رواية جديدة لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 16
قراءة رواية لأنني أحببت
الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل السادس عشر
انكسار
ابتسامة ثعلبية ارتسمت فوق شفتيها عندما لاحظت الخوف الذي يكسو عيني عبير فأيقنت أن خطتها تسير على ما يرام
لكن متبقي الخطوة الأصعب والذي وعدها المدعو حسن بأنه سينفذها في أقرب وقت
اتسعت ابتسامتها عندما لاحظت ارتباكها الواضح للعيان
فسألها زوجها بلهفة: عبير يا حبيبتي مالك مش على بعضك ليه كده بقالك كم يوم مش متظبطة؟
أجابته بكذب لاحظه هو: ما فيش أنا بس تعبانه شوية هروح اعمل لكم الشاي.
تابعتها بعينيها حتى اختفت ثم وجهت حديثها لابنها مغمغمة بعدم رضا: مش عارفة يا رؤوف حاسة ان مرآتك مخبية حاجة.
صمت قليلا فهو يعلم أن والدته محقة وهو أكثر شخص يعرف لكن عليه أن يحافظ على صورتها أمام والدته فمنحها ابتسامة مصطنعة هاتفا بجدية: ما اعتقدش يا ماما هي عبير فعلا اليومين دول ما بتنامش كويس ده غير يعني أن معدتها على طول وجعاها بفكر أخدها عند دكتور أمراض نسا ممكن تكون حامل.
هزت رأسها بعنف هادرة بعدائية: لا لا مش حامل ولا حاجة مستحيل.
قطب حاجبيه بدهشة من رد فعل والدته غير المبرر سائلا إياها باهتمام: مستحيل!
مستحيل ليه يعني يا ماما مش نفسك تشوفي أحفادك ولا إيه؟
تلعثمت في الحديث مغمغمة بكذب: أكيد طبعا هو يعني في واحدة ما بتتمناش تشوف لابنها الخلف الصالح.
وقبل أن يتفوه رؤوف بكلمة أبصر زوجته تحمل صينية مستديرة وعليها ثلاثة من أكواب الشاي قدمتها لهم بالتناوب
فشكرتها والدة زوجها بينما رؤوف هب واقفا وقبل يدها ثم رأسها بصدق: ربنا ما يحرمني منك أبدا يا بيرو وأتمنى أن تعبك دوت يكون للسبب اللي أنا قلت عليه.
سألته باهتمام بعد أن منحته ابتسامة صافية: وإيه اللي أنت قلت عليه؟
راح يخبرها باختصار ما دار بينه وبين والدته منذ ثواني.
بينما والدته راحت تشيعهما بنظرات حاقدة وتتمنى بداخلها أن يتحقق كل ما خططت له في أقرب وقت.
❈-❈-❈
فوق أحد المقاعد المتواجدة في غرفة المعيشة في منزله يجلس وهو يتصفح هاتفه لكن بعقل شارد فحديث الحاج سعد بالأمس جعله يعيد كل ترتيب أفكاره فلقد أخبره بأنه يحبها
لو كان كذلك لماذا هو متردد إذا؟
إن كان يحب رؤيتها والحديث معها حتى لسانها الصليط وشجارها معه بات يسعده إذا لماذا هو متردد!
وإن كان لا يحبها فلماذا هو حزين لماذا يفتقدها بشدة وحزن لحزنها بالأمس؟
جذب خصلاته بقوة ثم ألقى الهاتف فوق المنضدة التي تتوسط الغرفة بعد أن استقام واقفا عازما على الذهاب إلى أخته والتحدث معها علها أن تجد له حلا لتلك المعضلة بالنسبة له.
دقائق قليلة وانتهى من ارتداء ثيابه ثم رش عطره المميز وأنتعل حذائه متجها للخارج وهو يمني النفس بأن يجد أجوبة على كل أسئلته عند شقيقته الصغرى تسنيم.
❈-❈-❈
على مائدة الطعام بجانب والدتها تجلس وهي تنظر في كل الاتجاهات عدا عينيه فكلما وقع بصرها عليه تجده يبتسم وكأنه يقول لها مجددا
ها أنا قد انتصرت عليك
فبعدما أصرت على عدم الذهاب معه دنى منها عازما على حملها بين ذراعيه وليحدث ما يحدث حاولت الفرار والاحتماء داخل غرفتها إلا أنها لم تستطع
فلقد أمسك بها واحتبسها بين ذراعيه هامسا لها بصوته الساحر: قلت لك يا صَبا أنا مش هطلع من غيرك عشان كده أنا هنفز تهديدي دلوقتي.
