رواية جديدة لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر لبسمة بدران - الفصل 15
قراءة رواية لأنني أحببت
الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من في غياهب القدر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة بسمة بدران
الفصل الخامس عشر
ماذا لو؟
عادت إلى منزلها تجر أذيال الخيبة وتنعي حظها العسر فكلما مضت في طريق تقف في المنتصف وكأن الحياة تعاندها.
راحت تتساءل بداخلها ماذا لو لم يخونها زوجها؟
أو لو لم تظهر المدعوة رغد في حياتها؟
بالطبع كان كل شيء سيكون على ما يرام فقد كان زوجها عاشقا لها حد الثمالة.
ثواني ورغما عنها راحت تتذكر حديثه الأخير في مكتبها وعن مدى احتياجه لها وعن عشقه الذي ما زال يكنه لها
فابتسمت بسخرية مغمغمة في نفسها: قال يحبني قال كداب يا رامي أنت كداب.
صكت على أسنانها وراحت تنهر ذاتها لتذكرها له ولحديثه فهي عزمت على نسيانه وخروجه من حياتها إلى الأبد.
فتحت الباب بمفتاحها الخاص وولجت
فاستقبلتها والدتها بتساؤل: إيه اللي رجعك بدري كده يا غزل؟
أجابتها باختصار وهي تتجه إلى غرفتها كي تطمئن على بناتها بعد أن مشطت المكان بعينيها ولم تجدهما فعلى الفور أيقنت بأنهما ما زالتا نائمتين: شكلي كده اترفدت يا ماما.
أغلقت الباب من خلفها وهي تشعر بحزن عظيم.
بينما والدتها راحت تضرب كفا بالآخر بسخط: لا حول ولا قوة إلا بالله هو إيه اللي بيحصل معانا ده بس يا رب.
❈-❈-❈
بحفاوة شديدة وترحاب زائد استقبله وليد بعد ان تعرف على هويته هاتفا بابتسامة: نورت المحل يا حاج اتفضل.
منحه الحاج سعد ابتسامة واسعة ممزوجة بالاعجاب فذلك الشاب يبدو عليه الرقي والتهذيب هاتفا بهدوء: المحل منور باهله يا ابني.
دنا منه وهمس بالقرب من اذنه: ما فيش مكان نقدر نتكلم فيه انا وانت على رحتنا.
اجابه بلهفة وهو يشير له كي يتقدمه للداخل: اتفضل نتكلم في مكتبي يا اهلا وسهلا يا حاج سعد.
سارة الحاج سعد أمامه وهو يشعر بالراحة لذلك الشاب ويتمنى بداخله أن يجعل الله له نصيبا مع ابنة زوجته كي يعوضها خيرا.
ثواني وجلسا سويا فوق الأريكة المتواجدة في المكتب فسأله وليد باعتيادية: تشرب إيه يا حاج؟
أجابه وهو يعتدل في جلسته: ولا أي حاجة يا ابني أنا سايب الوكالة لوحدها وعايز اتكلم معاك في موضوع مهم.
منحه وليد كامل تركيزه مغمغما باهتمام ممزوج بالفضول: كلي آذان صاغية.
تنحنح الحاج سعد بخشونة وصمت قليلا كي يفكر مليا ثم هتف بجدية: انت بتحب نور يا دكتور وليد؟
خفق قلبه لمجرد سماع اسمها فأطرق رأسه أرضا ثم رفعها هاتفا بتشتت: مش عارف يا حاج سعد كل اللي أنا عارفه أني بحب أشوفها بحب أتكلم معاها حتى بحب أضايقها عشان تسمعني الكلمتين اللي زي الدبش دول والفترة اللي قضيتها معاها بعد موافقتكم طبعا خلتني أتعلق بيها أكتر بس صدقني مش عارف إذا كنت بحبها ولا لأ.
ابتسم الحاج سعد باتساع هاتفا بمرح: كل ده ومش عارف بتحبها ولا لأ ده انت ناقص تقول انك بتعشقها يا أخي.
سأله بلهفة: بجد يعني اللي بحس بيه ده يا حاج سعد حب حب حقيقي يعني!
قهقهة الحاج سعد بمرح مغمغما: بقى يا راجل شاب زيك طويل عريض كده مش عارف اذا كان بيحب ولا لأ عموما يا سيدي انت اللي لازم تجاوب على السؤال ده ولما تعرف الجواب أنا مستنيك في الوكالة بتاعتي وأظن يعني انت عارفها كويس.
أومأ له وليد متفهما ثم هتف بتردد: بس موضوع أبوها ده يا حاج سعد.
قاطعه الحاج سعد بحزم: خلينا نشوف الأول إذا كنت بتحبها ولا لأ وبعدين هنتكلم في موضوع أبوها وغيره تمام يا ابني؟
أومأ له وليد بالموافقة.
فاستقام الحاج سعد واقفا ومد يده ليصافحه هاتفا بجدية: مستنيك قريب يا دكتور وليد وعارف انك هتزورني في أقرب وقت.
وقبل أن يتفوه وليد بكلمة استدار الحاج سعد دالفا للخارج بخطوات واثقة تاركا الآخر يشيعه بنظرات مندهشة ممزوجة بالإعجاب الشديد.
❈-❈-❈
بإنهاك شديد جلس فوق أحد المقاعد في محل العطارة الخاص بوالده فهو يشعر بألم شديد في ظهره وكذلك قدمه فيبدو انه أرهق نفسه كثيرا اليوم وبذلا مجهودا كبيرا ناهيك عن التمارين المنزلية الذي نصحه به الطبيب.
دقائق قليلة بقي على هذه الحالة حتى شعرا بالملل فزفرا بنفاذ صبر موجها حديث للصبي: وبعدين يا فتحي هو يعني بابا ما قالش رايح فين؟
أجابه الشاب بعد أن هز رأسه نفيا: لا والله يا باشمهندس كل اللي قاله خد بالك من الوكالة يا فتحي وانا عشر دقايق وراجع بس هو طول قوي.
وقبل أن يتحدث أبصر والده يلج المحل وهو يشعر براحة كبيرة والذي بدوره ابتهج كثيرا عندما رأى عمار جالسا أمامه فهتف بترحاب وهو يدنو منه: يا مرحب يا مرحب والله المحل نور يا عمار أهو كده يا راجل أنزل الشارع ومشي رجلك زي زمان.
❈-❈-❈
وفي نفس التوقيت
يجلس ليث في غرفته يذاكر دروسه بتركيز فإذا بوالدته تقتحم الغرفة صارخة في وجهه: انت اللي كسرت قزازة البرفان اللي كانت في الحمام؟
أجابها ببرود استفزها كثير: بالظبط كده هو في غيري وغيرك في البيت يعني لو مش انتي يبقى أكيد أنا اللي كسرتها.
اغتاظت من بروده ذاك فهدرت بعنف: انت هتفضل قليل الأدب كده لحد امتى مش ناوي تتربى؟
بنفس زات البرود هزا رأسه نفيا.
فدنت منه تسحب الكتاب من يده رامية أياه في آخر الغرفة ورفعت يدها لتصفعه
لكن سرعان ما تفادى ليث يدها وابتعد عنها مشهرا سبابته في وجهها هاتفا بحديث لا يناسب سنه: أياكي تفكري ترفعي أيدك عليا وإلا مش هيحصل لك كويس عشان في كلام كبير قوي ممكن اروح أقوله لبابا.
جحظت عينيها في صدمة من جرأة ذلك الصبي وأنزلت يدها بجانبها لكنها انتفضت من مكانها عندما ارتفع صوت ليث مرة أخرى هادرا بقوة: اتفضلي اخرجي برة ويا ريت ما تدخليش أوضتي دي تاني أبدا.
تطاير الشر من مقلتيها فاستدارت دالفة للخارج وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة مغلقة الباب من خلفها تاركة أياه يبكي في صمت
فهو حزين جدا لما آلت إليه الأمور بينه وبين والدته لطالما أحبها واحترمها فقد كانت بالنسبة له قدوة
لا ينكر بأنهم كانوا يعيشون أسعد أيام حياتهم قبل ذلك الحادث
لتتغير والدته مائة وثمانون درجة وتتحول إلى امرأة أخرى لا يعرفها.
هو لا يكرهها وإنما بات يحتقرها ويبغض رؤيتها.
❈-❈-❈
حزن عميق يجتاحها وهي عائدة إلى منزلها فمن يصدق أن هذه الفتاة هي نور المليئة بالحيوية والنشاط وخفة الظل التي لطالما كانت سببا في تفريج هموم الكثير فبعدما كانت كطير شارد يغرد ويرفرف بسعادة باتت كوردة ذابلة في فصل الخريف ضعيفة هشة.
أجل فالحب بإمكانه أن يجعل المرء أكثر شخص سعيد في الدنيا وبإمكانه أن يجعله أتعس مخلوق على وجه الأرض وهذا ما حدث بالضبط لنور التي كان خطأها الوحيد هو أنها أحبت بكل جوارحها فكانت تظن أن الحب هو أسما شيء في الوجود لكنه سلاح ذو حدين.
بصوت خافت ألقت تحية المساء على والدتها والتي بدورها استقبلتها بين أحضـ انها
فأكثر شخص يشعر بما يحدث معك هو الأم
أما نور فعندما استكانت بين أحضـ ان والدتها تنهدت بقوة ثم ابتعدت عنها بعد ثواني معدودة راسمة ابتسامة كبيرة فوق شـ فتيها مغمغمة بمشاكسة: ومن أمتى الحنان ده يا ست الكل!
أنا جمانة هو ما فيش حاجة تتاكل ولا إيه؟
وعلى الرغم من علم والدتها بأنها تخفي ما بداخلها بتلك الابتسامة والمرح المعتاد إلا أنها بادلتها الابتسام واتجهت إلى المطبخ كي تعد لها العشاء فلقد أخبرها الحاج سعد بأنه قادم.
❈-❈-❈
تركت ما بيدها عندما استمعت إلى صوت قرع جرس الباب لكنها ترددت في الذهاب خشية من أن يكون الطارق المدعو حسن.
دمعت عينيها فهي لا تعرف ماذا ستفعل لكن صوت قرع الجرس المستمر جعلها تسير بخطوات بطيئة باتجاه الباب.
نظرت من العين السحرية فتنهدت بارتياح وفتحت الباب بابتسامة واسعة مغمغمة بترحاب: أهلا وسهلا يا ماما اتفضلي.
بادلتها الابتسام وجذبتها إلى صـ درها في عناق مزيف وراحت تربط فوق ظهرها صعودا وهبوطا: عاملة إيه يا عبير يا بنتي وحشتيني قلت آجي أقعد معاكي وندردش شوية وكمان اتعشى معاكم.
مشطت المنزل بعينيها بعد أن أبعدت عبير عن حضـ نها سائلة باهتمام: هو رؤوف لسه ما جاش ولا إيه؟
هزت رأسها نفيا وهي تشير لها كي تتقدمها للداخل: هو كلمني وقال لي انه على وصول اتفضلي ارتاحي على ما أجهز العشا.
❈-❈-❈
في صباح اليوم التالي
وهو يوم الجمعة الذي انتظره عمار بفارغ الصبر.
تجمع كل أفراد العائلة في شقة الحاج سعد الذي حرص على أن يدعوهم بنفسه بالأمس كي يعيدوا ذلك اليوم المميز بالنسبة لهذه العائلة فما أجمل اللمة.
شرعت زينة في مساعدة الحاجة صباح وابنتها نور في إعداد الفطور لكن بعدم رضا فهي وافقت على المجيء كي لا تغضب زوجها
فهو أصر على حضور الجميع وعلى الرغم من معارضتها لهذا الجمع كي لا يحدث أي لقاء بين عمار وصبا إلا انها لم تجد بدا سوى الانصياع لرغبة عمار.
دقائق ليست بالقليلة واجتمعو فوق مائدة الطعام الذي ترأسها بالطبع الحاج سعد وعلى يمينه زوجته صباح وعلى يساره ولده الوحيد والذي شعر بالغضب عندما أبصر جميع العائلة عاداها هي.
فسأل أولا عن شقيقته كي لا يلفت الأنظار.
فأجابه والده بجدية: أنا كلمتها وكلمت رؤوف بس حماتها كانت بايتة عندهم فقالت ما يصحش يعني انها تسيبها وتيجي تفطر هنا بس يوم الجمعة الجاية إن شاء الله هتكون موجودة هي ورؤوف.
تنحنح بقوة ثم سأل بتردد: طيب وصَبا؟
في تلك المرة أجابته عمته بهدوء: صَبا قالت انها مش جعانة هتاكل حاجة خفيفة كده.
قاطعها بحسم: يعني إيه يعني احنا قلنا العيلة كلها تتلم وتفطر مع بعضها هي صَبا دي هتفضل كده على طول خالف تعرف.
استقام واقفا مستطرضا حديثه باصرار: الحاج سعد أمر واحنا علينا التنفيز وصَبا دي لو ما بطلتش انا هكسر لها دماغها.
اتجه إلى المصعد بخطوات بطيئة تناسب حالته الصحية متحاملا على عكازه
ضغط زر المصعد وانتظر وهو يتمتم بكلمات غاضبة فكما توقع بالضبط ستعاند وترفض الصعود طالما هو موجود لكن لا بأس.
وأثناء توعده لها انفتح باب المصعد
ولج بهدوء عكس ما بداخله مغلقا الباب من خلفه.
ثواني ووصل المصعد إلى الطابق التي تقطن به عمته فتح الباب ودلفا للخارج متجها إلى شقتها
قرع الجرس وانتظر ثواني وأبصرها أمامه بهيئتها الخاطفة للأنفاس
فقد كانت ترتدي منامه بيتية عارية الأكتاف باللون النبيذي الساحر الذي أظهر بياض بشرتها الناصة ناهيك عن خصلاتها البندقية الطويلة التي تركت لها العنان لتنسدل فوق ظهرها وكتفيها.
إزدرد ريقه بصعوبة وراح يتأملها بافتتان شديد
حاول أكثر من مرة كبح جماح مشاعره إلا أنه لم يشعر بيديه التي ارتفعت وراحت تتلـ مس خصلاتها بوله شديد.
ثواني وصرخت بقوة عندما جذبها من خصلاتها هادرا بغيرة لم يستطيع إخفائها: أنت اتجننتي يا صَبا أزاي تطلعي برة وتفتحي الباب وأنتي بالمنظر ده؟
اهتزت عينيها بارتباك فبدلا من توبيخه والصراخ في وجهه بعدم التدخل في حياتها راحت تبرر له كالبلهاء هاتفة بتلعثم: أنا أنا كنت حصلي الضحى وبعدين جرس الباب رن فكرتك ماما سبت الإسدال على السرير وجيت افتح أنا ما كنتش اعرف ان ده أنت.
ابتسم بداخله من ارتباكها الواضح في حضرته فأبعد يده عن خصلاتها بصعوبة هاتفا بأمر: اتفضلي ادخلي البسي اسدالك علشان نطلع نفطر سواء كلهم مستنيينك.
رمقته بثبات واهي عكس ما بداخلها هاتفة بتحدي: أظن أنا قلت إني هفطر في شقتنا وأنا ما بحبش أكرر كلامي مرتين ودلوقتي أتفضل انت اطلع أفطر وما لكش دعوة بيا.
دفعها للداخل ثم ولج مغلقا الباب من خلفه واستند عليه بظهره ثم عقد ساعديه أمام صـ دره مردفا بعند استفزها كثيرا: طيب تمام خليني بقى واقف هنا للصبح وأنا ما وراييش حاجة ولو ما سمعتيش الكلام يا صَبا هاشيلك زي العيال وأنتي بمنظرك ده وأطلعك فوق وأنتي عرفاني أني ما بهزرش
بس خليل فكرة أني أنا تعبان مش زي الأول يعني لو فكرت حتى أني اشيلك هقع بيكي فخليكي شطوره كده واسمعي الكلام.
هزت رأسها بعنف مغمغمة بإصرار: أنا قلت لا يعني لا.
ابتسم بخفة ثم هتف بحدة: يبقى أنتي اللي جبتيه لنفسك يا صبا…
يتبع
إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة بسمة بدران من رواية لأنني أحببت الجزء الثاني من رواية في غياهب القدر، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية