-->

جديدة قلوب حائرة (الجزء الثاني) لروز أمين - الفصل 41 - 2

 

رواية رومانسية من روايات وقصص الكاتبة روز أمين
رواية قلوب حائرة
الجزء الثاني



رواية جديدة 

تنشر حصريًا 

على مدونة رواية وحكاية 

قبل أي منصة أخرى


الفصل الواحد و الأربعون

الجزء الثاني


عودة للصفحة السابقة

❈-❈-❈



أمام غرفة العمليات بالمشفي الخاص بالمخابرات الحربية،يجاور ياسين الجلوس والداي وأشقاء كارم،تحدث إلي والدهُ بمؤازرة: 

-إن شاء الله ربنا يطمنا علي سيادة الرائد 


عقب دكتور جمال المعداوي بيقين: 

-إن شاء الله يا سيادة العميد،كل اللي يجيبه ربنا خير


بعد قليل خرج الطبيب وانتفض الجميع مهرولين إليه،سألته بثينة بقلب أمٍ مُلتاع: 

-طمني علي إبني يا دكتور


بوجهٍ مُبتسم تحدث كي يطمأنها: 

-إبن حضرتك بقي زي الفل 


هتفت مستفسرة بتأكيد: 

-بجد يا دكتور؟ 


أومي لها ثم سألهُ ياسين مستفسراً عن حالته فاجابهُ الطبيب بإبانة:

-حالة سيادة الرائد مستقرة،لان الطلقة في الكتف وبعيدة عن أي مكان يشكل خطورة علي حياته،المشكلة كلها كانت إن الطلقة دخلت في عُمق كبير والمريض نزف كتير،وبمجرد خروج الطلقة ونقل الدم لسيادة الرائد حالته أصبحت مستقرة


واسترسل موضحاً: 

-إحنا نقلناه غرفة الإنعاش لمتابعة الحالة،ولما يفوق هندي له مسكن علشان ما يشعرش بألم الجراحة، وبعدها هننقله علي غرفة عادية وتقدروا بعدها تشوفوه 


قال كلماته وانسحب،ضل ياسين بالمشفي منتظراً إفاقة كارم حتي يطمأن عليه قبل ان يذهب إلي مقر جهاز المخابرات ليبدأ التحقيق مع الإرهابيين المقبوض عليهم لمعرفة المنظمات الذين يعملون لديهم 



عودة إلي غرفة أيسل حيثُ مازالت علي حالتها،تجلس القرفصاء بمنتصف التخت ودموعها مازالت تنساب فوق وجنتيها بغزارة،تجاوراها مليكة التي تحمل صغيرتها وسارة حيث تحتضن صديقتها وتربت علي كتفها في محاولة منها لتهدأتها


نظرت علي مليكة وتحدثت وهي تُمسك كف يدها باستعطاف: 

-إتصلي ببابي واسألي علي كارم تاني من فضلك



بـعيناي حائرة وقلبٍ مُرتاب يخشي غيرة متيمها المهووس بعشق أميرة قلبهْ،تطلعت إليها وتحدثت بتَردُّد: 

-كدة بابا ممكن يشُك فينا يا أيسل


ترجتها بدموعها التي قطعت نياط قلباي كِلتا المتطلعتان بإشفاقٍ علي حالة تلك العاشقة: 

-علشان خاطر ربنا تتصلي،أطمن عليه بس ومش هخليكِ تتصلي تاني


بانصياع واحتراماً لأمر الهوي الذي تملك من قلب الفتاة أجابتها: 

-حاضر 


إنبثق بريق الأمل داخل عيناها المغرمة وامسكت مليكة هاتفها وطلبت رقم هاتف زوجها مع تفعيل خاصية مكبر الصوت وتحدثت بمراوغة:

-طمني يا حبيبي،عملت إيه في التحقيق؟ 


أخذ نفساً عميقاً وتحدث بارهاق جلي بصوته: 

-لسة ما اتحركتش للجهاز يا مليكة،أنا كُل ده لسة في المستشفى 


تحلت بالشجاعة وتحدثت بنبرة جاهدت لإخراجها غير مهتمة كي لا تستدعي غيرة ذاك العاشق: 

-بتعمل إيه في المستشفي كل ده يا ياسين؟! 


بمرونة بدأت يشرح لها بإبانة: 

-العملية كانت صعبة والدكتور لسة مطمنا حالاً،مستني بس لما ينقلوه علي أوضة عادية وأطمن عليه وأتحرك علي الجهاز


واسترسل علي عُجالة بعدما رأي طاقم التمريض يتحركون بذاك المتمدد فوق الشزلونج المتحرك ويتجهون بطريقهم لإيصاله إلي إحدي الغُرف العادية: 

-حبيبي،هكلمك بعدين علشان كارم فاق وبينقلوه

 


تهلل وجه تلك العاشقة بينما حمدت مليكة ربها داخل سريرتها لعدم إكتشاف ذاك الداهي للغرض  من وراء تلك المكالمة،نظرت إلي أيسل وتحدثت بإبتسامة خفيفة:

-حمدالله علي سلامته 


إبتسمت لها وعلي الفور أمسكت كفها ضاغطة عليه واردفت شاكرة: 

-متشكرة بجد


إبتسمت لها ثم رفعت أيسل وجهها للسماء وتحدثت حامدة: 

-الحمدلله،الحمدلله 


أردفت سارة وهي تجفف لها دمعاتها: 

-أديكي إطمنتي عليه أهو،إهدي بقي وبطلي عياط


اومأت لها بدموعٍ تتساقط فرحاً،أما مليكة فتحدثت بعدما إستقامت واقفة إستعداداً للمغادرة: 

-حاولي تنامي شوية علشان ترتاحي


واسترسلت بعدما حولت بصرها إلي سارة: 

-خليكِ معاها يا سارة ما تسبيهاش لوحدها 


حاضر يا ليكة...نطقت بها الفتاة بموافقة وخرجت مليكة حاملة طفلتها كي تذهب للإطمئنان علي صغارها،وما أن تحركت داخل الرواق حتي تقابلت بمنال التي كانت تتقدم إحدي العاملات الحاملة لصينية محملة ببعض الأطعمة الخفيفة وبعض أكواب العصير


توقفت وتحدثت إلي مليكة بنبرة ودودة: 

-رايحة فين يا مليكة؟ 


عقبت الاخري بهدوء: 

-هروح علشان الأولاد يا طنط،أيسل الحمدلله بقت أحسن


إبتسمت بخفوت وتحدثت باستحسان: 

-متشكرة علي وقفتك مع أيسل يا مليكة 


شكر إيه بس يا طنط،إحنا أهل ومافيش بينا الكلام ده...نطقتها بعفوية صادقة فابتسمت لها منال وتحركت كُلٍ منهُما باتجاهها 



عودة للمشفي

دخل ياسين للإطمئنان علي كارم بعد إفاقتهُ بالكامل،وجد والدتهُ تقف بجانبهِ وهي تقبل كل إنشٍ يقابلها بوجه صغيرها الذي عاد من الموت للتو،يجاوراه أيضاً والدهُ وأشقائه


إقترب ياسين من كارم وتحدث بابتسامة أظهرت مدي إبتهاجهُ بعودته من جديد إلي الحياة: 

-حمدالله علي سلامتك يا بطل


بإبتسامة خافتة أجابهُ بأنفاسٍ متقطعة نتيجة تأثرهُ بالعملية التي أجراها مُنذُ القليل: 

-الله يسلم سعادتك يا أفندم


واسترسل بعيناي متلهفة دون مراعاة لأية حساباتٍ أخري متغاضياً عن كل شئ: 

-طمني علي دكتورة أيسل


الأن ومن نظرة عيناة المتلهفة إستنتج أن الشعور متبادل،فرد باقتضاب:

-الحمدلله،ماتشغلش بالك بأي حد غير نفسك يا سيادة الرائد


قالها بجمود ثم استرسل بنبرة جادة:

-أنا مضطر أتحرك علي الجهاز علشان أبدأ التحقيق في اللي حصل


 واستطرد قبل أن ينسحب إلي الخارج: 

-مش عاوز حاجة؟ 


شكره كارم ووالده وانسحب تحت غضب بثينة التي هتفت بنبرة حادة بعدما تأكدت من خروجهُ:

-مش عاوزين منك حاجة غير إنك تبعد عننا إنتَ وبنتك اللي ما تتسمي 


ماما...نطقها محذراً بعيناه فهتفت الاخري بلهجة صارمة:

-بلا ماما بلا بابا بقي،إنتَ لازم تسيب المهمة الشؤوم دي وكفاية اللي حصل لنا من وراها لحد كدة


عقب متعجباً: 

-وهو أنا كل ما اتصاب في مهمة هسيبها؟! 


وإنتَ بتسمي حراستك للنُغة بنت سيادة العميد مهمة؟ 

واسترسلت بسخط: 

-ده أنا كنت في نص هدومي لما خالتك قالت لي إن مايان شافتك وإنت بتوصل الغندورة كل يوم لجامعتها،قعدت أألف لها قصص علشان أداري كسوفي منها


أردف جمال بنبرة حكيمة: 

-كلام إيه اللي بتقوليه ده يا حضرة المُربية الفاضلة يا مثقفة،لما أنتِ بتقولي كدة أُمال خليتي إيه لاصحاب العقول البسيطة


بلا حضرة المُربية بلا مثقفة...نطقتها بحدة ثم استرسلت موجهة حديثها لصغيرها المُصاب:

-إنتَ لازم تعتذر عن المهمة دي يا كارم،أنا مش مستغنية عنك يا ابني


واستطردت بعيناي ترقرقت بهما الدمعات: 

-أنا كُنت هموت لما سمعت الخبر يا كارم


تنهد بضيق وتحدث إلي والدتهُ بصوتٍ متقطع: 

-ماما،أنا لسة خارج من أوضة العمليات من ساعة واحدة لو مش واخدة بالك


زفرت بضيق في حين تحدث شقيقهُ الأكبر وهو يطوق كتفاي والدتهُ كي يُهدئ من ثورتها: 

-إستني بس أما نشوف الحكاية إيه يا بُسبُس


ثم غمز لشقيقهُ وتحدث بنبرة هائمة متهكماً علي شقيقهُ: 

-طمني علي دكتورة أيسل يا سيادة العميد


واستطرد غامزاً بعيناه: 

-هو سيادة الرائد غرق في حُب بنت سيادة العميد ولا إيه؟ 


إنتفض قلبهُ ثم تحدث إلي أبيه بنبرة متعبة:

-بابا،أنا تعبان والمُسكن بدأ يشتغل وحقيقي محتاج أنام  


مال علي جبين صغيره واضعاً قُبلة حنون وتحدث بمشاكسة: 

-أخوك بيضحك معاك،ما تبقاش حمقي قوي كدة


واستطرد بعيناي تشعُ حناناً لعودة صغيره سالماً: 

-حمدالله علي سلامتك يا ابني


بابتسامة حنون عقب: 

-اللي يسلمك يا حبيبي 


ثم نظر إلي والدتهُ وتحدث لمراضاتها: 

-مش هتيجي تقعدي جنبي علشان أطمن وأعرف أنام؟ 


تحركت إليه وجلست بالمقعد المجاور وأمسكت كفهُ وقامت بوضع قُبلة فوقهُ راقت لذاك الذي استسلم لسلطان النوم وغفي بسباتٍ عميق متأثراً بالبنج وعقّار المُسكن الذي تلقاه فور نقلهِ لتلك الغرفة لتسكين ألامه



❈-❈-❈


ليلاً 

داخل حديقة سيادة اللواء عز المغربي 

حول المنضدة يجلس كُلً من ثُريا وعز وعبدالرحمن ومنال وطارق الذي تحدث إلي أبيه: 

-وبعدين يا باشا،هنتصرف إزاي مع أيسل؟ 


تنهد سيادة اللواء وأردف شارحاً بهدوء: 

-خليها علي الله يا طارق،رئيس الجهاز كلمني حالاً وبلغني إن القوات المسلحة بعتت قوة داهمت المقر الرئيسي للجماعة الإرهابية وقبضوا علي بؤر مجاورة ليها


واستطرد بإبانة: 

-البلد بدأت تنضف والجيش مش ساكت،بس أكيد مش هيقضي علي الإرهاب بشكل قاطع


واسترسل شارحاً: 

-الإرهاب بقي صناعة،الدول الكُبري بتصنعه وتنميه وتحارب بيه البلاد علشان تمنع تقدمها وتنميتها،وتكسر بيه جيوشها وتفتتها علشان تضعفها وتقدر تتحكم فيها وتسيطر عليها بسهولة،وكل فترة تطلع لنا بتنظيم بإسم مختلف بعد ما جيوش الدول القوية تقضي علي اللي قبله وتكسره 


واستطرد ذاكراً: 

-مرة تنظيم الدولة الإسلامية ومرة داعش وحسم وكله تحت شعار الإسلام،والإسلام منهم ومن أفعالهم برئ 


هتفت ثريا بنبرة متأثرة: 

-حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم،ربنا عليهم قادر يدمرهم زي ما دمروا بلادنا وضيعوا عقول شبابنا


أما منال فتحدثت متأثرة بحادث ليالي: 

-ربنا ينتقم منهم ويحرق قلوبهم زي ما حرقوا قلوبنا علي كل حبايبنا اللي غدروا بيهم



تأثر الجميع بحديثها ثم تنهد عبدالرحمن وأردف بأسي: 

-المشكلة إنهم مسخرين كل جهودهم وإمكانياتهم لتشوية صورة الإسلام قدام العالم،بيستعينوا بشوية مغيبين كل اللي بيربطهم بالإسلام الدقن والجلبية البيضا، ويعملوا لهم غسيل مخ ويطلعوا علي المواقع يرددوا كلام زي البغبغانات وهما اصلاً مش فاهمين اللي بيقولوه


أردف طارق موضحاً بهدوء: 

-الكلام ده كان زمان يا عمي،حالياً السوشيال ميديا كشفت ألاعيبهم وكل الناس فهموا إنها لعبة وشافوا وشوشهم الحقيقية 



تحدثت منال إلي عز بقلبٍ مُرتعب: 

-أنا خايفة علي البنت يا عز،لازم تكلم رئيس الجهاز يعين لها طقم حراسة جديد يكون أقوي من اللي معاها


أردف عز بايضاح: 

-وهو اللي معاها قصر في إيه بس يا منال،ده الرائد المسؤل عن حمايتها ضحي بروحه وأخد الطلقة مكانها


عقبت ثريا بتأكيد علي حديثهُ: 

-عندك حق يا سيادة اللوا،ربنا يحميه ويقومه بالسلامة


أمن علي دعوتها وتحدث موصياً الاخري:

-أهم حاجة خدي بالك من البنت وخليكي جنبها 


اومأت له بموافقة وتابع الجميع أحاديثهم

 


❈-❈-❈



مرت ثلاثة أيام واليوم كان الأول لعودتها إلي جامعتها لمتابعة سير دراستها،مَر اليوم بصعوبة عليها،فكرة عدم وجودهُ حولها كانت تؤلم روحها،تعودت علي وجودهُ وأكتشفت عدم إستطاعتها تكملة حياتها بدونه


وخلال هذة الايام لم تستطع تلك العاشقة الإطمئنان علي حبيبها لغلق هاتفهُ حيثُ أُتلف خلال الحادث واليوم فقط جلب لهُ شقيقهُ هاتفاً جديداً وقام بوضع شريحة الهاتف به


كانت تتحرك أمام البحر ببُطئٍ متأملة مظهر المياة،تراهُ في كل ما تقع عليهِ عيناها،رأت وجههُ الحنون فوق سطح مياههُ الزرقاء،شموخهُ داخل إتساعه اللانهائي،حتي غضبهُ رأتهُ بين أمواجهِ العاتية



نزلت دموعها المُشتاقة لتُعلن عن ضعفها ووصولها للمنتهي،حنينًُ يأخدها إليه تشتاقُ رؤياهُ وتكادُ أن تصلُ لحافة الجنون


إستمعت لصوت وصول رسالة إلي هاتفها الجوال،أخرجته تتطلع علي شاشته،إتسعت عيناها حينما رأت رسالة مفادها أن هاتفهُ المغلق أصبح متاحاً الأن،بلهفة باتت تقلب بهاتفها حتي إستقرت علي نقش إسمهِ وبسرعة البرق كانت تضغط علي زِر إجراء مكالمة


كان يتمدد فوق تخت المشفي سانداً ظهرهُ للخلف،ممسكاً بهاتفهُ يتفحص الرسائل التي وصلتهُ للتو فور إدخال شقيقهُ للشريحة،إنتفض قلبهُ حين رأي عدة رسائل منها


كاد أن يطلب من شقيقهُ المرافق له أن يتركهُ كي يهاتفها قطع حبل أفكارهُ وصول مكالمة منها،إتسعت عيناه وما شعر بحالة إلا وهو يبتسم بشدة حتي ظهر صفاي أسنانه مما جعل شقيقهُ يتعجب



بلهفة تحدث إلي شقيقهُ: 

-سيبني لوحدي شوية بعد إذنك يا محمد


كاد أن يشاكسهُ قاطعهُ باستعجال: 

-يلا بقي ما تبقاش رخم


غمز له شقيقهُ وتحدث وهو ينسحب: 

-ماشي يا باشا،بس راجع لك وأعمل حسابك مش هسيبك غير لما أعرف كل حاجة


إنقطع الإتصال تحت حُزن تلك العاشقة التي عبس وجهها لكنهُ سُرعان ما تبدل لمبتهج بعدما أتاها إتصالاً منه،علي الفور ردت بنبرة أظهرت كم إشتياقها:

-ألو


وحشتيني...نطقها وكأن روحها كانت غائبة والأن قد عادت،تحدثت باشتياقٍ جارف:

-طمني عليك إنتَ كويس؟ 


وحشتيني...نطقها بصوتٍ متقطع دلالة للتأكيد فابتسمت بسعادة وتحدثت خجلاً: 

-حمدالله علي سلامتك يا كارم 


بنبرة رجُل مُغرم أجابها: 

-الله يسلمك يا عُمر كارم


وكأن لكلماتهِ السِحر،فحولتها من مهمومة عابسة إلي فراشة تطير وتتناقل بين الغصون والزهور ذات الألوان الزاهية،أغمضت عيناها باستسلام كي تستمع لكلماتهِ التي تقع علي مسامعها كأعذب الألحان


بنبراتٍ حنون أردف بصدقٍ شعرت به: 

-وحشتيني قوي يا أيسل،هتجنن وأشوفك


وأخيراً تجرأت ونطقت بما أدخل البهجة علي قلبه: 

-أنا كمان عاوزة أشوفك،بس مش عارفة إزاي


يا حبيبي...نطقها بصوتٍ هائم وعدم إستيعاب لاندماجها معهُ بالحديث


بدون وعي سألته بحنين ظهر بَيِنّ بصوتها: 

-إنتَ هترجع لي أمتي؟ 


وعت علي حالها فابتلعت لعابها وأغمضت عيناها وبدأت تؤنب حالها وتلومها علي ما نطقت به دون إدراك أو تفكير،أما هو فكان يعيشُ أروع لحظات حياتهْ،فها هو يحيي العِشق الذي طالما إستمع عنه كثيراً،وها هو الآن يلتقي به وجهاً لوجه ويسبح داخل بحرهِ العميق


أيسل...نطقها بنبرة حنون،فردت برقيقة: 

-نعم


عقب بصوتٍ أذابها عشقاً ونهي علي تبقي من صبرها: 

-بحبك،بحبك يا أيسل،بحبك ودي أول مرة أحسها وأقولها،بحبك ونفسي أكمل عمري اللي جاي كُله معاكِ


أوصلتها كلمات غزلهِ للمنتهي من كل شئ،تنهدت براحة وسعادة ولأول مرة تشعُر بها،وكأنها خُلقت من جديد لتحيا العشق الذي طالما تمنت الدخول إلي عالمهُ الساحر،وها هي الأن تدلف من بابهِ مًمسكةً بيد حبيبها ليخطوا معاً أولي خطواتهم في شارع الغرام


حدثها بنعومة متسائلاً: 

-هو حبيبي ساكت ليه؟ 


بصعوبة أخرجت صوتها متسائلة:

-عاوزني أقول لك إيه


عقب هائماً: 

-تقولي لي وأنا كمان بحبك يا كارم


إبتسمت خجلاً وشعر بها فاسترسل عاذراً خجلها:

-طب بلاش بحبك لو مكسوفة،كفاية تقولي لي وأنا كمان

واستطرد بايضاح:

-وأنا هفهم


ضلت صامته فتحدث بمشاكسة كي يحثها علي الكلام: 

-ما أنتِ لازم تتكلمي علشان أعرف إذا كُنتي بتبادليني نفس شعوري ولا رافضة حبي وقربي منك


أرادت مداعبتهُ فتحدثت بمشاكسة: 

-بلاش تشغل ذكاء ظُباط المخابرات ده عليا،إنتَ عارف كويس قوي شعوري من ناحيتك


واسترسلت مذكرة إياه: 

-هو أنتَ ناسي اللي حصل يوم الحادثة؟


تحدث متدللاً عليها: 

-بس أنا عاوز أسمعها الوقت منك،ولا خسارة فيا يا أيسل؟ 


بنبرة حنون أجابته: 

-مافيش حاجة خسارة فيك يا كارم


أردف مطالباً إياها:

-طب يلا قولي ورايا،بحبك يا كارم


ضحكت بخبث وتحدثت بمراوغة قبل أن تُغلق الهاتف سريعاً: 

-وأنا كمان


نطقتها وضمت هاتفها إلي صدرها وباتت تدور حول نفسها كفراشة من شدة سعادتها،أما هو فاخرج زفرة قوية ليُهدئ من لهيب صدرهُ المشتعل بنار الهوي،ألقي برأسهِ إلي الخلف وأبتسم بشدة وتنهد براحة عجيبة




ليلاً بنفس اليوم


كان يحمل صغيرتهُ ويضمها إلي أحضانه قبل أن يتحرك إلي منزل أبيه حيثُ انهُ منذ وقوع حادث إبنته وهو يبيت بجانبها ليُشعرها بالامان والإطمئنان


كان يستمع إلي ملاغاتها بقلبٍ سعيد يرفرف كَكل مرة يستمع من بين شفتاها كلمة دااااادا التي تجعل قلبهُ ينتفض ويتراقص فرحاً


وقفت لتقابلهُ وتحدثت بملامح وجه حائرة متردّدة: 

-ياسين


إيه يا حبيبي...نطقها وهو يشملها بعيناي حنون،فتحدثت من جديد بعدما إستدعت شجاعتها بصعوبة بالغة: 

-هو أنتَ مش هتاخد أيسل المستشفي علشان تزور الرائد كارم؟ 


وكأن بكلماتها الغير محسوبة قد أيقظت الوحش الكاسر الخامد بداخله،فهتف متهكماً: 

-نعم يا اختي؟!


ابتلعت لُعابها لتُبلل جوفها الذي جف جراء إرتعابها من ردة فعله العنيفة،وهتفت بملامح وجه شاحبة: 

-أنا قصدي إنها تشكره علي اللي عمله معاها،ده أخد الطلقة مكانها يا ياسين


بفظاظة أجابها بسخطٍ: 

-هتشكره علي إيه يا هاااانم،ده شُغله يا ماما


نطقت بتلبُك: 

-إسمعني بس يا ياسين وحاول تفهمني


ألقي بداخل أحضانها الصغيرة التي تعجبت من تحول ملامح وجه أبيها وتحدث وهو يستعد للرحيل: 

-مش عاوز أسمع ولا كلمة ورأيك خليه لنفسك يا مدام


واستطرد وهو يرمقها بنظرات مُرعبة: 

-خدي لك ساتر واتقي غضبي يا مليكة


واسترسل مؤكداً: 

-خدي لك ساااتر 


نطقها وانطلق خارج الحُجرة كالأعصار المدمر متجهاً إلي منزل عز المغربي 


نطقت الصغيرة بملاغاة لوالدتها: 

-داااادا


إلتفتت إلي الصغيرة وتحدثت بابهام وتيهة: 

-داددا هبت منه خلاص يا مِسك،الله يكون في عونك يا كارم،ده أنتَ شكلك كدة داخل علي أيام أسود من قرن الخروب



❈-❈-❈



بعد مرور خمسةُ عشر يوماً علي واقعة محاولة الإغتيال الفاشلة

تعافي كارم وعاد إلي مقر عمله كي يطلب من ياسين مزاولة عمله من جديد بعد أن أذابهُ الحنين لرؤية من حرمتهُ تلك الرصاصة اللعينة من التمتع بالنظر إلي وجهها بعدما أصبحت حياتهُ بدون النظر لعيناها يومياً كصحراءٍ جرداء 



دلف إلي ياسين الذي وقف إحتراماً له واستقبلهُ بحفاوة بالغة إمتناناً لما فعلهُ لأجل غاليته،جلسا وطلب قهوة ليحتساها سوياً، وأثناء إرتشافهِ تحدث إلي ياسين بنبرة جادة: 

-أنا عاوز أرجع لشغلي مع الدكتورة جنابك


أخذ نفساً عميقاً وعقب بنبرة هادئة: 

-لسة بدري علي رجوعك للشُغل يا كارم،خد لك كمان إسبوع أجازة علشان تقدر تسترد كامل صحتك


بثقة عالية أردف بإبانة: 

-أنا بقيت تمام معاليك،وأخدت رأي الدكتور قبل ما أجي لحضرتك



تنهيدة حارة خرجت من صدر ذاك الذي يكظمُ غضبهُ منه بصعوبة بالغة ويرجع ذلك لشعورهُ بالإمتنان لفضل كارم عليه وحمايتهُ والنأي بحياة إبنته من محاولة الإغتيال التي كانت ستقضي علي حياتها


تمالك من حالهُ لأبعد حد ونفض عن عقلة تلك الفكرةِ المسيطرة علي مخيلتهُ مقاومًا رغبته في الإنقضاض عليه للفتك بهِ كالأسد الجائع،ثم تحدث ليُعلمهُ بقراره الذي وصل إليه بعد تفكير: 

-أنا سحبت منك المهمة وأسندتها لـ أحمد كمال 


إتسعت عيناه بذهول وسألهُ مستفسراً: 

-هو أنا قصرت في حماية الدكتورة علشان تسحب مني المهمة يا أفندم؟! 


بنبرة جادة عقب علي سؤالهُ نافياً: 

-لا يا سيادة الرائد،إنتَ ما قصرتش بالعكس،شغلك إنتَ عملته علي أكمل وجه


واستطرد باعلام: 

-وأنا قدمت تقرير بالكلام ده ورفعته للإدارة علشان يتضاف لـ ملفك


واستطرد بحديث ذات مغزي وصل معناه إلي ذاك الفطن: 

-بس أنا شايف إن كدة أفضل ليك ولبنتي


نظر كارم إلي عيناي ياسين ثم تنفس بقوة لاستدعاء شجاعتهُ وتحدث بنبرة جادة دون مراوغة:

-سيادة العميد،أنا طالب القُرب من سعادتك ويشرفني إن حضرتك توافق علي جوازي من الدكتورة أيسل


جحظت عيناه ورمقهُ بنظرات فتاكة ثم هتف بنبرة ساخطة بعدما هب واقفاً وكأنهُ تحول إلي غول:

-نعم يا حبيبي؟

واسترسل بعيناي تطلقُ شزراً: 

-سمعني تاني كدة اللي قولته؟! 


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة روز أمين من رواية قلوب حائرة (الجزء الثاني) لا تنسى قراءة روايات و قصص أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية

رواياتنا الحصرية كاملة