وقبل أن ينحني ويحملها صرخت في وجهه باستنكار: بتعمل إيه يا مجنون أنت أنت ناسي إن أنت لسة تعبان لو وقعت هيبقى فيه خطورة عليك وعلى عمليتك.
خفق قلبه بقوة أثر حديثها ورمقها بنظرات عاشقة هامسا أمام شـ فتيها: أنتي خيفة عليا يا صبا؟
تناست كل شيء في حضرته وكل الحديث الجارح الذي رماها به من قبل وأومأت له مؤكدة
فدنى منها طابعا قبـ لة طويلة فوق جبينها ثم احتـ ضنها بقوة
ثواني وتذكر بأن تصرفاته تلك ستفضحه أمامها فابتعد عنها
تنحنحا بخشونة هاتفا بعنف: خليكي مكانك أنا هدخل أجيب لك الإسدال واجي.
امسك بعكازه الذي ما زال مكانه بجوار الباب واتجه إلى غرفتها تاركا إياها تشيعه بنظرات مندهشة وعدم استيعاب لما يحدث من ذلك الرجل.
استفاقت من شرودها على صوته الماكر يقول: ما بتكليش ليه يا صبا؟
صكت على أسنانها بقوة هاتفة من بينها: باكل وبعدين أنت مركز معايا كده ليه!
ما تخليك في أكلك.
ابتسم بسخرية ثم امسك بجزء من الشطيرة التي أمامه وقربها من فم زوجته هاتفا بمحبة مزيفة: كلي دي من أيدي يا زينة.
ابتهجت زينة من فعلته تلك وقربت فمها ملتقطة الشطيرة من يده وقلبها يتراقص بداخل قفصها الصـ دري.
أما عن صَبا فكانت تشعر بنار الغيرة تحرقها من الداخل شعرت بالاختناق مما يحدث حولها فتركت طعامها كما هو وهبت واقفة هاتفة بحزن: أنا شبعت الحمد لله مين فيكم يشرب معايا شاي؟
لوت والدتها شدقها بعدم رضا مغمغمة بجدية: هو انتي كلتي حاجة عشان تشربي شاي يا صَبا.
ايوة الحمد لله يا ماما انا مش جعانة أصلا زي ما قلت لك انا طلعت بس عشان خاطر خالي ما يزعلش وكمان عشان...
بترت باقي حديثها واتجهت إلى المطبخ تاركة الجميع يشيعها بنظرات مختلطة
فمنهم الشامت ومنهم المتعاطف مع تلك المسكينة
بينما الحاج سعد الذي كان يتابع الموقف في صمت تأكدت شكوكه الآن فبعدما طلب منه ابنه عودة ذلك اليوم مجددا وحديثه عن ابنة عمته واصراره على حضورها معهم وضحت الصورة أمام عينيه فقرر مواجهة ابنه ومعرفة ما يدور بداخله.
❈-❈-❈
بعد أن ارتدا عباءته البيضاء وقف أمام المرآة يصفف خصلاته السوداء ومن ثم التقط زجاجة العطر وراحا ينثر بسخاء فوق ثيابه وعنقه
ابتسامة كبيرة ارتسمت فوق محياه عندما استمع إلى صوت والدته يأتي من الخلف: بسم الله ما شاء الله خمسة في عينك يا كامل يا ابني كل ما بتكبر في السن هيئتك بتبقى شبه هيئة أبوك الله يرحمه.
التفت إليها ودنا منها بخطوات بطيئة ملتقطا كفها بين راحتي يده ضاغطا عليه بمودة ومن ثم رفعه إلى فمه طابعا قبـ لة طويلة عليه مغمغما: بامتنان ربنا ما يحرمني منك أبدا يا ست الكل.
تأملته بنظرات حزينة فذلك الشاب يستحق السعادة والراحة لطالما كان مراعيا ومحبا لكل من حوله
لكن للأسف ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.
وعندما أبصر كامل تلك النظرات في عيني والدته هتف في عجالة: يلا أنا همشي بقى عشان الحق صلاة الجمعة يا ست الكل أنا عايزك تدعي لي أنت عارفة ان يوم الجمعة الدعوة فيه بتبقى مستجابة.
ألقى كلماته وانطلق للخارج وهو يبتسم
فلقد أمطرته بعد تلك الكلمات بوابل من الدعوات التي لا حصر لها.
❈-❈-❈
في المشفى التي يقطن بها حسام
ساعدته الممرضة في الاستلقاء بشكل مريح ومن ثم سألته باهتمام وابتسامة صغيرة تزين شفتيها: قل لي يا أستاذ حسام أحسن دلوقتي؟
أجابها بصوت خالي من الحياة: ما تفرقش.
غامت عينيها بحزن عظيم على جسده الذي يتدهور بسبب حالته النفسية ورفضه القطعي للعلاج لكنها حاولت الابتسام مجددا مردفه باهتمام: أقصد يعني عامل إيه دلوقتي وليه رافض أنك تتعالج حتى الإبر اللي كاتبها الدكتور ما بترضاش تاخدها أنت مش عايز تخف ولا إيه!
دمعت عينيه بتأثر مغمغما بمرارة: أخف!
أنت بتضحكي عليا ولا بتضحكي على نفسك أنتي عارفة إن أنا عمري ما هخف وهفضل طول عمري نايم بالشكل ده الحاجة الوحيدة اللي حشوفها هي السقف بتاع الأوضة أكتر من كده حتى مش هعرف أشوف.
أطرقت رأسها أرضا في خزي ولم تعقب فهي تعلم علم اليقين أن كل ما يتفوه به حقيقة لكن هذا دورها أن تعطي الأمل لكل مريض.
ابتسم من بين دموعه هاتفا: شفتي أهو أنتي ما عندكيش كلام تقوليه عيزاني أتعالج ليه بقى والنهاية واحدة؟
فتحت فاها لتتحدث لكنه قاطعها بحسم: -من فضلك- اخرجي وسيبيتي لوحدي.
كادت أن تعترض لكن صوته المرتفع وعصبيته المفرطة جعلتها تهرول للخارج مغلقة الباب من خلفها تاركة إياه يبكي بقوة هاتفا من بين دموعه الغذيرة: يا رب.
والحقيقة هذه أول مرة يستعين فيها حسام بالله -عز وجل-.
لطالما كان بعيدا كل البعد عنه ولم يكتفي بهذا فقط بل إنه اتخذ كل شيء محرما منهجا وأسلوب حياة وكأنه يعاند الله -عز وجل- لكن لا يعرف حسام بأنه كان يعاند نفسه أولا.
❈-❈-❈
عودة مرة أخرى إلى منزل الحاج سعد الذي عادت إليه الحياة في ذلك اليوم بالتحديد.
فلقد جلسا الحاج سعد والحاج كامل يلعبن الدومينو
بينما الحاجة صباح والسيدة سعاد كانتا جالستين كل منهما بجانب زوجها تشجعه بحماس.
أما عمار فقد كان يلعب البلاي ستيشن مع ابنه ليث لكن بعدم تركيز فكل تركيزه منصبا مع تلك التي تقبع في المطبخ.
صرخ ليث للمرة الثالثة على التوالي: جووول أنا كسبتك يا بابا ده تالت ماتش أكسبك فيه.
منحه عمار ابتسامة كبيرة ومن ثم ربط فوق رأسه في حنو بالغ مردفا بصدق: برافو عليك يا ليث أنا مش زعلان أنك كسبتني بالعكس عموما يعني الأب ما بيتمناش حد يكون أحسن منه غير ابنه.
ابتسم ليث بامتنان حقيقي ومن ثم ألقى بجـ سده الصغير بين أحـ ضان والده مغمغما: ربنا يخليك لينا يا بابا بجد أنا بحبك قوي.
وفي تلك الأثناء خرجت صَبا من المطبخ تحمل صينية كبيرة عليها أكواب من عصير المانجو الطازج
مرت بالقرب منهما فاستوقفها مشاكسا: هو أنا ما ليش كوباية عصير من دي ولا إيه يا ست صَبا ولا أنا شفاف ولا إيه بالظبط؟
رمقته بغضب مردفه باستفزاز: لا مش شفاف ولا حاجة أنا حدخل العصير الأوضة واللي عايز حاجة يروح ياخدها بنفسه.
ابتعد ليث عن حزن والده هاتفا بمرح: قصف جبهة جامد قوي ضده يا خبر مالك يا بابا عمال يدخل فيك إجوان كتير كده ليه النهارده.
تفوهت صَبا وهي تتجه إلى غرفة المعيشة: هو النهاردة بس يا ليث أبوك كده على طول.
ابتسمة بقوة ومن ثم استقام واقفا هاتفا بتوعد: ماشي يا صَبا أنا حوريكي مين اللي بيدخل فيه اجوان.
وجه حديث باهتمام: بقول لك إيه يا ليث يا حبيبي في حاجة كده عيزك تساعدني فيها معايا ولا إيه؟
أجابة ليث بحماس وهو يمسك يده: معاك طبعا يا برنس.
في نفس التوقيت كانت منشغلة في إعداد وجبة الغداء لزوجها الذي ذهب لإيصال والدته إلى منزلها
فلقد عرض عليها أن تستقل سيارة أجرة لكنها رفضت رفضا قطعيا وأصرت على أن يوصلها بنفسه.
انتفضت بخوف عندما استمعت إلى صوت قرع جرس الباب فهتفت بدهشة: مش معقول يكون رؤوف لحق يرجع!
لا لا أنا مش هفتح.
وضعت كلتا يديها فوق أذنها كي لا تستمع إلى صوت الجرس لكنها شعرت بالخطورة عندما قام الطارق بقرع الجرس أكثر من مرة
فقررت أن تذهب وتعرف هوية الطارق من العين السحرية كعادتها في الآونة الأخيرة وبالتحديد بعد ظهور المدعو حسن في حياتها مرة أخرى.
وبالفعل صدق حدسها عندما أبصرته أمام الباب فتراجعت للخلف بشكل لا إرادي
لكنها استمعت إلى صوت قرع الجرس مرة ثانية يليها طرقات مرتفعة فوق الباب
فخشيت أن يستمع إليهم أحد الجيران ومن ثم يخبر زوجها بما يحدث.
دون تفكير فتحت الباب وهذا أسوأ قرار اتخذته في حياتها فلقد ولجا حسن والشرر يتطاير من مقلتيه ثم دفعها للداخل مغلقا الباب من خلفه.
إزدردت ريقها بصعوبة بعد أن جف حلقها تقريبا. مغمغمة بخوف: أنت عايز إيه يا حسن أنت اتجننت أزاي تيجي هنا جوزي زمانه جاي.
قهقهة بلا مرح مردفا بثقة لا تعرف هي من أين أتى بها: جوزك مش جاي دلوقتي يا حلوة.
رمقته بعدم فهم: أقصد يعني مش هيجي غير لما أخلص المهمة اللي أنا جاي عشنها.
قال تلك الكلمات ثم أخرج مُضية صغيرة من جيب سرواله مشهرا إياها في وجهها ودنا منها بخطوات بطيئة أتلفت أعصابها
بذعر شديد راحت تتراجع للخلف وهو يدنو منها بخطوات بطيئة مثيرة للأعصاب.
اتسعت حدقتاها برعب عندما اصطدم ظهرها بالحائط فايقنت انها النهاية
فانهمرت دموعها كالشلال فوق وجنتيها ورفعت يدها باستسلام هاتفة برعب: ارجوك يا حسن ما تأزينيش ارجوك.
قهقهة بقوة وهو ما زال يدنو منها حتى التصق بها ثم هتف بفحيح أمام وجهها: دلوقتي بتترجيني وعايزة تبوسي ايدي ماشي يا بيرو.
رفع يده أمام شفتيها هادرا: بوسي.
ومن ثم امسكت بيده وقبلتها بانكسار شديد غافلة عن نظراته المنتشية المريضة.
ابتعد عنها عدة خطوات بعد أن سحب يده من بين يديها باشمئزاز
فتنهدت براحة لكن توقف قلبها وتجمدت قدميها عندما استمعت إلى صوته يقول بأمر: اقلعي هدومك يا حلوة…
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية