعات كتير عيفكرها بابوها عبد الصمد لما كان يقعد وياخدهم في حضنه ويدلع فيهم هى واخواتها، برغم إن البنته مليهاش الجلع على حسب قول الناس كلها، لكن عبد الصمد كان يعمل معاهم اللي كان يمليه عليه قلبه، وادى همام هو راخر، برغم اعتراض امه لواحظ المستمر علي دلعه لبته ومحبته الزايده ليها.. الا إن محبته ودلعه ليها عيزيدوا مينقصوش، وخوفه عليها كمان بعمرها ماشافته منه على حد من اولاده،

 لدرجة انه كل مايطلع من البيت ينبه على الكل ان عاليا ماتطلع بره البيت بروحها الا حد معاها، ولو فمره عاود ولقاها بره البيت لحالها عتلعب وكتها تقوم غاراته على اولاده وعلى امه وابوه، لكن بسيمه يعاتبها عتب خفيف، والكل بات خابر إن همام عياجى قدام بسيمه وعتتهد حصونه، ومعاها عيكون كيف نسمة الهوا مهما كانت حالته ومهما بلغ تعصيبه، لذلك اي حد كان يعمل حاجه ويخاف من حساب همام.. كان يتدارى فبسيمه منه ويطلب منها الشفاعه عنده، وطبعاً بسيمه متدخلش شفيعه لحد عند همام وتترد خايبة الرجا واصل.

 ومع كل ديه ولما تقعد لحالها وتجيب قبالها كل اللي عيعمله ليها وعشانها من بداية جوازهم ومحبته الغير مشروطه بالتبادل، وعطاءه المستمر ليها ولاولادها بدون مقابل، يتحرك قلبها هبابه من ناحيته وتحس إنها هتبتدى تحبه، لكن عند مرحله معينه ويقف قلبها ميرضاش يستمر فإحساسه، ويثبت على موقفه، وكأن تروسه مصديه ومقدراش تدور. 


والإحساس ديه كان تاعبها قوى؛ لانها لا بقت قادره تكره همام كره صريح كيف لاول ولا قادره تحبه، وواقفه فى النص وقلبها عيتمرجح بين النفور والقبول! 


أما اخوات همام البنات، فجيتهم للبيت قلت وبقت نادره، ووكت ماياجوا كل مره بسيمه تشوفهم بقوا اعقل وانضج وأفهم! 


ولما بعدوا عن امهم لواحظ بالقوه وبالغصب من أجوازهم ابتدوا ينسوا كل تعاليمها ويتعلموا الاصول من أول وجديد، وتتبدل طباعهم وإدراكهم للحياة، لدرجة إن أمهم لواحظ ذات نفسها مكانتش مصدقه الانقلاب اللي حصل فى شخصياتهم ومعاملتهم مع الناس، ومعاهم، وانعدام شكوى اجوازهم منهم، وفرحانه بيهم وبقت تتباهى بأنهم معمرين فبيوت اجوازهم، ومش مدركه انهم معمروش غير من ساعة مابعدوا عنها،


وديه كان اكبر إثبات إن اللي يبعد عن الداعم للأذى ينسى ألأذى من اساسه،وإن الام من غير ماتقصد ممكن تكون هي سبب خراب بيوت بناتها. 

❈-❈-❈



أما حد بيت عبد الصمد 

دهب طلعت من الموطبخ وهي شايله صنية الوكل وعليها العشا ورايحه بيه الأوضه لعبد الصمد اللي بقاله كام يوم تعبان وراقد فى فرشته، وتعب صدره هايج عليه، 

وبس قربت من السيد وشافها بص لبشاير وبعتب قالها:

مقمتيش جبتي العشا لابوكي موطرح امك التعبانه  ليه يابشاير؟ 

ردت عليه بشاير قوام:

قولتلها اقعدي واني هقوم احمى العشا وهي اللي مرضيتش والله. 

ردت عليه دهب كمان:

ايوه صوح ياسيد اني اللي قولتلها اقعدي انتي ودخلت احضر الوكل؛ عشان اني عايزه اعمل الحاجه لجوزي بيدي. 


اتبسم السيد وسكت، ودهب كملت ودخلت الوكل لعبد الصمد، وقعدت جاره عالسرير توكله بيدها، وهو مع كل لقمه يقولها كلمه حلوه ويتغزل فيها كيف مايكون عاشق جديد، وهي ترد عليه بخجل وتقوله تسلم وتعيش ويخليك ليا..ومن وكت للتاني الكحه تقطع كلمة الغزل، ويرجع يكملها من حيث وقف، والسيد وبشاير سامعينهم ومبتسمين على منبع الحب المستمر العطاء، اللي المفروض الناس كلها تتعلم منه.. وبعدها خد السيد بشاير مرته ودخلوا اوضتهم بعد ماعيالهم اتعشوا وناموا، وبدأت طقوسه اليوميه هو كمان في الغزل لبشاير، واللي بقت عادة حداه وحدا بشاير لا هو يقدر ينام قبل مايقولها كد ايه عيحبها وانها دنيته كلها، ولا هى تقدر تغفى من غير ماتسمع حلوا كلامه. 

❈-❈-❈


اما حدا ربيعه، فبمجرد ماعاودت ربيعه للبيت مع امها من بيت ابو دراع، جات عليها بدور جرى هي وورده، وقعدوا جارها؛ عشان تحكيلهم عاللي شافته ومنتظرين منها تشويق ومكايده كيف شوقيه، بس بأسلوب تاني، لكنهم اتصدموا لما ربيعه قالتلهم ان البندر عادي مفيهش اي حاجه حلوه، بالعكس زحمه وناس ملطعه فبعضها، وحكتلهم لما تاهت والهبطه اللي خدتها، وامها سمعت إكده وصرخت وهي عتضروب علي صدرها بخوف، وحتي بدور وورده خافوا واتغيرت فكرتهم عن البندر كلياً،


 بعد ماشوقيه كانت توصفهولهم على إنه الجنه واللي محروم منه كيف مايكون شيطان ومنبوذ من رحمة ربه، وإن اللي عيندلاش البندر مش عايش ولا يعرف حاجه عن  الدنيا ونعيمها! وحتي معرفتهمش انها جابت حاجه واصل، وقالتلهم انها قالت لابو دراع يوبقى يجيبلها على كيفه بعدين وعلى ذوقه. 


وبس اختلت بأمها فأوضتهم فى الليل ابتدت عاد الحكاوى اللي من صوح، والوصف الدقيق لكل اللي شافته، وابتدت تنقل البندر والسوق بكل تفاصيله لعقل امها، وفضلوا طول الليل إكده، وحان الوكت اخيراً واتقلب الوضع، وبدال ماكانت ربيعه اللي عتسأل وتستفسر، بقت هي اللي تحكى وتوصف وشام اللي تسمع.. 

لكن من وسط كل ديه قلب شام كان عيرقص رقص بين ضلوعها لفرحة بتها، ولأول مره تحس بكم الراحه داي والسعادة من ساعة مادخلت بيت المقاول، وطلع صوح الواحد بس يخلف يبتدى يشوف الدنيا بعيون عياله وفرحهم بس هو اللي يفرحه وراحتهم اللي تخلى قلبه يرتاح، وعينسى نفسه وينسى كيانه بالكامل. 

❈-❈-❈


أما ممدوح، فقام تاني يوم الصبح وطلع الجنينه وهو خابر زين إن ديه معاد صحيان ربيعه وطلوعها من البيت للجنينه، فاستناها لغاية ماطلعت فى الميعاد، فجرى عليها ووقف قدامها وبقلة حيله ووعد صريح قالها:

ربيعه متزعليش من جوازك من ابو دراع واوعاكي تشيلي فنفسك وتقولي انك هتتجوزى واحد كد ابوكي، ابو دراع هيتجوزك عالورق وبس؛ 

عشان يحميكي من ابوكي ويحافظ عليكي من بطشه وظلمه مش اكتر، انما جوزك الحقيقى هو اني ياربيعه، اني واد عمك اللي هيكد ويشتغل ليل نهار ويعملك بيت لحالك بعيد عن سجن بيت المقاول، 


وبس تكلملي سن الجواز هيطلقك ابو دراع ويجوزنا لبعض بنفسه، هو وعدنى بإكده وانى وعدته اني هعمل اللى مايعمل عشان اخدك واهروب بيكي من وسط الظُلام دول ونقضوا باقى عمرنا سوا. 


بصتله ربيعه ولسه هترد عليه، لكن سبقها للكلام ابو دراع اللي اتكلم من ورا ممدوح وهو جازز على سنانه بغيظ:


ممدوح ياواد ورده، اسسسمعني زين عشان كلامي ديه هقوله بلساني نوبه وحده، وبعد إكده يدى هي اللي هتتكلم.. 


وقوف مع ربيعه ونص كلمه معاها تاني ممنوع.. وطول ماهى على ذمتي عينك تتطلع عليها تطليعه وحده، اخزقهالك واخليك كريم العين..ماهو مش عيل زيك اللي يركب لابو دراع قرون قدام الناس على اخر الزمن،، دلوكيت الخلق كلها متعرفش الاتفاق اللي بينا، وربيعه قدامهم مرتي واني جوزها، ومش ابو دراع اللي وحده على اسمه يقف راجل يحكي معاها ويتغزل فيها وهو على وش الدنيا وعيشم الهوا.. طول ماربيعه على ذمتي محرمه عليك حتى البصه عليها، توصل لسن الرشد وتتطلق منى من حقك تعمل مابدالك، بعد جوازك منها طبعاً، غير إكده اني قلت اللي حداي وإنت راجل خالف. 


خلص كلامه وشاور لربيعه تدخل البيت، وبص لممدوح بصة تحذير اخيره وبعدها مشى على الحوش بتاعه وهو متوكد إن كلامه فرمان وممدوح لا يمكن يخالفه من خوفه من العقاب؛ لانه اكيد خابر زين ان ابو دراع عيوبقى قاصد كل كلمه وكل حرف عيطلع من خشمه وعمره ماعيحكى حاجه عبث واصلل. 


دخل الحوش بتاعه وفطر غنماته وسقاهم وقفل عليهم، وطلع شاف شام فى الجنينه عتاخد حطب، فهز دماغه بقلة. حيله على مخها الناشف اللي حتى بعد ماجابلها البوابير مش قادره تنسى الكوانين وتبعد عن الدخانه؛ عشان صدرها اللي عتبيت طول الليل تكح وتنبر منيه يروق هبابه! 


وصل عندها وصبح عليها وهي لفت عليه وردت عليه الصباح، ولأول مره من ساعة ماجات بيت المقاول يشوفها فرحانه ومبتسمه وملامحها مرتاحه، ويشوف شكل سنانها، فأبتسم هو كمان على ابتسامتها وقالها:


ام ربيعه اني هندلى البندر النهارده اجيب غرض واجي، بس فيه ناس جاين يرشولي البيت جير ويسفلتولي ارضيته، وطالب منك تطبخيلهم الغدا انتي وربيعه، اني هشيعلكم الطبيخ مع عيل من عيال سلام وانتوا اطبخوا وخلصوا.. ولو جه معاد الغدا عيطى على عيل من العيال يوديهلهم، بس بأذن الله اني هاجي قبل حصة الغدا، وكمان لو فيها تعب تعمليلهم شاى لو طلبوا، هشيعلك كمان السكر والشاي. 

ردت عليه ربيعه قوام:

من عيونى ياابو دراع طلباتك أوامر. 

رد عليها بإمتنان:

تسلم عيونك ياأم ربيعه.. يلا انى ماشي، وصوح اوعاكى تطلعي انتي ولا ربيعه من البيت ونبهى على باقى حريم البيت واني هشيع لبيت عمى نعيم انبه عالحريم اللي هناك كمان فيش وحده تطلع منهم النهارده. 

هزتله شام دماغها بطاعه، واتحركت ناحية البيت، لكن وقفها حس ابو دراع اللي قالها:

استنى صوح، خدي دول كنت هنسى وهطلع بيهم.. لفت شام عليه وشافته حط يده فجيبه وطلع منها صره حرير من بتوع الدهب، ومدهالها وهو عيقولها:


ديه دهب ربيعه، لبسيهولها وقوليلها أبو دراع عيقولك مبروكين عليكي تتهنى بيهم انشالله. 


جات تمد شام يدها عشان تاخدهم، لكن ابو دراع لم يده بيهم تاني وهو واعي شوقيه واقفه على باب البيت ومسنوده عالحيطه مراقباهم وحاطه يدها فنصها ومراقبه الموقف كله، فغير الكلام قوام وقال لشام:

ولا اقولك.. عيطيلي ربيعه هلبسها دهبها بنفسى؛ عشان تحس انها اتشبكت من صوح.. وبس قال إكده دخلت شام وهملته واقف فى مواجهة شوقيه اللي عتبصله بسخط كيف ماتكون عايزه تهجم عليه وتاكله.. 

وهبابه وطلعت ربيعه من جوه ومعاها شام، ووراها ورده وبدور اللي بس سمعوا شام عتقولها ابو دراع عايز يلبسك الشبكه، هملوا اللي فيدهم وجريوا وراهم يتفرجوا، 

وبمجرد ماطلعت ربيعه فتح ابو دراع الصره وطلع منها اول شي الكردان اللي بمجرد ماطلعه كل الواقفين شهقوا من كبره ومن جماله، وخصوصى لما لافاه لربيعه ولبسته وسد صدرها كله.. وبعد الكردان طلع ٦ غوايش تعبان مفيش وحده فبيت المقاول لبست زيهم قبل سابق، وعطاهملها لبست فى كل يد ٣، وبعدهم لافالها الحلق اللى على شكل الجنيه الدهب وخلت امها لبستهولها، واخر شي عطاها ٤ خواتم لبست فى كل يد تنين.. وبعدها رفعت اديها تتفرج فيهم وتضحك بفرحه، وهي متصيغه والدهب عيلمع فالادين البيض الحلوين هياكل منهم حته، وأمها عماله تكبر وتسمى فسرها وتقرا قل اعوذ برب الفلق من عيون حريم عمامها ومرت أبوها.. اللي عيونهم هتطلع من محاجرها عالدهب، 


وقوام شدتها من قدامهم ودخلت بيها وهملتهم هما فاتحين خشومهم بصدمه وواقفين مطارحهم. 


وأبو دراع راح على بيته وعاود بشاى وسكر ولافاه لورده تعطيه لشام ونبه عليهم بنفسه فيش وحده فيهم تطلع من باب البيت النهارده.. وهملهم ومشى، وهما دخلوا عالبيت يجروا فرجليهم جر من اللي ابو دراع عيعمله ويجيبه لربيعه من امبارح. 

واللي زاد الطينه بله وهو راجع بعد الضهر وجايب معاه قلاب ومحمل فوقه اوضة نوم ملوكي مدهب مفيش واحد من بيت المقاول جاب اختها، وابتدا يدخل فيها هو والرجاله، وكل ديه مراقباه شوقيه من فوق البيت ومستكتراه على ربيعه، وأصلاً ابو دراع نفسه مستكتراه على ربيعه، وهمست لروحها بغل:

والله وعطاكى ياربيعه يابت شام الخدامه ياام ضب وهتتساوى بحريم الدرب! 

 بس وعيونك يابت شام  ماهخليكي تتهنى ولا تفرحي.. واني وانتي ياربيعه انتي وامك والزمن طويل، وحتي ابو دراع معاكم لازم يطوله من الحب جانب. 

يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة ريناد يوسف من رواية نفق الجحيم الجزء الثاني، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة